مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 03-02-2004, 06:33 PM
abunaem abunaem غير متصل
جماعة المستضعفين في الأرض
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: germany
المشاركات: 777
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى abunaem
إفتراضي 9 سنوات في سجون سورية .(1) ترويها الاخت هبة الدباغ ممنوع القراءة لضعاف القلب

تسع سنوات في سجون سورية
هبه الدباغ

تقديم

زينب الغزالي الجبيلي

تقديم

بسم الله الرحمن الرحيم

ولاتحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأ بصر مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنآ إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل - أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال ج وسكنتم فى مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الآمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منة الجبال فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذوأنتقام يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الآصفاد سرابيلهم من قطران و تغشى وجوههم النار ليجزى الله كل نفس

ما كسبت إن الله سريع الحساب هذا بلغ للناس ولينذروا به ليعلموا أنما هو إله واحد و ليذكر أولوا ألالباب )

وبعد . . فهذه سطور من كتاب الحياة المعاصرة ، عاشتها صاحبته ورفيقات سجنها ألما وعذابا ، ومرارة وأهوالا يشيب لها الولدان . . إنها سطور كتبت بالدموع والدماء ، والسياط والقهر والعذاب ، تحكي قصة الظلم الطغيان فوق أرضنا وفي أوطاننا المسلوبة الإرادة ، والتي عشعش فيها الظلم زمنا طويلا حتى باض وأفرخ وصار ظلمات فوق ظلمات !

3

ماذا يريد الظالمون ؟ هل يريدون ملكا يتيهون فيه ويسرحون ويمرحون دون رقيب أو حسيب ؟ فإذا كان لهم ذلك هل يبقى ويخلد أم يزول ويهلك وينتقل إلى غيرهم ، فلو دام لأحد لما وصل إليهم . . أم يريدون مالا ينفقون منه على شهواتهم وملذاتهم ، فهل أسعدهم المال حقا ، وهل شفاهم من أمراض نفوسهم وجعل الطمأنينة في قلوبهم ؟ أم يريدون أن يتخلى أصحاب المبادئ عن مبادئهم ، وأصحاب العقائد عن عقائدهم ، فهل تحقق لهم ذلك ؟ أم أن أهل الإيمان ازدادوا تمسكا وصلابة ، وعزيمة ومضاءا ، وهم يعلمون أنه في سبيل الله ترخص الأرواح والأنفسى والدماء (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) . إن الله حرم الظلم على نفسه ، وجعله بين عباده محرما ، فما أقساه وما أشد مرارته ، خصوصا عندما يتسمى الظالم بأسمائنا ، ويأكل من أرضنا ، ويشرب من مياهنا ! ثم يكون أشد قسوة من أعدى الأعداء ! لقد قاسيت وعانيت وعشت مرارة السجن والتعذيب في سجون الطاغية عبد الناصر ، وهذا الكتاب هو صورة متكررة وقعت في سجون طاغية اخر ، وما أكثر الطغاة في هذا العصر . . لكن الله يمهل ولا يهمل . . ولا أريد المزيد ، فوقائع هذا الكتاب أبلغ من أي استزادة ، والله غالب على أمره . .

زينب الغزالى

مقدمه (وتلكم الايام نداولها بين الناس)

حياتنا حلقة ألوان متفاوتة . . تطبع أيام الإنسان بالبياض المشرق تارة . . وتصبغها بقتامة الظلام تارة أخرى . . وأنا أشرقت حياتي أبهى من الورد النضر ، وتنسمت أيام طفولتي حنان

الأبوين المحبين ودفء الأسرة الرضية فأورقت بالبر والرضا ، وأزهرت بالسعادة والحبور . . وعشت في هذا الروض أثيرة أبي وسر أمي ، وأميرة إخوتي السبعة وأخواتي الأربعه ونجيتهم . . فما كانت أحلامي الوردية تغفو إلا على وسادة الأمل . . ولم تكن تصحو إلا على راحات الرضا والأنس . لم أنتم إلى أي حزب من الأحزاب في يوم من الأيام . . وعلى الرغم من نشأتي الدينية وتعلقي بدروس الفقه والتجويد وحرصي على حفظ كتاب الله . . ورغم انتسابي إلى كلية الشريعة فيما بعد ، إلا أن ذلك لم يكن مبررا لتصنيفي ضمن أي تنظيم أو حزب . . ولم يكن عدم انتظامي أو تحزبي سببا في الوقت نفسه لأعمى عن ممارسات النظام السوري الظالم وأعماله التعسفية ضد أبناء الشعب من كل الإتجاهات والطبقات والإنتماءات . . وما أكد لي ذلك شيئ قدر مشاهدتي ومعايشتي لأصحاب الإتجاهات السياسية المختلفة وأصحاب اللا إتجاه من المواطنين والمواطنات الذين كانوا مثلي ضيوفا بالإكراه على زنازين النظام وسجونه . . لم يستثن من ذلك حتى أبناء طائفة النظام نفسه

5

- عشت على هذه الصورة كألوف من بنات وطني حتى أقبلت مسيرة حياتي على المرحلة الجامعية فكانت لوعة مفارقتي أهلي ومفارقتهم لي أول غصة . . ولم تنفصل صورتي وينأى جسدي عنهم إلا بقوة قوي . . لكن هذا البون المؤقت والفراق المقرر أتبعه غياب قسري وفراق قاهر قذف بي في أعماق الظلام وسجن الظلام . . ومضى بأكثرهم فانتزعهم من دنيا الشقاء إلى مستقر رحمة الرؤوف الرحيم . . وشط بالبقية في أصقاع الأرض وصقيع الإغتراب . . فتكدرت الصورة . . وأظلمت الدنيا . . وذوت زهور الأمل من قبل أن تعقد الثمار . . وأنا في غيابة السجون رهينة عن أخي "الناشط سياسيا "

. تنسلخ سنوات العمر مني وتتفطر جوارحي وتشيخ روحي لأجل وشاية كاذبة فندتها تحقيقات الظلام أنفسهم ، لكنهم اثروا أن يتجاوزوا الحقيقة ولا يدعوا جهود مخبريهم الأجراء وجلبة سياراتهم التي شقت هدوء الليل لتقبض علي تذهب سدى ! فلبثت أتنقل بين زنزانة ومهجع وسجن واخر تسع سنوات عجاف . . أقفلت فيهن كل أبواب الرحمة لدى البشر . . وماتت على أعتابهن اخر امال أملتها ورجاءات بأحد من بني الإنسان علقتها . . وظل الرجاء بالله وحده حيا بقلبي لا تنطفئ شعلته وإن خبت . . ولا تحده حدود وان حجبته الآلام برهة من زمن . . وكانت مناجاتي لربي منجاي وملاذي إذا غفا الخلق وسكنت السياط . . أدعوه سبحانه بقلبي ولبي : .

