مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #21  
قديم 23-12-2005, 08:59 AM
عبدالحميد المبروك عبدالحميد المبروك غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 172
إفتراضي هذا الذي يحدث 20

هذا الذي يحدث
20
فعلا إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب ... وكثيرا ما كان يسمع هذا المثل العربي في حياته اليومية ... ولو تفحصه بعين ثاقبة وعقل متنور بدون عواطف وأحاسيس لوجده حقيقة واقعة .... ففي غابة الحياة كثيرا ما تتواجد حقيقة لا خيالا .... إنهم ذئاب من نوع آخر وليسوا ذئابا حيوانية كما يتبادر للذهن ... تلك الحيوانات التي تشبه في أشكالها الكلاب مع الكثير من الذكاء الشرير "الخبث" واللؤم الذي يتطاير من عيونها الحادة ....

إنها ذئاب تقتل علنا ولا تترك آثارا للدماء على جثث ضحاياها بعد تمزيقها والتلذذ بها... لاتسفك الدماء لإشباع غريزة الجوع لديها ... مثل الذئاب الحيوانية التي تقتل من أجل إشباع جوعها ، ولتقتات و تحيا مثلما هو قانون الغابة ...

إن الذئاب المقصودة عنده هي الذئاب البشرية. ذئاب غابة الدنيا والحياة.
فأثناء سيره في هذه الغابة وبين طرقها وشوارعها وهضابها وسهولها وجبالها ووديانها وصحاريها وبحارها ومختلف سلاليمها ومتاهاتها...وهو يحاول جاهدا إثبات جدارته في أن يحيا فيها بكل جدارة ، لا أن يعيش فيها فقط .... برزت أمامه أنيابها ولمعت عيونها وطرّشه عواءها حتى أصمه. فقد كانوا يلهثون وراء كل من يشتمون فيه رائحة الفضيلة العطرة ، والصدق الصافي والإخلاص الجياش.

لم يتخيل في يوم من الأيام أنه سيكون ضحيتهم الشهية ، ولم يتخيل أنها ستمزقه إربا إربا.. وهي تتلذذ وتتفنن في تمزيق أوصاله...
إعترف اليوم أنه طالما كان أجهل هذه المخلوقات كما كان يجهل خبايا نفسه التي طالما بحث عنها فوجدها في إخلاصه لوطنه إتقانه لـــــــــــــــــــــــــــمهامه و عمله وتفننه في تنظيمه وترتيبـــــــــــــــــه وتدقيقه والقيام به على أحسن وجه و أكمل صورة. فبدأ اللهاث المسعور وراءه ودون عواء حتى ضربته بمخالبها ... فعصره الألم حتى لم يجد قوة يقاومه بها ... فقد ضرب حوله حصارا من الذئاب البشرية وهو ينزف ومخالبها تمزقه بشراسة وتتلذذ بأنيابها التي تبرز كثيرا تحت قبلاتها الخادعة الغادرة ...

لكن رغم تلك الجروح إستطاع أن يفلت منهم بوقوعه في حفرة لم يستطيعوا الوصول له فيها... فظنوا أنه إنتهي.....
الرد مع إقتباس
  #22  
قديم 23-12-2005, 09:01 AM
عبدالحميد المبروك عبدالحميد المبروك غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 172
إفتراضي هذا الذي يحدث 21

