مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 11-06-2000, 10:26 PM
الموالي لاهل البيت الموالي لاهل البيت غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 19
Post زواج المتعة من كتب أهل السنة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى ثم الصلاة على النبي المصطفى وعلى آله النجباء ، وصحبه الأصفياء وبعد : -
إن مسألة زواج المتعة من المسائل التي بحث فيها فقهاء المسلمين على اختلاف مذاهبهم وأولوها العناية الكبرى بحثاً وتمحيصاً بين مثبت لهذا النوع من الزواج وبين ناف له ، بعد اتّفاقهم على مشروعيته في صدر الإسلام ، وحيث إن دور هذه المسألة الخطيرة في صيانة عفة المجتمع وحفظه من الوقوع في مزالق الفساد دور هام يجب أن لا يغفله المشرّع وبخاصة ممن يحاول إصلاح المجتمع ، لكي يعيش حياة سعيدة تحفظ فيها عفة المرأة من الإنزلاق وراء الشهوات المحرمة .
والذي يبدو لمن تتبع هذه المسألة في مختلف مواضعها من كتب التشريع سواء ما يتعلق منها
(7)
بالتفسبر والحديث أم كتب الفقه ، أن المسلمين على اختلاف مذاهبهم لا تكاد كلمتهم تختلف في أن هذا النوع من الزواج مما شرع في صدر الإسلام ونزلت فيه آية من الكتاب العزيز وهي آية : ( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أحورهن ) .. وفسروا الإستمتاع بنكاح المتعة (1)كما سوف يتضح من هذا البحث .
إنما شرع الزواج المؤقت لأن الزواج الدائم غير قادر في كل الحالات والظروف أن يفي باحتياجات البشر ، وأن الاقتصار على الزواج الدائم يستلزم حرمان كثير من النساء أو الرجال ممارسة حقهم في الحياة الجنسية ، لعدم قدرة البعض على تهيئة الظروف لمثل هذا الزواج ، ولهذا فإما أن يكبت الرجل أو المرأة ما بداخلهما من غرائز وحب الالتقاء ، مما يؤدي بهم إلى نتائج وخيمة وآلام دائمة ، وأن ينزلقوا في المحرمات ، وأن تنشىء المرأة علاقات غير شريفة قائمة على التستر بأوكار الليل وأجنحة الظلام وخوف العاقبة .
_______________________
(1) انظر محمد تقي الحكيم : الزواج المؤقت : ص 34 – 35 .
(8)
ومن هنا فإن للزواج المؤقت ( زواج المتعة ) بعد اعتراف الشريعة الإسلامية به ، علاقة طيبة وطبييعة يشعر فيها كل من المرأة والرجل بحكم كونها عقداً من العقود بكرامة الوفاء بالإلتزام من الطرفين وفق الشروط التي شرعها المشرع في هذا العقد ، ولهذا فهو من هذه الناحية كالزواج الدائم مع فارق واحد ، وهو أن المرأة هنا تملك أن تحدد أمد العقد ابتداءً ولا تملكه في الزواج الدائم ، بل تظل تحت رحمة الزوج إن شاء طلقها وإن شاء مد بها إلى نهاية الحياة .
إن المرأة في الزواج المؤقت ليست سلعة تؤجر للمتعة وإنّما هي كالطرف الآخر في المعاملة تعطي من الإلتزامات بمقدار ما تأخذ منه وربما تكون هي الرابحة أخيراً . باكتشافها لأخلاق الزوج ومعاملته وبرؤيتها له في مختلف حالاته ومباذله تستطيع تحديد موقفها منه فيما إذا كانت تقوى على تكوين علاقات دائمة بتحويل الزواج المؤقت إلى زواج دائم تامن معه من الإختلافات نتيجة عدم توافق الطباع (1) ولهذه
_________________________
(1)انظر المصدر السابق : ص 23 – 24 .
(9)
المصلحة أجاز الإسلام زواج المتعة بل اعتبره ضرورة من ضروريات الحياة ، حتى قام الإجتماع على تشريعه من الكتاب والسّنة النبوية ، وقد ورد ذلك في مصادر جمهور المسلمين المعتبرة ، ووصل إلى درجة من الكثبرة لا نحتاج معها إلى تتبع واستيعاب كل الروايات ، بل قام الإجماع على تشريعها وهذا الإجماع موضع وفاق عند المسلمين من كل المذاهب الإسلامية (1) كما سوف نشير إليه إن شاء الله .
________________________
(1)انظر أحمد الوائلي : من فقه الجنس ص 11 .
(10)
الشروط المعتبرة في زواج المتعة وأنها كالدائم

قبل أن نشير إلى مشروعية الزواج المؤقت الثابت بنص القرآن الكريم والسّنة النبوية المتفق عليها ، نذكر بعض الشروط المعتبرة في زواج المتعة وأنها كالدائم باختصار :
(1) الإيجاب والقبول باللفظ الدال على إنشاء المعنى المقصود والرضا به .
(2) القصد لمضمون المعنى وهو : متعت أو أنكحت أو زوجت .
(3) أن يكون الإيجاب والقبول باللغة العربية مع الإمكان .
(4) أن يكون الإيجاب من طرف الزوجة والقبول من طرف الزوج مع تقدم الإيجاب على القبول .
(5) ذكر المهر في العقد المتفق عليه بين الطرفين .
(11)
(6) ذكر الأجل المتفق عليه بين الطرفين في العقد طال أو قصر .
(7) ألا تكون المرأة مما يحرم نكاحها سواء الدائم أو المنقطع .
(8) تجب العدة فيها بعد انقضاء المدة (1) وعدتها حيضتان إن كانت تحيض وإن كانت في سن من تحيض ولا تحيض فعدتها خمسة وأربعون يوماً وإن كانت حاملاً فعدتها أبعد الأجلين وأما عدتها من وفاة الزوج فأربعة أشهر وعشرة أيام إن لم تكن حاملاً وإلاّ فبأبعد الأجلين كالزواج الدائم .
(9) لا يجوز الجمع بين الأختين في نكاح المتعة كالدائم بلا فرق (2) .
(10) الأطفال الذين يولدون من الزواج المؤقت لا يختلفون في شيء من الحقوق عن الأطفال
_________________________
(1) تنقضي المدة بعد إكمالها أو إذا وهبها الزوج المدة المتبقية قبل الإكمال .
(2) انظر السيد أمير محمد القزويني : المتعة بين الإباحة والحرمة .
(12)
المتولدين من الزواج الدائم ، إلى غير ذلك من الشروط التي تشترط في الزواج الدائم فهي معتبرة في الزواج المؤقت .
(13)
مشروعية الزواج المؤقت من الكتاب والسنة
دلت الأدلة القطعية من الكتاب والسنة وإجماع المسلمين وأقوال أئمتهم على أن المتعة كانت مشروعة في صدر الإسلام ومباحة بنص القرآن ، وأنّ كثيراً من الصحابة الكرام فعلوها في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بأمره وإذنه وترخيصه ، كما فعلوها بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم ولم ينزل قرآن يحرمها ولم ينه عنها صلى الله عليه وآله وسلم حتى مات ، اختلفوا في نسخها ، فمنهم من يقول إنها نسخت بالسنة مع أن السنة من أخبار الآحاد لا ينسخ الحكم الثابت بنص من القرآن فكيف ينسخ ما هو ظني الصدور وهو الخبر الواحد لما هو قطعي الصدور وهو القرآن الكريم ، وتارة يقولون بأن آية المتعة نسخت بآية أخرى , وهذا الإختلاف دليل على عدم نسخها ، وأنها ثابتة ومباحة إلى يوم القيامة كإباحة الزواج الدائم وملك اليمين
(15)
( حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة ) .
ومما شنع على الشيعة في قولهم بإباحة المتعة ما جاء في كتاب ( وجاء دور المجوس ) للدكتور الغريب وهو غريب قوله :
( وما دمنا في صدد الحديث عن أكاذيب الرافضة (( أي الشيعة )) فمن المناسب أن نشير إلى كتاب اسمه (( المتعة من متطلبات العصر )) .. زعم الكاتب أن حجة أهل السنة في تحريم المتعة رفض الفاروق عمر بن الخطاب لها ، ولم يتوقف عند هذه الفرية بل وجه سهامه المسمومة إلى ثاني الخلفاء الراشدين وأشرنا قبل صفحات أن رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم هو الّذي حرم المتعة ) (1)
أقول : يظهر من صاحب هذا الكتاب أنه طعن حتى في صحاح أهل السّنة ووجه إليهم الأكاذيب كما أنّه كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في إرجاع تحريم المتعة إليه صلى الله عليه وآله وسلم وقديما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من كذب
______________________
(1) عبد الله محمد الغريب : وجاء دور المجوس ص 135 .
(16)

