مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 26-11-2006, 05:15 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي الوحدة العربية والمشروع النهضوي

الوحدة العربية والمشروع النهضوي

بدءا لا بد من التنويه أنه عندما نقول وحدة عربية فإنها تقترن بالمسمى الذي يطلق على الأمة التي كونتها رسالة الإسلام وجعلت منها أمة قوامها اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، والدين الإسلامي الذي التصقت به الثقافات التي أسهمت بها الأمة، فهي تعني بالكتلة البشرية التي تنحدر من أصول عربية وغير عربية وتعتنق الإسلام أو تتعايش مع معتنقي الإسلام في بقعة متجاورة ومتحاذية، وأصبحت شريكة في التراث والهموم والآمال ..

وهي كشأنها في عهود ازدهارها، لم تكن أمة منغلقة ولا شوفينية عنصرية، بل أمة منفتحة على كل الأمم تتعامل مع منتجاتهم الثقافية وتطور عليها وتأخذ منها وتعيد إنتاج تلك المنتجات الذهنية والحضارية، بتفاعل دون تنازل عن أداء رسالتها الدينية، فكان أوج ازدهارها عندما كانت تلتزم بحقها في تبليغ الرسالة السماوية، دون أن تغفل جوانب العلوم الحياتية التي تصب في مصلحة االبشرية جمعاء.

كما أنها تعايشت مع إثنيات عرقية ودينية، دون أن تبخسهم حقهم، لا بل استقطبت من كل أنحاء الأرض المبدعين أو من كانوا يروا في التربة التي تديرها الأمة مشتلا ومصنعا لنمو إبداعاتهم، فكان اليهودي والنصراني يتوجه نحو دور العلم (العربية الإسلامية) لينهل منها ويبدع فيها دون إحساس بالدونية، بل وكانوا يقبلون على تعلم العربية ويؤلفون فيها.

ولم يقترن اسم الأمة ببقعة محددة أو بدولة، فكانت الدولة تتمدد وتتقلص تتسع وتضمر، ولكن الأمة بقيت، فكان أبناء الأمة يتنقلون بين حواضر وعواصم لدول قد لا يلتقي حكامها فيما بينهم، وأحيانا يكونوا في حالة عداء سافر، لكن أبناء الأمة وعلمائها وطلائعها الفكرية والحضارية تتنقل بين ربوع دول دون الإحساس بغربتها .. وهي وحدة المواطن مع أخيه دون حساب للحدود الجغرافية.. ولا أظن أن الحال قد تغير كثيرا حتى هذه الأيام التي نعيشها.

ونحن عندما نقول أمة عربية، لا نتخاصم مع مفهوم الأمة الإسلامية، فالأولى تتجاور بالبقعة وتشكل من أطياف عرقية ومذهبية، لكنها تصلح للانطلاق بمشروعها النهضوي بصورة أكثر عملياتية من المناداة بالعمل، على الثانية التي تشكل عمقا كبيرا للأولى وتشكل عضدا استراتيجيا لها، إضافة الى أن الثانية قد تخضع لعوامل لا يكون فيها المسلمون يشكلون الأغلبية في جميع الأحوال..

وأهمية القول هنا تنبع من تلاقي المشروعين النهضويين الإسلامي والعربي في كثير من النقاط، كما أن الأهمية تظهر للعيان، لما يطرح من مشاريع عدوانية قصدت منذ البدء الانفراد في الأمة العربية (جغرافيا وسياسيا) لكي تؤثر على مشروع حمل الرسالة، فمنذ مؤتمر مدريد المشئوم والذي قصد به تفكيك التكتل العربي الرسمي (وإن كان مهلهلا أصلا) لتتبعه بمشروعات مثل مشروع الشرق الأوسط الكبير لزج الكيان الصهيوني فيه، كمكمل للنوايا التي جعلت به الأقطار العربية (فرادى) في المفاوضات الكئيبة مع الكيان الصهيوني..

لقد تم استغلال ظروف قاسية مرت بها الأمة العربية خلال العقدين الماضيين ورافقها اختلال التوازن العالمي، حتى غدا الرأي الرسمي العربي يجاهر بالتقرب للغرب بشكل سافر ويرضخ لتطلعاته دون ثمن يذكر، تحت مسمى الواقعية، مستعينا بالاستناد للحالة المضطربة التي مرت بها الأمة العربية، ومفسرا تلك الحالة حسب أهوائه أو حسب أهواء الأعداء وما يلتقي معهم في خدمة مشروعهم الخطير.

لقد ظهرت نتائج تلك الهجمات بشكل سافر، عندما قامت طلائع الليبراليين بضخ مثقفيها لقنوات التلفاز لتسفه المناداة بالمشروع النهضوي العربي، قاصدة من ذلك إزاحة وإبعاد النفس القومي عن الحديث الذي أصاب المريدين له الإحباط تلو الإحباط خلال العقدين الماضيين، ومستغلة معاونة أصحاب الفكر الإسلامي الذين لا يفتئون من تصغير فكرة المشروع النهضوي الوحدوي العربي.

وبالمقابل تجند الأبواق لتتهم أصحاب المشروع الإسلامي بالإرهاب، وفق عمل مؤسسي إعلامي صهيوإمبريالي، وقد نجحت الى حد كبير في عمل ذلك الشرخ بين الفصيلين الأكثر خطورة على مشروعهما..فكانت وقائع العدوان على الأمتين متزامنة معا .. فمن حملات تسفيه المشروع الوحدوي العربي، لحملات الهجوم على الرسول الكريم، لفرق التنصير التي جابت أنحاء بلاد المسلمين كافة.

لذا ونحن نطرح مثل هذا الموضوع، ونحن ندرك مديات صعوبة تقبل مثل هذا الكلام، نود أولا أن ندرب أنفسنا على التفكير بشكل يقبل الآخر الذي يلتقي معنا في تحليل ما آلت إليه أوضاع الأمة .. فإن كانت وحوش الغابة تتوحد في إجراءاتها باتقاء الزلازل والحرائق، وتؤجل عدوانيتها لبعضها البعض .. فما بالنا لا نلتقي ونؤجل عداواتنا، خصوصا وأننا في مرحلة حرجة يفصل بين هزيمة المشروع الإمبريالي الصهيوني ومشروعنا النهضوي خيط رفيع!

يتبع
__________________
ابن حوران
  #2  
قديم 09-12-2006, 06:01 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الوحدة : نحو تعريف أبسط !

قد يستغرب القراء طرح عنوان كهذا، بعد أن امتلأت صفحات الكتب والمجلات والجرائد عن هذا الموضوع .. وقد يكون هو نفس السبب الذي دفعني لكتابة عنوان فرعي كهذا.. فقد تم تشويش المواطن العربي بما كتب عن الوحدة أكثر مما وضعه أمام تعريف واضح يجعله يتعامل مع هذا المصطلح بتعاطف وانجذاب نحو السير بما يجعل الوحدة مطلب لكل من يستمع أو يقرأ أو يراقب نشاطا يصب في هذا المسار ..

فمنهم من قال أنها وحدة قومية تضم عرقا اسمه (العرب) ومنهم من قال أنها وحدة وطن اسمه (الوطن العربي)، ومنهم من قال أنها وحدة (روحية) قوامها المؤمنون بتراث الأمة ودينها ولغتها، ومنهم من قال أنها وحدة (نضالية) تصبو الى رفعة البلاد ومواطنيها!، ومنهم من قال أنها وحدة (كونفدرالية) أو فدرالية أو تضامنية أو الخ ليدخل في منهاج وشكل الوحدة ضمن تعريفه وحديثه.

ولو وقفنا عند كل صفة ربطت بالوحدة بما قيل، وتقمصنا دور طرف لا يتفق مع تلك الصفة الملصقة بالوحدة، لرأينا أن هذا الطرف أو ذاك معه الحق في رفض هذا المشروع أو العنوان لأنه ببساطة لا يعنيه، فالكردي لا يعنيه قوة العرب ليسهم في زيادة قوتهم، والأمازيغي لا يحب طمس هويته الخصوصية العرقية تحت عنوان لم يكن من اختياره، والنصراني لا يحب ربط الوحدة العربية بالدين الإسلامي وهكذا، كما أن المنعمين من الوضع القطري لا يحبون بل ويعادون مصطلح الوحدة النضالية التي ترتبط بمنهج يعيد توزيع الثروات ويقلل من هيبة سيادتهم المحصورة في نطاق أضيق ويتكئ على العلاقات الدولية التي ستنتهي الى كونها كخصم في مفهوم الوحدة النضالية ..