هذا الذي يحدث
21
ها هو يستفيق من سباته الذي كانوا يعتقدون أنه موته بعد سقوطه في تلك الحفرة.....ها هو يخرج بجلد آخر... و كيف لا والكل غير جلده منذ عقود ... واضح كالشمس... بل كالسواد الممتد الطويل البعيد ... المتناقص ... لم يعد يضع إعتبارات لأي علاقة ، فالعلاقات الحيوانية علاقات قوي وضعيف ، أما قوي مسيطر أو ضعيف مستسلم ... صار لا يخاف شيئا ، بل صار هو الخوف بعينه ... وها هو من جديد في غابة الحياة ... بعد أن إختفت منها براءتها وإنسانيتها وصدقها و إخلاصها ... وإمتلأت ساحاتها بالأشواك والدماء ... ها هو يولد من جديد ... لا يجري ولا يخاف بل يمشي الهوينا بكل ثقة ، لا يخاف الذئاب ، بل الذئاب هي التي صارت تخافه... حتى أضحى لا يلوم نفسه عن لهجة التهكم والسخرية التي صار يتعامل بها مع الآخرين فأحيانا تكون السخرية في أوج المعاناة ، ويصير الضحك في أحلك الظروف نوعا من تخفيف وطأة الألم...

فالصبر هو المعنيّ الوحيد الذي يضاعفه ولا يضعه إلا في مواجهة الظلم والقهر والعار....

فالمرء إذا وجد نفسه فجأة ، أن أمانيه و إخلاصه وجدّه وحلم عمره أن يكون سويا ، قد تخلوا عنه وأن الكنز الذي عاش ينميه ويطوره ويحافظ عليه بعينيه ويخلع عليه خفقات قلبه .. ولا هو بذهب ولا بفضة ، إنما هو مبدأ إنساني يحبه ويتمناه كل إنسان ... فيتحول إلى هزيمة نكراء وتهمة تزكم رائحتها الأنوف .. عندئذ يسقط الصبر وتموت الحكمة ويهون الأمل وينطفيء مصباح الفضيلة في الحياة ....
الرد مع إقتباس
  #23  
قديم 23-12-2005, 09:03 AM
عبدالحميد المبروك عبدالحميد المبروك غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 172
إفتراضي هذا الذي يحدث 23

هذا الذي يحدث
23
المكائد والدسائس التي يقوم بها أنذال البشر من خلال المواقع التي إحتلوها فأنجسوها بدنيء أفعالهم و أعمالهم ودمروها تدميرا ما بعده إصلاح ، وحولوها إلى أطلال بعد أن كانت قلاعا شامخة ... وكل كائن حي فاضل كان فيها حولوه إلى جثة هامدة لا يراها إلا من رحم ربي .....

هذه الحقيقة الماثلة أمام الكثير من العيون في الكثير من المجتمعات في هذا العالم الغارق في الضجيج و التفاهات ... ولا ينتبه ، إلا عندما تنكشف ألاعيب أنذاله وشياطينه الإنسية فيضحي بالشرفاء والأفاضل ويسقط عليهم سلبياته بجميع أنواعها وأشكالها... لعبة سمجة وضيعة ... ظاهرها خبث وباطنها لؤم .... قاضيها جلادها .... فلا يهنأ أو يطيب عيش أعداء الأمة إلا بإبعاد الأسوياء عن المواقع التي يجب أن يولجوها أو يقودها أذنابهم لتصير بين أيديهم العابثة الظالمة اللامسئولة.

هذه الألاعيب بكل ذمامتها ومكرها وغدرها تنطلي على الكثير من العيون المسئولة وصاحبة القرار ... لأن مسيري الأمور في غالبهم ما هم إلا ملاعق لهؤلاء ، لا يعنيهم شيء من هذا العالم إلا تجميع الجاه والمال ، والتلذذ بتوريط الأنقياء الأصفياء الطاهرين الشرفاء...

فالذين يتعبون أنفسهم في البحث عن حل بمواجهة هؤلاء قد يهدرون وقتهم عبثا ... رغم أن الإختيار يولد مع كل إنسان طاهر فاضل نقي بين لحظة المخاض وصرخة الظلم في هذا العالم الذي يعبق برائحة الدمار والرذيلة.

