مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #111  
قديم 22-05-2006, 03:28 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

تمنيت رفقة شيخنا فهي التجربة الأولى لي في رؤية هذه الشخصية الكبيرة ولكن هذا قدر الله..
ولقد دخلت مع شيخنا للملك فهد رحمه الله عدة مرات ..
أذكر مرة أن شيخنا قال لي: سنذهب الليلة للملك فهد في جده ..
ولم يسبق لي رؤية الملك عيانا قبل ذلك اللقاء..
وكان ذلك بعد اجتماعات هيئة كبار العلماء في الطائف..
رجوت شيخنا أن يبدل ملابسه لذلك اللقاء
فهي شبه بالية ولديه ما هو أنظر منها وعباءته معرفطة!!
و نعله تليك مخيطة الأطراف!!
فأبى وقال : أقابلهم بما أقابل به ربي!!
وأردت أن أبدل ثيابي فقال لي: ثوبك جميل ولا داعي لتغييره !!
فقلت في نفسي: يسعني ما يسعه .. رحم الله هذا المربي والزاهد ..
نزلنا لجده ووصلنا للقصر ..قريبا من منتصف الليل..
حينما وقفنا على البوابة نظر الضابط في وجه الشيخ فعرفه ولم يطل ..
وقال للجنود : افتحوا الباب للشيخ ابن عثيمين ..
دلفنا للقصر الفخم والكبير والذي لم أشاهد له مثيلا حتى هذه الساعة
في بهائه وجماله وفخامته ..
رزقنا الله وإياكم القصور في الفردوس الأعلى..
بحثنا عن موقف لسيارتنا بجوار السيارات الفخمة والبهية .. وبالكاد وجدت
ولقد سبق أن رجوت الشيخ أن انزله أمام بوابة الإيوان
لكي ينزل هو وسوف ألحقه
فرفض وقال : ندخل معا ونخرج معا!!
وصلنا لبوابة الإيوان وكان الحرس وخدم القصر ورجاله كالذر عددا
عن اليمين والشمائل..
كل من رآنا جاء للشيخ وسلم عليه ..
فاجأني شيخنا بسرعة خطوه وعجزت عن مسايرته و كان يمر من تحت
أجهزة كشف المعادن ولا يتوقف لها ولا يعبأ بها ..
بالنسبة لي أنا فقد أمسك بيدي العسكر مرتين ليردوني للتفتيش
فكان الشيخ يشير لهم فيتركوني إكراما له ..
دخلنا الإيوان الأول ومن بعده إلى إيوان ابهر منه وأجمل وأفسح..
ومنه دخلنا لمجلس كبير وهائل ..
يكاد ضوءه وتوهجه يخطف الأبصار..
ومع كبر حجمه وفساحته واتساعه إلا أنه بلا أعمدة تحجب الرؤية!!
قد رصت في جميع أطرافه المقاعد الوثيرة والفخمة وعليها من البشر والخلق
من لا يحصيهم إلا الله ..
في صدره كان يجلس الملك .. وعرفته منذ أن رأيته ومنذا يخفاه ؟؟
رحمه الله وعفا عنه ..
حينما رأى الملك شيخنا قام فقام كل من في المجلس وهذا من عاداتهم
فخجلت واستحييت وهبت ذلك المنظر..
فدخلت عن يمين المجلس واختفيت خلف الصفوف..
وكنت أراقب ما جرى..
كنت أرى شيخنا يسير لوحده في وسط المجلس الفسيح ..
وتقدم له الملك فالتقيا في وسط المسافة .. فاحتضنا بعضهما بعضا ..
وقبل الملك على انف شيخنا كما هي عادتهم..
في إكرام العلماء..
سمعت رجلا بجواري متعجبا يقول: من هذا ؟؟
فقال الآخر وكان متكئا ويحرك سبحته قال: هذا المهندس ابن عثيمين!!
__________________









الرد مع إقتباس
  #112  
قديم 22-05-2006, 04:01 PM
الدلفين الدلفين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 3
إفتراضي

طبعاً كاتب هذا القصة هو الكاتب في الساحات بمعرف مالك الرحبي

واسمه الحقيقي مازن المنسي الغامدي

وتوفي الشيخ فاللهم ارحمه واغفرله

رحمك الله ياشيخ مازن

واصلي ياختي

فإني لا اطيق الانتظار
الرد مع إقتباس
  #113  
قديم 23-05-2006, 03:56 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي



الدلفين يسعدني تشوقك للقصه وها أنا ذا أكمل

*********************************************



نرجع لمنى!!
من السنن أن لا يأكل المتمتع شيئا قبل أن يذوق من هديه
كما هو الحال في الأضحية..
طبخ لنا من كبد الكبشين فافطرنا عليهما ..
ثم خرج الشيخ من الخيمة ودخل على المخيم المجاور للسلام على شيخه ابن باز
للمباركة له بالعيد ..
فاستعرت ثوبا من احدهم ولحقت به ..
فوجدته مع الشيخ ومعهما الشيخ حمد الموسى
رفيق الشيخ ابن باز في حله وترحاله..
قال لي مرة الشيخ حمد: أغبطك على صحبة الشيخ محمد !!
قبلت رأس الشيخ ابن باز فسأل : من أنت ؟؟
فقال له شيخنا: هذا أحد تلاميذنا واسمه فلان بن فلان..
فدعا لي الشيخ ..
رحمهم الله ورضي عنهم وجمعنا بهم في جنات النعيم
الحلقة السادسة والخمسون
لم يطل شيخنا الغياب عند الملك ..
قال لي الشيخ ذلك اليوم: أنه فقد السائق الذي يوصله للمخيم فبقي واقفا محتارا ولا يدري ما يفعل ..
فلمحه الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية وهو ذو علاقة ومعرفة عميقة بشيخنا ..
فسلم عليه وقال : هل تنتظر أحدا ؟؟
لاحظتك واقفا لوحدك؟؟
فقال شيخنا : سائقنا تأخر..
فنادى الأمير سعود الفيصل على سيارته الخاصة وأمر سائقه بتوصيل الشيخ فحمده شيخنا على ذلك وأكبرها منه ..
كنا في أغلب الأوقات نبقى في المسجد لاستماع الدروس والفتاوى ..
وهذا هو غالب أمرنا ..
وأما في الأوقات الأخرى فنجتمع بالشيخ في خيمة كبيرة عبارة عن مجلس للضيوف ويستقبل فيها الوفود الزائرة من داخل وخارج المملكة..
جاء رجل في تلك الأيام وزعم للشيخ أن المسالخ التابعة للبنك الإسلامي للتنمية في منى لا تقوم بنحر الإبل كما هي السنة وكذلك ذكر ملاحظات حول التذكية الشرعية للأغنام..
فلم يرد شيخنا أن يجيبه على زعمه حتى يتأكد مما نقله له..
فكلفني أنا وشخصين اثنين بالذهاب لزيارة المسالخ والإدارة المشرفة
للتأكد من صحة تلك المعلومات خاصة وأن البنك يشرف سنويا على مئات الألوف من الأضاحي والهدي ذبحا وتخزينا وتوزيعا حول العالم..
وصلنا للمسلخ بعد معاناة وبحثنا عن موقع نحر الإبل فقالوا لقد انتهوا من ذلك
فلما نتمكن من رؤيتها على الطبيعة ..
توجهنا للإدارة فأحالونا لشخص وقالوا : هو مدير هذا القسم ..
فدخلنا عليه مكتبه فاستقبلنا ببرود ولم يعرنا أي أهمية وكان يدخن بشراهة
طوال جلستنا معه..
شرحنا له هدفنا من الزيارة ومن كلفنا بذلك فازداد تجاهلا لنا!!
ولم يفدنا بشيء ولم يرد إعطائنا أي معلومات ..
فخرجنا من عنده وقد بلغ الحنق بالأخوين الآخرين مداه..
رجعنا للشيخ وشرحنا له ما حصل ..
فاسترجع وقال : خيرا إن شاء الله !!
في اليوم الثاني وهو الأول من أيام التشريق ..
زارنا في المخيم الدكتور محمد علي مدير عام البنك الإسلامي بنفسه!!
وقدم اعتذاره للشيخ عما حصل ولا ادري كيف بلغه الموضوع..
وأصر على شيخنا أن يرافقه بنفسه للمسالخ لرؤية الموضوع على الطبيعة
والدكتور محمد علي رجل مؤدب ومتواضع وخلقه وبشاشته تأسر القلوب
وهكذا كان!!
انطلقنا بسيارته وأصر على الشيخ أن يركب هو في الخلف وشيخنا بجوار
السائق وكانت لفتة كريمة منه ..
قبل دخولنا للمسالخ مر بنا الدكتور على مكان الذبح العام حيث يقوم الحجاج
بذبح هديهم وهذا خارج إشراف البنك ..
ويا للعجب!!
رأينا ذلك اليوم منظرا لا أنساه ما حييت ..
حيث تكدست عشرات الألوف من الأغنام المذبوحة على مد البصر
والملقاة بعضها على بعض وقد تعفنت وتجمعت عليها الحشرات وصدرت منها
روائح قاتلة ..
وكان غاية الدكتور أن يري الشيخ دور البنك في محاولة القضاء على تلك المشكلة
المزمنة ..
حيث رفع عن الناس حرجا شديدا واوجد لهم بديلا ملتزما بالضوابط
الشرعية ويبرئ الذمة ..
قال لنا الشيخ ذلك اليوم : قبل سنوات بعيدة في شبابي
اشتريت أنا وعدد من الإخوة والأصحاب جملا لكي نهديه عنا جميع
وكنا سبعة..
وكان عدد الأضاحي ليس بالكثرة الآن والحجاج اقل..
يقول شيخنا نظرا لوجود عدد كبير من الفقراء حولنا وكل واحد منهم احضر
سكينه وساطوره بيده!!
فقد حاولنا الابتعاد عنهم حتى يسهل علينا النحر والسلخ وتقطيع الذبيحة..
قال الشيخ : ما إن سقط جملنا حتى تساقط الناس علينا من كل مكان
فقطعوا البعير وجزءوه في دقائق معدودة !!
أما الحال ألان فهذا الذي نراه والله مأساوي !!
تجولنا في المسالخ وتأكد الشيخ بنفسه من سلامة طريقة الذبح والنحر وأن
العتب على الناقل سامحه الله..
ونحن نتجول في المسلخ جاءنا رجل وعيونه غارقة بالدموع ..
فتأملت وجهه فإذا هو صاحبنا الذي دخلنا عليه بالأمس وتجاهلنا
وقد كان كسيرا حزينا فسلم على شيخنا واعتذر منه واعتذر منا جميعا
أخذه شيخنا على انفراد ..
وتحدث معه وابتسم في وجهه وتهلل وجه الرجل وضحك ..!!
وأخبرني الشيخ لا حقا انه نصحه بترك الدخان فوعده بذلك
