مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 29-05-2007, 02:30 AM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

إهانة المصحف منذ الأيام الأولى
كانت حوادث إهانة المصحف الشريف تتكرر منذ الأيام الأولى في معتقل غوانتنامو. وقد وقعت إحدى هذه الحوادث أمامي، حيث كان أحد المعتقلين يضع مصحفه على بطانية، فجاء أحد الجنود وقام بشكل متعمد بحركة استفزازية بهدف إثارة المعتقلين، فسحب البطانية وسقط المصحف على الأرض، فثار المعتقلين وبدؤوا بالصراخ والاحتجاج على هذا التصرف الأهوج، وأخبروه بأن هذا كتاب الله وعليه أن يحترم مشاعر المعتقلين ودينهم، فقال مستهزئاً، هل هذا هو كتابكم المقدس! ثم قام بركل المصحف عدة مرات برجله، فغضب الشباب كثيرا، وطلب مني الأخوة أن أوجه له تحذيرا ألا يكرر هذا الفعل، فتكلمت معه بشدة وغضب، فكان يشتمني ويسبني، فقام الأخوة بالتكبير الجماعي بصوت واحد مرتفع جداً، حتى أصيب السجانون بحالة من الرعب، وبدؤوا يركضون ناحية باب المعسكر طلبا للهرب. عند ذلك خرج الضباط من مكاتبهم ورأوا المنظر وما أصاب جنودهم من الرعب وسمعوا أصوات التكبير والضرب على شبك الزنازين فتم استنفار الجنود واستدعيت السيارات العسكرية وتمت محاصرة المعتقل بالأسلحة الثقيلة. كان الأمر مروعا بالنسبة لهم، ولكن في نفس الوقت ارتفعت الروح المعنوية للشباب عندما اكتشفوا أنهم يملكون السلاح الأقوى وهو سلاح التكبير. بعد ذلك جاءنا المسئولون ليستفسروا عن سبب الغضب والهيجان، فأخبرناهم بما حدث، وحذرناهم من التمادي في مثل هذا التصرف، فوعدونا بأن هذه الحادثة لن تتكرر وطلبوا منا الهدوء، ولأنني كنت المترجم للإخوة حيث كنت أجيد التحدث باللغة الإنجليزية، ظن الأمريكان بأنني كنت المحرك للشغب والعصيان فقاموا بنقلي من هذا العنبر إلى عنبر آخر.
الإضراب عن الطعام دفاعاً عن المصحف
لقد تكررت حوادث إهانة المصحف طوال سنوات اعتقالنا رغم الوعود الكثيرة بعدم تكرار هذا الأمر. ومن هذه الحوادث أن الجنود دخلوا زنزانة أحد الأخوة المعتقلين أثناء تأديته الصلاة وقاموا بضربه دون مبرر، ثم دخلوا زنزانة أخ آخر بحجة التفتيش وكان الأخ في تلك الأثناء قد أخذ للتحقيق، وقاموا برمي المصحف وإهانته، وكان سبب هذه التصرفات أنهم أرادوا تحطيم معنويات الشباب. فانتشر الخبر بين المعتقلين في جميع العنابر، وقمنا بالاحتجاج الشديد والصراخ والتكبير والضرب على شبك الزنازين، وحاول الجنود والمسئولون جاهدين تهدئة الوضع ووعدوا بعدم تكرار الحادثة، إلا أن الأخوة لم يقبلوا اعتذارهم حيث لم تمض على الحادثة الأولى سوى أيام قلائل. ثم جاء أحد الجنرالات ومر على الزنازين وطلب من الأخوة الهدوء ووعدهم بالتحقيق في الأمر وعدم تكراره، إلا أن الأخوة لم يقبلوا الاعتذار من الجنرال، ثم تشاورنا وقررنا الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجا على إهانة كتاب الله الكريم. كانت كمية الطعام في كل وجبة لا تزيد عن كأس سعة مائة ملليجرام، ورغم ذلك فلم نكن نشعر بشدة الجوع بل كنا نشعر بأن الطعام يكفينا لأن الله يبارك فيه. كانت الوجبات المقدمة عبارة عن خبزه واحدة أو توست مع بيضة مسلوقة وكأس من الحليب في الفطور، وأما الغداء فكان قليلا من الكورن فليكس وبسكويت وعلبة زبيب وكمية قليلة من المكرونة، وأما العشاء فكان كمية قليلة جدا من الرز أو اللوبيا، ثم غيروا وجبة الغداء إلى الوجبة العسكرية الجاهزة. وقد اكتشفنا بأنهم كانوا يقدمون لنا الوجبات المنتهية الصلاحية والتي كانت في طريقها للإتلاف، وقد كان بعض المعتقلين يشكون من آلام ومغص في المعدة بسبب هذه الأطعمة التي لم نكن نعلم أنها منتهية حتى أخبرنا عنها بعض الجنود الذين تعجبوا بأننا ما زلنا أحياءً وأننا لم نمت بعد، فلما سألناهم عن السبب أخبرونا بأن ما يقدم لنا من طعام منته الصلاحية، وقد استمر الحال ونحن نتناول الوجبات المنتهية الصلاحية أكثر من ستة أشهر، ولما علمنا بذلك امتنعنا عن تناول هذه الوجبات، مما اضطرهم إلى التوقف عن تغذيتنا بالوجبات المنتهية الصلاحية. شارك في بداية الإضراب حوالي مائتا أخ، فشق هذا الإضراب على الأمريكان أكثر من المشقة التي كنا نشعر بها، فقد كنا نتلذذ بالذود عن كتاب الله بهذه الطريقة، ولم تكن لدينا وسيلة سوى الإعلان عن احتجاجنا ورفضنا للطعام والشراب. عندما بدأنا الإضراب عن الطعام رداً على التعدي المتكرر على المصحف، جاءنا الضباط عدة مرات وطلبوا منا إنهاء الإضراب، ولما رأوا إصرارنا على مواصلة الإضراب، جاءنا الجنرال المسئول عن المعتقل وكان يجثو على ركبته أمام الزنازين مناشداً المعتقلين إنهاء الإضراب، وكان يغرينا بتحسين الوجبات وتقديم الدجاج والسمك والشاي في مقابل أن يهدأ الشباب ويفكوا الإضراب، ولكننا لم نعره أي اهتمام. واستمر الإضراب وعدم التجاوب لمناشداتهم مدة أسبوع، ثم قامت إدارة المعتقل كبادرة حسن نية بتعليق الكمامات التي توضع على الأنف في جميع الزنازين لوضع المصاحف فيها، ومنعت الجنود من لمس المصاحف منعاً باتاً. فتجاوب عدد من المضربين وأنهوا إضرابهم عن الطعام، ورفض آخرون الاستجابة لهم. وبدأ عدد المضربين يتناقص حتى وصل إلى حوالي التسعين، وأما أنا فقد استمررت في الإضراب قرابة الثمانية أيام. بقي حوالي أربعة أفراد لم يفكوا الإضراب حتى قرابة الشهر ثم بقي شخصان على إضرابهم قرابة الخمسين يوماً، ثم بقي واحد من الإخوة على إضرابه عن الطعام حتى أكمل التسعين يوماً، وقد تمت تغذية المعتقلين بواسطة السيلان عن طريق الوريد وأما الذين ساءت حالتهم فقد تمت تغذيتهم عن طريق السوائل والمغذيات بوضع الأنابيب في أنوفهم. وقد مارس السجانون التعذيب على المعتقلين حتى وهم في هذه الحالة الصعبة، فرغم الحالة الصحية التي وصل إليها المضربون والضعف الجسدي الشديد، إلا أن الأطباء لم يرحموهم، فقد كانوا يغرسون أبر التغذية في أيديهم بكل قسوة وغلظة عدة مرات حتى أن الأخوة كانوا يصرخون من شدة الألم وكان الأطباء يكذبون ويعتذرون بأنهم لم يجدوا الوريد بسهولة. بعد ذلك بدأت إدارة السجن في تحسين نوعية الطعام وكميته، وقدموا لنا الدجاج والسمك واللحم ولكن بكميات قليلة جداً. كان لحادثة الإضراب فوائد ودروس كثيرة فقد أيقنا أن الله قد أعزنا عندما أعززنا كتابه، وأن عزتنا كانت مرتبطة تماما بعزة القرآن الكريم، وقد استفدنا من هذه الحادثة في التعامل مع إدارة المعتقل وفي التعاطي مع القضايا التي تمر بنا خلال فترات الاعتقال. وقد أيقنا أننا نحن الأعزة وإن كنا في هذه الزنازين، وأنهم هم الأذلة وإن كانوا يلبسون الملابس العسكرية ويتدججون بأحدث الأسلحة. وكنا بعد هذه الحادثة لا نقبل الدنية في ديننا، حيث كنا قبل هذه الحادثة لا يسمح لنا بالصلاة وقوفاً، ولا بالجهر في الصلاة، ولا برفع الصوت في قراءة القرآن، ولا بالتحدث مع المعتقلين في الزنازين المجاورة، أما بعد الحادثة وما تلاها من الإضراب، فقد كان الجنود يطلبون منا الجلوس أو خفض الصوت ولكننا كنا نطردهم ونقسو عليهم، بل وكنا نصلي الصلوات جماعة كل في زنزانته، وكان الجنود يتحاشون التعرض لنا واستفزازنا خشية التمرد والإضراب. وكنا بعد تلك الحادثة نقيم شعائرنا الدينية بكل حرية، ولم يكن أحد منهم يجرؤ على التعرض لديننا خوفاً من الإضراب والتمرد والتعنيف الذي سيناله الجنود من المعتقلين مما يضطره بعد ذلك إلى الهرب والبقاء بعيداً عن الزنازين. وأسأل الله أن يؤجر جميع الأخوة على غيرتهم ودفاعهم عن كتاب الله.
ممارسة الرياضة