الأنذال وحدهم هم الأغبياء ، ذلك لأنهم عندما يجبرون فاضلا عن التوقف لممارسة إخلاصه وصدقه فإنهم يدفعونه بشكل أقوى لزيادة ممارسة ذلك الإخلاص والصدق ، رغم أن الأنذال يولدون في ظل عطف الأفاضل وسموهم.
الرد مع إقتباس
  #24  
قديم 23-12-2005, 09:05 AM
عبدالحميد المبروك عبدالحميد المبروك غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 172
إفتراضي هذا الذي يحدث 22

هذا الذي يحدث
22
إلتقى قبل غروب شمس اليوم مع أحد الجيران بالشارع الذي يسكنه منذ ما يزيد عن العقد ونصف العقد .. فأخذهما الحديث عن الغد 14/2 ... والذي يسمى بيوم عيد الحب على مستوى العالم...

فقال له ماذا تفعل غدا أيها الجار العزيز.. فرد عليه قد أحتفل ... !! ثم إسترسل ، أي حب هذا الذي ما زلنا ننتظر بعد هذا العمر إن مازال في العمر بقية ، و الأنقياء ينقرضون يوما بعد يوم .. أولئك الذين لا يعرفون الكراهية ...الذين لم يمتطوا المرسيدس وال بي إم والأودي وآخر أنواع ، وآخر صيحة في عالم السيارات الفارهة .. والذي يعلم الجميع أنها مسروقة ، حيث تحول المجتمع إلى مجموعة من اللصوص...

أين يمكن إيجاد أولئك الأنقياء الذين كنا نظنهم يسابقون الأرض مشيا على الأقدام في دواخلنا ومدننا ... أو الذين يترجلون من سيارة الربع دينار فنجدهم قد سرقوا ورقة من جيبك لا تسمن ولا تغني من جوع ، أو إعتدوا على شجرة كانت قد غرست منذ شهرين في سبيل تعمير أرض الأجداد والمحافظة عليها ، والعمل بالقول " غرسوا فأكلنا .. ونغرس ليأكلوا..." فأين أيها الجار ، الحب الحقيقي ذلك الذي يستحق الإحتفال ؟؟؟؟؟

أين الحب الذي أفقدنا حتى وطننا وشمسنا الدافئة فيه ؟
أين أولئك الذين كانوا الماء الذي يروي العطشى من هؤلاء الذين لوثوا حتى هواء بلدنا العطر... الذي كان يفوح زهرا وريحانا رغم الفقر وشظف الحياة و قلة الحال ... أين ذلك الياسمين والفل الذي كان يسيج حدائقنا التي تحولت إلى ملاجيء للبؤساء...ومحطات للمنحرين ومقطوعي الفروع..!!!؟؟؟

يطرق جاره رأسه وهو يمتص لفافة تبغ كانت بين إصبعي يده اليمنى ثم ينفثه وهو يرفع رأسه إلى السماء وينظر إليها وإليه نظرة يبعث من تحتها إبتسامة لم تشوه بعد ، لم تعبث بها الأيام ولم تشوهها كبوات الزمن ... فلنحتفل أنا وأنت بعيد الحب.... رغم الكلمة التي ستبعث الهلع دون أدنى شك في نفوس أطفالنا وحتى زوجاتنا اللاتي عاشا معنا ما يزيد عن الربع قرن....فلنحتفل أنا و أنت فقط و أي آخر مثلنا ضحى بأجمل أيام عمره مقابل اللاشيء .. ليكون في آخر أيامه كوال صباطة سيلحق بنا حينما يعلم بذلك......

فلتأكلنا كما تشاء ، فهي أمنا رغم أنوفنا ، كيفما كانت فهي أمنا.... فلتأكلنا مطبوخين أو غير مطبوخين ... مذبوحين أو غير مذبوحين ... مقطعين أو غير مقطعين .... فماضينا حبا لها ... وحاضرنا حبا لها ... ومستقبلنا حبا لها ... و سنبقى من أجلها طاهرين أنقياء أفاضل رغم أنف الحاضرين وكرههم لذلك وأمثالهم من الذين غابوا تحت الأرض وخلفوا والذين لم يخلفوا شيئا والذين لم يولدوا بعد.... وستبقى نفوسنا صافية من أدران الأرقام السرية والمكشوفة وسيارات الموت الفارهة وقلاع الجليد وإستراحات الفساد وإنحناءات التزلف وولائم اللحم البشري الميت والحي...

