مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 29-07-2005, 01:10 PM
نور الحياة نور الحياة غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
الإقامة: أرض الخليج ...
المشاركات: 595
إفتراضي أمراض القلوب ( علاماتها _ أسبابها _ علاجها )


أمراض القلوب
( علاماتها _ أسبابها _ علاجها )

لو انتشر بين أظهرنا لا سمح الله مرض عضوي خطير لرأيت الناس يتخبطون ويفزعون الى علاجه بأي وسيلة، وهذا أمر طبيعي ولكن قد يكون بيننا الآن مرض أعظم من أي مرض وأفظع من أي داء ... ما هو هذا الداء؟ إنه مرض يصيب الإنسان في أفضل عضو عنده .. فهل عرفناه؟ إنه مرض القلوب ولا أعني بذلك تعطل صمام القلب أو إن الشرايين فسدت أو إن القلب أصابه هبوط أو جلطة.. كلا! إن الأمر لجلل، لأن هذه الأمراض العضوية قد ينتبه لها المريض، ويبادر الى علاجها ولو لم يُعاف منها، لنال الأجر من الله بالصبر على هذا الداء الذي أصابه.
لكن الذي أعنيه هنا هو: مرض الشك والنفاق ومرض الشهوات الذي قال تعالى فيه: «في قلوبهم مرض» وقال تعالى: «ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون»، وقال تعالى: «فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين» وقال: «فيطمع الذي في قلبه مرض» .


وسنتناول هنا النقاط التالية :
* أنواع القلوب.
*علامات مرض القلوب.
* أسباب مرض القلوب.
* علاج مرض القلوب .

نسأل الله العلي القدير أن يجعل
قلوبنا تطمئن بذكره،،،
وأن يجعل ألسنتنا تلهج بحمده،،
وهو على كل شيء قدير...


__________________
رب جنبني صداها ، فهي اعدى من عرفت .. هي نفسي و هي شيطاني الذي منه هربت
  #2  
قديم 29-07-2005, 01:20 PM
نور الحياة نور الحياة غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
الإقامة: أرض الخليج ...
المشاركات: 595
إفتراضي

".*." أنواع القلوب ".*."

القلوب ثلاثةٌ:

** قلبٌ سليمٌ: وهو الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله به، قال تعالى: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88-89].
والقلب السليم هو الذي قد سلم من كل شهوةٍ تُخالف أمر الله ونهيه، ومن كلِّ شبهةٍ تعارض خبره، فسلم من عبودية ما سواه، وسلم من تحكيم غير رسوله صلى الله عليه وسلم. الذي سلم من أن يكون لغير الله فيه شركٌ بوجهٍ ما، بل قد خلصت عبوديته لله: إِرادةً، ومحبةً، وتوكلاً، وإِنابةً، وإِخباتاً، وخشيةً، ورجاءً، وخلص عمله لله، فإِن أحبَّ أحبَّ لله، وإن أبغض أبغض في الله، وإن أعطى أعطى لله، وإن منع منع لله، فهمه كله لله، وحُبُّه كله لله، وقصده له، وبدنه له، وأعماله له، ونومه له، ويقظته له، وحديثه والحديث عنه أشهى إليه من كلِّ حديث، وأفكاره تحوم على مراضيه، ومحابه. [انظر: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان لابن القيم رحمه الله 1/7 و 73]. نسأل الله تعالى هذا القلب.

** القلب الميت: وهو ضدُّ الأول وهو الذي لا يعرف ربه ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه، بل هو واقفٌ مع شهواته ولذاته، ولو كان فيها سخط ربِّه وغضبه، فهو متعبدٌ لغير الله: حباً، وخوفاً، ورجاءً، ورضاً وسخطاً، وتعظيماً، وذُلاً، إن أبغض أبغض على لهواه، وإن أحب أحب لهواه، وإن أعطى أعطى لهواه، وإن منع منع لهواه، فالهوى إمامه، والشهوة قائده، والجهل سائقه، والغفلة مركبه. [انظر: المرجع السابق 1/9]. نعوذ بالله من هذا القلب.