لقد تشظى مفهوم الوحدة عند تلك التعريفات الملتصقة بصفات أثارت نوازع رفضها، حتى بات من يحاول طرح موضوع الوحدة، يحس بحرج واستحياء في طرحه، وإن طرحه فإنه سيتوقع من طرحه أن يذهب أدراج الرياح، خصوصا في هذا الوقت الذي باتت القطرية (الحالية) مطلبا غير مضمون صيانته.

إن كان سكان الوطن العربي الآن يزيدون عن 315 مليونا، وإن كان الناطقون بالعربية 422 مليونا، فهذا وحده لا يجعل هؤلاء يندفعون نحو التوحد لاشتراكهم باللغة، فالرصف العمودي يختلف عن الرصف الأفقي في مسائل كهذه، حيث أن محصلة الراغبين بالوحدة قد تتساوى أو حتى تقل عن أولئك الذين لا يرغبون بها لاعتبارات شتى.

لو عدنا لموضوع تعريف الوحدة، وعلى الطريقة (المدرسية) أو التعليمية، فإنها ببساطة: (إنها اندماج دولتين أو أكثر بدولة واحدة ذات كيان دولي واحد وذات سيادة كاملة) . فتصبح عناصر الدولة الموضوعة بدوائر المعارف، الوطن والشعب والحكومة والسيادة ..هي مجموعة معنوية واحدة ضمت ما سبقها وتخلت عما سبقها من اعتبارات، والأمثلة كثيرة في ألمانيا (بسمارك) وبعد اتحاد الألزاس واللورين وغيرها من المقاطعات التي كونت فرنسا، وغيرها الكثير من الأمثلة وآخرها اليمن ..

ولو أردنا الالتفات لمناقشة الأدبية التي كتبت في موضوع الوحدة العربية، سنجدها مسألة فكرية سياسية حاولت ربط الواقع كمشهد بائس سياسيا واقتصاديا و معنويا، بمستقبل يتجاوز هذا البؤس و يعيد الشعور بالانتماء بشكل يسمو فوق حالة انعدام الوزن التي يحس بها أبناء الوطن العربي. سنجد حينها عوامل اتفق عليها الكثير من المفكرين جعلوها مبررات لتوحد الأمة، وهي الروابط القومية كاللغة والتاريخ والتراث المشترك والأدب والصلات الحضارية والعوامل العرقية ووحدة الأرض وترابط أجزاء الوطن، أي مجموع العوامل التي تكوِن الروابط الروحية التي تربط الأمة العربية. يضاف إليها المصالح المشتركة المادية (الاقتصادية) والصراع مع الاستعمار والصهيونية، وهذه العوامل تخلق وحدة الشعور بين أبناء الأمة العربية.

لكن هل وحدة الشعور هي الوحدة؟ إن ذلك لا يتفق مع التعريف الذي أوردناه، فوحدة الشعور تتعلق بالحالة النفسية والفكرية للشعب العربي، والوحدة أمر يتعلق بكيان الدولة، ووحدة الشعور عامل أو أرضية يدفع باتجاه التفكير الإجرائي، في حين الوحدة هي إجراء عملي يقع في وقت محدد يحدث بسببه تغيير في كيان الدولة وزوال أجزائها، وهو بدوره يعيد تغذية الشعور بالوحدة لصيانتها من التشرذم من جديد.

لكن ونحن نتحدث عن وحدة الشعور، لا بد من الحديث عن وحدة النضال من أجل الوحدة، فالتعبير عن مشاعر الغضب في المظاهرات ينبئ بوحدة أبناء المغرب العربي مع أبناء المشرق العربي من حيث مشاعرهم في الاستياء مما يحيط بالأمة من أعمال تستهدف تخريبها و الاستمرار بإنهاكها، وهذا قابل لأن يتحول لإجراء نضالي، إذا ما عرفنا أن محركات مخازن الرأي العام تتمثل بالمنظمات الجماهيرية النقابية والحزبية وغيرها، فكلما تطورت وحدة التنسيق بين تلك المنظمات كلما تطور النضال من أجل الوحدة ..

ولكن الذين يخشون تصاعد هذا النمط من النضال، يقولون أن هناك جامعة عربية تقوم بهذا الدور ولها ميثاق عمل وفيها من المؤسسات والأجهزة ما يشمل التوحد الثقافي والاقتصادي وحتى السياسي، ولسنا بحاجة للتفكه من هذا القول، فعمل الجامعة أشبه بسير السلحفاة التي تتسابق مع صاروخ ..

يتبع
__________________
ابن حوران
  #3  
قديم 15-12-2006, 06:48 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الوحدة : نحو تعريف أبسط !

الخلط و الأفكار الوحدوية

اتخذت شرائح واسعة من المثقفين مواقف متذبذبة من موضوع الوحدة، وكان للخلط الثقافي الذي اجتاح المنطقة خلال ما يزيد على القرن، الأثر الأكبر، وبالذات تلك الأفكار المتعلقة بالشيوعية والاشتراكية، فكانت ردود الفعل تتفاوت بين محارب لها من باب وحدة النضال العالمي (حسب رأي الشيوعيين) ومنها ما يتعلق بوحدة نضال المسلمين (حسب رأي الإسلاميين) .. كما استغل ردود الفعل تلك جهات لا تفكر بالوحدة لا القومية ولا الإسلامية ولا الأممية ..

وعلينا هنا أن نحاول تسليط الضوء على اللبس الثقافي في موضوع الوحدة من خلال ربطها بمجموعة من المفاهيم التي ألصقت بها من باب الظن الحسن أو الظن السيئ، وسواء كانت حقيقية أو من باب الافتراء ..

أولا: هل الوحدة مشروطة بالاشتراكية ؟

حسب التعريف المبسط الذي أوردناه، لن تكون الوحدة مشروطة بالاشتراكية وليست ضدها ـ بطبيعة الحال ـ فتطبيق النظام الرأسمالي أو الاشتراكي شيء والوحدة شيء آخر. فالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وغيرهما الكثير من دول العالم ذات النظام الرأسمالي وموَحدة و تحافظ على وحدتها، كذلك هناك دول ذات نظم اشتراكية تحافظ على وحدة بلادها كالصين والاتحاد السوفييتي (سابقا) ويوغسلافيا وغيرها .. فلا علاقة للوحدة بطبيعة النظام.

ثانيا: هل الوحدة مشروطة بالديمقراطية ؟

يظن البعض أن الوحدة تأتي مع وضع ديمقراطي ويتذكرون توجه الفرنسيين والأمريكان نتيجة نمو الشعور الديمقراطي بعد كتابات مونتسكيو وفولتير وجان جاك روسو وغيرهم التي تزامنت مع وحدة فرنسا وتحقق الثورة الفرنسية. ولكن ليس هناك علاقة بين طبيعة النظام ديمقراطيا كان أم ديكتاتوريا، فلا علاقة لذلك مع موضوع الوحدة، ألم يوصف النظام السوفييتي والصيني وغيره من الأنظمة على أنها نظم شمولية ( ديكتاتورية) .. وكانت وحدة بلادها قائمة؟

ثالثا: هل الوحدة مشروطة بشكل النظام ملكي أم جمهوري؟

كما ناقشنا الثنائيات السابقة يمكن أن نناقش تلك المسألة، فليس هناك علاقة بين شكل الحكم وموضوع الوحدة، فماليزيا وبريطانيا و غيرها نظم ملكية اتحادية، كما أن هناك الكثير من جمهوريات العالم تصون وحدتها .

رابعا: الديانة والمذهب

إن التوجه للوحدة أو صيانة الوحدة ليس له علاقة بالدين أو المذهب، ففي الهند هناك ما يزيد على المائة ديانة ومع ذلك يحرص أبناء تلك الديانات على صيانة وحدة بلادهم، وهذا الكلام يقال عن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والكثير من دول العالم المتحدة ..

خامسا: القومية واللغة

ليس هناك دولة في العالم تخلو من تعدد القوميات، وتتعدد بها اللغات أو اللهجات، وتكاد منطقتنا العربية تكون أقل اختلافا من الهند أو الولايات المتحدة أو جنوب إفريقيا أو إيران أو أفغانستان، ومع ذلك فإن التوجه نحو الوحدة عند أبناء أمتنا يصطدم باعتراضات متعددة يلتقي فعلها مع أصداء مَطالِب استعمارية مشبوهة.

