مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 20-09-2006, 08:01 PM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي الإسلام والسيف ... د. مصطفى الشكعة !!!

(1)






د. مصطفى الشكعة


يخطئ كثير من المستشرقين وغير المستشرقين حينما يذهبون في كتاباتهم إلى أن الإسلام قد انتشر بالسيف، وهم يحاولون إلباسَ دعواهم ثيابَ صدقٍ وحَيدةٍ حين يربطون بين الفتوحات الإسلامية ونشر الإسلام، والحق أن الذين يركبون المركب الخشِن في محاولة الربط بين نشر الدعوة الإسلامية وامتشاق الحسام ليسوا إلا واحدًا من رجلين:

- رجل حسن الطوية ولكنه قاصر في اطلاعه، لم يأخذ من الدراسة حول الإسلام إلا قشورًا دون أن ينفذ إلى اللباب، فيطلع على جمهور القراء بأفكار فجَّة ومعلومات خاطئة، واستنتاجات ظالمة.

- ورجل قرأ وفهم ووعى ما قرأه، ولكنه سيئ النية، شرِّير الطوية، يغالط نفسه ويظلم الإسلام بنسبة أمور إليه هو منها براءٌ.

فالمعروف أن المسلمين لم يشهروا السيف لأول مرة إلا في غزوة بدر، وهم حين فعلوا ذلك لم يكونوا عادين ولا ظالمين، وإنما كانوا يدافعون عن الدعوة التي أنزلها الله على رسوله، فآمنوا بها وهاجروا في سبيلها وحاربوا حفاظًا عليها، وإن المتتبع بعد ذلك للوقائع التي عُرفت بالغزوات لا يجد كثير عناء في أن يستنتج أن السيف الإسلامي قد شهر فيها دفاعًا عن الدين الجديد، وذَودًا عن حياض المسلمين، وحفاظًا لأرواحهم وعقيدتهم، فكانت الغزوات إمَّا حربًا دفاعيةً وإما حربًا وقائيةً، والحرب الدفاعية والحرب الوقائية كلاهما سواء.

فلما استتبَّ الإسلام في الجزيرة العربية وبدأت الفتوحات لم تكن تهدف إلى نشر الدين بقوة السيف، وإنما كانت لإخضاع الحكام الظالمين وسلِّ عروشهم، وإنقاذ أبناء البشرية مما أوقعوه عليهم من جَور، وما أحاطوهم به من ظلم وإذلال، ولذلك فإن المسلمين في فتوحاتهم لم يُرغموا أحدًا على الإسلام، ولم يقتلوا طفلاً، أو يؤذوا امرأةً، أو ينالوا شيخًا بضَرَرٍ، فلم تكن الفتوحات الإسلامية في واقعها لتحويل غير المسلمين إلى مسلمين، وإنما كانت لتوسيع نطاق السيادة الإسلامية التي هي سيادة الله، وبسط العدالة والطمأنينة على ربوع العالمين.

فأسلوب الدعوة إلى الإسلام بعيد كل البعد عن الدماء، بريءٌ كل البراءة من شهر السيف وامتشاق الحسام، وإنما السبيل إلى ذلك مسطور في حنايا الكتاب العزيز في أكثر من آية من آيات الله، فسبيل نشر الدعوة ينحصر في أن قوة الدعوة نفسها أمضى وأقوى من قوة السيف، فالله تعالى يقول: ﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ (البقرة: من الاية 256) ويقول: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (النحل: من الآية 125) ويقول ﴿وقُلْ لِلَّذِيْنَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدْ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)﴾ (آل عمران: من الآية 20).

هذا هو دستور الدعوة الإسلامية، سبيلٌ كله سلامٌ وحريةُ اختيار، لا إجبار ولا إكراه، ولذلك فمن الحقائق التاريخية المسلَّم بها أن المسيحيين من العرب ظلوا متمتعين بكامل حقوقهم، وأن عمر بن الخطاب لم يفرق بين تغلب المسيحية وبين المسلمين، ومعروف أيضًا أن المسيحيين في الشام طلبوا نجدة الجيوش الإسلامية لكي تخلِّصَهم من ظلم الروم، ولكي تنشرَ العدل بينهم، فقد كانت رسالة السماء تفرض إشاعة العدالة بين الناس أيًّا كان دينهم، وإذا كان الإسلام قد فرض الجزية عليهم فلم يكن ذلك عقابًا لهم، وإنما كان ثمنًا لحمايتهم، وفي نفس الوقت سمح لهم بإقامة شعائرهم الدينية والتمتع بكامل حقوقهم على وجه من العدل والإنصاف.

