مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 20-05-2006, 08:24 AM
أحمد ياسين أحمد ياسين غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2005
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 6,264
إفتراضي الأمة وحرب الصورة






بقلم: د. يحي رمضان

لست أدري لماذا كانت صورة اصطحاب الرئيس الأمريكي لكلابه تستوقفني باستمرار، لكن الذي أنا على يقين منه الآن أن تلك الصورة ارتبطت في ذهني دائما بقرارات خطيرة ارتكبت في حق أمتنا، وحصدت كثيرا من أرواح أبنائها، وساهمت في إرباك جسدها المرتبك أصلا، قرارات همت العراق وأفغانستان بخاصة .



وكم اختلط في ذهني احتضان الرئيس الأمريكي لكلابه باحتضان ترسانته العسكرية لشيوخ أمتنا و نسائها وأطفالها. وما بين جبال أفغانستان المدمرة على رؤوس أصحابها و أراضي الفلوجة المحروقة وبين العشب الأخضر لضيعة الرئيس أو بيته الأبيض، حيث فضاء صورة الكلاب المرحة، كنت أجدني تائها بين صورة وصورة، بين ابتسامة الرئيس وحنوه على كلابه، وبين صورة التقتيل و الدمار الذي مس الإنسان و الحيوان و الطبيعة في العراق وأفغانستان ( أفكر الآن في الفلم التسجيلي الإيطالي عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، وفي صور القنابل الانشطارية على رؤوس وجبال الأفغانيين).

ترتبط بهذين الصورتين أو بالأحرى تنسل عنهما صورة أخرى، صورة دموية ، عنيفة ، لم تتحملها القنوات التلفزية فسكنت الشبكة المعلوماتية، صورة ذبح الإنسان على مرأى ومسمع من العالم باسم الدين، وتحت شعار الدفاع عن النفس.صورة تأتي في وقتها ، بل إنها تُستدعى، بقوة فعل العدوان، لتبرير الصورة الأبشع من الصورتين السابقتين، صورة التدمير والتقتيل، لتبرير خطابها المضمر حينا والمصرح به حينا آخر:'' إن نحن قتّلناهم فهم يستحقون ذلك لأننا نطهر الإنسانية من همجيتهم ''.

وعبر خطاب التعميم لا يبقى في القنافذ أملس، ويصبح الكل من أمتنا مستحقا للقتل – أو هو على الأقل- قابلا ليكون موضوع تقتيل مادامت القابلية لأن يكون همجيا واردة. اليوم هنا في العراق وأفغانستان، وغدا أيضا هنا في عربستان وإسلامستان.

وما بين صورة الكلاب المرحة السعيدة في يد الرئيس الحاني ، وصدره الدافئ ، وصورة القتل الهمجي للرهينة الأمريكية في العراق يراد للمعركة أن تحدث خارج سياقها وفي غير ساحتها وبعيدا عن حقيقتها العميقة بغية تكريس '' حقيقة '' ليس لها من الحقيقة غير الصورة. لكن الصورة تصبح هنا، بفعل عملية '' ماركوتينغ'' بالغة التعقيد والتطور بديلا مقبولا ، يزحزح الصورة الأصل – صورة العدوان والتقتيل في العراق وأفغانستان- ويحل محلها في لعبة للإخفاء والتعمية عالية الجودة والتقنية، يتفاعل فيها المكتوب والشفوي مع المرئي في انسجام تام، يغيب معه الفرق بين الصورة والخطاب ( أفكر الآن في ما يمكن أن يبدو مفارقة : صورة الرئيس الحاني مع كلابه، وخطاب رواد صراع الحضارات من أمثال طوماس فريدمان ومن لف لفهم. وكلاهما ليسا في الحقيقة سوى وجهي الصورة الذي يراد لأحدهما أن يعلو الآخر من دون أن يخلي أحدهما للآخر مكانه، فبهما معا تقتات أمريكا اليوم). ليس ثمة فرق بين الصورة والخطاب إلا في طبيعة الحامل وتقنيات التبليغ وجماليات التأثير ، وإلا فإن الأهداف واحدة والأدوار متبادلة متكاملة ، يكمل الخطاب (المكتوب والشفوي) فيها ما لم تفصح عنه الصورة مباشرة، وترسخ الصورة ما لم يكشف عنه الخطاب مما يحمله من أبعاد لتصبح الصورة خطابا أيضا لكنه أكثر دهاء، وأكثر إقناعا وأعلى درجة في التأثير.






