مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #31  
قديم 09-08-2005, 03:03 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

[ خروج الرسول صلى الله عليه وسلم بأصحابه إلى شعاب مكة وما فعله سعد ]
قال ابن إسحاق : وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلوا ، ذهبوا في الشعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم فبينا سعد بن أبي وقاص في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعب من شعاب مكة ، إذ ظهر عليهم نفر من المشركين وهم يصلون فناكروهم وعابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم فضرب سعد بن أبي وقاص يومئذ رجلا من المشركين بلحي بعير فشجه فكان أول دم أهريق في الإسلام .
[ إظهار قومه صلى الله عليه وسلم العداوة له وحدب عمه أبي طالب عليه ]
قال ابن إسحاق : فلما بادى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه بالإسلام وصدع به كما أمره الله لم يبعد منه قومه ولم يردوا عليه - فيما بلغني - حتى ذكر آلهتهم وعابها ; فلما فعل ذلك أعظموه وناكروه وأجمعوا خلافه وعداوته إلا من عصم الله تعالى منهم بالإسلام وهم قليل مستخفون وحدب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه أبو طالب ومنعه وقام دونه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر الله مظهرا لأمره لا يرده عنه شيء .
فلما رأت قريش ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعتبهم من شيء أنكروه عليه من فراقهم وعيب آلهتهم ورأوا أن عمه أبا طالب قد حدب عليه وقام دونه فلم يسلمه لهم مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب عتبة وشيبة ابنا ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب . وأبو سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر .
قال ابن هشام : واسم أبي سفيان صخر .
قال ابن إسحاق : وأبو البختري واسمه العاص بن هشام بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي .
قال ابن هشام : أبو البختري العاص بن هاشم .
قال ابن إسحاق : والأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي . وأبو جهل - واسمه عمرو ، وكان يكنى أبا الحكم - بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي .
والوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي . ونبيه ومنبه ابنا الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي . والعاص بن وائل .
قال ابن هشام : العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي .
[ وفد قريش مع أبي طالب في شأن الرسول صلى الله عليه وسلم ]
قال ابن إسحاق : أو من مشى منهم . فقالوا : يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سب آلهتنا ، وعاب ديننا ، وسفه أحلامنا ، وضلل آباءنا ; فإما أن تكفه عنا ، وإما أن تخلي بيننا وبينه فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه فنكفيكه فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا ، وردهم ردا جميلا ، فانصرفوا عنه .
[ استمرار رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته ورجوع وفد قريش إلى أبي طالب ثانية ]
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه يظهر دين الله ويدعو إليه ثم شرى الأمر بينه وبينهم حتى تباعد الرجال وتضاغنوا ، وأكثرت قريش ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بينها ، فتذامروا فيه وحض بعضهم بعضا عليه ثم إنهم مشوا إلى أبي طالب مرة أخرى ، فقالوا له يا أبا طالب إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا ، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا ، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا ، وتسفيه أحلامنا ، وعيب آلهتنا ، حتى تكفه عنا ، أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين أو كما قالوا له . ( ثم ) انصرفوا عنه فعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم ولم يطب نفسا بإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ولا خذلانه .
[ طلب أبي طالب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم الكف عن الدعوة وجوابه له ]
قال ابن إسحاق : وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حدث أن قريشا حين قالوا لأبي طالب هذه المقالة بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا ابن أخي ، إن قومك قد جاءوني ، فقالوا لي كذا وكذا ، للذي كانوا قالوا له فأبق علي وعلى نفسك ، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق قال فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه بداء أنه خاذله ومسلمه وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه . قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عم ، والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته قال ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى ثم قام فلما ولى ناداه أبو طالب فقال أقبل يا ابن أخي ، قال فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اذهب يا ابن أخي ، فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك لشيء أبدا .
[ مشي قريش إلى أبي طالب ثالثة بعمارة بن الوليد المخزومي ]
قال ابن إسحاق : ثم إن قريشا حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسلامه وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوتهم مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة ، فقالوا له - فيما بلغني - يا أبا طالب هذا عمارة بن الوليد أنهد فتى في قريش وأجمله فخذه فلك عقله ونصره واتخذه ولدا فهو لك ، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا ، الذي قد خالف دينك ودين آبائك ، وفرق جماعة قومك ، وسفه أحلامهم فنقتله فإنما هو رجل برجل فقال والله لبئس ما تسومونني أتعطونني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه هذا والله ما لا يكون أبدا . قال فقال المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي : والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك ، وجهدوا على التخلص مما تكرهه فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا ; فقال أبو طالب للمطعم والله ما أنصفوني ، ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم علي فاصنع ما بدا لك ، أو كما قال . فحقب الأمر وحميت الحرب وتنابذ القوم وبادى بعضهم بعضا .
[ ذكر ما فتنت به قريش المؤمنين وعذبتهم على الإيمان ]
قال ابن إسحاق : ثم إن قريشا تذامروا بينهم على من في القبائل منهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أسلموا معه فوثبت كل قبيلة على من فيهم من المسلمين يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم ومنع الله رسوله صلى الله عليه وسلم منهم بعمه أبي طالب وقد قام أبو طالب حين رأى قريشا يصنعون ما يصنعون في بني هاشم وبني المطلب فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول الله صلى الله عليه وسلم والقيام دونه فاجتمعوا إليه . وقاموا معه وأجابوه إلى ما دعاهم إليه إلا ما كان من أبي لهب عدو الله الملعون .
تحير الوليد بن المغيرة فيما يصف به القرآن
[ اجتماعه بنفر من قريش ليبيتوا ضد النبي صلى الله عليه وسلم واتفاق قريش أن يصفوا الرسول صلى الله عليه وسلم بالساحر وما أنزل الله فيهم ]
ثم إن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش ، وكان ذا سنيهم وقد حضر الموسم فقال لهم يا معشر قريش ، إنه قد حضر هذا الموسم وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ، ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قولكم بعضه بعضا ; قالوا : فأنت يا أبا عبد شمس ، فقل وأقم لنا رأيا نقول به قال بل أنتم فقولوا أسمع قالوا : نقول كاهن قال لا والله ما هو بكاهن لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه قالوا : فنقول مجنون قال ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته قالوا : فنقول شاعر قال ما هو بشاعر لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بالشعر قالوا : فنقول ساحر قال ما هو بساحر لقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثهم ولا عقدهم قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس ؟ قال والله إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لعذق وإن فرعه لجناة - قال ابن هشام : ويقال لغدق - وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا ساحر جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء وأبيه وبين المرء وأخيه وبين المرء وزوجته وبين المرء وعشيرته . فتفرقوا عنه بذلك فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره .
فأنزل الله تعالى في الوليد بن المغيرة وفي ذلك من قوله ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا أي خصيما .
قال ابن هشام : عنيد معاند مخالف . قال رؤبة بن العجاج :
ونحن ضرابون رأس العند
وهذا البيت في أرجوزة له . سأرهقه صعودا إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر
قال ابن هشام : بسر كره وجهه . قال العجاج
مضبر اللحيين بسرا منهسا
يصف كراهية وجهه . وهذا البيت في أرجوزة له ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر
  #32  
قديم 09-08-2005, 03:04 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

[ ما أنزل الله في النفر الذين كانوا مع المغيرة ]
قال ابن إسحاق : وأنزل الله تعالى : في النفر الذين كانوا معه يصنفون القول في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيما جاء به من الله تعالى : كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون
. قال ابن هشام : واحدة العضين عضة يقول عضوه فرقوه . قال رؤبة بن العجاج :
وليس دين الله بالمعضى
وهذا البيت في أرجوزة له .
[ دعا صلى الله عليه وسلم للناس حين أقحطوا ، فنزل المطر وود لو أن أبا طالب حي ، فرأى ذلك ]
قال ابن هشام : وحدثني من أثق به قال أقحط أهل المدينة ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكوا ذلك إليه فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فاستسقى ، فما لبث أن جاء من المطر ما أتاه أهل الضواحي يشكون منه الغرق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم حوالينا ولا علينا ، فانجاب السحاب عن المدينة فصار حواليها كالإكليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أدرك أبو طالب هذا اليوم لسره فقال له بعض أصحابه كأنك يا رسول الله أردت قوله
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
قال أجل
قال ابن هشام : وقوله " وشبرقه " عن غير ابن إسحاق .
