مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 16-05-2005, 06:15 AM
rajaab rajaab غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
المشاركات: 112
إفتراضي السياسة


بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة
السياسة هي رعاية شؤون الأمة داخلياً وخارجياً ، وتكون من قبل الدولة والأمة ، فالدولة هي التي تباشر هذه الرعاية عملياً ، والأمة هي التي تحاسب بها الدولة .
ومنذ أن هدمت الخلافة وطبقت أنظمة الكفر السياسية في البلاد الإسلامية ، إنتهى الإسلام من كونه سياسياً ، وحل محله الفكر السياسي الغربي المنبثق عن عقيدة المبدأ الرأسمالي ، عقيدة فصل الدين عن الحياة . ومما يجب أن تدركه الأمة الإسلامية ، أن رعاية شؤونها بالإسلام لا تكون إلاّ بدولة الخلافة ، وأن فصل الإسلام السياسي عن الحياة وعن الدين ، هو وأد للإسلام وأنظمته وأحكامه ، وسحق للأمة وقيمها وحضارتها ورسالتها .
والدول الرأسمالية تتبنى عقيدة فصل الدين عن الحياة وعن السياسية ، وتعمل على نشرها وتطبيق أحكامها على الأمة الإسلامية ، وتعمل على تضليل الأمة وتصور لها بأن السياسة والدين لا يجتمعان ، وأن السياسة إنما تعني الواقعية والرضى بالأمر الواقع مع إستحالة تغييره ، حتى تبقى الأمة رازجة تحت نير دول الكفر ، دول الظلم والطغيان ، وحتى لا تترسم الأمة بحال سبيلاً للنهضة . بالإضافة إلى تنفير المسلمين من الحركات الإسلامية السياسية ، ومن الاشتغال بالسياسة . لأن دول الكفر تعلم أنه لا يمكن ضرب أفكارها وأحكامها السياسية إلاّ بعمل سياسي ، والاشتغال بالسياسة على أساس الإسلام . ويصل تنفير الأمة الإسلامية من السياسة والسياسيين إلى حد تصوير السياسة أنها تتناقض مع سمو الإسلام وروحانيته . ولذلك كان لا بد من أن تدرك الأمة السر وراء محاربة الدول الكافرة ، والحكام العملاء للحركات الإسلامية وهي تعمل لإنهاض المسلمين بإقامة دولة الخلافة وتضرب أفكار الكفر ، وتعيد مجد الإسلام .
وعليه لا بد من أن تعي الأمة الإسلامية معنى السياسة لغة وشرعاً ، وأن الإسلام السياسي لا يوجد إلاّ بدولة الخلافة ، والتي بدونها يغيض الإسلام من كونه سياسياً ، ولا يعتبر حياً إلاّ بهذه الدولة ، باعتبارها كياناً سياسياً تنفيذياً لتطبيق أحكام الإسلام وتنفيذها ، وهي الطريقة الشرعية التي تنفذ بها أحكام الإسلام وأنظمته في الحياة العامة ، وأن الله قد أوجب على الأمة تطبيق هذه الأحكام ، وحرم الإحتكام لأنظمة الكفر ، لمخالفتها للإسلام ولأنها من وضع البشر .
ولذلك كان لا بد من أن تثقف الأمة الثقافة الإسلامية ، ودوام سقيها بالأفكار والأحكام السياسية ، وبيان إنبثاق هذه الأفكار وهذه الأحكام عن العقيدة الإسلامية باعتبارها فكرة سياسية ، والتركيز على ذلك من الناحية الروحية التي فيها ، باعتبار أنها أوامر ونواه من الله لا بأي وصف آخر . وهذا الوصف هو الذي يكفل تمكن أفكار وأحكام الإسلام في النفوس ، ويكشف للأمة معنى السياسة والفكر السياسي ، ويجعلها تدرك المسؤولية الملقاة على عاتقها لإيجاد أفكار الإسلام وأحكامه في حياتها العملية ، وأهمية الرسالة العالمية التي أوجب الله حملها للناس كافة ، خاصة وهي ترى مدى ما وصل إليه حالها في هذا العصر لغياب دولة الإسلام وأفكار وأحكام الإسلام من حياتها ، ومدى ما وصل إليه العالم من شرٍ وشقاء واستعباد للناس . وهذا التثقيف السياسي ، سواء أكان تثقيفاً بأفكار الإسلام وأحكامه ، أم كان تتبعاً للأحداث السياسية فإنه يوجد الوعي السياسي ، ويجعل الأمة تضطلع بمهمتها الأساسية ، ووظيفتها الأصلية ألا وهي حمل الدعوة الإسلامية إلى الشعوب والأمم الأخرى .
  #2  
قديم 16-05-2005, 06:18 AM
rajaab rajaab غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
المشاركات: 112
إفتراضي السياسة

[font=Arial Narrow]
السياسة
السياسة هي رعاية شؤون الأمة داخلياً وخارجياً ، وتكون من قبل الدولة والأمة . فالدولة هي التي تباشر هذه الرعاية عملياً ، والأمة هي التي تحاسب بها الدولة .
هذا التعريف للسياسة عام عند جميع الناس ، إذ هو وصف لواقع السياسة من حيث هي . فهو كتعريف العقل وتعريف الصدق وتعريف السلطان ، وغير ذلك من المعاني التي هي واقع موجود عند جميع البشر بمعنى واحد لا يختلفون فيه ، لأنه واقع مدرك ، وإنما يختلفون في أحكامه . وفوق ذلك معناها اللغوي في مادة ساس يسوس سياسة بمعنى رعى شؤونه ، قال في القاموس المحيط " وسست الرعية سياسة أمرتها ونهيتها " وهذا هو رعاية شؤونها بالأوامر والنواهي . وأيضاً فإن الأحاديث الواردة في عمل الحاكم ، والواردة في محاسبة الحاكم ، والواردة في الاهتمام بمصالح المسلمين ، يستنبط من مجموعها هذا التعريف ، فقوله  : " ما من عبد استرعاه الله رعية لم يحطها بنصيحة إلاّ لم يجد رائحة الجنة " وقوله  : " ما من وال يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلاّ حرم الله عليه الجنة " وقوله  : " ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع . قالوا أفلا نقاتلهم قال : لا ، ما صلّوا " وقوله  : " من أصبح وهمه غير الله فليس من الله ، ومن أصبح لا يهتم بالمسلمين فليس منهم " وعن جرير بن عبد الله قال : " بايعت رسول الله  على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم " وعن جرير بن عبد الله قال : " أتيت النبي  فقلت : أبايعك على الإسلام فشرط علي والنصح لكل مسلم " . فهذه الأحاديث كلها سواء ما يتعلق بالحاكم في توليه الحكم ، أو ما يتعلق بالأمة تحاسب الحاكم ، أو ما يتعلق بالمسلمين بعضهم مع بعض من الاهتمام بمصالحهم والنصح لهم ، كلها يستنبط منها تعريف السياسة ، بأنها رعاية شؤون الأمة فيكون تعريف السياسة تعريفاً شرعياً مستنبطاً من الأدلة الشرعية .
أما رعاية شؤون الأمة عملياً ، فإن الشرع أعطى مباشرة رعاية الشؤون عملياً رعاية إلزامية للحاكم وحده فلا يحل للرعية أن تقوم بعمل الحاكم ولا يحل لأحد من المسلمين أن يقوم بعمل الحاكم إلاّ بتولية شرعية ، إما ببيعة من الناس إن كان خليفة ، وإما بتولية من الخليفة ، أو من جعل له الخليفة حق التولية من معاونين وولاة . أما من لم يوّل لا بالبيعة ، ولا بتولية خليفة ، فلا يحلّ أن يقوم بشيء من مباشرة رعاية شؤون الأمة لا في الداخل ولا في الخارج .
والسلطان قد جعله الشرع للحاكم فحسب ، وجعل سياسة الناس للحاكم فحسب . يقول الرسول  : " من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه فإنه ليس أحد خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلاّ مات ميتة جاهلية " فجعل الخروج عليه خروجاً من السلطان فهو إذن الذي يملك السلطان لا غيره . ويقول الرسول : " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي ، وأنه لا نبي بعدي وسيكون خلفاء " ومعناه أنكم أيها المسلمون تسوسكم الخلفاء . فعين من يسوس المسلمين . ومفهوم هذا أن غير الأمير لا يكون سلطاناً ، وأن غير الخلفاء لا يسوسون . فهذا دليل على أن سياسة الرعية إنما هي للحاكم ولا تكون لغيره . وأيضاً فإن عمل الرسول  هو أنه كان يحصر السلطان والقيام بسياسة الناس به بوصفه رئيس دولة ، وكان هو الذي يولّي من يقوم بعمل من أعمال السلطان أو من أعمال سياسة الرعية . فولّى من يقوم مقامه في المدينة حين كان يخرج لغزوة من الغزوات ، وولّى الولاة والقضاة وجباة الأموال ومن يقوم بمصلحة من المصالح كتوزيع المياه وخرص الثمار وغير ذلك . فهذا كله دليل على حصر السلطان وحصر سياسة الناس بالحاكم ، أي بالخليفة ومن يوليه الخليفة ، وبالأمير ومن يوليه الأمير . والسلطان هو رعاية شؤون الناس رعاية إلزامية ، أي القيام بمسؤولية الحاكم محصورة بالحاكم ، فلا يجوز لغيره أن يقوم بها مطلقاً ، لأن الشرع أعطى السلطان وأعطى سياسية الناس للخليفة ولمن يوليه الخليفة . فإذا قام بأعمال الحكم والسلطان ، وتولى سياسة الناس ، أي فرد غير الإمام وغير من ولاه كان فعله هذا مخالفاً للشرع فكان باطلاً ، وكل تصرف باطل فإنه يكون حراماً ، ومن هنا لا يحل لأحد غير الخليفة ، وغير من يوليه الخليفة أي غير الحاكم أن يقوم بأي عمل من أعمال الحكم والسلطان فلا يقوم برعاية شؤون الناس رعاية إلزامية ، أي لا يسوس الناس ، لأن هذا هو عمل الحاكم ولا يجوز لغيره أن يقوم به .
أما السياسة الداخلية للدولة الإسلامية فإنها تقوم على تنفيذ أحكام الإسلام في الداخل ، وقد كانت الدولة الإسلامية تنفذ أحكام الإسلام في البلاد التي تخضع لسلطانها ، فتنظم المعاملات ، وتقيم الحدود ، وتنفذ العقوبات ، وتحرس الأخلاق وتضمن القيام بالشعائر والعبادات ، وترعى جميع شؤون الرعية حسب أحكام الإسلام . وقد بيّن الإسلام الكيفية التي تنفذ بها أحكامه على الناس الذين يخضعون لسلطانه ، ممن يعتنقونه ، وممن لا يعتقدون به ، فكانت الدولة الإسلامية تطبق أحكام الإسلام حسب هذه الكيفية لأن طريقة التنفيذ حكم شرعي ، كما أن معالجات المشاكل حكم شرعي . والمخاطبون بالإسلام هم جميع الناس ، لأن الله قد خاطب بالإسلام جميع بني الإنسان بوصف الإنسانية فقط لا بأي وصف آخر ، قال تعالى :  يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم  وقد اعتبر علماء أصول الفقه أن المخاطب بالأحكام الشرعية هو كل عاقل يفهم الخطاب ، سواء أكان مسلماً أو غير مسلم ، وقد قال الإمام الغزالي في كتاب المستصفى في الأصول " أن المحكوم عليه هو المكلف ، وشرطه أن يكون عاقلاً يفهم الخطاب ، وأن أهلية ثبوت الأحكام في الذمة تستفاد من الإنسانية التي بها يستعد لقبول قوة العقل الذي به فهم التكليف " وعلى ذلك كان المخاطب بالإسلام جميع بني الإنسان خطاب دعوة وخطاب تكليف ، أما خطاب الدعوة فالمقصود به دعوة الناس إلى اعتناق الإسلام ، وأما خطاب التكليف فالمقصود به إلزام الناس بالعمل بأحكام الإسلام .
والإسلام يعتبر الجماعة التي تحكم بموجب هذا النظام وحدة إنسانية ، بغض النظر عن طائفتها وجنسها ولا يشترط فيها إلاّ التابعية ( وهي الولاء للدولة والنظام ) ولا توجد فيه الأقليات ، بل جميع الناس باعتبار إنساني فقط هم رعايا في الدولة الإسلامية ، ما داموا يحملون التابعية . وعليه فإن السياسة الداخلية للدولة الإسلامية هي تنفيذ الشرع الإسلامي على جميع الذين يحملون التابعية سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين .
والسياسة الخارجية للدولة الإسلامية هي علاقة الدولة بغيرها من الدول والشعوب والأمم ، وهذه العلاقة هي رعاية شؤون الأمة خارجياً . وتقوم هذه السياسة الخارجية على فكرة ثابتة لا تتغير ، هذه الفكرة الثابتة هي نشر الإسلام في العالم في كل أمة وكل شعب . وهذا هو الأساس الذي تقوم عليه السياسة الخارجية للدولة الإسلامية ، وهذا الأساس لا يتغير أبداً ولا يختلف مهما اختلف الأشخاص القائمون على الحكم ، وقد كان هذا الأساس موجوداً وثابتاً في جميع العصور منذ أن استقر الرسول  حتى انتهت الدولة العثمانية بوصفها آخر الدولة الإسلامية ، ولم يتغير هذا الأساس مطلقاً . فمنذ أن أقام الرسول  في المدينة بدأ يقيم علاقة الدولة الإسلامية بغيرها على أساس نشر الإسلام ، فعقد مع اليهود معاهدات ليتفرَّغ لنشر الدعوة في الحجاز ، ثم عقد معاهدة الحديبية مع قريش ليتمكن من نشر الدعوة في جزيرة العرب ثم أرسل الكتب للدول الموجودة خارج الجزيرة العربية ليقيم معها علاقات على أساس نشر الإسلام بدعوتهم للدخول فيه ، ثم جاء خلفاؤه من بعده فأقاموا علاقاتهم مع الدول جميعها على أساس نشر الإسلام ، وأخذوا يحملون الدعوة الإسلامية إلى العالم .
]
  #3  
قديم 18-05-2005, 02:49 PM
rajaab rajaab غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
المشاركات: 112
إفتراضي تتمه

تتمه
ووجود الدولة إنما هو من أجل تطبيق الإسلام في الداخل ، وحمل دعوته في الخارج إلى العالم ، ولذلك كانت مهمة الدولة الإسلامية في الخارج إنما هي حمل الدعوة الإسلامية . والذي يجعل نشر الإسلام أساساً للسياسة الخارجية هو أن رسالة محمد عليه الصلاة والسلام للناس كافة . قال تعالى :  وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً  وقال تعالى :  يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم ...  وقال تعالى :  يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً  وقال عز وجل :  وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ  وقد قام الرسول بتبليغ الرسالة للناس ، ولما التحق بالرفيق الأعلى استمرت رسالته للناس يبلغهم إياها المسلمون ، فكان حمل الدعوة الإسلامية للعالم استمراراً لعمل الرسول  . وهكذا كان حمل الدعوة الإسلامية أساساً لعلاقة الدولة الإسلامية بغيرها من الدول والشعوب والأمم ، وهذا هو الحكم الشرعي ، وهو ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة . ولذلك فإن السياسة الخارجية للدولة الإسلامية هي حمل الدعوة الإسلامية للعالم .