وحين يُنافَس صانع الصورة القوي في مجال الصورة، أو يشعر بأدنى محاولة لكشف عملية الإخفاء وتعرية الصورة المزيفة، من أجل الوصول إلى الصورة الأصل، الصورة الحقيقية الواقعية، تثور ثائرته ، بأعلى ما تكون العدوانية و أقصى ما يكون الإرهاب فيزمجر قنابل ويرعد تقتيلا، فتنكشف سوءته ، وتتجلى صورته البشعة الثابتة التي تخلت – لضرورات الوقت - عن عمليات التجميل، وعطور آخر موضة، ولم يترك لها الفعل المفاجئ وغير المنتظر، مجالا لارتداء قناعها المصنوع بعناية بالغة. وهل يمكن فهم ضرب قناة الجزيرة في العراق وأفغانستان، و إيقاع الرعب و القتل بعامليها ، إلا في هذا الإطار وضمن هذا السياق؟! ومع ذلك فلم يكن ما قامت به الجزيرة إلا معركة صغيرة جدا ضمن حرب كبرى يراد لها أن تكون فاصلة ( من ليس معنا فهو ضدنا ). لم يكن سوى خدش بسيط أصاب الصورة، وإلا فإن عملية صنع الصورة لا تزال قائمة على قدم وساق، وسوقها ينبغي أن يبقى رائجا ، لأن كساده معناه خسارة الحرب الشاملة الكبرى والفاصلة، ولذلك فقد أعد لها صانع الصورة القوي، وصانع الحروب في الآن نفسه، كل مستلزمات النجاح من خبراء ومحللين وإعلاميين وتقنيين، وترسانة كيبرة من مراكز الدراسات والأبحاث ، ومراكز التسويق من قنوات تلفزية ومواقع رقمية، و... فالقناع/ الصورة أحد الوسائل المركزية في الحرب، وكلما أصاب أدوات الحرب والعدوان عطلا أو تخريبا من الخصم ''الهمجي المتطرف'' (حتى لو كان صحفيا) كانت الترسانة جاهزة من أجل إصلاح العطب لتدور الرحى ولا تتوقف، طاحنة لكل من يصادف طريقها، ليمتص صانع الصورة القوي وصانع الحروب طِحن المطحون بترولا مخلوطا بدم، وعظاما مدقوقة ضمن عائدات شركاته الكبرى.



في عالم الخطابات المتصارعة والمصنوعة للآخرين عن ذواتهم وعن الآخرين ( والمصنوعة أيضا عن ذات الصانع) تصطرع معركة غير متكافئة ، يحتل فيها، القوي المتفوق إعلاميا وتقنيا مركز الصدارة ومن ثم موقع المنتصر الذي ينتج الخطاب ، ومعه صورته، أو ينتج الصورة وينتج خطابها ، ويحسن تسويق الخطاب و تسويق الصورة معا، وبقدر كثافة الصورة أو الخطابات وبراعة إنتاجها تكون الغلبة ويكون الانتصار، غلبة وانتصارا يتحول فيه الجلاد إلى ضحية، وتغدو هاته متطرفة وإرهابية، غلبة وانتصارا كاسحا - في لحظة من لحظات التاريخ- إلى الحد الذي يصبح فيه المغلوب – وفق قانون ابن خلدون - مولع بتقليد الغالب ليس مقتنعا بخطاب الغالب عنه وحسب بل متبنيا له ومدافعا عنه. فيفقد لسانه فلا يتكلم بغير لسان الغالب ووفق ما يرسم هذا الأخير من أهداف واستراتجيات من بينها - تمثيلا وليس حصرا- الصورة التي ينبغي أن يصبح عليها المغلوب في نهاية عمليات الترويض المتعددة والمتنوعة : لنتأمل الأجندة التي تُفرَض مجالا للتفكير والنقاش والاستنبات في العالم العربي والإسلامي، ولنتأمل حماس بعضهم في الدفاع عنها.




