مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 16-09-2001, 04:50 PM
ALAMEER99 ALAMEER99 غير متصل
عضــو
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
المشاركات: 4,541
Post رسالة الشباب المسلم في الحياة ( للشيخ / سلمان العودة ) ..... !!!

بسم الله .... وبه نستعين
أما بعد :-

رسالة الشباب المسلم في الحياة
( للشيخ / سلمان العودة )

أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، أما بعد..

قبل أن أدخل في هذا الموضوع وهو الحديث عن الشباب ورسالته في الحياة، والعقبات التي تعترض سبيله أحب أن أقف قليلا عند قول الله تعالى: " لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا القُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ"[1] .

نعم، لو أنزل القرآن على جبل لتصدع خشية لله عز وجل، وهذا كلام الله تبارك وتعالى ولكن هذه القلوب البشرية يتنزل عليها القرآن فتنقسم إلى قسمين:

القسم الأول:

القلوب التي لهت وغفلت فلم تعتبر بعبر القرآن، ولم تتعظ بآياته، فهذه القلوب قست حتى صارت أشد قسوة من الحجارة قال الله تعالى: "ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ المَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ "[2].

أما القسم الثاني: فهي القلوب التي وعت عن الله سبحانه وتعالى وفهمت آياته واعتبرت بها واتعظت، فهذه القلوب صار بها من قوة الإيمان واليقين والثقة بالله سبحانه وتعالى، والاطمئنان إليه ما يجعلها أقوى من الجبال الشم الرواسي .
يقول الله سبحانه وتعالى وهو يذكر النار وأهلها : "وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً "[3].

نعم، كأنك ترى هذا المشهد أمامك، وبعض الناس يموج في بعض، والنار قد عرضت وقربت وأعدت ، بحيث يراها هؤلاء وأولئك ، ثم يذكر الله عز وجل لمن عُرضت هذه النار ولمن أعدت ، فهي للكفار الذين من صفتهم أنهم كانت أعينهم في غطاء عن ذكر الله وكانوا لا يستطيعون سمعا .

أليس للكفار آذان يسمعون بها ؟ أليس لهم أعين يبصرون بها ؟ أليس لهم قلوب يعقلون بها ؟ بلى لهم آذان يسمعون بها ، ولهم أعين يبصرون بها ، ولهم قلوب يعقلون بها أمور دنياهم ، ولكن المنفي عنهم هو السماع الذي يؤثر: الاعتبار والاتعاظ والتأثر والعمل .

مشكلتنا ـ دائما ـ ليست فقط في أننا لا نعلم ؛ بل نحن نعلم كثيرا من الأشياء، ولكننا لا نعمل بها ولا نتعظ بها، فيكون حكمنا في ذلك حكم من لا يعلم بها أصلا.

انظروا إلى الأمور التي يعلمها الصغير والكبير منا، والعالم والجاهل، والقريب والبعيد، كلنا نعلم أننا ـ لا محالة ـ سوف نغادر الدنيا يوما من الأيام على رغم أنوفنا كارهين، ومثلما نرى نحن الأموات غادين ، يغدوا الناس بهم إلى المقابر، سوف يغدى بنا أو يراح، ويرانا غيرنا.

وهذه الدنيا منذ أن أنشأ الله البشر على ظهرها ، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها هذه سنة الله تعالى فيها، جيل يأتي وجيل يذهب .

الكفار لا يقتنعون بالبقاء في هذه الدنيا ، فهم يعلمون أنهم ميتون ولذلك يقولون: "أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ"[4] فهم يعرفون الموت، لكن الإشكال عندهم فيما بعد الموت فهم ينكرون ويقولون إنه أمر بعيد، وهو الرجوع والبعث بعد الموت .

لكن هل نفعهم علمهم بالموت ؟ لم ينفعهم ، ولذلك يصح أن نقول : إن الكفار كافرون بكل شيء حتى بالموت.

