مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 03-09-2007, 06:15 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

أمريكا عشية غزو العراق

بلغت الثقة في نفس القيادة الأمريكية ذروتها لدرجة الغرور.. ولم يعد هناك قوة تثنيها عن قرارها في غزو العراق .. وكانت ملامح ذلك الغرور تظهر في شكل التصريحات التي يدلي بها أركان القيادة الأمريكية و من سار بركبهم (بريطانيا، إسبانيا أستراليا الخ ). وقد كانت الأهداف الإستراتيجية، قد تطورت من ضرورة الأمن القومي والتي كانت مكرسة لمعاداة الشيوعية (بدأت الفكرة عام 1947)، ثم تطورت الى الردع والاحتواء *1، ثم تطورت الى الحرب الاستباقية ، التي أعطتها (دراما 11/9/2001) أرضية خصبة جماعية (تشمل الكثير من الأمريكيين) لانطلاقة عدوانية غير مسبوقة في التاريخ، ففي ثاني أيام الغزو للعراق أجرى مراسل (سي أن أن ) المرافق للقوات مقابلة مع جندي أمريكي (A.J) قال فيها: (أريد أن أصل إلى هناك وأعربد. أريد أن أنتقم لأحداث 11أيلول/سبتمبر*2) .

عالم هوبسي *3

يبدو أن الرئيس الأمريكي في موضوع الحرب على ما يُسمى الإرهاب قد انجر وراء شعور بأن العالم الذي نعيشه اليوم عالم (هوبسي) ذو محيط شرير، غير مستقر، ويحتاج قبضة من حديد، وهذه مهمة الدولة الأعظم في العالم (الولايات المتحدة) في (المحيط القاتم ) حسب تعبير (روبرت كابلان) في كتابه (شرقا الى الجحيم Eastward to Tartary)*4 .. وقد تأثر (بوش) بكتاب كابلان ودعاه الى البيت الأبيض ليحاضر في كوادر البيت الأبيض .. وكان بوش وكوندليزا رايس يداومون على الاستماع لمحاضراته ..

جوقة المتصهينين :

كنا قد تطرقنا في سلسلة (صناعة القرار السياسي في أمريكا .. كيف؟) أنه منذ عهد كيسنجر تم دس أعداد غير قليلة في وظائف هامة في مجلس الأمن القومي الأمريكي ودوائر الخارجية والدفاع، من ذوي أصول يهودية وميول (ليكودية) وقد تعززت مواقع هؤلاء وأعدادهم في عهد ريجان، حتى كونوا ما يسمى بقاعدة (المحافظون الجدد) وسنرفق في وقت لاحق أسماؤهم من خلال نشر الوثيقة التي وقعوا عليها مطالبين الرئيس (بيل كلينتون) في مهاجمة العراق في التسعينات من القرن الماضي ..

لقد انكشف أمر هؤلاء لدى أعداء وحتى أصدقاء أمريكا والكيان الصهيوني، ففي مقالة له في جريدة (هآرتس) قال الكاتب الصهيوني (آري شافيت) : ( مفترضا، أنه لو أُبعد عن واشنطن هؤلاء المحافظون الجدد الخمسة والعشرون قبل سنة الى صحراء، فإنه لن يكون هناك حرب على العراق... وكتب في مكان آخر في وقت سابق قبل الحرب بنفس الصحيفة : ظهر اعتقاد جديد في واشنطن بضرورة الحرب على العراق. وقد تم التبشير بهذا الإيمان المتعصب من قبل 25ـ 30 من المحافظين الجدد معظمهم يهود ومعظمهم من المثقفين.. تقوم دعاويهم الفلسفية على كتابات (ميكافيللي و هوبس و إدموند بورك)*5


وهذه عينة بسيطة من تلك التصريحات:

1ـ في المؤتمر الاقتصادي الدولي صرح (كولن باول) وزير الخارجية الأمريكي آنذاك وعلى ضوء الرفض الدولي الشديد للحرب على العراق قائلا : ( عندما نحس بضرورة أمر ما فإننا سوف نقود، حتى وإن لم يكن هناك من يتبعنا)*6