ولعل الله تعالى عافاه..
__________________









الرد مع إقتباس
  #114  
قديم 23-05-2006, 04:16 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

مرت تلك الأيام بوتيرة واحدة ..
كنا نذهب لرمي الجمرات مشيا على الأقدام ..
حيث أن مخيمنا ليس ببعيد عنها..
وفي الطريق يجيب شيخنا عن أسئلة الناس ..
أذكر أننا في عودتنا ذات مرة من الرمي وكان ذلك قبل الغروب بدقائق..
وكانت منى شبه خالية حيث عجل كثير من الحجاج كما هي العادة..
فمررنا على رجال يشدون أمتعتهم على سياراتهم..
فلما رأى أحدهم شيخنا وكان في أعلى السيارة الجيب يربط متاعه
نادى على الشيخ مستفتيا ويشير بيده: ياشيخ محمد إحنا معجلين
ومثل ما ترى قد يؤذن علينا وما أكملنا متاعنا هل يجوز لنا التعجيل ؟؟
فقال الشيخ : لا باس عليكم إن شاء الله ..
فهذا رجل استفتاه وهو على سيارته دون أن يتكلف عناء النزول!!
ولا أدري هل سألهم هل طافوا للوداع أم لا ؟؟
روى لي أحد الطلبة الثقات يقول : مرة كنا نسير مع الشيخ بعد الصلاة
من مسجده لبيته .. فنادى رجل من سيارته على الشيخ :
ياشيخ محمد ياشيخ محمد أريد أن أسألكم ؟؟
فقال الشيخ له : تعال أنت وسأل فالعلم يؤتى إليه وحق عليك إكرام العلم وأهله..
ولم يرد الرجل على الشيخ حياء من جوابه ..
ولكن شيخنا لمح في خلف سيارة الرجل عكازا فعرف أنه مبتلى..
فرجع للرجل ودنا منه واستمع لأسئلته حتى انتهى ..
لم نعجل كما هو المتبع من شيخنا في كل عام وخلى المخيم وحوله تقريبا
جاءنا ذلك اليوم ضيف كريم وهو الأمير ممدوح بن عبد العزيز وفقه الله
كنت أنه وهو مع الشيخ ثلاتنا لا رابع لنا في السيارة وقال لشيخنا كلمة
أراد منها أن يشد من عضد الشيخ قال له في كلام طويل أذكر بعضه :
(ياشيخ محمد أنت وشيخنا ابن باز أقدما ولا تترددا فوا لله إن إخوتي الكبار
من الملك وإخوانه الكرام الآخرين يقولان دائما للوزراء والمسئولين
أطيعوا العلماء ولا تعصوهم وخصوصا هذين العالمين الجليلين ابن باز والعثيمين
فنحن بالله قمنا ثم بهما !!)
جزى الله الأمير ممدوح خير الجزاء فهو صادق النصح إن شاء الله ولا يبتغي من
ذاك شيئا بارك الله فيه
شهدت منه موقفا أكبرته منه ..
حيث أذكر مرة أنه بعث رجلا لشيخنا يستفتيه في أمر وهو:
أن هناك مشروع يدر على الأمير مدخولا كبيرا ولكنه يحتاج لهذا المشروع
لرخصة وكونه أميرا ومن أبناء الملك عبد العزيز فلن يعسر عليه الحصول على
تلك الرخصة .. ولكنه تحرج من ذلك خوفا من أن يجامل كونه أميرا !!
وهذا بلا شك سيكون!!
فقال شيخنا للوسيط : سلم على الأمير وبلغه أن الورع أن يتركه والله يخلف
عليه بخير
فتركه رغم أن ربحه مضمون وأرباحه كبيرة للغاية والله يخلف عليه خيرا منه
في ماله وولده وأهله ..
زار الأمير ممدوح القصيم في سنة من السنوات
وكان في اغلب بقاءه في القصيم تلك الأيام يكون في عنيزة
إما في بيت الشيخ أو في جامعه أو عند أحد المضيفين له من عنيزة..
طلب الأمير ممدوح من شيخنا أن يزور بيته الطين والذي حتى تلك السنوات
لم يهد وبقي شامخا في المكان المعروف ألان .. شمال مسجد الجعيفري
على شارع الشريمية ..
التقينا شيخنا والأمير وأنا وجمع من الإخوة أمام باب المنزل ضحى ..
وفتح شيخنا باب بيته القديم ..
وأخذ يشرح لنا تفاصيل البيت وتقسيماته ..
حينما تدخل من باب المنزل تواجهك ساحة في وسطها نخلة طويلة ..
وعليها حبل للتسلق ..
وذكر الشيخ انه كان يصعد لأعلى تلك النخلة فيلقحها أو يحصد تمره
فقال لي الأمير مازحا: هل تستطيع الصعود لأعلاها يافلان؟؟
فحاولت الصعود وما عرفت طريقة شد الحبل خلف الظهر وهي تسهل كثير ا
الصعود..
فقام شيخنا بنفسه وشده وصعد حتى وصل قريبا من وسطها ونزل..
صعدنا من الدرج ليرينا مكتبته ..
فدخلناها فإذا هي غرفة متوسطة الحجم وفيها رفوف قديمة وشبه بالية
مكتوب عليها 1381 للهجرة ولعله تاريخ التركيب!!
وجدنا في زاويتها سلكا كهربائيا قويا قد عقف أعلاه على شكل عصى
وهو متماسك ومغلف ببلاستيك اسود قال الشيخ : هذه عصاي كنت استعملها
وأنا أسير في الظلام إلى المسجد قبل انتشار الكهرباء..
فحملها الأمير وكانت ثقيلة ..
واستأذن من شيخنا أن يهبه إياها ففعل..
وكذلك رأى الأمير سجادة صلاة قديمة قد حفر مقدمها من اثر السجود عليه
فقال للشيخ : هل هذه سجادكم ؟؟
قال: نعم ..
فاستو هبه إياها ففعل!!
خشيت أن يستو هب الأمير الشيخ كل شيء فهمست في أذنه وقلت :
أريد دواليب الكتب إن كنت لست في حاجتها !!
فقال: هي بالية !!
فقلت : حتى!!
فوافق..
فنقلتها لبيتي واحتفظت بها سنوات عديدة حتى سرقت مني!!
ولقد أعطاني الشيخ بناء على طلبي عددا من عباءاته القديمة جدا وما زالت
عندي حتى الآن ..
واحتفظ بها للذكرى لا للتبرك أو شيء آخر والحمد لله ..
__________________