[ انتشار ذكر الرسول في القبائل ولا سيما في الأوس والخزرج ]
فلما انتشر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في العرب ، وبلغ البلدان ذكر بالمدينة ولم يكن حي من العرب أعلم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر وقبل أن يذكر من هذا الحي من الأوس والخزرج ، وذلك لما كانوا يسمعون من أحبار اليهود ، وكانوا لهم حلفاء ومعهم في بلادهم . فلما وقع ذكره بالمدينة وتحدثوا بما بين قريش فيه من الاختلاف . قال أبو قيس بن الأسلت . أخو بني واقف .
[ حرب داحس ]
قال ابن هشام : وأما قوله
ألم تعلموا ما كان في حرب داحس
فحدثني أبو عبيدة النحوي : أن داحسا فرس كان لقيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة بن ربيعة بن الحارث بن مازن بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان ; أجراه مع فرس لحذيفة بن بدر بن عمرو بن زيد بن جؤية بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان ، يقال لها : الغبراء . فدس حذيفة قوما وأمرهم أن يضربوا وجه داحس إن رأوه قد جاء سابقا ، فجاء داحس سابقا فضربوا وجهه وجاءت الغبراء . فلما جاء فارس داحس أخبر قيسا الخبر ، فوثب أخوه مالك بن زهير فلطم وجه الغبراء فقام حمل بن بدر فلطم مالكا .
ثم إن أبا الجنيدب العبسي لقي عوف بن حذيفة فقتله ثم لقي رجل من بني فزارة مالكا فقتله فقال حمل بن بدر أخو حذيفة بن بدر :
قتلنا بعوف مالكا وهو ثأرنا فإن تطلبوا منا سوى الحق تندموا
وهذا البيت في أبيات له . وقال الربيع بن زياد العبسي :
أفبعد مقتل مالك بن زهير ترجو النساء عواقب الأطهار
[ حرب حاطب ]
قال ابن هشام : وأما قوله " حرب حاطب " . فيعني حاطب بن الحارث بن قيس بن هيشة بن الحارث بن أمية بن معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس ، كان قتل يهوديا جارا للخزرج فخرج إليه يزيد بن الحارث بن قيس بن مالك بن أحمر بن حارثة بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج - وهو الذي يقال له ابن فسحم وفسحم أمه وهي امرأة من القين بن جسر - ليلا في نفر من بني الحارث بن الخزرج فقتلوه فوقعت الحرب بين الأوس والخزرج فاقتتلوا قتالا شديدا ، فكان الظفر للخزرج على الأوس ، وقتل يومئذ سويد بن صامت بن خالد بن عطية بن حوط بن حبيب بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس ، قتله المجذر بن ذياد البلوي واسمه عبد الله حليف بني عوف بن الخزرج .
فلما كان يوم أحد خرج المجذر بن ذياد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج معه الحارث بن سويد بن صامت ، فوجد الحارث بن سويد غرة من المجذر فقتله بأبيه . وسأذكر حديثه في موضعه إن شاء الله تعالى . ثم كانت بينهم حروب منعني من ذكرها واستقصاء هذا الحديث ما ذكرت في ( حديث ) حرب داحس .
ذكر ما لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه
[ سفهاء قريش ورميه صلى الله عليه وسلم بالسحر والجنون ]
قال ابن إسحاق : ثم إن قريشا اشتد أمرهم للشقاء الذي أصابهم في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أسلم معه منهم فأغروا برسول الله صلى الله عليه وسلم سفهاءهم فكذبوه وآذوه ورموه بالشعر والسحر والكهانة والجنون ورسول الله صلى الله عليه وسلم مظهر لأمر الله لا يستخفي به مباد لهم بما يكرهون من عيب دينهم واعتزال أوثانهم وفراقه إياهم على كفرهم .
[ حديث ابن العاص عن أكثر ما رأى قريشا نالته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ]
قال ابن إسحاق : فحدثني يحيى بن عروة بن الزبير ، عن أبيه عروة بن الزبير ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال قلت له ما أكثر ما رأيت قريشا أصابوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانوا يظهرون من عداوته ؟ قال حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر ، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من أمر هذا الرجل قط ، سفه أحلامنا ، وشتم آباءنا ، وعاب ديننا ، وفرق جماعتنا ، وسب آلهتنا ، لقد صبرنا منه على أمر عظيم أو كما قالوا : فبينا هم في ذلك إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل يمشي حتى استلم الركن ثم مر بهم طائفا بالبيت فلما مر بهم غمزوه ببعض القول . قال فعرفت ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ثم مضى ، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها ، فعرفت ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها ، فوقف ثم قال أتسمعون يا معشر قريش ، أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح . قال فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع حتى إن أشدهم فيه وصاة قبل ذلك ليرفؤه بأحسن ما يجد من القول حتى إنه ليقول انصرف يا أبا القاسم فوالله ما كنت جهولا . قال فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان الغد اجتمعوا في الحجر وأنا معهم فقال بعضهم لبعض ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم عنه حتى إذا باداكم بما تكرهون تركتموه . فبينما هم في ذلك طلع ( عليهم ) رسول الله صلى الله عليه وسلم فوثبوا إليه وثبة رجل واحد وأحاطوا به يقولون أنت الذي تقول كذا وكذا ، لما كان يقول من عيب آلهتهم ودينهم فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم أنا الذي أقول ذلك . قال فلقد رأيت رجلا منهم أخذ بمجمع ردائه . قال فقام أبو بكر رضي الله عنه دونه وهو يبكي ويقول أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ؟ ثم انصرفوا عنه فإن ذلك لأشد ما رأيت قريشا نالوا منه قط .
[ بعض ما نال أبا بكر في سبيل الرسول ]
قال ابن إسحاق ، وحدثني بعض آل أم كلثوم بنت أبي بكر ، أنها قالت ( لقد ) رجع أبو بكر يومئذ وقد صدعوا فرق رأسه مما جبذوه بلحيته وكان رجلا كثير الشعر .
[ أشد ما أوذي به الرسول صلى الله عليه وسلم ]
قال ابن هشام : حدثني بعض أهل العلم أن أشد ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش أنه خرج يوما فلم يلقه أحد من الناس إلا كذبه وآذاه لا حر ولا عبد فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله فتدثر من شدة ما أصابه فأنزل الله تعالى عليه يا أيها المدثر قم فأنذر
  #33  
قديم 09-08-2005, 03:06 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي إسلام حمزة رحمه الله

إسلام حمزة رحمه الله
[ أذاة أبي جهل للرسول صلى الله عليه وسلم ووقوف حمزة على ذلك ]
قال ابن إسحاق : حدثني رجل من أسلم ، كان واعية أن أبا جهل مر برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا ، فآذاه وشتمه ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه والتضعيف لأمره فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاة لعبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة في مسكن لها تسمع ذلك ثم انصرف عنه فعمد إلى ناد من قريش عند الكعبة ، فجلس معهم .
فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه أن أقبل متوشحا قوسه راجعا من قنص له وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له وكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالكعبة وكان إذا فعل ذلك لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم وكان أعز فتى في قريش ، وأشد شكيمة . فلما مر بالمولاة وقد رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته قالت له يا أبا عمارة لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام وجده هاهنا جالسا فآذاه وسبه وبلغ منه ما يكره ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد صلى الله عليه وسلم .
[ إيقاع حمزة بأبي جهل وإسلامه ]
فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله به من كرامته فخرج يسعى ولم يقف على أحد ، معدا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجه شجة منكرة ثم قال أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول ؟ فرد ذلك علي إن استطعت . فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقال أبو جهل دعوا أبا عمارة فإني والله قد سببت ابن أخيه سبا قبيحا ، وتم حمزة رضي الله عنه على إسلامه وعلى ما تابع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله . فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع وأن حمزة سيمنعه فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه .
قول عتبة بن ربيعة في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ ما دار بين عتبة وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ]
قال ابن إسحاق : وحدثني يزيد بن زياد ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال حدثت أن عتبة بن ربيعة ، وكان سيدا ، قال يوما وهو جالس في نادي قريش ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده يا معشر قريش ، ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء ويكف عنا ؟ وذلك حين أسلم حمزة ورأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيدون ويكثرون فقالوا : بلى يا أبا الوليد قم إليه فكلمه
فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا ابن أخي ، إنك منا حيث قد علمت من السطة في العشيرة والمكان في النسب وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت به من مضى من آبائهم فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها . قال فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قل يا أبا الوليد أسمع قال يا ابن أخي ، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا ، حتى لا نقطع أمرا دونك ، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا ; وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك ، طلبنا لك الطب ، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه أو كما قال له .
حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه قال أقد فرغت يا أبا الوليد ؟ قال نعم قال فاسمع مني ; قال أفعل فقال بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها يقرؤها عليه . فلما سمعها منه عتبة أنصت لها ، وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يسمع منه ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة منها ، فسجد ثم قال قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك
[ ما أشار به عتبة على أصحابه ]
فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به . فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟ قال ورائي أني قد سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط ، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة يا معشر قريش ، أطيعوني واجعلوها بي ، وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم وإن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزه عزكم وكنتم أسعد الناس به قالوا : سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه قال هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم .
  #34  
قديم 09-08-2005, 03:21 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي ما دار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين رؤساء قريش وتفسير لسورة الكهف

ما دار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين رؤساء قريش وتفسير لسورة الكهف
[ استمرار قريش على تعذيب من أسلم ]
قال ابن إسحاق : ثم إن الإسلام جعل يفشو بمكة في قبائل قريش في الرجال والنساء وقريش تحبس من قدرت على حبسه وتفتن من استطاعت فتنته من المسلمين ثم إن أشراف قريش من كل قبيلة كما حدثني بعض أهل العلم عن سعيد بن جبير ، وعن عكرمة مولى ابن عباس ، عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال
[ حديث رؤساء قريش مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ]
اجتمع عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأبو سفيان بن حرب ، والنضر بن الحارث ( بن كلدة ) ، أخو بني عبد الدار وأبو البختري بن هشام والأسود بن المطلب بن أسد ، وزمعة بن الأسود ، والوليد بن المغيرة ، وأبو جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية ، والعاص بن وائل ونبيه ومنبه ابنا الحجاج السهميان وأمية بن خلف ، أو من اجتمع منهم .
قال اجتمعوا بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة ، ثم قال بعضهم لبعض ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه فبعثوا إليه إن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك ، فأتهم فجاءهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سريعا ، وهو يظن أن قد بدا لهم فيما كلمهم فيه بداء وكان عليهم حريصا يحب رشدهم ويعز عليه عنتهم حتى جلس إليهم فقالوا له يا محمد إنا قد بعثنا إليك لنكلمك ، وإنا والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه مثل ما أدخلت على قومك ، لقد شتمت الآباء وعبت الدين وشتمت الآلهة وسفهت الأحلام وفرقت الجماعة فما بقي أمر قبيح إلا قد جئته فيما بيننا وبينك - أو كما قالوا له - فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ، وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا ، فنحن نسودك علينا ، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا ، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه قد غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من الجن رئيا - فربما كان ذلك بذلنا لك أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه أو نعذر فيك .
فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما بي ما تقولون ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولا ، وأنزل علي كتابا ، وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا ، فبلغتكم رسالات ربي ، ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -
قالوا : يا محمد فإن كنت غير قابل منا شيئا مما عرضناه عليك فإنك قد علمت أنه ليس من الناس أحد أضيق بلدا ، ولا أقل ماء ولا أشد عيشا منا ، فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا ، وليبسط لنا بلادنا ، وليفجر لنا فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق ، وليبعث لنا من مضى من آبائنا ، وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصي بن كلاب ، فإنه كان شيخ صدق فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل فإن صدقوك وصنعت ما سألناك صدقناك ، وعرفنا به منزلتك من الله وأنه بعثك رسولا كما تقول .
فقال لهم - صلوات الله وسلامه عليه - : ما بهذا بعثت إليكم إنما جئتكم من الله بما بعثني به وقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله تعالى ، حتى يحكم الله بيني وبينكم قالوا : فإذا لم تفعل هذا لنا ، فخذ لنفسك ، سل ربك أن يبعث معك ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك وسله فليجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب وفضة يغنيك بها عما نراك تبتغي ، فإنك تقوم بالأسواق كما نقوم وتلتمس المعاش كما نلتمسه حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم .
فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما أنا بفاعل وما أنا بالذي يسأل ربه هذا ، وما بعثت إليكم بهذا ، ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا - أو كما قال - فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم قالوا : فأسقط السماء علينا كسفا كما زعمت أن ربك إن شاء فعل فإنا لا نؤمن لك إلا أن تفعل قال فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ذلك إلى الله إن شاء أن يفعله بكم فعل قالوا : يا محمد أفما علم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك عنه ونطلب منك ما نطلب فيتقدم إليك فيعلمك ما تراجعنا به ويخبرك ما هو صانع في ذلك بنا ، إذ لم نقبل منك ما جئتنا به إنه قد بلغنا أنك إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن وإنا والله لا نؤمن بالرحمن أبدا ، فقد أعذرنا إليك يا محمد وإنا والله لا نتركك وما بلغت منا حتى نهلكك ، أو تهلكنا .
وقال قائلهم نحن نعبد الملائكة وهي بنات الله . وقال قائلهم لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلا .
[حديث عبد الله بن أبي أمية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]
فلما قالوا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام عنهم وقام معه عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم - وهو ابن عمته فهو لعاتكة بنت عبد المطلب - فقال له يا محمد . عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم ثم سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا بها منزلتك من الله كما تقول ، ويصدقوك ويتبعوك فلم تفعل ثم سألوك أن تأخذ لنفسك ما يعرفون به فضلك عليهم ومنزلتك من الله فلم تفعل ثم سألوك أن تعجل لهم بعض ما تخوفهم به من العذاب فلم تفعل - أو كما قال له - فوالله لا أومن بك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما ، ثم ترقى فيه وأنا أنظر إليك حتى تأتيها ، ثم تأتي معك أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول ، وايم الله لو فعلت ذلك ما ظننت أني أصدقك ، ثم انصرف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهله حزينا آسفا لما فاته مما كان يطمع به من قومه حين دعوه ولما رأى من مباعدتهم إياه .
[ ما توعد به أبو جهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ]
فلما قام عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو جهل يا معشر قريش ، إن محمدا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا ، وشتم آبائنا ، وتسفيه أحلامنا ، وشتم آلهتتا ، وإني أعاهد الله لأجلسن له غدا بحجر ما أطيق حمله - أو كما قال - فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه فأسلموني عند ذلك أو امنعوني ، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم قالوا : والله لا نسلمك لشيء أبدا ، فامض لما تريد .
[ ما حدث لأبي جهل حين هم بإلقاء الحجر على الرسول - صلى الله عليه وسلم - ]
فلما أصبح أبو جهل أخذ حجرا كما وصف ثم جلس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظره وغدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما كان يغدو . وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة وقبلته إلى الشام ، فكان إذا صلى صلى بين الركن اليماني والحجر الأسود ، وجعل الكعبة بينه وبين الشام ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وقد غدت قريش فجلسوا في أنديتهم ينتظرون ما أبو جهل فاعل فلما سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتمل أبو جهل الحجر ، ثم أقبل نحوه حتى إذا دنا منه رجع منهزما منتقعا لونه مرعوبا قد يبست يداه على حجره حتى قذف الحجر من يده .
وقامت إليه رجال قريش ، فقالوا له ما لك يا أبا الحكم ؟ قال قمت إليه لأفعل به ما قلت لكم البارحة فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل لا والله ما رأيت مثل هامته ولا مثل قصرته ولا أنيابه لفحل قط ، فهم بي أن يأكلني .
قال ابن إسحاق : فذكر لي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك جبريل - عليه السلام - لو دنا لأخذه .