2ـ عبر بوش وتوني بلير عن احتقارهما الشديد للقانون الدولي والمؤسسات الدولية في قمة جزر (الآزور) وأصدرا إنذارا، لا للعراق ، وإنما لمجلس الأمن : (عليك أن تذعن وإلا فإننا سنقوم بعملية الغزو من دون أن تبصم موافقتك التافهة. وإننا سنفعل ذلك سواء غادر صدام حسين وعائلته البلاد أم لا)*7

3ـ وصف (رامسفيلد ) وزير الحرب الأمريكي السابق، العدوان على العراق بأنه (صعق وترويع) للعالم..

4ـ في برنامج سمي ب (توضيح حول حرب العراق مع فنجان قهوة سوداء) عقد في معهد (American Enterprise Institute ) سخر (ريتشارد بيرل) وزميله (وليم كريستول) رئيس تحرير (Weekly Standard) فقال كريستول : (إنها ليست أمرا ذا بال) في حين قال بيرل : (إن زمنها ولى كمؤسسة أمنية. ولكنها قد تنفع في قضايا مثل الصحة وحفظ السلام*8


الانحدار نحو الهاوية

تتناسب ديمومة بقاء أي قوة غاشمة محتلة لأرض عكسيا مع همجيتها وقسوتها، فإن كانت إدارة الاحتلال لا تراعي مصالح من تحتل من شعب فإن زوال الاحتلال يصبح حتميا وبسرعة. وإن استطاعت إدارة الاحتلال أن تدعي حرصها على تأمين مصالح من تحتلهم، فإن هذا يطيل بعمرها وبقائها في البلاد التي تحتلها وتديرها لمدد قد تصل الى قرون طويلة، وهذا يعتمد على الأساليب التي تنتهجها تلك الإدارات.. والتاريخ مليء بنماذج من النوعين .. فعندما انتهج الإغريق نهج التعاون مع أهل البلاد بعدما توفي (الاسكندر المكدوني ) استطاعوا أن يبقوا عدة قرون في مصر (البطالسة) وفي سوريا (السلوقيين) . كما اعتمد الرومان والفرس إعطاء شكل من الإدارة المحلية الفضفاضة كأسلوب طال حكمهم لبلادنا بالإنابة (نموذج الغساسنة الموالين للروم والمناذرة الموالين للفرس) .. وهذا لم يمنع من وقوع ثورات قد تنهي العلاقة في فترات معينة كما حدث مع ثورة (زنوبيا في تدمر بالقرن الثالث الميلادي) أو معركة (ذي قار) قبل الإسلام في العراق ..

وبإمكاننا سحب ذلك المنهج على ما تبع ذلك من إمبراطوريات عظيمة، كالإمبراطورية العباسية والحكم العربي للأندلس والعثمانية والبريطانية فيما بعد .. ويبين لنا التاريخ أن اعتماد القوة العنيفة وحده لن يكفي للحفاظ على الحكم حتى في بلد من يحكمون لا من يحتلون ..

مظاهر الهزيمة والاندحار الأمريكي بانت مبكرة

في كتابه (نزع سلاح العراق) يذكر (هانز بليكس)*9 في باب لماذا قامت الحرب، أسبابا ذكرناها في المقدمة، واستبعد أن يكون لدى العراق سلاح خطير، ولكنه في باب آخر يتساءل (هانز بليكس) لماذا ترك العراق للعالم أن تنمو مشاعره بأن العراق يمتلك أسلحة تدميرية .. وأنا أقرأ لهذا الرجل الذي أنصف في كتابه العراق ونظامه من براءته مما تم اتهامه به، ويذكر تدليلا على تعاون العراق، تلك السابقة التاريخية التي تم فيها تدمير (صواريخ صمود 2) قصيرة المدى .. استغربت تساؤله عن سبب جعل العالم يحس أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل .. نعم، كان على العراق أن يجعل الآخرين المتربصين به يشعرون أنه يخفي شيئا .. فأطياف الأعداء واسعة، فلا ينفع معهم التعاون المطلق والشفافية، لقد أدرك العراقيون أن هناك ألف مطلب ومطلب ستنتهي في النهاية لما انتهت إليه .. فإن استطاع أن يماطلهم في المطلب رقم 1 فإنهم سيضيعون الوقت في المطالبة للمطلب رقم 2 .. وكان بعمله هذا يراهن على خلخلة الظروف المحيطة به إقليميا وعلى المصالح الدولية المتغيرة بسرعة .. كما أن الحل المقابل في التعامل بالشفافية هو إعلان الاستسلام المبكر ..

