أخي الكريم مقداد
أخي الكريم كم كام
السلام عليكما
واضح - أحببنا أم كرهنا - أن المسلمين المخلصين لدينهم تستقطبهم طائفتان
لكل منهما نظرة لذاتها ونظرة للأخرى
أما الفئة الأولى:
فتنظر إلى ذاتها على أنها تعلي مقام الفكر وتأخذ بالكليات والمحكم من الآيات في وجوب تحكيم الإسلام في كل جوانب الحياة وتأخذ بالآية الكريمة:" ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " وترى أن أحكام واقعنا الحالي تستمد من العصر المكي لا سواه لغياب سيادة الشرع . وترى أن لا سعادة في الدارين إلا بتعبد الله في مجالات الحكم والسياسة والاقتصاد، وترفض أي توجه تجزيئي آخر باعتباره صرفا للأمة عن الساحة الحقيقية المجدية للنهضة بها أخذا بمنهج الإسلام المستقى من الكتاب والسنة.
وتنظر للفئة الأخرى على أنها تقيم تصورها على أساس الجزئيات سواء في نظرتها للإسلام أو تقييمها للواقع، فهي كما تراها الفئة الأولى تصب استنكارها على الجزئيات بشكل يوحي بأن الدين قائم ولا ينقصه سوى هذه الرتوش. وبالتالي ترى الفئة الأولة الفئة الثانية على أنها بعلم أو بدون علم تقوم بتثبيت الوضع السيء الذي يعيشه المسلمون وتعطيه الشرعية فتكون بذلك خادمة للوضع القائم والذي أنشأته دول الكفر خدمة لها ومنعا لنهضة الأمة.
أما الفئة الثانية
فتنظر إلى نفسها على أنها على منهج السلف الصالح من الأخذ بالأمور كافة فهي لا تحقر من الدين صغيرة ولا كبيرة، فكل الدين وحي، ومن تهاون في الأمور السهلة من التكليف التي لا تتطلب كبير جهد، حري به أن يقصر في سواها من التكاليف التي تتطلب جهد وبذلا ، وهم يرون الإصلاح العام للأمة والنهضة بها لا يتحقق إلا باعتناء الفرد بأسرته ومن يعول وهدايتهم إلى الأخذ بالإسلام في المأكل والملبس والسمت والبعد عما يشغل الإنسان ويصرفه عن طاعة الله، وهو بالتالي يرون الإصلاح يكون من القاعدة للقمة أخذا بالأثر " مثلما تكونوا يولى عليكم "، فإن صلحت الأمة صلح حكامها، ويرون دولنا فيها الخير وفيها دون ذلك، وأن الإصلاح لا يكون إلا بالتعاون بين الحاكم والمحكوم والتناصح بينهما.
وترى هذه الفئة الثانية في الفئة الأولى انصرافا عن سمت السلف وتعويلا على الفكر، بل إن أحدهم ذكر أن الفكر والكفر من مادة لغوية واحدة، ويرون في دعوة تلك الفئة فتنة تتخفى تحت شعار الخلافة، وأن الأمة لو تبعتهم وخرجت على حكامها لعمت الفتنة وانتشر الفساد. وهم يرون أن الحكام قائمون إجمالا بشرع الله مع بعض التقصير، وأن ما يبدو للطرف الأول من مخالفات شرعية ليس كذلك فكل اعمال الحكام تستند إلى فتاوى رسمية من أكابر العلماء، الذين لا يجوز ل(مفكري) الفئة الأولى قليلي الإلمام بالعلم الشرعي أن يخا لفوهم الرأي فيها. ولا يشذ عن هذا الاعتراف بدولة يهود واستقدام جنود الدول الأجنبية خدمة للوطن والتصرف في مال المسلمين من قبل الحاكم. بل وتعدد كيانات الدول الإسلامية.
ويرى بعضهم أن الآيات الحاضة على إعمال الفكر موجهة للكفار حتى يسلموا، وليستملزمة للمسلمين الذين يجدون في كتابهم وسنة نبيهم ما يستغنون به عن التفكير
وللأسف فإن النقاش حول المادة المتقدمة يمثل هاتين الفئتين، وقناعة الكثيرين من أفراد الطرفين أن نهجه هو الذي يخدم الإسلام ويقيه ضرر الطرف الآخر. وأخشى أن تحمل الأيام نذر صراع ضار بين الطرفين.
وتدعو الحكمة أن نركز على ما يجمع بينهما دون ما يفرق بحيث يقترب مؤشر الاختلاف بينهما إلى التكامل ويبتعد عن التناقض. ولهذا نهجت مع أخي كم كام بما يخدم هذا الهدف مكبرا له إخلاصه في توجهه، ولا أظن أن مخلصا لدينه وأمته يود أن يرى الخلاف بين المسلمين يتطور إلى درجة تشطر الأمة وتزيد من تردي أحوالها.
أكرر تحيتي لكما وأسأل الله أن يوحد قلوبنا على ما يحب ويرضى حتى تتوحد بالتالي صفوفنا.
أكرر شكري وتحيتي للأخوين الكريمين .
أخي مقداد أما عن البابا شنودة فأرجو أن تقرأ الرابط:
http://jurashi.hypermart.net/dewan3/moon3.htm