بيان مشرف الحوارات - آداب الحوار
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، محمد المبعوث رحمة للعالمين، وبعد:
لقد مرت الخيمة الإسلامية في الأسبوعين الماضيين ببعض المشاحنات التي كادت تقصم ظهرها لولا رحمة ربي، وبعد دراسة وافية للأسباب التي خلقت هذه الاضطرابات وجدنا أنها متشعبة ولكن أذكر أهمها هنا إن شاء الله تعالى:
1. غياب الضوابط التي تحكم الحوار في الخيمة.
2. عدم وضوح الرؤية في أهداف إنشاء الخيمة الإسلامية والغاية التي نرجو أن تحققها.
3. خروج البعض عن أسلوب الحوار الإسلامي وعن ثوابت الأخوة الإسلامية التي لا تسمح بإيذاء المسلمين لا بالقول ولا بالفعل، حتى بلغ الإيذاء إلى السب والجرح لا بل والتكفير.
4. تعصب البعض لمدارسهم المذهبية وعدم احترام الآراء الأخرى لعلماء المسلمين.
5. ظن البعض أن علمهم يفوق باقي المشاركين وأن من خالفهم الرأي إنما فعل لأنه لم يحظى بالعلم الكافي.
6. عدم فهم دور المراقب في أنه ليس شرطيا يضرب على يد هذا ويقمع هذا.
7. سوء تفاهم بين المراقب ومن يظن أن المراقب يعمل ضده (وهذا الأمر لا يقتصر على الإسلامية إخواني الأعزاء، فانظروا آخر مشكلة من هذا القبيل في خيمة الاقتراحات).
ولعلي أتطرق لكل من الأسباب المذكورة أولا ثم أذكر الحلول التي تضمن إبحار سفينتنا بشكل أسلس إن شاء الله.
لقد كان الأخ صلاح الدين – مراقب الإسلامية- قد بعث إلي يستفسر عن بعض المواضيع التي يحسبها حذفت دون إذنه من الخيمة الإسلامية، وقد نظرت في الأمر فوجدت أنها إحدى ثلاثة، أولاها أن يكون هناك خطأ في الخادم (السيرفر) أدى إلى ضياع الموضوع أو حذفه، ثانيها أن يكون الموضوع موجودا ولكن نظرا لأن الخادم يقسم المواضيع على عدة صفحات عندما يكثر عدد المشاركات فيها، فيظن الظان أن المراقب قد حذف الموضوع عندما لا يظهر له في الصفحة الأولى، والثالثة أن ترتيب الخيمة في السابق – قبل أسبوعين تقريبا- كان يسمح لأي مراقب تعديل أي موضوع في أي خيمة، وقد غيرنا هذا فأصبح لكل مراقب تعديل الموضايع التي في خيمته فقط.
أما مسألة ظن البعض أن المراقب يعمل ضده فهذه فكرة مخطوءة، إن الأخ صلاح الدين لمن أعدل الناس في معاملته للمشاركين، ولطالما طالبه الجميع بأن يكون أكثر شدة مع من يخالفون أسلوب الحوار، وكان رده دائما أن الحوار لن يستقيم إلا باستقامة المشاركين فيه من أنفسهم، وأن مشروعا كهذا مشروع جماعي لا يقوم إلا إذا كانت الأخوة في الإسلام هي العامل المشترك بين الجميع، وإن كان المراقب قد أخطأ في حق أيٍ من المشاركين فمن منا لم يخطئ قط، ولن تنسى الخيمة ما بقيت وقفته فيها في وجه قوم دخلوها فأفسدوا وسبوا وشتموا الرسول والصحابة وعلماء المسلمين ولم يتوقفوا عند ذلك بل طعنوا في صحة القرءان وفي صحة صحيح البخاري.
وقد كان رأيي حينئذ فيهم الطرد من الخيمة فورا ولكنه أراد الحوار فحاورهم وأسكتهم ورد ادعاءاتهم على نحورهم بفضل الله، وإن هذا الموقف الجليل له يشفع عن أي زلة تقع منه وكلنا ذو خطأ.
الأمر الثاني هو أن مسئولية مراقبة الإسلامية أمر عظيم ليس بالسهل تنفيذه، كيف وأنتم ترون كل يوم صفحات وصفحات تضاف إلى الخيمة الإسلامية، فوالله إنها لتتطلب الساعات لقراءتها فكيف تحقيقها والرد عليها، فربما لم يكن في مقدور المراقب متابعة جميع المواضيع في آن واحد، وربما لم ينتبه لمخالفة حدثت في أحد المواضيع، وهنا نعود إلى أن الحوار أمر جماعي، فإن عمل الجميع من المشاركين وكأن كل واحد منهم مراقبا وأساسا في قيام هذه الخيمة فلن يكون هناك تقصير في إعطاء كل موضوع حقه.