سادسا: هل الوحدة مشروطة بالتقدمية أو الرجعية

لا تختلف محاكمة تلك النقطة عن سابقاتها.. ونحن إذ نناقش تلك المسألة لا يعني أننا ليس معنيين بموضوع الديمقراطية أو شكل النظام أو نمط الحكم، لكننا نحاول الإشارة لمطلب الوحدة كونه مطلب يمكن تكييفه مع مختلف أصناف المثقفين واعتقاداتهم الفكرية، كمطلب قد يتفقون عليه جميعا. ونحن إذ نضع تلك النقاط بشكلها المختصر بشدة، إنما نرغب في تليين نقاط الخلاف التي دأب على إثارتها أبناء الأمة طوال قرن كامل، وحين يوضع مطلب الوحدة أمامهم فإن ليس هناك من يقول منهم أنه ضد الوحدة.

استنتاجات:

1 ـ يجب على كل المثقفين دعم أي توجه وحدوي يقود الى وحدة دولتين أو أكثر من البلدان العربية دون تردد .. فإن قيل لنا ما رأيك بوحدة تونس مع ليبيا؟ علينا الإجابة بالقبول فورا والتأييد وإشاعة الأجواء المساندة لمثل ذلك التوجه.

2ـ يجب على كل المثقفين الابتعاد عن إثارة ما يخص الخلاف داخل القطر الواحد من شأنه أن يعمق فكرة الانفصال، كموضوع الصحراء الغربية، حيث لن يكون من المفرح أن تزداد أعداد دولنا عما هي عليه ونحن نسعى لتصليب التوجه نحو الوحدة.. وهذا يقال عن جمهورية الصومال وجمهورية أرض الصومال أو ما يجري حاليا من دعوات مشبوهة لتقسيم العراق، أو دس الأنف بما يجري بين الفصائل اللبنانية أو الفلسطينية بقصد تقوية طرف ضد آخر.

3ـ عدم الاستهتار وتسفيه أي توجه أو أسلوب من شأنه لم الشمل وتصعيد التوجه نحو الوحدة، كالغمز بدور الجامعة العربية أو مجلس التعاون الخليجي، أو اتحادات النقابات المهنية كاتحاد المحامين العرب والأطباء العرب وغيرها من الأشكال السائدة .. بل دفع تلك الأشكال الوحدوية المتواضعة لتصعيد أدائها في التوجه نحو خدمة الهدف الوحدوي الأسمى.

يتبع
__________________
ابن حوران
  #4  
قديم 24-01-2007, 09:36 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

تجارب وحدوية عالمية ..

نشأت في القرون الثلاثة الماضية تجارب وحدوية في العالم، لو نظرنا إليها ببساطة شديدة، ودون إمعان، لرأينا أن تلك التجارب تتدنى في شروطها الوحدوية عن حال التجربة التي طالما حلمنا بها عربيا ..

التجربة البريطانية و الفرنسية :

كانت بريطانيا في عصور ما قبل التاريخ مأهولة بالسكان (الكلتيين) وهم شعوب جرمانية جنوبية ظهرت في الألف الثاني قبل الميلاد في جنوب شرق ألمانيا، ثم نزحت على مراحل نحو الغرب فوصلت الى غرب فرنسا وبريطانيا وايرلندا. وفي القرن الأول قبل الميلاد احتل الرومان القسم الجنوبي من المملكة المتحدة، أي حوض لندن، وأقاموا حوله سورا واستمروا في حكم البلاد لعام 407م عندما طردهم الإنجليز والساكسون، وهجروا القبائل (الكلتية) لتستقر في أطراف بريطانيا .. (ايرلندا) .. وأقاموا دولتهم الأنجلوساكسونية.. في جنوب انجلترا ..

أصبحت تلك الدولة قوية بعد أن اعتلى عرشها (الفريد الكبير 871ـ899) كما غدت بعد اعتناقها المسيحية في نهاية القرن العاشر الميلادي من أكثر الدول المبشرة بالمسيحية والتي أمدت الحروب الصليبية فيما بعد بالجند والإمكانيات.

أما شكل تلك الدولة فقد كان يتأرجح بين الانكماش والتوسع فتارة تحتل فرنسا ثم تخوض مع الفرنسيين حرب المائة عام (بين 1337ـ 1453) وأحيانا تخوض حروبا على صعيد الطائفة الدينية (بين البروتستانت و الكاثوليك) حيث ما أن يقتنع أحد ملوكها مذهبا ويخوض من أجله الحرب، إلا وأن يظهر معارضون له .. وأحيانا تستنصر أحد ملوك الجوار كملك هولندا (غاليوم) لتعطيه الحكم وتتوحد معه في سبيل نصرة مذهب ضد آخر، وهكذا.

إلا أن شكل الصراع أخذ بعدا مختلفا بعد الثورة الصناعية التي كان أول ظهور لها في بريطانيا، فأصبح الصراع بين الإقطاع و البرجوازية التي نشأت على هامش الثورة الصناعية والحركة الاستعمارية البريطانية. في حين تراجع الخلاف المذهبي ليتنحى جانبا ويعاود الظهور بين حين وآخر..

لقد كانت مملكة اسكتلندا (مساحتها 78.773كم2 وسكانها 6ملايين الآن) وويلز ( مساحتها 20.763كم2 وسكانها الآن3ملايين) وايرلندا التي اقتطع منها الجزء الذي هو الآن تحت حكم التاج البريطاني وسكانه حوالي مليوني نسمة ومساحته 14.121كم2 .. كانت تلك المقاطعات المتحدة مع (إنجلترا 130.367كم2 وسكان حوالي 50مليون) .. يحكمها ملوك أو ملكات تربطهم ببعض صلة القرابة فإما ابن أو ابنة أو صهر ولكنهم في النهاية توحدوا عندما رأوا نجاحا في وحدة جيوشهم وأساطيلهم الاستعمارية .. والتي كانت تحقق لهم الربح الوفير، تمشيا مع القاعدة القائلة (الرابحون يتوحدون والخاسرون يتشرذمون) ..

أما التجربة الفرنسية : يرجع تاريخ فرنسا أو (غاليا) كما كانت تسمى سابقا (La Gaule) الى الألف الأولى قبل الميلاد، حيث استقرت بها قبائل (هالشتات) النمساوية.. واستمرت بحضارتها الى القرن الأول قبل الميلاد، ثم احتل الرومان بلاد (الغال ـ فرنسا) ولكن لم تخضع خضوعا كاملا إلا عام 58ق م في عهد (يوليوس قيصر) وقسم البلاد الى أربعة أقاليم (نربونة، وأكيتان، وليون و بلجيكا) .. وتنصرت فرنسا في القرن الثاني الميلادي، ثم انتشرت الديانة المسيحية في كامل البلاد في القرن الرابع..

في بداية القرن الخامس تعرضت فرنسا لهجوم قبائل البرابرة( الوندال، والفيزيقوط والبورغوند والفرنجة وهم من أصل جرماني) وقد استطاع القائد الفرنجي (كلوفيس) من توحيد بلاد (غالية) عام 481م والتي أصبح اسمها منذ ذلك التاريخ بلاد (الإفرنجة) أو (فرنسا) .. وبعد موت (كلوفيس) انقسمت البلاد الى ثلاث دول، ولم تتوحد إلا على يد (شارل مارتيل) الذي اشتهر كبطل قومي بعد معركة (بلاط الشهداء) مع العرب عام 732م. ثم عادت فانقسمت مرة أخرى لتتوحد بتدخل البابا في تنصيب (شارلمان) عام 800على الغرب كاملا بما فيه (بافاريا) و(الساكس) .. لكنه خسر حربا أمام العرب في معركة (رونسفو) فتقلصت على إثرها مساحة نفوذ أبناءه، فقد خسروا أمام النورمان الذين احتلوا المنطقة التي تعرف اليوم باسم (النورماندي) ..

وكان القرن الرابع عشر الميلادي مليئا بالاضطرابات والحروب، حيث استمرت حروب (المائة عام) مع بريطانيا.. ولم يثبت شكل فرنسا ووحدتها إلا في عام 1871 في فترة الجمهورية (الثالثة) عندما تم ضم (الألزاس) و (اللورين) بعد الاتفاق مع ألمانيا ..

وكانت جهود الوحدة تأخذ طابعا دمويا نتيجة الحروب المستمرة، إضافة لجهود المفكرين والأدباء والفنانين التي كانت تصب في نفس الاتجاه. كما أن الحالة الاستعمارية لنشاط قوى رأس المال كان وراء توحد المشاعر الفرنسية التي كانت منشغلة باستمرار في حروب خارجية في مستعمراتها، مع منافسيها الكبار.


المراجع :

1ـ الموسوعة السياسية / الجزء الأول والجزء الرابع.
2ـ الوحدة العربية/ المشكلات والعوائق/ناجي علوش/منشورات المجلس القومي للثقافة العربية/الرباط/المغرب ط1/1991
__________________
ابن حوران
  #5  
قديم 15-04-2007, 04:02 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

تجارب وحدوية أخرى :

لن نتوسع كثيرا في تجارب الوحدة في العالم، فإن كانتا تجربتا بريطانيا وفرنسا نموذجين صالحين لنمو فكرة الوحدة بقيادة القوى الرأسمالية، التي كانت تتنافس في مستعمراتها في العالم، وإن كانت شعوب تلك الدول التي نشدت الوحدة قد وقفت وراءها برضا أو بالقوة التي كانت لصالح القوى الرأسمالية الحاكمة، والتي تخلصت من تفرد الملك وصنعت أشكالا من الحكم تضمن للملك أن يبقى على عرشه باستمرار وهدوء وشعور بالفخر بدولته القوية .. وضمنت بنفس الوقت مصالح القوى الرأسمالية التي كان لها دور إمبريالي في نفس الوقت .. ولم يكن هذا الوضع يتنافى مع ما يرنو إليه عموم أبناء شعوب تلك الدول التي كانت مصالحهم تتناغم مع مصالح الدولة .. فالوحدة كان لها وظيفة إضافة الى كونها ضرورة ..

هذا النموذج كان في معظم دول أوروبا الغربية، والولايات المتحدة فيما بعد، وقد نفرد ملفا خاصا يفصل الحالات بشكل أكبر في عشرة دول كبرى نختارها للحديث عنها فيما بعد ..

ولكن لربط موضوعنا الأصلي (الوحدة العربية) سنمر على نموذجين حديثين في وحدتهما، ومختلفين عن النموذج السابق التي كانت القيادة في تحقيقه للقوى الإمبريالية، فسنختار نموذج وحدة الهند الذي قادته القوى البرجوازية الوطنية، ونختار نموذج الصين الذي انفجر من وضع شعبي للتخلص من الاستعمار، لنضع مقاربات حول النموذج الذي سنتحدث عنه في منطقتنا العربية ..

نموذج الهند :

الهند (جغرافياً وتاريخياً)


الهند، شبه قارة، تبلغ مساحتها 3.287.590كم2 وسكانها حوالي مليار. تعود الأصول الحضارية التي تم التعرف عليها من خلال علماء الآثار الى الألف الثالث قبل الميلاد من خلال آثار وجدت في مدن (موهنجو ـ دارو) في السند، و(هاربا) في البنجاب، والمدينتان اليوم في (باكستان).

في حوالي عام 1500 ق م جاءت قبائل ( هندية ـ آرية) من جنوب روسيا الحالية، وسكنت الهند وكانت مميزة عن الشعوب التي كانت تسكن الهند، بلون بشرتها ولغتها وتنظيمها الاجتماعي، وتقدمها من حيث استعمال الأدوات الزراعية والصناعية، وتمكنت من الاستئثار ببعض أجزاء الهند الشمالية، ومن فرض معتقداتها الدينية التي أصبحت ـ فيما بعد ـ أساسا للديانة الهندوسية.

وفي القرن الرابع قبل الميلاد، نمت حركتان دينيتان كبيرتان، هما: البوذية، والجاينية.. وفي القرن نفسه غزا الفرس الجزء الشمالي الغربي من الهند، وبعد قرن من الزمان أخضع الاسكندر الكبير تلك المناطق لسيطرته..

أما أول إمبراطورية هندية خالصة، فكانت تدعى (موريا) وقد تأسست عام 324 ق م .. وأشهر ملوكها (أسوكا) الذي حكم بين (274ـ 232 ق م) واعتنق البوذية ونذر حياته في التبشير لها وإقامة المعابد والمغاور للنساك، حيث وجد الكثير من الكتابات على الصخور داخل الكهوف ..

بعد نحو خمسمائة عام أي بين أعوام (320ـ 500م) قامت إمبراطورية قوية في شمال الهند، هي إمبراطورية (غوبتا)، ويعتبر المؤرخون عصرها هو أبهى عصور الهند وأكثرها إبداعا في مجالات النهضة الأدبية والعلمية والفنية والفلسفية ..

وبعد اندثار تلك الإمبراطورية، تفتت الهند الى ممالك صغيرة وكثيرة، تصارع ملوكها فيما بينهم، فمهدت لدخول الفتوحات العربية الإسلامية. وأنشأ الأتراك مملكة لهم في (دلهي) عام 1206م.. وترسخ نفوذ المسلمين، ثم دخل المغول الذين اعتنقوا الإسلام فيما بعد وأنشئوا إمبراطورية إسلامية كبرى عام1526

أما العهود الأوروبية في التدخل، فقد بدأت منذ وصول (فاسكو دي غاما) عام 1498 الى الهند، فأخذ الأوروبيون يؤسسون لمراكز تجارية لهم هناك، وأخذت الصراعات في أوروبا تنعكس على مناطق نفوذ الرأسماليين الإمبرياليين في الخارج، فأسس الإنجليز (شركة الهند الشرقية) وحذا الفرنسيون حذوهم، فأحس الهنود بتغلغل النفوذ البريطاني، فثاروا عدة ثورات أشهرها ثورة عام 1857، التي قمعها الإنجليز بقوة السلاح، وعينوا حاكما عاما للهند عام 1858 واستمر دور الحاكم حتى نالت الهند استقلالها عام 1947.

العروق والقوميات في الهند :

حدد أحد الباحثين العروق التي ينتمي لها سكان الهند بسبعة عروق هي:
1ـ (التركي ـ الإيراني)
2ـ ( الهندي ـ الآري)
3ـ (السكايثو ـ الرافيديان)
4ـ الهندستاني
5ـ ( المنغولي ـ الرافيدي)
6ـ نمط الهملايا الممنغل
7ـ الدرافيدي *1

وهناك 179 لغة، تنتمي الى 5 أصول منفصلة، و 544 لهجة محلية، ولكن اللغات الرسمية للمخاطبة هي ثلاثة ( هندي و أوردو و الإنجليزي) ..
أما الديانات فيقال أن في الهند أكثر من 100 ديانة، لكن تم التعارف على ذكر الهندوسية لتضم الكثير من الديانات الفرعية، وقد كانت الديانات في الهند تتوزع حسب النسب التالية :
عام 1882 هندوس: 74% مسلمون20% سيخ أقل من 1% وكذلك المسيحيين
عام 1982 هندوس 83% مسلمون11% سيخ2% مسيحيون3%

نظرة حول وحدة الهند

هناك من ينظر الى الوحدة الهندية رغم تعدد الأديان والأعراق، بأن وحدة التاريخ التي صهرت النمط الحضاري لكل الأعراق ليعطي في النهاية شخصية هندية واحدة. وهناك من يعتقد أن الاستعمار البريطاني هو من وحد الهنود، عندما اتحدت كل جهودهم في تشكيل عقائدي واحد (حزب المؤتمر الوطني) حيث ضم كل الأطياف، ووضع هدفه الأول التخلص من الاستعمار .. فحقق ذلك ..ولكن عندما تحقق الاستقلال انصرف الناس الى التفكير بغير ذلك، فتشكلت دولة باكستان والتي تشكل منها فيما بعد دولة أخرى انشقت عنها هي (باكستان الشرقية) أو بنغلاديش ..

لقد تحققت وحدة الهند دون عائلة مالكة كما في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، ودون قيادة الفكر الإمبريالي، بل تحققت بتحالف القوى بمختلف قدراتها الاقتصادية واختلافها الأيديولوجي.


