طرق و أساليب المفسدين فى المنتديات و التصدى لها.

[المصابر]

المنتديـــــــات .... [حسين بن محمود]

بسم الله الرحمن الرحيم


المنتديات



الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. أما بعد ..

فقد عتب علي بعض الأحبة تخصيص منتدى من المنتديات بالحوار وبمقالة خاصة دون بقية المنتديات ، وكان في العتاب بعض تحامل وبعض شدّة وكثير من المحبة ، فجزى الله الإخوة خيراً على هذا العتاب الأخوي الجميل ، ونسأل الله أن يديم المحبة ويجعلها خالصة لوجهه الكريم ..

إن في النفس كلام كثير ، والوقت قليل ، والمواضيع متكالبة ، فلا يستطيع الإنسان الكتابة في كل وقت ، وعن كل شيء ، وفي كل مكان ، وودت لو أني لا أتوقف عن الكتابة ، وليس ذلك لي ، وكل ما وجدت فرصة فأنا بين قراءة وكتابة .. أسأل الله أن يعيننا على ما فيه خير الدين والدنيا وأن يرزقنا – بمنه وكرمه – الإخلاص في ما نقول ونكتب وفي سائر أعمالنا ..

وها أنا أنزل على رغبة الإخوة وأكتب هذه المقالة التي هي بعنوان "منتديات" .. وأقصد بالمنتديات هنا : المنتديات الإسلامية التي تعني بالأحداث والنوازل ، فهذه المنتديات تحتاج إلى التركيز عليها ومعرفة ما فيها من خير وما قد يكون فيها من شر ، وكيفية الإستفادة منها !!

هناك منتديات معروفة ومشهورة يكتب فيها الكثير من الشباب المحب للإسلام والمسلمين والغيور على الدين ، تجد في كتابات بعضهم حرقة واندفاع كبير ، وبعضهم يكتب برزانة وروية ، وبعضهم بمنهج تغلب عليه العاطفة ، وبعضهم بمنهج علمي جميل ، وبين هؤلاء وهؤلاء أناس يشاركون بآرائهم وأفكارهم ، فالمراقب لهذه المنتديات يستطيع أن يكوّن صورة شبه واضحة عن رأي عامة المسلمين في النوازل الحالة بالأمة وعن كثير من الأطروحات في الساحة الإعلامية ..

وبمتابعتي لبعض هذه المنتديات ، وقراءة ما فيها من مشاركات ، ومتابعة ما يقال ويُكتب عنها ، خرجت بهذه الأفكار والتصورات التي أسأل الله أن تنفع إخواني الحريصين على مستقبل الأمة في ظل هذه التحديات ..

أولاً : أهمية هذه المنتديات وإيجابياتها ..

1- تكمن أهمية هذه المنتديات في كونها منفذ شبه آمن لإلتقاء الشباب المسلم الذي حُرم من التجمّع والإفصاح عما يجيش في خاطره ، فكانت هذه المنتديات بمثابة النافذة التي يتنفّس من خلالها سُجناء العالم الإسلامي الكبير !!

2- هناك الكثير من الأفكار والآراء المطروحة في المنتديات لا توجد في غيرها من المنافذ الإعلامية ، والمنتديات أطروحاتها فورية سريعة التداول ربما آتت أُكلها في حينها ..

3- إلتقاء الإخوة المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها : فتجد الأخ السوداني مع الأخ المصري والعراقي والسوري والفلسطيني وأهل الجزيرة والمغرب جمعتهم هذه المنتديات ، فيحصل التقارب الأخوي المبني على المحبة الإسلامية ، ويتناقلون فيها أخبار العالم الإسلامي ..

4- تلقف أخبار الثغور في المنتديات ونشرها السريع ونقل الكثير من الصور والمقاطع المرئية للعمليات العسكرية للمجاهدين يعطي أهمية كبيرة لهذه المنتديات ، ويرفع معنويات المسلمين ويدحض شبهات المنافقين والكفار والمرتدين ..

5- المقاطع المرئية والبيانات الرسمية للمجاهدين التي تُنشر حصرياً في بعض المنتديات أجبرت وسائل الإعلام المحلية والعالمية على النقل منها (لما قد يُصيب هذه المؤسسات من تخلّف عن الأحداث إن لم تنقل هذه المقاطع) ، مما أعطى هذه المنتديات أهمية خاصة في الإعلام العالمي ..

6- إلتقاء شباب الإسلام ببعض العلماء وطلبة العلم ومناقشة قضايا الأمة وطرح الأسئلة والإستفسارات التي لو طرحوا نصاب الزكاة منها في بلادهم (أكثر بلاد العرب) لربما قُتلوا واعتُدي على أهليهم !!

7- طرح المقالات النافعة والموضوعات الجادة التي لا يُسمح بطرحها في وسائل الإعلام ، وتلقف كتابات بعض العلماء الربانيين ونشرها على أوسع نطاق ..

8- التخلّص من الخوف والإرهاب الفكري والتعوّد على طرح الآراء والأفكار النافعة الجريئة مكسب كبير بحد ذاته ، وهذا ما توفره المنتديات للمشاركين ..وهناك الكثير من الإيجابيات لهذه المنتديات ، والذي أثبته هو على وجه الإختصار ..

