رسالة من شهيد على قيد الحياة للمرحوم

[بيص]

السيد الموقر أبي عثمان - رعاه الله
سيدي،
علمتُ أنك مولى، تنحو الشعوبية - والعياذ بالله - حسبتك عربياً شهماً، ابن شجرة منسوبة ذي حسب. لم أرد الكتابة إليك لا تكبراً، بل وجلاً من لجلجة لساني وفقر معجمي وضحل معرفتي. أما الآن وقد تبيَّنَت ليَ أُصُولكَ والقطيع الذي أنت منه، أرى أنه لزامٌ عليَّ تعرية مبتدأك وخبرك، لن أفضح صغار دوابك، بل كل قطيع حيوانك ومكاتباتك الهشامية السرية. نعم لقد فاتني الشك بعروبتك والعرب حاتميو القِرى. أما جحوظ الرؤى فليس إلا شحّ لا مثيل له يتصف به المروزيون من البخلاء.
أبا عثمان المبجل.
يا عَلْج مرو، لم أرد نعتك بما ليس فيك، أنت تدري بأننا لا ندري كيف توالى الليل والنهار، وفي أي فلك يسبحون، لكنك تجهل كيف أفلتنا الحمير وكل الأباعر، استبدلنا الأتان الهرمة بالميرسيدس، أحجمنا عن تعاطي حليب النوق وأضحينا نحتسي الويسكي والجعة، استبدلنا ظل النخلة العتيقة بفيء الميني جوب الوارف. نبشنا الأرض التي تضم رفاتك وأنشأنا على الحفرة مضخة بترول، أما بقايا عظامك فتم تصبيرها في بهو اللوفر ليعتبر بها من لم يعتبر، ولحيتك الشعثاء لا تزال تستفيء بظل حائط مبكى دار ابن العم قينقاع.
لا تجزع يا صاحبي إن القدس عاهرة عروبتنا، نزوجها لمن نشاء ونستنكحها متى نشاء. أنت و اضطرابك من غير العرب زرعتم بذور الفتنة والضغينة بين آل يعقوب وأبناء عمومتهم، لكن خاب مسعاك وكل الشعوبيين، لقد سددنا ديوننا ومترتبات الجزية وسنعيد لهم كل صاع تمر استلفناه بصاعين. بعد كل صلاة نعتذر عمّا بَدَرَ عن صلاح الدين للصلبان المعقوفة والقائمة بكل ما حوته معاجم العربية من مفردات، استبدلنا قواعد السي باويه الشعوبية بالغرامير، نشيّد في قصر الحيْر نايت كلوب.
يا أبا عثمان !
لقد استسقى السياب الظامئ القطر، فتلاطمت الأمواج في بحيرة مأرب الصامد، ولئلا تغرق الأسماك استوردنا جرذان أوربية لتعشش فيه وتنخش الأقنية والسواقي، سنغرس الصحراء سنابلاً وعنبا، سنجني التين والزيتون، ستلد الصحراء وسينبت الصخر، فافهم يا حجر!.
وأنا لله وأنا إليه راجعون.