الرد على المشبهة واقحامهم

[الحق يعلو ولا يعلى عليه]

نضع بين يدي القارئ ردوداً على بعض المسائل البالغة الأهمية التي شذت بها شرذمة الوهابية عن أهل الحق لتكون تلك الردود سيفاً بتاراً في دحض شُبَهِهِم بالأدلة العقلية و النقلية الكافية لصد هذه الحملة الوهابية ذات الفهم القاصر التي ساغ لأصحابها أن يكفّروا المسلم الموحّد لمجرد قوله يا محمد أو يا رسول الله أو يا علي .

الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على رسول الله وبعد :
إلى أخي في الله السلام عليكم ورحمة الله :
أ-إن سألك وهابي عن إسناد البخاري لأثر ابن عمر فقل : روى الإمام أبو عبد الله البخاري في كتابه الأدب المفرد بإسناد صحيح لا علة فيه (ص 142 طبع دار الكتب العلمية ص 207 طبع مؤسسة الكتب الثقافية ) قال البخاري :باب ما يقول الرجل إذا خدرت رجله :حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن أبي اسحاق عن عبد الرحمن بن سعد قال :خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل : أذكر أحب الناس إليك فقال : يا محمد .ا.ﻫ .
أما أبو نعيم فهو الفضل بن دكين ثقة إمام – تهذيب الكمال- .
وأما سفيان فهو سفيان الثوري إمام من أئمة الإسلام بلا شك .
وأبو إسحاق وهو السَّبيعي ثقة لم يختلط.
وعبد الرحمن بن سعد قال عنه النسائي ثقة ومثله ابن حبان .
وبالنسبة لأبي اسحاق الذي يدندن حوله نفاة التوسل فقل :
1- قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج5 ص394 ): إن أبا اسحاق السَّبيعي عمرو بن عبد الله ثقة حجة بلا نزاع .
2- قال الذهبي في ميزان الاعتدال (ج 2 ص 661 طبع دار المعرفة) : إن أبا اسحاق السَّبيعي لم يختلط (أي لَّما وقع في هرم الشيخوخة) وحديثه في كل كتب الإسلام .
3- قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (ج 4 ص 99 دار الفكر) إن سفيان الثوري ممن روى عن أبي اسحاق السَّبيعي .
4- ومثله قال المزي في تهذيب الكمال (ج22 ص 109 ).
5- قال الحافظ أبو زرعة العراقي في البيان والتوضيح لمن أخرج له في الصحيح ومسَّ بضرب من التجريح – دار الجنان – بيروت ص194 عن أبي إسحاق السَّبيعي : وثَقَهُ أحمد ويحيى والنسائي وأبو حاتم .
6- أقول : ووثقه ابن معين و العجلى ، ومات سنة 129 .
وأما إسناد ابن السُني لأثر ابن عمر فمختلف فيه ،وأما رواية البخاري إسنادها صحيح وليس فيها الهيثم بن حنش ، وقد استحسن العلماء هذا الكلام عندما يصيب الرجل الخدر فذكروه في كتبهم كالإمام النووي في الأذكار والحافظ ابن السُني في عمل اليوم والليلة والحافظ ابن الجزري في الحصن الحصين بل وقبلهم الإمام البخاري مقدم المحدثين والحافظ المِزّي في تهذيب الكمال الذي تمدح بروايته عالياً من طريق عبد الرحمن بن سعد بل وغيرهم كثير ، وعلى فرض ضعفه يكفي استحسان العلماء له لجواز العمل به ، بل واستحسن ابن تيمية الحراني بإيراده لأثر ابن عمر حيث سمى كتابه ›› الكلم الطيب ‹‹ ولم يعقب عليه بل أورده كما أورد سائر الأذكار ، انظر الكتاب ص 120 طبع المكتب الإسلامي وبتحقيق المدعو محمد ناصر الدين الألباني ،أي اعتـنى بهذه الطبعة الوهابية ونسخة أخرى لهذا الكتاب باعتـناء رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية التي يرأسها ابن باز ، فيها أثر ابن عمر وأنه قال ›› يا محمد ‹‹ ص88 ، فهذا كله حجه على نفاة التوسل قساة القلوب الذين يحكمون بأن نداء الغائب أو الميت بلفظ ›› يا محمد ‹‹ هو كفر ،فيقال لهم أنتم تكفرون من استحسن نداء الغائب أو الميت بلفظ ›› يا محمد ‹‹ وزعيمكم الحرّاني استحسن ذلك ورغب فيه ،ومع ذلك أنتم تسمونه شيخ الإسلام ، فهذا تذبذب في العقيدة ، فأنتم الخصم لابن تيمية في هذا ولقد كفرتموه معنى وإن لم تشعروا ،أما نحن نقول إيراد ابن تيمية لهذا الأثر وافق فيه من كان قبله من أهل العلم .