الرد مع إقتباس
  #115  
قديم 23-05-2006, 04:22 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

الحلقة السابعة والخمسون
رجعنا لبيت الشيخ إبراهيم في العزيزية بمكة شرفها الله
بعد انتهاء المناسك
وكالعادة يشعر المرء بأثر الحج من جهد وكلل وإرهاق ..
خاصة أن شيخنا يبذل جهدا أكثر ممن سواه..
استرحنا قليلا يوما أو يومين ..
من عادة سماحة الشيخ بن باز رحمه الله في كل عام أن يقيم شبه احتفال للدعاة الذين شاركوا في برنامج التوعية في الحج بمناسبة انتهاء برنامج التوعية السنوي في الحج
ويحضر ذلك الاجتماع بالإضافة للدعاة نخبة من العلماء والمفكرين من العالم العربي والإسلامي ..
يتم في ذلك اللقاء التعريف بالمناشط التي تمت وذكر بعض الإيجابيات والسلبيات وطرح الأفكار الجديدة..
أذكر ذلك اليوم أن سماحة الشيخ بن باز رحمه الله وشيخنا ابن عثيمين رحمه الله ..
والشيخ صالح الفوزان حفظه الله ..
كانوا متجاورين وعليهم أثر الجهد والتعب..
ولقد رأيت رؤوسهم ثلاثتهم تخفق وتعلوا من النعاس عفى الله عنهم..
وبهذا الاحتفال يكون ختام برنامج التوعية السنوي اسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنهم والحمد لله ..
أوصلت شيخنا لجده ومنها سيواصل على القصيم أما أنا فقد رجعت لعائلتي
في الطائف لكي اقضي لديهم فترة نقاهة فقد كنت مصابا بالزكام والحمى
الطائف جوه منعش وجميل طوال العام تقريبا ..
ففي الصيف حرارته معتدلة ولا تتجاوز حدود المعقول!!
كما في القصيم والرياض مثلا..
أما في الشتاء فإن برودته ليست بشديدة كبرودة أبها والباحة مثلا..
أذكر أنني قرأت في كتاب المطالعة في إحدى سني الدراسة عن عالم غربي
مر على الطائف فمدح مناخها وقال هو من أفضل المناخات في العالم!!!
ولا يظنن ظان أني أمتدحها لأنني كنت يوما من أهلها أو عشت سنواتي الأولى فيها .. !!
أنا أحكي شيئا معلوما ومعروفا للجميع ..
مكثت أياما قليلة في الطائف ثم رجعت للقصيم ..
وصلت لعنيزة ليلا..
حيث غبت عنها حوالي الشهر..
وكان السكن كئيبا بسبب قلة الحركة وشعرت بانقباض وضيق ..
وهذا شيء طبيعي حيث يشعر الإنسان بتلك الآثار بعد الغياب الطويل
القصيم بالنسبة لي تلك الأيام هي موطني فقد كنت أتم صلاتي فيها وحينما كنت أذهب للطائف فأنا أعتبر نفسي غير مقيم ..فتحل لي رخص السفر
منذ اليوم الأول لدخولي لغرفتي في السكن وأنا اشعر أن هناك اختلافا فيها؟؟
بلغت الشيخ بذلك .. فاستغرب وقال : لعلك واهم ؟؟
فتشت في أغراضي وأوراقي وأمتعتي وكتبي فاكتشفت التالي:
وجدت عددا من كتبي قد سرقت !!
وهي عبارة عن كتب صورتها من شيخنا وعليها تعليقاته وحواشيه بخط يده وهي كتب ثمينة جدا واحملها طوال تلك السنوات في حلي وترحالي..
وكذلك فقدت عددا من أوراق الشخصية وتزكيات سبق أن كتبها لي شيخنا في مناسبات معينة..
وكذلك افتقدت بعض الأمتعة المهداة أيضا من شيخنا!!
وكذلك افتقدت عددا من الرسائل التي كانت بيني وبين الشيخ ومم
كان يكتبه الشيخ للوالد وأحتفظ بنسخ منها..
توجست في الموضوع وقلت في نفسي: لا يملك مفتاح غرفتي سوى أنا وشيخنا ورفيقي في السكن !!
ورفيقي رجل ثقة وهو الشيخ محبوب وما حاجته لمثل تلك
الأغراض وما مصلحته من أخذها؟؟
ولم ابلغ شيخنا حتى تأكدت أنها سرقت !!
وعلمت من سرقها وشهد شاهد على ذلك لي..
أبلغت شيخنا بالحاصل ..
أذكر ملامح وجهه حينما أخبرته الخبر ..
لقد حزن وتأثر ابلغ تأثير ..واسترجع وكأنه عرف الفاعل فورا ؟؟
دعا بهذا الدعاء: اسأل الله تعالى أن يضيق صدره كما ضيق صدري حتى يرجع تلك الأشياء..
جميعكم من خلال القراءة السابقة للحلقات سيعرف من هو الفاعل؟؟
لقد أشترى الأستاذ أدوات لفتح الأبواب ودخل غرفتي في فترة الحج وقلب كل حاجياتي ليبحث عن السحر المخفي في متاعي !!!
فلما لم يجد شيئا ولن يجده سوى في مخيلته المريضة التي أملاها عليه شياطين الجن والإنس عليه !!
حينما لم يجد شيئا سرق تلك الحاجيات !!
لما؟؟
لا أدري ..
ولكن التفسير الوحيد لذلك واضح وضوح الشمس لمن له عينان ..
استجاب الله لدعاء شيخنا فلقد بلغني المؤذن عن ذلك الرجل انه مرض وأصيب بصداع شديد في رأسه وتغيب عن الدرس فترة طويلة ..
دعاني الشيخ يوما بعد الصلاة وسلمني كرتونا به جميع حاجياتي ..
فبحثت فيها فوجدت جميع الأشياء المسروقة كاملة موجودة سوى بعض الأوراق والخطابات وجدت صورها ولم أجد النسخ الأصلية
استعادها لي شيخنا لاحقا وسلمها لي جزاه الله عني خير الجزاء..
أسمحوا لي أيها القراء الكرام أن أنقل لكم هذه الرسالة التي كتبها لي شيخنا رحمه الله .. واسترجعتها من يد ذلك المعتدي
وهي موجودة عندي ولعل في نشرها نفعا لمن تأمل وتدبر معانيه
وقد ذكر شيخنا في الرسالة ذاتها سبب كتابتها ..
يقول شيخنا رحمه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد الصالح العثيمين إلى الابن (.... ) حفظه الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فقد سألتني بارك الله فيك أن أضع لك منهجا تسير عليه في حياتك...
وإني لأسال الله تعالى أن يوفقنا جميعا لما فيه الهدى والرشاد والصواب والسداد وأن يجعلنا هداة مهتدين صالحين مصلحين فأقول:
أولا : مع الله عز وجل
1- احرص على أن تكون دائما مع الله عز وجل مستحضرا عظمته متفكرا في آياته الكونية مثل خلق السموات والأرض وما أودع فيهما من بالغ حكمته وباهر قدرته وعظيم رحمته ومنته .
وآياته الشرعية التي بعث بها رسله ولا سيما خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم.
2- أن يكون قلبك مملوءا بمحبة الله تعالى لما يغذوك به من النعم ويدفع عنك من النقم ولا سيما نعمة الإسلام والاستقامة عليه حتى يكون أحب شيء إليك.
3- أن يكون قلبك مملوءا بتعظيم الله عز وجل حتى يكون في نفسك أعظم شيء..
وباجتماع محبة الله تعالى وتعظيمه في قلبك تستقيم على طاعته قائما بما أمر به لمحبتك إياه تاركا لما نهى عنه لتعظيمك له.
4- أن تكون مخلصا له جل وعلا في عباداتك متوكلا عليه في جميع أحوالك لتحقق بذلك مقام (إياك نعبد وإياك نستعين).
وتستحضر بقلبك أنك إنما تقوم بما أمر امتثالا لأمره وتترك ما نهى عنه امتثالا لنهيه فإنك بذلك تجد للعبادة طعما لا تدركه مع الغفلة وتجد في الأمور عونا منه لا يحصل لك مع الاعتماد على نفسك.
ثانيا : مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
1- أن تقدم محبته على محبة كل مخلوق وهديه وسنته على كل هدي وسنة .
2- أن تتخذه إماما لك في عباداتك وأخلاقك بحيث تستحضر عند فعل العبادة أنك متبع له وكأنه أمامك تترسم خطاه وتنهج نهجه.
وكذلك في مخالقة الناس أنك متخلق بأخلاقه التي قال الله عنها(وإنك لعلى خلق عظيم).
ومتى التزمت بهذا فستكون حريصا غاية الحرص على العلم بشريعته وأخلاقه.
3- أن تكون داعيا لسنته ناصرا لها مدافعا عنها فإن الله تعالى سينصرك بقدر نصرك لشريعته.
ثالثا : عملك اليومي غير المفروضات
1- إذا قمت من الليل فاذكر الله تعالى وادع الله بما شئت فإن الدعاء في هذا الموطن حري بالإجابة واقرأ قول الله تعالى( إن في خلق السموات والأرض ) حتى تختم سورة آل عمران وهي عشر آيات.
2- صل ما كتب لك في آخر الليل واختم صلاتك بالوتر.
3- حافظ على ما تيسر لك من أذكار الصباح . قل مئة مرة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
4- صل ركعتي الضحى.
5- حافظ على أذكار المساء ما تيسر لك منها.
__________________









الرد مع إقتباس
  #116  
قديم 23-05-2006, 04:29 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

رابعا: طريقة طلب العلم.
1- احرص على حفظ كتاب الله تعالى واجعل لك كل يوم شيئ معينا تحافظ على قراءته ولتكن قراءتك بتدبر وتفهم .
وإذا عنت لك فائدة أثناء القراءة فقيدها.
2- احرص على حفظ ما تيسر من صحيح سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن ذلك حفظ عمدة الأحكام.
3-احرص على التركيز والثبات بحيث لا تأخذ العلم نتفا من هذا شيء ومن هذا شيء لأن هذا يضيع وقتك ويشتت ذهنك.
4- أبدا بصغار الكتب وتأملها جيدا ثم انتقل إلى ما فوقها حتى تحصل على العلم شيئا فشيئا على وجه يرسخ في قلبك وتطمئن إليه نفسك.
5- احرص على معرفة أصول المسائل وقواعدها وقيد كل شيء يمر بك من هذا القبيل فقد قيل: من حرم الأصول حرم الوصول.
5- ناقش المسائل مع شيخك أو من تثق به علما ودينا من أقرانك ولو بأن تقدر في ذهنك أن أحدا يناقشك فيها إذا لم تمكن المناقشة مع من سمينا.
هذا وأسال الله تعالى أن يعلمك ما ينفعك وينفعك بما علمك ويزيدك علما ويجعلك من عباده الصالحين وحزبه المفلحين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتبه محمد الصالح العثيمين في 3 رجب 1412 هـ التوقيع.
رحمة الله على شيخنا وجزاه الله عني خير الجزاء
إن كلماته تلك تحمل في كلمة منها معاني سامية خرجت من قلب رجل امتلأ علما وإيمانا وتقى احسبه كذلك والله حسيبه..
__________________









الرد مع إقتباس
  #117  
قديم 23-05-2006, 04:31 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