فيا جاري العزيز.... يا جاري الفاضل الطاهر النقي ... يا جاري الذي حينما أراه يتوقف عنده عمري .. يا جاري ... يا أيها العزيز ، دعني أحتضنك كي لا يفر الحب والنقاء والفضيلة والطهر من بين جنبيك ...

دعني أحتضنك كل يوم .. وكلما ألقاك ... ولنخرج معا مع المحبين والطاهرين والأنقياء والأفاضل ... ومع كل الذين يزرعون الحب والطهر والنقاء في صخب الإزدحام وينتظرون اليوم الآخر ليحفروا بمداد من نار ودم في الذاكرة أن الحب والنقاء والطهر والفضيلة هم ما عرفوا من هذه الحياة....

يا جاري العزيز ، يا جاري الشريف النقي الشامخ ... يا إنسانا لم يعرض نفسه في سوق النخاسة .. يا إنسانا لم يبع كرامته لرياح الزيف والخداع ، يا إنسانا رغم كبواته ينهض وهو يحب طاهرا نقيا فاضلا ، يا إنسانا رغم جراحات الظلم والقهر يرتفع وهو يحب طاهرا نقيا فاضلا ....

إهتف معي ... يحيا الحب...ولا تتركني وحيدا...فالانكماش والتوجس ميراثنا الصحراوي الطويل الذي جعلنا لا نجيد تقديم أنفسنا كما يتطلب الواقع ونبخس أشياءنا ... هو الذي سيجعلنا نرى إنجازاتنا عبر حياتنا الانية شامخة عالية ...وليحا الإنكماش ... والوحدة ... والعزلة ... والحب النقي...
الرد مع إقتباس
  #25  
قديم 23-12-2005, 09:07 AM
عبدالحميد المبروك عبدالحميد المبروك غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 172
إفتراضي هذا الذي يحدث 24

هذا الذي يحدث
24
الحياة محطات ووقفات ... وأحداث ومواقف... منها ما هو طبيعي ، ومنها ما هو غريب ، ومنها ما هو فريد ومنها ما تصطك له الأسنان... ومنها ما تسودّ منه القلوب.... ومنها ما تكفهر له الوجوه... وتقف منه القلوب ....فكما تزخر حياة كل إنسان بهذه المحطات والوقفات والأحداث والمواقف ... تزخر حياته بكثير منها... في أزمنة وأمكنة مختلفة فيها كثير من الحوادث والعلاقات.....

ما يراه الآن ماثلا أمام عينيه هو المدينة ، بل القرية التي ينتمي إليها عبر أجداده ، والتي تتربع في أعالي جبال نفوسة حيث يندرج والده من إحدى قبائلها ، حيث ولد وترعرع فيها وبين هضابها ووديانها وكرومها وزعترها وشيحها و بطومها ... ثم هجرها مع أمه وخاله إلى أماكن أخرى عدة.... فاستقر به المقام في قرية أخرى ... ومدينة أخرى ... وبادية أخرى غير القرية التي كان يعيش فيها... فكبر وترعرع فيها... وتزوج وأنجب أطفالا في تلك المدينة ...والتي لم يعش فيها إبنه هذا طفولته ولا شبابه ولا حتى كهولته...

فقد كانت طفولته ومرتع شبابه في مدينة ساحلية تزخر بالشوارع والطرقات والزقاق ، تحيط بها الحقول كالهلال من الشمال والغرب والجنوب... ويحيط بها البحر من الشرق ويعبرها من الغرب نهر كبير ... و كانت أشجار الزيتون واللوز والتين والعنب تتشابك في حقولها التي تمتد عشرات الكيلومترات.....

