معمر القذافي وسقوط آخر أوراق التضامن العربي

[عاشق المقناص]

معمر القذافي وسقوط آخر أوراق التضامن العربي
لدي وجهة نظر مغايرة لكثير من الأفراد حول الرئيس الليبي معمر القذافي ، فالبعض قد يراه مجنونا ، والبعض الآخر ينعته بالمهرج ، وهي دعاية استطاعت أن تصل إلى قلوب وعقول الكثيرون ، وكل ما عليك أن تفعله هو أن تبحث عن البعد السياسي وتقاطع المصالح بين الدول العربية لتعرف السبب .

ربما أتفق مع البعض حول أن الزعيم الليبي تنقصه الكياسة في الإدلاء في التصاريح الإعلامية ، فحين يظهر على شاشة قناة أو صحيفة عربية مشهورة ، على الفور تطفو على السطح بوادر أزمة سياسية بينه وبين إي دولة عربية تم استخدام أسمها بحسن أو بسوء نية في الحوار ، ولعلنا نذكر اشهر تصريح له حين طالب الكويت بأن تحسم أمرها بالتوحد مع العراق أو السعودية ، ربما لاحظ القذافي أن الكويت هي نقطة الخلاف العربي الدائم ، وأيضا بقبول إسرائيل في جامعة الدول العربية وأقترح مسمى لها وهي ( اسلاطين ) وأعتبر أن المسجد الأقصى مثله مثل إي مسجد آخر يستطيع المسلم أن يؤدي فريضته ، من الناحية العقلانية وفرض أمر واقع نؤكد أنه مؤقت ومرحلي ، قد تكون أراء القذافي مقبولة نوعا ما ، ولكن فيها مساس كبير في ذهنية العربي وثقافته حول فلسطين مما يساهم بشكل كبير في الاستخفاف بآرائه السياسة ، فنحن لجاءنا إلى النكتة حتى نتخلص من أوجاعنا .

معمر القذافي لم يترك دولة عربية واحدة إلا وعرض عليها الوحدة ، وكان دائما ما ينادي بحلول جذرية حول فلسطين ويتساءل قبل انعقاد إي قمة عربية ، هل أنتم مستعدون للحرب أم أنها وحسب تعبير الشاعر العراقي مطفر النواب ( قمم قمم ... معزة على غنم ) فتكون الإجابة نعم معزة على غنم ولا فخر !! مؤخرا قام بالتوجه الإفريقي وترك الاهتمام بقوميته التي ظل لأكثر من خمسه وعشرون سنة ينادي بها ، ويحق لنا أن نضع علامة استفهام حول ما مدى أقصى ما يستطيع أن يفعله في إطار التوجه الإفريقي ، هذا إذا وضعنا بعين الاعتبار الاختلافات الثقافية والسياسة والاقتصادية وحالة الحروب والانقلابات و المجاعات التي تلتهم تلك القارة السمراء ؟

البعض قد يجيب على هذا السؤال بأن معمر القذافي ما أراد إلا الزعامة سواء كانت قومية عروبيه أو إفريقية سمراء ، والبعض الآخر قد يحاول أن يبرر هذا الانقلاب في التوجه الإيديولوجي بأنها مناكفة لأشقائه العرب ليس إلا ، ولابد أن يعود الطير إلى عشه مهما طال به السفر .

سمعنا قبل أيام طلبا ليبيا رسميا بالانسحاب من الجامعة العربية ومن جميع مؤسساتها ، في وقت كنا نأمل أن يقوم الأمين العام عمر موسى بتحول جذري ومهم في هيكلية الجامعة و تفعيل مؤسساتها ونفض الغبار عنها ، حاول الأمين العام أن يثني ليبيا عن هذا التوجه ، وسافر إلى طرابلس ، ليعود بتصريح مقتضب بأن ليبيا مصره على الانسحاب ، لسببين فقط ، أولها هي حالة الصمت الكبيرة حول الأوضاع في فلسطين ، والمجازر التي تحدث هناك أصابتنا بحالة من استساغة الإهانة في وجدان العربي المنكسر ، وثانيها حالة العداء الأميركي والتوثب لقلب نظام العراق ، وربما يحق لي أن اذكر حادثة حول هذا الصمت الغريب ، ففي مجلس الأمن أحتد النقاش بين فرنسا والولايات المتحدة حول كيفية التعامل مع العراق وإصرار فرنسا على استبعاد الحل العسكري ودعم واضح من منظمة عدم الانحياز ، وحين ظهر مسئول عربي في هيئة الأمم على قناة عربية وسؤل ما هو موقف العرب في ظل هذا الصراع القوي والكبير ، أجاب حتى الآن لم يخرج العرب بقرار موحد ، وجميع قراراتهم تتسم بكلمة ( لعم ) لضرب العراق ، وهي مزيج من كلمة لا / نعم ...!

حالة الموقف العربي بشكل عام تبحث عن القلق والإحباط ، وآخر ورقة كانت تجمع العرب في أقل وأدني مستوياتها هي الجامعة العربية ، وحين نرى بداية تفككها من دولة عربية أصيلة وغير مشكوك في عروبة شعبها وقيادتها نخشى أشد الخشية من انفلات دويلات طالما أبدت تذمرها من نهج الجامعة العربية ، وقد تكون البداية نحو التبعثر الرسمي بعد أن عجزنا على الحفاظ على أقل القليل من التضامن العربي .

حالتي أنا شخصيا محبطه ، وحال الأمة لا يسر أبدا .... رعاك الله يا أمة العرب ، وبقيت خالدة حتى لو كان هذا الخلود في كتب التاريخ فقط .