هل أصبحنا بهذا العجز كله ، وبهذا العي كله، فلم نعد قادرين على التعبير الصحيح عن ذواتنا ، وإعطاء الصورة السليمة عن أنفسنا؟

هل نحن بهذه البشاعة؟

لا شك أن صورة القتل لا يمكن أن تكون هي الصورة التي يمكن لأمة مثل أمتنا أن تقدمها عن نفسها، فذلك بعيد كل البعد عن جوهرها، مجانب تماما وبإطلاق لما سعت وتسعى إليه من خير للبشرية في كل أنحاء كون الإله الذي تعبده والذي من مقتضيات عبادته تكريم مخلوقاته. إذن فما بال هذه الصورة المرعبة الساكنة أجنحة الشبكة العنكبوتية (صورة ذبح الرهينة الأمريكية) والتي يراد لها أن تكون عنوانا لحضارتنا، وصورة يُختزَل فيها كل المنتمين لهذه الحضارة ؟! فهل أخطأت أمتنا طريقها وتنكبت جوهرها العميق؟! أو هل ضعفت أمتنا إلى الحد الذي لم تعد قادرة فيه على ملامسة طريقها الواضح والسليم؟!وهل من الصائب والمعقول تحميل الأمة عبء هذه الصورة؟!

هل هي صورة صنعناها بأنفسنا لذواتنا؟

أم صورة صنعت لنا عن أنفسنا؟

أم نحن أنجزناها وهم ارتضوها لذواتنا ؟

أم دفعونا قهرا لصناعتها عن أنفسنا وسوقوها لنا ؟



مهما كانت الإجابة التي يمكن أن يرتضيها كل واحد منا، فإن الذي لا شك فيه أن أي إجابة مهما كانت قوة قساوتها في جلد الذات، لا يمكنها أن تتخلص من ظلال سؤالين مستفزين:

ماذا كان يفعل الجندي الأمريكي ( الرهينة) بالعراق وتحت أية شرعية حل ببلد لا يرحب به مواطنوه؟!

هل عجزت التقنية الأمريكية وسلطة امتلاك الأنترنيت عن منع تلك الصورة عن الشبكة؟!

إذا كانت الإجابة عن السؤال الأخير بالنفي وهو الأقرب في نظرنا، فما دواعي الإبقاء عليها إذن؟!!!

على الرغم من وجاهة هذين السؤالين فلعل السؤال الأكثر أهمية، والأكثر إنتاجية وراهنية هو :

أي خطاب تنتجه الأمة اليوم عن ذاتها ، وعن الآخرين ، وأي صورة تقدم بها نفسها لغيرها ؟

وهل تهتم بذلك أصلا ؟

وما المؤسسات التي أنشأتها لهذا الأمر إن كانت تهتم؟

وما هي استرتيجتها في ذلك وما أولوياتها؟

وما الموانع التي تمنعها من أجل القيام بذلك؟

وهل تنقصها الإمكانات المالية والبشرية لتحقيق ذلك؟

وما...؟ أسئلة كثيرة تتناسل لتعبر عن أزمة الأمة في لحظتها الراهنة، ولتستنهض العقول والهمم لتحقيق الفريضة الغائبة.