  #35  
قديم 09-08-2005, 03:26 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

[ ما كان يؤذي به النضر بن الحارث رسول الله صلى الله عليه وسلم ]
وكان النضر بن الحارث من شياطين قريش ، وممن كان يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وينصب له العداوة وكان قد قدم الحيرة ، وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس ، وأحاديث رستم واسبنديار .
فكان إذا جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجلسا فذكر فيه بالله وحذر قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة الله خلفه في مجلسه إذا قام ثم قال أنا والله يا معشر قريش ، أحسن حديثا منه فهلم إلي فأنا أحدثكم أحسن من حديثه ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم واسبنديار ، ثم يقول بماذا محمد أحسن حديثا مني ؟ .
قال ابن هشام : وهو الذي قال فيما بلغني : سأنزل مثل ما أنزل الله . قال ابن إسحاق : وكان ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول فيما بلغني : نزل فيه ثمان آيات من القرآن قول الله - عز وجل - : إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين . وكل ما ذكر فيه من الأساطير من القرآن .
[ أرسلت قريش النضر وابن أبي معيط إلى أحبار يهود يسألانهم عن محمد صلى الله عليه وسلم ]
فلما قال لهم ذلك النضر بن الحارث بعثوه وبعثوا معه عقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة وقالوا لهما : سلاهم عن محمد وصفا لهم صفته وأخبراهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم علم ليس عندنا من علم الأنبياء فخرجا حتى قدما المدينة ، فسألا أحبار يهود عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووصفا لهم أمره وأخبراهم ببعض قوله وقالا لهم إنكم أهل التوراة ، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا .
فقالت لهما أحبار يهود سلوه عن ثلاث نأمركم بهن فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل وإن لم يفعل فالرجل متقول فروا فيه رأيكم . سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم فإنه قد كان لهم حديث عجب وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه وسلوه عن الروح ما هي ؟ فإذا أخبركم بذلك فاتبعوه فإنه نبي ، وإن لم يفعل فهو رجل متقول فاصنعوا في أمره ما بدا لكم .
فأقبل النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي حتى قدما مكة على قريش ، فقالا : يا معشر قريش ، قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد قد أخبرنا أحبار يهود أن نسأله عن أشياء أمرونا بها ، فإن أخبركم عنها فهو نبي ، وإن لم يفعل فالرجل متقول فروا فيه رأيكم .
[ سؤال قريش له صلى الله عليه وسلم عن أسئلة وإجابته لهم ]
فجاءوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا محمد أخبرنا عن فتية ذهبوا في الدهر الأول قد كانت لهم قصة عجب وعن رجل كان طوافا قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ; وأخبرنا عن الروح ما هي ؟ قال فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أخبركم بما سألتم عنه غدا ولم يستثن فانصرفوا عنه .
فمكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم فيما يذكرون - خمس عشرة ليلة لا يحدث الله إليه في ذلك وحيا ، ولا يأتيه جبريل حتى أرجف أهل مكة ، وقالوا : وعدنا محمد غدا ، واليوم خمس عشرة ليلة قد أصبحنا منها لا يخبرنا بشيء مما سألناه عنه وحتى أحزن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكث الوحي عنه وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة : ثم جاءه جبريل من الله - عز وجل - بسورة أصحاب الكهف ، فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الله الفتية والرجل الطواف والروح .
[ ما أنزل الله في قريش حين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فغاب عنه الوحي مدة ]
قال ابن إسحاق : فذكر لي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لجبريل حين جاءه لقد احتبست عني يا جبريل حتى سؤت ظنا فقال له جبريل وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا
فافتتح السورة - تبارك وتعالى - بحمده وذكر نبوة رسوله لما أنكروه عليه من ذلك فقال الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب يعني محمدا - صلى الله عليه وسلم - إنك رسول مني : أي تحقيق " لما سألوه عنه من نبوتك . ولم يجعل له عوجا قيما أي معتدلا ، لا اختلاف فيه . لينذر بأسا شديدا من لدنه أي عاجل عقوبته في الدنيا . وعذابا أليما في الآخرة أي من عند ربك الذي بعث رسولا .
ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا أي دار الخلد . لا يموتون فيها الذين صدقوك بما جئت به مما كذبك به غيرهم وعملوا بما أمرتهم به من الأعمال .
وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا يعني قريشا في قولهم إنا نعبد الملائكة وهي بنات الله . ما لهم به من علم ولا لآبائهم الذين أعظموا فراقهم وعيب دينهم . كبرت كلمة تخرج من أفواههم أي لقولهم إن الملائكة بنات الله . إن يقولون إلا كذبا فلعلك باخع نفسك يا محمد على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا : أي لحزنه عليهم حين فاته ما كان يرجو منهم أي لا تفعل .
قال ابن هشام : باخع نفسك ، أي مهلك نفسك ، فيما حدثني أبو عبيدة .
وجمعه باخعون وبخعة . وهذا البيت في قصيدة له . وتقول العرب : قد بخعت له نصحي ونفسي ، أي جهدت له . إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا
قال ابن إسحاق : أي أيهم أتبع لأمري ، وأعمل بطاعتي . وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا أي الأرض وإن ما عليها لفان وزائل وإن المرجع إلي فأجزي كلا بعمله فلا تأس ولا يحزنك ما تسمع وترى فيها .
قال ابن هشام : الصعيد : الأرض وجمعه صعد . قال ذو الرمة يصف ظبيا صغيرا :
كأنه بالضحى ترمي الصعيد به دبابة في عظام الرأس خرطوم
وهذا البيت في قصيدة له .
والصعيد ( أيضا ) : الطريق . وقد جاء في الحديث إياكم والقعود على الصعدات يريد الطرق . والجرز الأرض التي لا تنبت شيئا ، وجمعها : أجراز . ويقال سنة جرز وسنون أجراز وهي التي لا يكون فيها مطر وتكون فيها جدوبة ويبس وشدة . قال ذو الرمة يصف إبلا : طوى النحر والأجراز ما في بطونها فما بقيت إلا الضلوع الجراشع وهذا البيت في قصيدة له .
[ ما أنزله الله تعالى في قصة أصحاب الكهف ]
قال ابن إسحاق : ثم استقبل قصة الخبر فيما سألوه عنه من شأن الفتية فقال أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا أي قد . كان من آياتي فيما وضعت على العباد من حججي ما هو أعجب من ذلك .
قال ابن هشام : والرقيم : الكتاب الذي رقم فيه بخبرهم وجمعه رقم . قال العجاج
ومستقر المصحف المرقم
وهذا البيت في أرجوزة له .
قال ابن إسحاق : ثم قال تعالى : إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا ثم قال تعالى : نحن نقص عليك نبأهم بالحق أي بصدق الخبر عنهم إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا أي لم يشركوا بي كما أشركتم بي ما ليس لكم به علم .
هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين
قال ابن إسحاق : أي بحجة بالغة . فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه
ذلك من آيات الله أي في الحجة على من عرف ذلك من أمورهم من أهل الكتاب ممن أمر هؤلاء بمسألتك عنهم في صدق نبوتك بتحقيق الخبر عنهم . من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد
قال ابن هشام : الوصيد الباب .
قال العبسي ، واسمه عبيد بن وهب
بأرض فلاة لا يسد وصيدها علي ومعروفي بها غير منكر
وهذا البيت في أبيات له .
والوصيد ( أيضا ) : الفناء وجمعه وصائد ووصد ووصدان وأصد وأصدان لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا إلى قوله قال الذين غلبوا على أمرهم أهل السلطان والملك منهم لنتخذن عليهم مسجدا سيقولون يعني أحبار يهود الذين أمروهم بالمسألة عنهم ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب أي لا علم لهم . ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا أي لا تكابرهم ولا تستفت فيهم منهم أحدا فإنهم لا علم لهم بهم ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا أي ولا تقولن لشيء سألوك عنه كما قلت في هذا : إني مخبركم غدا . واستثن شيئة الله واذكر ربك إذا نسيت ، وقل عسى أن يهدين ربي لخير مما سألتموني عنه رشدا ، فإنك لا تدري ما أنا صانع في ذلك .
ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا أي سيقولون ذلك . قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا أي لم يخف عليه شيء مما سألوك عنه .