عليّ متعمّداً فليتبوأ مقعده من النار ) فهذا البخاري يروي في صحيحه وهو أصح الكتب بعد القرآن – على ما يقولون – عن عمران بن الحصين قوله : ( نزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ولم ينزل قرآن يحرمه ولم ينه عنها ...) فهذا الحديث نص صريح على أن المتعة نزلت في كتاب الله ولم ينه عنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى مات ، ومن هنا يظهر أن التحريم لم يكن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما ذكر الدكتور الغريب .
(17)
كتب أهل السنة المصرّحة بحليّة المتعة

(1) صحيح البخاري وروايات إباحة المتعة :

وحسبك على إباحة المتعة ما أخرجه البخاري في صحيحه من كتاب التفسير في باب قوله تعالى : ( وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) عن عمران بن الحصين أنه قال : ( نزلت المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم ولم ينزل قرآن يحرمها ولم ينه عنها حتى مات ، قال رجل برأيه ما شاء . قال محمد – يعني البخاري – يقال عمر ) (1).
أقول : هذا ما أخرجه البخاري في صحيحه ، وهو من أصح الكتب بعد القرآن عند أهل السنة ، فقد نص بصريح العبارة التي لا تقبل التأويل على إباحة المتعة
______________________
(1) صحيح البخاري : المطبعة العامرة المليجية الطبعة الأولى 1332 هـ ج 3 ص 71 .
(19)
واستمرار هذه الإباحة إلى يوم القيامة ، كما أن هذا الحديث نص على عدم نزول قرآن يحرمها وأنه نص في عدم نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنها حتى التحق بالرفيق الأعلى ، كما أنه صريح أيضاً في أن المحرم لها هو الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ومن هذه الرواية يظهر افتراء وكذب صاحب كتاب ( وجاء دور المجوس ) في قوله عن مؤلف كتاب المتعة : ( ولم يتوقف عند هذه الفرية بل وجه سهامه المسمومة إلى ثاني الخلفاء الراشدين ) وكان اللازم أن يوجه هذا الكلام إلى شيخ الحديث البخاري الذي روى هذه الرواية ولكن الحق مرٌّ على ألسنة المنحرفين عن آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
وأخرج البخاري أيضاً في باب قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) من كتاب التفسير عن إسماعيل عن قيس عن عبد الله – ابن مسعود – قال : كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم وليس معنا نساء فقلنا ألا نستخصي فنهانا عن ذلك فرخص لنا بعد ذلك أن نتزوج المرأة بالثوب ثم قرأ عبد الله : ( يا أيها
(20)

الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) (1)
أقول : وهذا الحديث أيضاً نص في أن متعة النساء من الطيبات ، ولا شيء من الطيبات بحرام إلى يوم القيامة ولهذا لا يصح القول بأن المتعة بعد إباحتها حرمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى هذا فكل تأويل فيها غير معقول ومردود لأنّه مناف لنصها ، وعبد الله بن مسعود هو أحد القراء الأربعة الذين أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بتعلم القرآن منهم ، فهو أعرف من ألآخرين بمداليل الآيات ومفاهيمها ، فهذا البخاري يحدثنا في صحيحه ص 201 من جزئه الثاني في باب مناقب عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم أنه قال : ( استقرؤا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود ..... ) .
(2) صحيح مسلم وإباحة المتعة وأنّ النهي عنها الخليفة عمر رضي الله عنه :
وأما إمام الحديث عند أهل السنة الإمام مسلم فقد أخرج في صحيحه في باب نكاح المتعة عن
_________________________
(1) نفس المصدر : ص 84 .
(21)
إسماعيل عن قيس قال : سمعت عبد الله يقول : ( كنّا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم ليس لنا نساء فقلنا ألا نستخصي فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ثم قرأ عبد الله : يا أيها الذين آمنوا لا تحرّموا طيبات ما أحلّ الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) (1) .
وفي رواية أخرى كما في صحيح مسلم أيضاً عن أبي نضرة قال : كنت عند جابر بن عبد الله ، فأتاه آت فقال : ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر : فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ثم نهانا عمر فلم نعد لهما ) (2) . وأخرج الإمام مسلم ايضاً : ( ... كان ابن عباس يأمر بالمتعة ، وكان ابن الزبير ينهى عنها قال : فذكر ذلك لجابر بن عبد الله فقال : على يدي دار الحديث تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم فلما قام عمر قال : إن الله كان يحل لرسوله ماشاء بما شاء ، وإن القرآن قد نزل منازلة فأتموا الحج والعمرة لله كما أمركم الله
________________
(1) صحيح مسلم : ج 4 ص 130 .
(2) نفس المصدر : ص 131 .
(22)
وابتّوا (1) نكاح هذه النساء فإن أوتي برجل نكح امرأة إلى أجل إلاّ رجمته بالحجارة ) (2) .
وعن أبي موسى أنه كان يفتي بالمتعة فقال له رجل : رويدك ببعض فتياك ، فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعد ، حتى لقيه بعد ، فسأله ، فقال عمر : قد علمت أن النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم قد فعله وأصحابه ، ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم (3) .
وفي صحيح مسلم أيضاً عن عطاء أنه قال : ( قدم جابر بن عبد الله معتمراً فجئناه في منزله فسأله القومعن أشياء ثم ذكروا المتعة فقال : نعم استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم وأبي بكر وعمر ) (4) . وفي رواية جابر بن عبد الله قال : ( كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم وأبي بكر حتى
_________________________
(1) بمعنى أقطعوا .
(2) نفس المصدر : ص 38 .
(3) نفس المصدر : ص 45 – 46 .
(4) نفس المصدر : ص 131 .
(23)
نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث (1)
أقول : هذا ما أخرجه إمام الحديث عند أهل السنّة في صحيحه ، من أنّ المتعة من الأمور التي وردت فيها النصوص الصريحة على إباحتها ، وأنّ الصحابة فعلوها في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وشطر من حياة عمر حتى نهاهم عمر رضي الله عنه في شأن ابن حريث ، وأنها كانت من الطيبات ولا يعقل أن يحرم الله سبحانه على عباده ما أحله لهم من الطيبات ، أو يمنع رحمته عنهم ، ومن حيث إنه قد ثبت أن نكاح المتعة من الطيبات ، وإنها رحمة من الله رحم بها عباده علمنا أنها حلال إلى يوم القيامه بمقتضى تلك النصوص الصريحة الدالة على إباحتها وعدم تحريمها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ... ( ء الله أذن لكم أم على الله تفترون )
(3) مسند الإمام أحمد ، ومآثر الأناقة للقلقشندي وإباحة المتعة
روى الإمام أحمد إمام المذهب في مسنده عن
_______________________
(1) نفس المصدر : ص 131 .
(24)
عمران بن الحصين قال : ( نزلت آية المتعة في كتاب الله تبارك وتعالى ، وعملنا بها مع رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم فلم ينزل آية تنسخها ولم ينه عنها النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم حتى مات ) (1)
وهذه الرواية نص صريح على عدم نزول آية أو وجود رواية تدل من قريب أو بعيد على نسخ أو تحريم زواج المتعة ، وما قيل في تحريمها لا يصار إليه لمخالفته لصريح القرآن الكريم والسنّة الصحيحة ويؤيد ذلك ما جاء أيضاً عن الإمام أحمد عن أبي النضر أنّه قال :
( قلت لجابر بن عبد الله إن ابن الزبير رضي الله عنه ينهى عن المتعة وابن عباس يأمر بها قال : فقال لي : على يدي جرى الحديث ، تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ، قال عفان : ومع أبي بكر فلما ولي عمر رضي الله عنه خطب الناس فقال : إنّ القرآن هو القرآن وأن رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم هو الرسول ، وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم إحداهما متعة الحج والأخرى
_______________________
(1) الإمام أحمد : المسند : ج 4 ص 436 .
(25)
متعة النساء ) (1) .
وعن عبد الملك عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال : ( كنا نتمتع على عهد رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما حتى نهانا عمر رضي الله عنه أخيراً يعني النساء ) (2) .
يقول القلقشندي في أوليات الخليفة عمر رضي الله عنه : ( وهو أول من حرم المتعة بالنساء ، وهي أن تنكح المرأة على شيء إلى أجل ، وكانت مباحة قبل ذلك ) (3) . وهذا يدل دلالة واضحة على أن زواج المتعة حتى خلافة عمر بن الخطاب كانت مباحة ، فتحريمها تقوّل على الله سبحانه .
(4) التفسير الكبير للفخر الرازي وإباحة المتعة :
وحسبك على إباحة المتعة ما أخرجه الفخر الرازي في تفسير آية المتعة عن عمران بن الحصين أنه قال : ( نزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى ولم ينزل
________________________
(1) نفس المصدر : ج1 ص 52 الطبعة الأولى : 1983 .
(2) نفس المصدر : ج3 ص 304 .
(3) القلقشندي : مآثر الأناقة ج3 ص 338 .
(26)
بعدها آية تنسخها ، وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتمتعنا بها ، ومات ولم ينهنا عنه ، ثم قال رجل برأيه ما شاء ) (1) . يقول الفخر الرازي : ( روى محمد بن جرير الطبري في تفسيره عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : ( لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقي ) (2) وأنت خبير بأن تحريم زواج المتعة لم يكن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما يدّعيه البعض .
يقول الفخر الرازي : ( والقول الثاني : أن المراد بهذه الآية – آية المتعة – حكم المتعة ، وهي عبارة عن أن يستأجر الرجل المرأة بمال معلوم إلى أجل معين فيجامعها ، واتفقوا على أنها كانت مباحة في ابتداء الإسلام ، روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قدم مكة في عمرته تزين نساء مكة ، فشكا أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم طول العزوبة فقال : استمتعوا من هذه النساء ، واختلفوا في أنها هل نسخت أم لا ؟ ...) (3) وهذا الإختلاف دليل
________________________
(1) الفخر الرازي : التفسير الكبير الطبعة الأولى المطبعة البهية المصرية 1938 ج10 ص 49 ، 50 .
(2) نفس المصدر : ص 50 .
(3) نفس المصدر : ص 49 .
(27)
على عدم نسخها ، خصوصاً وأن آية المتعة نزلت بعد قدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكة في عمرته في السنوات الأخيرة من حياته ، مع أن القائلين بالنسخ أو التحريم يستندون على آيات وروايات وردت قبل نزول آية المتعة ، والمعروف الثابت لدى علماء الأصول أن الناسخ لا يمكن أن يتقدم على المنسوخ لعدم وجود حكم يكون موضوعاً للنسخ ، ومن هنا يعلم بطلان ما قيل في نسخ الآية ، مضافاً إلى النصوص الصريحة الدالة على عدم النسخ ، وأن الصحابة كانوا يعملون بها حتى زمان الخليفة عمر رضي الله عنه . ومما يدل على ذلك ما رواه الفخر الرازي أيضاً فهو يقول :
( روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال في خطبته : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما ، ذكر هذا الكلام في مجمع من الصحابة وما أنكر عليه أحد ) (1) . ولهذا روي ( أن أبي بن كعب كان يقرأ : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن . وهذا أيضاً هو قراءة ابن عباس
_________________________
(1) نفس المصدر : ص 50 .
(28)