** القلب المريض: هو قلبٌ له حياةٌ وبه علةٌ، فله مادتان تمده هذه مرةً وهذه أخرى، وهو لما غلب عليه منهما. ففيه من محبة الله تعالى والإيمان به، والإِخلاص له، والتوكل عليه: ما هو مادة حياته، وفيه من محبة الشهوات والحرص على تحصيلها، والحسد والكبر، والعجب، وحبِّ العلوِّ، والفساد في الأرض بالرياسة، والنفاق، والرياء، والشحِّ والبخل ما هو مادة هلاكه وعطبه. [انظر: إغاثة اللفهان: 1/9]. نعوذ بالله من هذا القلب.


نسأل الله العلي القدير أن يجعل
قلوبنا تطمئن بذكره،،،
وأن يجعل ألسنتنا تلهج بحمده،،
وهو على كل شيء قدير...


__________________
رب جنبني صداها ، فهي اعدى من عرفت .. هي نفسي و هي شيطاني الذي منه هربت
  #3  
قديم 29-07-2005, 01:33 PM
نور الحياة نور الحياة غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
الإقامة: أرض الخليج ...
المشاركات: 595
إفتراضي

".*." علامات مرض القلوب ".*."


إن علامات وجود المرض في القلب كثيرة ... منها ما قاله ابن القيم الجوزية رحمه الله ....

العلامة الأولى: عدول النفس وبُعدها عن الأغذية النافعة الموافقة لها الى الأغذية الضارة ...
وهذا مشاهد فنرى الرجل وقد فتح الله له باب الرزق الحلال على مصراعيه ونجده ينكب على بيع المحرمات ويستأنس بها ويفرح بها وآخر يصاب بمرض عضوي وينصحه الناس بعلاج طبيعي فيتركه ويبحث عن العلاج المحرم إما أن يكون هذا العلاج الذي يظنه علاجاً من السحر أو أشياء محرمة لا تجوز لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تتداووا بالحرام» رواه أبو داود، وقال ابن مسعود صلى الله عليه وسلم: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم» رواه البخاري معلقاً، وهنا مدخل شيطاني خبيث ألا وهو قول من قال إني قد مرضت فعولجت بأدوية مباحة فلم أتعاف. فلما ذهبت الى أولئك السحرة عافاني الله.. ولقد سمعت بأذني قائلاً يقول: أُصبت بمرض الربو فلم أجد علاجاً إلا في الجراك والشيشة.
أقول في الرد على هذا: وان صار هذا فإن هذا المريض ربما يعافى من المرض العضوي، ويصاب بمرض القلب الذي هو أخطر. إذاً ففي كل الحالتين لم يزل المرض.
يقول ابن القيم: «وإنما حُرم على هذه الأمة ما حُرم لخبثه وتحريمه له حمية لهم وصيانة عن تناوله فلا يناسب أن يطلب به الشفاء من الأسقام والعلل فإنه وإن أثر في إزالتها لكنه يعقب سقماً أعظم منه في القلب بقوة الخبث الذي فيه فيكون المداوى به قد سعى في إزالة سقم البدن بسقم القلب» ....

العلامة الثانية: الإعراض عن دين الله أو كتابه أو ذكره ...
يقول تعالى: «ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون»، ويقول سبحانه: «وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون».
فكل قلب لا يعرف الله فإنه لا يأنس بذكره ولا يسكن إليه ولا يفرح به ، وقد يخشى على المسلم ذلك حيث إنه يفرح بمزامير الشيطان مثلاً ولا يفرح بسماع القرآن والذكر. قد يُخشى عليه بأن يكون مريض القلب وهو لا يدري. كيف لا!؟ وهو ينام على صوت الشيطان ليلاً ونهاراً والقرآن بين يديه مهجور ...
يقول تعالى عن الشيطان: «واستفزز من استطعت منهم بصوتك»