نعود إلى أن المراقب ليس شرطيا يرهب الجميع وإنما هو مشارك وأخ ومعلم وطالب علم وصديق كباقي المشاركين، إنما أضيفت له مسئولية تذكير المشاركين بأسس الحوار الإسلامي الذي أغفلناه في الآونة الأخيرة.
ثم إن الخيمة تنظر للجميع هنا كأخوة، ليس لأي منهم الفضل على غيره، فليس هناك تفريق بين مستويات التعليم أو الثقافة أو القومية أو المذهب، كلنا سواسية، لا نحرم أحدا حق السؤال ولا نحرم أحدا حق الإجابة، وكل يأتي بدليله ولا يفرض على غيره اعتقاده، ولكلٍ أن يدلي بدلوه بما يراه صوابا طالما كان ملتزماً بالضوابط العامة للحوار، لاسيما وأن ما يقال - ابتداء من النصوص وانتهاء بالمواقف - تتعدد فيها الاتجاهات والمشارب والمفاهيم، وتحتملها الاجتهادات.
وأريد أن أذكـّر مرة أخرى بحق الأخوة الذي لا يخفى على مسلم، فلماذا لا نعمل يدا بيد لننهض بأمتنا إلى الأفضل، ألم نشبع خلافا وفرقة فقد أعيى التاريخ دارسيه من كثرة خلافاته، فليتنا نعمل على توحيد الصف لا تفريقه.
أما تعهـُّد الخيمة إليكم – عن طريق المراقبين- فهو أن لا يتم إغلاق أو حذف أو تعديل أي موضوع إلا ويذكر السبب جليا واضحا مستندا إلى شروط الحوار التي سيتم نشرها في أعلى الخيمة الإسلامية.
وفي النهاية فقد استشرت عددا من المشاركين في هذه الخيمة ومن الإخوة الأفاضل الذين يتابعون ولا يشاركون وقد توصلنا بحمد الله إلى بعض الأسس التي نرى أن لا بد منها لضمان حقوق الجميع ولمعرفة الهدف من إنشاء هذه الخيمة وإليكم ما اتفقنا عليه.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++
الهدف:
الخيمة الإسلامية ساحة حوار وجسر لقاء بين المسلمين، تهدف إلى تبادل الخبرات والآراءالتي تعالج واقعنا الإسلامي بهدف تحقيق غد أفضل من يومنا إن شاء الله. والمشاركون فيها متفقون على تجنب تجريح الأشخاص والهيئات والدول والقوميات والمذاهب الإسلامية، وإجلال الصحابة (رضي الله عنهم) والسلف وعلماء الأمة، ويوكلون إلى مراقب الحوار رفض أي اشتراك بأي اسم مستعار استـفزازي حتى لا يكون مدخلا للمشاحنات والبغضاء، ويعهدون إليه تعديل أي اشتراك يخالف الضوابط المذكورة هنا، أو التي اتفقت عليها الأمة في آداب الحوار والمناظرة، مع ذكر الأسباب الداعية لذلك. وكلنا ثقة بأن الجميع سيتعاون لتحقيق هذا المستوى الإسلامي المطلوب في الحوار والمناظرة لتعم الفائدة.
ضوابط الحوار:
1. الإلتـزام بالعقيدة الصحيحة التي كان عليها السلف الصالح عقيدة أهل الحق أهل السنة والجماعة التي ذكر جملة عظيمة منها الإمام الكبير المجتهد صاحب الشهرة العظيمة المجيدة الفقيه المجيد الإمام أبو جعفر الطحاوي رضي الله عنه في عقيدته المشهورة التي ذكرها بقوله: (هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة أبي حنيفة النعمان وصاحبيه الإمام أبي يوسف القاضي والإمام محمد بن الحسن الشيباني رضي الله عنهم أجمعين) . يعني بالطريقة التي رتبها هؤلاء الأئمة مما هو مذهب أهل السنة والجماعة الفرقة الناجية.