  #36  
قديم 09-08-2005, 03:27 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

[ ما أنزل الله تعالى في خبر الرجل الطواف ]
وقال فيما سألوه عنه من أمر الرجل الطواف : ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا فأتبع سببا حتى انتهى إلى آخر قصة خبره .
وكان من خبر ذي القرنين أنه أوتي ما لم يؤت أحد غيره فمدت له الأسباب حتى انتهى من البلاد إلى مشارق الأرض ومغاربها ، لا يطأ أرضا إلا سلط على أهلها ، حتى انتهى من المشرق والمغرب إلى ما ليس وراءه شيء من الخلق .
قال ابن إسحاق : فحدثني من يسوق الأحاديث عن الأعاجم فيما توارثوا من علمه أن ذا القرنين كان رجلا من أهل مصر . اسمه مرزبان بن مرذبة اليوناني ، من ولد يونان بن يافث بن نوح .
قال ابن هشام : واسمه الإسكندر وهو الذي بنى الإسكندرية فنسبت إليه . قال ابن إسحاق : وقد حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان الكلاعي وكان رجلا قد أدرك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن ذي القرنين فقال ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب
وقال خالد سمع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رجلا يقول يا ذا القرنين فقال عمر اللهم غفرا ، أما رضيتم أن تسموا بالأنبياء حتى تسميتم بالملائكة .
قال ابن إسحاق : الله أعلم أي ذلك كان أقال ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم لا ؟ ( فإن كان قاله ) ، فالحق ما قال .
[ ما أنزل الله تعالى في أمر الروح ]
وقال تعالى فيما سألوه عنه من أمر الروح ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا .
[ سؤال يهود المدينة للرسول - صلى الله عليه وسلم - عن المراد من قوله تعالى
وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ]
قال ابن إسحاق : وحدثت عن ابن عباس ، أنه قال لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، قالت أحبار يهود يا محمد أرأيت قولك : وما أوتيتم من العلم إلا قليلا إيانا تريد أم قومك ؟ قال كلا ; قالوا : فإنك تتلو فيما جاءك : أنا قد أوتينا التوراة فيها بيان كل شيء .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنها في علم الله قليل وعندكم في ذلك ما يكفيكم لو أقمتموه قال فأنزل الله تعالى عليه فيما سألوه عنه من ذلك ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم أي أن التوراة في هذا من علم الله قليل .
[ ما أنزل الله تعالى بشأن طلبهم تسيير الجبال ]
قال وأنزل الله تعالى عليه فيما سأله قومه لأنفسهم من تسيير الجبال وتقطيع الأرض وبعث من مضى من آبائهم من الموتى : ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا أي لا أصنع من ذلك إلا ما شئت .
[ ما أنزله الله تعالى ردا على قولهم للرسول صلى الله عليه وسلم خذ لنفسك ]
وأنزل عليه في قولهم خذ لنفسك ، ما سألوه أن يأخذ لنفسه أن يجعل له جنانا وقصورا وكنوزا ، ويبعث معه ملكا يصدقه بما يقول ، ويرد عنه وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك أي من أن تمشي في الأسواق وتلتمس المعاش جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا .
وأنزل عليه في ذلك من قولهم وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا أي جعلت بعضكم لبعض بلاء لتصبروا ، ولو شئت أن أجعل الدنيا مع رسلي فلا يخالفوا لفعلت .
[ ما أنزله تعالى ردا على قول ابن أبي أمية ]
وأنزل الله عليه فيما قال عبد الله بن أبي أمية : وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا
قال ابن هشام : الينبوع ما نبع من الماء من الأرض وغيرها ، وجمعه ينابيع . قال ابن هرمة واسمه إبراهيم بن علي الفهري .
وإذا هرقت بكل دار عبرة نزف الشئون ودمعك الينبوع
وهذا البيت في قصيدة له .
والكسف القطع من العذاب وواحدته كسفة مثل سدرة وسدر . وهي أيضا : واحدة الكسف . والقبيل يكون مقابلة ومعاينة وهو كقوله تعالى : أو يأتيهم العذاب قبلا أي عيانا
وأنشدني أبو عبيدة لأعشى بني قيس بن ثعلبة
أصالحكم حتى تبوءوا بمثلها كصرخة حبلى يسرتها قبيلها
يعني القابلة لأنها تقابلها وتقبل ولدها . وهذا البيت في قصيدة له .
ويقال القبيل جمعه قبل وهي الجماعات وفي كتاب الله تعالى : وحشرنا عليهم كل شيء قبلا فقبل جمع قبيل مثل سبل جمع سبيل وسرر جمع سرير وقمص جمع قميص .
والقبيل ( أيضا ) : في مثل من الأمثال وهو قولهم ما يعرف قبيلا من دبير أي لا يعرف ما أقبل مما أدبر قال الكميت بن زيد
تفرقت الأمور بوجهتيهم فما عرفوا الدبير من القبيل
وهذا البيت في قصيدة له
ويقال إنما أريد بهذا ( القبيل ) : الفتل فما فتل إلى الذراع فهو القبيل وما فتل إلى أطراف الأصابع فهو الدبير وهو من الإقبال والإدبار الذي ذكرت .
ويقال فتل المغزل . فإذا فتل ( المغزل ) إلى الركبة فهو القبيل وإذا فتل إلى الورك فهو الدبير . والقبيل ( أيضا ) : قوم الرجل . والزخرف الذهب . والمزخرف المزين بالذهب . قال العجاج
من طلل أمسى تخال المصحفا رسومه والمذهب المزخرفا
وهذان البيتان في أرجوزة له ويقال أيضا لكل مزين . مزخرف
[ ما أنزله الله تعالى ردا على قولهم إنما يعلمك رجل باليمامة ]
قال ابن إسحاق : وأنزل عليه في قولهم إنا قد بلغنا أنك إنما يعلمك رجل باليمامة يقال له الرحمن ولن نؤمن به أبدا : كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب

[ ما أنزله تعالى في أبي جهل وما هم به ]
وأنزل عليه فيما قال أبو جهل بن هشام وما هم به أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت إن كذب وتولى ألم يعلم بأن الله يرى كلا لئن لم ينته لنسفعن بالناصية ناصية كاذبة خاطئة فليدع ناديه سندع الزبانية كلا لا تطعه واسجد واقترب
قال ابن هشام : لنسفعا : لنجذبن ولنأخذن . قال الشاعر
قوم إذا سمعوا الصراخ رأيتهم من بين ملجم مهره أو سافع
والنادي : المجلس الذي يجتمع فيه القوم ويقضون فيه أمورهم.
وفي كتاب الله تعالى : وتأتون في ناديكم المنكر وهو الندي
( قال عبيد بن الأبرص ):
اذهب إليك فإني من بني أسد أهل الندي وأهل الجود والنادي
وفي كتاب الله تعالى : وأحسن نديا وجمعه أندية . فليدع أهل ناديه كما قال تعالى : واسأل القرية يريد أهل القرية .
قال سلامة بن جندل أحد بني سعد بن زيد مناة بن تميم :
يومان يوم مقامات وأندية ويوم سير إلى الأعداء تأويب
وهذا البيت في قصيدة له . وقال الكميت بن زيد
لا مهاذير في الندي مكاني ر ولا مصمتين بالإفحام
وهذا البيت في قصيدة له .
ويقال النادي : الجلساء . والزبانية الغلاظ الشداد وهم في هذا الموضع خزنة النار . والزبانية ( أيضا ) في الدنيا : أعوان الرجل الذين يخدمونه ويعينونه والواحد زبنية .
قال ابن الزبعرى في ذلك
مطاعيم في المقرى مطاعين في الوغى زبانية غلب عظام حلومها
يقول : شداد . وهذا البيت في أبيات له . وقال صخر بن عبد الله الهذلي وهو صخر الغي
ومن كبير نفر زبانيه
وهذا البيت في أبيات له
  #37  
قديم 30-08-2005, 05:56 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

[ ما أنزله تعالى فيما عرضوه عليه عليه الصلاة والسلام من أموالهم ]
قال ابن إسحاق : وأنزل الله تعالى عليه فيما عرضوا ( عليه ) من أموالهم قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد
[استكبار قريش عن أن يؤمنوا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ]
فلما جاءهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما عرفوا من الحق وعرفوا صدقه فيما حدث وموقع نبوته فيما جاءهم به من علم الغيوب حين سألوه عما سألوا عنه حال الحسد منهم له بينهم وبين اتباعه وتصديقه فعتوا على الله وتركوا أمره عيانا ، ولجوا فيما هم عليه من الكفر .