الحلقة الثامنة والخمسون
لا أرغب في الاسترسال حول التصرف الذي حدث من قبل صاحبنا فبفضل المولى سبحانه منذ ذلك التصرف الأهوج الذي بدر منه لم أتلقى أي تصرفات أخرى ملموسة من قبله سواء بالكلام أو الفعل
والله ربي وربه وحسيبي وحسيبه مطلع على الخفايا وعالم بالسرائر..
ويبدوا أنه شعر بخيبة أمل كبيرة حيث لم يصل لمبتغاه بفضل الله أول
ثم بفضل شيخنا الحصيف والعاقل والمؤمن والعالم الراسخ..
فأين تجد مثل هذا ؟؟
ذلك فضل الله..
توقف النزاع والخصام ولعله إلى الأبد والحمد لله ..
وأؤكد للجميع أنني لم أسعى وأهتم بذكر هذا الرجل بعينه بسوء!!
أمام أحد من الناس كائنا من كان ..
مقابلة لجرمه بحقي وكذبه علي ..
ولو أنني أذكر أعماله وتصرفاته فليست سوى للعبرة ..
والله يهدينا ويهديه لصراطه المستقيم ..
حينما كتبت بالأمس تلك النصيحة التي وجهها شيخنا لي ..
تذكرت أنني قرأتها في تلك الأيام ولا شك أنني استفدت منها ..
وحرصت على العمل بها بقدر ما آتاني الله من بصيرة ..!!
ولكنها اليوم ذات طعم خاص ومذاق مختلف..
منذ فترة بعيدة جدا لم أقرأها ولعل هذا من حسنات هذه المقالة أن جعلتني أتذكر تلك الوديعة الثمينة..
قرأتها بالأمس قراءة تمحيص وتدقيق..
تأملت حروفها .. حيث كتبها بيده وبخطه الجميل..
شممت عطرها الزكي.. على ذلك الورق المتواضع ..
أصغيت لها فتردد في سمعي رنينها العذب...
و ضعتها على صدري فامتزجت همساتها في الفؤاد ..
تذكرت الوقت الثمين الذي قضاه في تدوينها..
تذكرت كم أنه تأمل وفكر فيما هو يصلح حالي في ديني ودنياي فرقمه..
تذكرت يده حينما قبضت على القلم وأخذت تخط تلك الكلمات الصادقة..
تذكرت كيف كان قلبه في تلك اللحظات ينبض بالرحمة والشفقة علي..
خرجت بأمر واضح كالشمس:
أيقنت أنها صدرت من قلب كبير..
رحمك الله يا أبا عبد الله ..
رضي الله عنك ياشيخنا محمد..
فوا لله ما قدرتك حق قدرك وما أوفيتك الوفاء الجميل..
والله لو كان لي سبيل إليك لرأيت مني غير ما رأيت ..
ووالله ياوالدي لو تمكنت من رؤيتك والاجتماع بك
لتعبدت ربي سبحانه أن أكون خادمك المطيع حتى الممات..
أنت والدي فعلت بي ما يفعله الوالد بولده وأكثر..
كم مرة سمعت أبي أحمد رحمه الله يقول لي بحضور شيخنا:
هذا والدك دوني !!
قلت له : مه !!
فقال: لقد قدم لك كيت وكيت وفعل لك كذا وكذا..
إن للأمة حق على هذا الرجل حق عام!!
أما أنا وغيري فعلينا له حق خاص..
يجب علينا أن ندفعه له حتى الممات..
أقله الدعاء وهو من الوفاء له ..
ونشر علمه ..
وتعريف الناس بفضائله وهذا الذي سماه خليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام( واجعل لي لسان صدق في الآخرين)
وهاأنذا أحكي بعض جميله ..
كنت في تلك الأيام رغم بري به والحمد لله والجميع يعرف ذلك
قليل الإدراك وهكذا المرء في فتوته وشبابه ..
قد يدرك ولا يدرك ..!!
يرى الأمور ويبصرها ولكن لا يفهم معانيها ومضامينها وروحها إلا، لاحقا..
لا يقرأ بين السطور..
وبالأحرى لا يملك آليات تلك القراءة !!
وهذه هي البصيرة الحقة..
أي منا لم تسهر والدته يوما بجواره وهو صغير حينما يئن من المرض ؟؟
أي منا لم يرى كم كان والده يخرج باكرا من منزلهم ويعود في المساء وقد بلغ به الإعياء والتعب مبلغه..
كنا نرى تلك التصرفات ولكننا لا ندرك جوهرها ولا عمقها..
إنه الحنان ..
إنها الرحمة ..
والمحبة والشفقة والفداء والتضحية ..
وكل المعاني السامية تنبعث من تلك التصرفات جملة واحدة..
تلك المعاني تكتشفها للأسف لاحقا ..
بعد سنوات طويلة ..
وغالبا بعد رحيلهم..
فتبقى في القلب حسرات وآهات ..
وأقول : يا إخوتي وأخواتي
من وفقه الله فأبصر الحقيقة وعلم ذلك علم اليقين وما زال صاحب الفضل
حوله وقريبا منه..
فهذا والله المحظوظ فلا تفلت منه الفرصة..
فدونه الجنة فهي أقرب له من شراك نعله..!!
__________________









الرد مع إقتباس
  #118  
قديم 23-05-2006, 04:37 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

بعد موت والدي عليه رحمة الله ..
بشهر تقريبا كنت أسير بسيارتي بين الطائف والرياض..
وكنت حينها لم أستيقظ بعد من هول الصدمة بفقدانه..
كنت أقود السيارة وارى الطريق أمامي ولكن قلبي وعقلي معه رحمه الله
يسترجع شريط الذكريات الطويل ..
من الذكريات المحزنة..
وحصل ذلك قبل أسبوع من موته رحمه الله..
حيث أنني أثقلت عليه في موضوع ما!!
وأذكر أنه اتصل علي وعاتبني على ذلك..
حيث وقف ساعات وعانى من هذا الأمر ..
وكان ذلك على غير قصد مني..
ومع ذلك فإنني شعرت بألم في قلبي وحزن
فأوقفت سيارتي وبكيت حتى كدت افقد وعيي من البكاء والله ..
رحمهم الله ورضي عنهم وجمعنا وإياهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر
مرت الأيام والساعات وتوالت الليالي والحمد لله استزدت تحصيلا..
من رعايته رحمه الله بي حيث درسنا في تلك الأيام مادة المواريث
وهذه المادة من أصعب علوم الفقه كما هو معلوم..
فكان شيخنا يهون علي المر ويقول : هي سهلة جدا!!
أذكر مرة أنني حضرت في مدينة الطائف درسا في علم المواريث ( الفرائض)
عند الشيخ علي بن محمل العتيبي وهو قاضي متقاعد من المحكمة
والشيخ علي متقن للغاية لهذا الفن..
حينما استمعت لكلامه طوال ساعة وأزيد
لم أستطع فهم كلمة واحدة ..وأغلق علي وعسر ذلك العلم من ذلك الدرس
فخرجت وأنا مصدوم من هذا العلم المعقد للغاية..
ولكن شيخنا رحمه الله كما هي قاعدته (الكيف لا الكم)..
جرد لي هذا العلم من كل تلك العقبات فصار ميسرا وسهل التناول بحمد الله تعالى..
فكنت ادرس عنده في الليل مع الطلاب .. وفي الطريق لبيته يملي علي المسائل
ويختبرني ويكلفني بالبحوث حتى أدركته جميعا..
وما زلت حتى الآن أحتفظ بتلك الواجبات وعليها تصحيحاته وتعليقاته
بالقلم الأحمر..
علمت أن شيخنا يعاني من قضية المساعدات التي يقدمها للناس حيث يأخذ ترتيب تلك الأمور وتدوينها وجردها وقتا ثمينا منه..
فعرضت عليه أن أساعده في ذلك..
وأراد مرة أن يختبر جديتي في الموضوع!!
حيث اتصل علي شيخنا ذات يوم في السكن..
وقال لي : أريدك تحضر للبيت احتاجك في أمر..
فوصلت لبيته فخرج إلي وفي يده كيس ..وقال:
هذه النقود تذهب بها للبنك وتودعها في حساب الزكاة..
ولم يكن المبلغ كبيرا ولكنني لم احمل مثله من قبل!!
ذهبت للبنك مرورا بالبيوت الطينية الواقعة بين شارع الشريمية والبنك في شارع الضليعة..
كانت الشوارع والأزقة خالية من الناس والمارة..
فكنت استعجل الخطى حتى أمر من تلك الدور المهجورة والمخيفة..
دفعت للبنك ذلك المبلغ ..
ومنذ ذلك اليوم ولسنوات صرت احمل نقود الزكوات والصدقات وغيره
من البنك للشيخ والعكس..
ولقد كانت تبلغ المبالغ أحيانا أرقاما كبيرة ومخيفة ..
ومع ذلك فلم يحصل أي حادث يذكر سوى موقف وحيد وتافه لا يستحق الذكر!!
في تلك الأيام حدثت حادثة غريبة لي ..
__________________









