مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 14-08-2002, 11:23 AM
عبد السلام البراج عبد السلام البراج غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
المشاركات: 115
Post قصة ليوسف إدريس(الجزء الأول)

لعبة البيت
شبَّ سامح على أطراف أصابعه ونطَّ ودقّ الجرس، وسمع صوتاً ممدوداً يقول:" مين؟
فاحتار وخاف وسكت!
وفُتح الباب، ووقفت على عتبته سيدة ضخمة مهيبة ترتدي قميص نوم خفيفاً جداً، لونه
أصفرباهت كقشر الليمون. ووجم سامح وكاد أن يجري، ولكنه تماسك وعرف أن التي فتحت
هي أم فاتن، رغم وجهها الخالي من المساحيق... وقبل أن يحدث أي شيءابتيمت له السيدة
ابتسامة كبيرة، وانحنت ناحيته وقالت:
_ يه.. هو انت يا حبيبي؟! أنا رخره قلت مين إللي بيضرب الجرس ده ومالوش خيال..
عايز إيه يا يا حبيبي؟ عايز الهون.. ماما بتعمل كفته؟
ولم يجب سامح في الحال.. مدّ بصره من خلال وقفة الأم العريضة وقميصها الشفاف
وما بقي في الباب من فراغ، محاولاً أن يرى فاتن.. ولكنه لم يجد لها أثراًـلا في الصالة ولا قي الحجرة القريبة المواربة للباب، ولا بجوار الراديو تعبث بمفاتيحه..
وقال بجرأة متقطعة:
_عايز.. عايز فاتن تلعب معايا..
وضحكت الأم، وانحنت وقبلته وقالت:
_ كده؟ طيب حاضر يا حبيبي..
وانبسط سامح، وانبسط أكثر حين التفتت إلى الخلف ونادت:
_ فاتن سيبي الغسيل أحسن تبلي هدومك.. وتعالي.. تعالي علشان تلعبي مع ابن أم سامح..
ثم التفتت إلى سامح قائلة:
_بس أوع تزعلها يا حبيبي.. لحسن مخليهاش تلعب معاكبعد كده أبداً..
وقال سامح بحماس وعيون صغيرة ذكية تبرق:
_إن زعلتها يا تانت ما تخليهاش تلعب مهايا تاني..
فقالت أم فاتن وهي تتركه وتستدير:
_وما تنساش تسلّم لي على مامتك وتقول لها ما بتزرناش ليه؟..
ثم دخلت إلى الحمام وهي تهتز وتترجرج.. ووقف سامح يترقب ظهور فاتن ويتأمل الصالة، كان فبها طرابيزةسفرة مثل صالتهم، غير أن كراسيها قديمة موضوعة فوق الطرابيزة. وكان هناك كرسي غريب الشكل مسنده عال جداً يحتاج إلى سلم للصعود عليه، والكرسي ترقد عليه
قطة ذات ألوان جميلة، ملفوفة على نفسها ونعسانة. وظهرت فاتن فجأة وكأنما جرحت من تحت الأرض، ترتدي فستانها الأبيض القصير الذي يرتفع ذيله عن الركبة، وتوجهت إلى التسريحة الموضوعة في الصالة وانحشرت بينها وبين الحائط، ثم أخرجت سبتاً صغيراً مثل الأسبتة التي يباع فيها(حب العزيز) غير أنه مصنوع من البوص، وعلقت السيت في يدها واتجهت إلى الباب حيث يقف سامح، وابتيم لها سامح وسار في اتجاه السلم، وتبعته فاتن.
وفي منتصف السلم قال هلا فجأة:
_إن كنت جدعه امسكيني قبل ما أوصل باب شقتنا.
وجرى أمامها فوق الدرجات، ولكنه حين لم يسمعها تجري خلفه نوقف وقال :
_ أخيه عليكي.. مش قادرة تجري وراريا يا خايبة..
فقالت وفي ملامحها ثبات وتأفف ورزانة:
_ أنا محبش الجري ده..
وتضايق سامح قليلاً من تأففها، ووقف ينتظرها وهو معلق بدرابزين السلم ونصفه خارجٌ عنه..
ودخلا الشقة منت بابها المفتوح، وتأكد سامح أن أمه مشغولة في المطبخ إذ كانت لا ترحب أبداً بإحضاره فاتن ليلعب معها.. وعبر سامح الصالة وفاتن وراءه وعيناها لا تغادران السبت المعلق في يدها... وأصبحا في الحجرة الداخلية ذات السرير الحديدي القديم والدولاب والكنبة.
وقال سامح وهويهلّل ويشير إلى ما تحت السرير:
- أهو ده بيتنا.. أهو ده بيتنا.. يالله نعمل بيت..
