العاقل من اتعظ بغيره
أعجب الأشياء اغترار الإنسان بالسلامة وتأميله الإصلاح فيما بعد .
وليس لهذا الأمل منتهى ولا لهذا الاغترار حد ، فكلما أصبح وأمسى معافى ، زاد الاغترار وطال الأمل .
وأي موعظة أبلغ من أن ترى ديار الأقران وأحوال الإخوان وقبور المحبوبين ، فتعلم أنك بعد أيام مثلهم ثم لا يقع منك انتباه حتى ينتبه الغير بك !
وهذا والله شأن الحمقى !حاشا من له عقل أن يسلك هذا المسلك .
بلى والله إن العاقل ليبادر السلامة فيدخر من زمنها للزمن ، ويتزود عند القدرة على الزاد لوقت العسرة ، خصوصا لمن علم أن مراتب الآخرة إنما تعلو بمقدار علو العمل لها ، وأن التدارك بعد الفوت لا يمكن .
وقدر أن العاصي قد عفي عنه ، أينال مراتب العمال ؟!
ومن أجال على خاطره ذكر الجنة التي لا موت غيها ولا مرض ولا نوم ولا غم ، بل لذاتها متصلة من غير انقطاع ، وزيادتها على قدر زيادة الجد ها هنا ، انتبه هذا الزمان ، فلم ينم إلا ضرورة ، ولم يغفل عن عمارة لحظة .
فنسأل الله توفيقا يلهم الرشاد ويمنع الفساد إنه قريب مجيب .
<font color=0000ff><marquee direction=right>ابن القيم رحمه الله </marquee></font>
__________________
لا تسقني ماء الحياة بذلةٍ
بل فاسقني بالعز كأس الحنظلِ .
|