خبيب
نعم إن الامريكان يريدون نشر الديمقراطية في منطقتنا و لا شك ، فهم يرون ان نشرها سيؤدي الى وأد الارهاب القائم ضدهم ، حيث يرجعون خاطئين اسباب هذا الارهاب الى حالة الإضطهاد و الاستبداد التي تعاني منهما شعوبنا من جهة ، و إلى شيوع المفاهيم الدينية من جهة أخرى .
كما ان الديمقراطية بالمفهوم الغربي العلماني ستؤدي الى إقصاء الدين عن الحياة اليومية أكثر ، و هو ما ينهي اي فكرة للمقاومة و يكفل الإختراق الإقتصادي و النفوذ الغربي الى أقصاه.
إن الديمقراطية ترفع شعارات وردية مغرية مثل حكم الشعب للشعب ، و لا يوجد في الإسلام من حيث المبدأ ما يمنع ان يختار الشعب المسلم ممثليه لتسيير أعماله اليومية ، لكن الإفراط في ذلك و تطبيق الديمقراطية بحذافيرها سيؤدي الى إلغاء أس الإسلام ألا وهو لا إله إلا الله ، و التي من أهم شروطها ان يكون التشريع لله وحده ، و الديمقراطية تقول ان التشريع حق لمن يختاره الشعب بصرف النظر عما إذا كان يتفق مع هذ الدين أو يضاده.
فإذا اتفق ممثلو الشعب على إباحة الشذوذ الجنسي مثلاً فإنه يصير مباحاً رغم نهي الدين عن ذلك.
أمريكا إذن تريد الديمقراطية لأنها في جوهرها تهمش الدين تماماً من الحياة السياسية و الإجتماعية ، كما إنها تستخدمها كعصا ترعب بها أذنابها في المنطقة المغرمين بكراسيهم ، فنراها تفعل ذلك اليوم مع مصر و السعودية ، ففي مصر تستعمل عصا الديمقراطية لتمرير مخطط السلام المزعوم في فلسطين ، و في السعودية تستعمل عصا الديمقراطية لتمرير مخطط العلمنة في السعودية ... و هكذا
السؤال: ماذا لو أدت هذه الديمقراطية الى توليد مواقف مضادة لأمريكا، كما رأينا في تركيا مثلاً؟
هذا لم يفت الامريكان و لا شك ، لكنهم يعتبرون ان الديمقراطية إذ تهمش الدين و تروج للمفاهيم الغربية من حرية فردية و تأليه للدنيا و حياة دونية فوارة ، لا يمكن ان تؤدي في المحصلة الى إنتاج مواقف مضادة للمصالح الغربية على طول الخط ، و لهذا فهي تعتبر أفضل من الأنظمة الاستبدادية المنتشرة في المنطقة هذه الايام.
لكن المسألة ليست بالبساطة التي تبدو عليه ، فالامريكان لا يريدون إسقاط اي نظام فاعل اليوم و موالي لها إلا بعد إستنفاذه تماماً و التأكد ان صلاحيته إنتهت ، فيتخذون عندها موقفاً مغايراً منه يكفل ان يكون النظام التالي الذي سينشأ معترفاً بالفضل لهم و موالياً أكثر من الأول.
إن الذين يقولون بأن أمريكا تكذب بالقول إنها تريد الديمقراطية في المنطقة ليسوا على خطأ تماما، فهي تريد الديمقراطية الشكلية في المنطقة بما يكفل إستبدادها هي في النهاية.
اخي خبيب الكريم ، و حيث ان صحيفة القدس العربي محجوبة في عدة دول إسلامية مع الاسف كونها صحيفة مستقلة حرة ، أستأذنك بوضع نص المقال هنا نزولاً عند رغبة اخي الحارق و كل مهتم.
تحياتي
__________________
إن هذه الكلمات ينبغي لها أن تخاطب القلوب قبل العقول .. والقلوب تنفر من مثل هذا الكلام .. إنما الدعوة بالحكمة ، والأمر أعظم من انتصار شخصي ونظرة قاصرة !! الأمر أمر دين الله عز وجل .. فيجب على من انبرى لمناصرة المجاهدين أن يجعل هذا نصب عينيه لكي لا يضر الجهاد من حيث لا يشعر .. ولا تكفي النية الخالصة المتجرّدة إن لم تكن وفق منهج رباني سليم ..
وفقنا الله وإياكم لكل خير ، وجعلنا وإياكم من جنده ، وألهمنا التوفيق والسداد.
كتبه
حسين بن محمود
29 ربيع الأول 1425 هـ
اخوكم
فــــــــــارس تـــــــــــرجّلَ
|