مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة بوح الخاطر
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 17-01-2007, 12:55 PM
خاتون خاتون غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2006
الإقامة: المغرب
المشاركات: 246
إفتراضي ذات حزن، جلست إلى بيلسان

في لحظة من لحظات جنون بيلسان، جلست إليها معاتبة وكنت أسأل نفسي لم كل هذا الحزن من امرأة تحمل اسما نورانيا ... ألم يستطع نور اسمها أن يمحو سواد حروفها؟ أليست هناك ألوان أخرى غير السواد ترتديها؟ أليست هناك شموس تشع من بريقها؟
ثم ترددت واختلطت مشاعري وارتبكت حروفي فتساءلت : لم لا أعانقها وأنصت إلى وشوشاتها؟ ولم لا يكون الحزن شيئا جميلا حين يتحول إلى حروف قرمزية؟ أليس الحزن لون البوح الجميل؟
حاولت أن ألاعبها بمفردات اللغة فعجزت أن أخرجها من عالم أسرني أنا أيضا. ثم طلبت منها أن تكتب لتلقي ما علق بها في غياهب الاوراق، فأجابت وكأنها تتبرأ من تهمة.


اكتب؟ ولمن؟ حين أكتب يحل السواد في دنياي، لأني أعيش أحزاني كلها في الكتابة فيصفر وجهي وقد ابكي، فتتودد إليّ الورود بالتوقف حتى لا تنقلب فصولها. وانت يا خاتون متفائلة عكسي تماما، لم أتوقع أن تكوني بهذا الحجم من الفرح. الكتابة يا صديقتي جرح غائر في الضمائر.
أخبريني.. بماذا أكتب؟ بقلم المرارة أم بدمع الألم، أم بقراطيس اليأس؟
وعلى ماذا اكتب؟ على جدران الصمت؟ أم على بوابة الغثيان ؟
ولمن اكتب؟ لماضي دفين أم لحاضر غائب؟
وبأي لون اخط عمري؟ بلون الدم ام بلون الليل؟
كيف اكتب وأنا مبتورة الإحساس؟
وعن ماذا اكتب؟ عن صومعة الحب الأزلي؟ أم عن محراب عشقه الأبدي؟
دليني يا خاتون.. فلقد تعبت النفس وازدادت حزنا علي... دليني علي أقف يوما عند ناصية العمر واكتب ثم أكتب. وأي قارئ يستطيع قراءة الموت؟ وأي كتاب سيتسع لوجع حروفي؟ وإن استطاع فما العلاج من داء الكتابة؟؟
لذلك كله، حلفت أن لا اكتب حتى لا أموت ببطء. فما أصعب الموت بحرارة الألم


كنت دائما أقول إن الكتابة حياة، وكلما أحسست أن الموت يقترب مني، إلا ولذت بركن شديد واختليت بقلم لأخط به موتي، فأظل أصارعه ويصارعني إلا أن يمتص هواجسي وسمومي... فينفث سوادي في الأوراق البيضاء فتموت لتحييني. ثم أتسلل هاربة وأنطلق إلى فضاء آخر وكأني تطهرت من أدراني.

أما أنا، فكلما كتبت زاد ألمي، أموت بقلمي يا خاتون وتقتلعني جذور الألم من موتي، فأعود لأحضر كفني من أمسي المنسي، وأعود ثم أعود فأجده كفنا تلطخ بلون أحزاني، واقسم أني أراه يبكي على أروقة طرقات الروح، فتتشعب البسمات وتموت أمام أحزانه، واجلس انتظر لعلي أجد كفنا آخر، فأحاول أن أرى البياض فيه فيذوب لونه الناصع بسواد أيامي، ويصبح كآلامي أسود قاتما، بل يتحول دمعه على جسد متهالك إلى أحمر قرمزي، فاضطر إلى اللجوء إلى دفة المقابر لأمسك قلمي... تزداد ضربات الحياة في ذاك القلب، فيصرخ من داخلي: اكتبي... اكتبي لنموت معا، فأعود إليه وأقول: آه يا قلبي، قتلوني منذ الصغر، صلبوني منذ أيام العمر الأولى، أحرقوك قبل أوانك. فيرد قائلا: لذلك اكتبي، لأنني أنت... تأتيني شجاعتي في قمة ضعفي واخط الكلمة الأولى، فتأتي دون سابق إنذار متوشحة بسواد أهداب العرائس من بلادي، وأكمل فيجف حبري الأحمر، وتتوقف الأيام في ثواني، وأتمنى أن أعيد الكتابة من جديد. وبعد مشوار طويل، أتمنى أن لا أتمنى. وتنهدت: أيها القلب النقي كم داستك وجوه، وكم اقتلعتك نساء، وآه من روح تنتشر بين صوامع عذابات النفس المتهالكة.