اللهم يا من إذا أظلم ليل اليأس في القلوب أنار بنور جلاله ظلام الحزن وأزاله من غير ضر . . يا من إذا ما اشتد الكرب فرجه عن المكروبين . . يا من إذا ما سدت طرق النجاة أرسل سفنه لإنقاذ الغرقى من حيث لا يحتسبون . . يا رب يا من به الأمان . . وفي رحابه الطمأنينة والإستقرار . . وفي ظله السلام .

اللهم إذا ابتلينا فأعنا على الصبر . . واذا أردت فاجعل إرادتنا رهن مشيئتك . . واذا قضيت فهيىء قلوبنا لتقبل قضائك .

6

- اللهم أعنا على الحمد والشكرفي السراء والضراء . . ففي الصبر تريية نفوسنا ، وفي الشكر اعتراف بنعمتك علينا وانسلاخ من الأنانية والكبر . . وفي كل خير .

فجد علينا بطيب الأخلاق وسلامة الصدور إنك على كل شيء قدير

- ومن المنان علي بنعم لا تعد ولا تحصى . . فثبتني وحفظني . . وأرسل لى من بين العصاة من خفف بلواي ونفس كربي . . وأكرمني بشريكة السجن وشقيقة الروح "ماجدة" . . فكانت أشد مني صبرا واطمئنانا وأبلغ في التضحية والعطاء . . ورحمنا كلانا بأخوات بارات محسنات . . لا ننسى فضلهن ولهفتهن وعونهن . . وقد كن معنا شريكات الهم والقيد والمعاناة . . أشكرهن هنا وأسأل الله لي ولهن المغفرة والمثوبة . . وأسالمهن المسامحة والعفو إن كنت ذكرت بين طيات الكتاب ما قد ينكأ جراح نفوسهن أو يكدر عليهن . . لكنني أرى واجب الحديث عن مظالم النظام وانتهاكات الحقوق ألخ وأجل . . وضرورة توثيق هذه المرحلة أمانة ملزمة . . يهون أن نبذل في سبيلها بعض العنت والتكدر حتى لا يضيع الكثير الذي بذلناه والكرب الجلل والعذاب الشنيع الذي نلناه . . لقد عثت في جحيم سجون النظام السوري تسع سنوات رهينة بلا ذنب . . لا أقدر أن أصف كيف تكون السنوات التسع من العمر حبيسة قمقم ملعون . . ويكل القلم عن أن يسجل حقيقة كل ما جرى . . لكنني وقد عشت التجربة على أي حال وأنجاني الله في الختام أستطيع القول بأن الأيام سوداء أو بيضاء . . هنية أو عصية . . مقبلة أومدبرة . . هي كلها مقادير مقدرة وأجل مسطور . . فبينما كان الظلمة يظنون أنهم ملكوا بجبروتهم البلاد والعباد كان قدر الله أغلب وأبقى . . وبينما هم اليوم يسومون الناس سوء العذاب فإنهم في الغد وإيانا على العرض بين يدي الحكم العدل مقبلون . . وإذا كان قد ساءني سجني والمني أن أفقد تسع سنوات في غيابة الزنازين بلا ذنب . . فإنني وأنا أعيش نعم الله اليوم أحس أن الكريم قد مسح برحمته جرح القلب ، وأبدل هلع النفس

7

- طمأنينة ، وحرمان الأيام السوداء نورا وعطاء وفضلا . . أحس ذلك وألمسه في زوجي الحبيب الذي كان على العهد يزرع الأمل في نفوس المحرومين نورا وأملا أشرق في نفسي فعوضني عن كثير مما فقدت وحرمت . . وأراه في ابنتنا الأنسة "وفاء" التي أفاءت على حياتنا بالسعادة والحبور . . وفي ولدي الاخرين "جا بر" وسارة" الذين تركتهما أمهما "حنان " أمانة لنا وقد حملت من قبل أمانة الجهاد وشرف الدعوة فكانت خير أسوة في الدين والدنيا معا . . وأحس من قبل ومن بعد أن النهاية لم تحن بعد . . وفصل الحساب لم يزل مقبلا . . والظلمة المتجبرون اليوم هم بين يدي الله في الغد موقوفون . . ومن كرب العالمين نصير ومجير . . ومن مثله جل وعلا وكيل بالظالمين ؟

إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذ اب جهنم ولهم عذاب الحريق

. . ذلك هو العزاء . . وبالله وحده الرجاء . . عليه توكلت واليه أنبت . . والحمد لله رب العالمين .

