مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 23-08-2004, 02:03 AM
شوكت شوكت غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2001
المشاركات: 348
إفتراضي الحصن الوطني لا البيت الطائفي

الحصن الوطني لا البيت الطائفي
هشام حسين يونس




كثُر في الآونة الأخيرة تداول مصطلح البيت الشيعي وهي التسمية التي أُطلقت على تجمّع قوى وشخصيات سياسية شيعية في العراق للتعبير عن تكتل سياسي مذهبي شيعي ينحو باتجاه كينونة مذهبية إذا لم نقل بأنه أُسس على أساسها.
ولقد استفزني هذا المسمّى المتفشي (!!) أيّما استفزاز(1)، ولقد حاولت جاهدا، حينما تناقلته وسائل الإعلام للمرة الأولى، أن أجد المبررات لهذه التسمية وأعيد ترتيب بعض محطات التاريخ السياسي الحديث للمسلمين الشيعة إلا أنني لم أخلص الى نتيجة مقنعة بل على العكس من ذلك، فإن التاريخ كان يثبت دائما أن المسلمين جميعهم على مختلف مذاهبهم شكلوا مجتمعين النواة الصلبة للتاريخ الإسلامي منذ بداياته ما بعد عهد الرسول (ص) وكانوا بتنوّعهم هذا سبب غنى الفكر الإسلامي وديناميته.
وإذا كان المسلمون الشيعة قد تعرّضوا للاضطهاد السياسي في محطات تاريخية عدة فإن ذلك لا يعني بحال من الأحوال بأن هناك تاريخا منقطعا أو خاصا بالمسلمين الشيعة بل ان فلسفة التاريخ تقوم في مقدماتها كما في مآلاتها والسياق على التكامل حتى في الدائرة البشرية الأوسع أعني بها التاريخ البشري العام فكيف بها الحال في تاريخ المجموعات الدينية الواحدة. ولذلك فإن استعمال مسمّيات من قبيل تاريخ الشيعة أو السنة، أو غيرها، يكون لغرض التحديد ليس إلا. إذ ليس هناك تاريخ للشيعة من دون السنة والعكس صحيح. وكذا يكون المستقبل أو لا يكون في الحقيقة.
إلا أن اللافت أن البعض أخذ، عن قصد أو عن غير قصد، يستعمل هذه التوصيفات في سياق مغاير ألا وهو رسم معالم كينونة مستقلة بدءاً من التاريخ، التاريخ السياسي الى الجغرافيا، جغرافية كيانية إذا ما شئنا التحديد لهذه الفئة المسلمة أولا وأخيرا وبالتالي لم يبقَ إلا تحديد الحاكم لتكتمل عناصر الكيان وسط محيط مغاير. ويجد سيناريو كهذا مثاله في البيت الشيعي. إنه المآل الأكثر التباساً في التاريخ الاستشراقي لجماعة المسلمين ومن قبلهم الشرقيين (مسيحيين، مسلمين، هندوس..).
وعلى الرغم من محاولات العبث بالسياقات التاريخية من قبل <<قوى الاقتدار>> لمصلحة أجندة السيطرة والاستعمار فإن التاريخ بما يشكل روح المجموعات، أصالة الشعوب وانتماءاتها الخالصة، كان يحتفظ بأصالة تلك العناصر ليعاود الانتظام مقوّماً العبث ومصلحاً الخلل وملقياً بأولئك خارجه ولعل في ما يكرره المسلمون في واقعة مقتل الإمام الحسين (ع) أكثر من دلالة فالإمام الحسين انتصر شهيداً وبقي نهجه وذكره متّقداً في عقول وأفئدة المسلمين جميعاً فيما انهزم الطاغية يزيد وانمحى ذكره وحتى الأثر.
اليوم يُعاد إنتاج السيناريو الأكثر قدماً تجاه المنطقة القائم على الخريطة، في تنوّع الدينية، المذهبية، القومية والاتنية للمنطقة والتي كانت مصدر غنى لجعلها سبب تفكك وتشرذم. والنتيجة المتوخّاة هي إعادة تشكيل المنطقة تقسيماً بالأدواتية ذاتها التي سبق استخدامها منذ قرن ونصف. الادواتية التي خلصت أجهزة الإمبراطورية المستعمرة المَسُوْسة بعقلية السيطرة باستمرار صلاحياتها، تلك الأدواتية المستعملة منذ ما قبل إقرار الخط الهمايوني وبعث مقولة الأقليات في بلاد الشام. وإذا ما كان مرض <<الدولة العثمانية>> ذريعة حينذاك فإن موات <<الدولة العربية>> الحديثة (إذا ما وجدت) وفسادها وغياب الإصلاح كعامل من عوامل تفشي <<الإرهاب>> ليس إلا (وليس كحركة طبيعية لتطور المجتمعات) الذريعة الجديدة للسيناريو المتجدد. وهكذا ستُنشط إمبراطورية الاحتلال عقد الأقليات المَسومة بالخوف من طغيان الأغلبية وفقدان الحقوق بمواطنة حقة (لا يتمتع بها أحد أصلاً) لتصبّ في خدمة أهدافها لبسط السيطرة وتفكيك المنطقة في سبيل إعادة تشكيلها أكثر ضعفاً وتفككاً.
