مسألة الكلام ومخالفة القوم للسلف الصالح

[أبوأحمد الهاشمي]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد :

إن الطائفة الوهابية قلدوا الشيخ ابن تيمية في مسألة الكلام مخالفين بذلك الرعيل الأول سلف هذه الأمة . فقد قالوا إن كلام الله قديم النوع حادث الآحاد تقوم به وهي عبارة من عبارات الشيخ ابن تيمية البدعية لم ينطق بها السلف قط بل قالوا بتضليل قائله كما سيأتي إن شاء الله تعالى بيانه .

قال الشيخ ابن تيمية في الفتاوى 6/322: فيمكن أن يقال في القرآن إنه حادث أو محدث وليس بمخلوق .
وقال في 6/328 من الفتاوى أيضا: وأما الكلام المعين كالقرآن فليس بمخلوق ... وهو حادث في ذاته .
كذا قال !! ونسب ذلك إلى السلف والسلف من قوله براء براءة الذئب من دم يوسف !!

وإليك الأدلة السلفية على بطلان ما ادعاه ابن تيمية ومن سموا أنفسهم بالسلفية :

1- احتج الجهمية على الإمام أحمد رضي الله عنه بقول الله تعالى : (( ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون )) فقال : يحتمل أن يكون تنزيله إلينا هو المحدث لا الذكر نفسه هو المحدث . (البداية والنهاية 10/327)
وهذا دليل سلفي .. فإن قالوا ليس القصد من نفي المحدث نفي أن يكون محدثا في نفسه إنما المقصود به الجهل به قبل حدوثه فالله تعالى لم يزل عالما بالقرآن فليس إذن عنده بمحدث بخلاف البشر فإنهم لا يعلمون به قبل نزوله على رسول صلى الله عليه وآله وسلم . قلنا لهم : هذا المعنى صحيح .. لكن السلف رضي الله عنهم لما ردوا على الجهمية بينوا فوق هذا -كما ها هنا- بأن الذكر نفسه ليس بمحدث فلو قالوا : ليس بمحدث عند الله لجاز ادعاؤك ، لكن قالوا نفس الذكر ليس بمحدث . وأما ابن تيمية فيقول : لا .. بل محدث في ذاته . والمحدث والحادث بمعنى واحد . ونزيدك بأدلة سلفية أخرى .

2- عن وكيع قال : من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أن القرآن محدث ومن زعم أن القرآن محدث فقد كفر . (الأسماء والصفات 1/609 تحقيق عبد الله الحاشدي)
فتأمل تشنيع السلف لمن جعل القرآن محدثا !! ولاحظ أن الحدوث هنا ليس حدوث علم في ذات الله تعالى !!

3- نقل الهروي في الفاروق بسنده إلى حرب الكرماني : سألت إسحق بن إبراهيم الحنظلي يعني ابن راهويه عن قوله تعالى (( ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث )) قال : قديم من رب العزة محدث إلى الأرض (الفتح 13/506)
وهذا دليل سلفي آخر .. فتأمل كيف وصف القرآن بأنه قديم ، ومعلوم أن الحدوث نقيض القدم .

4- أملى أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه اعتقاده واعتقاد رفقائه على أبي بكر بن أبي عثمان ، وعرضه على محمد بن إسحاق الفقيه بن خزيمة فاستصوبه محمد بن إسحاق وارتضاه ، وكان فيما أملى من اعتقادهم : فكلام الله عز وجل غير بائن عن الله ليس هو دونه ولا غيره ولا هو هو ، بل هو صفة من صفات ذاته كعلمه الذي هو صفة من صفات ذاته، لم يزل ربنا عالما ولا يزال عالما ، ولم يزل يتكلم ولا يزال يتكلم ، فهو الموصوف بالصفات العلى ، ولم يزل بجميع صفاته التي هي صفات ذاته واحدا ولا يزال ، وهو اللطيف الخبير . وكان فيما كتب : القرآن كلام الله تعالى وصفة من صفات ذاته، ليس ((( شيء ))) من كلامه خلقا ولا مخلوقا ولا فعلا ولا مفعولا ولا محدثا ولا حدثا ولا أحداثا . (الأسماء والصفات 2/22)
وهذا ليس دليلا فحسب بل رد سلفي صريح على ما ادعاه ابن تيمية ونسبه إليهم من أن نوع الكلام قديم وآحاده وأفراده وأشياؤه حادثة كما في الموافقة والمنهاج .

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين