البعث العربي في العراق : ضرورة تاريخية

[عزالدين القوطالي]

البعث العربي في العراق ضرورة تاريخية

لا شك أن ما يشهده العراق اليوم من محاولات مستميتة لبثّ الفتن بين الطوائف والملل والمذاهب يؤكّد بالضرورة صدق أطروحات حز بنا العظيم حزب البعث العربي الإشتراكي ومنهجه الثوري ورؤيته الثاقبة للعلاقات الإجتماعية والثقافية في مجتمع تعدّدي كالمجتمع العربي. ولقد أكد الحزب ومنظروه منذ الوهلة الأولى على أن مجتمع الوحدة والحرية وألإشتراكية يجب أن يكون بالفعل والقوّة مناقضا في الأصل والتفاصيل لكل ما له علاقة بالمذهبية السياسوية والممارسات الطائفية البغيضة إذ لا وحدة في ظلّ التناحر الطائفي ولا حرية مع التمترس المذهبي . وهذا ما يفسّر في الحقيقة التركيبة الاجتماعية للحزب منذ نشأته والى يومنا هذا لا فرق في هياكله التنظيمية بين أعضائه ولا تفريق من حيث الإنحدار المذهبي والطائفي فتجد المسيحي والمسلم والشيعي والسني جنبا الى جنب في النضال اليومي والدفاع عن مصالح وآمال الأمة بل أنظر الى تاريخ حز بنا المجيد وحربه المشروعة ضد نظام الملالي في إيران لتقف عند هذه الحقيقة فقد كان رفاقنا واغلبهم من الشيعة يحاربون الموجة الصفوية الصفراء بكلّ شراسة وإستبسال رغم رفع تلك الطغمة الفارسية لشعار التشيع ونصرة الشيعة في العالم عموما والوطن العربي بصفة خاصة.

أن العضو الحزبي كان أكبر عدوّ للتمذهب لأنه كان أعلم الناس بخطورة الظاهرة وآثارها السلبية ولذلك سعى الحزب الى التنبيه بإستمرار على ضرورة تحصّن المناضل الحزبي ضدّ كل مظاهر الطائفية وإجتثاثها من هياكله ومن المجتمع الواسع فقد أثبت التاريخ العربي أن عدوّ الوحدة الأول هو التمذهب والإنقياد وراء الفتنة الطائفية البغيظة وكم عانينا من الإنقسامات والحروب والصراعات التي عطّلت مسيرة الأمة العربية في ال بناء والتحرر منذ نشأة الصراع بين علي ا بن أبي طالب ومعاوية إ بن ابي سفيان مرورا بكربلاء وصراع ال حسين مع يزيد ا بن معاوية وصولا الى ما يصنعه أحفاد الفتن اليوم من تمزيق مفضوح لأواصر الأخوّّة بين أ بناء المجتمع الواحد في العراق العظيم.

وليس بخاف على أحد إستغلال أعداء الأمة للتعدد الطائفي والمذهبي في العراق واللعب على أوتار أكذوبة مظلومية الشيعة في ظلّ حكم البعث العربي العظيم وذلك لتحجيم الدور القومي للعراق وإبقائه خارج نطاق الصراع مع العدو الصهيوني والإمبريالية الأمريكية . إن مناضلي البعث قد لامسوا هذا الخطر منذ نشأة الحزب وعملوا على إستئصاله والقضاء عليه فكان الحزب نموذجا مصغرا للمجتمع العربي المنشود حيث لا طائفية ولا مذهبية فقد كان العراق في ظل قيادة حز بنا العظيم رغم التعدد والتنوع الطائفي والديني والعرقي مجتمعا موحدا ومتناسقا من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه وهذا بالضبط سرّ صمود البعث أمام المؤامرات الداخلية والخارجية وبقاؤه رغم الحروب التي كانت تهدف الى القضاء عليه أو بالأحرى القضاء على الفكرة التي يحملها.

ولقد وجد الصهاينة أخيرا بعد حرب ثلاثينية وحصار وحشي همجي منفذا الى العراق من خلال إعادة بث روح الفتنة بعد تفرغ المناضلين الحزبيين لمقاومة الإحتلال الغاشم فجاء أحفاد ا بن العلقمي من أمثال الجعفري والحكيم لينفذوا أوامر سادتهم مغول العصر وهم الدين تربوا وترعرعوا على الحقد الطائفي والمذهبي والولاء للأجنبي ومحالفة الشيطان وهو أمر ليس غريب عليهم فقد أثبت التاريخ أنهم خاونوا ال حسين ا بن علي وغدروا به بعد أن عاهدوه وبايعوه وإلتزموا بنصرته وبذلك فإن مقارنة مبدئية بسيطة بين فكر وأطروحات وممارسات حز بنا العظيم وتلك التي يحملها الصفويون الجدد تؤكد بصفة قاطعة لا لبس فيها أن مستقبل العراق التعددي الديمقراطي الموحد لا ولن يكون إلا من خلال التمسّك بالثوابت القومية والوطنية التي ناد بها حز بنا العظيم حزب البعث العربي الإشتراكي .

وفي الأخير نقول ومهما طفي الزبد على وجه الماء النقي حتى ليبدو الماء وكأنه زبدا كله فلن يكون الزبد إلا زبدا شيئا على سطح الماء لا ينفذ الى الأعماق أبدا.
عزالدين بن حسين القوطالي
تونس في 30/01/2007