فقال قائلهم لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون أي اجعلوه لغوا وباطلا ، واتخذوه هزوا لعلكم تغلبونه بذلك فإنكم إن ناظرتموه أو خاصمتموه يوما غلبكم .
[ تهكم أبي جهل بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وتنفير الناس عنه ]
فقال أبو جهل يوما وهو يهزأ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به من الحق يا معشر قريش يزعم محمد أنما جنود الله الذين يعذبونكم في النار ويحبسونكم فيها تسعة عشر وأنتم أكثر الناس عددا ، وكثرة أفيعجز كل مئة رجل منكم عن رجل منهم ؟ فأنزل الله تعالى عليه في ذلك من قوله : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا إلى آخر القصة
فلما قال ذلك بعضهم لبعض جعلوا إذا جهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن وهو يصلي ، يتفرقون عنه ويأبون أن يستمعوا له فكان الرجل منهم إذا أراد أن يستمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض ما يتلو من القرآن وهو يصلي ، استرق السمع دونهم فرقا منهم فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع منه ذهب خشية أذاهم فلم يستمع وإن خفض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوته فظن الذي يستمع أنهم لا يستمعون شيئا من قراءته وسمع هو شيئا دونهم أصاخ له يستمع منه .
[ سبب نزول آية ولا تجهر إلخ ]
قال ابن إسحاق : حدثني داود بن الحصين مولى عمرو بن عثمان ، أن عكرمة مولى ابن عباس حدثهم أن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - حدثهم إنما أنزلت هذه الآية ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا وابتغ من أجل أولئك النفر . يقول لا تجهر بصلاتك فيتفرقوا عنك ، ولا تخافت بها فلا يسمعها من يحب أن يسمعها ممن يسترق ذلك دونهم لعله يرعوي إلى بعض ما يسمع فينتفع به .
أول من جهر بالقرآن
[عبد الله بن مسعود وما ناله من قريش في سبيل جهره بالقرآن ]
قال ابن إسحاق : وحدثني يحيى بن عروة بن الزبير ، عن أبيه قال كان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال اجتمع يوما أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط ، فمن رجل يسمعهموه فقال عبد الله بن مسعود : أنا ; قالوا : إنا نخشاهم عليك ، إنما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه قال دعوني فإن الله سيمنعني .
قال فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى ، وقريش في أنديتها ، حتى قام عند المقام ثم قرأ " بسم الله الرحمن الرحيم " رافعا بها صوته الرحمن علم القرآن قال ثم استقبلها يقرؤها . قال فتأملوه فجعلوا يقولون ماذا قال ابن أم عبد ؟ قال ثم قالوا : إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد فقاموا إليه فجعلوا يضربون في وجهه وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ . ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا في وجهه فقالوا له هذا الذي خشينا عليك ; فقال ما كان أعداء الله أهون علي منهم الآن ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غدا ; قالوا : لا ، حسبك ، قد أسمعتهم ما يكرهون .
قصة استماع قريش إلى قراءة النبي صلى الله عليه وسلم
[ أبو سفيان وأبو جهل والأخنس وحديث استماعهم للرسول صلى الله عليه وسلم ]
قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري أنه حدث أن أبا سفيان بن حرب ، وأبا جهل بن هشام ، والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي ، حليف بني زهرة خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي من الليل في بيته فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه وكل لا يعلم بمكان صاحبه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا .
فجمعهم الطريق فتلاوموا ، وقال بعضهم لبعض لا تعودوا ، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئا ، ثم انصرفوا . حتى إذا كانت الليلة الثانية عاد كل رجل منهم إلى مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة ثم انصرفوا . حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض لا نبرح حتى نتعاهد ألا نعود فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا .
  #38  
قديم 30-08-2005, 05:57 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

[ ذهاب الأخنس إلى أبي سفيان يسأله عن معنى ما سمع ]
فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ثم خرج حتى أتى أبا سفيان في بيته فقال أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد ؟ فقال يا أبا ثعلبة والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها ، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ، ولا ما يراد بها ; قال الأخنس وأنا الذي حلفت به ( كذلك ) .
[ ذهاب الأخنس إلى أبي جهل يسأله عن معنى ما سمع ]
قال ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فدخل عليه بيته فقال . يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد ؟ فقال ماذا سمعت تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا ، وحملوا فحملنا ، وأعطوا فأعطينا ، حتى إذا تجاذينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك مثل هذه والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه . قال فقام عنه الأخنس وتركه .
[ تعنت قريش في عدم استماعهم للرسول صلى الله عليه وسلم وما أنزله تعالى ]
قال ابن إسحاق : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا عليهم القرآن ودعاهم إلى الله قالوا يهزءون به قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه لا نفقه ما تقول وفي آذاننا وقر لا نسمع ما تقول ومن بيننا وبينك حجاب قد حال بيننا وبينك ( فاعمل ) بما أنت عليه إننا عاملون بما نحن عليه إنا لا نفقه عنك شيئا ، فأنزل الله تعالى ( عليه ) في ذلك من قولهم وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا إلى قوله وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا أي كيف فهموا توحيدك ربك إن كنت جعلت على قلوبهم أكنة وفي آذانهم وقرا ، وبينك وبينهم حجابا بزعمهم أي إني لم أفعل ذلك .
نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا أي ذلك ما تواصوا به من ترك ما بعثتك به إليهم . انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا أي أخطئوا المثل الذي ضربوا ( لك ) ، فلا يصيبون به هدى ، ولا يعتدل لهم فيه قول وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا أي قد جئت تخبرنا أنا سنبعث بعد موتنا إذا كنا عظاما ورفاتا ، وذلك ما لا يكون .
قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة أي الذي خلقكم مما تعرفون فليس خلقكم من تراب بأعز من ذلك عليه .
قال ابن إسحاق : حدثني عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال سألته عن قول الله تعالى : أو خلقا مما يكبر في صدوركم ما الذي أراد الله به ؟ فقال الموت .
ذكر عدوان المشركين على المستضعفين ممن أسلم بالأذى والفتنة
[ قسوة قريش على من أسلم ]
قال ابن إسحاق . ثم إنهم عدوا على من أسلم ، واتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين فجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش وبرمضاء مكة إذا اشتد الحر ، من استضعفوا منهم يفتنونهم عن دينهم فمنهم من يفتن من شدة البلاء الذي يصيبه ومنهم من يصلب لهم ويعصمه الله منهم .
[ ما كان يلقاه بلال بعد إسلامه وما فعله أبو بكر في تخليصه ]
وكان بلال مولى أبي بكر رضي الله عنهما ، لبعض بني جمح مولدا من مولديهم وهو بلال بن رباح ، وكان اسم أمه حمامة وكان صادق الإسلام طاهر القلب وكان أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة ، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ثم يقول له ( لا والله ) لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى ، فيقول وهو في ذلك البلاء أحد أحد .
قال ابن إسحاق : وحدثني هشام بن عروة عن أبيه قال كان ورقة بن نوفل يمر به وهو يعذب بذلك وهو يقول : أحد أحد ; فيقول أحد أحد والله يا بلال ثم يقبل على أمية بن خلف ، ومن يصنع ذلك به من بني جمح فيقول أحلف بالله لئن قتلتموه على هذا لأتخذنه حنانا ، حتى مر به أبو بكر الصديق ( ابن أبي قحافة ) رضي الله عنه يوما ، وهم يصنعون ذلك به وكانت دار أبي بكر في بني جمح فقال لأمية بن خلف ألا تتقي الله في هذا المسكين ؟ حتى متى ؟ قال أنت الذي أفسدته فأنقذه مما ترى ; فقال أبو بكر . أفعل عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى ، على دينك ، أعطيكه به قال قد قبلت فقال هو لك . فأعطاه أبو بكر الصديق رضي الله عنه غلامه ذلك وأخذه فأعتقه
[ من أعتقهم أبو بكر مع بلال ]
ثم أعتق معه على الإسلام قبل أن يهاجر إلى المدينة ست رقاب بلال سابعهم عامر بن فهيرة ، شهد بدرا وأحدا ، وقتل يوم بئر معونة شهيدا ; وأم عبيس وزنيرة ، وأصيب بصرها حين أعتقها ، فقالت قريش : ما أذهب بصرها إلا اللات والعزى ; فقالت كذبوا وبيت الله ما تضر اللات والعزى وما تنفعان فرد الله بصرها .