هامش
ــــ
الوحدة العربية/ المشكلات والعوائق/ناجي علوش/منشورات المجلس القومي للثقافة العربية/الرباط/المغرب ط1/1991/ ص 22
__________________
ابن حوران
  #6  
قديم 29-04-2007, 04:53 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

نموذج الصين

جغرافيا وتاريخ

تقع جمهورية الصين الشعبية في الجزء الشرقي من قارة آسيا تشترك الصين في حدودها مع 14 دولة : أفغانستان، بوتان، ميانمار، الهند، كازاخستان، قرغيزستان، لاوس، منغوليا، نيبال، كوريا الشمالية، باكستان، روسيا، طاجاكستان و فيتنام. وتعتبر ثالث دولة في العالم من حيث المساحة، إذ تبلغ مساحتها 9.6 مليون كيلومتر مربع، وطول حدودها البرية مع دول الجوار 22.800 كم .. وسواحلها 18ألف كم .. ويتبع لها 5400 جزيرة، والبعد بين طرفيها الشمالي والجنوبي حوالي 5000كم وكذلك هو البعد بين طرفيها الشرقي والغربي تقريبا.. وسكانها يشكلون خمس سكان العالم حوالي 1.3 مليار نسمة.

والديانات الموجودة في الصين: البوذية (13ألف معبد) الطاوية (1600 معبد) البروتستانتية المسيحية (12ألف كنيسة) الكاثوليك (4600 كنيسة وقاعة) المسلمون (30ألف مسجد) .. حيث هناك عشر قوميات تدين بالإسلام وهي: هوي والويغور والقازاق والقرغيز والتتار والأوزبك والطاجيك ودونغشيانغ وسالار وباوآن. وتدين قومية التبت ومنغوليا ولوبا ومنبا وتو ويويقو بالبوذية التبتية (تدعى أيضا اللامية). وتدين قومية داي وبولانغ ودآنغ ببوذية هينايانا (المركبة الصغيرة). ومعظم أبناء قومية مياو وياو ويي يدينون بالكاثوليكية والبروتستانتية. وبعض الهانيين يدينون بالبوذية وبعضهم الآخر بالبروتستانتية والكاثوليكية والطاوية.

نشأة الصين:

لم تتفق الآراء بشكل نهائي حول العصر الذي ظهرت فيه الدلائل الأولى للحضارة الصينية. فبعضها ترجعها الى الألف العاشرة قبل الميلاد، وبعضها الى الألف الخامسة.. ولكن كل الآراء تتفق على أن الحضارة الصينية موغلة في القدم، وكل الآراء تتفق على أن الحضارة الصينية جاءت نتيجة ثلاث ثقافات متكاملة، هي : (يانغ شاو) ومركزها هينان، و (لونغ شان) ومركزها شان دونغ، و (سياو تون) ومركزها هينان أيضا.. ويسبق هذه الحضارات حضارة البرونز.

ويرجع المؤرخون وجود أول أسرة حكمت الصين الى أواخر هذه الحضارة، أي بين 2200و 1800 ق م .. وهي أسرة (كسيا Xia) التي أسسها البطل الخرافي (يو Yu) .. وتوالت الأسر على الحكم، ولن نطيل في سرد تواريخها، لكننا سنؤشر على فترات التفكك والتشرذم وما تبعها من جهود وحدوية وحدت البلاد التي تمزقت ثلاث مرات كانت الممالك الصغيرة فيها بالمئات أحيانا..

الوحدة الأولى :

في نهاية القرن الرابع قبل الميلاد بدأ حكام مملكة (تسين) بضم الممالك المجاورة لهم الى مملكتهم، وقد أدى ذلك بالنهاية الى احتلال كامل الأراضي الصينية من منغوليا ومنشوريا في الشمال، الى المناطق الجبلية الموجودة في جنوب (اليانغ سي) أي النهر الأزرق، وقد تمكن الإمبراطور (تسين شي) الذي بنا سور الصين العظيم والذي حمل اسمه وسميت البلاد بعد ذلك باسمه، من القضاء على ممالك الهان و فاي و تشاو و تشو .. وكان بناءه للسور لصد هجمات المعتدين .. وقد اتسعت البلاد في عهده لتشمل إضافة الى الصين الحالية فيتنام ولاوس وكوريا وغيرها ..

بعد سقوط عائلة هذا الإمبراطور عادت الصين وتقسمت من جديد الى ثلاث ممالك : المنطقة الوسطى للنهر الأصفر وهي مهد معظم منابع الحضارة الصينية ومنطقة النهر الأصفر .. وأسماء المملكات الثلاث هي: (واي) وعاصمتها (ليويانغ) و مملكة (شو) وعاصمتها (شانغ تو) ومملكة (فو) وتشمل معظم جنوب الصين و عاصمتها (فوت شانغ) ..

الوحدة الثانية:

لم تبق دول الصين الثلاث كما هي بل بدأت بالشرذمة من جديد في القرن الثالث الميلادي، وبقيت أعداد الممالك تتزايد حتى القرن السادس، عندما قامت معارك طاحنة بين الأسر المالكة. فبرز أحد الوزراء واسمه (يانغ جيانغ) فأزاح الملوك الواحد تلو الآخر، وذلك منذ 550م وأنهى وحدة البلاد وإعادة الإمبراطورية الصينية الموحدة في عام 589م .. فازدهرت العلوم والفلسفة وشقت القنوات .. وقد قدر عدد سكان الصين الموحدة عام 750م بخمسين مليون نسمة.*1

الوحدة الصينية الثالثة:

في عام 907م تفتت الصين من جديد، وتقاسمتها خمسة أسر، ولكنها لم تتراجع في اقتصادها كما في المرات السابقة بل ازدهرت صناعة الخزف وتجارته وعرف العالم بذلك العصر (الخزف الصيني) والذي أصبح يختصره الناس ويقولون (صيني) فقط وظهرت الطباعة وغيرها من الفنون..

إلا أنه برزت أسرة تطمح في توحيد الصين من جديد وهي أسرة(سونغSong) والتي استطاعت توحيد الصين من جديد، وحافظت على وحدة البلاد لغاية عام 1124م حيث عادت الى التفتت من جديد وتعرضت البلاد لأشكال من الغزو المغولي و الإسلامي، وغيره ، ثم دخلت تحت الأطماع الغربية بعد أن انفصلت منشوريا وأخذ اليابانيون حصة منها وتراجعت الأسرة الحاكمة، حتى لم يبق تحت حكمها إلا 200ألف نسمة .. واستولى البريطانيون على خمسة موانئ هامة، منها هونغ كونغ وثار المسلمون في مناطق تركستان و يونان وثار الجنوبيون (التايبينغ) الذين استولوا على (نانكين) وجعلوها عاصمة لدولة صغيرة أطلقوا عليها (إمبراطورية الصين الخالدة) وكان ذلك عام 1853

إعلان الجمهورية عام 1911

ازدادت الحروب بين ممالك الصين واليابانيين والفرنسيين والإنجليز والروس والألمان، ولم تتمكن أي حكومة صينية من حسم النزاعات .. فظهرت حركات ثقافية تحرض الناس و تدعو الحكام لمزيد من الفطنة والحذر والالتصاق بالشعب كما قامت حركات ثورية أطلق عليها الغرب اسم (ثورة البوكسير) وهكذا تجمعت القوى الشعبية والبرجوازية الوطنية حول قطب من أقطاب البرجوازية الوطنية وهو (صن يات صن) .. حيث انتخبه ممثلو الأقاليم ليكون رئيسا للصين في أول جمهورية تعلن فيها في شهر أيار/مايو 1911, إلا أنه تنازل بذكاء في فبراير / شباط 1912 للجنرال (يوان شيكاي) الذي استطاع كسب الغرب لصفه..

(شيانغ كاي شيك) والحزب الشيوعي الصيني:

لاحظ أهل الصين أن نفوذ الغرب واليابان قد زاد في عهد الجمهورية، أكثر مما كان قبلها، وأن حكام الأقاليم كما هو رئيس الجمهورية أصبحوا لعب بيد مانحي القروض للصين، فاصطف (صن يات صن) مع أستاذ جامعي في جامعة بكين (شيوعي) وتلقوا دعما في عام 1919 من حكومة الاتحاد السوفييتي التي استلمت الحكم منذ سنتين، فتحرك الطلاب في الجامعات، وتم تأسيس الحزب الشيوعي الصيني عام 1921 والذي تزعمه (شن توهيو) وكان (ماو سي تونغ) طالبا في الجامعة .. إلا أن الاتحاد السوفييتي نصح الشيوعيين الصينيين بأنهم لم يكونوا في وضع يجعلهم يثوروا على الحكم.. تقرب (شيانغ كاي شيك) من صن يات صن في حكومته التي أنشأها في إقليم (كانتون) كما مثل دور حبه للفكر الشيوعي.. حتى استطاع الغرب أن يعتمد عليه في ذلك، فأصبح بموقع المسئول العسكري ل (الكيومتانغ) .. فقام بتطهير التحالف المعارض من الشيوعيين .. توفي (صن يات صن) عام 1925 .. واستلم السلطة في هذه الأثناء (شيانغ كاي شيك) الذي أعلن الغرب دعمه بوضوح، فأحس الحزب الشيوعي باقتراب تصفيته نهائيا..