والأمة ما أنكرت عليهما في هذه القراءة فكان ذلك إجماعاً من الأمة على صحة هذه القراءة ...) (1) .
ويقول الفخر الرازي أيضاً : ( الحجة الثانية على جواز نكاح المتعة ، أن الأمة مجمعة على أن نكاح المتعة كان جائزاً في الإسلام ، ولا خلاف بين أحد من الأمة فيه ، إنّما الخلاف في طريان الناسخ ، فنقول : لو كان الناسخ موجوداً لكان ذلك الناسخ إما أن يكون معلوماً بالتواتر ، أو بالآحاد ، فإن كان معلوماً بالتواتر كان علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وعمران بن حصين منكرين لما عرف ثبوته بالتواتر من دين محمد صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم وذلك يوجب تكفيرهم ، وهو باطل قطعاً ، وإن كان ثابتاً بالآحاد فهذا أيضاً باطل لأنه لما كان ثبوت إباحة المتعة معلوماً بالإجماع والتواتر كان ثبوته معلوماً قطعاً ، فلو نسخناه بخبر الواحد لزم جعل المظنون رافعاً للمقطوع ، وإنه باطل ، قالوا : ومما يدل أيضاً على بطلان القول بهذا النسخ أن بعض الروايات تقول : إن النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر
________________________
(1) نفس المصدر : ص 15 .
(29)