مع ذلك جاء ما لم يكن في حسبان الأمريكان، فقد ظهرت المقاومة العراقية بوقت مبكر، وأوجعت منذ يومها الأول القوات المحتلة .. مما حفز (سكوت رتر) أن يكتب مقالتين أحدهما في شهر11/2004 والثانية في شهر7/2005، مجيبا على تساؤلاته عندما رفع تقريران أحدهما ل (C IA) والآخر للأمم المتحدة عندما استغرب في تقريريه(الذين رفعهما في أواسط التسعينات) عن وجود مدارس للتدريب على اقتناص المدرعات في معسكر (الرشيد) جنوب بغداد ومعهد لتعليم صناعة المتفجرات في (البيوت) غرب (الحبانية) .. وفي مقالتيه المذكورتين .. وصل (سكوت ريتر) الى أن العراقيين كانوا يعدون لساعة الاحتلال منذ عشرة سنين أو أكثر ..واستبعد أن يحقق العدوان أهدافه، ثم عاد في المقالة الثانية ليتوقع هزيمة منكرة للولايات المتحدة ..

رغم أن أمريكا تختار أهدافا أضعف منها بكثير أو دولا منهكة، (دخولها في الحربين العالميتين .. واختيارها لدول تغزوها تكون منهكة وضعيفة) .. فقد أرادت من حربها على العراق من بين أهدافها أن ترمم صورتها المهزومة في فيتنام .. إلا أن هزيمتها في العراق ستكون أكثر عمقا في تاريخها حيث سيجعلها من بين الدول المأزومة لفترة طويلة .. و تتجلى هزيمة أمريكا هذه المرة ب:

1ـ رغبة دفينة عالمية في هزيمة أمريكا، خصوصا من أوروبا التي وجهت الإدارة الأمريكية لها عدة إهانات ، وهذا جعل الأجواء تساعد على تنصل الأوروبيين من الاصطفاف مع الأمريكان، حيث بدأ المشاركون في الحرب ينسحبون واحدا بعد الآخر (اسبانيا إيطاليا .. وأخيرا بريطانيا) ..

2ـ اهتزاز ثقة حلفاء أمريكا بها، مما دفعهم بالتفكير بتغيير اعتماد الدولار في عقود بيع النفط، والبحث عن تعاون مع دول أخرى كروسيا ..

3ـ ارتفاع حجم المديونية الأمريكية (داخليا وخارجيا) الى ما يقارب 10 تريليون دولار .. وهذا من نتائج الخسائر اليومية في العراق .. التي قدرها البعض بحوالي 2 تريليون إضافة لأكثر من 7 تريليون كانت في نهاية عهد ريغان ..

4ـ تأثر صغار أعوان أمريكا الذين كانوا يخيفون العالم بهم كالكيان الصهيوني، فلما تعرضت أمريكا لتلك (البهدلة) على يد المقاومة العراقية، فإن الكيان الصهيوني قد كان عرضة للبهدلة على يد المقاومة اللبنانية ..

5ـ قد تفقد الولايات المتحدة سيادتها ليس على العالم فحسب بل على منطقة الشرق الأوسط بشكل نهائي .. وهذا يعتمد على سيناريوهات الفصول الأخيرة من الهزيمة المتوقعة والتي سنناقشها في المرة القادمة ..






هوامش
ــ
*1ـ أول من أطلق مصطلح الاحتواء هو (جورج ف كنان ) والذي كان يكتب باسم مستعار في أواسط القرن الماضي هو (X) ..
*2ـ صحيفة الجارديان 2/4/2003
*3ـ نسبة الى الفيلسوف البريطاني (توماس هوبس 1588ـ1679) الذي كان يرى أن السلام لا يُنال إلا بعقد اجتماعي نوافق فيه جميعا على أن نتخلى عن جميع حقوقنا، من أجل مهاجمة الآخرين وسلبهم كل حق في أن يهاجمونا. إنها بتعبيره الشهير (حرب الكل على الكل) ..
*4ـ نشر كتابه في 3/3/2002
*5ـ ملاحظة أوردها نصيف عاروري أستاذ قسم العلوم السياسية في جامعة ماساشوستس ـ دارتموث /الولايات المتحدة/ في مقالة بعنوان (حروب بوش الوقائية بين مركزية الخوف وعولمة إرهاب الدولة) نشرت في مجلة المستقبل العربي العدد 297 لشهر11/2003/ صفحة 19
*6ـ جريدة (وول ستريت جورنال )27/1/2003
*7ـ مقالة للصحافي (ميشيل جوردون) نشرها في صحيفة (نيويورك تايمز) في 18/3/2003
*8ـ نشرت الحلقة في (الفايننشال تايمز) في 22/3/2003
*9ـ ترجم الكتاب وقدم له عبد الرءوف الريدى ونشر تلخيصه في مجلة وجهات نظر المصرية /عدد65/شهر 6/2004
__________________
ابن حوران
  #2  
قديم 10-09-2007, 04:20 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

محاولات أمريكية لتكييف الهزيمة


في حالة احتراق متجر أو مخزن أو انقلاب سيارة، يقوم من يملك المحروق من بيع حطام ما أمكن استخلاصه من جراء الخسارة الضخمة، عله يعوض بعض خسارته .. وهذا ما يحصل لمن لا يجد في سنابل حقله قمحا، فإنه سيقنع نفسه ببيع القش و التبن كتعويض لخسارته ..

رأينا كم كان برنامج وأهداف الاحتلال كبيرة وطموحة، ونرى يوميا كم يخرج على شاشات التلفزيون وصفحات الجرائد من كبار القادة العسكريين الغربيين سواء من البريطانيين أو الأمريكان أو غيرهم من يعلن بوضوح أنه لا يمكن تحقيق النصر للقوات الغازية ولا يمكن تحقيق أهداف الغزو .. وقد بادرت دول كثيرة بسحب قواتها مبكرا اقتناعا منها بعدم جدوى بقاءها، مثل إسبانيا وإيطاليا والدنمرك وأخيرا بريطانيا ..

حماقة و غباء سياسي وراء عدم نجاح مشروع الغزو

كان العرب وغيرهم من شعوب العالم ينظرون الى الإدارة الأمريكية على أن حساباتها دقيقة ولا يمكن أن تخطئ في تقدير أي مسألة .. وهذا الاعتقاد هو ما جعل الإدارة الأمريكية تتصرف بغباء من ثقتها المفرطة بتقبل العرب والعالم لما تقوم به، وتجعله من المسلمات. وكان يهمهم في البداية تصديق وتسليم العراقيين بمتانة المشروع الأمريكي ونزاهته .. لكن برزت مظاهر عجلت من فضح الإفلاس في شكل هذا المشروع وهشاشته .. ولو تجاوزنا فكرة معرفة الجميع بحقيقة أن دوافع الغزو لم تكن أسلحة الدمار الشامل ولا تعاون النظام الوطني في العراق قبل الاحتلال مع القاعدة وما تم سوقه من مبررات قبل الحرب، والتي تراجع عنها حتى الساسة الأمريكان أنفسهم، والذين اكتفوا بالقول سننسحب بعد اكتمال مهمتنا في العراق دون الإفصاح عن تلك المهمة .. لكن المظاهر التالية هي ما عرت المشروع الأمريكي الغازي :

أولا: تقسيم العراق طائفيا وعرقيا ..