هبة الدباغ

ابريل 1995

الفصل الاول

خمس دقائق وحسب

ديسمبر 1980 – ديسمبر 1989

- كانت ليلة الاربعاء الحادي والثلاثين من ديسمبر عام 1985 ليلة بالغة البرودة في دمشق . . وفيما هجع أكثر أهل البيت وغبن في عالم الأحلام ، كنت وقد دنا منتصف الليل لا أزال أطارد السطور المتراقصة على كتاب الفقه وأجهد في استيعاب المعلومات استعدادا لامتحان اخر السنة صباح الغد . . والنعاس والبرد واغراءات الفراش الوثير تطاردني بدورها وتشتت قدرتي على التركيز بين الحين والحين . . لكن هواجس أشد كانت تصرفني عن ذلك كله ، ومخاوف تنبعث من أعماقي بلا وضوح تجذبني هنا وهناك . . وتدفعني لاسترجاع صور الأيام الماضية وسجل ذكرياتي بشيء من القلق والرهبة والتوتر . . كانت أموري في كلية الشريعة طوال العام على ما يرام . . أو لعلها كانت كذلك حتى أنهيت الفصل الأول وعدت إلى حماة مدينتي أزور أسرتي وأقضي فترة العطلة بين الأهل والأحباب . . فخلال ذلك فاجأتني والدتي بطلب من أخي صفوان يلح علي وعليها أن أترك الدراسة وحتى البلد وأذهب إلى عمان عاصمة الأردن حيث يقيم منذ شهور هربا من ملاحقة الحكومة له بتهمة الإنتساب إلى تنظيم الإخوان المسلمين ونقلت أمي رحمها الله عن صفوان عندما التقته بنفسها هناك في عمان مخاوف تنتابه من أن يقوم رجال الأمن باعتقالي نيابة أو رهينة عنه . . لكنني لم أجد في نفسي مبررا لإجابته ، ولا عهدت في حياتي احتمالات كتلك ، فاعتذرت لأمي . . وأكملت إجازتي كالمعتاد . . وعدت إلى دمشق ثانية مع ابتداء الفصل الثاني . . لأستأجر مع عدد من البنات نفس الشقة التي اخترناها في الفصل الأول في حي البرامكة . . وأستأنف دوام الجامعة من جديد ، وكدت أنسى الأمر كله لولا أن التوتر الأمني بدأ يتصاعد من حولنا ، ومظاهر المسلحين وحواجز التفتيش التي اعتدنا مشاهدتها خلال الشهور الماضية في حماة بدأت تظهر في العاصمة دمشق ، لتمتد إلى محيط الحرم الجامعي نفسه . . ويفاجؤنا عناصر الأمن على باب الكلية يطلبون البطاقات ويدققون في الأسماء . . وتنتشر الهمسات وتسري الإشاعات عن اعتقال فلان وقتل اخر واشتباك وعراك . . وما لبث الأمر أن زاد إلى العلانية . . وصار سماع رشقات الرصاص وانفجارات القنابل أمرا شبه يومي في دمشق . . وبلاغات الإذاعة وواجهات الصحف الرسمية ما عادت تكف عن أحاديث القبض على " المجرمين " ومداهمة "أوكارهم " وملاحقة عناصرهم هنا وهناك . . وفي زحمة ذلك كله . . وقد امتد التوتر إلى كل نخس وسرى الرعب في كل قلب . . بدأت أحس حركة غير طبيعية بالقرب مني أنا !

الله بيعين !
__________________
... ( الحق قوة ) ...

ليس في الاسلام عندنا شيئ اسمه ..

حل وسط

انما الاحكام فيمن عندنا قسمان ...

اما صح أو غلط


(((((من نثرياتنا الالمانية)))))
  #2  
قديم 03-02-2004, 06:38 PM
abunaem abunaem غير متصل
جماعة المستضعفين في الأرض
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: germany
المشاركات: 777
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى abunaem
إفتراضي (2) تابع اذا كنت ضعيف القلب لا تقرأ هدية لرغداء الشريف

كنت على سبيل المثال قبل يومين قد اصطحبت صديقتي المقربة وزميلتي في الكلية ماجدة ل . إلى سوق الحميدية لنشتري هدية ملائمة لعمتي المريضة ، فشعرت وكأن ثمة من يتبعنا من محل إلى محل ومن شارع إلى آخر . . فلما ركبنا الباص إلى "الخيم " حيث تسكن عمتي تأكدت أن الشخص نفسه قد ركب وراءنا فتملكني الخوف جدا . . وهمست وأنا لا أكاد أقدر على تحريك شفتي بمخاوفي لماجدة . . فتبسمت وقالت : أنت موهومة وحسب ! وصباح هذا اليوم . . وعندما كنت أدخل الكلية كالعادة استوقفني عناصر الأمن فأخذوا بطاقة هويتي ودققوا فيها كما يفعلون كل يوم ثم أعادوها . . لكنني ولما انتهت المحاضرات وقفلت راجعة إلى البيت مع ماجدة شعرت ثانية وكأن أحدا ما يلحق بنا . . فلما أخبرتها بما أحس عادت فأكدت لي أنني موهومة . . وأن الأمور كلها طبيعية من حولنا ولا داعي للقلق . لكن القلق ها هو لا يزال يتملكني . . وسكون الليل البارد كأنما يزيده فيه ويؤججه . . ولم يطل الأمر بي أكثر من ذلك بعد ذاك . . فخبطة أبواب السيارات المفاجىء في الشارع أسفل منا . . والجلبة التي تميز وصول رجال المخابرات مكانا ما ، كانت كافية لتطرد كل وهم عن ذهني ، وتدفعني وقد حسبت أن مداهمة جديدة أو اعتقالا لأحد المطلوبين سوف يشهده الحي الذي نحن فيه . . تدفعني لأهرع إلى النافذة أشع الخبر وأستجلي الحقيقة ، لكنني لم أكد أبلغها حتى بلغ مسمعي طرق على باب بيتنا أشد ما يكون . . وبينا كنت ألقي نظرة خاطفة من النافذة فألمح عددا أصعب من أن أحصيه ساعتها من سيارات المخابرات تملأ الشارع . . أتاني الصوت على باب البيت يصيح : إذا لم تفتحوا فسنكسر القفل بالرصاص ! وبحركةآلية تناولت غطاء صلاتي فوضعته على رأسي وركضت باتجاه الباب بادئ الأمر . . لكنني لم أعرف ما أفعل ! أأفتح لهم والبنات كلهن نائمات ؟ أصابني الإضطراب بالحيرة . . ثم وجدتني أهرع إلى فاطمة أكبرنا سنا وهي معلمة تشاطرنا السكن ، فأيقظتها أولا وأنا أقول لها بلا وعي : -هيا . . كأن المخابرات أتوا عليك ! ثم لمح في خيالي أن شريكة أخرى في البيت معنا اسمها سوسن س . (خريجة كلية طب الأسنان وتكمل سنتها التدريبة في دمشق ) قد نفذوا حكم الإعدام بأخيها صباح اليوم في سجن تدمر كما بلغها وأبلغتنا ، فظننت أنهم إنما أتوا من أجلها . . خلال ذلك كان رجال المخابرات قد بدأوا بخلع الباب والضرب عليه بالبواريد ، فأسرعت فاطمة إلى حجابها فوضعته على رأسها وفتحت لهم . . ودخلوا يا لطيف ! شيء غيرمعقول ! قفزواحد منهم إلى السقيفة فورا يفتشها . . واندفع اخرإلى الشباك . . وثالث في المطبخ . . ورابع . . وعاشر . . ولم نجد إلا أحدهم يقتحم الغرفة علينا ، وما أن رأى مصحفا معلقا على الجدار حتى انتزعه ورماه على الأرض وصار يدوسه بقدميه كالمهووس . . فيما راح اخرون ينبشون أمتعتنا وينقبون كل زاوية في خزائننا ونحن لا نكاد نستوعب لماذا أو ما الذي كانوا عنه يبحثون ! وفي غمرة المفاجأة سمعت واحدا منهم يصيح من الصالة : -وهيبة دباغ . فتقدمت وكأنني ألج كابوسا مرعبا بالرغم عني وقلت له : ما عندنا هذا الإسم .13

لكن قلبي انقطع من الرعب ، وتأكدت ساعتها أنهم أتوا علي . . فقال لهم رئيس المجموعة : -أرجعوا كل واحدة إلى غرفتها وفتشوا الهويات . فامتثلنا للطلب . . ودخلنا غرفنا ونحن نرتعد . . وتقدم عنصر مني وكأنه عسكري في الخدمة - ليفحص هويتي ، فلما نظر إلى اسمي فيها ثم إلى وجهي اغرورقت عيناه بالدموع ، وقال بتأثر وهو يبكي : -أنت بنت بلدي . . والله يعين . سألته : لماذا ؟هل هناك شيء ! أجاب : الله بيصبر . . ماذا يمكن أن تفعلي ؟ الله بيعينك . سألته وكأنني أهوي في بئر مظلم : لماذا ؟ هل أتوا من أجلي ؟ قال وهويشيح بناظريه عني : نعم . . وذهب وأعطى الهوية لرئيس الدورية الذي كان ينادي "وهيبة دباغ " . . فنظر هذا إلي بحنق وقال : - بتقولي بكل عين وقحة أنه لا يوجد لديكم هذا الإسم ! والتفت إلى عنصر اخر وقال له : - خذها إلى غرفة لوحدها وفتشها جيدا

قهوه . . أم شاي !

أخذني العنصر إلى غرفة ثانية وأخذ واحدة أخرى من البنات وقال لها : فتشيها.. قلت له : ماذا يمكن أن تجد معي ؟ لقد فتشوا البيت كله وفتشونا منذ أن دخلوا . . لكن صوت رئيس الدورية كان يغطي على صوتي المرتجف وهو يتحدث باللاسلكي مع شخص اخرسمعته يقول له : أحضروها . فقال لي : هيا ارتدي ملابسك . . ستذهبي معنا خمس دقائق وحسب 14

لبست جلبابي فوق غطاء صلاتي ، وكانت معي بعض النقود فأردت أن أعطيها لصديقاتي ، فقال لي : لا . . دعيهم معلك فربما تحتاجينهم . قلت وقد بدأت أستعيد بعض توازني : لن يلزموا لي ، أنت تقول خمس دقائق فكيف سأحتاجهم ؟ لكنه عاد وأكد أنني سأحتاجهم ، فلم أكترث بما قال ، ودفعت النقود لإحدى البنات بقربي ، فيما وجدتهم يدفعونني إلى الخارج ورئيس الدورية يقول لأ حد العناصر : -أمسكها من يدها . كان الدرج معتما والكهرباء مقطوعة فما رضيت أن يمسك لي يدي . قال : هذا أمر . قلت له : كلبشني ولا تمسك يدي . فتركني أنزل حتى باب البناية ليعود فيدفعني نحو باب سيارة كأنما هي غول فتح فاه ينتظر افتراسي ! وسمعت أحدا يسأل باللاسلكي من جديد : -من معها في الغرفة ؟ أجاب : فلانة وفلانة . قال : أحضروهم معها . فصعد ثانية وأحضر شريكتي في الغرفة ماجدة وملك غ . ولم تلبث السيارة أن تحركت وسط جمع من رجال المخابرات انتشروا على طول الشارع ، وأطلت سياراتهم المرعبة من كل زاوية ومفرق طريق . . وفي غمضة عين وجدنا أنفسنا قرب ملعب تشرين بالعباسية في فرع المنطقة المسمى "السادات ". . وهناك أدخلونا إلى غرفة مملوءة بأجهزة كهربائية فيها أضواء كثيرة حمر وخضر تشتعل وتنطفئ باستمرار كأنها أجهزة اتصالات أو لاسلكي . . وما أن جلسنا حتى سالنا أحد العناصر الموجودين فيها: -ماذا تشربون . . قهوة أم شاي ؟15

ولما لم ننبس من خوفنا ببنت شفة تطوع بالإجابة عنا وقال : - ساتي لكم بقهوة مرة لتصحوا رأسكم . . وذهب فأحضر فنجانا لكل منا وجلس يراقبنا ، فلما لاحظ أننا لا ندنيها من أفواهنا سأل : - لماذا لا تشربين ؟ هيا صحي رأسك . . الساعة الآن الثانية وأنت نعسانة بالتأكيد . قلت وشفتاي ترتجفان : أنا أشرب . قال : لا . . أناشايفك . قلت له : وهل تراقبني ؟ لا أشتهيها الآن . قال بسخرية : لازم تشربي ليصحى رأسك وتعرفي تحكي جيدا . كففت عن الكلام . . وأدنيت الفنجان من فمي وتظاهرت بالشرب . . وكنت أعود فأدنيه ثم أعيده وجسمي كله يرتجف . . وأنا لا أدري ما الذي يمكن أن يحدث في اللحظات التالية !

إلى التحقيق !
__________________
... ( الحق قوة ) ...

ليس في الاسلام عندنا شيئ اسمه ..