وأعتق النهدية وبنتها ، وكانتا لامرأة من بني عبد الدار فمر بهما وقد بعثتهما سيدتهما بطحين لها ، وهي تقول والله لا أعتقكما أبدا ، فقال أبو بكر رضي الله عنه حل يا أم فلان فقالت حل أنت أفسدتهما فأعتقهما ، قال فبكم هما ؟ قالت بكذا وكذا ، قال قد أخذتهما وهما حرتان أرجعا إليها طحينها ، قالتا : أونفرغ منه يا أبا بكر ثم نرده إليها ؟ قال وذلك إن شئتما . ومر بجارية بني مؤمل حي من بني عدي بن كعب ، وكانت مسلمة وعمر بن الخطاب يعذبها لتترك الإسلام وهو يومئذ مشرك وهو يضربها ، حتى إذا مل قال إني أعتذر إليك ، إني لم أترك إلا ملالة فتقول كذلك فعل الله بك . فابتاعها أبو بكر ، فأعتقها .
  #39  
قديم 30-08-2005, 05:58 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

[ لام أبو قحافة ابنه لعتقه من أعتق فرد عليه ]
قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن عبد الله بن أبي عتيق عن عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن بعض أهله قال
قال أبو قحافة لأبي بكر : يا بني إني أراك تعتق رقابا ضعافا ، فلو أنك إذ فعلت ما فعلت أعتقت رجالا جلدا يمنعونك ويقومون دونك ؟ قال فقال أبو بكر رضي الله عنه يا أبت إني إنما أريد ما أريد لله ( عز وجل ) قال فيتحدث أنه ما نزل هؤلاء الآيات إلا فيه وفيما قال له أبوه فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى إلى قوله تعالى : وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى
[ تعذيب قريش لابن ياسر وتصبير رسول الله صلى الله عليه وسلم له ]
قال ابن إسحاق : وكانت بنو مخزوم يخرجون بعمار بن ياسر وبأبيه وأمه وكانوا أهل بيت إسلام إذا حميت الظهيرة يعذبونهم برمضاء مكة ، فيمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول ، فيما بلغني : صبرا آل ياسر موعدكم الجنة فأما أمه فقتلوها ، وهي تأبى إلا الإسلام .
[ ما كان يعذب به أبو جهل من أسلم ]
وكان أبو جهل الفاسق الذي يغري بهم في رجال من قريش ، إذا سمع بالرجل قد أسلم ، له شرف ومنعة أنبه وأخزاه وقال تركت دين أبيك وهو خير منك ، لنسفهن حلمك ، ولنفيلن رأيك ، ولنضعن شرفك ; وإن كان تاجرا قال والله لنكسدن تجارتك ولنهلكن مالك ; وإن كان ضعيفا ضربه وأغرى به .
[ سئل ابن عباس عن عذر من امتنع عن الإسلام لسبب تعذيبه فأجاز ]
قال ابن إسحاق : وحدثني حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير ، قال قلت لعبد الله بن عباس أكان المشركون يبلغون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من العذاب ما يعذرون به في ترك دينهم ؟ قال نعم والله إن كانوا ليضربون أحدهم ويجيعونه ويعطشونه حتى ما يقدر أن يستوي جالسا من شدة الضر الذي نزل به حتى يعطيهم ما سألوه من الفتنة حتى يقولوا له آللات والعزى إلهك من دون الله ؟ فيقول : نعم حتى إن الجعل ليمر بهم فيقولون له أهذا الجعل إلهك من دون الله ؟ فيقول نعم افتداء منهم مما يبلغون من جهده .
[ رفض هشام تسليم أخيه لقريش ليقتلوه على إسلامه وشعره في ذلك ]
قال ابن إسحاق : وحدثني الزبير بن عكاشة بن عبد الله بن أبي أحمد أنه حدث أن رجالا من بني مخزوم مشوا إلى هشام بن الوليد حين أسلم أخوه الوليد بن الوليد ( بن المغيرة ) ، وكانوا قد أجمعوا على أن يأخذوا فتية منهم كانوا قد أسلموا ، منهم سلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة . قال فقالوا له . وخشوا شرهم إنا قد أردنا أن نعاتب هؤلاء الفتية على هذا الدين الذي أحدثوا ، فإنا نأمن بذلك في غيرهم . قال هذا ، فعليكم به فعاتبوه وإياكم ونفسه وأنشأ يقول :
ألا لا يقتلن أخي عييس فيبقى بيننا أبدا تلاحي
احذروا على نفسه فأقسم الله لئن قتلتموه لأقتلن أشرفكم رجلا . قال فقالوا : اللهم العنه من يغرر بهذا الحديث فوالله لو أصيب في أيدينا لقتل أشرفنا رجلا . ( قال ) ، فتركوه ونزعوا عنه . قال وكان ذلك مما دفع الله به عنهم .
ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة
[ إشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه بالهجرة ]
قال ابن إسحاق : فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابه من البلاء وما هو فيه من العافية بمكانه من الله ومن عمه أبي طالب وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء قال لهم لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد ، وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه . فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة ، مخافة الفتنة وفرارا إلى الله بدينهم فكانت أول هجرة كانت في الإسلام .
إرسال قريش إلى الحبشة في طلب المهاجرين إليها
قال ابن إسحاق : فلما رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمنوا واطمأنوا بأرض الحبشة ، وأنهم قد أصابوا بها دارا وقرارا ، ائتمروا بينهم أن يبعثوا فيهم منهم رجلين من قريش جلدين إلى النجاشي ، فيردهم عليهم ليفتنوهم في دينهم ويخرجوهم من دارهم التي اطمأنوا بها وأمنوا فيها ; فبعثوا عبد الله بن أبي ربيعة ، وعمرو بن العاص بن وائل وجمعوا لهما هدايا للنجاشي ولبطارقته ثم بعثوهما إليه فيهم .
[ حديث أم سلمة عن رسولي قريش مع النجاشي ]
قال ابن إسحاق : حدثني محمد بن مسلم الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي عن أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لما نزلنا أرض الحبشة ، جاورنا بها خير جار النجاشي ، أمنا على ديننا ، وعبدنا الله تعالى لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه فلما بلغ ذلك قريشا ، ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين منهم جلدين وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة ، وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم فجمعوا له أدما كثيرا ، ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة ، وعمرو بن العاص ، وأمروهما بأمرهم وقالوا لهما : ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي فيهم ثم قدما إلى النجاشي هداياه ثم سلاه أن يسلمهم إليكما قبل أن يكلمهم .
قالت فخرجا حتى قدما على النجاشي ، ونحن عنده بخير دار عند خير جار فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي ، وقالا لكل بطريق منهم إنه قد ضوى إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم إليهم فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم فإن قومهم أعلى بهم عينا ، وأعلم بما عابوا عليهم فقالوا لهما : نعم . ثم إنهما قدما هداياهما إلى النجاشي فقبلها منهما ، ثم كلماه فقالا له أيها الملك إنه قد ضوى إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك ، وجاءوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت ، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم فهم أعلى بهم عينا ، وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه .
قالت ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع كلامهم النجاشي . قالت فقالت بطارقته حوله صدقا أيها الملك قومهم أعلى بهم عينا ، وأعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم .
قالت فغضب النجاشي ، ثم قال لاها الله إذن لا أسلمهم إليهما ، ولا يكاد قوم جاوروني ، ونزلوا بلادي ، واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما ، ورددتهم إلى قومهم وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما ، وأحسنت جوارهم ما جاوروني .