يتساءل متسائل ويقول : كيف ؟ فهم يرون أولادهم وآباءهم وأقاربهم يموتون؟ فكيف نقول عنهم إنهم كافرون بالموت؟

لسنا نحن الذين نقول ذلك عنهم ، بل يقوله الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث الصحيح الذي رواه علي بن أبى طالب ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يؤمنُ عبدٌ حتَّى يُؤمنَ بأربعٍ: يشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وأنَّي رسولُ اللهِ بَعثني بالحقِّ ويُؤمنُ بالموتِ ويُؤمنُ بالبعثِ بعدَ الموتِ ويُؤمنُ بالقَدَر"[5].

إذن الإيمان بالموت من شروط الإيمان بل من أركان الإيمان.

فما معنى الإيمان بالموت؟ ليس معناه أن يعرف الإنسان أنه سيموت ؛ لأن هذا أمر يشترك فيه المسلم والكافر، كلهم يعرفون أنهم سيموتون، إنما معنى الإيمان بالموت:

* أن تدرك أنه بقضاء الله وقدره.

* وأن تدرك أن لك أجلا لا يتقدم ولا يتأخر.

* وأن تدرك أن بعد الموت في القبر إما النعيم وإما العذاب.

* وأن يصبح هذا الأمر يقينا في قلبك بحيث كلما هممت بعمل خير فدعتك نفسك إلى القعود، فتذكرت الموت؛ نشطت له وتحركت له نفسك، وكلما هممت بعمل سوء فتذكرت الموت؛ كففت عنه وأقلعت عن هذا العمل .

هذا معنى الإيمان بالموت، فلذلك يقول الله سبحانه وتعالى عن الكافرين: "وَكَانُوا لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا"[6]. فهم يسمعون هذه الآيات، ولكنهم يتأذون بسماعها ويضيقون بها، ومن ثم لا يعتبرون بها. وفي الصحيح أن أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ كان يصلى في مكة قبل الهجرة، ويقرأ القرآن، وكان رجلا أسيفا، إذا قرأ القرآن بكى، وارتفع بكاؤه[7]؛ فتجتمع حوله نساء قريش وأطفالهم؛ يعجبون من أبي بكر ويتأثرون بقراءته وخشوعه وبكائه، فغضب عليه المشركون وقالوا لمن أجاره: انظر إلى أبي بكر فإما أن يكف عنا، وإما نرد عليك جوارك؛ فإننا خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا.[8]

فهم يسمعون القرآن، لكن ليس سماع تفهُّم وتدبر، ليس سماع المسلم الذي يعرف أن هذا خطاب من الله إليه، كما يقول ابن مسعود ـ رضي الله تعالى عنه ـ إذا سمعت قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا" فأرع لها سمعك، فإنه إما خير تؤمر به وإما شر تنهى عنه.

هذه وقفة عند قوله تعالى: "وَكَانُوا لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا"[9] ثم عند قوله تعالى "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا"[10]. هؤلاء كفار قطعا، لأن الله عز وجل عقب على ذلك بقوله: "أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا"[11].

ولكن يوجد في المسلم أحيانا شعبة من هذا، فيعمل عملا يظن أنه على خير، ويكون ممن يظن أنه يحسن صنعا، وليس كذلك؛ ولذلك ختم الله سبحانه وتعالى هذه الآيات بقوله: "فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا"[12] فلابد في العمل من شرطين:

أولا: أن يكون صالحا، وهذا يعنى المتابعة لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم.

والثاني: ألا يشرك بعبادة ربه أحدا، فلا يكون العمل من أجل الرياء، ولا من أجل السمعة، وإنما من أجل الله ، وابتغاء ما عند الله ، ورجاء لقاء الله ، وثوابه .

فلنعتبر بهذه الآيات ولنؤمن بأن الله عز وجل قد أقام علينا الحجة بهذا القرآن وليس لأحد عذر؛ فقد أنزل الله القرآن وبنزوله أقام الحجة على كل إنسان.

أما الموضوع الذي أحب أن أتحدث فيه وهو ما يتعلق بالشباب، فإنني أقول: إن هذا الموضوع ليس بالغريب فكلنا أحد رجلين:

* إما إنسان كان شابا فيما مضى من عمره.