ما يذكره من أيام طفولته في تلك المدينة محطات كثيرة ... طيور " المقر " التي كانت تتكاثر في فصل الشتاء ، وتحديدا في موسم الزيتون ، فتحلّق في السماء وتتشكل في أوضاع خلابة قبيل غروب الشمس... و أرتال العربات المجرورة بالبغال محملة بأكياس الزيتون إلى المعاصر القريبة من الحي الذي تسكن به أسرته.....ورائحة الزيت وهي تنتشر متطايرة يحملها النسيم البارد فتملأ أنوف الصغار .... والمطر المنهمر يبلل رؤوسهم الصغيرة خلال الأيام الأولى من السنة الدراسية ، والوادي الذي يفيض فيغمر أحياء المدينة بعد عدة أيام من الأمطار الغزيرة المتواصلة ... والوجوه المكفهرة الحزينة بعد أخبار العدوان الثلاثي على مصر سنة 1958 ... ومسيرات الغضب والإستنكار .... والوجوه الفرحة المستبشرة والأجساد النشطة ومظاهر الفرح عند إستقلال الجزائر سنة 1962.... و أمسيات الشهر الفضيل ، شهر رمضان ، تلك الأمسيات المتلألئة في زقاق المدينة القديمة والتي شيدت من العهد الفاطمي ، حيث ينشط الناس ويتزاحمون في المقاهي والدكاكين يصلّون ويسهرون ويتسامرون و يتعبدون حتى إرتفاع نقرات طبول المسحرين إيذانا بقرب وقت الإمساك.... حيث كان المسحراتي يدق على طبله الصغير مناديا للسحور وهو يركب دابته ، فترى بعض الناس يندهونه لتقديم صدقة أو طعام...

ويذكر من تلك الحقبة المساجد العتيقة التي شيدها القادة المسلمين الفاتحين على مر السنين وخصوصا ذلك الجامع الذي يتوافد إليه الأهالي جماعات وأفرادا ، يصحبهم فيه أطفال ونساء وكل على جهة.... هذا قرب الحائط يقرأ القرآن ، وهذا قرب الضريح يدعوا ، وهذا يصلي ، و آخر في مكان والده يتلو القرآن ثم يدعو...

لم ينس ذكريات الطفولة أيام عيد الفطر ، حيث تقضى آخر أيام شهر رمضان المبارك في البحث في المتاجر والأسواق الشعبية عن الثياب الجديدة ... وإنتظار آخر يوم لسماع دويّ المدفع معلنا نهاية شهر الصوم ، فتزدحم البيوت مهنئة بالعيد السعيد ، حيث كان الناس يزحفون إلى مقبرة المدينة للترحم على موتاهم.....

من يزور المدينة لا بد له من الجلوس بمقهى السوق العتيق الذي يربض في طرف المدينـة القديمة . كان هذا المكان موئل التلاميذ والشباب ، و محج المثقفين والمفكرين . فعند إقتراب موعد إمتحانات آخر السنة كان التلاميذ يذهبون إليه ويقضون اليوم طوله يدورون حوله يقلبون صفحات الكتب والكراريس ويحاول بعض منهم أن يستفز أحدا من الأساتذة أو المعلمين الذين كانوا يطالعون الصحف أو يقرءون المجلات أو يتجادلون في مصير الأمة العربية والعالم فيستنفر أحدهم نظراتهم المكسورة ووجوههم البائسة فينده عليه ويرى ما يقرأ فينفتح معه حوارا جماعيا لما لم يفهموه من دروس، أو ما إختلط عليهم من مفاهيم. فيطرحون ما إستشكل عليهم من مسائل ونظريات ، فكانوا يأخذونهم بكل شفقة ورحمة إلى ظل الأشجار الباسقة في الحديقة المجاورة فيحيطون بذلك الأستاذ أو المعلم واقفين وجالسين وهو في وسطهم يجلس على كرسي الحديقة يشرح لهم ما إستشكل عليهم أو ما غمض من قواعد ومسائل... تلك صورة من الصور ولقطة من لقطات أيام العمر الذي يفنى كل يوم بدون فائدة......................
الرد مع إقتباس
  #26  
قديم 23-12-2005, 09:21 AM
عبدالحميد المبروك عبدالحميد المبروك غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 172
إفتراضي النهاية !!!!!!