العلامة الثالثة: الغفلة ...
يقول تعالى: «ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون».
قال السعدي رحمه الله: «أي الذين غفلوا عن أنفع الأشياء عن الإيمان بالله وطاعته وذكره» ، ولذلك الغافل أمر الله تعالى باجتنابه والحذر منه فقال: «ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً» ...
يقول ابن القيم رحمه الله: فإذا تراكم على القلب الصدأ واسود ركبه الران وفسد تصوره وإدراكه فلا يقبل حقاً ولا ينكر باطلاً وهذا أعظم عقوبات القلب وأضل من ذلك الغفلة فإنما يطمسان نور القلب ويعميان بصره..


نسأل الله العلي القدير أن يجعل
قلوبنا تطمئن بذكره،،،
وأن يجعل ألسنتنا تلهج بحمده ،،
وهو على كل شيء قدير.
.


__________________
رب جنبني صداها ، فهي اعدى من عرفت .. هي نفسي و هي شيطاني الذي منه هربت
  #4  
قديم 02-08-2005, 01:20 AM
نور الحياة نور الحياة غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
الإقامة: أرض الخليج ...
المشاركات: 595
إفتراضي


* أسباب مرض القلوب *


يقول الشاعر :
رأيتُ الذنوبَ تميتُ القلوبَ ... وقد يورثُ الذلَ إدمانها
وتركُ الذنوبِ حياةُ القلوبِ ... وخيْرٌ لنفسِكَ عصيانُها


ونلخصها فيما يلي :

* الشرك أهم أسباب مرض القلوب.
* حب الدنيا يبعد القلب عن الآخرة.
* مجالسة أصحاب البدع تفسد القلب.
* فضول الطعام يدعو إلى الشر.
* مفاسد إطلاق البصر.


* الشرك أهم أسباب مرض القلوب*

من أسباب مرض القلب الشرك، ومع ازدياد الأمراض التي تنتاب ذلك القلب يبدأ القلب بالضعف رويدًا رويدًا حتى يستسلم للموت، وفي ذلك يخاطب العلماء تلك القلوب الميتة بألم وحسرة منبعثة من حرصهم على أن يكون أولئك من جنود الإسلام، لا من موتى الإسلام، فقد آلمهم أن يروا أجسادًا بلا قلوب، فلم يستطيعوا أن يكتموا غضبهم أو يتمالكوا أنفسهم حيال هذا المنظر، فصاحوا فيهم قائلين: يا موتى القلوب، يا مشركين بالأسباب، يا عابدين أصنام حولِهم وقواهم ومعايشهم ورؤوسِ أموالِهم، كل من يرى الضر والنفع من غير الله عز وجل فليس بعبد له، ومن فعل ذلك فهو اليوم في نار المقت والحجاب، وغدًا في نار جهنم، ما يسلم من نار الله عز وجل إلا المتقون الموحدون والمخلصون التائبون.
وبهذا فإننا نلاحظ هنا أن الإمام الجيلاني يحيل أسباب الأمراض التي تصيب القلوب إلى سببين رئيسين وهما:
* الإشراك بالأسباب
* الإشراك في العبادة


الشرك بالأسباب : هو اعتقاد الإنسان أن السبب بذاته هو المؤثر دون قدرة الله عز وجل فيه، كأن يعتقد أن الدواء بذاته هو الذي يشفي دون أن يكل ذلك إلى قدرة الله، أو أن يعتقد أن فلانًا من الناس يضر أو ينفع دون أن يعتقد أن الله هو الضار والنافع، وأن ذلك الإنسان إنما كان سببًا من الأسباب التي قدرها الله لقضاءٍ قدره.