الرد مع إقتباس
  #119  
قديم 23-05-2006, 04:42 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

الحلقة التاسعة والخمسون
شعرت في تلك الأيام بألم شديد في الجزء الأيسر من رأسي..
ظننته صداعا عابرا ..فاستعملت المهدئات..
ولكن الألم استمر وزاد حتى صار عذابا لا يطاق..
توجهت لقسم الطوارئ في مستشفى الملك سعود..
قال لي الطبيب: يجب أن تنوم في المستشفى لنرى ما القصة؟؟
لا أشك أنه قد ظن أن في الأمر شيئا خطيرا فقرر تنويمي..
اتصلت على شيخنا وبلغته بالحاصل..
فقلق علي رحمه الله واتصل على المشرف العام ليستبين الموضوع..
وضعت في غرفة جميلة وهادئة وكنت فيها وحيدا ..
وهذه من جمائل الدكتور عبد الله البداح المشرف العام..
بعد صلاة العصر.. جاءني في المستشفى للزيارة شيخنا رحمه الله
ومعه جمع كبير من الطلاب ..
لم أكن اشعر بشيء خطير سوى تلك الآلام التي تأتي ثم تروح ..
ولم يكن يوقفها سوى المهدئات والمسكنات والتي سيكون لها آثار جانبية في
المستقبل كما سترون..!!
إن مجرد رؤية هذا الرجل الشهم والعالم الجليل وهؤلاء الكرام حوله
من طلبته الأخيار ..
أشعرني بالفخر والشرف أن أنتسب لتلك الطائفة الصالحة رضي الله عنهم
زارني المشرف العام مرارا ومعه المدير الطبي ورئيس شئون المرضى
وفي بعض الأحيان عدة مرات يوميا جزاهم الله خيرا..
كثرت علي التحاليل والأشعة حتى أيقنت أن في الأمر شيئا ما !!
قلت في نفسي: أخي الكبير محمد رحمه الله سبق وأن مات بسرطان في دماغه
فهل ياترى توارث المرض لي؟؟
كنت كلما تذكرت العذاب الذي وجده والداي ونحن الأبناء من مرض أخين
الكبير محمد أصاب بالقلق والخوف..
ماذا لو تكرر الموضوع؟؟
أخي محمد رحمه الله له قصة أستميح القراء في روايتها وإن طالت ..
هذا الشاب الذي اذكر عنه أشياء بسيطة ،توفي رحمه الله وأنا ما زلت في سن
السابعة أو قريبا منها..
وذلك في سنة 1402 للهجرة ..
حيث شعر بآلام شديدة في رأسه .. وتعب الأطباء وعانوا في اكتشاف
سبب ذلك .. فقائل : هو ورم غير مرئي!!
وقائل : هو مرض نفسي ..
وقائل:هو دلع وتدلل صبياني!!
نقل على أثرها إلى الرياض لمستشفى الملك فيصل التخصصي ..
وهناك شخص المرض بأنه ورم خبيث في الدماغ..
أستأصل الأطباء الورم وادعوا نجاح العملية ..
ولكن الآلام لم تتوقف .. يئس الوالد رحمه الله من ذلك المستشفى
ونقله لمستشفى عرفان في جده
واستعملوا الإبر الصينية معه وأنفق مبالغ طائلة وبلا طائل!!
لم يسمع أبي بطبيب في شرق المملكة أو غربها أو قريبها وأقصاها إلا وذهب إليه وتعب هو وشقي كما شقي أخي محمد أو كاد..
أستعمل الأدوية الشعبية والكوي..
أذكر مرة أنهم كووه المسكين حتى سمعت صراخه وأنينه ونحن في السيارة
وكنا نبكي لبكائه رحمه الله ..
أما الوالدة فلا تسل عن حالها ولا عن كربها خلف الله عليها خيرا..
كنا نتقل بين مدن المملكة لعلاج أخينا أينما حل فقد كنا صغارا ولا راعي لنا بعد الله سواه..
أشار على الوالد عدد من أصحابه أن يعالجه في الخارج..
فتردد الوالد ولكنه أخيرا عزم ولكن أين وكيف وكم؟؟؟؟
جمع الوالد مبلغا وفيرا من المال وأظنه استدان جزءا منه ..
وسافر بأخي والوالدة واثنين من إخوتي الصغار لأمريكا ..
إلى مدينة هيوستن بولاية تكساس( ولا أدري هل نطقتها صحيحة)..
بقي أخي محمد لشهرين تقريبا مدركا لما يجري حتى دخل في غيبوبة ..
لم يستيقظ منها أبدا..
قرر الأطباء أن الوقت تأخر كثيرا !!
وقالوا للوالد : لو أتيت به مبكرا لأمكن استئصال الورم ولكنه الآن انتشر في دماغه ولو حاولنا إزالته فنجاح العملية فقط 1% (واحد في المائة )!!
ولك القرار؟؟
احتار الوالد ماذا يفعل واستخار ربه وأخيرا قرر أن لا يجري له العملية
فهي مخاطرة كبيرة وموت ابنه في بلده وبين أهله أهون على نفسه من موته في أمريكا ..
وسلم أمره لله تعالى..
طالب المستشفى الوالد بتسديد ما بقي عليه من مبالغ متأخرة..
فأخبرهم أن ما لديه لا يغطي مصاريفهم ومصاريف السفر..
فقالوا له : أدفع مبالغنا المتبقية ولا يعنينا كيف ترجع لبلدكم هذه مشكلتك.!!
اتصل الوالد على عدد من شركات الطيران لكي يرتب للعودة..
وجميعها رفض أن يوافق على النقل بسبب خوفهم من موت أخي وهم في
السماء!!
قال لهم الوالد: أنا اكتب لكم إقرارا أنكم لا تتحملون أي مسئولية عن ذلك وتقع