الأهلية يوم خيبر ، وأكثر الروايات أنه عليه الصلاة والسلام أباح المتعة في حجة الوداع وفي يوم الفتح ، وهذان اليومان متأخرين عن يوم خيبر ، وذلك يدل على فساد ماروي أنه عليه السلام نسخ المتعة يوم خيبر ، لأن الناسخ يمتنع تقدمه على المنسوخ ، وقول من يقول : إنه حصل التحليل مراراً والنسخ مراراً ضعيف لم يقل به أحد من المعتبرين ، إلاّ الذين أرادوا إزالة التناقض عن هذه الروايات ) (1) . وهذا المعنى سوف نشير إليه بأدلة صريحة رويت عن أهل السنة بأنه ما حلل شيء وحرم مرات متعددة كما حللت المتعة وحرمت مرات متعددة ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على العبث في الأحكام الشرعية من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا لا يمكن أن يصار إليه لامتناع العبث منه صلى الله عليه وآله وسلم لأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى .
الحجة الثالثة كما ذكرها الفخر الرازي في تفسيره الكبير : ( ما روي أن عمر رضي الله عنه قال على المنبر : متعتان كانتا مشروعتين في عهد رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم
_______________________
(1) نفس المصدر : ص 52-53 .
(30)
وأنا أنهى عنهما متعة الحج ، ومتعة النكاح ، وهذا منه تنصيص على أن متعة النكاح موجودة في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما نسخه ، وإنما عمر هو الذي نسخه ، وإذا ثبت هذا فنقول : هذا الكلام يدل على أن حل المتعة كان ثابتاً في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأنه عليه السلام ما نسخه ، وأنه ليس هناك ناسخ لها إلا نسخ عمر ، وإذا ثبت هذا وجب أن لا يصير منسوخاً لأن ما كان ثابتاً في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وما نسخه الرسول يمتنع أن يصير منسوخاً بنسخ عمر ، وهذا هو الحجة التي احتج بها عمران بن الحصين حيث قال : ( إن الله أنزل في المتعة آية ، وما نسخها بآية أخرى وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمتعة ، وما نهانا عنها ، ثم قال رجل برأيه ما شاء يريد أن عمر نهى عنها ) (1) .
أقول : وبعد كل هذا ، يحاول الفخر الرازي أن يثبت بأن المتعة وإن كانت مباحة في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ أنها نسخت بعد ذلك ، وهذه المحاولة لا تنهض دليلاً أمام النصوص الصريحة التي رواها
__________________________
(1) نفس المصدر : ص 52-53 .
(31)
أصحاب الصحاح من أعلام أهل السنة ، وألأدلة التي استدل بها أوهى من بيت العنكبوت ، فراجع لتعلم صحة ذلك (1)
(5) روايات الطبري في تفسيره وإباحة المتعة :
روى الطبري في تفسيره عن محمد بن الحسين قال : ( ثنا أسباط عن السدي فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى .... فهذه المتعة ) وعن مجاهد : ( فما استمتعتم به منهن ، قال : يعني نكاح المتعة ) ويقول الطبري : حدثنا أبو كريب قال : ثنا يحيى بن عيسى قال : ثنا نصير بن أبي الأشعث قال : ثنا حبيب بن ثابت عن أبيه قال : أعطاني ابن عباس مصحفاً فقال هذا على قراءة أبيّ ، قال أبو بكر ، قال يحيى : قرأت المصحف عند نصير فيه : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ) (2) . وعن أبي نضرة قال : سألت ابن عباس عن متعة النساء قال : اما تقرأ سورة النساء
_______________________
(1) نفس المصدر : ص 53 .
(2) ابن جرير الطبري : جامع البيان الطبعة الثانية بولاق مصر 1972 ج5 ص 9 .
(32)
قال : قلت بلى ، قال : فما تقرأ فيها ، فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ، قلت لا لو قرأتها هكذا ما سألتك ، قال : فإنها كذا ) (1) .
وفي رواية شعبة عن الحكم قال : سألته عن هذه الآية ، والمحصنات من النساء إلا ما ملكت ايمانكم إلى هذا الموضوع ، فما استمتعتم به منهن أمنسوخة هي ، قال : لا ، قال الحكم ، وقال علي رضي الله عنه لولا أن عمر رضي الله عنه نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقي ) (2) . وعن عمرو بن مرة أنه سمع سعيد بن جبير يقرأ : ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن ) (3) . وهذه القراءة التي كان يقرأ بها سعيد بن جبير وهو من التابعين لدليل واضح على عدم تحريمها .
وأما قول الطبري : ( وأما ما روي عن أبي بن كعب وابن عباس من قراءتهما : فما استمتعتم به منهن
_________________________
(1) نفس المصدر : ص 9 .
(2) نفس المصدر : ص 9-10 .
(3) نفس المصدر : ص 9-10 .
(33)
إلى أجل مسمى ، فقراءة بخلاف ما جاءت به مصاجف المسلمين ، وغير جائز لأحد أن يلحق في كتاب الله تعالى شيئاً لم يأت به الخبر القاطع ...) (1) فهو قول باطل لأمرين :
الأول : إن وجود الزيادة – وهي إلى أجل مسمى – في آية المتعة ليس من أجزاء الآية ، بل هي من قبيل الشرح والبيان والتفسير لمعنى الآية ، وهذا يدل دلالة قاطعة على إباحة زواج المتعة ، وأنها غير منسوخة ولا محرمة .
الثاني : أما قراءة أبيّ بن كعب وابن عباس وكذلك عبد الله بن مسعود كما تقدم فهي المنظور لها دون غيرها من القراءات وذلك بمقتضى ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الأخذ من هؤلاء ، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يخص أبي بن كعب بالقراءة كما جاء في الصحاح وعلى هذا يقال : إما أن تكون هذه الزيادة من جملة الآية أو أنها من قبيل الشرح والبيان ، فإن قيل بالأول يلزمه أن يكون أبيّ بن كعب وابن عباس حبر الأمة
_________________________
(1) نفس المصدر : ص 10 .
(34)
وعبد الله بن مسعود ، قد حرفوا القرآن الموجب لخروجهم عن الإسلام ، وهذا القول باطل بإجماع المسلمين فيتعين الثاني وهو أن هذه الزيادة – إلى أجل مسمى – من قبيل البيان والتفسير لمعنى الآية الكريمة فثبت إباحة المتعة وأنها غير منسوخة ولا محرمة .
(6) روايات النيسابوري في تفسيره في إباحة المتعة :
يقول النيسابوري في تفسيره غرائب القرآن بهامش جامع البيان : ( اتفقوا على أنها – أي المتعة – كانت مباحة في أول الإسلام ، ثم السواد الأعظم من الأمة على أنها صارت منسوخة ، وذهب الباقون ومنهم الشيعة إلى أنها ثابتة كما كانت ويروى هذا عن ابن عباس وعمران بن الحصين ، قال عمارة :سألت ابن عباس عن المتعة أسفاح أم نكاح ، قال : لا سفاح ولا نكاح ، قلت فما هي ، قال : هي متعة كما يقال ... ) (1)
أقول : لا أدري أيوجد في الشريعة المقدسة
_________________________
(1) النيسابوري : تفسير غرائب القرآن ج5 ص 16 ، 17 .
(35)
أو العرف ، وسط بين السفاح – أي الزنا – وبين النكاح الصحيح ، فالنكاح إما أن يكون صحيحاً أو غير صحيح ، فيدخل في السفاح ولا وسط بينهما ، فزواج المتعة لا يخلو إما أن يكون نكاحاً صحيحاً ، فتثبت مشروعيته وعدم نسخه لصحة هذا النكاح وإن كان زنا فكيف يبيح الإسلام الزنا ؟ فما لكم كيف تحكمون ، نعوذ بالله من شطحات العقول .
ولا يجوز إدخاله في وطيء الشبهة لأن هذا النوع من الوطىء لا يكون إلاّ إذا اعتقد الزوج بأن هذه المرأة زوجته ، ثم وطأها فتبين أنها أجنبية وهذا بخلاف زواج المتعة المتوقف على الإيجاب والقبول ورضا الطرفين .
ومن أغرب ما يروى عن ابن عباس في المتعة قال : ( إن الناس لما ذكروا الأشعار في فتيا ابن عباس في المتعة قال : قاتلهم الله إني ما أفتيت بإباحتها على الإطلاق ، لكني قلت إنها تحل للمضطر كما تحل الميتة والدم ولحم الخنزير ) (1) .
_____________________
(1) نفس المصدر : ص 17 .
(36)
أقول : إن من ينظر إلى هذه الرواية وإسنادها إلى ابن عباس حبر الأمة ياخذه العجب من هذه الفتيا ، أيجوز لابن عباس أن يفتي بجواز الزنا في حال الضرورة كما يجوز أكل الميتة ولحم الخنزير للمضطر ؟ أو أن فتوى ابن عباس بإباحتها ، لأنها مباحة في أصل الشريعة كالزواج الدائم وملك اليمين ، فبماذا يجيب الحاكم العادل أيباح الزنا للمضطر ؟ مع أن الزاني لا يزني إلا وهو مضطر إليه ، فينتفي حينذ الزنا من الشريعة الإسلامية .
ومما يدل على إباحة المتعة وعدم نسخها كما يروي النيسابوري أيضاً وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على التناقض الحاصل في أقوال هؤلاء ، وعدم تحرزهم من مخالفة الشريعة فهو يروي عن ( عمران بن الحصين فإنه قال : نزلت آية المتعة في كتاب الله ولم ينزل بعدها آية تنسخها وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتمتعنا معه ، ومات ولم ينهنا ثم قال رجل برأيه ما شاء يريد أن عمر نهى عنها ) (1) ولهذا كان أبيّ بن
________________________
(1) نفس المصدر : ص 17 .
(37)
كعب يقرأ : ( فما ساتمتعتم به منهن إلى أجل مسمى .... وبه قرأ ابن عباس أيضاً ، والصحابة ما أنكروا عليهما فكان إجماعاً .... وما يدل على ثبوت المتعة ما جاء في الروايات أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر ، وأكثر الروايات أنه صلى الله عليه وآله وسلم أباح المتعة في حجة الوداع وفي يوم الفتح وذلك أن أصحابه شكوا إليه ... ) (1) ومن هنا يعلم أن إباحة المتعة كانت في حجة الوداع وفي يوم الفتح وكل ذلك كان متأخر عن يوم خيبر الذي يدعي فيه النهي .
(7) الدّر المنثور للسيوطي وروايات الإباحة :
وفي الدّر المنثور في التفسير بالمأثور عن ابن عباس قال : ( كانت المتعة أول الإسلام وكانوا يقرأون هذه الآية : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى الآية فكان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج ما يرى أنه يفرغ من حاجته لتحفظ
_________________________
(1) نفس المصدر : ص 18 .
(38)
متاعه وتصلح له شأنه ... ) (1) .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه من طرق عن أبي نضرة قال : قرأت على ابن عباس : فما استمتعتم به منهن ... قال ابن عباس : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ، فقلت : ما نقرؤها كذلك ، فقال ابن عباس : والله لأنزلها الله كذلك . وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن سعيد بن جبير قال في قراءة أبيّ بن كعب : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى . أخرج عبد الرزاق عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقرؤها فما استمتعتم به منهن إلى أجل .... وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ... قال يعني نكاح المتعة ) (2) .
( وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن ابن مسعود قال : كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم .... ورخص لنا أن نتزوج المرأة بالثوب إلى أجل ، ثم قرأ عبد الله – بن مسعود – يا أيها الذين آمنوا لا
________________________
(1) السيوطي : الدر المنثور ج 8 ص 140 .
(2) نفس المصدر : ص 140 .
(39)
تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) (1) .
أقول : إذا كانت المتعة من الطيبات التي أحلها الله سبحانه للمؤمنين بنص القرآن ولا شيء من الطيبات برحام فتثبت استمرارية إباحتها بالقياس المنطقي التالي :
زواج المتعة من الطيبات
ولا شيء من الطيبات بحرام
فالنتيجة : لا شيء من زواج المتعة بحرام .
فدليل الصغرى والكبرى قوله تعالى : ( يا ايها الذين آمنوا لا تحرّموا طيبات ما أحل الله لكم ) والمتعة حلال بنص الآية ( فما استمتعتم به منهن ... ) فتثبت حلية زواج المتعة ، وعدم تحريمها ، وهذا القياس من الشكل الأول الذي تكون الصغرى فيه موجبة مع كلية الكبرى ، ولهذا تكون النتيجة صحيحة .
والغريب من السيوطي أن ينسب التحريم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد إباحتها بآية الميراث تارة وبآية الطلاق
_________________________
(1) نفس المصدر : ص 140 .
(40)
تارة أخرى في تفسيره (1) وهو نفسه ينسب التحريم في كتابه تاريخ الخلفاء إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أولياته حيث يقول : ( .... وأول من سن قيام شهر رمضان ، وأول من عسى بالليل ... وأول من حرم المتعة ) (2) . ويؤيد ذلك أن التحريم لم يكن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله في تفسيره : ( وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : نهى عمر عن متعتين متعة النساء ومتعة الحج ) (3) .
ومما يدل على تناقض السيوطي قوله : ( وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في ناسخه وابن جرير عن الحكم أنه سئل عن هذه الآية أمنسوخة ، قال : لا ، قال علي : لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنا إلاّ شقي ) (4) . وأنت ترى أن الإمام علياً لم يقل لولا نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن المتعة ، ولهذا يحاول بعض الرواة أن يسند القول بالتحريم إلى الإمام علي عليه السلام مع
___________________________
(1) المصدر السابق : ص 140 .
(2) السيوطي : تاريخ الخلفاء ص 136 –137 .
(3) السيوطي : الدّر المنثور ج8 ص 141 .
(4) المصدر نفسه : ص 141 .
(41)
أن المشهور من مذهب الإمام علي عليه السلام إباحتها إلى يوم القيامة .
والذي يدل على نهي عمر بن الخطاب عن المتعة ما أخرجه السيوطي أيضاً في تفسيره عن نافع أن ابن عمر سئل عن المتعة ، فقال : حرام ، فقيل له ، إن ابن عباس يفتي بها قال : فهلا ترمرم بها في زمان عمر ) (1)
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس قال : يرحم الله عمر ، ما كانت المتعة إلاّ رحمة من الله رحم بها أمة محمد ، ولولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا إلاّ شقي ، قال : وهي التي في سورة النساء فما استمتعتم به منهن إلى كذا وكذا ... وأخبره أنه سمع ابن عباس يراها حلال ) (2) .
أقول : يظهر من هذه الرواية وغيرها أن المتعة كانت رحمة من الله لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وليس من المعقول أن ينهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن هذه الرحمة ورحمة
________________________
(1) المصدر السابق : ص 141 .
(2) المصدر نفسه : ص 141 .
(42)
الله وسعت كل شيء ، كما أن صريح الروايات المتقدمة تسند التحريم إلى الخليفة عرم بن الخطاب رضي الله عنه .
(8) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي وإباحة المتعة :
يقول القرطبي في تفسيره : ( وقال الجمهور : المراد نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام . وقرأ ابن عباس وأبي وابن جرير ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن ) ثم نهى عنها النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم . وقال سعيد بن المسيب : ( نسختها آية الميراث ، إذ كانت المتعة لا ميراث فيها ....) (1) . ( وروى عطاء عن ابن عباس قال : ما كانت المتعة إلاّ رحمة من الله رحم بها عباده ، ولولا نهي عمر عنها ما زنى إلا شقي ) (2) . والملتفت إلى هاتين الروايتين يرى التناقض واضحاً لا يحتاج إلى دليل ، فكيف يقال بأنها رحمة من الله ، ولولا تحريم عمر لها لما زنى إلاّ
________________________
(1) القرطبي : الجامع لأحكام القرآن ج5 ص 130 .
(2) نفس المصدر : ص 130 .
(43)
شقي ، وبين أن ينسب التحريم إلى نبي الرحمة والهدى صلى الله عليه وآله وسلم .
يقول القرطبي : ( واختلف العلماء كم مرة أبيحت ونسخت ، ففي صحيح مسلم عن عبد الله قال : كنا نغزو ... فنهانا عن ذلك ، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ، قال أبو حاتم البستي في صحيحه ، قولهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : (( ألا نستخصي )) دليل على أن المتعة كانت محظورة قبل أن أبيح لهم الإستمتاع ، ولو لم تكن محظورة لم يكن لسؤالهم عن هذا المعنى ، ثم رخص لهم في الغزو أن ينكحوا المرأة بالثوب إلى أجل ثم نهى عنها عام خيبر ، ثم أذن فيها عام الفتح ثم حرمها بعد ثلاث ، فهي محرمة إلى يوم القيامة . وقال ابن العربي : وأمّا متعة النساء فهي من غرائب الشريعة ، لأنها أبيحت في صدر الإسلام ثم حرمت يوم خيبر ثم ابيحت في غزوة أوطاس وليس لها أخت في الشريعة إلاّ مسألة القبلة ، لأن النسخ طرأ عليها مرتين ثم استقرت بعد ذلك ، وقال غيره ممن جمع طرق الأحاديث فيها : أنها تقتضي التحليل والتحريم سبع مرات .... يقول القرطبي : وهذه الطرق
(44)
كلها في صحيح مسلم ...) (1) .
أقول : يستفاد من هذا الكلام أمور :
الأول : إباحة زواج المتعة بنصوص لا تقبل التأويل ، كتاباً وسنّة بإجماع المسلمين ، وأن المتعة لم تكن معروفة قبل ذلك وإنّما شرعت في الإسلام وأنها كانت رحمة من الله رحم بها عباده ، وأما قول أبي حاتم : ( إن المتعة كانت محظورة قبل أن أبيح لهم الإستمتاع ، ولو لم تكن محظورة لك يكن لسؤالهم عن هذا معنى ) فهو باطل وبلا دليل ، فإن مجرد السؤال في قولهم (( ألا نستخصي )) ليس فيه دليل على أن المتعة كانت موجودة ولكنها محظورة ، ولوسلمنا وجودها قبل الإسلام فهل هي من جملة الأنكحة المتعارفة عندهم ؟ أم أنها كانت سفاحاً ، فعلى الأول فهي نكاح صحيح أقره الإسلام واباحه للمسلمين ولهذا قال أبو عمر : ( لم يختلف العلماء من السلف والخلف أن المتعة نكاح إلى أجل ... ) وقال ابن عطية : ( وكانت المتعة أن يتزوج الرجل المرأة بشاهدين
______________________
(1) المصدر نفسه : ص 130 – 131 .
(45)
وإذن الولي إلى أجل مسمى ) (1) وعلى الثاني ، أي كون المتعة سفاحاً ، فكيف يرخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمسلمين السفاح ، مع أنها كانت رحمة رحم الله بها أمة محمد .
الثاني : إباحة المتعة ، ثم تحريمها ثم إباحتها ثم تحريمها مرات متعددة ، قتارة أباحها لهم صلى الله عليه وآله وسلم في الغزو ، ثم نهى عنها عام خيبر ، ثم اباحها عام الفتح ثم حرمت ، كل هذه الإختلاف يدل على عدم تحريمها ، لأن إباحتها لهم لا تخلو ، إما أن تكون المتعة من الطيبات التي أحلها الله سبحانه ورحم بها عباده ، فلا يصح النهي عنها ، وإن كانت من الخبائث والفواحش فكيف يبيح النبي للمؤمنين الفواحش والله يقول في محكم كتابه : ( قل إنّما حرّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم ) (2) . ولهذا روي عن الإمام مالك فيما لو فعلها أحد : ( لا يرجم لأن نكاح المتعة ليس بحرام ، ولكن لأصل آخر لعلمائنا غريب انفردوا به دون سائر العلماء وهو أن ما
_________________________
(1) المصدر السابق : ص 132 .
(2) سورة الأعراف : 33 .
(46)
حرّم بالسنّة هل هو مثل ما حرم بالقرآن أم لا ) (1) وهذا دليل على عدم تحريم المتعة .
الثالث : تكرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم في إباحته المتعة وتحريمها ، يوجب العبث في الشريعة الإسلامية وعدم استقرار الأحكام الشرعية ، مع أن حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة ، فإذا كانت المتعة حلالاً وقد أباحها النبي صلى الله عليه وآله وسلم يلزمه استمرار هذه الإباحة وذلك للشك في تحريمها فيرجع إلى أصل إباحتها .
الرابع : وأما دعوى الإجماع وانعقاده على تحريمها فدعوى باطلة لمخالفة جمع من الصحابة لهذا الإجماع يقول أبو بكر الطرسوسي : ( ولم يرخص في نكاح المتعة إلاّ عمران بن الحصين وابن عباس وبعض الصحابة وطائفة من أهل البيت ) وقال أبو عمر : ( أصحاب ابن عباس من أهل مكة واليمن كلهم يرون المتعة حلالاً وعلى مذهب ابن عباس ) (1) .
ولأجل ذلك بطل الإجماع المدّعى على الحرمة خصوصاً وأنه لا إجماع في مقابل النص ، وقد ورد
_________________________
(1) القرطبي : نفس المصدر :ص 133 .
(2) نفس المصدر : ص 133 .
(47)
النص في إباحتها .
(9) تفسير البغوي وإباحته المتعة :
يقول البغوي في تفسير قوله تعالى : ( فما استمتعتم به منهن ... ) وقال آخرون : هو نكاح المتعة وهي أن تنكح امرأة إلى مدة .. وكان ذلك مباحاً في ابتداء الغسلام . ويقول أيضاً : ( وكان ابن عباس رضي الله عنه يذهب إلى أن الآية محكمة وترخص في نكاح المتعة . روي عن أبي نضرة قال : سألت ابن عباس رضي الله عنه عن المتعة فقال : أما تقرأ في سورة النساء : ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ) ؟ قلت : لا أقراها هكذا ، قال ابن عباس : هكذا أنزل الله ، ثلاث مرات ...) قال الربيع ابن سليمان : سمعت الشافعي رضي الله عنه يقول : لا أعلم في الإسلام شيئاً حرم ثم أحل ثم حرم غير المتعة ) (1) .