[ إحضار النجاشي المهاجرين وسؤاله لهم عن دينهم وجوابهم عن ذلك ]
قالت ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ، ثم قال بعضهم لبعض ما تقولون للرجل إذا جئتموه قالوا : نقول : والله ما علمنا ، وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم كائنا في ذلك ما هو كائن .
فلما جاءوا ، وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله سألهم فقال لهم ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا ( به ) في ديني ، ولا في دين أحد من هذه الملل ؟ قالت فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب ( رضوان الله عليه ) ، فقال له أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام - قالت فعدد عليه أمور الإسلام - فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا ، وحرمنا ما حرم علينا ، وأحللنا ما أحل لنا ، فعدا علينا قومنا ، فعذبونا ، وفتنونا عن ديننا ، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى ، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا ، وحالوا بيننا وبين ديننا ، خرجنا إلى بلادك ، واخترناك على من سواك ; ورغبنا في جوارك ، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك .
قالت فقال له النجاشي : هل معك مما جاء به عن الله من شيء ؟ قالت فقال له جعفر نعم فقال له النجاشي : فاقرأه علي قالت فقرأ عليه صدرا من كهيعص قالت فبكى والله النجاشي حتى اخضلت لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم .
ثم قال ( لهم ) النجاشي : إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة انطلقا ، فلا والله لا أسلمهم إليكما ، ولا يكادون .
  #40  
قديم 30-08-2005, 05:59 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

[ مقالة المهاجرين في عيسى عليه السلام عند النجاشي ]
قالت فلما خرجا من عنده قال عمرو بن العاص : والله لآتينه غدا عنهم بما أستأصل به خضراءهم . قالت فقال له عبد الله بن أبي ربيعة ، وكان أتقى الرجلين فينا : لا نفعل فإن لهم أرحاما ، وإن كانوا قد خالفونا ; قال والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى ابن مريم عبد . قالت ثم غدا عليه ( من ) الغد فقال ( له ) : أيها الملك إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولا عظيما ، فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه . قالت فأرسل إليهم ليسألهم عنه .
قالت ولم ينزل بنا مثلها قط . فاجتمع القوم ثم قال بعضهم لبعض ماذا تقولون في عيسى ابن مريم إذا سألكم عنه ؟ قالوا : نقول والله ما قال الله وما جاءنا به نبينا ، كائنا في ذلك ما هو كائن . قالت فلما دخلوا عليه قال لهم ماذا تقولون في عيسى ابن مريم ؟ قالت فقال جعفر بن أبي طالب : نقول فيه الذي جاءنا به نبينا صلى الله عليه وسلم ( يقول ) : هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول .
قالت فضرب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عودا ، ثم قال والله ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود قالت فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال فقال وإن نخرتم والله اذهبوا فأنتم شيوم بأرضي - والشيوم الآمنون - من سبكم غرم ثم قال من سبكم غرم ثم قال من سبكم غرم . ما أحب أن لي دبرا من ذهب وأني آذيت رجلا منكم -
قال ابن هشام : ويقال دبرا من ذهب ويقال فأنتم سيوم والدبر ( بلسان الحبشة ) : الجبل - ردوا عليهما هداياهما ، فلا حاجة لي بها ، فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي ، فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه . قالت فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار .
[ فرح المهاجرين بنصرة النجاشي على عدوه ]
قالت فوالله إنا لعلى ذلك إذ نزل به رجل من الحبشة ينازعه في ملكه . قالت فوالله ما علمتنا حزنا حزنا قط كان أشد ( علينا ) من حزن حزناه عند ذلك تخوفا أن يظهر ذلك الرجل على النجاشي ، فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه .
قالت وسار إليه النجاشي ، وبينهما عرض النيل ، قالت فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من رجل يخرج حتى يحضر وقيعة القوم ثم يأتينا بالخبر ؟ قالت فقال الزبير بن العوام : أنا . قالوا : فأنت . وكان من أحدث القوم سنا . قالت فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم ثم انطلق حتى حضرهم .
قالت فدعونا الله تعالى للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده . قالت فوالله إنا لعلى ذلك متوقعون لما هو كائن إذ طلع الزبير وهو يسعى ، فلمع بثوبه وهو يقول ألا أبشروا ، فقد ظفر النجاشي ، وأهلك الله عدوه ومكن له في بلاده . قالت فوالله ما علمتنا فرحنا فرحة قط مثلها .
قالت ورجع النجاشي ، وقد أهلك الله عدوه ومكن له في بلاده واستوسق عليه أمر الحبشة ، فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة .
[ قتل أبي النجاشي وتولية عمه ]
قال ابن إسحاق : قال الزهري : فحدثت عروة بن الزبير حديث أبي بكر بن عبد الرحمن عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقال هل تدري ما قوله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي ، فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس في فأطيع الناس فيه ؟ قال قلت : لا ; قال فإن عائشة أم المؤمنين حدثتني أن أباه كان ملك قومه ولم يكن له ولد إلا النجاشي ،
وكان للنجاشي عم ، له من صلبه اثنا عشر رجلا ، وكانوا أهل بيت مملكة الحبشة ، فقالت الحبشة س بينها : لو أنا قتلنا أبا النجاشي وملكنا أخاه فإنه لا ولد له غير هذا الغلام وإن لأخيه من صلبه اثني عشر رجلا ، فتوارثوا ملكه من بعده بقيت الحبشة بعده دهرا ; فغدوا على أبي النجاشي فقتلوه وملكوا أخاه فمكثوا على ذلك حينا .
[ غلبة النجاشي عمه على أمره وسعي الأحباش لإبعاده ]
ونشأ النجاشي مع عمه وكان لبيبا حازما من الرجال فغلب على أمر عمه ونزل منه بكل منزلة فلما رأت الحبشة مكانه ( منه ) قالت بينها : والله لقد غلب هذا الفتى على أمر عمه وإنا لنتخوف أن يملكه علينا ، وإن ملكه علينا ليقتلنا أجمعين لقد عرف أنا نحن قتلنا أباه . فمشوا إلى عمه فقالوا : إما أن تقتل هذا الفتى ، وإما أن تخرجه من بين أظهرنا ، فإنا قد خفناه على أنفسنا ، قال ويلكم قتلت أباه بالأمس وأقتله اليوم بل أخرجه من بلادكم .
قالت فخرجوا به إلى السوق فباعوه من رجل من التجار بست مئة درهم فقذفه في سفينة فانطلق به حتى إذا كان العشي من ذلك اليوم هاجت سحابة من سحائب الخريف فخرج عمه يستمطر تحتها ، فأصابته صاعقة فقتلته . قالت ففزعت الحبشة إلى ولده فإذا هو محمق ليس في ولده خير فمرج على الحبشة أمرهم .
[ توليه الملك برضا الحبشة ]
فلما ضاق عليهم ما هم فيه من ذلك قال بعضهم لبعض تعلموا والله أن ملككم الذي لا يقيم أمركم غيره للذي بعتم غدوة فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه ( الآن ) . قالت فخرجوا في طلبه وطلب الرجل الذي باعوه منه حتى أدركوه فأخذوه منه ثم جاءوا به فعقدوا عليه التاج وأقعدوه على سرير الملك فملكوه .
[ حديث التاجر الذي ابتاع النجاشي ]
فجاءهم التاجر الذي كانوا باعوه منه فقال إما أن تعطوني مالي ، وإما أن أكلمه في ذلك ؟ قالوا : لا نعطيك شيئا ، قال إذن والله أكلمه قالوا : فدونك وإياه . قالت فجاءه فجلس بين يديه فقال أيها الملك ابتعت غلاما من قوم بالسوق بست مئة درهم فأسلموا إلي غلامي وأخذوا دراهمي ، حتى إذا سرت بغلامي أدركوني ، فأخذوا غلامي ، ومنعوني دراهمي . قالت فقال لهم النجاشي : لتعطنه دراهمه أو ليضعن غلامه يده في يده فليذهبن به حيث شاء قالوا : بل نعطيه دراهمه .
قالت فلذلك يقول ما أخذ الله مني رشوة حين رد علي ملكي ، فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس في فأطيع الناس فيه . قالت وكان ذلك أول ما خبر من صلابته في دينه وعد له في حكمه .
قال ابن إسحاق : وحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير ، عن عائشة قالت لما مات النجاشي ، كان يتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م