كم هو جميل القول أن الكل مطالب ، وكل في مجاله، ببناء صورة الأمة الحقيقة القادرة على تجلية جوهرها الإنساني العميق، غير أن هذا القول على سلامته الظاهرية لا يمكن أن يساعد مع الأسف على الحل ، إذ المسالة أبعد من أن تكون شأنا فرديا، إذ الفرد ومهما ارتفعت قدرته وعلَت همته، وزادت فاعليته فهو لا يستطيع أن يكون بديلا عن المؤسسات، ولا هو يقدر على أن يقف في وجه مؤسسات, فصناعة الصورة اليوم معركة حقيقية (سواء لإنتاج الخير والسلام ، أو لإنتاج الحرب و نشر الشر) ، ومن ثم فلخوضها لا بد من استراتيجية واضحة المعالم، تعتمد ترسانة في حجم المعركة، ترسانة من المؤسسات، والخبراء والتقنيين في صناعة الصورة وتسويقها. فهل تدرك الأمة الأمر وتسارع لتحقيقه؟ يحزنني أن أذّكر أن المخرج الأردني مصطفى العقاد قضى وفي نفسه شيء من ذلك، وفي قلبه غصة من كثرة أموال الأمة، وشحها لتحقيق جزء من ذلك ( فيلم يقدم صورة الأمة بخلاف ما يقدمها أعداؤها). كما يفزعني أن تقتله الصورة التي حاول أن يعطي للعالم بديلا عنها. لقد نجح عدو الأمة بفعل العدوان ليس على إنجاز الصورة المشوهة عنا فقط، بل استطاع أيضا أن يقضي بها ومن خلالها على بعض من يطمح – من أمتنا والذي لم تنفع معه عمليات الترويض- لتغيير تلك الصورة المصنوعة من قبل العدو لإخفاء الصورة الحقيقية للأمة. إنها لعبة إخفاء مزدوجة يقوم بها عدو الأمة من خلال بناء الصورة وتسويقها: إخفاء لوجهه الكريه وسحنته الدموية وأنيابه الماصة لدماء الشعوب، وفي نفس الوقت إخفاء لحقيقة الأمة بخلق الصورة المشوهة. ليتم له بعد ذلك الإقناع بما لا يمكن الإقناع به عادة من دون هذه العملية المزدوجة للإخفاء ضمن إنتاج الصورة ألا وهو: إن الضحية هو الجلاد، والجلاد هو الضحية.

إن مقتل مصطفى العقاد، وضرب الجزيرة، ومقتل الرهينة الأمريكية، وصورة الرئيس الأمريكي مع كلابه و... ليس سوى تمظهرات لهذه اللعبة المزدوجة والمعقدة للإخفاء التي تتخذها حرب الصورة اليوم بين النجاح والتعثر. والتي لا يزال يقودها العدو وحده، من دون أي محاولة منظمة ومؤسسية للمقاومة باستثناء بعض المناوشات هنا وهناك والتي لا يمكنها بسب انفرادها أن تأثر في نتائج الحرب، وإن كان باستطاعتها أن تحقق في بعض الأحيان بعض الانتصارات الجزئية الموقعية. وسيكون نجاح العدو كاسحا وكاملا ما لم تع الأمة دور الصورة في عالم اليوم، ولم تُثَنِّ ذلك بإنشاء ترسانة المؤسسات الكفيلة بالمقاومة من أجل إبراز الصورة الحقيقية لها، وتأسيس الاستراتيجيات التي تخدم ذلك الهدف. و قبل أن تحاصر الأمة نهائيا و تنزوي في الصورة التي أرادها لها أعداؤها، وفي انتظار أن يتحقق بناء مؤسسات الصورة المقاومة عن الأمة بما تمثله الأمة من قيم العدل والإنسانية والمحبة للآخر: إنسانا وحيوانا و طبيعة أتوقف لتأمل صورة كمِ الأمة اليوم هي محتاجة لتصديرها عن نفسها ولتتمثلها قبل ذلك إدراكا و ممارسة:

عن يحي بن سعيد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رؤي وهو يمسح وجه فرسه بردائه، فسئل عن ذلك؟ فقال:'' إني عوتبت الليلة في الخيل '' ( الألباني، الصحيحة : 1383)
  #2  
قديم 26-05-2006, 10:59 AM
أحمد ياسين أحمد ياسين غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2005
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 6,264
إفتراضي

لمزيد من الاطلاع
  #3  
قديم 26-05-2006, 11:45 AM
على رسلك على رسلك غير متصل
سـحـابة ظــــل
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 6,053
إفتراضي

هل أصبحنا بهذا العجز كله ، وبهذا العي كله، فلم نعد قادرين على التعبير الصحيح عن ذواتنا ، وإعطاء الصورة السليمة عن أنفسنا؟

هل نحن بهذه البشاعة؟


نعم بهذه البشاعة ...
__________________
  #4  
قديم 27-05-2006, 02:24 PM
أحمد ياسين أحمد ياسين غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2005
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 6,264
إفتراضي





شكرا على مرورك الكريم
  #5  
قديم 18-06-2006, 09:45 AM
أحمد ياسين أحمد ياسين غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2005
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 6,264
إفتراضي

فقط للذين يدركون جيدا حجم المؤامرة
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م