(10) تفسير الخازن :
وأما الخازن فيقول في تفسيره : ( وقال قوم المراد
_________________________
(1) تفسير البغوي : الطبعة الثانية دار المعرفة بيروت ج1 ص 414 .
(48)
من حكم الآية هو نكاح المتعة ، وهو أن ينكح امرأة إلى مدة معلومة بشيء معلوم ، فإذا انقضت المدة بانت منه بغير طلاق ... وكان هذا في ابتداء الإسلام ثم نهى رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم عن المتعة فحرمها ) (1) . ثم ذكر الروايات الواردة عن ابن عباس في قوله : واختلفت الروايات عن ابن عباس في المتعة ، فروي عنه أن الآية محكمة وكان يرخص في المتعة ... ) (2) وهذا يخالف ما يراه من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن المتعة ، وبهذا يحكم على ابن عباس بتحليل وإباحة ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وهو كما ترى لا يصح الركون إليه .
(11) تفسير ابن كثير
يقول ابن كثير في تفسير آية المتعة : ( وقد استدل بعموم هذه الآية على نكاح المتعة ، ولا شك أنه كان مشروعاً في ابتداء الإسلام ، ثم نسخ بعد ذلك ، وقد ذهب الشافعي وطائفة من العلماء إلى أنه أبيح ثم نسخ ثم أبيح ثم نسخ مرتين ، وقال آخرون : أكثر من
________________________
(1) تفسير الخازن : دار الكتب العربية مصر ج1 ص 266 .
(2) المصدر نفسه : 366 .
(49)
ذلك ، وقال آخرون : إنما أبيح مرة ثم نسخ ... وقد روي عن ابن عباس وطائفة من الصحابة القول بإباحتها للضرورة ، وهو رواية عن الإمام أحمد ، وكان ابن عباس وأبيّ بن كعب وسعيد بن جبير والسدي يقرأون : ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة ) وقال مجاهد : نزلت في نكاح المتعة ) (1)
أقول : أما قوله : ( وقد روي عن ابن عباس وطائفة من الصحابة القول بإباحتها للضرورة ) يبطله استمرارية إباحتها بنص قراءة ابن عباس وابيّ بن كعب وسعيد بن جبير والسدي من ذكرهم للأجل في قولهم ( إلى أجل مسمى ) .
وأما قول ابن كثير : ( والعمدة ما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر ) (2) فهو تشبث بالطحلب
__________________________
(1) تفسير ابن كثير : الطبعة الأولى بيروت 1966 ج2 ص 44 .
(2) المصدر السابق : 245 .
(50)
يبطله أيضاً ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من أن آية المتعة نزلت في كتاب الله وعمل بها الصاحابة ولم ينزل قرآن يحرمها ولم ينه عنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى مات ، وعمل بها في زمن أبي بكر وشطراً من حياة عمر ، فإن كانت هذه الرواية صحيحة فقد بطل القول بتحريمها من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنها نص صريح بعدم التحريم وإن لم تكن صحيحة يلزمه عدم صحة ما في الصحيحين وهذا ما لا يرتضيه ابن كثير . أما إذا قلنا بصحة الروايتين ، الرواية القائلة بتحريمها يوم خيبر – مع أن إباحة المتعة متأخرة عن خيبر – فبمقتضى الجمع بين الروايتين المتعارضتين السقوط ، والرجوع إلى الأصل ولما كان الأصل فيها هو الإباحة بإجماع المسلمين فيتعين القول بالإباحة ، إضافة إلى ذلك فإن رواية التحريم مضطربة فهي لا تقف في وجه روايات الإباحة لتضاربها وعدم استقرارها مما يوهن تلك الرواية ، ويقوي روايات الإباحة لوجود العاضد من القرآن الكريم ، وإجماع المسلمين ومن هنا تثبت استمرارية المتعة .
إلى هنا انتهينا من عرض الروايات المروية في
(51)
كتب أهل السنة على إباحة المتعة ، وهناك الكثير من المصادر تركنا التعرض لها وذلك للإختصار ، فما ذكرناه ففيه الكفاية لطالب الحق ، وحفظ الشريعة من التغيير والتبديل استقينا ذلك من أصح الكتب والتفاسير عند أهل السنة ، ومن أراد المزيد فعليه أن يرجع إلى المصادر التالية :
(1) جامع الأصول لابن الأثير .
(2) تيسير الوصول لابن الديبع ج 4 ص 262 .
(3) زاد المعاد لابن القيم ج1 ص 219 ، 444 .
(4) فتح الباري لإبن حجر ج9 ص 141 .
(5) كنز العمال للمتقي الهندي ج8 ص 292 ، 293 .
(6) مالك في الموطأ ج2 ص 30 .
(7) الشافعي في كتاب الأم ج 7 ص 219 .
(8) البيهقي في السنن الكبرى ج5 ص 21 ج7 ص 206 .
(9) تفسير الثعلبي .
(10) تفسير أبي حيان ج3 ص 218 .
(11) أحكام القرآن للجصاص ج1 ص 342 –345 و ج 2 ص 178-179 .
(52)
(12) النهاية لابن الأثير ج 2 ص 249 .
(13) الفائق للزمخشري ج1 ص 331 .
(14) لسان العرب لابن منظور ج19 ص 166 .
(15) تاج العروس ج10 ص 200 .
(53)
(54)
موقف الخليفة الثاني من زواج المتعة
إن المتتبع للروايات التي وردت في كتب أهل السّنة المشار إليها يقطع بأن موقف الخليفة الثاني عمر بن الخطاب كان موقفاً معاكساً لمشروعية المتعة ، فجميع تلك الروايات تنص على أن المحرم لها هو الخليفة نفسه وذلك في قوله المشهور : ( متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما ) وهذه شهادة صريحة منه رضي الله عنه على إباحتها وأن الناهي عنها باعترافه هو نفسه مع شهادة كثير من الصحابة والتابعين بذلك ، ومن هنا كان موقف الشيعة من زواج المتعة مخالفا لموقف أهل السنة ، فالشيعة – استنادا على آية المتعة وما ورد من نصوص على إباحتها – تمسكوا بالآية وألخبار الناصة على حليتها وإباحتها .
(55)
(56)
النظرة الإجتماعية لزواج المتعة
لا شك أن الإسلام هو الطبيب الإجتماعي الكبير الذي أنزله الله تعالى لعلاج مشكلات الإنسان في شتى جوانب حياته ، وإشباع جميع غرائزه إشباعاً كاملاً ولما كانت غريزة الجنس إحدى هذه الغرائز بل اشدها خطراً على المجتمع ، عمد الشارع المقدس إلى إشباعها بتشريعه النكاح ، وجعل له أبعاداً وشروطاً لا يجوز أن يتخطاها حفاظاً على صيانة المجتمع من التحلل والوقوع في مهاوي الفساد ، ولهذا أباح له من الزواج الدائم مثنى وثلاث ورباع إشباعاً لتلك الغريزة المختلفة في طباع أفراد الإنسان شدة وضعفاً ، فرب رجل لا يكتفي بواحدة وهو قادر على التزويج بأكثر وقد لا يقدر بعضهم على أن يقوم بما يجب عليه من الإنفاق لأكثر من واحدة مع حاجته الملحة إلى ثانية وثالثة ، فإما أن يقع في المحرم عن طريق غير مشروع وإما أن يكون
(57)
له طريق آخر يبعده عن الوقوع في الحرم ، ولما كان الإسلام بوصفه آخر أطروحة سماوية لم يغفل هذه الناحية ، لذا أباح المتعة لئلا يقع مثل هذا الصنف من الرجال في جريمة الزنا فيتزوج بأكثر من واحدة من طريق المتعة ، ولهذا كان سبب وقوع المجتمع في الزنا هو تحريم المتعة . ومن هنا كانت المتعة رحمة رحم الله بها أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم على حد تعبير ابن عباس ، وبهذا الزواج يتخلص المرء من الوقوع في الحرام . كما أن هذا النوع من الطيبات التي أحلت لقيام مجتمع طيب قائم على الإرتباط المشروع دون الإرتباط والعلاقة المحرمة (1) . ولهذا كانت حكمته سبحانه حكمة سامية وغاية شريفة عالية وهي بقاء النسل وحفظ النوع ، فلو خلي الإنسان من الغريزة لبطلت أو ضعفت فيه الجبلة الإنسانية ، وعلى هذا لا يبقى للبشر على مر الأحقاب عين ولا اثر . يقول آل كاشف الغطاء : ( من تلك الشرائع مشروعية المتعة ، فلو أن المسلمين عملوا بها على أصولها الصحيحة من العقد والعدة والضبط
____________________
(1) انظر الكاظمي القزويني المتعة بين الإباحة والحرمة .
(58)
وحفظ النسل منها لانسدت بيوت المواخير وأوصدت أبواب الزنا والعهار ، ولارتفعت أو قلت ويلات هذا الشر على البشر ، ولأصبح الكثير من المومسات المتهتكات مصونات محصنات ، ولتضاعف النسل وكثرت المواليد الطاهرة واستراح الناس من اللقيط والنبيذ وانتشرت صيانة الأخلاق وطهارة الأعراق ....
ولله در عالم بني هاشم وحبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في كلمته الخالدة التي رواها ابن الأثير والزمخشري في الفائق وغيرهما حيث قال : ما كانت المتعة إلاّ رحمة رحم الله بها أمة محمد ولولا نهيه عنها ما زنى إلا شقي ... وفي الحق أنها رحمة واسعة وبركة عظيمة ولكن المسلمين فوّتوها على أنفسهم وحرموا من ثمراتها ، وخيراتها ووقع الكثير في حمأة الخنا والفساد والعار والنار والخزي والبوار : ( أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ) فلا حول ولا قوة إلاّ بالله . (1) .
ويقول أيضا : ( أما النظر من الوجهة الأخلاقية
______________________
(1) انظر آل كاشف الغطاء : أصل الشيعة ص 112 – 113 .
(59)
والإجتماعية ، فأقول : أليس دين الإسلام هو الصوت الإلهي والنعمة الربوبية الشجية التي هبت على البشر بنسائم الرحمة .... وجاءت لسعادة الإنسان لا لشقائه ولنعمته لا لبلائه ، هو الدين الذي يتمشى مع الزمان في كل أطواره ويدور مع الدهر في جميع أدواره ، ويسد حاجات البشر في نظم معاشهم ومعادهم وجلب صلاحهم ودرء فسادهم ، ما جاء دين الإسلام ليشق على البشر ويلقيهم في حظيرة المشقة وعصارة البلاء والمحنة ... كلا بل جاء رحمة للعالمين ، وبركة على الخلق أجمعين ، ممهداً سبل الهناء والراحة ووسائل الرخاء والنعمة ، ولذا كان أكمل الأديان ، وخاتمة الشرائع إذ لم يدع نقصاً في نواميس سعادة البشر يأتي دين بعده يكمله ، أو ثلمة في ناحية من نواحي الحياة فتأتي شريعة أخرى فتسدها ) (1)
وبالختام أرجو من الأخوة المسلمين لا سيما من يريد الحقيقة والمحافظة على شريعة الله من أن تمسها يد التغيير والتبديل أن يتركوا التعصب وينظروا بعين
____________________________
(1) المصدر السابق : ص 112 –113 .
(60)
البصيرة والإنصاف إلى ما جاء في هذه المسألة من أقوال وآراء ومن تدليل واستدلال على صحة زواج المتعة ، وهذه الآراء مأخوذة من كتب علماء أهل السنة ومفسريهم لتكون أقرب إلى الإستدلال على حلال محمد صلى الله عليه وآله وسلم لكي نرفع الفرقة عن هذه الأمة التي مزقها الخلاف والإختلاف ، راجين من المولى أن ينفع بهذا السفر المؤمنين لما فيه خير الإسلام والمسلمين . والحمد لله رب العالمين