كانت إدارة السجن لا تسمح للمعتقل بممارسة رياضة المشي، وقد تم تحديد مدة الرياضة خلال السنتين أو الثلاث الأولى بحوالي ربع ساعة مرتين في الأسبوع ، ثم في السنة الثالثة أصبح مجموع الفترة التي منحوها لنا للمشي هي ثلاث مرات كل أسبوع ولمدة ثلث ساعة في كل مرة. ومنحونا فترة خمس دقائق للاستحمام بعد كل فترة مشي. كانت ممارسة الرياضة جزءاً من العذاب أكثر منها متعة وتنفيساً، فقد كان المعتقل إذا طلب منحه فترة لممارسة المشي، كان الجنود يشدون عليه أكثر، ويقيدون يده أثناء المشي، ويطلبون منه أن ينكس رأسه، لذا فقد كنت لا أرغب بالخروج للرياضة إلا نادراً، وكان معظم الأخوة كذلك لا يطلبون الخروج للرياضة، وأما بعض الذين كانوا يخرجون للمشي فقد كان مقصدهم رؤية باقي المعتقلين من العنابر الأخرى والسلام عليهم.
الخدمات الطبية
كانت الخدمات الطبية المقدمة للمعتقلين في غاية السوء، بل إن الأطباء كانوا يشكلون جزءاً من فريق التعذيب. لقد كان بعض الأخوة يصابون بالأمراض والآلام الشديدة فيطلبون تحويلهم إلى العيادة التابعة للمعتقل، ولكن طلبهم كان يقابل بالرفض دائماً، فإذا ما أصر المريض على زيارة العيادة، كان لا يلقى العناية الطبية ولا التشخيص الجاد ولا الدواء المناسب، بل إن بعض المعتقلين تضرروا من العلاج الذي قدمه لهم الأطباء. وقد يكون الهدف هو تطفيش المريض وجعله يتجنب طلب زيارة العيادة، وبالفعل فقد كان المعتقلون يتحاشون زيارة العيادة أو طلب رؤية الأطباء قدر المستطاع لانعدام الثقة والأمان منهم. كما أن الأمريكان قد أرادوا أن يجعلوا من المعتقلين حقل تجارب يجربون علينا العقاقير الجديدة قبل بيعها في الأسواق. ومن المؤكد أن الأطباء كانوا يقدمون لنا بعض الأدوية المنتهية الصلاحية. كان الأطباء جزارين كذابين، حيث كانوا يحاولون إقناع بعض الأخوة الجرحى والمصابين بجروح في أرجلهم وأيديهم بأن من الأفضل بتر أطرافهم حتى لا تصاب بالغرغرينا، لكن الإخوة كانوا يرفضون ذلك رفضاً قاطعاً. وقد كان الأطباء النفسيون يحاولون إيهام المعتقلين بأنهم في وضع نفسي خطير وأنهم ينصحونهم بتناول بعض العقاقير المهدأة، إلا أننا كنا نرفض الموافقة على تناولها. كان الأمريكيون مجرمون بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، فقد كانوا يتفننون في أساليب التعذيب النفسي والجسدي، ولولا فضل الله علينا وحفظه لنا، لكنا في عداد الأموات، أو ربما أصابنا الجنون والأمراض النفسية والعصبية.
  #2  
قديم 05-06-2007, 12:38 AM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم الحلقة الثالثة3/4
من مذكرات الأخ عادل كامل
مسيلمة الكذاب في غوانتنامو
كان في المعتقل مرشد ديني بنغالي الأصل اسمه سيف وهو ضابط برتبة نقيب، وكان يقول لنا أنه أخونا في الإسلام، وأنه يريد مساعدتنا، وأن الإفراج عنا قد أصبح قريباً جداً. وكنا نقول له أنه أشبه بمسيلمة الكذاب، وأنه يجب أن يخجل من نفسه بعمله مع الكفار الذين يعذبون من يدّعي أنهم إخوانه. كان هذا المسيلمة وبعض المترجمين العرب ممن كانوا يعملون مع المحققين يشيعون بين المعتقلين بأن الإفراج عنهم قد أصبح قريباً، وكان بعض الإخوة يتناقلون هذه الإشاعات رغبة في رفع المعنويات، وكنا نحذرهم من تصديق هذه الأقاويل لأنهم إنما يهدفون إلى تهدئتنا بهذه الإشاعات، وأننا لم نر من الأمريكان خيرا ولا صدقاً منذ وقعنا في أسرهم، فلماذا يصدقون معنا هذه المرة.