وكان الحال كذلك أيضًا بالنسبة للقبط في مصر، وقد لاقوا من الاضطهاد قبل الفتح الإسلامي ما جعلهم ينتظرون وصول العرب الفاتحين بفارغ الصبر، يقول السير توماس أرنولد في وصف حالهم: "كان بعضُهم يعذَّب ثم يلقَى بهم في اليم، وتبع كثيرٌ منهم بَطْرِيقَهم إلى المنفى لينجوا من مضطهِديهم، وأخفَى عددٌ كبيرٌ منهم عقائدَهم الحقيقية وتظاهروا بقبول قرارات مجمع خلقدونية، وقد جلب الفتح الإسلامي إلى هؤلاء القبط حياةً تقوم على الحرية الدينية التي لم ينعموا بها قبل ذلك بقرن من الزمان، وقد تركهم عمرو بن العاص أحرارًا على أن يدفعوا الجزية، وكفل لهم الحرية في إقامة شعائرهم، وخلَّصهم بذلك من هذا التدخل المستمر الذي كانوا يئِنُّون من عبئه الثقيل في ظل الحكم الروماني، ولم يضع عمرو يده على شيء من ممتلكات الكنائس، ولم يرتكب عملاً من أعمال السلب والنهب، ويظهر أن حالة القبط في الأيام الأولى من حكم المسلمين كانت معتدلةً، وليس هنالك شاهد من الشواهد يدل على أن ارتدادهم عن دينهم القديم ودخولهم في الإسلام على نطاق واسع كان راجعًا إلى اضطهاد أو ضغط يقوم على عدم التسامح من جانب حكامهم المسلمين" (الدعوة إلى الإسلام: ص: 123، 124)، وهكذا وجد القبط في ظل الإسلام الحريةَ الكاملةَ بعد أن قتل الإمبراطور جستنيان من قبط الإسكندرية الأرثوذكس وحدهم مائتي ألف مواطن.

وما يقال عن دخول مسيحيّي مصر إلى الإسلام دون ضغط أو إكراه يقال عن غيرهم من سكان البلاد التي فتحها المسلمون، وها هي رسالة كتبها البطريق النسطوري يشوع ياف الثالث Isho Yabh وبعث بها إلى المطران سمعان- رئيس أساقفة فارس- يقول فيها بعد أن صوَّر حزنه لتحوُّل كثير من المسيحيين الفرس إلى الإسلام: "وإن العرب- الذين منحهم الله سلطان الدنيا- يشاهدون ما أنتم عليه، وهم بينكم كما تعلمون حق العلم، ومع ذلك فهم لا يحاربون العقيدة المسيحية، بل على العكس، يعطفون على ديننا ويكرمون قُسُسَنا وقديسي الرب، ويجودون بالفضل على الكنائس والأديار، فلماذا إذن هجر شعبُك من أهل مرو عقيدتهم من أجل هؤلاء العرب؟ ولماذا حدث ذلك أيضًا في وقت لم يرغمهم فيه العرب- كما يصرح أهل مرو أنفسهم- على ترك دينهم؟ بل هم تعهَّدوا لهم أن يبقوا عليه آمنًا مصونًا إذا هم اقتصروا على أداء جزء من تجارتهم إليهم" (توماس أرنولد: ص: 101، 182).

والإسلام لم يحفظ على غير المسلمين عقيدتهم وحياتهم وحسب، بل إن بعض حكام المسلمين بالغوا في إكرام المسيحيين واليهود، فوضعوهم في مناصب الدولة المهمة، بحيث كان منهم الوزراء والحجَّاب، سواءٌ في الدولة العباسية في بغداد أو الدولة الفاطمية في مصر أو الخلافة الإسلامية في الأندلس.

على أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل إن صلاح الدين الأيوبي الذي خاض الحروب الصليبية لم يأخذ رعاياه من المسيحيين بجريرة القادمين الباغِين من أوروبا، وإنما عاملَهم برفْقٍ أكثر، وأسبغ عليهم تسامحَه، وخفَّف عنهم الضرائب وأزال بعضها، ووضعهم في الوظائف كوزراء وكتَّاب وصيارفة، وظل حالُهم كذلك من السعادة والرعاية والاستمتاع بحرياتهم كاملةً في عهد خلفاء صلاح الدين..

لم يدخل أحد إلى الإسلام إذن خوفًا من السيف، وإنما العقيدة نفسها كانت كالنور الوهَّاج يجذب إليه الأنظار، فدخلت أفواج الناس إلى الإسلام عن رِضًى وارتياح وإيمان، فحوادث إجبار غير المسلمين على اعتناق الإسلام قليلة نادرة، وهي فرديةٌ في الغالب، ولعلها في الديانات الأخرى أكثر وأعمّ، فشرلمان- ملك فرنسا- كان يفرض التعميدات المسيحية بحد السيف وكان أولاف ملك النرويج يذبح من يرفض الدخول في الدين المسيحي من سكان فيكن VIKAN (الجزء الجنوبي من النرويج) أو يقطع أرجلهم وأيديهم، كما وجدت جماعةٌ متعصبةٌ لنشر المسيحية بالقوة أسموا أنفسهم إخون السيف.