(61)
قال الامام علي عليه السلام
{ ما حاججة عالماً إلا و غلبته وما حاججني جاهلا إلا وغلبني
  #2  
قديم 12-06-2000, 10:59 AM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Post

بادئ ذي بدء، لابد من التذكير بأن استنباط الأحكام الشرعية في الإسلام يحتاج إلى (أصول الفقه) و(القواعد الفقهية) لفهم النص، ولا يقتصر على إيراد النص الصحيح، لأن الأمر والنهي الإلهي بينه فعل النبي؛ صلى الله عليه وسلم؛ وأوامره ونواهيه وتقريراته، وكان؛ عليه الصلاة والسلام؛ يفتي في المسألة الواحدة - أحيناً - بأكثر من قول بما يقتضيه الحال، مع ملاحظة التدرج في التشريع، وهو أحد أهم مميزات الفقه الإسلامي. فلا غرو إذن أن ترد عدة أحاديث صحيحة في مسألة واحدة بأكثر من حكم. ولذلك كان من المهم معرفة: سبب ورود الحديث، ومعرفة المتقدم والمتأخر، والناسخ والمنسوخ، والعام والخاص من الأحاديث، تماماً كمعرفة ذلك في الآيات الشريفة.

ولا يخفى أن استنباط الحكم، والتمييز بين النصوص هو أحد أهم ميزات المجتهد عن المقلد.

ومن جملة ما ورد في المسألة نعرف أن نكاح المتعة أو النكاح المؤقت، كان حلاً في أوقات معينة أباحها فيه الشارع الكريم، تماماً كالخمر.
وهو عقد عرفه أهل الجاهلية، وتدرج الإسلام في تحريمه، ونسخه القرآن الموحى به، ونهى عنه النبي؛ صلى الله عليه وسلم؛ في حياته، كما نهى - أي حرم - أكل لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، والحديث مروي عن الإمام علي بن أبي طالب؛ رضي الله عنه. (انظر: عمدة الأحكام لابن دقيق العيد، ص4/36). وما يروى عن الخليفة الشهيد عمر بن الخطاب؛ رضي الله عنه؛ من تحريم المتعة، إنما جاء في معرض تذكير عمر بالتحريم، ومتابعة المخالفين، لا أنه حرمه ابتداءاً من عند نفسه، مبتدعاً، وحاشا له أن يبتدع ولا يتبع.

ونكاح المتعة كان في صدر الإسلام، وقرأ ابن عباس وأُبيّ وابن جبير: {فما استمتعتم به منهن - إلى أجل مسمى - فآتوهن أجورهن}، ثم نهى عنها النبي؛ صلى الله عليه وسلم.
وقال سعيد بن المسيب: (نسختها آية الميراث إذ كانت المتعة لا ميراث فيها). وقالت عائشة والقاسم بن محمد: (تحريمها ونسخها في القرآن، وذلك في قوله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين}، وليست المتعة نكاحا ولا ملك يمين).
وروى الدارقطني عن علي بن أبي طالب؛ كرم الله وجهه؛ قال: (نهى رسول الله؛ صلى الله عليه وسلم؛ عن المتعة، قال: وإنما كانت لمن لم يجد، فلما نزل النكاح والطلاق والعدة والميراث بين الزوج والمرأة نُسخت).
وروى عن علي؛ رضي الله عنه؛ أنه قال: (نسخ صوم رمضان كل صوم، ونسخت الزكاة كل صدقة، ونسخ الطلاق والعدة والميراث المتعة، ونسخت الأضحية كل ذبح).
وعن ابن مسعود قال: (المتعة منسوخة، نسخها الطلاق والعدة والميراث).
وروى عطاء عن ابن عباس؛ رضي الله عنهما؛ قال: (ما كانت المتعة إلا رحمة من الله تعالى، رحم بها عباده، ولولا نهى عمر عنها ما زنى إلا شقي).
واختلف العلماء كم مرة أبيحت ونسخت، ففي صحيح مسلم عن عبدالله: قال: (كنا نغزو مع رسول الله؛ صلى الله عليه وسلم؛ ليس لنا نساء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل.
قال أبو حاتم البُستي في صحيحه: قولهم للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا نستخصي؟ دليل على أن المتعة كانت محظورة قبل أن أبيح لهم الإستمتاع، ولو لم تكن محظورة لم يكن لسؤالهم عن هذا معنى، ثم رخص لهم في الغزو أن ينكحوا المرأة بالثوب إلى أجل، ثم نهى عنها عام خيبر، ثم أذن فيها عام الفتح، ثم حرمها بعد ثلاث إلى يوم القيامة.
وقال ابن العربي: (وأما متعة النساء فهي من غرائب الشريعة لأنها أبيحت في صدر الإسلام ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت في غزوة أوطاس، ثم حرمت بعد ذلك، واستقر الأمر على التحريم، وليس لها أخت في الشريعة إلا مسألة القبلة، لأن النسخ طرأ عليها مرتين ثم استقرت بعد ذلك).
وقال غيره ممن جمع طرق الأحاديث فيها: (إنها تقتضي التحليل والتحريم سبع مرات، فروى ابن أبي عمرة أنها كانت في صدر الإسلام، وروى سلمة بن الأكوع أنها كانت عام أوطاس، ومن رواية علي تحريمها يوم خيبر، ومن رواية الربيع بن سبرة إباحتها يوم الفتح. قلت: وهذه الطرق كلها في صحيح مسلم وفي غيره عن علي؛ كرم الله وجهه؛ نهيه عنها في غزوة تبوك، رواه إسحاق بن راشد عن الزهري عن عبدالله بن محمد بن علي عن أبيه عن علي، ولم يتابع إسحاق بن راشد على هذه الرواية عن ابن شهاب، قاله أبو عمر؛ رحمه الله؛ وفي مصنف أبي داؤد من حديث الربيع بن سبرة النهي عنها في حجة الوداع، وذهب أبو داؤد إلى أن هذا أصح ما روى في ذلك، وقال عمرو عن الحسن: ما أحلت المتعة قط إلا ثلاثاً: في عمرة القضاء، ما حلت قبلها ولا بعدها. وروى هذا عن سبرة أيضا. فهذه سبعة مواطن أحلت فيها المتعة وحرمت.
قال أبو جعفر الطحاوي: (كل هؤلاء الذين رووا عن النبي؛ صلى الله عليه وسلم إطلاقها؛ أخبروا أنها كانت في سفر، وأن النهي لحقها في ذلك السفر بعد ذلك فمنع منها، وليس أحد منهم يخبر أنها كانت في حضر).
وكذلك روى عن ابن مسعود.
فأما حديث سبرة الذي فيه إباحة النبي؛ صلى الله عليه وسلم؛ لها في حجة الوداع فخارج عن معانيها كلها، وقد اعتبرنا هذا الحرف فلم نجده إلا في رواية عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز خاصة، وقد رواه إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، فذكر أن ذلك كان في فتح مكة، وأنهم شكوا إليه العزبة فرخص لهم فيها.
(انظر تفصيل ذلك في: تفسير القرطبي، ص5/130-131)

والمنسوخ - كما يعرف طلاب العلم - لا يعمل به، ويذكر في أبواب الفقه عناية من المسلمين بتاريخ وتدرج التشريع.