الشرك في العبادة : فمعلوم أنه لا معبود بحق سوى الله، وأن من معاني العبادة الانقياد والطاعة والذل والخضوع والمحبة، فإن انقاد الإنسان أو أطاع أو ذل أو خضع أو أحب لغير وجه الله فإنه أشرك في عبادته لله، وإن كل من أشرك مع الله آلهة أخرى في العبادة فإنه يعرض قلبه للمرض ثم يعقبه الموت المحقق.
ومع ازدياد ظاهرة عبادة العبيد والخوف منهم ورجاء الخير منهم يشتد المرض حتى يموت القلب، فإذا مات وتوقفت النبضات وانقلب لونه إلى السواد كان ذلك دليلاً على الموت، وفي ذلك يقول الإمام الجيلاني: "لا تبع الدين بالتين، لا تبع دينك بتين الأغنياء وأكلَة الحرام، إذا أكلت بدينك اسودَّ قلبك، وكيف لا يسود وأنت تعبد الخلق؟!".

* حب الدنيا يبعد القلب عن الآخرة *

ومن أسباب مرض القلب حب الدنيا، و قد ذكر الإمام الجيلاني سببًا آخر من أسباب صدأ القلوب فقال:"*" القلب يصدأ، فإن تداركه صاحبه بما وصف النبي وإلا انتقل إلى السواد، يسود لبعده عن النور، يسود لحبه الدنيا والتحويز عليها من غير ورع؛ لأن من تمكن من قلبه حب الدنيا زال ورعه، فيجمعها من حلال وحرام، يزول تمييزه في جمعه، يزول حياؤه من ربه عز وجل ومراقبته "*"، وقال : ((لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لا يُبَالِي الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ أَمِنْ حَلالٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ)) رواه البخاري (2083).
ويشبه بعضهم فساد القلب بسبب طلب الدنيا بفساد العسل إذا أضيف له الخل فيقول: لا تطلب الدنيا ولا تغضب لشيء منها، فإن ذلك يفسد قلبك كما يفسد الخل العسل.
ويلازم فساد القلب وقسوته ضياع الحكمة ونسيانها، و يقول الإمام الجيلاني : "فرحك بالدنيا وإقبال الخلق عليك ينسيك الحكمة ويقسي قلبك".

* مجالسة أصحاب البدع تفسد القلب *

ومن أسباب مرض القلب مخالطة أصحاب البدع، وطبيعة الإنسان أنه يتأثر بالحسن والسيئ، وتختلف نسبة التأثر من شخص لآخر، إلا أنه لا يسلم أحد من التأثر، لذلك قال رسول الله : ((الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)) رواه الترمذي (2484). ومعنى ((على دين خليله)) أي: على عادة صاحبه وطريقته وسيرته، قال الغزالي: "*" مجالسة الحريص ومخالطته تحرّك الحرص، ومجالسة الزاهد ومخاللته تزهد في الدنيا؛ لأن الطباع مجبولة على التشبه والاقتداء بالطباع من حيث لا يدري "*" .
ولهذا السبب حذر الإمام الحسن البصري من مجالسة أهل البدع، لسبب مرض قلوبهم، خوفًا على الجليس من التأثر بالمرض فقال: "ولا تجلس إلى صاحب بدعة، فإنه يمرض قلبك ويفسد عليك دينك".
ولا ننسى قولَ رسول الله : ((إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَاملُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً)) رواه مسلم (2628).
ومن أسباب مرض القلب كثرة الضحك، يقول الرسول : ((لا تكثروا الضحك؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب)) رواه ابن ماجه (4193) وصححه البوصيري. وما موت القلب إلا نتيجةٌ واحدة من نتائجه، فقد عدد نتائجه الإمام الحسن فكانت أربعة، فاسمعه حين يقول: "ابن آدم، أقلل الضحك؛ فإن كثيرَه يميت القلب، ويزيل البهجة، ويسقط المروءة، ويزري بذي الحال".