النهاية
لم يبق له من الأحرف ما يمكّنه من أن يرتب بها تحية تليق بمقام موظف سام أوعادل في بلاده . فالجرح النازف منذ ما يربو من الأربع سنوات كان يداوي بكلمات مسكنة أستبقاها من محترفي القانون ومفسري وثائق حقوق الإنسان " المتهم بريء حتى تثبت إدانته". أكلت كل الأحرف ومضغت معها كل معاني اللباقة والرصانة كتقليد عرفي للتواصل مع الآخرين.

عذرا ، إن فقدت اللباقة شكلا أو موضوعا، فالمضمون جراح تتسع بإتساع بلاده المختصرة بخارطة تزين مكتبا أنيقا لموظف سامي... في يده السلطة....
عذره يراه مقبولا في تقاليد العرف السامي الوظيفي... وقد لا يقوى لسانه على نطقها ، لكن قلمه المنساب يرسمها ألما متعاظما لم يبلغ صداه أسماع أحد.

فصرخة الأم حينما رأته في الشاشة الصغيرة في تحقيق مصور كتمها إتهام ظالم فأصبح شاهدها شهادة من مستشفى الأمراض العقلية تفيد بجنونها...

أما إبنته ذات الستة عشر ربيعا فصدمتها كانت أن يتحول جلد جسمها إلى بقع بين الإبيضاض و الإصفرار بين مساء وصباح عجز الطب على علاجه... بسبب الصدمة النفسية التي أصيبت بها، حتى أنه لم يعد يعنيه من الحياة التي قيل عنها...وعن حلاوتها ما لايتسع له هذا المقام.. ووثائق حقوق الإنسان... والوعود بحياة شهد الأموات والمساجين والمظلومين أن يراها كل الأحياء والشرفاء و الملتزمين والطاهرين في هذه الدنيا منذ خلقها ...لأنها حياة ظلم وقهر وعسف..و جور و إستعباد و إستبداد....

أيها......
أفرزته المدرسة من معهد مهني في أوائل النصف الأخير من القرن الماضي، وإنطلق هائما في دنيا الله بحثا عن عمل يواصل فيه بقية مشوار حياته التي لم يخترها بمحض إرادته. رحلة لم تنته بعد . فهي تتواصل رغم أنفه كما تشاء هي ، لا كما يشاء هو...لا يرى خلالها إن كان بريئا أو متهما.. مذنبا سيجعلوه أم سويا...

أتعبه المشوار نحو بوابات النيابات والمحاكم والمجالس والمحامين....من تهم لفقت بإنسان لا يعرف للإنحراف مسربا. وبريء براءة الذئب من دم يوسف. فصار لا حق له فيما أقره حق المواطنة من شيء إلا إستحضار الحكم تلو الحكم. فما أن يحضر حكما بالبراءة من تهمة حتى تظهر قضية جديدة يتهم فيها وتبدأ المرحلة من جديد..

صار يحيا بهاجس الخوف من غياب العدالة التي قد تحرمه من البراءة ، فتلقي به في غياهب السجون، وأرصفة الشوارع...

والآن ، والآن يتعاظم الخوف كل الخوف . فأي وطن يقبله ؟ وأي مجتمع ؟ وهو المجرد من تاريخه الوطني !!!. وهو الملطخ لشرفه الإجتماعي !!!.

مواطن ضائع في متاهات النيابات. يطارده الجرم و الإتهام. جرده الإدعاء من شرفه الإجتماعي و من وطنه. أعطاه نوطا للضياع ودوّن إسمه في قوائم المنحرفين الذين ينتظر السجن إستقبالهم في زنزاناته المكتضة، خصيصا للمواطنين ....