أدرك (ماو سيتونغ) أن الأخذ بآراء السوفييت سيقضي على بوادر ثورتهم، فقرر منذ عام 1927 بالاعتماد على الفلاحين بثورته، بعكس مقولة الشيوعيين في موسكو (الاعتماد على العمال) .. وبدأ بتنظيمهم وتدريبهم ، وأنشأ جمهورية في جبال (هونان و كيانغ سي) والتحق كل المريدين له فيها، وابتدأ مسيرته الشهيرة عام 1934 ولكن وعورة الطريق و قمع قوات (شيانغ كاي شيك) جعلت أعدادهم تتقلص من 100ألف عنصر الى 20ألف ..

الحرب اليابانية الصينية وإعلان جمهورية الصين الشعبية

استغلت اليابان اضطرابات الصين، فاحتلت منشوريا وتايوان وكثير من المناطق، فاعتقل أحد ضباط (الجيش الأحمر) الذي تأسس عام 1927، اعتقل (شيانغ كاي شيك) فأقنعه (شوان لاي) بأن تتوحد قوى الصين لطرد اليابانيين، في جبهة موحدة عام 1936. ازدادت أعداد الجيش الأحمر حتى وصلت الى 90ألف عام 1937 مدربين بشكل جيد، وانحلت قوات شيانغ كاي شيك، لضعف الانضباط، فاختلت الموازين لصالح الشيوعيين، الذين استفادوا من مسار الحرب العالمية الثانية حيث انكسرت اليابان، فانفصل شيانغ كاي شيك مع ما تبقى من قواته، ليتلقى دعما من الولايات المتحدة، فطالت عملية توحيد الصين الأخيرة الى 1/10/1949، حيث قامت جمهورية الصين الشعبية برئاسة (ماو سي تونغ) ..



هوامش:
*1ـ موسوعة السياسة / أسسها عبد الوهاب الكيالي/ الجزء الثالث/ط2/ 1993/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ صفحة688
__________________
ابن حوران
  #7  
قديم 10-05-2007, 10:09 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

وحدة شعب أم وحدة حكومات؟

اطلعنا على نماذج بشكل مختصر من نماذج الوحدة في العالم، وتناولنا النماذج التي يعتقد المثقفون أنها لدول خالصة في عروقها وحضاراتها (بريطانيا، فرنسا، الهند، الصين) ولم نأخذ أي نموذج للوحدة تكون فيه العروق والإثنيات واضحة كما في الولايات المتحدة الأمريكية و أستراليا و جنوب إفريقيا وروسيا الاتحادية.. ووضعنا ذلك ليشكل مقتربات تمهد لمناقشة الموضوع القديم الجديد في حالتنا العربية ..

ومن يتفحص الحالة العربية، ويقارنها بالحالات المذكورة سيجدها تتفوق بشكل واضح من حيث أهليتها لتكون نموذجا قائما، يؤدي دوره الحضاري بشكل متكامل و راسخ .. فإن كانت الحالات التي مررنا عليها، تزامن فيها التوحد الشعبي مع التوحد السياسي سواء بالتجربة البريطانية أو الهندية أو الصينية، فإن التوحد الشعبي في الحالة العربية لم ينقطع على مر العصور، وإن كان التفكك السياسي و تغير شكل ومساحة الدولة في حالة أوج اتساعها قد تغير بشكل مستمر .. فالتراث العربي الثقافي و المعرفي و العلمي يتفشى في كل أنحاء البلدان العربية، ويستعان بكتاب القطر العربي لوضعها في مناهج التدريس في الأقطار العربية الأخرى، ويتم تناول الأدباء والمفكرين القدماء لا بانتسابهم لأقطارهم الحالية بل بانتسابهم للأمة بشكل كامل.. فلا يتوقف الناس عند طرفة ابن العبد على أنه شاعر بحراني بل لأنه شاعر عربي، ولن يتوقفوا عند زهير بن أبي سلمى على أنه شاعر نصراني سعودي بل كونه شاعرا عربيا، وكذلك يقال عن كل من يتكلم عن الشعراء الوثنيين في الجاهلية بغض النظر عن أقطارهم الحالية

كما أن الأدباء والمفكرين الحديثين وحتى المعاصرين منهم والذين على قيد الحياة، يُنظر إليهم على أنهم يكرسون جهدهم للأمة، فعندما يذكر احمد شوقي ذو الأصل التركي، والذي عاش في دولة الخديويين في مصر، لا ينظر إليه بصفته العرقية والقطرية، ولم يُعط لقبه (أمير الشعراء) على شعراء مصر بل شعراء الوطن العربي الذين يكتبوا ويفكروا باللغة العربية، كذلك يقال عن جميل صدقي الزهاوي (الكردي)، فعروبتهم أتت من الأدوات التي فكروا بها وجمهور المخاطبين الذين أرادوا توجيه خطابهم (المنظوم بشكل شعر) لهم ..

كما أن المفكرين السياسيين، في أقطار المغرب العربي، لم ينعزلوا عن واقع أمتهم، فنقدهم وكلامهم يشمل الواقع العام للأمة، كذلك فإنهم يكتبون ويفكرون في أقطارهم ويطبعون ما يكتبون في بيروت والقاهرة والرياض ودمشق، وهذا ما يفعله أخوانهم من الأقطار العربية الأخرى ،عندما يطبعون كتبهم وينشرونها في دور النشر المغاربية ..

بين الأمس واليوم

لو عدنا لبدايات الحديث عن الوحدة العربية، لرأينا أنها ظهرت منذ بداية القرن العشرين، على إثر حملات التتريك وظهور الحركة الطورانية، التي وجهت جل جهدها لنسف الصبغة العربية عن شعوب الولايات العربية التي كانت تحت الحكم العثماني. ثم بدأت تتصاعد في الثلاثينات من القرن الماضي وتم الوصول بصياغة الخطاب القومي العربي بعد ظهور الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي.. ماذا حدث من تغيير منذ تلك الفترة الى اليوم؟ أو أي الظروف أكثر ملائمة، تلك التي ظهرت عند إطلاق الدعوة للوحدة العربية في بداية القرن العشرين، أم تلك التي نعيشها في القرن الحادي والعشرين؟

للإجابة على هذا التساؤل علينا أن نصنع مقاربة بين الشأنين المعنوي والمادي في التاريخين المراد المقارنة بينهما:

أولا: الشأن المعنوي، المتعلق بوحدة الهوية والاعتقاد والتأثير للمحيطين العربي والدولي .. ففيما يتعلق بالشأن المعنوي، كانت الدول العربية، بمجملها ترزح تحت نير الاستعمار، بمختلف صنوفه، فكانت تستمد قوة رفضها للمحتل من خلال التسلح في هويتها الوطنية القطرية، ودينها الإسلامي، دون أن تنسى معالم عروبتها المستهدفة من قبل المحتلين سواء كانوا أتراكا في المشرق في بداية القرن العشرين من خلال حملات (التتريك) أو كانوا فرنسيين الذين حاولوا طمس كل ما يتعلق بعروبة اللسان في الأقطار المغاربية، من خلال التمييز بين البربر والعرب، وإصدار المراسيم ( الظهير البربري) التي تجعل السمة الفرنسية بلغتها وانتماء البلاد هي الطاغية .. فكان البحث عن العروبة في المشرق العربي هو الملاذ الذي كان يتوجه إليه أهل المنطقة من جور جمال السفاح .. في حين كان أهل المغرب ووادي النيل يخوضون معارك التحرير من الاستعمار، فتشابكت العواطف الدينية والقومية، ليردد الناس أشعار الشابي
(إذا الشعب يوما أراد الحياة .. فلا بد أن يستجيب القدر)
ورددوا (بلاد العرب أوطاني .. من الشام لبغدان )
.... (ومن نجد الى يمن ... ومن مصر فتطوان
لم ترتق المحاولات الشعبية أو حتى جهود الأدباء والشعراء الى مرتبة أعلى من مرتبة إثارة الهمم الطيبة، لكن هذه الصورة كانت وما تزال تشكل حاضنة لتطوير دعوات الوحدة عند شعوب المنطقة ..