فالذين ذهبوا إلى أن الإسلام قد انتشر بالسيف قوم مخطئون كل الخطأ؛ لأن الدين الذي يعتمد على السيف لكي ينتشر دين ضعيف، وليس الإسلام كذلك، وليس أدلَّ على ذلك من أن المهاجمين لديار الإسلام المنتصرين على المسلمين ما لبِثوا أن اعتنقوه دينًا وآمنوا برسالته، مع أن طبيعةَ الأمور تقضي أن يحوِّلوا المسلمين إلى دينهم لا أن يتحوَّلوا هم إلى الإسلام.

فالسلاجقة الوثنيون الذين فتحوا بلاد ما وراء النهر وتقدَّموا إلى العراق العجمي وظلوا يزحفون شيئًا فشيئًا حتى أخضعوا أكثر الأراضي الإسلامية.. هؤلاء الوثنيون الظافرون الفاتحون الغالبون ما لبث الدين الإسلامي بقوته وسلامته وسماحته أن استهواهم فاعتنقوه، وصاروا سلاطين مسلمين، وليس الأمر موقوفًا على هؤلاء السلاجقة وحدهم فإن قومًا أشد منهم عتوًّا وأعنف منهم ظلمًا، وأكثر منهم تعطُّشًا إلى الدماء، قد هاجموا ديار المسلمين وقضوا على خلافتهم، وقتلوا خليفتهم وخضَّبوا الأرض بدمائهم، ورنقوها بأشلائهم، أولئك هم المغول التتار المتوحِّشون الوثنيون الغالبون المنتصرون، الذين ما لبثوا أن انضمُّوا بعد حينٍ تحت لواء الإسلام، فهذَّب أخلاقهم، وجعل لهم حضارةً وفنونًا عُرفت باسم الفنون المغولية.

من يصدِّق أن هؤلاء التتار الذين سفكوا من دماء المسلمين ما لم يسفكه أحد من قبلهم، والذين يصف ابنُ الأثير فظائعهم، وجعْلهم مساجد بخارى اصطبلات خيل، وتمزيقهم للقرآن الكريم، وهدم مساجد سمرقند وبلخ، فيقول: "لقد بقيت عدة سنين معرِضًا عن ذكر هذه الحادثة استعظامًا لها، كارهًا لذكرها، فأنا أقدم إليها رِجلاً وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهُل عليه نعي الإسلام إلى المسلمين؟ ومن الذي يهُون عليه ذكر ذلك؟ فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني متُّ قبل هذا وكنت نسيًا منسيًّا.. إلى أن حثني جماعةٌ من الأصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعًا، فنقول: هذا الفعل يتضمن ذكر الحادثة العظمى، والمصيبة الكبرى التي عقمت الأيام والليالي عن مثلها، عمَّت الخلائق، وخصَّت المسلمين، فلو قال قائل منذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم وإلى الآن: لم يبتلوا بمثلها لكان صادقًا" (ابن الأثير حوادث سنة 617هـ).

نقول: من يصدق أن هؤلاء المتوحِّشين يدخلون الإسلام طائعين وهم الظافرون الكاسحون المنتصرون؟!

على أن الأمر بالإسلام لم يقِف عند اجتذاب الوثنيين الظافرين من السلاجقة والمغول وحدَهم إليه، بل إنه جذب بعضَ الصليبيين الذين جاءوا ليحاربوا المسلمين فدخلوا فيه طائعين مختارين زرافاتٍ ووحدانًا؛ ذلك أن جنود الصليبيين بينما كانوا يجتازون آسيا الصغرى في طريقهم إلى بيت المقدس تجسَّس عليهم الإغريق من أبناء دينهم، وأبلغوا الترك المسلمين بمواقعهم، فهاجمهم الترك المسلمون وأوقعوا بهم ومزَّقوهم شرَّ ممزق، غير أن من نجا منهم- أيْ من الصليبيين- كانوا في حالةٍ من البؤس والإسراف على الموت لدرجةٍ استدرَّت عطف الترك المسلمين، فما كان منهم إلا أن واسَوا المرضَى وعالجوهم، وأغاثوا الجائعين المشرفين على الهلاك، وبذلوا لهم العطاء في كرم وسخاء .

آخر تعديل بواسطة أبو إيهاب ، 08-10-2006 الساعة 07:50 AM.
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م