كل المسئولية علي إن مات.. فأبوا وأصروا على الرفض!!
خوفا على سمعة شركاتهم..
تقول الوالدة : أخذت الحيرة بابيك ولم يدر ما يفعل..
كانت هناك مترجمة لبنانية وعملها الأصلي التمريض في نفس المستشفى ..
قالت لأبي : يا أخ أحمد يوجد أمير من العائلة المالكة السعودية يتعالج
في القسم الذي تحتنا مباشرة ..فلماذا لا تذهب لتتحدث معه عن مشكلتك!!
توجه والدي دون أن يرد عليها فورا إلى القسم المذكور ..
وبحث عن أناس بسحنات عربية .. فوجد مجموعة من الشباب ومعهم رجل كبير في السن ويظهر عليه أنه ذو غناء وسلطة !!
سلم عليهم الوالد فردوا التحية وخصوصا ذلك الكبير منهم ورحبوا به ترحيبا كبيرا ..
وزاد سرورهم حينما علموا أنه من المملكة ومن أبناء بلدهم..
واستفسروا عن سبب وجوده ؟؟
فقال لهم : لأجل هذا جئتكم.. !!
وروى لهم حال الأخ محمد ووضعه مع المستشفى وشركات الطيران..
فقال له الأمير: هون عليك يا أخي واعتبر الموضوع منتهي وجهز حقائبك للسفر غدا..
أي تيسير من الله تعالى هذا التيسير ؟؟
الحمد لله على نعمه..
سدد الأمير كل رسوم المستشفى وتكفل لهم بطائرة تنقلهم مباشرة إلى الرياض..
جزاه الله خيرا ..
بخصوص اسم الأمير ذاك فإن كنت اذكر قال لي الوالد رحمه الله أن اسمه :
محمد بن سعود الكبير فجزاه الله خيرا إن كان هو أو غيره !!
بقي أخي في الرياض لأسبوع واحد ثم نقل للطائف لمستشفى القوات المسلحة في الهدى..
وفي صبيحة يوم خميس بعد أسبوع تقريبا من وصوله للطائف..
تقول أمي: كان أخوك ينظر إلى ما حوله دون أن يتكلم ..
فهو لا يشعر بمن حوله ولكنه يشير بأصبعه أحيانا..
في تلك اللحظات وحوالي الساعة التاسعة صباحا ..
جرك إصبعه وأشار إليها فنظرت في وجهه ..
فرأت اختلافا في ملامح وجهه ..
وكأنه يريد أن يقول لها شيئا ولكنه عاجز عن الكلام ..
قالت له : يامحمد ياقرة عيني ماذا تريد ياوالدي ؟؟
خرجت من عينيه دموع بسيطة ولكنها ذات معنى..
قبضت على يده وبقيت ترقب نبضه فقد كان يضعف ويضعف..
حتى فاضت روحه عليه رحمة الله وأسكنه جنات النعيم..
دار في مخيلتي وأنا في عنيزة تلك القصة وتلك المعاناة
هل ستتكرر معي..
دخل علي المشرف العام على المستشفى ومعه شخص أو شخصين..
وطلبوا رقم شيخنا وكأنهم يريدون تبليغي بأمر والشيخ يسمع!!
قال له الدكتور عبد الله : ياشيخنا الفاضل فلان يجب نقله بطائرة الإخلاء إلى الرياض فورا !!
قال شيخنا: هل حالته تستلزم ذلك ؟؟
قال : نعم ، فقد ظهر لنا من خلال الأشعة وجود ورم في رأسه !!
كان الوالد والوالدة والعائلة تتصل علي يوميا للتابع الأخبار..
حينما أبلغت الوالد أنهم سينقلونني بطائرة الإخلاء..
طلب مني الانتظار حتى يقدم ..
وصلت طائرة الإخلاء والوالد معا في نفس الوقت..
نقلت بالإسعاف للمستشفى العسكري في الرياض..
لم أكن أشعر بآلام تلك الأيام ولكن يبقى رأي الأطباء هو الحكم هنا..
رجوت الوالد أن يرجع للطائف فقد كنت أعلم المعاناة والمشقة عليه في بقاءه معي
وترك عمله وعائلته خلفه ..
أستفسر من الأطباء عن وضعي فقالوا له : الموضوع هو اشتباه واطمئن ولا تقلق..
رافقني أحد زملائي وهو الأخ سعود الحربي وأنعم به وأكرم من أنيس ومعين..
كان يخدمني في تلك الأيام محتسبا جزاه الله عني خير الجزاء..
رغم أني أستطيع السير والتنقل ..
كان بجواري شاب مصاب بشلل نصفي مؤقت..
أصيب به في أمريكا وعاد للملكة للعلاج..
كان شيخنا رحمه الله يتصل علي في اليوم عدة مرات ليطمئن علي ويسمع
المستجدات..
سمعني ذلك الشاب وأنا أذكر اسم شيخنا فرجاني أن يكلم الشيخ ولو لكلمتين إن
اتصل علي مرة أخرى، وهذا ما حصل..
قال لي: هل هو والدك؟؟
قلت : نعم أنا لي والدين اثنين !!
والد بالنسب والدم .. ووالد بالبر والرحمة وكلاهما عزيز على قلبي ولهما حق الأبوة علي..
رحمهما الله وأسكنهما الفردوس الأعلى ..
مكثت في المستشفى لأسبوعين اثنين ..
وكانت النتائج والحمد لله أنه مجرد اشتباه والورم هو انتفاخ في أوعية الدماغ ..
والآلام التي كنت أشعر بها هي مرض وصداع يسمى طبيا الصداع النصفي وتسميه العرب الشقيقة ..
__________________









الرد مع إقتباس
  #120  
قديم 23-05-2006, 04:51 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

