اضواء على ثورة الحسين (3)

[wqw33]

الاعتذار عن الإحاطة التامة
نحن عندما ننظر الى أي أمر معقد أو مربوط بالحكمة الالهيه أو بتصرف أحد المعصومين من قول أو فعل أو أحد الراسخين في العلم ؛ فسوف نواجه وعورة في السير وصعوبة في الرؤية الى حد قد يكون أحيانا أننا نجد الباب مغلقا أمامنا تماما للصعود الذي نطمع به ونطمح إليه ؛في هذا السبيل وذلك بعد ملاحظة الأمور التالية:-
الأمر الأول:انه تم البرهان في مباحث العقائد الإسلامية على ان العلم والحكمه الالهيه لامتناهيين ومطلقين ولا حد لهما وان اطلاعه جل جلاله على الواقعيات على مختلف المستويات أكيد وثابت على أوسع نطاق .بل كل صفاته الذاتية هكذا جل جلاله وكثير من أسمائه فهو لامتناهي العلم والقدرة والحكمة والعدل والرحمة والحياة والوجود والجود والنعمة الى غير ذلك . كما ثبت أن العقل الإنساني مهما تسامى فهو محدود بحدود لا يمكنه ان يتعداها كما سنشير أليه ومن البديهي أن المحدود يستحيل أن يدرك اللا محدود.أذن فليس للإنسان ان يدرك العلم الإلهي والحكمة الإلهية كما هي.وائما ينال منهما بقدر استحقاقه وقابليته ؛وبمقدار عطاء الله له ؛و(العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء).
الأمر الثاني:أننا نشعر وجدانا بعدم أحاطتنا بالواقعيات على واقعها ؛لا من ناحية العقل (النظري) ولا من ناحية العقل (العملي) فان العقل لاشك انه يدرك عددا كبيرا جدا من القضايا بوضوح تام ووجدان كامل. ولكنه حين يأتي الى قضايا أخرى بعدد كبير أيضا فانه يشك فيها ولا يستطيع أن يعطي حولها قناعه أو جزما معينا . أما لأنها غير واضحة لذاتها ؛او للشك في تحقيق موضوعها وموردها او لوقوعها موقع التعارض والتزاحم مع قضايا أخرى. ولعل العقل يجهل المحصل او النتيجة التي ينبغي البت بها بعد التزاحم . ولاشك لو كان عندنا أدراك للواقعيات لما تورطنا في مثل هذه الشكوك والجهالات.
الأمر الثالث: أننا حين نتحدث عن أمر تاريخي مواقعه الحسين (ع).فأننا يمكن ان نتمثل بهذا المثل وهو قولهم :يرى الحاضر ما لايرى الغائب . ومن الواضح انهم كانوا حاضرين ونحن غائبون وهم مشاهدون ونحن غير مشاهدين.أذن فليس من حقنا ان نعترض على اية واقعة تاريخية لم نشاهدها ولم نحط بها خبرا؛ إذ لعل أهلها والقائمين بحوادثها قد علموا ما لم نعلمه من القرائن والحوادث والعلاقات وشخصوا التكليف لهم بان يفعلوا كذا ويتركو كذا وليس لنا ان نفتح أفواهنا ضدهم بشيء ونحن غير ملمين بالموضوع من جميع جهاته . مع أنهم لا شك كمعاصرين للأحداث وملاحظين لها حال وقوعها انهم ملمون بها من جميع جهاتها.
رابعا:
أن عددا من الأمور النظرية والعلميه مما يتعذر على عقولنا أدراك واقعيتها يمكن من الناحية المنطقية طرح أفكار محدودة تحمل محتملات معقولة على شكل (اطروحات )نحاول ان نجمع القرائن على صحتها من ناحية ، وندفع بها الاستدلال المضاد من ناحية أخرى ، لان المشكك حين يطعن في أي أمر انما يطعن في حكمه فاعله وصوابه ويحاول ان يستدل بهذا على ذلك . ومن هنا تأتى هذه الاطروحه او تلك لاجل حمل الفاعل على الصحة والصواب وان فعله قابل للقبول . ومعناه ان الاستدلال الذي أرده الخصم قد فشل . اذ بدخول الاحتمال يبطل الاستدلال . لان الاستدلال من الناحية المنطقية يحتاج الى الجزم بنتيجته وهذه الاطروحه تخلخل هذا الجانب وتطيح به ومعه يسري الفساد الى نتيجة الاستدلال نفسه . وهذا التكوين النظري يمكن تطبيقه على كثير من حوادث التاريخ بالنسبة الى كثير من المعروفين السابقين وخاصة ما اذا كانوا معصومين بل المعصومين أولى بالصحة عن هذا الصدد واوكد من حيث قبول أفعالهم وأقوالهم بعد ثبوت عصمتهم ببرهان ليس ألان محل ذكره (1) . فان لم نكن نعرف وجه الحكمه الحقيقة من بعض أمورهم فلا اقل من وجود اطروحه أو اكثر يحملها على الصحة مما يبطل الاستدلال والتشكيك ضدهم جزما …..

(1)/ كشف المراد للعلامه ،364. الشافي للمرتضى ،1:300 الالهيات للسبحاني ،618:2 حق اليقين لشبر :308:1

[ابو عمر الفاروق]