حوار المتعلمين مع الشيخ ابن عثيمين ( الدرس 2)

[أحمد العبدلله]

هذه دروس الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله،صغتها في قالب حوار بينه وبين طلاب علم،وذلك من أجل تيسير الفقه عليّ وعلى القراء الكرام. ومصدر أقوال الشيخ هو أشرطة سمعية،وكتاب الشرح الممتع،يعلق فيها الشيخ على كتاب زاد المستقنع للمقدسي على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.

ش: رمز للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى.
ط: رمز لطالب العلم.

ملحوظة : لقد وضعت بعض الجمل بين قوسين،وهي من تعبيري وذلك ليكمل النظام،ويستقيم الكلام.


(الدرس الأول)


ط: ما الطهارة في اللغة يا شيخنا ؟
ش: الطهارة في اللغة النظافة.
ط: مثال يا شيخنا غفر الله لك.
ش: طهر الثوب من الأذى والقذر.
ط: وماذا يعني ذلك ؟
ش: يعني تنظف.
ط: وما الطهاة في الشرع ؟
ش:في الشرع تطلق على معنيين،أحدهما أصل والثاني فرع.أما الأصل فهي طهارة القلب من الشرك في عبادة الله،والغل والبغضاء لعباد الله المؤمنيين.هذه طهار القلب،وهي أهم من طهارة البدن.أليس كذلك ؟
ط: بلى.
ش: بل لا يمكن أن تقوم طهارة البدن مع وجود نجس الشرك. قال الله تعالى { إنما المشركون نجس }،وقال النبي صلى الله عليه وسلم. ( إن المؤمن لا ينجس ). وقال ( لا يمس القرآن إلا طاهر ) يعني إلا مؤمن.
ط: هذه يا شيخنا طهارة معنوية،فما الطهارة الحسية ؟
ش: الطهارة الحسية الفقهية التي يتكلم عليها الفقهاء،فعرفها المؤلف بقوله :وهي: ارتفاع الحدث وما في معناه وزوال الخبث.
ط: ما المقصود بارتفاع الحدث ؟
ش: ارتفاع الحدث يعني:زوال الوصف المانع من الصلاة ونحوها مما تشترط لها الطهارة.
ط:لم نفهم المعنى من " زوال الوصف "!
ش:الحدث وصف يقوم به الشخص يمنعه من الصلاة ونحوها مما تشترط لها الطهارة.
ط: لم نفهم بعد المقصود بوصف يقوم به الشخص !
ش: هل الحدث شئ معروف يعني عين تكون على البدن؟. لا(هي) وصف يتصف به الإنسان يمنعه من الصلاة ونحوها مما تشترط لها الطهارة.
ط: ومعنى ارتفاع الحدث ؟
ش: معنى ارتفاع هذا الحدث ـ ارتفاع هذا الوصف ـ يعني زوال هذا الوصف القائم بالبدن المانع من الصلاة ونحوها،هذا ارتفاع الحدث.
ط: هلا وضحت بمثال يا شيخنا؟
ش: مثال ذلك : رجل بال واستنجى ثم توضأ.(هل) كان بعد بوله يستطيع أن يصلي ؟
ط: لا.
ش: لما توضأ يستطيع. لأنه ارتفع الحدث،زال الوصف المانع من الصلاة ونحوها..
(الشيخ) يتابع شرحه:
وقال المؤلف: الطهارة الفقهي هي : "ارتفاع الحدث وما في معناه،وزوال الخبث ". الضمير هنا ( وما في معناه ) يعود على الحدث أم على الارتفاع؟
ط: يعود على الحدث.
ش: (لا،الضمير) يعود على الارتفاع وليس على الحدث. يعني وما في معنى ارتفاع الحدث.. يعني لا يكون هناك ارتفاع الحدث،ولكن في معنى ارتفاع الحدث.
ط: مثال يا شيخنا ؟
ش: مثل غسل اليدين ساعة القيام من النوم في الليل. هذا واجب. يسمى طهارة. هل هو حدث ؟ لا. لأنه لا يرتفع (به)الحدث. لو غسلت يديك ما جاز أن تصلي،لكنه في ما معنى ارتفاع الحدث.
ط: مثال آخر يا شيخنا غفر الله لك.
ش: طيب. رجل جدد الوضوء. يعني توضأ وهو على وضوء. تسمى طهارة أم لا ؟
ط: تسمى طهارة.
ش: هل في ذلك ارتفاع الحدث؟.
ط: لا.
ش: لكنه في معنى ارتفاع الحدث.
ط: هل من الممكن أن تعطينا مثالاً ثالثا ؟
ش:صاحب سلس بول. توضأ من أجل أن يصلي. هل البول زال أم لم يزل.
ط: لم يزل.
ش:. إذن يكون هذا الوضوء حصل به ارتفاع الحدث أم معنى ارتفاع الحدث ؟
ط: حصل به معنى ارتفاع الحدث.
ش: ( وذلك لأن ) الحدث ما زال.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(الدرس الثاني)