حل وسط

انما الاحكام فيمن عندنا قسمان ...

اما صح أو غلط


(((((من نثرياتنا الالمانية)))))
  #3  
قديم 03-02-2004, 06:40 PM
abunaem abunaem غير متصل
جماعة المستضعفين في الأرض
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: germany
المشاركات: 777
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى abunaem
إفتراضي (3) تابع ....

لم يطل المقام بي في الغرفة الأولى كثيرا فماهي إلا دقائق حتى سمعت مناديا يهتف باسمي ، وسرعان ما اقتادني عنصر اخر إلى مكتب رئيس الفرع نفسه ، وهو كما علمت بعدها ابن أخت رئيس الدولة واسمه معين ناصيف . دخلت هناك فوجدت رجلا عيناه جاحظتان وحمراوان كالدم ، يرتدي "جلابية" شفافة ورقيقة ويلف رجلا على رجل فتنكشف ساقاه من تحتها بشكل مقزز . اجلسي هنا . قالها لي بلهجة بادية الخشونة وأضاف قبل أن أبلغ الكرسي الذي يتوسط الغرفة فيكشفني من كل جانب : أنت منظمة أليس كذلك ؟ قلت : لا.

16

قال : إذا فما علاقتك بالإخوان ؟ قلت : لا توجد لي أي علاقة بهم . قال وقد.بدأ يتململ في كرسيه : وإذا فكيف تقومين بتوزيع كل مجلات النذير ؟ ثم هذه الرسالة من أين أخرجناها ولمحت بين أصبعيه ورقة صغيرة عرفت أنها الرسالة التي كان أخي صفوان قد كتبها قبل مغادرته سورية كتوصية بأبي عندما ذهب الأخير مع شقيقي الأكبر إلى عمان للعلاج هناك بعدما أصابه مرض انحلال الدم إثر ملاحقة صفوان حزنا وخوفا عليه ، ولكن مسؤولي الحدود أعادوهم وقتها لأن أخي لم يكن قد أدى خدمته الإلزامية ، وأحببت أن أحتفظ بالرسالة كذكرى من أخي . . فلما فتشوا البيت عثروا عليها وكان مكتوب فيها "حامل هذه الرسالة هو والد أحد المجاهدين فاعتبروها شيئا كبيرا ، وجعل رئيسى الفرع يقرأ لي منها بسخرية ويقول : - والد أحد المجاهدين أليس كذلك أبوك هذا عامل نفسه إشتراكي وهو من زعماء الإخوان . . لكن أنا بعرف أفرجيه . . والله لأعمل جسده مصفاية ! وظلت هذه العبارة محفورة في ذاكرتي حتى سمعت عن أحداث حماة بعد سنوات . . وعلمت أنهم عذبوا أبي أشد العذاب قبل أن يرشوه أكثر من مرة ، حتى صار جسده كالمصفاة بالفعل !

وضاع الدليل !

أنا لست منظمة ولا من الإخوان . قلتها وقد سرت القشعريرة في جسدي خوفا على أبي وعلى نفسي . قال : وماذا عن الرسالة ؟ قلت : لا أعرف . . ربما نسيها أحد هناك أو وضعها لي أحد . وكأنما أراد أن يلج إلى غايته من مدخل اخر ، فجعل يقلب الملف الذي بين يديه وسأل : من تعرفين من أصدقاء أخيك ؟

17

- لا أحد . . لم أر أخي من زمن ولا علاقة لي بأصدقائه ؟ قال وقد اشعت عيناه : وماذا عن عبد الكريم رجب ؟ قلت : من هذا . . لا أعرفه . فعاد إلى الصراخ من جديد وصاح بي : إذا فلن تعترفي أنك منظمة . قلت : لا . .أنالست منظمة فكيف أعترف بذلك ؟ فتناول "شحاطته " من قدمه ورماني بها ، لكنني تنحيت برأسي قليلا فتجاوزتني وأصابت الكاتب ورائي . . فقال وهو يشتمني : - وتقولين أنك لست من الإخوان . . هذه التصرفات كلها تصرفات إخوان ! ثم عاد يتحدث عن الرسالة ويلوح بها أمام وجهي . . ولم يلبث أن غادر الغرفة لبرهة فظننت أنه ذهب ليأتي بجلاد أو أحد ما ليعذبني ، فلما عاد أراد كأنما أن يريني الرسالة أو يستخدمها من جديد ، فجعل يقلب بين مجموعة أوراق كانوا قد أخرجوها من سلة المهملات ببيتنا ، وقاموا بكيها وتلصيقها جميعا أملا في أن يجدوا بينها دليل إدانة ضدي ، فلما لم يجد الرسالة سأل الكاتب ورائي : - هل دخل الغرفة أحد ؟ أجاب الكاتب بانتباه : لا سيدي . قال له : هل تحركت هذه ال . . من مكانها ؟ هل غادرت أنت الغرفة؟ أجابه ثانية : لا . فجعل يقلب وينقب أمامه وحوله وبين يديه فلم يجد شيئا . . وضاعت الرسالة أين . . لا أدري ! فازداد التآمه وعلا صراخه ، وجعل يهددني بعبارات بذيئة ويقول : - رفيقتك هنا في الملف أمامي اعترفت بأنك منظمة ، وإذا لم تعترفي بنفسك فلدينامايجعلك تفعلين ! قلت له وقد جرحتني الكلمات البذيئة واستفزني التهديد : مهما كان لديكم من وسائل فأنا لست منظمة . . وسأبقى أقول أنا لست منظمه

18 سجل الاتهام

أخرجوني من غرفة التحقيق إلى غرفة كالأولى التي استقبلتنا مملوءة بأجهزة مشابهة كلها أضواء ملونة دائمة الوميض . . وأخذوا صديقتي ماجدة إلى غرفة رئيس الفرع . . ولم أكد ألتقط أنفاسي حتى عادوا فنادوني وأخذوني إليه من جديد ، لأجد قائمة بالإتهامات تنتظرني تكفي أن توزع على ثلاثة رجال أنت متهمة بأنك منظمة : توزعين مجلة النذير ، وتعطين دروسا لسيد قطب في مساجد دمشق ،وقمت بشراء بيت للتنظيم ، ونقلت سيارة ذخيرة فيها جهاز إعلامي بنفق في منطقة المهاجرين . . وهناك اعتراف ثابت من واحدة من صديقاتك بكل ذلك . . ورفيقتك هذه متأكدة تماما من كل المعلومات وهي تعرفك جيدا ودرستك وعاشرتك ولا تكذب أبدا .

هي كاذبة ، وأنا ليست لي علاقة بما قالت ولم أفعل أي شيء أو أشارك بأي مما ذكرت . قلت ذلك وقد بدأت الأمور تتضح في ذهني بعض الشيء ، واستطعت من ثنايا كلامه أن أدرك أن شخصا بعينه قد نقل هذه الوشايات لهم وملأ ملفي بكل هذه الأكاذيب . . الشخص الذي طالما كنت أسمع تحذيرات عنه رغم أن عيناي لم ترياه طوال حياتي . . إنه عبد الكريم رجب : جاسوس المخابرات والمتعامل معهم من داخل صفوف الإخوان . . أو دسيستهم داخل الصفوف ! تشجعت لهذا الذي وصلت إليه ، وأدركت أنها تهم رخيصة أراد أن يملأ بها الصفحات وحسب ، وازددت إحساسا مع كل الظروف بالثقة . . فلم أجب تهديدات المحقق رئيس الفرع وهو يكرر علي من جديد : -إذا لم تعترفي يا . . . فلدينا ما يجعلك تعترفين ! 19

في انتظار الاعدام !

إلى الغرفة الغامضة أعادني عنصر من المخابرات بأمر من المحقق ، ولم يلبث وأن أحضر رفيقتي ملك لتنضم إلي ، وكانت المسكينة في أيامها الأولى بدمشق وفي أول سنة لها بالكلية معي ، فلم تكن تعرف لا عن البلد ولا من الأشخاص أحدا غيري . . وبعد أن أودعانا تحت رقابة العنصر في الغرفة أخذوا ماجدة وبدأوا معها التحقيق . . فلما انتهى دورها عاد فطلبني وقد مض من الليل أكثره وأعاد نفس الكلام علي : -

رفيقتك الأولى يقصد عبد الكريم رجب اعترفت عليك اعترافا أوليا ، وهذه ماجدة اعترفت الان بنفس الكلام ، وقالت بأنك منظمة ومسلحة وقمت بأعمال كثيرة للتنظيم وتوزعين مجلة النذير . . ومن غير أن ينتظر جوابا مني أمر عنصرا فأخرجني من الغرفة واقتادني إلى الممر ثم وجهني باتجاه الجدار وأمرني أن أرفع يدي وإحدى رجلي إلى أعلى . . فقلت في نفسي : خلاص . . ها هم أكملوا صياغة التهمة لي . . والان سيرشوني أو يعدموني !

وما هي إلا برهة حتى وجدت رفيقتي ملك بجانبي يأمرها العنصر أن تفعل مثلي ، فازداد إحساسي أنهم سوف يرشوننا لا ريب ، ولم أعد أحس ساعتها بنفسي . . كان كل شعوري مركزا حول النهاية التي دنت . . وكيف ستكون : رشا من الخلف أم إعداما بالمشنقة أم ماذا ؟ وكأنني وقد تملكني الشعور بتحقق المنية استجمعت بقايا جلدي والتفت "بحلاوة الروح " إلى العنصر المكلف بمراقبتنا فسألته : - لماذا أوقفتمونا بهذا الوضع . . ما الذي فعلناه ؟ قال بلا مبالاة : أنتم تعرفون ماذا فعلتم . قلت : تقصد أنهم سيعدموننا ! أجاب هازئا : لا . . هل تظنين الإعدام يأتي بهذه السرعة والسهولة !20

إلى الفلق !
__________________
... ( الحق قوة ) ...

ليس في الاسلام عندنا شيئ اسمه ..

حل وسط

انما الاحكام فيمن عندنا قسمان ...

اما صح أو غلط


(((((من نثرياتنا الالمانية)))))
  #4  
قديم 03-02-2004, 06:43 PM
abunaem abunaem غير متصل
جماعة المستضعفين في الأرض
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: germany
المشاركات: 777
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى abunaem
إفتراضي (4) تابع

مرت نصف ساعة أو ربما أكثر ، فالوقت في مثل هذا الموقف لا معنى له . . أدخلونني بعدها على غرفة الأجهزة وأمروني أن أجلس فجلست . . ولم يلبثوا أن أحضروا ملك فأجلسوها على كنبة أمامي في مواجهة الباب الذي كان مفتوحا بعض الشيء ، فما كادت المسكينة تلامس الكنبة حتى نامت . . ولم تعد تحس بشيء . . وأنا أكاد من توتري أتقطع ، وصوت ماجدة في غرفة التحقيق يبلغ أذني مرة ويغيب مرة . . فلا أدري ماذا تقول ولا أعلم أي نوع من العذاب الآن تنال . . وألتفت إلى ملك وأهمس وبودي أن أصيح لتسمع : -ملك . . ملك . . حاولي فقط أن تنظري من طرف الباب وتعلمي ما الذي يجري . . . ولكنها في غفوتها لا تجيب ! وظلت على هذه الحال حتى الصباح أراقبها وأحاول أن أحادثها ولا فائدة ، وأنا على أعصابي لا أستطيع حتى أن أستقر على الكرسي تحتي ، وقد اجتمع علي النعاس والتعب والخوف معا . . وبين كل فينة وأخرى عنصر قادم وأخر عائد . . هذا يلقي سؤالا بلا معنى واخر يكتفي بالنظر والتبسم . . حتى أطل أحدهم مع إطلالة الصباح يسأل : - هل تريدون أن تفطروا ؟ ألم تجوعوا؟ قلت له :لا. قال : ماذا تشربين ؟ أجبت : لا شيء . . شكرا . قال : سأتي لك بكأس شاي تصحين به رأسك . وذهب فأحضر الكأس ووضعه أمامي ، ولكنني لم أستطع من توتري وتعبي أن أدنيه من شفتي . . وعندما بلغت الساعة الثامنة دخلوا من جديد فأيقظوا ملك ، وأخرجونا إلى تحقيق جديد في القبو هذه المرة ،21

وبينما هم ينزلوننا درجات السلم قلت هامسة لملك : - اخ . . الان سيأخذوننا إلى الفلق لا محالة ! فانتفضت المسكينة تقول : لا تقولينها ! قلت : ومن الذي قال لك أن تنامي طوال الليل ؟ لماذا لم تسمعي ماذا قالوا لماجدة ؟ كنا استفدنا بعض الشيء أو فهمنا ما الذي سيحدث .

أنا . . ضد الوطن !

عبر ممر كئيب في القبو أخذوني إلى غرفة أخرى للتحقيق وجدت في صدارتها وجها جديدا هو الرائد تركي . . أجلسني على طرف سرير عسكري في طرف الغرفة وجعل على مدى نصف ساعة تقريبا يعيد تلاوة نفس الإتهامات علي بشكل سؤال وجواب ، ويدونها في سجل معه . كنت من تعبي وارهاقي لا أستطيع متابعة كلامه أو حتى فتح عيني . . فكنت أكبو قليلا ثم أنتبه فأشد نفسي . . وعندما كان يبلغني صوته الأجش بعربيته الثقيلة أحس وكأن أمعائي توشك أن تخرج كلها من فمي . . فلما انتهى كان أملي الوحيد في كل الدنيا وقتها أن أجد ولو بلاطة ألقي عليها جسمي المنهك وأنام . . لكن العنصر عاد واقتادني عبر الممر نفسه إلى غرفة أخرى في القبو وجدت فيها ضابطا اخر برتبة رائد استقبلني من فوره بعبارات بذيئة وكلام قذر . . واللهجة العلوية واضحة عليه . . واستمر حوالي الساعة يسمعني العبارات ذاتها : - أنت من الإخوان . . وأنت منظمة اعترف الجميع عليك . . وأنت قمت بأعمال كثيرة تضر بالوطن ولا تستحقين أقل من عقوبة اللإعدام . . كان كلامه أقرب إلى شريط تسجيل منه إلى الحديث . . يعيده بحرفيته ويكرره فلا أميز انتهاء المقطع من بداية مقطع جديد إلا من اختلاف الشتيمة أو تغير عبارات السخرية والإستفزاز . . ووجدتني وكأنما تحول رأسي إلى جرس كبير يقرع هذا الرجل عليه كل لحظة بكلماته فيرتج

ولا يستقر . . وتتكرر فيه العبارات فيزداد اهتزازا وضجيجا : - الجميع اعترف عليك . . الجميع اعترف عليك . . أنت منظمة . . ضد الوطن . . إلى الإعدام . . إلى الإعدام . . إلى الإعدام ! وكأنما غبت عن الوجود اخر الأمر ، فما وجدتني إلا وعنصر اخر يدخل الغرفة وملك وماجدة في طرف اخر منها ويسأل : - ألم تجوعوا يا بنات ؟ قلناله : لا ،لم نجع . فرد بلهجة ذات مغزى : الآن سنطعمكم فروجا مشويا على أية حال ! قلت له وقد فهمت أنه يقصد التعذيب : نحن بغنى عن طعامكم . جذبنا نحن الثلاثة ، ووجدتهم يقتادوننا عبر الممر نفسه فالسلم حتى بوابة الفرع ، ولما سألته وقد دب في القلق من جديد : - إلى أين ؟ قال : الان سترون . أصعدونا في سيارة عسكرية نحن الثلاثة قبالة بعضنا البعض ، وصعد عنصران مسلحان وراءنا ، ولم تلبث السيارة أن انطلقت بسرعة مجنونة كأنما تريد أن تقفز فوق بقية السيارات التي كانت تخلي لها الطريق من بعيد ، وأمامنا سيارة أخرى تطلق الصفير المدوي ، وثالثة من خلفنا للحماية أو المراقبة . . ولم نكد نبدأ مع انعطافات السيارة العنيفة في الصعود والهبوط حتى تملك ملك الدوار وأخذت في الإستفراغ ، فملأت السيارة من مخلفات جوفها ، وجعلتنا ونحن في حالتنا المبكية نكاد نختنق ، فأملنا رأسها للوراء باتجاه الباب الخلفي بين العنصرين ، فجعلت تكمل تقيؤها بينهما طوال الطريق ، من فرع التحقيق العسكري بالعباسيين إلى سجن أمن الدولة بكفر سوسة .23
__________________
... ( الحق قوة ) ...

ليس في الاسلام عندنا شيئ اسمه ..

حل وسط

انما الاحكام فيمن عندنا قسمان ...

اما صح أو غلط


(((((من نثرياتنا الالمانية)))))
  #5  
قديم 03-02-2004, 06:53 PM
محاسن محاسن غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2004
الإقامة: سياتل واشنطن
المشاركات: 2
إفتراضي Re: (4) تابع

إقتباس:
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة abunaem
مرت نصف ساعة أو ربما أكثر ، فالوقت في مثل هذا الموقف لا معنى له . . أدخلونني بعدها على غرفة الأجهزة وأمروني أن أجلس فجلست . . ولم يلبثوا أن أحضروا ملك فأجلسوها على كنبة أمامي في مواجهة الباب الذي كان مفتوحا بعض الشيء ، فما كادت المسكينة تلامس الكنبة حتى نامت . . ولم تعد تحس بشيء . . وأنا أكاد من توتري أتقطع ، وصوت ماجدة في غرفة التحقيق يبلغ أذني مرة ويغيب مرة . . فلا أدري ماذا تقول ولا أعلم أي نوع من العذاب الآن تنال . . وألتفت إلى ملك وأهمس وبودي أن أصيح لتسمع : -ملك . . ملك . . حاولي فقط أن تنظري من طرف الباب وتعلمي ما الذي يجري . . . ولكنها في غفوتها لا تجيب ! وظلت على هذه الحال حتى الصباح أراقبها وأحاول أن أحادثها ولا فائدة ، وأنا على أعصابي لا أستطيع حتى أن أستقر على الكرسي تحتي ، وقد اجتمع علي النعاس والتعب والخوف معا . . وبين كل فينة وأخرى عنصر قادم وأخر عائد . . هذا يلقي سؤالا بلا معنى واخر يكتفي بالنظر والتبسم . . حتى أطل أحدهم مع إطلالة الصباح يسأل : - هل تريدون أن تفطروا ؟ ألم تجوعوا؟ قلت له :لا. قال : ماذا تشربين ؟ أجبت : لا شيء . . شكرا . قال : سأتي لك بكأس شاي تصحين به رأسك . وذهب فأحضر الكأس ووضعه أمامي ، ولكنني لم أستطع من توتري وتعبي أن أدنيه من شفتي . . وعندما بلغت الساعة الثامنة دخلوا من جديد فأيقظوا ملك ، وأخرجونا إلى تحقيق جديد في القبو هذه المرة ،21