وقد تطور الإنشداد المعنوي في شرائح شعبية وثقافية واسعة في عموم الأقطار العربية، وساهم في ذلك تعرض أجزاء الوطن العربي لجهود متساوية تخرج من نفس البؤرة التي لا تريد لتلك البقعة التقدم والاستقرار .. فوحدت الجهود الخارجية تلك النظرة الشعبية الدافعة والمطالبة بالتوحد، ولا ننسى تطور الإعلام وإيصال ما يجري أولا بأول لكل أبناء الأمة ..

ثانيا: على الصعيد المادي ..

يغض الناس نظرهم عن بعض عيوب غيرهم، عندما تكون حجم، فالجار الذي يقف الجيران معه في محنه وأفراحه، سيغض النظر إذا كسر ابن أحد الجيران زجاج نافذته المصالح المشتركة بينهم كبيرة ، ولا يتسامحون في مسألة عابرة مع غريب، فالتاجر الذي تصل حجم تجارته مع عميله الى آلاف الوحدات النقدية، سيغض النظر عن عجز العميل عن التسديد أو إنكار سلعة بعشرة أو مئة وحدة نقدية، للحفاظ على ديمومة العلاقة فيما بينهما. هذه المسألة هي التي جعلت دولا تلتحم مصالحها الاقتصادية لتفجر طاقات المنتجين في بلادها، وتشيع الرفاه بين شعوبها، وهذه النماذج منتشرة في العالم بشكل كبير، في أوروبا، وجنوب شرق آسيا وأمريكا وغيرها. هذه المسألة دفعت أصحاب رأس المال العربي الى التفكير بأولويات محددة تجعلهم يقتنعون بأحقيتهم بأسواق جيرانهم الأشقاء، وهي مختلفة عن الصور المنتشرة في العالم، والتي لا يربطها إلا الجوار، دون الأخوة أو دون الروابط التي نعتقد ويعتقد حتى خصومنا بأننا نحظى بها دون أن نحسن استثمارها..
__________________
ابن حوران
  #8  
قديم 10-05-2007, 04:56 PM
قلب الأسد1425 قلب الأسد1425 غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2004
المشاركات: 115
إفتراضي

أخي العزيز ابن حوران يقال ان هناك مشروع اسلامي بدأ يلوح في الافق وان هذا المشروع قائم على أساس شعبي لا علاقه للحكومات به لا من قريب ولا بعيد ويقال أيضا ان المشروع القومي في أفول في المنطقه ومشروعكم الذي طرحتموه ان كان امتداد لما سبق فانه قائم على حالة التضاد مع المشروع القادم وقد جربه الناس وثبت فشله وان كان جديدا ففي حالة نجاحكم كما تتوقع فكيف ستتعاملون مع المشروع القادم والذي من المعروف انه لا يقبل المشاركه.


قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه نحن قوم أعزنا الله بالاسلام فان ابتغينا العزة بغيره اذلنا الله تحياتي اخي الكريم
  #9  
قديم 12-05-2007, 07:22 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

السلام عليكم ورحمة الله أخي الفاضل قلب الأسد 1425

أرحب بطرحك الحصيف والهادئ .. وسأدخل بتناول ملاحظاتك على الفور:
تفضلتم بالقول : يقال ان هناك مشروع اسلامي بدأ يلوح في الافق وان هذا المشروع قائم على أساس شعبي لا علاقه للحكومات به..
إن هذا المشروع ليس وليد الساعة، بل بدأ منذ العهد الراشدي، وبلغ ذروته أيام الشافعي رضوان الله عليه عندما أطلق مقولته الشهيرة (لا يصلح أمر هذه الأمة إلا كما صلح أولها) واستمرت مظاهر عدم الرضا ابتداء من سقيفة بني ساعدة الى يومنا هذا .. وهو أمر ليس بالسوء كما يتصور البعض، بل يطلق طاقات العقل و يغذي التنافس في البحث عن طرائق تؤمن رضا الله بالأول وتوفر الأمن والسلام والحياة الكريمة للمواطن .. وهذه المحاور أينما وكيفنا توفرت، توفر معها العدل والقوة والرفعة للدولة بغض النظر عن اسمها وعن حجمها وعن طريقة تداول السلطة فيها، سواء كان الحاكم خليفة أو ملك أو أمير أو رئيس جمهورية ..

لكن من يتفحص التاريخ، لا يقر بأن هناك أزمة عقائدية في الأمة، فالخلافات كانت ذات طابع سياسي بحت، فقد اقتتل الصحابة وقسم منهم مبشر بالجنة، ولم يكن الخلاف بينهم عقائديا، وأنا من الذين لا يحبون نبش الماضي .. فهو ماضي أجدادنا ومردهم الى الله فيحكم بينهم .. فإن ذكرنا عيوب حكمهم عادت مساوئها علينا .. فأمجادهم ورثناها ولا بد أن نرث أخطائهم كذلك، لا لنرميهم بها (حاشا لله) بل لنتجنب الوقوع في مثلها ..

ونحن إذ نتلقى خطابات مثل (الإسلام هو الحل) .. فكأن من يطلقها يعني فيها قوما وثنيين لا يؤمنون بالله .. ولو فتشت بين هؤلاء الدعاة لوجدت الخلاف فيما بين مذاهبهم يفوق الخلاف بيننا وبينهم ..

وهم يأخذون علينا أننا جربنا منهجنا وفشل .. لقد كانوا يراهنوا على فشله قبل إعلان الفشل الرسمي للمشروع (هذا إن فشل) ويحاكمون مشروعا لم يمض عليه سوى عقود قليلة .. وينسون أن قرونا طويلة سبقت حكم القوميين، وكان الفشل السمة العامة لمعظمها، هذا إذا استثنينا القرنين ونصف الأوليات، منذ الحكم الراشدي الى حكم المتوكل العباسي ..

نحن لا ننطلق من نزعة قومية شوفينية عنصرية ونقدمها على الدين، وهذا مفهوم يتعمد أعداءنا أن يلصقونه بنا .. فلا يجوز مقارنة النخيل بطائرة النقل، فالمقارنة تجري بين شيئين متقاربين .. نحن نناقش فكرة تناقل السلطة لأقوام تعيش في بقاع متجاورة تتكلم بلغة مفهومة فيما بينها ويدين الأغلبية الساحقة من مواطنيها بالدين الإسلامي الذي تحتل مفرداته في أدق تفاصيل الحياة بما فيها القوانين ..

أرأيت أخوين مسلمين يعيشان في دار واحدة، ولاحظ أحدهما أن أخاه تجاوز حدوده الأخلاقية تجاه زوجته، أيسكت له بحجة الأخوة في الدين وهو أخ له من أم و أب ؟ هذه حالنا تجاه من حاول إسقاط اعتبارنا كأمة وهذا حالنا في رفض احتلال الأتراك للإسكندرونة، واحتلال إيران لإقليم الأحواز والجزر العربية الثلاث والأطماع المتكررة تجاه العراق .. والتدخل بشؤونه .. أوليست الأرض كالعرض؟
عندما يلجأ الغرب والأعداء لتسمية منطقتنا بإقليم الشرق الأوسط، تجنبا لذكر الوطن العربي والأمة العربية، ولزج أقوام عدوة بيننا و قبولها .. فإن دعوات الأمة الإسلامية تلتقي هي الأخرى مع دعوات الأعداء .. ولو بحسن نية ..

إن هناك أمما إسلامية وليست أمة إسلامية.. فكيف لنا أن نوظف خمس سكان الهند (200 مليون) مسلم في قضايانا و ثلثي سكان نيجيريا والسنغال وأمما أخرى كأهل إندونيسيا و تركيا وإيران وغيرهم، ولهم من القوانين والأهداف والمسارات ما يختلف عنا ؟

دعنا نبحث عن نقاط التقاء توحد أمتنا العربية وتجعل منها أمة واحدة قوية يسودها القانون والعدل، عندها ستجد كل المسلمين يلتفون حولها، فجاذبية القوي أكثر من جاذبية الضعيف.. فكيف لنا نتناسى قوتنا ونحن حملة الرسالة الخالدة، ولسان تلك الرسالة هو لساننا، فإن ضعفت اللغة صعب تفسير القرآن وفهمه، وإن كان ربنا عز وجل قد طمأننا (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) الحجر9 ..