* أو إنسان هو شاب الآن

فنحن جميعا بحاجة إلى هذا الكلام.

الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين أن كل إنسان منا سوف يسأل يوم القيامة عن أربعة أشياء، منها أن يسأل عن عمره فيما أفناه، ومنها أن يسأل عن شبابه، وعن علمه، وعن ماله.[13]

الشباب مرحلة من العمر، تسأل عنه أيها الإنسان، سواء أنتم أيها الشباب أم أنتم أيها الشيوخ، تسألون عن الشباب مرتين يوم القيامة أمام الله تبارك وتعالى .

المرة الأولى: تسألون عنه باعتباره جزء من العمر لأنكم تُسألون عن عمركم عامة.

والمرة الثانية : تسألون عنه سؤالا خاصا عن هذا الشباب، فعلام يدل هذا؟

هذا يدل على أمرين أيضا:

يدل على أهمية العمر بالنسبة للإنسان، وأنه كل رأس ماله؛ ولذلك إذا عُرض الكفار يوم القيامة أيضا ورأوا هذه النار، بل ووُضعوا فيها فقاسوا من حرها وسمومها وعذابها، قالوا: "رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ"[14].

ماذا يطلبون؟ يطلبون هذه الأيام التي نعيشها نحن الآن، لا يتمنون إلا هذه الأيام التي نعيشها نحن أيها الإخوان، ولكن هيهات، لقد انقضت الدنيا بأيامها؛ ولذلك يأتيهم الجواب الذي لا رجعة عنه، بقول الله تعالى لهم سؤال توبيخ وتقريع: "أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُم" أولم نعطم عمرا "مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ"[15] من عمره الله عز وجل حتى بلغ سن التكليف وعرف الله وعرف الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعرف الإسلام، فقد قامت عليه الحجة وعمر، ما يتذكر فيه من تذكر، لا يلزم أن يكون العمر ستين سنة أو سبعين سنة، وإن كان الإنسان كلما زاد عمره زادت الحجة عليه؛ ولذلك في الحديث الآخر يقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ "أعذر الله إلى امرئ أخَّر أجله حتى بلَّغه ستين سنة"[16]. يعنى زاد العذر واكتمل، وإلا فالإنسان الذي بلغ سن التكليف وعقل، وعرف الإسلام وعرف الله وعرف الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد قامت عليه الحجة؛ إن مات مسلما فهو بإذن الله إلى الجنة وإن مات كافرا فهو إلى النار.

فالأمر خطير جد خطير " أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ"[17] يعني لا أمل في الرجوع إلى هذه الدنيا إنهم يطلبون هذه الأيام والليالي التي نعيشها نحن الآن. فيا سبحان الله كيف سيطرت الغفلة على قلوبنا ؟ وكيف سيطر الركض وراء الدنيا حتى أصبحنا في شبه حلم؟!.

سبحان الله، هذا العمر من أعجب آيات الله، لو نظرت في نفسك: من الذي جاء بك إلى هذه الدنيا؟ ومن الذي أعطاك هذا النفس الذي يتردد؟ ومن الذي أعطاك هذا القلب وهذا العقل؟ إنه الله تبارك تعالى، وإنه لم يعطكه إلا للابتلاء والامتحان.

وبقدر ما يستفيد الإنسان من هذه النعم في هذه الدنيا في معرفة الله ودينه والعمل بذلك، يسعد في الآخرة، بل يسعد في الدنيا والآخرة، وبقدر ما يضيع من ذلك، يجلب لنفسه الشقاء في الدارين.

إذا كان الإنسان يُسأل عن عمره يوم القيامة ويُسأل عن شبابه بصفة خاصة، فإن لنا أن نسأل: ما هو السر في تخصيص الشباب وفترة الشباب لأن يسأل عنها مرتين؟

أعتقد ـ والله أعلم ـ إن السر في ذلك يرجع إلى أمور أذكر منها أمرين فقط:

الأمر الأول: أن فترة الشباب هي فترة القوة والنشاط والحيوية والقدرة على العمل؛ ولذلك، تجد الشباب إذا اقتنع بأمر وآمن بأمر يبذل في سبيله كل غال ونفيس ولا يجد صعوبة في بذل كل شيء، حتى بذل نفسه في ذات الله عز وجل، هذا أمر.