أما السلبيات ، فأذكر منها :

1- عدم الموضوعية في بعض الأطروحات ، واستخدام بعض الكتاب الكلمات النابية والألفاظ التي لا تمت لديننا بصلة ، بل تعارضه.

2- تلقي بعض الأفكار الخاطئة والهدامة وعدم نقدها من قبل من يستطيعه ..

3- بعض الكتاب لا يتورعون عن كتابة كل ما جال في خاطرهم من كلام أو فكر ولو كان مخالفاً لما هم معلوم من الدين بالضرورة ..

4- عدم معرفة شخص الكاتب وحقيقته وحقيقة انتماءاته تُسدل بعض الغموض على المداخلات والمشاركات ..

5- الطعن في الثقات من العلماء والسب واللعن والتوسّع في مسألة التكفير تُعطي انطباعاً سيئاً جداً عن بعض المنتديات ، حيثُ تُنقل هذه الكتابات – بعد طباعتها – إلى الكثير من الناس ويقال لهم : هؤلاء هم أنصار الجهاد ، فتحصل النفرة من المجاهدين عند عامة المسلمين ، وهذه تتم إما عن طريق أناس جهال بحسن نيّة ، أو أجهزة المخابرات التي تغلغلت في كثير من المنتديات بقصد تنفير الناس منها ومن المجاهدين ..
6- وأخطر هذه السلبيات : الكيد والمكر من قبل أجهزة المخابرات المحلية والعالمية بالشباب المسلم في هذه المنتديات : حيث يقوم مجموعة منهم بالإشتراك في منتدى وبأسماء رنانة ثم يبدأ هؤلاء بالتحريش بين المسلمين أو التشكيك في بعض الرموز وبعض العاملين في الساحة الإسلامية (وخاصة أمراء الثغور)، وربما ركّزوا على مواضيع معينة وأكثروا من ذكرها ليصرفوا الشباب عن قضايا الأمة الأساسية ، ومما لاحظته في الآونة الأخيرة من كيدهم ومكرهم (مع يقيني بأن هذا المكر خرج من مشكاة المخابرات الأمريكية) : كتابة مشاركات تطعن في شخص أو جهة معينة ، ثم يقوم بعض المشاركين (المتعاونين) بالإسراع بإبداء الموافقة على هذه الأطروحة ليدخل القارئ العادي فيرى طرحاً قد وافقه الكثير من الناس قبله فيظن أن هذا هو الرأي السائد ، فيضطر لتبنّيه أو السكوت عليه ، وهذا ينم عن ضعف في شخصية البعض !!

ولخطر النقطة الأخيرة ، أقف معها هذه الوقفة لبيان آليّة عملها ، والتصدي لها :

إنها حرب دعائية قديمة ، وهي من الأساليب التي اتبعتها أمريكا ودول التحالف في الحرب العالمية الثانية ، واستخدمتها في حرب أفغانستان والعراق ، وهي تستخدمها الآن بصورة مصغرة في المنتديات الإسلامية لما رأته من تأثيرها على الساحة الإعلامية ، فخطوات هذه العملية ، هي :

1- كسب ثقة القراء عن طريق نشر بعض المعلومات والمقالات الصادقة أو التي يحبونها والتي تدغدغ مشاعرهم ، أو الثناء على رؤوس الجهاد وإعلان محبتهم وإبداء النصح والإخلاص ، وهذه سياسة إبليس {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} (الأعراف : 21)

2- تأكيد الأفكار المراد تمريرها بكل قوة وعدم إظهار التردد فيها والإيحاء بأنها من العلم اليقيني الذي لا يقبل الجدل ..

3- تكرار المقولات والأفكار المراد تمريرها في أكثر المنتديات أو في عدة مشاركات في نفس المنتدى ..

4- نشرها بصورة كبيرة ومن عدة محاور ومنافذ ومن قبل عدة أفراد أو جهات ..

5- إيهام القارئ بأن الأغلبية (إن لم يكن كل) القراء والناس يتبنون هذه الإفكار باستخدام ألفاظ التعميم.
يقول صاحب كتاب "أساليب الإقناع وغسيل الدماغ" (جي إي براون) ، في معرض كلامه عن الأساليب التي يتبعها الإعلام العالمي للتأثير على أفكار الناس :

من أساليب الدعاية :

- "التكرار : (حيث) يثق صاحب الدعاية أنه إذا كرر قولاً ما مرات كافية فسيأتي يوم يجد قوله قبولاً عند الناس .
- ويقول : "نادراً ما يجنح صاحب الدعاية إلى مناقشة الأمور ، بل هو يؤكد فكرته بقوة"
- ويقول : "ومن أكثر الطرق نجاحاً والمستعملة في تغيير المواقف ، تكوين مجموعة يشعر الأفراد أنهم ينتمون إليها ، فيقبل الفرد في تلك الظروف مجموعة المبادىء والمعتقدات الجديدة في إطار قبوله الإنتماء إلى الجماعة"