وتنفذ هذه السياسة الخارجية بطريقة ثابتة لا تتغير وهي الجهاد مهما اختلف الأشخاص القائمون على الحكم ، وقد كانت هذه الطريقة ثابتة في جميع العصور منذ أن استقر الرسول  حتى انتهت آخر الدولة الإسلامية ، ولم تتغير هذه الطريقة مطلقاً ، فإن الرسول  منذ أن أقام الدولة في المدينة هيأ الجيش وبدأ بالجهاد لإزالة الحواجز المادية التي تقف دونها ، فكانت قريش حاجزاً مادياً يقف في سبيل الدعوة الإسلامية فصمم على إزالته ، ثم أزال قريشاً ككيان يقف في وجه الدعوة كما أزال غيره من الكيانات التي تقف في سبيلها ، إلى أن عم الإسلام جميع جزيرة العرب ، ثم بدأت الدولة الإسلامية تطرق أبواب الأمم الأخرى لنشر الإسلام بينهم ، فوجدت كيان الحكم القائم على هذه الأمم حاجزاً مادياً يحول دون الدعوة ، فكان لا بد من إزالة هذا الكيان من وجه الدعوة ، والوصول إلى الشعب نفسه ليدعى إلى الإسلام بحكمه به ، حتى يرى ويلمس عدل الإسلام والرفاهية والهناء في العيش تحت رايته ، ويدعونه إليه بالتي هي أحسن دون إكراه ولا إجبار . وهكذا استمر الجهاد طريقة لنشر الإسلام ، ففتحت البلدان والأقطار ، وأزيلت بالجهاد الممالك والدول وحكم الإسلام الشعوب والأمم ، ونشر الإسلام فاعتنقه مئات الملايين من البشر بعد أن حُكِموا به . فكانت الطريقة التي اتبعت في السياسة الخارجية هي الجهاد ، وكانت ثابتة لا تتغير ولن تتغير أبداً .
وعلى الدولة الإسلامية أن تقوم بأعمال سياسية منها ما يتعلق بإعطاء معلومات واضحة عن الإسلام ، وبث أفكار الإسلام ، والقيام بالدعوة والدعاية للإسلام ، ومنها ما يتعلق بإظهار قوة الدولة الإسلامية ومقدرتها ، وإظهار صلابة المسلمين وجرأتهم ، وقد كان الرسول  يقوم بأعمال عديدة في ذلك منها إرسال الدعاة للإسلام في قلب بلاد الشرك ، كما أرسل الأربعين رجلاً إلى نجد ليبلغوا الإسلام ، وكان يقوم بإظهار قوة الدولة كما حصل في استعراضه جيش المسلمين في المدينة يوم غزوة تبوك قبل خروجه لها . ولذلك يقول الرسول  : " نصرت بالرعب من مسيرة شهر " وكان جيش المسلمين في مختلف العصور مرهوب الجانب ، ولهذا لا بد من القيام بأعمال سياسية تتعلق ببث الأفكار الإسلامية ، وبإظهار قوة الدولة ، ثم المباشرة بالقتال .
والجهاد وإن كان الطريقة الثابتة التي لا تتغير لنشر الإسلام ولكن الأعمال السياسية والحركات المقصودة لا بد منها قبل البدء بالقتال ، وهي أمر أساسي في تركيز العلاقة بين الدولة وغيرها من الدول والشعوب والأمم على وجه معين ، من حيث حسن الجوار ، ومن حيث العلاقات الاقتصادية أو غير ذلك مما يسهل أمر نشر الإسلام . وعلى ذلك فإن الفكرة السياسية التي تقوم عليها علاقة الدولة الإسلامية مع غيرها من الدول والشعوب والأمم هي نشر الإسلام بينهم وحمل الدعوة إليهم وطريقة ذلك هي الجهاد في سبيل الله .