وبينما هم ينزلوننا درجات السلم قلت هامسة لملك : - اخ . . الان سيأخذوننا إلى الفلق لا محالة ! فانتفضت المسكينة تقول : لا تقولينها ! قلت : ومن الذي قال لك أن تنامي طوال الليل ؟ لماذا لم تسمعي ماذا قالوا لماجدة ؟ كنا استفدنا بعض الشيء أو فهمنا ما الذي سيحدث .

أنا . . ضد الوطن !

عبر ممر كئيب في القبو أخذوني إلى غرفة أخرى للتحقيق وجدت في صدارتها وجها جديدا هو الرائد تركي . . أجلسني على طرف سرير عسكري في طرف الغرفة وجعل على مدى نصف ساعة تقريبا يعيد تلاوة نفس الإتهامات علي بشكل سؤال وجواب ، ويدونها في سجل معه . كنت من تعبي وارهاقي لا أستطيع متابعة كلامه أو حتى فتح عيني . . فكنت أكبو قليلا ثم أنتبه فأشد نفسي . . وعندما كان يبلغني صوته الأجش بعربيته الثقيلة أحس وكأن أمعائي توشك أن تخرج كلها من فمي . . فلما انتهى كان أملي الوحيد في كل الدنيا وقتها أن أجد ولو بلاطة ألقي عليها جسمي المنهك وأنام . . لكن العنصر عاد واقتادني عبر الممر نفسه إلى غرفة أخرى في القبو وجدت فيها ضابطا اخر برتبة رائد استقبلني من فوره بعبارات بذيئة وكلام قذر . . واللهجة العلوية واضحة عليه . . واستمر حوالي الساعة يسمعني العبارات ذاتها : - أنت من الإخوان . . وأنت منظمة اعترف الجميع عليك . . وأنت قمت بأعمال كثيرة تضر بالوطن ولا تستحقين أقل من عقوبة اللإعدام . . كان كلامه أقرب إلى شريط تسجيل منه إلى الحديث . . يعيده بحرفيته ويكرره فلا أميز انتهاء المقطع من بداية مقطع جديد إلا من اختلاف الشتيمة أو تغير عبارات السخرية والإستفزاز . . ووجدتني وكأنما تحول رأسي إلى جرس كبير يقرع هذا الرجل عليه كل لحظة بكلماته فيرتج

ولا يستقر . . وتتكرر فيه العبارات فيزداد اهتزازا وضجيجا : - الجميع اعترف عليك . . الجميع اعترف عليك . . أنت منظمة . . ضد الوطن . . إلى الإعدام . . إلى الإعدام . . إلى الإعدام ! وكأنما غبت عن الوجود اخر الأمر ، فما وجدتني إلا وعنصر اخر يدخل الغرفة وملك وماجدة في طرف اخر منها ويسأل : - ألم تجوعوا يا بنات ؟ قلناله : لا ،لم نجع . فرد بلهجة ذات مغزى : الآن سنطعمكم فروجا مشويا على أية حال ! قلت له وقد فهمت أنه يقصد التعذيب : نحن بغنى عن طعامكم . جذبنا نحن الثلاثة ، ووجدتهم يقتادوننا عبر الممر نفسه فالسلم حتى بوابة الفرع ، ولما سألته وقد دب في القلق من جديد : - إلى أين ؟ قال : الان سترون . أصعدونا في سيارة عسكرية نحن الثلاثة قبالة بعضنا البعض ، وصعد عنصران مسلحان وراءنا ، ولم تلبث السيارة أن انطلقت بسرعة مجنونة كأنما تريد أن تقفز فوق بقية السيارات التي كانت تخلي لها الطريق من بعيد ، وأمامنا سيارة أخرى تطلق الصفير المدوي ، وثالثة من خلفنا للحماية أو المراقبة . . ولم نكد نبدأ مع انعطافات السيارة العنيفة في الصعود والهبوط حتى تملك ملك الدوار وأخذت في الإستفراغ ، فملأت السيارة من مخلفات جوفها ، وجعلتنا ونحن في حالتنا المبكية نكاد نختنق ، فأملنا رأسها للوراء باتجاه الباب الخلفي بين العنصرين ، فجعلت تكمل تقيؤها بينهما طوال الطريق ، من فرع التحقيق العسكري بالعباسيين إلى سجن أمن الدولة بكفر سوسة .23
__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الاستاذ الداعية عمرو خالد شكرا جزيل الشكر على اهتمامك بنا وبامورنا الاجتماعية والدينية ونرجوا لك دوام الصحة والعافية وان نلتقى مع حضرتك في الفردوس الاعلى بصحبة الرسول عليه الصلاة والسلام
  #6  
قديم 04-02-2004, 01:30 AM
abunaem abunaem غير متصل
جماعة المستضعفين في الأرض
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: germany
المشاركات: 777
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى abunaem
إفتراضي سلسلة من (6) حلقات

هنا تنتهي الحلقة الاولي والحلقات ستة لهذه الرواية ...
وسوف تاتيكم الحلقات متوالية كل يوم واحدة انشالله
__________________
... ( الحق قوة ) ...

ليس في الاسلام عندنا شيئ اسمه ..

حل وسط

انما الاحكام فيمن عندنا قسمان ...

اما صح أو غلط


(((((من نثرياتنا الالمانية)))))
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م