هنا يأتي البيت الشيعي وغيره من الأطر المذهبية والعرقية (والبيت الشيعي هنا مثال) من جهة ومجموعات التكفير المشبوهة التي ستتزايد وتتفشى تباعاً لتصبّ جميعها، وفي الأغلب عن غير قصد، في خدمة أجندة المستعمر الجديد وبالاعتماد على هذه العقد الجماعية <<عقدة الأقلية>> و<<عقدة الخوف>> لتستبدل العلاقة ما بين المجموعات القائمة على الخوف بتلك التي كانت تقوم على اللحمة والأخوة في الدين والوحدة في التاريخ والأرض والتقاليد واللغة..
ويستعمل المستعمر فوبيا الخوف الجماعي هذه بوجهين فهو يخيف الأقلية بالأغلبية بالتلويح بالتاريخ، فيما يخيف الأغلبية بالسلاح ذاته أي عقدة الخوف ولكن بالتلويح بالمستقبل. فأي مستقبل سينتظر المسلمون السنة في عراق يسيطر عليه البيت الشيعي والمحكوم بعقدة الخوف من الماضي ومن خطر الفكر التكفيري <<السني>>؟ إنه أقذر السيناريوهات التي سبق أن أودت في بلادنا بحياة الآلاف ما بين المسلمين والمسيحيين وما بين المسلمين أنفسهم فضلا عن أنها كانت تعيد دورة التطوّر الى الوراء مخلّفة التخلّف على مستويات عدة والذي لا زلنا نعاني منه فضلا عن ضرب وتفكيك الوحدة الاجتماعية لأمتنا وهو ما أسس لخلل واضح في العقد الاجتماعي الناظم لمجتمعنا وبالتالي لنتاجه: الدولة، التي يحاكمنا المستعمر اليوم على فسادها مرة بعد أخرى.
إنه السيناريو الذي نجح وينجح بمقدار غياب وعي الانتماء الأوسع الى الهوية. فمنذ متى يخشى العرب بعضهم بعضاً؟ والمسلمون بعضهم بعضاً، أكراداً وعرباً سنة وشيعة؟ ألم يكن ذلك في كل مرة تعلو فيه عصبية المجموعة على الانتماء للجماعة والأمة (إسلامية كانت أم عربية) ألم يتّحد هؤلاء جميعهم في ظروف أكثر شدة وقسوة ومدعاة للفرقة في ما بينهم، والمسلمون الشيعة على وجه الخصوص، انتصارا للهوية الأوسع للإسلام وفداء له؟
أم أن الانتماء الأول بات للطائفة أو للمذهب وليس للدين، للمجموعة وليس لجماعة الأمة وبين هذا وذاك أين تُمسي الأمة وماذا يبقى من الوطن؟
هذا هو بالتحديد مشروع المستعمر وإذا شئت الشرق الأوسط الجديد، بيوت عدة تفكك وعينا الجماعي وتقوض مفهوم الأمة والوطن. تسقط القضايا الكبرى وتنقل <<الجبهات>> مع <<العدو>> الى الداخل تصنع لنا من بعضنا بعضاً أعداء وتترك الأحرار المقاومين الباقين منّا على انتمائهم والمخلصين لقضاياهم غرباء من غير ظهير. حينها تضيع صرخات أمهات أم الفحم، رام الله وجنين في لجة استكمال المشروع القديم للدولة الوحيدة المتبقية وسط بيوت الأزقة والزواريب من دون كلل منذ أكثر من قرن، دولة إسرائيل. فيما ننشغل نحن بمتابعة ساذجة لمؤتمر صحافي يبث على الهواء مباشرة لأحد تلك البيوتات.
ولا أودّ أن أختم بموعظة فالموقف يتطلب أكثر من ذلك بكثير. أوقفوا هذا العبث لنعد جميعنا الى هويتنا الفضلى الى إنسانيتنا أولا التي تجمعنا جميعنا من دون شروط أو تصنيفات ومن ثم الى هويتنا المعرفية، مسيحيين ومسلمين، سنة وشيعة عربا وأكرادا. أغلقوا هذه البيوت أوقفوا هذا الإمعان بتبعيض وعينا وتشتيته لنعد الى حصوننا المنيعة الى وعي الأمة حيث نقوى بوحدتنا مع بعضنا بعضا نشد أزر بعضنا بعضاً مسلمين ومسيحيين سنة وشيعة وآخرين في مواجهة هذه الحملة التي تستهدفنا جميعا. هذه هي هويتنا، هذا هو انتماؤنا، هذا هو حصننا، بيتنا الحقيقي ولا بيت سواه.
() باحث وأستاذ جامعي لبناني.
(1) وأنا المسلم الشيعي العربي إذا ما شاء القارئ العربي، أن يشفي غليله، الباحث عن هوية لكاتب هذه المقالة، القارئ الأكثر <<هوساً>> في عصبية الانتماءات الأضيق على حساب تلك الأكثر شمولية.
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م