أما محاسبة الدولة من قبل الأمة فإن الإسلام قد جعل محاسبة الحكام فرضاً على المسلمين . فليس معنى وجوب طاعتهم ولو ظلموا ولو أكلوا الحقوق ، السكوت عليهم ، بل طاعتهم مع وجوب محاسبتهم على أعمالهم ، وعلى تصرفاتهم . فالله سبحانه وتعالى فرض على المسلمين محاسبة الحكام ، وأمرهم أمراً جازماً بالتغيير عليهم إذا هضموا حقوق الرعية ، أو قصروا بواجباتهم نحوها ، أو أهملوا شأناً من شؤونها ، أو خالفوا أحكام الإسلام ، أو حكموا بغير ما أنزل الله . روى مسلم عن أم سلمة أن رسول الله  قال : " ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برئ ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتابع ، قالوا أفلا نقاتلهم ؟ قال : لا ما صلّوا " وفي رواية أخرى " فمن عرف فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ، ولكن من رضي تابع " وهذه الرواية تفسر الرواية الأخرى ، فقد أمر الرسول الإنكار على الحاكم ، وأوجب هذا الإنكار بأية وسيلة مستطاعة ، باليد على شرط أن تكون دون القتال أي دون السيف ، وباللسان مطلقاً ، أي بأي قول من الأقوال ، أو بالقلب إذا عجز عن اليد واللسان ، وقد أعتبر من لم ينكر شريكاً للحاكم في الإثم إذ قال فمن رضي بما عملوه وتابع على ذلك فلا يبرأ ولا يسلم من الإثم .
على أن أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أدلة على وجوب محاسبة الحاكم لأنها عامة تشمل الحاكم وغيره ، وقد أمر الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمراً جازماً ، قال تعالى :  ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون  ،  والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر  ،  كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر  ،  الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر  ،  التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر  ،  الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر  . فهذه الآيات قد طلب الله فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واقترن هذا الطلب بقرينة تدل على الجزم ألا وهي الثناء على ذلك بقوله :  وأولئك هم المفلحون  ،  كنتم خير أمة  ،  التائبون العابدون  إلى غير ذلك فيكون ذلك قرينة على أن الطلب طلب جازم ، وهذا يعني أنه فرض ، ومحاسبة الحاكم إنما هي أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، فكانت فرضاً ، وكذلك قد وردت أحاديث كثيرة تدل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، عن حذيفة بن اليمان أن النبي  قال : " والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده ثم لتدعنه فلا يستجاب لكم " وعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله  : " من رأى منكم منكراً فليغره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " وعن عدي بن عميرة رضي الله عنه قال : سمعت النبي  يقول : " إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكرونه فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة " .
فهذه الأحاديث كلها تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فهي تدل على وجوب أمر الحاكم بالمعروف ونهيه عن المنكر ، ولا شك في أن هذه هي محاسبته على أعماله ، على أن هناك أحاديث تنص على الحاكم خاصة تأكيداً على المحاسبة ، لما لمحاسبة الحاكم وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر من أهمية ، فعن عطية عن أبي سعيد قال : قال رسول الله  " : أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر " وعن أبي أمامة قال : " عرض لرسول الله  رجل عند الجمرة الأولى فقال يا رسول الله أي الجهاد أفضل فسكت عنه ، فلما رمى الجمرة الثانية سأله فسكت عنه ، فلما رمى جمرة العقبة ووضع رجله في الغرز ليركب قال : " أين السائل " قال : أنا يا رسول الله قال : " كلمة حق تقال عند ذي سلطان جائر " فهذا نص في الحاكم ووجوب قول الحق عنده ، أي محاسبته ، فكفاح الحكام الذين يهضمون حقوق الرعية أو يقصرون في واجباتهم أو يهملون شأناً من شؤون الأمة كفاح هؤلاء وأمثالهم فرض لأن الله قد طلبه واعتبره كالجهاد ، بل جعله من أفضل الجهاد ، فكأنه قال أفضل الجهاد عند الله كفاح الحكام الظلمة ، وهذا وحده كاف للدلالة على وجوب محاسبة الحكام ، وقد حث الرسول على مكافحة الحكام الظلمة مهما حصل في سبيل ذلك من أذى حتى ولو أدى ذلك إلى القتل فقد روي عنه  أنه قال : " سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله " وهذا من أبلغ الصيغ في التعبير عن الحث على تحمل الأذى حتى الموت في سبيل محاسبة الحكام وكفاح الحكام الظلمة .

إنتهى
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م