والسبب الثاني: أن فترة الشباب هي أيضا الفترة المعرّضة لكثير من الشواغل والنزعات التي قد تبعد الإنسان عن الخير وتجذبه إلى الشر، وهذا أمر مترتب على المسألة الأولى. فلأن فترة الشباب هي فترة القوة والحيوية والنشاط، يكون العقل فيها متحركا والقلب متحركا والجسد متحركا، فإن لم يتحرك إلى الخير تحرك إلى الشر.

ولذلك يكون الإنسان في فترة الشباب معرّضا لكثير من الانحرافات، إن لم يجد الجو والبيئة التي تعينه على طاعة الله تبارك وتعالى.

الخطر الأول: وهو ما يتعلق بحركة عقل الشاب، هي أن الشيطان يوحي للإنسان ببعض الشبهات التي يزخرفها له ويزينها له ليصده عن سبيل الله عز وجل. ولذلك تجد كثيرا من الشباب قد يعاني من بعض الوساوس أو بعض الشبهات ، وهذا مرض إذا لم يعالجه الإنسان بالعلم والمعرفة، وسؤال العلماء؛ فإنه خطر قد يودي بإيمان المرء.

الخطر الثاني الذي يهدد الإنسان في مرحلة الشباب أيضا بسبب حركة جسم الإنسان وقوة حيويته هو : مرض الشهوات، ولذلك تجد الشباب معرضا للافتتان، وتتحرك الغريزة في نفسه بشكل كبير، فإذا لم يحصن نفسه من ذلك بالحصون المنيعة فإنه على خطر عظيم.

الخطر الثالث الذي يهدد الإنسان هو : من جهة حركة القلب ، وأعنى بها أن الشاب قد يصلح ويهتدي فيعبد الله فيبارك في هذه العبادة حتى يصل بها إلى درجة الزيادة ، والزيادة هي دائما ضرر كالنقص.

وهنا قد يقول قائل: وما هو المخرج من ذلك كله ؟

فأقول: أما ما يتعلق بالشبهات التي تعرض للإنسان فإن علاجها يكون بأمور:

الأمر الأول: هو الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، فقد يكون ما يعرض لك ليس شبهة حقيقية، وإنما هو نوع من الوسواس، الذي يحاول الشيطان أن يصد به الإنسان عن طريق الخير، فإذا أكثر الإنسان من الاستعاذة بالله انصرف الشيطان وابتعد .

الأمر الثاني: هو العلم النافع ، فيحرص الإنسان على معرفة القرآن والسنة، وعلى مجالسة العلماء، وعلى علاج هذه الشبهات التي انقدحت في قلبه بحسب نوع الشبه.

أما ما يتعلق بمرض الشهوة فإنني أقول إنه مرض في منتهى الخطورة، لأسباب..

الأمر الأول: شدة ثوران الغريزة عند الشاب.

الأمر الثاني: كثرة المهيجات التي تثير هذه الغريزة عند الإنسان، فقد يكون الإنسان طيبا وصالحا في نفسه، لكن إذا التفت يمنة ويسرة فيجد من الصور والأشكال وغيرها ما يثيره ويحركه، فإنه حينئذ يحتاج إلى جهد كبير ليتخلص من ذلك.

ولأن هذا ليس هو موضوع الحديث الأصلي، فإنني لا أطيل في ذكر علاج هذه الشهوات، لكني أقدم نصيحة واحدة ثمينة هي الوصية التي أوصى الله ـ تبارك وتعالى ـ بها المؤمنين "قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ"[18].