على أي حال فهناك تنسيق قوي بين معظم التيارات السياسية سواء كانت تلك الإسلامية أو القومية أو غيرها .. إن الهند وجنوب إفريقيا لم تتخلص من مشاكلها إلا عندما توحدت كل أحزابها وفصائلها في فصيل واحد هو (المؤتمر الوطني) سواء في الهند أو جنوب إفريقيا ..

أشكرك على هدوءك في الطرح .. وأستميحك عذرا للإطالة في الرد
__________________
ابن حوران
  #10  
قديم 18-05-2007, 06:59 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

العروبة والإسلام في دساتير الدول العربية :

كانت النخب التي استلمت الحكم في البلدان العربية تتماشى مع نبض الشارع العربي، وتعكس توجهاته ـ على الأقل في نصوص دساتيرها ـ . والدستور كما هو معروف هو القانون الأعلى أو الوثيقة السياسية الأسمى للدولة، أو الإطار العام الذي ينظم شكل الحكم وسلطاته المختلفة ويحدد حقوق المواطنين أو الجماعات. والدستور الحي والفعال هو الذي يتلاءم مع تقاليد الشعب وتراثه، ويتوافق مع تطلعاته وطموحه وينظم عملية انتقاله الفوري أو التدريجي من مرحلة الى أخرى بغية تطوير المجتمع الذي نعنيه ووفقا للمثل التي يعتنقها ذلك المجتمع ..

وقد تعرفت بلادنا العربية على فكرة الدستور، من خلال الدولة العثمانية عندما وضع أول دستور لها عام 1876م أي بعد مائة عام من أول دستور في العالم (الولايات المتحدة الأمريكية 1776)*1 والذي تلاه مباشرة الدستور الفرنسي عام 1791.. ومع أن الدستور العثماني لم يعمر طويلا، إلا أنه ترك أثرا في نفوس النخب من الرعايا العرب التابعين للدولة العثمانية، والذين انفكوا عن كونهم رعايا عثمانية بعد الحرب العالمية الأولى.

ويلاحظ المطلعون، أن الدساتير العربية، حتى الستينات من القرن الماضي، كانت من وضع الغربيين، أو متأثرة تأثرا كبيرا بالدساتير الغربية، أما بعد الثورة الجزائرية فإن تغيرا كبيرا قد انتشر في نصوص جميع الدساتير العربية ..

اليوم، كل الدول العربية لها دساتير مكتوبة، عدا المملكة السعودية وسلطنة عمان، اللتين تعتبران القرآن الكريم وأحكام الشريعة الإسلامية دستورا لها، وسنمر باختصار على مسألة النص وما يتعلق بموضوع الانتماء.

ذكر العروبة في دساتير الدول العربية:

أولا: التأكيد على الانتماء الى الأمة العربية..

تختلف صيغ النصوص في الدساتير العربية من حيث شكل انتمائها كدولة أو كشعب أو كأرض للعرب، فأغلبيتها تنص صراحة في دساتيرها على انتماء شعبها وأحيانا شعبها وإقليمها الى الأمة العربية..

فالمادة الأولى من الدستور البحريني تنص على أن شعب البحرين (( جزء من الأمة العربية وإقليمها جزء من الوطن العربي الكبير)) والمادة الأولى من الدستور السوري تعلن أن (( القطر العربي السوري جزء من الوطن العربي)) و (( الشعب في القطر العربي السوري، جزء من الأمة العربية))..

وهناك فئة أخرى من الدول العربية، تكتفي دساتيرها بالنص على الانتماء الى وحدة جغرافية أقل تحديدا أو وضوحا من الأمة.. فالدستور التونسي ينص في توطئته على (تصميم الشعب التونسي) على (( تعلقه .. بانتمائه للأسرة العربية)) والدستور السوداني ينص على أن جمهورية السودان ((جزء من الكيانين العربي والإفريقي)) .. والدستور الجزائري الصادر عام 1963 كان ينص في مادته الثانية على أن الجزائر (( تكون جزءا متكاملا مع المغرب العربي والعالم العربي و إفريقيا)) ومع أن المادة هذه اختفت من دستور عام 1976 فإن المادة السادسة منه تؤكد على أن ( الميثاق الوطني) هو (( المصدر الأيديولوجي والسياسي المعتمد لمؤسسات الحزب والدولة على جميع المستويات)) والميثاق الوطني ينص على أن (( الشعب الجزائري مرتبط بالوطن العربي وهو جزء لا يتجزأ منه ولا ينفصم عنه))

وهناك فئة ثالثة لا تنص في دساتيرها على أي ذكر للانتماء العربي (لأسباب ومبررات متباينة) .. ولبنان والصومال من هذه الدول..

ثانيا: التأكيد على قومية اللغة العربية..

بعد تغيير شكل الحروف من العربية الى اللاتينية في تركيا، وظهور دعوات مختلفة في الأقطار العربية لاعتماد الحروف اللاتينية كشكل من دعوات التغيير أو اعتماد اللهجات المحلية للكتابة... تصدى لتلك الدعوات كثير من المفكرين القوميين العرب، في مختلف أرجاء الوطن العربي، وبالذات أولئك المتأثرين بأسلوب (بسمارك في ألمانيا) باعتماد اللغة ((أساسا)) في دعوات الوحدة العربية ومن هؤلاء: ( محمد حسين هيكل و ساطع الحصري و زكي الأرسوزي وغيرهم) وقد نعود لعرض بعض نشاطات المفكرين العرب في هذا الشأن في زاوية أخرى..

ويذكر المؤرخون أن أول تشديد على استعمال اللغة العربية قد سبق نشاط أولئك المفكرين. فقد ظهرت تلك الدعوة في حزيران/يونيو 1879 في مجلس الشورى في (مصر) عندما تم اعتماد اللغة العربية الفصحى لغة ملزمة للدولة ولأعضاء ومكاتبات مجلس الشورى..

ويمكن اختيار مجموعة من التباينات في مسألة اللغة العربية في الدساتير

1ـ هناك دساتير تسمح باستعمال لغة أخرى الى جانب اللغة العربية في كل البلاد، فالمادة الثالثة من الدستور الموريتاني تنص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد .. ولكنها تضيف (( واللغتان الرسميتان هما اللغة الفرنسية واللغة العربية)).

2ـ وهناك دساتير تجيز استعمال لغة أخرى في بعض المناطق فقط فالمادة السابعة من الدستور العراقي (قبل الاحتلال الأمريكي البغيض) تنص على ((أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية وتعتبر اللغة الكردية لغة رسمية الى جانب العربية في المنطقة الكردية)).

3ـ وهناك دساتير لا تعارض في استعمال لغات أخرى في بعض المجالس والهيئات. فالمادة العاشرة من الدستور السوداني تعتبر اللغة العربية هي اللغة الرسمية.. ولكن المادة 139 تؤكد على أن مداولات مجلس الشعب وأعمال هيئاته ومكاتباته تكون باللغة العربية إلا ((أنه يجوز استعمال غير العربية بإذن من رئيس المجلس أو من رؤساء اللجان))

4ـ وهناك دساتير تقر بإمكان استعمال لغة أجنبية في بعض الأحوال، فالمادة 11 من الدستور اللبناني تنص على أن (( اللغة العربية هي اللغة الوطنية الرسمية. أما اللغة الفرنسية فتحدد الأحوال التي تستعمل بها بموجب قانون))

5ـ في الأقطار المغاربية (المغرب، الجزائر، تونس) تؤكد الدول الثلاث في تصدير دستورها (المغرب) أو توطئته (تونس) أو مبادئ عامة أولية (الجزائر) على اعتماد اللغة العربية لغة رسمية. ولكن المشكلة هناك ليست في النصوص، بل بأثر طول مدة الاستعمار على تلك الأقطار وتغلغل المصطلحات ومفردات اللغة التي تأتي بشكل طبيعي و عفوي ودون ابتذال، كما أن حجم العلاقات الحالية مع الغرب لا يزال كبيرا (للقرب الجغرافي .. وللمصالح المشتركة) مما يجعل من مسألة اللغة هناك مسألة تختلف عنها في بقية الأقطار العربية ..

يتبع
ـــــــــــــــــ
هوامش:
د محمد المجذوب/ بحث قدمه في 17/1/1981.. ثم عاد فنشره في كتاب صدر عن مؤسسة ناصر للثقافة/ وقد تم الاستعانة به في هذه الزاوية بطبعته الأولى عام 1981
من شبكة الإنترنت في البحث عن (دستور كذا) ..
__________________
ابن حوران
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م