أيها........

مالي أراك صامتا وهو الذي منحك من قوته و أمثاله ما يجعلك إنسانا تتلذذ الرفاه. فمهمتك أن تنتشله من براثن الظلمة وعباقرة المكائد والدسائس، وتطلق صرخته من أعلى منبر تلتف حوله العدالة.. وتطبق مباديء الحق والعدل دون أن تخشى لومة لائم...

إنه يريد وطنا لا يرهبه فيه قرصان قذفت به أمواج الحقد والبغض في أرض أعطاها أجمل سنوات العمر ، أي كل شبابه وزهرة عمره..

يريد وطنا في مجتمع لا يقتحمه الغرباء والقاصرين وأصحاب المكائد والدسائس.
يريد أن ينطلق في وطنه ويبدع فيه، لا أن يزحم بالحاجات حتى يكل كاهله من أجل إفشاله .. وهو لا يفشل.

يريد وطنا آمنا ، لا تهز أركانه التغييرات المتواصلة التي لم تبن على أساس ، سوى الأساس الجهوي والقبلي والعشائري والشللي والمزاجي...

أيها..

ألا ترى أيها السيد الكريم أن لغته هي لغة الحق المنشود التي بعثرت التهم الباطلة والمكائد والدسائس مفرداتها ؟!وجردتها من محتواها لأنها لا تريد أن تجعل من المواطن بيدقا يحركه عباقرة الخبث والشر... بل مبدعا ومخلصا في آدائه ومستقلا في أفكاره ومنظما في شئونه..فالحياة الهانئة الوادعة حق للجميع... وليس لأناس دون غيرهم..رغم أنه لا يحلم برحلة صيفية إلى جزر البحر المتوسط أو أحد المحيطين ...أو برحلة شتوية أو ربيعية لجبال الألب أو الهمالايا... فكل حلمه أمسية هادئة هانئة في نهاية الأسبوع بين أفراد أسرته في بيته المتواضع، لا يقض مضجعه فيها شرطي مدجج بالحديد من سلاح وأصفاد بين مغرب وعشاء ، فيجرده من هنائه الذي إعتنت به السماء وضمنتها الكتب السماوية جميعا و التي صيغت منها القوانين ومضامينها....
إنسانيته وشرفه الوطني و إعتزازه بإنتمائه أفرغت من محتوياتها.. وهو الذي لا مهمة له ولا وطن...

فلقد شطب المستجوب إسمه من المواطنين الشرفاء المخلصين، وألغى حقه في الوطنيه ، فحق عليه الجرم والنجس أمام الآخرين، وحقت عليه العقوبة والهروب بحثا عن خصائص عيش آخر يضمن كرامة إنسان يرفض منطق الظلم والتعسف ، ويدرك أن الإستقرار شرطا مطلقا للإبداع..

إن نواميس الكون تحتم على أي مواطن مسؤول ، عملا بما جاء بكافة المواثيق والدساتير وقواعد علم الإدارة، والقانون ، ضمان شرط الحياة الإنسانية الهانئة للمواطن ، والتي أخلت الهواجس دنياه ، وجعلته في كابوسا لا يطاق العيش فيه ، بقبضتها الخانقة ، فنهايتك الموت غبنا أو السجن...

أما أولئك المرتزقة ، عباقرة المكائد والدسائس ، وخبراء إلصاق وتكييل التهم بالأبرياء ، وخبراء تبرئة المخطئين والمجرمين من أخطائهم وجرائمهم ، القادمون من كراسي الفشل التعليمي والحياتي والوظيفي...وهم يحملون في رؤوسهم آلاف الخطط الخبيثة الحاقدة في الظلم والقهر والإستبداد بالأبرياء و المظلومين ممن يقعوا بين أيديهم ، ( إلا من رحم ربي ) إلا ما يأتي في قرارات الأحكام فلن يمنحوه شرط الحياة المفقود ببقايا درجات المحاكم وركامها وأحكامها المدمرة التي ترحي الروح والكبرياء الإنساني وتدهس كل مقومات الكرامة

لا مهمة له.. لا وطن له. لا مجتمع له.. يبيع الكلمات مقابل مأوى متواضع ورغيف خبر يتخيله مغمسا بزيت زيتون جبلي..
يصرخ بكل لغات الدنيا ...أريد وطنا لا يدنس
أريد وطنا لا يدنس...
أريد وطنا لا تدنسه أفكار عباقرة السوء والمكائد والدسائس...