فمن خالف عقيدة أهل السنة والجماعة ومال عنها فـلن يقبل كلامه وسوف ينبه بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة إلى أن ما قاله ليس موافقا لشرع الله, سواء تعرض بكلامه لذات الله عز وجل الذي ليس كمثـله شىء أم لنبي من الأنبياء عليه صلوات الله تعالى وسلامه أم لأحد الصحابة ومن دونهم من أهل العلم المعتبرين أعاذنا الله وإياكم من الضلال ءامين, فإن رضي فذاك الأمر ونحن له من الشاكرين وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من تواضع لله رفعه) رواه الإمام البيهقي وغيره, وإن لم يرضَ فسوف يتم محو كلامه بعد التـنبيه, فإن عاد إلى النـَـيل مما عظمه الشرع فهو عرضة لمنعه من الإشتراك في أي موضوع في الخيمة الإسلامية, وهذا واجب ديني علينا لا يسعنا التـقصير فيه لحظة واحدة يفرضه علينا قول الله تبارك وتعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) وقوله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبقلبه فإن لم يستطع فبلسانه وذلك أضعف الإيمان) رواه الأئمة أحمد بن حنبل في مسنده ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم عن سيدنا أبي سعيد الخـُـدري رضي الله عنه.
فلا يسعنا ترك المنكر والسكوت عنه بل الساكت عن الحق إثمه عظيم وذنـْـبه كبير أعاذنا الله وإياكم من الهلاك والوقوع في الحرام إخوة الإسلام ءامين.
2. لا يُـقبل أي كلام خارج عن مذاهب الأئمة الذين هم مرجعنا والذين رتبوا أبواب الشريعة بما لا مزيد عليه كالأئمة الأربعة الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي وإمام دار الهجرة المباركة سيدنا مالك بن أنس وسيدنا الذي ملأ طباق الأرض علماً فريد عصره ووحيد دهره الإمام محمد بن إدريس الشافعي والإمام المعظم المبجل الصِـدِّيق الثابت عند المحن مولانا أحمد بن حنبل ومن في مرتبتهم كالإمام ابن المنذر والإمام الطبري وسفيان الثوري والليث بن سعد وربيعة الرأي وغيرهم رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ءامين. وقد قال عليه الصلاة والسلام: (العلماء ورثة الأنبياء) رواه الإمام ابن ماجه. فنحن لسنا مجتهدين بل نتبع ولا نبتدع ولا نقول إلا ما يرضي الله ورسوله ونسأل الله تعالى دائما التوفيق إلى ما يحبه ويرضاه.
3. التفكر جيدا في العبارات المكتوبة قبل إنزالها في الخيمة حتى لا يسيء أحد المشتركين فهمها وتجنبا للأسئلة التي قد تؤدي إلى المراء المذموم وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من ترك المراء وهو مُـبطِل بني له بيت في ربض الجنة ومن ترك المراء وهو محق بني له بيت في أعلى الجنة) رواه الإمام أبو عيسى الترمذي في سننه والإمام ابن ماجه القزويني في سننه وهو حديث حسن وورد بألفاظ أخرى عند غيرهما من الأئمة.
4. عدم استعمال العبارات المستفزة والمثيرة للطرف الآخر بل بانتهاج منهج علمي يندرج تحت أصول المناظرة المقبولة في شرعنا الحنيف الطاهر, ويستحسن لمن رأى ما يغضبه أن يتوجه برسالة إلى المراقب لينظر فيه ويزنه في ميزان الشرع ويفعل ما هو موافق لحكم الشريعة الطاهرة التي لا تظلم أحداً بإذن الله تعالى.
5. العمل جميعاً كإخوة في الإسلام لأنه صلى الله عليه وسلم قال: (المسلم أخو المسلم لا يَظلِمُه ولا يخذُله وَلا يَحقِرُه) رواه الإمام مسلم بن الحجاج في صحيحه بهذا اللفظ.
هذا ما ندين به هنا في الخيمة الإسلامية فمن وافـق عليه فمرحبا به بين أهله وإخوانه معززاً مكرماً ومن لم يوافق فنسأل الله تعالى الهداية لنا وله إنه على ما يشاء قدير, يسر الله أمورنا جميعا إلى ما يحبه ويرضاه
وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد الطاهر الأمين وسلم.
إنتهى
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++
إخوتي الأعزاء
هذا ما توصلنا إليه ولا شك أننا بشر نخطئ ونصيب، فالخطأ من أنفسنا ومن الشيطان والصواب من ذي الفضل والإحسان، فليس علينا بما كان، ولكن علينا بما سيكون من حال هذه الخيمة، فأسأل الله أن يسدد خطا القائمين عليها وأن يجعلها منبرا للحق، إنه سميع مجيب.
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.
انتهى
عمر مطر
مشرف حوارات الخيمة
|