* فضول الطعام يدعو إلى الشر*

ومن أسباب مرض القلب كثرة الأكل، وقلة الطعام توجب رقة القلب وقوة الفهم وانكسار النفس وضعف الهوى والغضب، وكثرة الطعام توجب ضد ذلك. عن المقدام قال: سمعت رسول الله يقول: ((ما ملأ ابن آدم وعاء شرًا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يُقمن صُلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)) رواه الترمذي (3349) والحاكم (4/121) وصححه ووافقه الذهبي.
وفضول الطعام داعٍ إلى أنواع كثيرة من الشر، فإنه يحرك الجوارح إلى المعاصي، ويثقلها عن الطاعات والعبادات، وحسبك بهذين شرًا، فكم من معصية جلبها الشبع وفضول الطعام، وكم من طاعة حال دونها، فمن وقي شر بطنه فقد وقي شرًا عظيمًا.
والشيطان أعظم ما يتحكم في الإنسان إذا ملأ بطنه من الطعام؛ ولهذا جاء في بعض الآثار: إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة. وقال بعض السلف: كان شباب يتعبدون من بني إسرائيل، فإذا كان فطرهم قام عليهم قائم فقال: لا تأكلوا كثيرًا فتشربوا كثيرًا فتناموا كثيرًا فتخسروا كثيرًا.
وقد كان النبي وأصحابه يجوعون كثيرًا، وإن كان ذلك لعدم وجود الطعام، إلا أن الله لا يختار لرسوله إلا أكمل الأحوال وأفضلها، ولهذا كان ابن عمر يتشبه به في ذلك مع قدرته على الطعام، وكذلك كان أبوه رضي الله عنهما من قبله.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما شبع آل محمد منذ قدم المدينة من خبز البُرِّ ثلاث ليال تباعًا حتى قُبض. رواه البخاري (5416).
وقال إبراهيم بن أدهم: "من ضبط بطنه ضبط دينه، ومن ملك جوعه ملك الأخلاق الصالحة، وإن معصية الله بعيدة من الجائع قريبة من الشبعان".
فاتقو الله عباد الله، وتوبوا إليه واستغفروه.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ [هود:3].

* مفاسد إطلاق البصر*

ومن أسباب مرض القلب فضول النظر، وهو إطلاق النظر إلى الشيء بملء العين، والنظر إلى ما لا يحل النظر إليه، وهو على العكس من غض البصر، فعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَنْ نَظَرِ الفجاءة فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي. رواه مسلم (2159). والفجأة هي البغتة، ومعنى نظر الفجأة أن يقع بصرُه على الأجنبية من غير قصد، فلا إثم عليه في أول ذلك, ويجب عليه أن يصرف بصره في الحال, فإن صرف في الحال فلا إثم عليه, وإن استدام النظر أثم لهذا الحديث, فإنه أمره بأن يصرف بصره مع قوله تعالى: قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَـٰرِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30].
وفضول النظر يدعو إلى الاستحسان ووقوع صورة المنظور في قلب الناظر، فيحدث أنواعًا من الفساد في قلب العبد، منها أن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، فمن غض بصره لله أورثه حلاوة يجدها في قلبه إلى يوم يلقاه، ومنها دخول الشيطان مع النظرة، فإنه ينفذ معها أسرع من نفوذ الهواء في المكان الخالي؛ ليزين صورة المنظور، ويجعلها صنمًا يعكف عليه القلب، ثم يعِدهُ ويُمنِّيه، ويوقد على القلب نار الشهوات، ويلقي حطب المعاصي التي لم يكن يتوصل إليها بدون تلك الصورة، ومنها أنه يشغل القلب، وينسيه مصالحه، ويحول بينه وبينها؛ فينفرط عليه أمرُه، ويقع في اتباع الهوى والغفلة، قال الله تعالى: وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [الكهف:28].
وإطلاق البصر يوجب هذه الأمور الثلاثة، وقال أطباء القلوب: بين العين والقلب منفذ وطريق، فإذا خربت العين وفسدت خرب القلب وفسد، وصار كالمزبلة التي هي محل النجاسات والقاذورات والأوساخ، فلا يصلح لسكن معرفة الله ومحبته والإنابة إليه والأنس به والسرور بقربه، وإنما يسكن فيه أضداد ذلك.
وإطلاق البصر كذلك يلبس القلب ظلمة، كما أن غض البصر لله عز وجل يلبسه نورًا، وقد ذكر الله عز وجل آية النور: ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ [النور:35] بعد قوله عز وجل: قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَـٰرِهِمْ [النور:30]، وإذا استنار القلب أقبلت وفود الخيرات إليه من كل ناحية، كما أنه إذا أظلم أقبلت سحائب البلاء والشر عليه من كل مكان.
وإطلاق البصر كذلك يعمي القلب عن التمييز بين الحق والباطل والسنة والبدعة، وغضه لله عز وجل يورثه فراسة صادقة يميز بها. قال أحد الصالحين: "من عمَّر ظاهره بإتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة وغض بصره عن المحارم وكف نفسه عن الشبهات واغتذى بالحلال لم تخطئ له فراسة".
والجزاء من جنس العمل؛ فمن غض بصره عن محارم الله أطلق الله نور بصيرته.


