http://www.palestine-info.net/arabic...las/mother.htm
==========================
خنساء غزة الثانية ..
والدة الشهيد محمد حلس تقول له قبل تنفيذه العملية :
كن صامداً و صبوراً و صابراً و وجِّه سلاحك بدقة في وجه الأعداء .. اذهب و عد شهيداً !!
غزة - تقرير خاص :
حين قالت له وداعاً لم تبكِ .. طبعت على جبينه قبلة حارة .. و قبلت سلاحه و انزوت في غرفتها تدعو له بالتوفيق و السداد ، و حين جاءها خبر استشهاده أطلقت زغرودة و تحدثت عنه بفخر .
بهذه الكلمات لا يمكن اختصار المشاعر و الآلام التي عاشتها والدة الشهيد محمد أحمد حلس – 20 عاماً - من أبناء حي الشجاعية بغزة الذي قتلته قوات الاحتلال لدى محاولته اقتحام مستوطنة نتساريم في الثاني عشر من الشهر الجاري .
كيف لا و هي التي أرضعته يوم ميلاده حجة الأرض .. و حين قال لها وداعاً قبلته و انتظرت أن تكفنه بدمه الطاهر الزكي .. فظلت الأرض في دمه و كيانه ، وقفت في البيت تتقبل التهاني باستشهاد فلذة كبدها و لسان حالها يقول إن المرأة التي لا تودع ابنها إلى الشهادة و الزنازين بالزغاريد لا هي حملت و لا ولدت .
و لم تنزوِ أم نبيل في ثياب الحداد و لم تلطم الخدود و تشق الجيوب ، بل وقفت تزغرد و تقول : "أحتسبه شهيداً عند الله .. اللهم اجعل هذا العمل في ميزان حسناته .. يا رب أنت أعلم و أدرى بالحال .. و لكن الموت في ظل المقاومة أفضل ألف مرة من الموت على فراش المرض" .
الحاجة أم نبيل هي الخنساء الثانية في فلسطين بعد الحاجة أم نضال فرحات التي ودعت ابنها بحرارة قبل أن يتوجه إلى مستوطنة عتصمونا ليدك حصون الأعداء .. قبل أن ينطلق الشهيد محمد حلس إلى مهاجمة الأعداء سجل شريطاً مع والدته الحاجة أم نبيل و همس لها بكلمات و أوصته هي و دعت له .
و ذكرت الحاجة أم نبيل أنه كان شاباً مؤدباً و متديناً و يصوم بشكل مستمر أيام الإثنين و الخميس من كل أسبوع و يحرص على الصلاة داخل مسجد الإصلاح بالحي ، و كان دائم الابتسامة عطوفاً و حنوناً .
و قالت : "إنها لمست لدى ابنها رغبة شديدة في نيل الشهادة" ، مشيرة إلى أن الاحتلال و أساليبه ضد أبناء شعبنا بالإضافة إلى قيام الاحتلال بسجن عدد كبير من أفراد العائلة و في مقدمتهم والد الشهيد .
و قالت إنه كان عندما يشاهد عبر شاشات التلفزيون و يشارك في تشييع الشهداء يزداد إصراراً على مقاومة الاحتلال و رغبة شديدة أن ينال الشهادة مثلهم .
و تضيف أن ابنها قام بمصارحتها عن نيته تنفيذ عملية فدائية ضد الاحتلال ، مؤكدة أنها لم تمنعه و أنها دعت له بالتوفيق و أن ينفذ عمليته بنجاح و ينال الشهادة التي تمناها ، و قالت : "قلت له اذهب على بركة الله و عد إلي شهيداً كما تمنيت و اطلب من الله ألا تصاب بجروح و تقع أسيراً في يد الاحتلال ، بل عد شهيداً إليها .. و ها هو عاد إلينا شهيداً كما تمنينا له" .
و بالنسبة لموعد تنفيذ العملية ذكرت الحاجة أم نبيل أنها كانت تعلم بموعد تنفيذها بالضبط و تقول إنه قبل توجهه إلى مستوطنة نتساريم و خروجه من المنزل عصراً قالت له و هي تحتضنه و تقبله : "ها هو الموعد أزف و أنا انتظر أن تعود إليّ شهيداً" ، و تضيف : "قبلته بحرارة و دعوت له بالتوفيق و قلت له كن صامداً و صبوراً و صابراً و وجه سلاحك بدقة في وجه الأعداء" .
و تضيف : "بعد خروجه من المنزل و توجهه إلى المستوطنة بقيت أصلي طيلة الوقت و انتظرت الخبر السعيد خبر استشهاده" ، و تعود و تقول : "خذ أمتعتك و لا تترك للأعداء الفرصة لقتلك قبل أن تثأر منهم لأبناء شعبك و أهلك" .