كيف الاحتلال أهدافه التكتيكية، بأنه جاء لنصرة المظلومين من العراقيين الذين لم يأخذوا فرصتهم في الحكم. فردد ورددت معه وسائل الإعلام الغربية والعربية بحسن وسوء نية .. بأن العراق ينقسم الى (شيعة و سنة وأكراد) وهو تقسيم مضحك يصدقه كل (فطير) لا يعرف شيئا عن العراق أو لا يريد أن يعرف. وحالهم هذه كمن يسأل أحدهم هل تحب أن تستمع الى أم كلثوم أو عبد الوهاب أو تأكل لحم ضأن؟ فالشيعة والسنة هم عرب أهل العراق .. كان من باب عدم الغباء أن يقارن المحتل بين القوميات فيقول (عرب و أكراد وتركمان الخ) وإن كان يريد المقارنة الدينية فيقول (مسلمين ومسيحيين ويزيديين وصابئة الخ) أما أن يقوم بتقسيم العراق الى شيعة وسنة وأكراد فهي مسألة تحتاج وقفة!

لقد كانت جوقة العملاء من انتهازيين من الأكراد والذين شاغلوا العراق لعقود طويلة متعاونين مع كل أعداء العراق من صهاينة وفرس وأمريكان جاهزين للقيام بدور تأليب الشعب الكردي، الذي امتزجت ذاكرته التاريخية مع الذاكرة العراقية بكل ألوانها وارتبطت آمالهم وأحلامهم وأحزانهم مع مثيلاتها عند العرب. كما كانت جوقة العملاء الذين ينطقون بالعربية وهم بالأصل من الفرس الذين يمتلئون بالحقد التاريخي الطويل المنتعش بأسى انهزام إمبراطوريتهم الحالمة في الحرب العراقية الإيرانية.. كما انضم الى تلك الجوقة كل من فقد أمجاده الإقطاعية منذ عام 1958 ..

لم يجري الأمريكان تحسينا على (مسودة) قرارهم بغزو العراق، فأخذوا يكررون ويرددون أباطيل (شيعة سنة كرد) وعندما أحسوا بتفاهة خطابهم وعدم قدرته على الصمود والتغلغل في نفوس العراقيين لجئوا الى التعديلات التالية:

1ـ تسفيه دور المقاومة وحصرها بما أسموه المثلث السني، لإيهام الآخرين بأن من يقاوم المحتل هم من أسموهم (أيتام النظام السابق) في تلك المناطق، ليعززوا أن المقاومة أهدافها استرجاع امتيازات معينة لشريحة سنية في بقعة محدودة .. وعندما انفضحت أمورهم ـ رغم التعتيم الإعلامي ـ بأن خسائر البريطانيين في الجنوب قد فاقت نسبتها نسبة خسائر الأمريكان في مناطق العراق المختلفة .. أصبح عليهم التفكير بنمط جديد من الأكاذيب.

2ـ استثمار بعض المحتقنين طائفيا و الاستعانة بمنظمات إقليمية لتجنيدهم ودفعهم الى إشعال فتنة، مرة في ضرب الحسينيات للشيعة ومرة في المس بالأبنية الدينية، معتمدين على أن هناك جاهزية لدى الفرس في الرد السريع على تلك الأعمال لتستمر عمليات الذبح علها تعمق التأشير على الفواصل الطائفية!
ولم ينس المحتل ومن يتعاون معه بوضوح أو (بالنتيجة ) من التحرش بالمسيحيين و االيزيديين و غيرهم .. وهي خطة مفضوحة .. يُراد استثمارها في صفحة أخرى من تكييف المخطط .

3ـ تجيير كل أعمال المقاومة في العراق، الى تنظيم القاعدة، وهي لعبة واضح منها أن المبرر للغزو ما زال قائما، لأن عدونا (المفترض) الذي (هدم برجي التجارة!) لا زال يقاتلنا في العراق ..

ثانيا: تضخيم الدور الإيراني في العراق ..

نحن نعلم أن مبررات التدخل الإيراني في العراق ـ من وجهة نظر إيرانية ـ موجودة وتتمثل في إضعاف الجار الذي أذاقهم الويلات وعطل عليهم تنمية أحلامهم في الخليج (العربي وليس الفارسي) .. فكان كلصوص الزلازل .. يرى الناس ملتهين في التعامل مع الزلزال وهو يسرق و ينهب ويقتل كل من سبب له أذى!