وأما إيرادهم لنحو هذه الآيات : ( يدْعُوا لَمنْ ضَرُّه أقربُ من نفعه) [الحج / 13 ] و (ومَنْ أََضَلُّ ممَّنْ يدعُوا من دونِِ اللهِ من لا يستجيبُ لهُ) [ الأحقاب/5 ] فهو للتمويه ، على أن الدعاء هنا العبادة التي هي غاية التذلل وليس معناه مجرد النداء كما أطبق المفسرون . ويقال لهم أنتم وحدكم من بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم فهمتم هذه الآيات على خلاف ما فهمتها الصحابة والعلماء ، ولو فهم الصحابة من نحو هذه الآيات ومن حديث ›› إذا سألت فاسأل الله ‹‹ أن نداء الغائب أو الميت كفر ، لما قال ابن عمر ›› يا محمد ‹‹ ولما قال الصحابي بلال ابن الحارث المزني لما زار قبر الرسول : ›› يا رسول الله استسق لأمتك ‹‹ فلم ينكر عليه أمير المؤمنين عمر ولا غيره من الصحابة ( صحح إسناده الحافظ البيهقي وأقرّه الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية جزء 7 ص93 و94 وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري كتاب الاستسقاء باب : سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا الجزء 2 ص495 : رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، بل قال زعيمكم الحرّاني عن هذه القصة ›› حق ‹‹ في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم ص373 مطابع المجد التجارية ودار المعرفة – بيروت .
ولما علَّـم الصحابي عثمان بن حنيف رضي الله عنه ذلك الرجل بعد وفاة الرسول أن يقول ›› يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي ‹‹ بل لما علم الرسول الأعمى أن يقول ›› يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي ‹‹ فقالها في غير حضرة الرسول ، لأنه كان ممنوعاً على المسلمين أن يقولوا في وجه رسول الله ›› يا محمد ‹‹ بدليل قول الله تعالى ( لا تجعلوا دعاء الرسول بينَكُمْ كدعاء بعضكم بعضاً ) [النور /63] (وصحح إسناد هذا الحديث –المرفوع والموقوف- الحافظ الطبراني في المعجم الصغير والكبير والحافظ السبكي في شفاء السقام والحافظ المنذري في الترغيب والترهيب ج1/476 والحافظ المقدسي والحافظ السخاوي في القول البديع ص222 وأقر الحافظ الهيثمي تصحيح الطبراني في مجمع الزوائد ج2 / 279 بل وصححه ابن تيمية في كتاب التوسل والوسيلة ص98 بل ذكر فيه عن أحمد بن حنبل جواز التوسل بالنبي ص91 ) ولما قال عمر بن الخطاب وهو على المنبر : يا سارية الجبل الجبل ، وكان سارية في نهاوند ( صحح إسناده الحافظ الدمياطي ووافقه الحافظ السيوطي ) ولما استغاث أمير المؤمنين عمر بأبي موسى الأشعري وبعمر بن العاص وهما غائبان ، (انظر البداية والنهاية لابن كثير ج7/90 ) طبعة مكتبة المعارف ولما قال الحافظ ابن حجر في النيرات السبع :
يا سيّدَ الرسّلِِ الذي منهاجهُ
حاوٍ كمَالَ الفَضْلِِ والتهذيبِ
إلى أن قال :
فاشفعْ لمادحِك الذي بكَ يتَّقي
أهوالَ يومِِ الدّينِِ والتعذيبِ
ولما قال الحافظ الثقة ابن المقري : يا رسول الله الجوع الجوع وكان معه الطبراني وأبو الشيخ (كتاب الوفا للحافظ ابن الجوزي ص802 دار الكتب الحديثة –مصر –وكتاب تذكرة الحافظ الذهبي ص974 وفي سير أعلام النبلاء ج16 ص400 ولو كان شركاً لما أوردها الذهبي تلميذ ابن تيمية مرتين ، والقصص في هذا كثيرة جداً .
وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم سمىّ المطر مغيثاً كما روى أبو داود وغيره بإسناد صحيح ، وذلك ص374 ج1 كتاب الصلاة : باب : في رفع اليدين في الاستسقاء – دار الجنان – بيروت وذلك لأنه ينقذ من الشدّ ة بإذن الله ، فما بالكم بالنبي و الولي ، معناه كذلك النبي والولي ينقذ من الشدّة بأذن الله .
ولو فهم الحفاظ والعلماء كما فهمتم لما أوردوا هذه الأحاديث والآثار واستحسنوها !! وعلى حسب قاعدتكم العوجاء يقتضي تكفير هؤلاء الصحابة والعلماء .
فتبين أنكم وحدكم تميزتم بهذا الفهم القاصر الذي أداكم إلى تكفير المستغيثين بالأنبياء والصالحين لذا أطلق عليكم المسلمون : دعاة التكفير والتنفير والتحريف .
وأين الإشراك بزعمكم من قول المسلم الموحد ›› يا محمد ‹‹ أو ›› يا رسول الله أغثني ‹‹ ما دام يعتقد أن خالق النفع والضر هو الله ، وإن أغاث رسول الله فهل يغيث إلا بمشيئة الله؟!! فكما أن الحي الحاضر يغيثك بمشيئة الله كذلك الغائب أو الميت يغيثك بمشيئة الله ، ولأي معنى التفريق مادام كل ذلك بمشيئة الله ، ويدل على ذلك ما رواه الحافظ ابن حجر في أماليه عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ›› إذا أصاب أحدكم عرجة في فلاة من الأرض فليناد : يا عباد الله أعينوا ‹‹ وقال إسناده حسن ورواه البيهقي موقوفاً على ابن عباس وإذا رُوي الحديث موقوفاً ومرفوعاً كان الحكم للرفع ، ورواه الطبراني والبزار بلفظ : ›› فليناد أعينوا عباد الله ‹‹ قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (10 /132) : رجاله ثقات ، رواه الحافظ ابن السني بلفظ :›› فليناد يا عباد الله احبسوا ‹‹ وذكر النووي في الأذكار أنه جرّب هذا الحديث وكذا شيخه من قبل فصح معهما كما ذكر ابن تيمية الحراني رواية ابن السني واستحسنها حيث سمى كتابه ›› الكلم الطيب ‹‹ ورغب فيها ، انظر الكتاب ص98 طبع المكتب الإسلامي . وروى أبو داود والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ( المستدرك 2/100 ) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر فأقبل الليل قال :›› يا أرض ربي وربك الله …‹‹ إلى ءاخر الحديث . واستحسن ابن تيمية الحراني رواية ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم هذه ، حيث سمى كتابه ›› الكلم الطيب ‹‹ ورغب فيها انظر الكتاب (ص99 طبع المكتب الإسلامي ). فأنَّى لكم أيها التيميوّن أن تقولوا إن مجرد نداء الغائب أو الميت شرك ( كما ذكر ابن عبد الوهاب في الأصول الثلاثة ) سبحانك هذا بهتان عظيم .