ومن عقد في الإسلام متعة، يصح عقده ويبطل شرطه، فيتحول تلقائياً إلى نكاح دائم، إذا استوفى الشروط والأركان المطلوبة لصحة العقود.
ومن عقد متعة أو اشترط التوقيت، لا يقام عليه حد الزنى بإجماع من يعتد به من أهل العلم.

أما تطبيقات نكاح المتعة المعاصرة، فتدعو القائلين باستمرار حليته من أهل الفرق إلى إعادة النظر في قولهم لما يترتب عليها من المفاسد النفسية والاجتماعية ولما في تصرفات البعض من الأذى والامتهان للمرأة التي تقبل بالزواج المؤقت وكأنها - والعياذ بالله - متكسبة به، أو تتخذه متنفساً لمشاعرها الجنسية، مما يهبط بها اجتماعياً إلى رتبة لا يرضاها المعممون المفتون بحليته لبناتهم وأخواتهم، ومما يحول بين بيوتات العلم والسياسة والتجارة (في المجتمع الشيعي) وممارسة هذا النوع من العقود الذي يصبح مقصوراً على شرائح من المجتمع منبوذة داخل مجتمعات الإباحة نفسها.

إن حكمة التشريع الشريف للنكاح الدائم أبلغ وأوضح من أن تحتاج إلى مزيد شرح. وإن المفاسد المترتبة على صور أنكحة الجاهلية التي حرمها الإسلام دفعة واحدة أو بالتدرج لا تخفى كذلك على عاقل.
ونسأله تعالى الهداية.

على الأخ الذي يستشهد بكلمات الإمام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، أن يضبطها كتابة ولغة ما ينسبه إليه وهو أحد أفصح العرب. والكلمة نفسها منسوبة في أكثر من مرجع للإمام الشافعي، رحمه الله، أعني قوله:
(ما حاجّني جاهل إلا غلبني، وما حاججت عالماً إلا غلبته).
  #3  
قديم 12-06-2000, 07:21 PM
الحواري الحواري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2000
المشاركات: 54
Post

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه ......ز ثم أما بعد :
أم قولك أن أهل التفسير والعلم قد أجمعوا على نزول آيه النساء في المتعة فهذا غير صحيح فكبار أهل التفسير مثل : ابن الجوزي وابن كثير والزجاج والطبري والنحاس والجصاص والشوكاني والألوسي وغيرهم أجمعوا على نزول هذه الآية في النكاح الصحيح ثم ذكروا بعد ذلك الرأي الآخر والأصح أن يقال أن جماهير أهل العلم أنها(أي الآية) إنما نزلت في النكاح الصحيح .وقد أجمعت الفرق المنتسبة إلى الإسلام من اسماعيليه وخوارج وزيدية وقبلهم أهل السنة على تحريمها ولم يخالف سوى الإثني عشرية .
الاستدلال على تحريمها من كتاب الله :
لا بد للمسلم ان ينظر إلى سياق الآيات ماسبق وما لحق وإلى آراء العلماء لفهم كتاب الله تعالى ولو قرأ الإنسان ما قبل هذه الآية وما بعدها لعلم أنها ليست في المتعة في شيء حيث ان الله تبارك وتعالى ذكر المحرمات من النساء وبين ما لا يجوز أن يتكح من الأقارب ثم بعد ذلك الآية فالآيات لإذا في النكاح الصحيح وليس في المتعة.
الأمر الآخر أن الله تعالى قال ( محصنين ) والمتعة لا تحصن صاحبها عند الشيعة فقد روي عن اسحق قال سألت أبا عبدالله الرجل
إذا هو زنا وعنده الامة يطؤها تحصنه الامة قال نعم قال فإن كانت امرأة متعة أتحصنه قال : لا ) وسائل الشيعة ج28 ص68 . فالآية إذن ليست في المتعة بل في النكاح الصحيح .
ثم قال تالى بعد ذلك ( ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم ) ولم يرشد جل شأنه من لا يستطيع النكاح إلى المتعة مع أن نكاح الأمة أغلى من نكاح المتعة. فتأمل ولكن لما أرشده إلى ملك اليمين بعد عجزه عن الزواج تبين أن لا متعة .
وكذلك قوله تعالى ( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله ) ولم يقل وليستمتع مع أنها على نفس الوزن ولا تكلف المتعة شيئا ( كف من بر ).
هذا بالنسبة للآية الكريمة أما الأحاديث التي أوردتها من الصحاح
فبداية نحن نقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أباحها ثم حرمها كما في رواية جابر أما رواية عمران بن حصين فإنها إ نما قيلت في متعة الحج لا متعة النساء ولهذا تجد العلماء يوردونها في باب لحج والعمرة .وقد اجمع العلماء عل تحريمها من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم وممن نقل الإجماع القاضي أبي عياض والخطابي وابن الجوزي وغيرهم .
أما قولك اضطراب الروايات فالصحيح أنها أبيحت ثم حرمت ثم أبيحت ثم حرمت فإن قلت ان هذا من العبث لزمك أن تقول نفس الشيء عن تحويل القبلة بل إن الرسول أباحها لمصلحة ثم حرمها لانتفاء هذه المصلحة ولا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم
وأما تحريم عمر لها : فقد فعلة امام جموع الصحابة ولم يعارضه أحد بل ثبت أنهم لم يطيعوه في متعة الحج وخالفوه كما فعل الإمام علي رضي الله عنه وإنما أطاعوه في متعة النساء لأنهم يعلمون ان النبي حرمها من قبل .
أم قولك عن الآية على قرااءة ابن مسعود فأقول إنها لم تثبت وليست من القرءات السبع أو العشر وإن صحت فهي من المنسوخ .
وهذه بعض الروايات في كتب الشيعة :

ورد في الاستبصار عن على رضي الله عنه قال : إن رسول الله حرم المتعة يوم خيبر ولحوم الحمر الأهلية )3/142
وكذلك ورد في الوسائل والتهذيب عن الأمام علي رضي الله عنه نفس الحديث.
وعن علي قال سألت أبا الحسن (ع) عن المتعة فقال : وما انت وذاك قد أغناك الله عنها ) الوسائل 14/449 الكافي ج5/452 .
وعن المفضل قال سمعتأبا عبدالله يقول في المتعة : دعوها أما يستحي أحدكم أن يرى في موضع العورةفيحمل ذلك على صالحي إخوانه)
الكافي 5/435 المستدرك 14/455.

وعن زرارة قال جاء عبدالله بن عمير ( من أهل السنة ) إلى إبى جعفر (ع) الباقر : ما تقول في متعة النساء ؟ فقال أبو جعفر أحلها الله في كتابه وعلى لسان نبيه , فهي حلال إلى يوم القيامة ـ وذكر كلاما طويلا ـ ثم قال أبو جعفر لعبدالله بن عمير هلم ألاعنك
فأقبل عليه عبدالله بن عمير فقال : يسرك أن نسائك وبناتتك وأخواتك يفعلن ذلك ؟ يقول فأعرض عنه أبوجعفر وعن مقالته حين ذكر نسائه وبنات عمه ) مستدرك الوسائل 14/499
ومعروف أنه إذا جاز حكم الشرع فأشرف بنت فيه كأدناها .
أما بالنسبة لللشروط التي ذكرتها فهي تخالف المرويات عندكم :
عن ابان بن تغلب قال : قلت لأبي عبدالله إني أكون في بعض الطرقات فألقى المرأة الحسناء ولا آمن أن تكون ذات بعل أو من العواهر : قال : ليس عليك هذا ( لاحظ ) إنما عليك أن تصدقها في نفسها !!!!
الكافي 5/462. فأين الولي والشهود وباقي الشروط .
وعن فضل مولى محمد بن راشد قال : قلت لأبي عبدالله : إني تزوجت امرأة متعة ، فوقع في نفسي أن لها زوجا ففتشت عن ذلك فوجدت أن لها زوجا !!قال (أي الإمام ) لم فتشت سبحان الله !!!! النهذيب 7/253 وفي الوسائل ج21/31 . فهل يأمن أحد على عرضه بعد هذه الروايات .
وأما التمتع بالزانية : فعن الحسن بن حريز قال : سألت أبا عبدالله في المرأة تزني ؟ قال أرأيت ذلك قال لا ولكنها ترمى بهفقال نعم تمتع بها على أنك تغادر وتغلق بابك) مستدرك الوسائل 14/458.
التمتع بالأبكار : قال أبو عبدالله : لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من إذن أبيها ) مستدرك الوسائل 14/459 . فأين إذن الولي ؟
وسئل أبو عبدالله عن التمتع بالأبكار فقال هل جعل ذلك إلا لهن فليستترن وليستعففن) من لا يحضره الفقيه 3/297 . أقول أي عفة هذه وهل بقيت عفة؟

عن أب عبدالله قال : وصحب الأربع نسوة يتزوج منهن ماشاء (أي متعة)بغير ولي ولا شهود ) الوسائل 21/64 .
ثم بعد ذلك يقال أن المتعة حلال بل حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والحمدلله رب العالمين .
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م