و عن الفترة التي قضتها منذ توجهه إلى المستوطنة حتى تلقيها نبأ استشهاده تقول الحاجة أم نبيل : "كانت فترة عصيبة جداً كنت فيها على أعصابي أدعو و أصلي لله و صليت صلاة الاستخارة أن يعود إليّ ابني محمد شهيداً و قد نفذ عمليته بنجاح .. صليت حوالي أربع مرات طيلة الليل و لم أذق طعماً للنوم ، و الحمد لله نلنا ما تمنيناه" .
و بعد تلقيها نبأ استشهاده تؤكد الحاجة أم نبيل أن الفرحة كانت لا توصف و شكرت الله تعالى على أنه شرفها باستشهاد ابنها و تمنت أن تلتقي به في مستقر رحمته يوم القيامة .
و تبتسم الحاجة أم نبيل و تقول بصراحة شديدة : "كنت اشتريت الحلوى و أعددتها قبل خروجه من المنزل و لم يعلم أحد ، و ما إن تلقيت نبأ استشهاده حتى قمت بتوزيعها على الجيران و أطلقت زغرودة" .
الشهيد محمد حلس كان من المقرر أن يقوم بتنفيذ العملية التي قام بها الشهيد محمد فرحات الذي قتل 7 جنود صهاينة و أصاب أكثر من 30 آخرين لدى اقتحامه مستوطنة عتصمونا و لكن في آخر لحظة تم استبداله .
و حول واقعة استبداله تقول والدته : "لم أرَ محمداً حزيناً بهذا الشكل طيلة حياتي" ، و تقول : "جاءني و قلبه مملوء بالحزن و الحسرة" ، مشيراً إلى أنه كان يتمنى أن يكون هو المنفذ و قلت له سيأتي عليه يوم قريب و تنفذ عملية أخرى في قلب الأعداء ، و ها هي جاءته الفرصة و قام بتنفيذ العملية في مستوطنة نتساريم و نال الشهادة التي أحبها و تمناها" .
و تقول الحاجة أم نبيل إن ابنها محمداً خلف وراءه ذكريات عطرة لا يمكن أن تنساها ، مشيرة إلى أنه كان دائم الابتسام و المداعبة مع إخوته و أصحابه في المنطقة ، و أن جميع أعماله كانت جيدة ، و تقول : "سيظل محمد عالقاً في أذهان أهله إلى أن تقوم الساعة أتذكر خطواته عند عودته في وقت متأخر في الليل و عند عودته من المسجد" .
و دعت والدة الشهيد الأم الفلسطينية التي سطرت بمشاعرها و أ معاني البطولة و الشجاعة إلى غرس حب المقاومة و الكفاح في نفوس أبنائها لمقاومة الاحتلال حتى يتم دحرهم و رحيلهم عن أوطاننا ، و قالت إن الشهادة تعيد إلى الأمة و الوطن الفلسطيني كرامته .
و تقول إن الشهيد محمد استشهد و مازالت الإصابة و الرصاص داخل جسمه ، مشيرة إلى إصابته ثلاث مرات منذ اندلاع انتفاضة الأقصى حيث كان دائم المشاركة في المواجهات في العديد من الأماكن ، حيث شارك في المواجهات قرب مستوطنة نتساريم و معبر بيت حانون و معبر المنطار ، و أصيب ثلاث مرات خلالها بجروح مختلفة ، و قالت : "رصاصة ظلت في قدمه اليسرى عندما أصيب برصاص الاحتلال في مسيرة المليون التي شارك فيها الآلاف من أبناء شعبنا" .
ووجهت الحاجة أم نبيل نداء إلى العالمين العربي و الإسلامي الوقوف وقفة جادة إلى جانب أبناء شعبنا ، و دعت المؤتمرين في القمة المقبلة إلى أن يعيدوا لشعبنا حقوقه المسلوبة .
يذكر أن الشهيد محمد أحمد حلس نفذ عملية مستوطنة نتساريم في الثاني عشر من الشهر الجاري و شاركه فيها زميله الشهيد بلال فايز شحادة حيث اقتحما موقعاً عسكرياً تابعاً لجيش الاحتلال و قتلا و أصابا أكثر من 20 جندياً صهيونياً كانوا متمركزين على الحاجز و أخفى العدو خسائره كالعادة .
بقي أن نقول أن هذه النماذج من المجاهدين و الرجال الرجال ، و الخنساوات اللواتي خرجتهن حركة المقاومة الإسلامية حماس عبر التربية القرآنية و الإعداد المتواصل .. و الأيام حبلى برجال و نساء لم ير العدو الصهيوني لهم مثيلا ، فالشهادة و المقاومة باتت ثقافة المجتمع الفلسطيني الذي قرر أن لا تحرير لوطنه و مقدساته إلا بالمقاومة و الجهاد .