مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة المفتوحة
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 07-05-2006, 10:22 AM
عصام الدين عصام الدين غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2000
المشاركات: 332
إفتراضي مـزابـل قـوم عند قـوم مـوائـد ©

غزو المحمول كغزو الجراد، هكذا أرى الأمور، لقد ملأ الأسواق و الأزقة و الفضاءات و العقليات في فترة قصيرة، و أصبح كل شخص حاملا سائرا واضعا اسمه و سمعه تحت ارادة الآخرين متى شاؤوا، فاتحا باب التواصل على مصراعيه، بسبب أو بدونه، و بعلة وجيهة أو تافهة لا يهم، فالمهم هو الكلام و استمراره ليلا و نهارا، حتى تزيد ارباح شركات المحمول و تتوسع لتشمل الجميع و يكتمل الغزو على امتداد الآفاق، من الشيخ إلى الطفل و من سيدة الاعمال إلى عاملات النظافة.
ماذا يعني كل هذا؟ و هذه الرغبة المشتعلة في الكلام مع الآخر؟ و هل هكذا يكون دخول عصر الاتصال؟ بثرثرة لاهية عن ثمن البصل و حالة الجو يفوق ثمنها ثمن وجبة عشاء أسرة بكاملها؟ أهي علامة جديدة من علامات التمدن و التحضر يعلنها العبد بفخر و هو يضع المحمول برفقته ليجعل من نفسه عبدا للطرف الآخر من الخط في كل وقت، سواء أكان رئيسا في العمل أو زوجة متشككة أو دائنا ملحاحا أو ضيفا ثقيلا، إلى غير ذلك من الأستعمالات، و التي يظل أقلها في تقديري هو الاستعمال العملي النافع لهذا الجهاز.
ماذا لو حللنا هذا السيل الضخم من المكالمات الذي يعم فضاء البلد و مدنه و قراه في ساعة من الزمن، إذن لخرجنا بعينة صادقة دقيقة عما يتداوله الناس و يقولونه، عينة تكشف و لاشك مشاكل المجتمع و اهتماماته و طموحاته و احلامه و عواطفه و حتى تفاهاته، و هي مادة دسمة للبحث الاجتماعي و النفسي و التاريخي عما يفكر به شعب في ساعة من الزمن و في حقبة بعينها و مكان محدد، إنطلاقا مما يقوله كبار القوم لبعضهم البعض فرحين بما عندهم و هم يضحكون على أذقان الأغلبية العريضة الصامتة، إلى ما يتداوله المراهقون و المراهقات عن المواعيد في الحدائق العمومية أو في أماكن خارج التغطية البصرية. و سوف يمكن أن يستنتج الباحثون النتائج الثقيلة في ميزان التاريخ و البحث. و من ما يتداوله الحكام و المخابرات و الصناع و بائعو الخضر و المعلمون و الرياضيون و الفنانون و أصحاب الدكاكين و الحلاقون و بائعات الهوى الرخيص، سوف نخرج بأجمل و أعمق مادة أولية لكتاب يلخص حياة هذه الأمة. و تشمل في ثناياها جميع المكونات المتناقضة من مراهق يسأل أمه عما أعدت للعشاء في مكالمة يفوق ثمنها قيمة هذا العشاء، إلى الرومانسية من خلال مكالمة بين راعي غنم يضرب للمعشوقة موعدا عند النهر، و حتى المدرسة الرمزية الموغلة في الإلغاز ستكون حاضرة من خلال مكالمات رجال الأمن و التي تتم حتما بالرموز حتى لا يستبيح مضمونها أحد فتضيع أسرار الدولة عبر الهواء لتصل الى أسماع العامة و الدهماء.
و على شاكلة مدرسة الحوليات التاريخية ستنشأ مدرسة "المحموليات" التي تدرس السوسيولوجيا و الاقتصاد انطلاقا مما تتداول الافواه و الاسماع في غفلتها عن اللواقط التي تنظم الاتصال و تحلل كل صغيرة و كبيرة.
هذه هي الصورة التي تشكلت اليوم عقب الغزو الرهيب للمحمول بحيث اصبح كل حامل لا يستطيع المشي و لا الجلوس و لا النوم بغير المحمول. و هي علاقة تطرح أكثر من تساؤل في هذه البلدان العربية المتخلفة التي ينفق سكانها السذج مقابل إطلاق الكلام على عواهنه عبر الهواء أكثر مما ينفقون على الخدمات الحقيقية الملموسة، لأن تيار الموضه و اكتساب مظاهر العصر غلب على وعيهم و لا وعيهم فما عادوا يطيقون عنه استغناء، و تفننوا في مظاهرة و اشكاله و أحجامه حتى فاقوا بذلك أصحابه الاصليين ولعا به، حتى لتجدن أهم أرباح شركات المحمول تتحقق في الدول العربية التي تجتهد نساؤها في حمل هاتف بلون مختلف مع كل بذلة.
و أتساءل، ترى كم ندفع من مال في فاتورة الهاتف في الشهر ، و كم نشتري من كتاب في نفس الفترة؟
في السنوات القادمة ستفوق المبالغ المنفقة على تبادل الكلام مجموع الديون الخارجية للدول العربية، و لن تستفيد منه هذه الدول بل الشركات المحتكرة للقطاع و هي في معظمها شركات عالمية عابرة للقارات، ناقلة للأرباح من رزقنا إلى جيوب اثرياء الغرب و شكراته الضخمة المرتكزة في الشمال الغني ليزداد غنى، و ليزداد الجنوب فقرا و ثرثرة خاوية. بفضل استهلاكه الأعمى لمزابل التكنولوجيا.
و بذلك يكتمل مشهد العبث، و تكتمل سخرية المحمول من حامله، و الغرب الصامت من ثرثراتنا التي ما عادت مجانية كما في الماضي السعيد.
__________________
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
حسب الواجد إقرار الواحد له.. حسب العاشق تلميح المعشوق دلالا.. وأنا حسبي أني ولدتني كل نساء الأرض و أن امرأتي لا تلد..
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م