سيدي حرازم يطرونس ..
أدام الله لنا بركاته ، وإشراقاته ..
قد يكون مشهد الخنزير ، وهو يلتهم العشب ، بسكينة وسـلام ، غير مكترث بخطر الموت ، الذي يحدق بـه .. مثــالاً ، لما ينبغي أن يكون عليه سلوك الإنسان ، في فلسفة أبيقور ..
الذي يسعى لتحقيق أكبر قدر من اللذة والطمأنينة والسعادة ، مبتعـداً عن الألم والغم والحزن والخوف من الموت ..
ومن هنا .. جاءت عبارة ( خنزير أبيقـور ) .. التي تجسـّد فلسفته الأخلاقيـة ..
أما ربـط هذا المشهد ، بالذي يحدث في البلاد العربية ، التي بدأ الصدأ يصعد لجسدها ، ويأكل عنقها الجميل مثل مرض مزمن ومخيف .. !!
على إعتبار أنّ السفينة هي البلاد ، والركاب هم الشعوب ، والخنازير هم الحكام ، ومرتزقتهم ، من جوقة المطبلين والمنافقين والفارغين والطائفيين ووعاظ السلاطين ... ألخ ..
فأعتقد أنّ مثل هذا التشبيه ، سيُغضب الخنزير المسكين ..
وسيحتج عليه أيضاً ، أبيقور ، ومريديه .. !!
وفي رأيي ، أنّ الأسباب الحقيقية للمشاكل والأمراض التي تُثقل كاهل البلاد العربية ، هي أكبر من قضية خنازير بليدة ، لاتأبه للكوارث والمصائب ، التي حلّت بركاب السفينة ..
وأكبر أيضاً ، من إطلاق شعارات وحماسيات وبكائيات ، تدغدغ المشاعر ، وتستدرُّ الدموع والنقمـة واللعنات .. وهي أبعد ماتكون عن الواقــع ..
أرى أنـّه ، قبل أي حديث ، ياسيدي المكـرّم ، حرازم
لابـدَّ أن ، تكون لنا وقفـة طويلة وقاسية مع الذات ، نكتشف فيها الأسباب الحقيقية للمشاكل والأمراض الكثيرة ، التي تعاني منها بلادنا العربية ..
أن تكون لنا حرباً مقدسـة ، من نوع آخر ، مختلف ..
حرب نعلنها على أنفسنـا .. وليس على الآخـر !!
وهي معركـة ، من أصعب المعارك والمواجهات ، التي خاضتها الشعوب ، وأوجعها أيضا .. !
وهي حرب تاريخية ..
جرّبتها قبلنا الشعوب الحيـة ، فاستحقت الحياة بجدارة وكرامـة ..
وتهرّبت منها شعوب أخرى ، مثلنا ، تتوهم بأنّ ثقافتها وحضارتها وتجاربها ، فوق النقـد ، وأرقى من المراجعـة ..
فاختفت من المشهد الحضاري ..
ولم يتبقَّ منها ، سـوى أشـلاء منثورة ، محفوظة في متحف أو مكتبة .. !!.
تحياتي
مع خالص محبتي
نهر الحكمـة