وإن مما يؤسف له حقا بل يؤلمنا كثيرا أننا كنا نسمع عبر وسائل الإعلام عن عقد صفقات أسلحة متطورة بأنواعها المختلفة من طائرات ودبابات وغيرها وقد رصدت لهذه الصفقات مليارات الدولارات والتي أعلن عنها في حينها ، ومع أن هذه المبالغ الطائلة وقد أرهقت بيت مال المسلمين ومع هذا فقد كان الكثيرون يستبشرون بعقد مثل هذه الصفقات ظنا منهم أنها ستكون حصنا واقيا بعد الله تعالى لصد أي اعتداء على المسلمين وأراضيهم المقدسة ، ولكن الذي حدث هو عكس ذلك تماما .
ودليل ذلك أن بعض الدول العربية عندما هوجمت من قبل إحدى الدول المجاورة لم تستطع الصمود أمام من هاجمهم ، وذلك عائد إلى ضعف استعدادهم العسكري ، فقد أثبتت خلو خزائن الأجهزة العسكرية في هذه الدولة من الأسلحة التي كان الناس يأملون بها ، والتي عقدت لها الصفقات ، كما أن قلة الأسلحة صاحَبها شح واضح في الكفاءات البشرية المدربة ، ولذلك كله لم تتردد هذه الدولة باستدعاء الدول الكافرة لحمايتها والدفاع عنها غير مكترثين بالحكم الشرعي المترتب على ذلك .
أليس عار ما بعده عار وخزي ما بعده خزي أن نلجأ إلى طلب الحماية من دول الكفر ، نهيّء لهم الاستقرار في أراضينا التي حرم المصطفى صلى الله عليه وسلم إقامتهم فيها وأمر بإخراجهم منها ، مع توفر أسباب القدرة بأنفسنا على صد عدوان المعتدي .
أيها القادة
لقد أصبح الجبناء المنْخَذِلون يكررون عبارة : ( دولة اليهود دولة لا تقهر ) ، إن هؤلاء الذين يتعللون بهذه المقولة الجبانة ( إن قوة اليهود قوة لا تقهر ) ، هؤلاء المتخاذلون الإنهزاميون يبررون تقاعسهم عن القيام بالحروب المسلحة ضد دولة اليهود بهذه المقولة ، ولو نظر هؤلاء في التاريخ القديم والحديث لوجدوا أن هذه المقولة باطلة من أساسها ، وسأذكر أمثلة تاريخية تسقط هذه المقولة وتبطلها :
المثال الأول :
كل من له أدنى إلمام بتاريخ المسلمين يعلم أن الصليبين احتلوا بلاد المسلمين وأقاموا فيها أكثر من تسعين سنة يعيثون فيه الفساد ويسومون المسلمين سوء العذاب ولا أحد يتصدى لهم من الحكام والأمراء بحجة أن أوربا ملوكها وجيوشها قوة لا تقهر ، وتحملوا الذل والاستهانة والاستعمار بسبب هذه المقولة ، ولما أراد الله للمسلمين الخلاص من هؤلاء الغاصبين المستعمرين قيض لهذه الأمة بطلا مسلما هو صلاح الدين الأيوبي ، فشن حربا مسلحة بصدق وصبر وشجاعة على هؤلاء الصليبيين فهزمهم شر هزيمة فطهر بلاد المسلمين من شرهم ورجسهم وألقى بهم في البحر ، فلم يثني عزمه كثرة عددهم وعدتهم ، ولم يمنعه من شن الغارات المتواصلة على هؤلاء الطغاة المعتدين اعتقاد أن أوربا قوة لا تقهر .
المثال الثاني :
قبل سنوات كان الاتحاد السوفيتي دولة عظمى لا يماثلها في القوة في العدد والعدة والتسليح إلا دولة أمريكا ، ولما اعتدت على دولة الأفغان واحتلتها قام أبطال الأفغان بمقاومتها ، ومع أن الشعب الأفغاني بالنسبة لعدده وتسليحه وتدريبه لا يساوي شيئا بالنسبة للاتحاد السوفيتي الدولة العظمى ، لكنهم هزموا هذه القوة وأخرجوها من بلادهم تجر أذيال الهزيمة والعار ، ولم تقف هزيمة هذه الدولة الطاغية عند طردها من الأراضي الأفغانية ، بل ترتب على هذه الهزيمة انحلال هذه الدولة وتفككها وسقوطها إلى الأبد إن شاء الله .
المثال الثالث :
قامت أقوى دولة عربية في العالم العربي وأكثر الدول العربية عددا وأتمها عدة بالاعتداء على دولة عربية تعتبر من أضعف الدول العربية من حيث الموارد المالية ومن حيث التسليح والتعليم ، لكن هذه الدولة الأضعف قاومت هذا الاحتلال بصبر وشجاعة وحطمت قوة الدولة المعتدية وهزمتها وأخرجتها من بلادها صاغرة تجر أذيال الخيبة والعار .
إن المتأمل لهذه الأمثلة الثلاثة التي ذكرتها يدرك أن القوة التي لا تقهر هي قوة الإيمان بالله والاعتماد عليه وتحمل المشاق والتضحيات بكل غال ورخيص ، ثم إن من يتعلل بهذه المقولة الجبانة ، ( دولة اليهود قوة لا تقهر ) لا يخلو من أحد رجلين :
إما أن يكون جاهلا في تاريخ الشعوب ولا سيما في تاريخ الشعب اليهودي الذي جبل على الجبن والخور والذل والاستكانة ، وإما أن يكون عميلا لهذه العصابات اليهودية ومَن وراءها من يدعمها من النصارى في أمريكا وأوربا ليثبط من عزائم المسلمين ويبعث في نفوسهم الخوف والفزع بهذه المقولة .
ولقد أخبرنا الله في كتابه العزيز في مواضع كثيرة عن جبن اليهود وهلعهم وخوفهم من الحروب ، قال تعالى حكاية عن موسى عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه ( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى إنّ فيها قوما جبارين و إنّا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ) إلى قوله تعالى ( قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) ، وقال سبحانه وتعالى ( ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس ) الآية ، وقال عز وجل ( لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر ) إلى غير ذلك من الآيات التي تبين أن اليهود شعب ذليل .
ولم يعرف في التاريخ أن اليهود قادوا معركة ضد خصومهم علنا ، وإنما حروب اليهود دائما بالمكر والخداع والمؤامرات في الخفاء ، وسأضرب مثلا لجبنهم وخورهم وعدم قدرتهم على ملاقاة الخصم :
قبل سنوات قام الجيش المصري الشجاع بحملة عسكرية اقتحم فيها الحواجز المائية والحواجز الرملية وخط برليف الذي زعمت دولة اليهود أنها ليس في العالم قوة تستطيع اقتحام هذا الخط ، لكن الجيش المصري البطل اقتحمه بدقائق ، وحين رأى الضباط والجنود من اليهود هذه الحملة الجريئة ولّوا مدبرين ، وتركوا دباباتهم ومدافعهم كالجرذان التي غرقها الماء ، ولولا خيانة القيادة السياسية التي أصدرت أوامرها إلى الجيوش بالتوقف لاحتلوا دولة الصهاينة وقذفوهم في البحر ، وصدق الله إذ يقول ( لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر ) .
نسأل الله أن يقيم علم الجهاد وأن ينصر الإسلام والمسلمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أملاه فضيلة الشيخ
أ. حمود بن عقلاء الشعيبي
http://saaid.net/Warathah/hmood/h37.htm