بداية التململ في معسكر X-RAYبدأ الشباب يتململون من طول البقاء في هذا المعسكر الرهيب وعدم معرفة المصير الذي ينتظرنا. فلم تكن الأمور واضحة ولم تكن تلوح في الأفق نهاية لهذا الكابوس. وبدأنا في التمرد وإزعاج الجنود والسؤال عن مصيرنا، وكنا نقول لهم إن كانت عندكم تهماً محددة ضدنا قدمونا للمحاكمة، وإلا فأطلقوا سراحنا. فكان الضباط والجنود يأتون لنا ويطمئنوننا بأن المحاكمات قريبة وأن من لم تثبت عليه تهمة الانتماء لتنظيم القاعدة سيفرج عنه قريباً، وأن الكونجرس الأمريكي قد بدأ في مناقشة ظروف الاعتقال وسن القوانين المتعلقة بنا.

من معسكر X-RAY إلى معسكر دلتا
بعد انقضاء أربعة أشهر من الاعتقال في معسكر X-RAY ، بدأ الجنود يتعاملون معنا بلطف وتهدئة، وكانوا يتجنبون استفزازنا، وعرفنا بعد ذلك أن الأمريكان كانوا يجهزون لنا معتقلا جديداً، لأنهم اكتشفوا أن تصميم الزنازين في معسكر X-RAY غير آمن، وأن الشبك المستخدم في بناء الزنازين لم يكن قوياً بما فيه الكفاية، فكانوا يخافون من أن يتمرد المعتقلون ويقوموا بفك الشبك وتحصل مواجهة بين المعتقلين والجنود، لذا فقد تم تصميم معسكر آخر وهو معسكر دلتا حيث تلافوا العيوب في المعسكر السابق، وكان هذا المعسكر أكثر إحكاما وشدة. وقد قضينا باقي فترة الاعتقال في معتقل غوانتنامو في معسكر دلتا، وكانت مدتها قرابة الثلاث سنوات وسبعة أشهر.

تصميم الزنازين في المعسكر دلتا
كانت الزنزانة في معسكر دلتا مصنوعة من نوع مزعج من الشبك، لأن الفتحات كانت صغيرة وحلزونية الشكل وذات مقاس بوصة مربعة واحدة فقط، فكان يتعب الرائي من داخل الزنزانة إلى الخارج. كانت مساحة الزنزانة مترين في متر وثمانين سنتيمتر، وكان بالزنزانة سرير حديدي مرتفع عن الأرض قرابة المتر، ويوجد في نهاية الزنزانة مرحاض أرضي ومغسلة صغيرة بها حنفية، والمساحة المتاحة للحركة داخل الزنزانة لا تتعدى متراً مربعاً واحداً تقريباً.
لقد صمم المعسكر دلتا بطريقة تهدف إلى كسر معنوياتنا حيث أن المعسكر يدار من قبل أطباء نفسانيين متخصصين في أساليب التعذيب النفسي التي قد تؤدي بالمعتقلين إلى الانهيار العصبي أو الجنون. كان الوضع في المعسكر دلتا أكثر سوءاً من معسكر X-RAY. كان المعسكر مطوقاً بأسلاك شائكة متعددة، وكانت هناك قرابة ستة حواجز أمنية بها حراسات من الأبراج وحراسات بين كل طوق من الشبك وحراسات خارجية وكاميرات مراقبة. كان المعسكر محكماً وشديداً جداً. كانت الإضاءة قوية جدا في المعتقل، وكانت الأنوار موجهة لكل زنزانة على حدة، ورغم أن المعسكر كان مشيّدا على ساحل البحر إلا أننا كنا محرومين من رؤية البحر لأن إدارة السجن قد وضعت سواتر على السياج الخارجي للسجن وذلك لمنعنا من النظر إلى الخارج. بدأ الجنود يشدون علينا من جديد في محاولة منهم لاستعادة جزء من هيبتهم التي فقدوها في الفترة الماضية، ورغبة منهم في معاقبة المعتقلين على ما قاموا به من تمرد واحتجاجات. ولكنهم لم يفلحوا في هذه المرة كذلك، حيث أننا قد تخطينا مرحلة الخوف من الجنود والعقاب منذ التجارب التي مرت بنا في معسكر X-RAY. وبدأ الجنود كذلك يتمادون في الاستهزاء بالشعائر الدينية والاعتداء على المصحف، فعاد الأخوة للتمرد والاحتجاج. كانت الإدارة تمنعنا من معرفة الوقت والتاريخ ودخول المواسم الدينية كرمضان والعيد وبداية العام وغيرها، لذلك فقد كنا نعتمد على أنفسنا في تحديد مواقيت الصلاة ودخول الأشهر وحلول المواسم الدينية، وكنا نوفق ولله الحمد إلى ذلك بصورة شبه دقيقة. وقد كانت إدارة السجن تتعمد افتعال المشاكل معنا، فكانوا على سبيل المثال يجعلون المجندات من النساء يتجمعن في أماكن اغتسال المعتقلين من أجل استفزازهم، فكان المعتقلون يرفضون الخروج للاغتسال احتجاجا على تواجد النساء. كما كانت المجندات يرافقن المعتقلين عندما يخرجون لممارسة رياضة المشي، فأضربنا عن الرياضة كذلك. واستمر الإضراب لفترة من الوقت وقمنا بالاحتجاج على هذه الممارسات السخيفة، حتى اضطرت الإدارة للانصياع لمطالبنا ومنع المجندات من القيام بهذه الأعمال.
  #3  
قديم 05-06-2007, 12:39 AM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

من السجان ومن المسجون؟
كان الجنود يقضون نهارهم وليلهم في اللهو ومعاقرة الخمر والنساء والرقص والملذات التي يظنون أنها ستخفف عنهم ما يقاسون من ضغط نفسي، فقد كانوا في حكم المنفيين مثلنا تماما أو أكثر. فلقد ترك الجنود بيوتهم وديارهم وأسرهم إلى هذا المكان النائي، وواجهوا ظرفا لم يكونوا يتوقعونه من قسوة الحياة وصعوبة التعامل معنا، لذا فقد كانوا يعدون الأيام والليالي للعودة إلى بيوتهم لأن الوقت يمر عليهم ببطء شديد. كان الجنود يمارسون أساليب الضغط المختلفة علينا كجزء من برنامج الترفيه النفسي، ففي الوقت الذي كانوا يشعرون بكل هذا العذاب، كانوا يشاهدون المعتقلين وهم في أحسن حال يصلّون ويقرؤون القرآن ويضحكون وينشدون ويقيمون البرامج الترفيهية ويحتفلون بالمناسبات الإسلامية كالأعياد. وعندما يبدأ الأخوة في التمرد والصراخ والضرب على الشبك كان الجنود يفرون كالمجانين أو كالفريسة التي تفر من الوحش الكاسر، فألقى الله الرعب في قلوبهم من أناس مأسورين في الزنازين ولا حول لهم ولا قوة لهم.
أدى كل هذا إلى رد فعل عكسي على الجنود، وأصبحنا كأننا نحن السجانين وهم المساجين، رغم ما كان يقدم لهم من تسهيلات وتسلية للتخفيف عنهم مما يمرون به، ولكن السر الذي لم يكونوا يستوعبونه ولا يستطيعون فهمه هو أننا في معيّة الله وهم في معيّة الشيطان. تحول الوضع مع الزمن إلى تجلد وقوة وهمة عالية للمعتقلين، وأمراض نفسية واكتئاب وتعب شديد للجنود، وبدؤوا ينهارون ويبكون ويأتون إلى بعض الأخوة عند الزنازين يشتكون من إدارة السجن، وكانوا يقولون بأنهم يتمنون الموت من سوء الوضع النفسي الذي يمرون به وأنهم نادمين لموافقتهم على العمل في هذا المعسكر. كان الجنود يدّعون بأن إدارة السجن تفرض عليهم التعامل معنا بهذا الأسلوب، وكان بعضهم يحاول أن يتجنب التصادم مع المعتقلين واستفزازهم. وكان رئيس النوبة عندما يأتي لاستلام نوبة العمل، يأتي إلى المعتقلين يرجوهم أن يكونوا هادئين خلال فترة نوبته في مقابل أن يقدم لهم كل عون ومساعدة لأي طلب يريدونه من زيادة كمية الطعام وإطفاء الأنوار أثناء النوم، وإعادة الأغراض الشخصية للمعتقلين الذين عوقبوا بمصادرتها كالفرش وغيره. وقد أدى هذا الموقف إلى رفع معنويات الأخوة المعتقلين لأن السحر قد انقلب على الساحر وأن الله قد أذل أعداءه وثبّت أولياءه. وبدلاً من أن يتعب الأخوة وينهاروا فإن الجنود هم الذين تعبوا وانهاروا فعلاً. وكنا نذكّر بعضنا بعضاً بأن هذا كله من فضل الله وحده وليس بسبب قوتنا وتحملنا، ولا شك بأن التزام الإخوة بأداء الصلوات المكتوبات والسنن وقيام الليل وصيام النوافل والالتزام بالأذكار في أوقات الصباح والمساء والمداومة على قراءة القرآن وحفظه، كان له أكبر الأثر في تثبيتنا على مبادئنا الإسلامية.

