مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 24-10-2006, 06:34 PM
*سهيل*اليماني* *سهيل*اليماني* غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,467
إفتراضي قصيدة ( الجسر ).. لمحمود درويش

مشيًا على الأقدام،

أو زحفًا على الأيدي، نعودُ

قالوا ..

وكان الصخر يضمر

والمساء يدًا تقودُ ..

لم يعرفوا أن الطريق إلى الطريق

دم، ومصيدة، وبِيدُ

كل القوافل قبلهم غاصت،

وكان النهر يبصق ضفّتيه

قطعاً من اللحم المفتت

في وجوه العائدين

كانوا ثلاثة عائدين

شيخ، وابنته، وجندي قديم

يقفون عند الجسر ..

(كان الجسر نعسانًا، وكان الليل قبعة، وبعد دقائق يصلون،

هل في البيت ماء ؟ وتحسَّس المِفتاح ثم تلا من القرآن آية ..)



قال الشيخ منتعشًا: وكم من منزل في الأرض يألفه الفتى

قالت: ولكنّ المنازل يا أبي أطلال !

فأجاب: تبنيها يدان ..

ولم يُتمَّ حديثه، إذ صاح صوت في الطريق: تعالَوْا !

وتلته طقطقة البنادق ..

لن يمر العائدون

حرس الحدود مرابط،

يحمي الحدود من الحنين



(أمر بإطلاق الرصاص على الذي يجتاز هذا

الجسر، هذا الجسر مقصلة الذي رفض التسول

تحت ظل وكالة الغوث الجديدة. والموت بالمجان

تحت الذل والأمطار، من يرفضه يُقتل عند

هذا الجسر، من الجسر مقصلة الذي ما زال يحلم

بالوطن.)



الطلقة الأولى أزاحت عن جبين الليل

قبعة الظلام

والطلقة الأخرى ..

أصابت قلب جندي قديم ..

والشيخ يأخذ كفَّ ابنته ويتلو

همسًا من القرآن سورة

وبلهجة كالحلم قال، وعينه عند النجوم:

ـ عينا حبيبتي الصغيرة،

ليَ يا جنود، ووجهها القمحي لي

والفستقُ الحلبي في فمها

وطلعتها الأميرة، والضفيرة

ليَ يا جنود

ليَ كلها، هذي حبيبتي الأخيرة !



قَدِمُوا إليه .. مقهقهين

ـ لا تقتلوها.. اقتلوني

اقتلوا غدها، وخلوها بدوني

وخذوا فداها،

كلَّ الحديقة، والنقود،

وكل أكياس الطحين

وإذا أردتم، فاقتلوني !



(كانت مياه النهر أغزر .. فالذين رفضوا

هناك الموت بالمجان أعطوا النهر لونًا آخر

والجسر، حين يصير تمثالاً، سيُصبغ - دون

ريب - بالظهيرة والدماء وخضرة الموت المفاجئ.)



.. وبرغم أن القتل كالتدخين..

لكنَّ الجنود الطيبين،

الطالعين على فهارس دفترٍ ..

قذفته أمعاء السنين،

لم يقتلوا الإثنين ..

كان الشيخ يسقط في مياه النهر ..

والبنت التي صارت يتيمة

كانت ممزقة الثياب،

وطار عطر الياسمين

عن صدرها العاري الذي

ملأته رائحة الجريمة

والصمت خيَّم مرة أخرى،

وعاد النهر يَبصق ضفّتيه

قطعاً من اللحم المفتت

.. في وجوه العائدين

لم يعرفوا أن الطريق إلى الطريق

دم، ومصيدة، ولم يعرف أحد

شيئاً عن النهر الذي

يمتص لحم النازحين



(الجسر مِقصلة لمن عادوا لمنزلهم، وأن الصمت مِقصلة

الضمير. هل يسمع الكتاب،

تحت القبعات، حرير نهر من دم، أم يرقصون

الآن في نادي العراة كأن شيئًا لم يكن،

ومغنيات الحب - كالجنرال - يشغلهن نخب الانتصار -؟)



لكنَّ صوتًا، فرَّ من ليل الجريمة

طاف في كل الزوابع

ورَوَتْه أجنحة الرياح

لكل نافذة، ومذياع، وشارع:

" عينا حبيبتي الصغيرة

ليَ، يا جنود، ووجهها القمحي لي

الفستقُ الحلبيُّ في فمها

وطلعتها الأميرة، والضفيرة

لا تقتلوها .. واقتلوني "!



وأُضيف في ذيل الخبر:

كل الذين

كتبوا عن الدم والجريمة

في هوامش دفتر التاريخ، قالوا:

ومن الحماقة أن يظن المعتدون،

المرتدون ثياب شاه،

أنهم قتلوا الحنين

أما الفتاة، فسوف تكسو صدرها العاري

وتعرف كيف تزرع ياسمين

أما أبوها الشَّهْم، فالزيتون لن يصفرَّ من دمه،

*ولن يبقى حزين

ومن الجدير بأن يسجل:

*أن للمرحوم تاريخًا، وأنَّ له بنين !



(الجسر يكبر كل يوم كالطريق، وهجرة

الدم في مياه النهر تنحت من حصى الوادي

تماثيلاً لها لون النجوم، ولسعة الذكرى،

وطعم الحب حين يكون أكثر من عبادة)

***
__________________
]
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 25-10-2006, 02:29 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي

مشيًا على الأقدام،

أو زحفًا على الأيدي، نعودُ

قالوا ..

