الاهانات تسقط على قاذفها قبل أن تصل إلى مرماها

[*اليشمـــك*]

السلام عليكم

إحساس المرء بعظمة نفسه ورسوخ قدمه وحصانة عرضه ضد المفتريات وإحساسه بتفاهة خصومه أو عجزهم عن النيل منه أو قدرته على البطش منهم ... كل ذلك يجعله بارد الأعصاب إذا أهين .. بطيئ الغضب إذا أسيئ إليه..

والغالب أن الإنسان يتغير .. ثم يغتاظ ... ثم تنفجر ثورته إذا اقتُحمت نفسه كما يقتحم العدو بلدا سقط في قبضته وأعلن الاستسلام

أما اذا أيقن أن عدوه يحاول المستحيل باستفزازه .. وأنه مهما بذل فلن يجرحه .. فإن هذه الطمأنينة تجعله يتلقى الضربات بهدوء .. أو بابتسام .. أو بسخرية !

فالرجل العظيم حقا كلما حلّق في آفاق الكمال اتسع صدره .. أو امتد حلمه .. وعذر الناس من أنفسهم .. والتمس المبررات لأغلاطهم .. فإذا عدا عليه غِرٌ يريد تجريحه .. نظر اليه من قمته كما ينظر صبيان يعبثون في الطريق وقد يرمونه بالاحجار ...

أفلو كان الشخص يعيش وراء أسوار عالية من فضائله يحس بوخز الألم إن أهانه احدهم؟

كلا.. إن الاهانات تسقط على قاذفها قبل أن تصل إلى مرماها البعيد ..

ومن نماذج الرجولات التي لاتهزها إساءة ... ولاتستفزها جهالة .. لأن لغو السفهاء يتلاشى في رحابتها كما تتلاشى الأحجار في أغوار البحر المحيط.

يروى أن رجلا سب الأحنف بن قيس وهو يماشيه على الطريق.. فلما قرب من المنزل وقف الاحنف وقال: "ياهذا، إن كان بقي معك شيئ فقله ههنا.. فإني أخاف إن سمعتك فتيان الحي أن يؤذوك."

وقال رجل لأبي بكر :" والله لأسبنك سباً يدخل القبر معك !! فقال : معك يدخل لا معي !! "

وشتم رجل أبا ذر الغفاري فقال له أبو ذر:" ياهذا لاتغرق في شتمنا.. ودع للصلح موضعا ... فإنّا لانكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه. "

وقال الحسن: " المؤمن حليم لايجهل وان جُهل عليه .. وتلا قوله تعالى: " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما "

وفي منشور وزعته ادارة الشرطة باحدى ولايات امريكا .. أتى في المنشور" اذا سوّلت لقوم أنفسهم بأن يسيئوا اليك.. فامحوا من نفسك ذكراهم .. ولاتحاول الاقتصاص منهم .. انك اذا تبينت نية الانتقام .. تؤذي نفسك أكثر مما تؤذيهم؟! "

ومحافظة على الانسان من ثورات الغضب .. قال الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والسلام" ثلاث من كن فيه .. آواه الله في كنفه .. وستر عليه برحمته .. وأدخله في محبته .. : من اذا أُعطي شكر .. واذا قدر غفر .. واذا غضب فتر "

كما قال" من دفع غضبه .. دفع الله عنه عذابه .. ومن حفظ لسانه .. ستر الله عليه عورته "

وقال الشعار:

مايضير البحر أمسى زاخراً ... إن رمى فيه غلامٌ بحجر؟!

إن الغضب مس يسري في النفس كما تسري الكهرباء في البدن .. قد يُتشئ رعدة شاملة واضطرابا مذهلا .. وقد يشتد التيار فيصعق صاحبه ويقضي عليه.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال الرسول الكريم : " ما من جرعة أعظم أجرا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله "


مقتطفات من كتاب " جدد حياتك للمفكر محمد الغزالي "

تحياتي لكم