مدير السجن الجديد يهودي
في أكتوبر 2002م تم تغيير مدير السجن إلى الجنرال اليهودي هود ميللر الذي جاء بكل غطرسة وتجبر وكانت لديه أجندة خاصة لإجبارنا على الانصياع إلى أوامره، ولكن المعتقلين قابلوا هذا الجنرال بمزيد من العناد والتصلب وعدم التنازل أو الرضوخ إلى مطالبه. وعادت الأساليب الرخيصة من الاستهزاء بالدين والشد على المعتقلين واستفزازهم، وكنا نرد عليهم بالرش بالماء والقاذورات من خلف الزنازين ورفع الصوت عليهم والتكبير، وهكذا كنا في كر وفر معهم، هم في الفضاء الفسيح ولكن أرواحهم مهزومة، ونحن في الزنازين الضيقة ولكن أرواحنا محلقة في الأعالي.

الزنازين الانفرادية
الزنزانة الانفرادية عبارة عن سجن من الحديد المصمت وهي محكمة الإغلاق من جميع الجهات ولا يوجد بها نوافذ. ويوجد بالزنزانة سرير حديدي ومغسلة ومرحاض، بالباب الحديدي للزنزانة فتحة صغيرة عليها شبك وفتحة أخرى لإدخال الطعام وكلا الفتحتين مغلقتين معظم الوقت، أبعاد الزنزانة مترين في متر وثمانين سنتيمتراً. فإذا ما نقّصنا المساحة التي يوضع بها السرير والمغسلة فإن المساحة المتبقية للمعتقل في الزنزانة الانفرادية للمشي والحركة والصلاة عبارة عن متر مربع واحد فقط. وأما فعبارة عن مكيف، فإذا ما أرادوا مضايقة المعتقل فإنهم يرفعون درجة البرودة بالزنزانة لتصبح كالثلاجة أو كالفريزر، فتتجمد جدران الزنازين الحديدية حتى أن راحة اليد قد تلتصق بالجدران من شدة البرودة، أو يقومون بإغلاق المكيف لتصبح الزنزانة كالتنور من شدة الحرارة.

محاولات الانتحار كانت إدارة السجن تشيع بأن بعض المعتقلين قد حاول الانتحار وكانت تسرب هذه الإشاعات للخارج، وقد تكون لهذه الإشاعات مآرب متعددة منها كسر معنويات الأخوة ورفع معنويات الجنود، ومنها تشويه سمعة المعتقلين وأنهم لم يعودوا قادرين على الصمود والصبر، ومنها وهو الأهم أن أي معتقل يموت تحت التعذيب سيقولون بأنه قد حاول الانتحار عدة مرات، وأنهم فشلوا هذه المرة في إنقاذ حياته. والحقيقة أنه لم يحاول أي من المعتقلين الانتحار ولم يفكر حتى بذلك، فكيف يعكف المعتقل على حفظ كتاب الله، بل إن غالبية المعتقلين أتم حفظ كتاب الله في المعتقل، مما يدل على الهمة العالية عند المعتقلين، ثم يقدم على الانتحار وهو يعلم أن المنتحر جزاؤه الخلود في النار. وعلى العكس فقد كان الأطباء يعالجون مرضاهم النفسيين من الجنود الأمريكان ويقدمون لهم العقاقير المهدأة، وكانوا يحاولون جاهدين إقناعهم بالعدول عن فكرة الانتحار، وبالفعل فقد أقدم العديد من الجنود على الانتحار ونجح بعضهم في ذلك.
  #4  
قديم 05-06-2007, 11:47 PM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي


إرجاع المصاحف إلى إدارة السجن
بعد تكرر حوادث إهانة المصحف تيقنا بأن إهانة المصحف تأتي ضمن برنامج مخطط وليس بسبب تصرفات فردية من بعض الجنود. ومما يؤكد ذلك قيام المحققين بمعاقبة بعض المعتقلين عندما لا يتجاوبون معهم بسحب المصاحف منهم من قبيل الضغط علينا لكي نتجاوب ونرضخ. وكنا نرفض استخدام كتاب الله كوسيلة من وسائل التعذيب والضغط النفسي على المعتقلين. ورغم أن المصحف كان عزاؤنا وملاذنا وسندنا، إلا أننا تشاورنا وقررنا إرجاع جميع المصاحف إلى إدارة السجن احتجاجا على هذا التصرف. ولما رأت الإدارة بأن جميع المعتقلين متفقون على إرجاع المصاحف، رفضت استلام المصاحف وبدأت في السؤال عن السبب، فأخبرناهم بأن القرآن كتاب الله وهو دستور المسلمين وأننا أحرار في قبول المصاحف أو إرجاعها، ولكن إدارة السجن رفضت سحب المصاحف بل وأرسلت قوات الشغب لإدخال المصاحف علينا بالقوة، وقاموا برش مادة خانقة ومخدرة علينا أثناء دخولهم علينا في الزنازين ولكننا أصررنا على إعادة المصاحف حفاظا عليها من تصرفات الجنود الأوباش.

الدور المشبوه للصليب الأحمر
كان الصليب الأحمر يشارك في الجريمة التي يتعرض لها الأخوة، وفي تلفيق الأكاذيب ضدنا. وكان موظفو الصليب الأحمر يعينون الجنود أثناء التحقيق باستدراج المعتقلين نفسيا للبوح ببعض المعلومات التي لا يتمكن المحققون من الحصول عليها من المعتقلين أثناء التحقيق. وقد ينخدع المعتقل في بعض الأحيان بأن الصليب الأحمر قد جاء لمساعدته ومن ثم يعطيه بعض المعلومات التي يقوم رجال الصليب الأحمر بنقلها للمحققين. كنا نشكو للصليب الأحمر بأن الماء الذي نشربه في الزنازين كان ملوثا، وكانوا ينفون ذلك بشدة ويدعون أن الماء نقي وصحي، فكنا نطلب منهم أن يشربوا منه ليثبتوا لنا أنهم صادقين، فيرفضون الشرب منه. كان موظفو الصليب الأحمر يكذبون علينا ويعطوننا الوعود والآمال عن قرب الإفراج عنا إذا ما تعاونا مع المحققين. لذلك فقد كنا متيقنين بأن هؤلاء يحملون من الحقد على العرب والمسلمين بنفس القدر الذي يحمله ضدنا الجنود الأمريكيون، مما يؤكد أن الصليب الأحمر كان يقوم بدور مشبوه في المعتقل.

التحقيق المتقطع
لم يكن التحقيق مع المعتقلين يتم بشكل منتظم وإنما كان يتم بشكل متقطع وفي فترات متباعدة، وأما بالنسبة لي فلم تتجاوز عدد مرات التحقيق معي طوال الأربع سنوات ثمانية عشر مرة. كان التحقيق منصبا على السؤال عني وعن وضعي في السجن وأسئلة عن بلدي وعن الوضع السياسي في البحرين والجماعات والتنظيمات السياسية فيها وعلاقتي بهذه التنظيمات. كانوا يعرضون علي صوراً لأشخاص من البحرين ومن خارج البحرين ولكنني كنت أغمض عيني وأبدأ في قراءة القرآن بصوت عالٍ من باب الرفض لسماع الأسماء ورؤية الصور، وكانوا يقولون لي بأن من مصلحتي التعاون معهم لأن ذلك سيعجل بإطلاق سراحي، فكنت أقول لهم بأنهم يسألون عن أمور لا علاقة لي بها وأنهم اعتقلوني بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة والقتال في أفغانستان، فإن كان لديهم أية أسئلة تتعلق بهذه الموضوعات سأجيب عنها. ولكنهم لم يسألوني قط عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر ولا عن أحداث أفغانستان أو الحرب على ما يسمونه بالإرهاب.
وسائل التعذيب
إن وسائل التعذيب التي تمارس ضد المعتقلين كانت متنوعة ومتجددة بشكل دائم، وقد استخدموا أساليب قاسية جداً، منها الضرب المبرح والتقييد إلى الأرض بشكل مسمر لمدة ثماني وأربعين ساعة مع المنع من أداء الصلاة والذهاب إلى الحمام وعدم تقديم الطعام والشراب، ومنها تقييد الرجلين إلى اليدين من الخلف بشكل مؤلم، والتحرش الجنسي من قبل المجندات وتعري المجندات أمام المعتقلين وتلويث أجسادهم بدم الحيض، كما كانوا يهددون المعتقلين بالاعتداء عليهم جنسياً، وكانوا يقومون بإدخال قوات الشغب إلى غرف التحقيق لإرعاب المعتقلين وضربهم، وكانوا يقومون بتشغيل الموسيقى الصاخبة في الليل والنهار على المعتقل أثناء التحقيق معه مع تسليط الأنوار العالية على أعينهم طوال الليل لمنعه من النوم، فإذا ما أغلق عينيه رشوا عليه مادة حارقة في الأنف لإرغامه على فتحهما. وكانوا يضعون المعتقلين في الزنزانة الانفرادية لفترات طويلة. وقد وضعوني في السجن الانفرادي مدة شهر كامل، ووضع غيري من الأخوة لمدة تصل إلى ستة أشهر أحياناً وتحت درجات حرارة عالية أو منخفضة، وكانوا يهددوننا بإدخال الكلاب علينا في الزنزانة، وقاموا بمصادرة الفرش وقطعة البلاستيك الرقيقة المفروشة على أرضية الزنزانة لمدة تزيد على الشهر مما يضطر المعتقل للنوم على الخرسانة. كانت إدارة السجن تتلاعب بالطعام المقدم لنا بحيث تخلط الأرز المطبوخ بأرز غير مطبوخ، أو تخلط الخضراوات السليمة بخضراوات فاسدة عفنة تفوح منها رائحة كريهة. وكانوا يزعجوننا أثناء أداء الصلوات بتعمد رفع الصوت وافتعال الإزعاج حتى يشوشوا علينا في الصلاة. وكانوا يغسلون العنابر ويكنسونها في أوقات النوم لمنعنا من النوم، ولكننا ولله الحمد كنا نتأقلم مع الظروف المتجددة. لقد استخدم المحققون معنا جميع أساليب الترغيب والإغراء، فقد كانوا يمنوننا بإعطائنا الأموال والعودة إلى بلادنا مع توفير متع الحياة الغربية وتم إغراؤنا بالنساء وهم من يدعي حفظ حقوق المرأة والدفاع عن كرامتها، ووعدونا بمنحنا الجنسية الأمريكية إذا قدمنا لهم المعلومات والأدلة التي تدين بعضنا البعض أو تفيدهم فيما يسمونه الحرب على الإرهاب. ومن أساليب التعذيب النفسي أن يقوم الجنود بإخبار المعتقل بأنه سيفرج عنه ويعطونه ملابس عادية ليلبسها ويأخذونه إلى الطائرة، وعند باب الطائرة يقولون له أنه قد حصل لبس في الأسماء ثم يعيدونه إلى الزنزانة.
ولكننا لم نرضخ لوسائل الترغيب والترهيب. وكانت تصرفات الجنود في نظرنا أقرب إلى تصرفات الأطفال أو المخبولين، وأيقنا بأنهم ليست عندهم مروءة ولا رجولة وأنهم لا يفهمون شرف الجندي الحقيقي، وأيقنا كذلك أنهم جبناء إلى درجة لم نكن نتصورها.
  #5  
قديم 05-06-2007, 11:49 PM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي


البرنامج اليومي من الصباح وحتى المساء
شجع المعتقلون بعضهم بعضا على تنظيم الوقت واستغلاله الاستغلال الأمثل لما في ذلك من رفع للمعنويات وطرد للهموم ووساوس الشطان. فكان البرنامج اليومي حافلاً بالفقرات، فيبدأ بصلاة الفجر ثم الأذكار والتسبيح حتى الشروق ثم نصلي صلاة الضحى حتى وقت الإفطار، ومن بعد الإفطار يبدأ برنامج حفظ القرآن والتلاوة والمراجعة والتسميع. ثم نقوم بمزاولة بعض التمارين الرياضية في المساحة المتاحة لنا داخل الزنزانة، ثم تبدأ فقرة التواصل والدردشة بين المعتقلين حتى وقت صلاة الظهر ثم الغداء ثم القيلولة وأخذ قسط من الراحة حتى وقت صلاة العصر. ومن بعد صلاة العصر يبدأ البرنامج الرياضي والثقافي حيث نقوم بحفظ بعض الأحاديث النبوية والأشعار والأقوال، ثم نبدأ بتلاوة أذكار المساء المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى وقت صلاة المغرب. ومن بعد الصلاة تبدأ البرامج العامة في كل عنبر كالنشيد الجماعي والاستماع إلى الكلمات والمواعظ والدروس الفقهية وغيرها من العلوم الشرعية التي يقدمها بعض طلبة العلم حتى صلاة العشاء. وبعد الصلاة تبدأ فترة الهدوء والاستعداد للنوم حتى نقوى على قيام الليل قبل صلاة الفجر. وكان بعض المعتقلين يتسامرون بعد صلاة العشاء لفترة وجيزة ويتحدثون عن مشاريعهم المستقبلية بعد الخروج من المعتقل، فلم يكن هناك مكان لليأس في قلوب المعتقلين، بل كان الجميع على ثقة ويقين بأن السجن وإن طال فإن الله لن ينسانا، ولا بد من بصيص نور في نهاية النفق المظلم. وقد كان هذا البرنامج الحافل والجلسات الجانبية مع الأخوة جميلاً ومفيداً ورافعاً للروح المعنوية لنا جميعاً.