__________________
رب جنبني صداها ، فهي اعدى من عرفت .. هي نفسي و هي شيطاني الذي منه هربت
  #5  
قديم 06-08-2005, 01:47 PM
القعقاع بن عمرو القعقاع بن عمرو غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2005
المشاركات: 438
إفتراضي ولما قسى قلبي

ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي .. جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمن ذنب فلما قرنته .. بعفوك ربي كان عفوك أعظما
  #6  
قديم 16-08-2005, 01:13 PM
نور الحياة نور الحياة غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
الإقامة: أرض الخليج ...
المشاركات: 595
إفتراضي Re: ولما قسى قلبي

إقتباس:
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة القعقاع بن عمرو
ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي .. جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمن ذنب فلما قرنته .. بعفوك ربي كان عفوك أعظما

.. ونعِم بالله الجوّاد الكريم ..
.. يجود بعفوه على عباده ومن كمثله عزوجل ..
ولكن رغم هذا يجب على الإنسان الأخذ بالأسباب،،
و أن يجدَّ في إصلاح ما فسُد من أمره،
قبل أن يداهمه الضيف الأخير على غفلة منه...

بارك الله فيكم
وجعل الله قلوبكم عامرة بذكره
منارة بنور هديه


و ارجو أن تسمح لي بهذا التوضيح من أجل المعرفة ليس إلا ...

دخلوا على الإمام الشافعي رحمه الله وهو يموت ..
فقيل له: كيف اصبحت ؟
فقال: اصبحت من الدنيا راحلا وللاخوان مفارقا ولسوء عملي ملاقيا ولكأس المنية شاربا وعلى الله واردا ولا ادري اروحي تصير الى الجنة فأهنئها أم إلى النار فأعزيها، ثم انشد يقول :

ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي *** جعلت رجائي نحو عفوك ربي سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته *** بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب *** لم تزل تجود وتعفو منِّة وتكرما


__________________
رب جنبني صداها ، فهي اعدى من عرفت .. هي نفسي و هي شيطاني الذي منه هربت
  #7  
قديم 16-08-2005, 02:06 PM
نور الحياة نور الحياة غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
الإقامة: أرض الخليج ...
المشاركات: 595
إفتراضي


* علاج مرض القلوب *


إن علاج القلب من جميع أمراضه قد تضمَّنه القرآن الكريم.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57]، {وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا} [الإسراء: 82].

وأمراض القلوب نوعان:

"*" نوع لا يتألم به صاحبه في الحال وهو مرض الجهل، والشبهات والشكوك، وهذا أعظم النوعين ألماً ولكن لفساد القلب لا يُحسُّ به.
"*" ونوعٌ: مرضٌ مؤلمٌ في الحال: كالهمِّ، والغمِّ، والحزن، والغيظ، وهذا المرض قد يزول بأدويةٍ طبيعيةٍ بإِزالة أسبابه وغير ذلك. [انظر: إغاثة اللفهان 1/44].