ورفع داير السرير الأبيض الذي يحيط به من كل الجهات ودخل تحت السرير ودخلت فاتن وراءه.. وبينما بقيت على رزانتها بدأ سامح يصنع زيطة كبيرة ويصرخ ويدور ويهلل، ثم أخذها إلى الركن السرير الداخلي حيث صندوق الشاي القديم الذي يحتوي على كل ممتلكاته وألعابه الخاصة.. مجموعة كبيرة من علب السجائر الفارغة، وأغطية الكازوزة، وأرجل كراسي مصنوعة بالمخرطة وعلب تونة وسالمون بمفاتيحها، وقطع صغيرة كثيرة من أقمشة جديدة متعددة الألوان سرقها من درج ماكينة الخياطة، وجرّ الصندوق وأخذ ستخرج محتوياته ويفرّج فاتن عليها.. وبدأت الرزانة تغادر فاتن فجلست على الأرض وتربّعت، وأخذت تخرج من (سبتها ) لعبها هي الأخرى وممتلكاتهاوتفرجه عليها..
وفي هذه المرة أيضاً أعجب سامح بالحلة الألمنيوم الصغيرة ، والوابور البريموس الصغير، وطرابيزة المطبخ الني في حجم علبة الكبريت، واستكثر غلى فاتن أن تكون هي مالكة هذه اللعب الجميلة كلها.. ثم انتابته الخفة والحماسة فقام وأخذ ثلاثة ألواح خشبية كانت ساقطة من "الملة" القديمة، ومضى يضعها علة حدها ويقسم بها ما تحت السرير إلى أقسام وهو يقول:
_دي أوضة السفرة.. ودي أوضة النوم.. وده المطبخ..
وبدأت فاتن تنقل أشياءها إلى المطبخ، ووضعت الطرابيزة في ركن ووضعت فوقها الوابور، ثم وضعت الحلة فوقه وقالت:
_إحنا تأخرنا قوي..نطبخ إيه النهار ده؟!
فقال سامح في حماس:
_نطبخ رز.. يالله نطبخ رز..
وما لبث أن غادر تحت السرير في الحال وجرى إلى المطبخ حيث ادعى لأمه أنه يبحث عن كرته المفقودة في الدولاب وعاد وقبضته وضمومة وموضوعة في بنطلونه، وحين أصبح تحت السرير فتحها ووضع محتوياتها من حبات الأرز القليلة في الحلة..
وقالت فاتن وهي تتنهد:
_إنت َ تروح الشغل وأنا أطبخ..
فقال سامح:
_ أروح الشغل الزاي؟
فقالت:
_مش إنت تروح الشغل.. وأنا أطبخ؟
فقال:
_إييه.. إنتي عايزة تلعبي لوحدك.. يا نطبخ سوا سوا يا بلاش..
فقالت فاتن:
_لا يا سيدي.. هي الرجالة تطبخ؟.. إنت تروح الشغل وأنا أطبخ.. يا كده يا بلاش..
فقال سامح:
_دي بواخة منك دي.. عايزة تطبخي لوحدك ونقوليلي روح الشغل؟.. والله مانا رايح..
واحتقن وجه فاتن غضباً وقالت:
_ طيب هه..
وأنزلت الحلة من فوق الوابور ووضعتها في السبت. فقال سامح بغضب:
_ هاتي الرز بتاعي..هو بتاعك؟
فأخرجت فاتن الحلة..وقلبتها على الأرض.. وقالت:
_رزك أهه.. جك قرف.
ونشبت خناقة حادة.. وكل يحاول أن يجمع حوائجه، هذه لي وليست لك.. وشتمته فاتن ولعنت أباه، وغضب سامح ودفعها فسقطت منها العروسة.. وأخيراً جمعت فاتن أشياءها ووضعتها كلها في السبت الصغير، وعلّقت السبت في يديها ورفعت داير السرير واختفت.
واغتظ سامح كثيراً وهو يراقبها، وتمنى لو يلحقها قبل أن تغادر شقتهم ويضربها.. بنت مثلها صغيرة ومعوصة تريد أن تمشي عليه كلمتها. دائماً تغيظه هكذا كلّما لعب معها، وكل مرة يلعب فيها معها يصمم ألا يعود للعب معها.. في المرو القادمة سيضربها بالقلم لو لو فتحت فمها.. ولكن لا..لن تكون هناك مرة قادمة.. لن يلعب معها أبداً حتى لو أحضرتها أمها ورجته أن يلعب معها.. بنت مفعوصة ذات سن أمامية مكسورة تغضب لأتفه سبب، وما تعلق سبتها في يدها وتتركه.. هي حرة، وحتى هو ليس في حاجة إليها ليلعب.. يستطيع أن يلعب وحده ولا الحوجة إليها..
وهكذا بدأ سامح يحاول أن يلعب لعبة البيت وحده، فراح يقيم الحواجز الخشبية التي هدمتها الخناقة، وكلّم نفسه بصوت عال وكأنه يريد أن يقسم نفسه قسمين أو شخصين يلعبان معاً، أحدهما يتكلم والآخر يسمع. ومضى يقول:
_ودي أوضة السفرة، وده المطبخ.. نطبخ إيه النهار ده؟
وأجاب على نفسه:
_رز.
ولكنه غير رأيه بسرعة وقال:
_ لأ.. فاصوليا..
يتبع الجزء 2
__________________
بالدم أوقّع
الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م