هو هكذا . هو هكذا الآن ، إنسان عار من إنسانيته وشرفه الوطني الذي ضحى من أجله أكثر من ثلاثة عقود، فصار يهيم على وجه الأرض لا يملك الحق في أن يحمله تراب الوطن.. يسعون لإجباره على الضياع..
لم يطلب عطاء لا يستحقه...... منطلق يبحث عن وطن لا يذل فيه أو يهان..
فالمحامي المستلحف بردائه الأسود يذله......
وصحيفة الإتهام تهينه...
وحكم المحكمة يقتله....
وهو البريء البريء............
فأما من ضامن لشرف مواطن إنتزعته المكائد والدسائس البغيضة ؟!
أما من رادّ لهذا الشرف.؟ّّّّّّ!.
يقولون إن النجاح يبدأ بالفشل..
وإن الإعتلاء يبدأ بالسقوط...
فلسفة لا يفهمها، فلقد قالوا إن الدهشة هي سر الفلسفة.
وليست تلك أقوال عنده هزها الريح كما يقولون.. فمخيلته الشعرية رأت أن القضايا التي تهاطلت كالمطر في ليل شتوي بارد فوق رأسه وأمثاله. ... ما هي إلا عناقيد النجاح الذي حققه طوال حياته في هذا الوطن الغالي.

فلقد وجد نفسه في أحضان المحاكم بعد أن تخطفته النيابات تحاسبه على ذنب لم يقترفه، في حياة لم ير طعمها الهانئ. وواجب لم يقصر في آدائه أبدا بشهادة من إتهمه، (( وصدق الله العظيم حين قال في محكم آياته " وشهد شاهد من أهلها..." )) بل كان ينعت بعدمية الأخلاق، ولقد تكفلت السماء بالرد فأغاثه المغيث بمعنى البراءة.

أليس له حق أن يفهم أو يعرف أن الظلم ينتظره في أي وطن أو أي مجتمع ؟ ، وهو المواطن المتهم زورا وبهتانا. و الذي يعاني من رداءة الموت البطيء .. لكنه صابر حتى يعرف، وعرف أن الوطنية الحق هي المواطنة بلا وطن.

فالمواطن الشريف، كل مواطن شريف أضحى متهما. فهو شريف بالفطرة وتهمته الشرف والأمانة والإلتزام ، حتى خيل إليه أن الشرف الحق هو اللاشرف ، هو السرقة، هو الخيانة ، هو عدم الإكتراث.... هو عدم الإلتزام .. هو المعنى الجديد الذي جهله على مدى حياته الملتهبة بالوطن...

ولكن رغم كل ذلك فأليس له الحق أن يرفض ما يشاء أو يقبل ما يشاء... أليس هكذا تقول الكتب السماوية والقوانين المستمدة منها...

" متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا "
" المتهم بريء حتى تثبت إدانته "
أخيرا ، سجل بعبارات صريحة : ـ
رفض عدم الإلتزام.
رفض عدم تنفيذ توجيهات الرؤساء.
رفض منطق الإتهام بدون أدلة إثبات قاطعة.
الإقرار بالحق في الإلتزام، والحق في الشرف والأمانة.

الإقرار بالبراءة من كل التهم والإدعاءات الباطلة التي لفقت في الوطنية و البقاء منفيا عنها. والبقاء منفيا عنها حتى الموت بمحض الإرادة الصرفة.
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م