اقسم ان لقلمك سحرا، ليتني أظل هنا لأقرأ لك، ولأموت مليون مرة على عتبتك فأحيى على صومعة أفكارك. فضحِكت ساخرة من جنونها وأعلنت: أنا مجنونة حد الهذيان. وما أجمل الجنون حين تصير بيلسان جزءا منه، ولو كان جنونها عيبا لما ترددت في ارتدائه، ولو كان خزيا لرجوت أن ألعن به، ولو كان ذنبا في نظر الأشباح لما تبت منه ولمتّ مصرة على ارتكابه.
أخاف عليك من إيماني المطلق بحبي لك، وأخاف أن أدنس المرفأ الذي جمعنا، أخاف عليك من قلمي،اخاف عليك يا صغيرتي من جٌملي، بل من نبض عروق الحرف في حياتي
وانا أخاف على نفسي إن تركت قلمك ينزف دما فلا أكون ممن يغترفون منه لون الحياة، ومن نبض حرفك سأستمد أنفاس الحياة
أخاف ان تصبحي قديسه، أن ترتادي الكنائس فقط، أخاف عليك من نوبات الجنون في معاقل الذكريات، وأخاف عليك مني فكيف تحتمين بي.
حين تصير حروفك كنائس، سأكون أول السالكين، وسأقف على عتبتك ليلا و نهارا علني أحظى بالقبول.
وهل تموت الأيام في فرحك وأملك بين شظايا يأسي وألمي؟ كيف تستمرين مع اللون الأسود؟
كم أحببت أن أرتشف الحياة من حد السيف، وكم أحببت أن أستمتع بها حين أكون على شفا جرف هار، فينهار بي في منابعك.
كيف سأسامح نفسي إن أغرَقَتكِ كآبة الروح، وبأي صك غفران ستقبلين؟ بأي لغة ستطرقين باب الآمال؟ لا استطيع أن أجعلك ترتشفين من كأس نصفه ألم والآخر حرمان؟
سنصنع صكوكا جديدة بألوان الحياة كلها، وسنوزعها لمن أراد حياة أو أراد حلولا.
لا استطيع ان أخربش لونك الأبيض بحبري الأسود يا صديقتي، أنت بالنسبة لي كالحياة كالموت والميلاد، إن فقدتك، كيف أستعيدك، كيف؟؟
لا عزيزتي .. لن تفقديني يا محيرتي. حين تمتزج أفراحي بآلامي سأعلن أني انسان
لا تساليني أين حرفك، فهو جرح غائر، لذا ابقي معي لكن لا تسالينني الكتابة.
اما هذا فلا أستطيع أن أعدك به.
كلما امسكت القلم أحسست أني اكتب بالملح، ليتك تعديني حتى لا تقتلي فيّ أواخر الفرح، بل بواقي الابتسام، أي روح يا خاتون!!! روح ذابت من آلام الآخرين، آه يا خاتون في كل يوم لي حكاية مع الألم.
سأنشر عقيدتك وسأؤمن بها إلى حدود الموت وستبتسمين حين تجدين الحيارى يسلكون دربك وآلاف المريدين يعتقدون بدينك.
سيجلدونك بألسنتهم ويلعنوك بأعينهم
ليتهم يفعلون فأكون بذلك من الشهداء، ولن أموت إلا واقفة مفتوحة العينين، ولو عشت مرة أخرى لفعلت نفس الشي ولسلكت نفس الدرب.
سيغتصبون فرحك المطلق فلا تفعلي.. ارجوك لا تفعلي، دعيني ارسم ليلة حلمك دون أحزاني، دعيني اشاطرك حياتك دون آلامي، لا تجعليني اموت، فأنا جئتك للحياة، جئتك لانني قاربت على الانتهاء فلا تقتليني.
للموت يا حبيبتي طعم البرتقال، وكم أحب طعم البرتقال، حلو قليلا ومز قليلا
جميل هذا الطعم، ولكن به مرارا غريبا، مرار الجذرالمغروس بالتراب
هو طعم الحياة حتى لا أغتر أنا ولا تحزني أنت.

كنت أنتشي بكل كلمة تبوح بها وأتنعم بعطر حروفها حتى خفت أن تفضحني نشوتي فيخطر ببالها إني أرقص على ألمها. وحين اشتدت آلامها وأوشكت أن تنهار، سألتني أن نخرج من الحرف حتى لا يزداد تعبها، فكان أن تركتها متوعدة نشر سرها على عتبات خيامكم.


بيلسان: أسيرة ترجو الانعتاق
خاتون: جالسة تسترق السمع

آخر تعديل بواسطة خاتون ، 17-01-2007 الساعة 01:17 PM.
الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م