ط: يا شيخنا ! لاحظنا أن المؤلف رحمه الله قال:"وزوال الخبث"،ولم يقل وإزالة الخبث. فهل ثمة فرق بينهما ؟
ش: (بالتأكيد!) زوال الخبث طهارة،سواء زال بنفسه،أو زال بمزيل آخر.
ط: هل من الممكن أن تفصل أكثر أيها العالم الجليل ؟
ش: (حسناً !). قوله " وزوال الخبث " أعم من إزالة الخبث،لأن الخبث قد يزول بنفسه.
ط: يا شيخنا ! .
ش: (نعم).
ط: لو ضربت لنا مثلاً،لسهل الأمر علينا،وانكشف غموضه !
ط: (بكل سرور). إذا فرضنا أن أرضاً نجسة بالبول،ثم جاء المطر وطهرها فإنها تطهر بدون إزالة منا،ولو أن عندنا ماءً متنجساً بتغير رائحته،ثم زالت الرائحة بنفسها طهر،ولو كان عندنا خمر ثم تخلل بنفسه صار طاهرا.
ط:جزاك الله خيرا. لو تقول لنا ما هو الخبث لكنت فعلت بنا خيرا!
ش: الخبث هو : النجاسة.
ط: النجاسة ؟.
ش: (نعم).
ط: وماذا تعني النجاسة ؟
ش: النجاسة (هي): كل عين يحرم تناولها،لا لضررها،ولا لاستقذارها،ولا لحرمتها.
ط: هل لك أن تفصل أيها الشيخ الكريم ؟
ش: (حسناً حسنا). قولنا: يحرم تناولها خرج به المباح،فكل مباح تناوله فهو طاهر.وقولنا : لا لضررها خرج به السم وشبهه،فإنه حرام لضرره،وليس بنجس.وقولنا : ولا لاستقذارها:خرج به المخاط وشبهه،فليس بنجس محرم لاستقذاره. وقولنا:ولا لحرمتها خرج به الصيد في حال الإحرام،والصيد داخل الأميال فإنه حرام لحرمته.
(الشيخ يتابع)
ش: (سأسلكم سؤالا !)
ط: تفضل يا شيخنا.
ش: أتدرون لماذا بدأ المؤلف بكتاب الطهارة ؟
ط: لماذا أحسن الله إليك.
ش: لسببين : الأول : أن الطهارة تخلية من الأذى،(و)الثاني: أن الطهارة مفتاح الصلاة،والصلاة آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين،ولذلك تحتاج إلى شيء يتطهر به،يزال به النجس،ويرفع به الحدث وهو الماء.

وللحوار المعطر بقية إن شاء الله تعالى.

[النجدي]

جزاك الله الف الف خير

فقدنا صوت شيخنا

نسأل الله العلي القدير ان يسكنة فسيح جنانة