بسم الله الرحمن الرحيم
لمن أراد ان يستزيد واللهم اجعلنا هداة مهتدين برحمتك يا رب ولا تتركنا نتبع سبيل الضلال يا رب فلا حول ولا قوة لنا إلا بك يا رب العالمين اعصمنا برحمتك من ان نهلك يا رب اعصمنا برحمتك يا رب ..شاءت حكمتك أن يكون هناك اختلافا اللهم فاهدنا للحق واجعلنا ناصرين له أينما كان ونور قلوبنا به برحمتك يا الله..اللهم نعوذ بعظمتك ان نهلك أو أن نتخذ سبيل الضلال طريقا واجعل اللهم سبيل الهدى هو دربنا وطريقنا يا أرحم الراحمين يا رب.ولا حول ولاقوة لنا إلا بك يا الله.
**********************
الأصل الأول:تعريف البدعة:
لغة: أصل هذه الكلمة من الاختراع، وهو الشيء يحدث من غير أصل سبق، ولا مثال احتذي، ولا أُلف مثله قال - تعالى -
(بديع السموات والأرض)) قال الشوكاني: "هو الذي ابتدأ خلقهما على غير مثال سابق" وقوله: ((قل ما كنت بدعاً من الرسل)) قال الشوكاني: أي ما أنا بأول رسول، قد بعث الله قبلي كثيراً من الرسل.
ومن هذا الاختراع: إحداث شيء جديد في الدين، وقد غلب لفظ البدعة على هذا.
اصطلاحاً: عرفها الشاطبي (الاعتصام 1/37): عبارة عن طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله - سبحانه -.
شرح التعريف:
طريقة في الدين: أي طريق وسبيل وسنن.
في الدين: أي تضاف للدين.
مخترعة: والطرائق في الدين منه ماله أصل، ومنه ما ليس له أصل، خص من ذلك بالتعريف: القسم المخترع أي تخرج عما رسمه الشرع.
تضاهي الشرعية: تشابه الطريقة الشرعية من التزام: 1- كيفية معينة.
2- أو هيئة أو عبادة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة.
يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله: وهذا هو تمام تعريف البدعة.
الأصل الثاني: الشريعة كاملة:
قال - تعالى -: (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ))، روى البخاري ومسلم من حديث طارق بن شهاب قال: (قالت اليهود لعمر إنكم تقرؤن آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً!! قال: وأي آية؟ قالوا: ((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي)) قال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله فيه، والساعة التي نزلت فيها، نزلت على رسول الله عشية يوم عرفة في يوم جمعة)، وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً: ( إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم)، وروى الطبراني من حديث أبي ذر: تركنا رسول الله وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكر لنا منه علماً، فقال رسول الله: (ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم)، روى أبو خثيمة عن ابن مسعود
اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، وكل بدعة ضلالة).
قال مالك: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة لأن الله يقول: (( اليوم أكملت لكم دينكم ))، فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً.
قال الشوكاني: فإذا كان قد أكمل دينه قبل أن يقبض نبيه، فما هذا الرأي الذي أحدثه أهله بعد أن أكمل الله دينه.
إن كان من الدين في اعتقادهم فهو لم يكمل عندهم إلا برأيهم وهذا فيه رد للقرآن، وإن لم يكن من الدين فأي فائدة في الاشتغال بما ليس من الدين.
قال الذهبي:"كل ما أحدث بعد نزول هذه الآية فهو فضلة وزيادة وبدعة".
الأصل الثالث: أسباب البدع:
1) الجهل بمصادر الأحكام وبوسائل فهمها: مصادر الأحكام: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس الصحيح.
القرآن: قد يسيء فهمه من قبل البعض فيقعون في البدعة.
السنة: قد تجهل الأحاديث الصحيحة، وتهدر الأحكام المتعلقة بها، أو الأخذ بالأحاديث الضعيفة وبناء الأحكام عليها.
الإجماع: قد يجهل مواضع الإجماع، أو قد يقال بإجماع بعض الأمة ولم يؤخذ بها مما يؤدي إلى البدع.
القياس: القياس لا يرجع إليه في أحكام العبادات لأنه يدخل في الأحكام المعقولة المعنى، والعبادات ليست كذلك، أو قد يستخدم في مقابلة نص.
2) متابعة الهوى في الأحكام:
(( ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله)).
وبمتابعة الهوى: تكتسح الأديان، ويقتل كل خير.
3) تحسين النطق بالعقل في الشرعيات:
فالعقل قد جعل له حدٌ ينتهي في الإدراك إليه، ولم يجعل لها سبيلاً إلى إدراك كل شيء، قال الشافعي: من استحسن فقد شرع.
الأصل الرابع: حكم البدع:
1- البدعة مردودة على فاعلها، والعمل المبتدع ليس له أجر فيه.
روى مسلم من حديث عائشة: قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد)، وفي رواية: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
قال ابن رجب: فهذا الحديث يدل بمنطوقه على أن كل عمل ليس عليه أمر الشارع فهو مردود، ويدل بمفهومه على أن كل عمل عليه أمره فهو غير مردود)[الجامع 1/177].
قال ابن حجر: (وهذا الحديث معدود من أصول الإسلام، وقاعدة من قواعده، فإن معناه من اخترع من الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله فلا يلتفت إليه)[الفتح].
قال النووي: هذا الحديث مما ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات، وإشاعة الاستدلال به كذلك. [شرح مسلم 12/16].
قال الألباني: وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وهو من جوامع كلمه، فإنه صريح في رد وإبطال كل البدع والمحدثات. [الإرواء رقم 88].
وقال ابن رجب: وهذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها كما أن حديث
الأعمال بالنيات) ميزان للأعمال في باطنها، فكما أن كل عمل لا يراد به وجه الله - تعالى - فليس لعامله فيه ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله فهو مردود على عامله، وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله فليس من الدين في شيء.
الأصل الخامس: وجوب معرفة البدعة والتحذير منها.
معرفة البدعة واجب من أجل أن يتوقاها المسلم ولا يقع فيها، في الحديث المتفق عليه عن حذيفة بن اليمان: (كان الناس يسألون رسول الله عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فأقع فيه).
قال الشاعر:
عرفت الشر لا للشر لكـن لتـوقيـه ***ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه
ومعرفة الأشياء بأضرارها مسلك قرآني عظيم
( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم)).
وقد جاءت أدلة في السنة تحذر من الوقوع في البدع:
وفي حديث أبي داود والترمذي في حديث العرباض بن سارية قال
وعظنا رسول الله موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة).
قال ابن رجب: فكل من أحدث شيئاً ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة، والدين برئ منه، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة. [الجامع 2/128].
وكان يقول في خطبته: (إن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها).
ومن كلام السلف:
قال يحي بن معاذ الرازي: اختلاف الناس كلّهم يرجع إلى ثلاثة أصول، فلكل واحد منها ضد، فمن سقط عنه وقع في ضده: التوحيد وضده الشرك، والسنة وضدها البدعة، والطاعة وضدها المعصية.
قال أبو شامة المقدسي
وقد حذر النبي وأصحابه – فمن بعدهم – أهل زمانهم من البدع ومحدثات الأمور، وأمروهم بالاتباع الذي فيه النجاة من كل محذور، وجاء في كتاب الله من الأمر بالاتباع بما لا يرتفع معه الترك (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ))، وقال - تعالى -: (( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون)).
قال مجاهد: ولا تتبعوا السُبُل: البدع والشهوات.
والعز بن عبد السلام يقول: طوبى لمن تولى شيئاً من أمور المسلمين فأعان على إماتة البدعة، وإحياء السنن، وقال أيضاً: يجب إنكار البدع المضلة وإقامة الحجة على إبطالها سواء قبلها قائلها أوردها.
وقال المروذي: قلت لأبي عبد الله: ترى للرجل أن يشتغل بالصوم والصلاة ويسكت عن الكلام في أهل البدع؟ فكلح في وجهه، وقال: إذا هو صام وصلى واعتزل الناس أليس إنما هو لنفسه؟ قلت: بلى، قال: فإذا تكلم كان له ولغيره، يتكلم أفضل.
وقال قتادة: إن الرجل إذا ابتدع بدعة ينبغي لها أن تذكر حتى تُحذر.
الأصل السادس: اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة.
هذه الكلمة وردت عن كثير من الصحابة منهم أبو الدرداء وابن مسعود.
وعن أبيّ بن كعب: وإن اقتصاداً في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة، فانظروا أن يكون عملكم إن كان اجتهاداً أو اقتصاداً أن يكون ذلك على منهاج الأنبياء وسنتهم - صلوات الله عليهم -.
وهذه الكلمة جاء معناها في السنة: روى النسائي وابن ماجة وأحمد أنه قال: (إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين).
وروى الشيخان من حديث عائشة: (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل).
وقال: (إن لكل عمل شرة ثم فترة فمن كانت فترته إلى بدعة فقد ضل، ومن كانت فترته إلى السنة فقد اهتدى)، وورد هذا المعنى عن جمع من السلف:
سلام بن سُليم أبو الأحوص كان يقول: يا سلام نم على سُنَّة خير من أن تقوم على بدعة.
والنخعي قال: لو أن أصحاب محمد مسحوا على ظفر لما غسلته التماس الفضل في اتباعهم.
وابن كثير يقول: ومن لم تسعه طريقة الرسول وطريقة المؤمنين السابقين فلا وسع الله عليه.
الأصل السابع: من الذي يميّز البدع؟
لابد لمن أراد تميز البدع أن يعرف أمرين مهمين:
1- سيرة الرسول وسنته، فهي كالقاعدة للتمييز بين السنن والبدع.
2- علم أصول البدع، ليسهل عليه معرفة البدعة وأقسامها وحكمها، ويقعِّد تخريج الفروع على هذه الأصل.
وقد تنكر بعض الأشياء على أنها بدع، ولكن المعهود والصحيح أنه ليس فيها شيء من ذلك:
1- ما أنكر السيوطي:"من تشييد البنيان بالجص والأجر وأنه بدعة"، وهو من العادات وليست من العبادات.
2- أنكر سعد بن أبي وقاص على رجل لبى بقوله: لبيك ذا المعارج فقال له: إن الله ذو المعارج، ولكن لم نقول ذلك مع نبينا.
ولكن ثبت تقريراً في السنة جواز هذه التلبية روى أبو داود وأحمد عن جابر: (والناس يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام، والنبي يسمع فلا يقول لهم شيئاً).
3- روى مسلم عن عائشة: أنها ومعها نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - طلبن من النساء أن يأتوا بسعد بعد موته للصلاة عليه، فقيل: هذه بدعة ما كانت الجنائز يدخل بها إلى المسجد، فبلغ ذلك عائشة. فقالت:"ما أسرع الناس إلى أن يصيبوا ما لا علم لهم به، عابوا علينا أن يمر بجنازة في المسجد، والله ما صلى رسول الله على سهيل بن بيضاء وأخيه إلا في جوف المسجد".