وعلاج القلب يكون بأمورٍ أربعةٍ:

الأمر الأول: بالقرآن لكريم، فإنه شفاءٌ لما في الصدور من الشك، ويزيل ما فيها من الشرك ودنس الكفر، وأمراض الشبهات، والشهوات، وهو هدىً لمن علم بالحقِّ وعمل به، ورحمةٌ لما يحصل به للمؤمنين من الثواب العاجل والآجل: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}. [الأنعام: 122].

الأمر الثاني: القلب يحتاج إلى ثلاثة أمورٍ:
(أ) ما يحفظ عليه قوته وذلك يكون بالإيمان والعمل الصالح وعمل أوراد الطاعات.
(ب) الحمية عن المضار وذلك باجتناب جميع المعاصي وأنواع المخالفات.
(ج) الاستفراغ من كلِّ مادةٍ مؤذيةٍ وذلك بالتوبة والاستغفار.


الأمر الثالث: علاج مرض القلب من استيلاء النفس عليه: له علاجان: محاسبتها ومخالفتها والمحاسبة نوعان:
أ- نوع قبل العمل وله أربع مقاماتٍ:
1- هل هذا العمل مقدورٌ له؟
2- هل هذا العمل فعله خيرٌ له من تركه؟
3- هل هذا العمل يُقصد به وجه الله؟
4- هل هذا العمل معانٌ عليه وله أعوانٌ يساعدونه وينصرونه إذا كان العمل يحتاج إلى أعوانٍ؟ فإذا كان الجواب موجوداً أقدم وإلا لا يُقدم عليه أبداً.

ب- نوعٌ بعد العمل وهو ثلاثة أنواعٍ:
1- محاسبة نفسه على طاعةٍ قصَّرت فيها من حق الله تعالى فلم توقعه على الوجه المطلوب، ومن حقوق الله تعالى: الإخلاص، والنصيحة، والمتابعة، وشهود مشهد الإحسان، وشهود منَّة الله عليه فيه، وشهود التقصير بعد ذلك كله.
2- محاسبة نفسه على كلِّ عملٍ كان تركه خيراً له من فعله.
3- محاسبة نفسه على أمرٍ مباحٍ أو معتادٍ لم يفعله وهل أراد به الله والدار الآخرة فيكون رابحاً، أو أراد به الدنيا فيكون خاسراً.
وجماع ذلك أن يُحاسب نفسه أولاً على الفرائض، ثم يُكمِّلها إن كانت ناقصةً، ثم يحاسبها على المناهي ، فإن عرف أنه ارتكب شيئاً منها تداركه بالتوبة والاستغفار، ثم على ما عملت به جوارحه، ثم على الغفلة. [انظر إغاثة اللهفان 1/136].


الأمر الرابع : علاج مرض القلب من استيلاء الشيطان عليه:
الشيطان عدو الإنسان والفكاك منه هو بما شرع الله من الاستعاذة وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الاستعاذة من شر النفس وشر الشيطان، قال عليه الصلاة والسلام لأبي بكرٍ: "قل اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، ربَّ كل شيءٍ ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شرِّ الشيطان وشركه، وأن اقترف على نفسي سوءاً أو أجره إلى مسلم. قله إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك". [الترمذي وأبو داود، وانظر: صحيح الترمذي 3/142].
والاستعاذة، والتوكل، والإِخلاص، يمنع سلطان الشيطان. [انظر: إغاثة اللهفان 1/145-162].

المصادر :
** مقال للأستاذ : محمد سعد اليوسف
** خطبة للشيخ : أسامة المالكي
** موقع الموسوعة الإسلامية المعاصرة


__________________
رب جنبني صداها ، فهي اعدى من عرفت .. هي نفسي و هي شيطاني الذي منه هربت
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م