المحامين
استلمت رسالة من أحد مكاتب المحاماة الأمريكية تعرف بالمكتب والأنشطة القانونية التي يقومون بها، وأنهم يودون تمثيلنا والترافع لصالحنا أمام المحاكم الأمريكية بشكل تطوعي، وقد أخبروني بأنهم سيرسلون لي اثنين من المحامين التابعين لهم للتعريف أكثر بالمكتب ولأخذ موافقتي الرسمية على الترافع عني وتدوين إفادتي عن كيفية الاعتقال والتهم الموجهة لي من قبل المحققين الأمريكيين. وفعلا فقد قام اثنان من المحامين بزيارتي في المعتقل في سبتمبر 2004م. وعندما جاء المحاميان عرفوني بأنفسهم وأكدوا التعريف بالمهمة التي حضروا من أجلها، ثم ذكروا لي أنهم يودون التحدث معي بإسهاب عن قضيتي حتى يتسنى لهم الدفاع عني. فقلت لهم بأنني أود الاطلاع على ما يثبت أنهما المحاميان اللذان ورد اسماهما في الرسالة فأخرجا لي بطاقة التعريف، فقلت لهم بأنني أود أن أرى أي بطاقة رسمية أو جواز سفر أو رخصة السياقة للتحقق أكثر من هويتهم، فأخرجا لي بطاقاتهما، ولما تيقنت أنهما المحاميان المعنيان وافقت على بدء التعامل معهما وأخبرتهما عن قصتي باختصار من يوم دخولي أفغانستان وحتى ساعة اعتقالي.
تكررت زيارة المحامين لي خمس مرات خلال فترة الاعتقال الأولى في عام 2004 والزيارات الأربع التالية في عام 2005. وكان المحامون في تلك الزيارات يخبرونني بتطورات سير القضية في المحاكم الأمريكية، وأنهم متفائلون بكسب القضية لصالحنا، وأن قضيتي قد عرضت على المحكمة الأمريكية الأولى وانتهت لصالحي، وأنهم ينتظرون نتيجة القضية في المحكمة المتوسطة. كان المحامون مؤدبين ومحترمين وكانوا يودون خدمتنا وتوصيل ما نرغب من أخبار شفهية لأهلنا حيث لم يكن يسمح لهم بإحضار أية أشياء لنا من كتب أو ملابس أو رسائل من أهلنا، كما كانوا يقولون بأن إدارة المعتقل تفرض على المحامين أن يفصحوا لهم عن أي قضايا تدور أو تناقش بينهم وبين المعتقلين. كما أخبرنا المحامون بأن هناك حقوق مقررة لنا كمعتقلين ولكن إدارة المعتقل تحرمنا من معرفتها، بل وتحاول أن تضيق على المحامين حتى يتركوا القضية.
كنت أخشى أن يكون هذان المحاميان من عملاء مكتب التحقيقات وأنهما يقومان بتمثيل دور المحامي، حيث لم يكن من السهل أن أثق بأي أحد من الأمريكان بعد المعاناة التي عشتها في قبضتهم طوال هذه السنوات. كما كنت أجزم في فترة من الفترات أن مسألة المحامين هي جزء من المسرحية الإعلامية التي تمارسها الإدارة الأمريكية على المجتمع الدولي سواء بعلمهم أو بدون علمهم بغرض تخفيف الضغط الذي تتعرض له الإدارة الأمريكية، وكنت أخبر المحامين بهذا الشعور الذي ينتابني، فكانوا ينفون بشدة هذه الظنون ويقولون بأنهم يدافعون برغبة صادقة من المكتب ومنهم شخصيا.
  #6  
قديم 13-06-2007, 08:46 AM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

لا تنسوا أسودنا في غوانتنامو

ندبت حروفي وأشعارَهـا ** لتذكر(كوبا) وأخبارَهــا
فلبَّت وشجوٌ بها يجتوي ** نيـاط القـلوب وأوتارَهـا
بشعر أبِـيِّ ينادي يقول ** أعيـدوا الأُسود ومغوارَهـا
تركتم ليوث الوغى بالقيود ** وقد فارق النور أبصارَهـا
تراهم بقيْـد العدوّ الحقود** يقيم السجـون وأسوارَهـا
ويبغي عليهم بنار العذاب** خبيـث الضغينـة موّارَهـا
يقتّل فيهم ، ويفري:انتحار ** وحاشا الأسودَ وإصرارَهـا
وحاشا(ابن شامان)حاشا(صلاحا)**وياسر حاشا،وأفكارَها
شهيد الجزيرة (عمري)الأسير** أتتـه الشهـادة فاختارَها*
مضوْا في شموخٍ كشُمِّ الجبال** أعادوا الرجـالَ وأدوارَها
أعادوُا الشجاعة من بعد أن ** طواها الزمان وأنصارَهـا
ولبَّوْا نداء الجهاد الذي ** يُذلّ (بأمريكـا) جبّارَهــا
يراها فيرتد ذعرا يخاف ** قناهــا ويرهـب بتّارَهــا
لينصر أمّةَ طه الرسول ** ويحمـي الذمـار وأقطارَهـا
بسيف حسام ووحيٍ كريم ** ستُحيي الشريعـة آثارَهـا
ففكوا عناء الأسير الذي** يناجي السماء و أقمارَهــا
ويذكر حينا بنات صغار ** ويذكـر زوجـاوأسرارَهـا
فيبكي ويُبْكي بـ(كوبا) الجدار**جدار السجون وعُمّارَها
ومايبكي ضعفـا ولكنّها ** ستقضي الصبابةُ أوطارَهـا
وفكُّ الأسير كفرض الجهاد ** ففكُّوا الأُسارى وآصارَها
حامد بن عبدالله العلي
* الأسرى : مانع بن شامان ، وصلاح اليمني ، وياسر الزهراني ، وعبدالرحمن العمري ، قتلوهـم في سجن غوانتنامو ، وزعمت البنتاغون كذبا أنهم انتحروا ، ثم سُلِّمت جثثهم إلى أهليهم مشوّهة ، وقد أزيلـت منهـا الأعضاء الداخلية ، لأنها هي التي تكشف أسباب الموت الحقيقية ، ومع ذلك أُسدل الستار على هذه الجريمة الشنيعة ، وتمّ التسـتر عليها ، والعجب العجاب صمت الدول العربية على ما يفعل بمواطنيها من إنتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان في غوانتنامو ، بينما قامت الدول الأوربية بإسترجاع مواطنيها من ذلك المعتقـل البائس ، ثـم لاحقـت الإدارة الأمريكية قضائيا بسبب التعذيب ،
فإلى الله المشتكى !!
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م