وكان الصخر يضمر

والمساء يدًا تقودُ ..

لم يعرفوا أن الطريق إلى الطريق

دم، ومصيدة، وبِيدُ

كل القوافل قبلهم غاصت،

وكان النهر يبصق ضفّتيه

قطعاً من اللحم المفتت

في وجوه العائدين

كانوا ثلاثة عائدين

شيخ، وابنته، وجندي قديم

يقفون عند الجسر ..

(كان الجسر نعسانًا، وكان الليل قبعة، وبعد دقائق يصلون،

هل في البيت ماء ؟ وتحسَّس المِفتاح ثم تلا من القرآن آية ..)



قال الشيخ منتعشًا: وكم من منزل في الأرض يألفه الفتى

قالت: ولكنّ المنازل يا أبي أطلال !

فأجاب: تبنيها يدان ..

ولم يُتمَّ حديثه، إذ صاح صوت في الطريق: تعالَوْا !

وتلته طقطقة البنادق ..

لن يمر العائدون

حرس الحدود مرابط،

يحمي الحدود من الحنين



(أمر بإطلاق الرصاص على الذي يجتاز هذا

الجسر، هذا الجسر مقصلة الذي رفض التسول

تحت ظل وكالة الغوث الجديدة. والموت بالمجان

تحت الذل والأمطار، من يرفضه يُقتل عند

هذا الجسر، من الجسر مقصلة الذي ما زال يحلم

بالوطن.)



الطلقة الأولى أزاحت عن جبين الليل

قبعة الظلام

والطلقة الأخرى ..

أصابت قلب جندي قديم ..

والشيخ يأخذ كفَّ ابنته ويتلو

همسًا من القرآن سورة

وبلهجة كالحلم قال، وعينه عند النجوم:

ـ عينا حبيبتي الصغيرة،

ليَ يا جنود، ووجهها القمحي لي

والفستقُ الحلبي في فمها

وطلعتها الأميرة، والضفيرة

ليَ يا جنود

ليَ كلها، هذي حبيبتي الأخيرة !



قَدِمُوا إليه .. مقهقهين

ـ لا تقتلوها.. اقتلوني

اقتلوا غدها، وخلوها بدوني

وخذوا فداها،

كلَّ الحديقة، والنقود،

وكل أكياس الطحين

وإذا أردتم، فاقتلوني !



(كانت مياه النهر أغزر .. فالذين رفضوا

هناك الموت بالمجان أعطوا النهر لونًا آخر

والجسر، حين يصير تمثالاً، سيُصبغ - دون

ريب - بالظهيرة والدماء وخضرة الموت المفاجئ.)



.. وبرغم أن القتل كالتدخين..

لكنَّ الجنود الطيبين،

الطالعين على فهارس دفترٍ ..

قذفته أمعاء السنين،

لم يقتلوا الإثنين ..

كان الشيخ يسقط في مياه النهر ..

والبنت التي صارت يتيمة

كانت ممزقة الثياب،

وطار عطر الياسمين

عن صدرها العاري الذي

ملأته رائحة الجريمة

والصمت خيَّم مرة أخرى،

وعاد النهر يَبصق ضفّتيه

قطعاً من اللحم المفتت

.. في وجوه العائدين

لم يعرفوا أن الطريق إلى الطريق

دم، ومصيدة، ولم يعرف أحد

شيئاً عن النهر الذي

يمتص لحم النازحين



(الجسر مِقصلة لمن عادوا لمنزلهم، وأن الصمت مِقصلة

الضمير. هل يسمع الكتاب،

تحت القبعات، حرير نهر من دم، أم يرقصون

الآن في نادي العراة كأن شيئًا لم يكن،

ومغنيات الحب - كالجنرال - يشغلهن نخب الانتصار -؟)



لكنَّ صوتًا، فرَّ من ليل الجريمة

طاف في كل الزوابع

ورَوَتْه أجنحة الرياح

لكل نافذة، ومذياع، وشارع:

" عينا حبيبتي الصغيرة

ليَ، يا جنود، ووجهها القمحي لي

الفستقُ الحلبيُّ في فمها

وطلعتها الأميرة، والضفيرة

لا تقتلوها .. واقتلوني "!



وأُضيف في ذيل الخبر:

كل الذين

كتبوا عن الدم والجريمة

في هوامش دفتر التاريخ، قالوا:

ومن الحماقة أن يظن المعتدون،

المرتدون ثياب شاه،

أنهم قتلوا الحنين

أما الفتاة، فسوف تكسو صدرها العاري

وتعرف كيف تزرع ياسمين

أما أبوها الشَّهْم، فالزيتون لن يصفرَّ من دمه،

*ولن يبقى حزين

ومن الجدير بأن يسجل:

*أن للمرحوم تاريخًا، وأنَّ له بنين !



(الجسر يكبر كل يوم كالطريق، وهجرة

الدم في مياه النهر تنحت من حصى الوادي

تماثيلاً لها لون النجوم، ولسعة الذكرى،

وطعم الحب حين يكون أكثر من عبادة)
__________________
السيد عبد الرازق
الرد مع إقتباس
  #3  
قديم 25-10-2006, 02:36 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي

أخي سهيل اليماني
كل عام وأنتم بخير
مررت للقراءة والإطلاع
محمود درويش شاعر كبير
مرهف الحس تجربة فلسطين فجرت ينابيع الشعر عنده .
لكم تحياتي وتقديرى
شكرا علي نقل الموضوع المؤلم والمثرى .
__________________
السيد عبد الرازق
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م