الحلقة الستون
حينما رجعت لعنيزة ..
استفسر شيخنا رحمه الله مني عن طبيعة الألم الذي أشعر به..
فشرحت له وفصلت فقال لي : مرني اليوم بعد صلاة العصر في المنزل..
وكان والدي قد قدم لعنيزة مرة أخرى للاطمئنان علي..
وكانت ضيافته طوال بقائه هناك في عنيزة في منزل شيخنا عليه رحمة الله..
ونشأت بينه وبين شيخنا محمد علاقة حميمة مليئة بالاحترام والتبجيل..
والدي رحمه الله رجل حيي وخجول ولكنه إن نطق فلسانه عذب ولبق رحمه الله..
ولقد أعجب شيخنا به وبأخلاقه وبساطته في هيئته ولباسه وذكر ذلك لي عنه
وكأنه وشيخنا في هذا الخصوص صنعا من طينة واحدة!!
كما تقول العامة عندنا..
مررت أنا والوالد على شيخنا بعد العصر فناولني كيسا في يده وكان يتلفت حوله وكأنه يستعجلنا بالذهاب وهذا ماكان..
فتشت الكيس فوجدت فيه بقايا طعام !!
من عظم وبقايا بطيخ مأكول ونحو ذلك!!
لحقنا الشيخ للسيارة وقال لي : أخلط بقايا الطعام في ماء واغتسل به واغسل به رأسك على الخصوص!!
وهذا ما فعلته ولم أسأله لمن ذلك الطعام ولا أدري هو لمن حتى هذه الساعة..
كلفني شيخنا رحمه الله في تلك الأيام بعد اعتدال صحتي والحمد لله ..
بترتيب مخزن المكتبة الوطنية ..
وقال لي: إن وجدت كتابا مكررا فخذ نسخة منها لك..
فتحت المخزن فوجدت الأرضة قد أكلت جزءا لا يستهان به..
استعنت بعمال المسجد ونظفنا الكتب ووضعناها على الرفوف ..
وألقينا بالتالف جدا والأوساخ خارج المخزن..
حصلت على عدد لا بأس به من الكتب المكررة وكذلك أخذت بعض الكتب بإذن شيخنا..
وأنا أقلب في تلك الكتب كان يلفت نظري تعليقات ورسائل قليلة أجدها موضوعة بين دفتي الكتب..
قرأتها وكان غالبها بخط الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله..
ومؤرخة ..وتاريخها قديم يتجاوز الخمسين سنة وأكثر..
والظاهر أن مكتبة الشيخ ابن سعدي أوقفت أو أنه أهدى شيئا من كتبه للمكتبة العامة والمسماة ( مكتبة عنيزة الوطنية)
وجدت كتيبا اسمه ( صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم)تأليف أبو عبدالرحمن ناصر الدين نوح نجاتي الألباني الساعاتي!!
عرفت أنه كتاب صفة الصلاة المشهور والذي كتبه علامة الحديث الشيخ الألباني رحمه الله .. وهذه هي الطبعة الأولى وكتب عليها الشيخ الألباني وبخط يده (هدية المؤلف إلى حضرة الشيخ عبد الرحمن ابن ناصر السعدي 7/12/72هـ ناصر الدين نوح نجاتي الألباني) ..
الشيخ الألباني علم الحديث وشيخ العصر في ذلك ..
وليس مثلي من يثني عليه أو يسأل عنه .. رحمه الله
قرأت مرة كتابا منذ مدة ألفه الأستاذ الأديب عبد الله بن خميس يروي فيه إحدى رحلاته للشام قبل حوالي الخمسين سنة وكان برفقته علامة الأنساب والأدب وصديقه الحميم الشيخ حمد الجاسر رحمه الله ..
وأظن أن ثالثهما هو الأديب عبد الكريم الجهيمان ..
ذكر في كتابه أنه زار المكتبة الظاهرية في دمشق ..
و ذكر أنه شاهد هناك رجلا منهمكا في البحث والمطالعة وذكر اسمه وقال كلاما بمعناه :ذلك هو علامة الشام المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني .
وكذلك قرأت للشيخ حمد الجاسر قريبا من هذا الكلام في مذكراته وقال عنه:
هو من أحلاس المكتبة الظاهرية..
كان مرة بيني وبين الشيخ علي الحلبي تلميذ الألباني المشهور اتصال ونقاش حول بعض التخريجات الحديثية..
وكنت أشعر في نفسي أن هناك جفوة غير مفهومة بين شيخنا والشيخ الألباني والظاهر أن سببها هو ما يثيره بعض المفسدين في الأرض بين الشيخين ..
مما سبب شيئا من تلك الجفوة وانقطاع التواصل..
ولا يأتيني قائل ويزعم أنني أختلق الموضوع من طرفي ..
فمن عاصر قضية حرب الخليج وما حصل فيها من اختلاف وشقاق وجفاء بين رجالات الصحوة والعلم ،فهم ما أعنيه جيدا!!
قلت للشيخ علي: ما رأيك أن نرتب مكالمة هاتفية بين شيخنا محمد والشيخ الألباني ..؟؟
ففرح بذلك وأثنى على الفكرة وأيدها وقال سوف أرتب مع الشيخ الألباني وأنت رتب مع الشيخ محمد وسنرى ما يكون..
عرضت الأمر على الشيخ فقال فورا : لا بأس بذلك وأثنى على الفكرة ورغب في ذلك.. وذكر لي أنه لم يراه من مدة بعيدة حيث كان آخر لقاء بينهما في جده أو قال في مكة.. ( نسيت التاريخ ) و ذكر أنه تناقش معه حول موضوع الحجاب ..
ومن طرف الحلبي فقد كان التجاوب مماثلا والحمد لله..
حددنا الاتصال أن يكون في يوم من الأيام الساعة العاشرة صباحا ضحى ..
ولا أذكر التاريخ بالتحديد.. وأظنه كان يوم جمعة !!
حيث من عادة شيخنا في ذلك اليوم الاتصال على أقربائه والتواصل معهم..
قلت لشيخنا : هل تسمح لي بتسجيل مكالمتكما ؟؟
قال: لا بأس بذلك..
حضرت لبيته وثبت له جهاز التسجيل وأخبرته كيف يديره ..
في اليوم الثاني بعد صلاة الظهر ناولني شريطا وقال : هذا هو تسجيل المكالمة ..
توجهت للغرفة مسرعا واستمعت للشريط..
كان التسجيل رديئا وصوت الشيخ الألباني خافتا نوعا ما ..
ولكنني استوعبت كل ما فيه ..
أستفتح شيخنا كلامه وهو المتصل بعد السلام عليه قائلا له :
معكم أخوكم محمد بن صالح العثيمين ..
فرد عليه الألباني: قديما قال الفقهاء : المعرف لا يعرف ..
وفيه من التحية والسلام والدعاء والنصح بين العلماء كما عهدنا فيهم ذلك وهو ظننا في مشائخنا جزاهم الله عنا خير الجزاء..
تحدث كل منهما عن نشاطه وقال الألباني: لدينا الحمد لله صحوة سلفية وإقبال على طلب علم الحديث .. الخ كلامه
وتكلم شيخنا عن دروسه وقال : أدرس كتاب البلوغ ويحضره بحمد الله عدد كبير .. الخ كلامه ..
ذكر الشيخ الألباني في آخر مكالمته أنه اتصل عليه اليوم شخص وزعم أن لديه
رسالة من الشيخ ابن عثيمين موجهة إليه !!
فقال الشيخ محمد : أبدا والله أنا لم أبعث أحدا برسالة لكم؟؟
فتعجب الشيخ الألباني من ذلك وقال : الله أكبر عليه!!
سوف أراه اليوم بعد صلاة الظهر أو قال الجمعة في جامع صلاح الدين وأرى ما عنده!!
قال شيخنا : ما أكثر ما ينقل الناس عني الكذب ويلبسونه على الناس ، وأرجو منك تتصل علي وتخبرني ما يقوله الرجل عني..
واتفقا على ذلك .. ولا أدري مالذي حصل بعد ذلك وهل جاء ذلك الرجل برسالته المزعومة للشيخ الألباني أم لا !!
وانظر أخي القارئ أختي القارئة لحفظ الله تعالى لهذين الرجلين الصالحين
فلربما كان في تلك الرسالة شرا وفتنة حيكت بينهما فقدر الله تعالى كشف ذلك
بتوفيق من عنده .. والله أعلم وأحكم سبحانه ..
ليس هذا هو الموقف الوحيد الذي أحتفظ به بين هذين العلمين الجليلين ..
__________________









الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م