لكن إفساح الأمريكان المجال للإيرانيين أن يعيثوا فيه فسادا، وراءه سبب آخر هو جعل العراقيين والدول العربية تبقي فكرة إطالة عمر تواجد الأمريكان مقبولة في العراق، بحجة (إذا خرج الأمريكان سنكون ضحية الفرس) ..

لقد اتضح فقر تلك الحجة، والتي تبين أن الإيرانيين يستحلونها كما أفصح عن ذلك رئيسهم في معرض الحديث عن ملئ الفراغ في العراق بعد خروج الأمريكان. ولكن الرموز التي يستعين بها رئيس إيران هي نفس الرموز التي يستعين بها الأمريكان (من عملاء ) وبمجرد خروج الأمريكان، سيكون مصيرهم كمصير الفيتناميين الجنوبيين عندما حملتهم البواخر من (سايغون) وكما كان مصير حكومات الجزائر المتعاونة مع الاحتلال الفرنسي .. فبمن يستعينون؟

ثالثا : محاولة التهرب من تبعيات الغزو

إن الإدارة الأمريكية وهي تفتش بشكل محموم عن مخارج لها بأقل الخسائر تريد أن تجعل لها بعض الغطاء القانوني الذي يحميها من ملاحقات تاريخية على ما ألحقته في العراق من تدمير على الصعيد الوطني وما ألحقته من أذى على الصعيد الفردي لأفراد قد تكون أعدادهم بالملايين .. فإنهم ببحثهم هذا وتصريحاتهم المتضاربة يريدون الوصول الى حكم وطني يتصالح معهم بدون دفع تلك التكاليف ..

الخيارات المطروحة

سيفر الأمريكان من ساحة العراق مهزومين ـ لا محالة ـ . لكن كيف وبأي سرعة ومتى ؟

إن كان هناك عراك بين عشرة أشخاص مع عشرة أشخاص آخرين، فاعترفت المجموعة الأولى أنها قد خسرت العراك، فإنها إن انسحبت بالتدريج في كل مرة ينسحب اثنان منها .. فإن العراك سيكون بين ثمانية (من المهزومين) ضد عشرة، فكيف إذا كانت عينة من الوقت ستجعل المتبقين أربعة أو اثنين ؟ وإذا قررت المجموعة المهزومة أن تخرج بعشرتها دفعة واحدة، فإن ظهرها سيصطلي بضربات الملاحقين لها ..

ما الحل (الأقل سوءا)؟ .. لقد فرغت القوات الأمريكية الساحة العراقية من الكثير من عرباتها المدرعة ونقلتها الى خارج العراق (هناك من يتحدث عن سحب 7 آلاف عربة) .. وأعدت في بعض الدول المجاورة للعراق، لنقل قواتها جويا وفي أقصى سرعة ..

ثم تقوم بضرب إيران جويا والتوكيل للصهاينة بضرب سوريا .. فتكون ضربات إيران القوية المركزة تدفع الإيرانيين لمحاولة الانتقام من القوات الأمريكية في العراق، فينكشف المشهد عن أن الخطر الإيراني سيصبح قد غطى إعلاميا على محور الأحداث في المنطقة، وسيوعز للأكراد بإعلان انفصالهم. ستكون تلك الأحداث بمثابة قنابل دخان غطت على فداحة الهزيمة الأمريكية، وستنشغل قيادات عراقية وعربية في الاستعانة بالأمريكان للتخلص من الورطة الإيرانية .. فتكون أمريكا بهذا العمل قد خرجت من الباب وفاتت من الشباك..

هذا ما يمكن قراءته من الطريقة التي تتعامل بها أمريكا مع حالتها المضطربة ليس في العراق فحسب بل في المنطقة كلها .. وعندها سيكون هناك تحرك دولي سره أن يكسر حدة التفرد الأمريكي ليبدأ عهد جديد في تعدد القطبية الدولية ..

انتهى
__________________
ابن حوران
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م