فغض البصر هو الدواء الناجع ، فأنت إذا أطلقت بصرك رأيت من المناظر ما يؤثر في قلبك، وإذا تأثر القلب فالأمر خطير، انتقل المرض من الأعضاء إلى القلب، ومرض القلب سواء كان مرضا حسيا أو مرضا معنويا ليس كأمراض الجوارح ، والقلب هو كالإناء والجوارح تصب فيه، فما تراه بعينك أثره في قلبك، وما تسمعه بأذنك أثره في قلبك، وما تبطشه أو تلمسه بيدك أثره في قلبك، وما تمشى إليه برجلك أثره في قلبك، إن خيرا فخير وإن شرا فشر.

إذا ذكرت الله بلسانك تأثر القلب وخشع . وإذا نطق الإنسان بكلام الفحش والخنا والعياذ بالله أيضا أثر في قلبك سوءا وقسوة، وإذا نظرت بعينك في آيات الله وتفكرت فيها ازددت إيمانا بالله.

لكن إذا نظرت إلى المحرم أورث قلبك حسرة دائمة ـ والعياذ بالله ـ وقديما قيل:

كل الحوادث مبداها من النظر ... ومعظم النار من مستصغر الشرر

هذه النظرة العابرة التي يخدعك بها الشيطان بطريقة أو بأخرى أحيانا، يقول لك: نظرة سريعة لا تتوقف انظر واصرف بصرك. هذه النظرة البسيطة هي كالشرارة التي قد تحرق مدينة بأكملها..

كم نظرة فتكت في قلب صاحبها ... فتك السهام بلا قوس ولا وتر

الله أكبر، نعم، والله إن النظرات سهام مسمومة مهما كانت بسيطة، وإن الإنسان الذي يستطيع أن يكف بصره عن الحرام سيجد في قلبه من الروح واللذة ما لا عهد له به. وفى الحديث "النظرة سهم مسموم من سهام إبليس من تركها من مخافتي أبدلته إيماناً يجد له حلاوته في قلبه"[19].

سبحان الله، هذه لذة الطاعة، أنت إذا صرفت بصرك ثم تذكرت أنك لم تصرفه إلا مراقبة لله، نشأ الإيمان ونشط في قلبك. لكن إذا نظرت ثم صرفت بصرك، وأنت بحمد الله مؤمن، بدأت نفسك توبخك على هذا العمل، وبدأ ضميرك يعاتبك عليه فيكون الإنسان في عذاب دنيوي ، وكذلك إذا لم تتداركه رحمة الله تبارك وتعالى، فهو في عذاب أخروي.

فأعظم وصية يوصى بها الشاب وغير الشاب، هي أن يصرف بصره بل أن يغض بصره عما حرم الله ؛ لأن غض البصر يقطع الداء من أصله.

لكن لو أطلق الإنسان بصره فنظر، فربما وقعت هذه الصورة في قلبه فيصبح ـ والعياذ بالله ـ في حال قد يصعب عليه علاجها.

وكم نعرف في تاريخ هذه الأمة من الناس الذين أطلقوا العنان لأعينهم، فرأوا هذه المشاهد والمناظر المؤثرة فمرضوا ؛ مرضت قلوبهم، ومرضت أجسادهم، وخسروا ـ والعياذ بالله دنياهم، وربما يكونون خسروا أخراهم أيضا بسبب نظرة واحدة ؛ فالحذر الحذر من أن نستغل هذه النعمة التي أنعمها الله تبارك وتعالى علينا وهي نعمة البصر فيما حرم الله تبارك وتعالى علينا .

إن الشاب المستقيم المهتدي إلى طريق الله تبارك وتعالى لا بد له من العقبات تعترض سبيله، وهذه العقبات على أنواع ، منها ما أشرت إليه الآن، وهي ما يمكن أن أسميه بالعقبات الذاتية ، يعني العقبات التي هي من ذات الإنسان ، كأن تسيطر عليه شهوة أو شبهة أو غير ذلك، وهذه علاجها بما ذكرت.

النوع الثاني من العقبات : هي العقبات الخارجية ، وهي التي تواجه الإنسان من خارجه، ومن أهم هذه العقبات أن يكون الوسط المحيط بالإنسان لا يساعده على الاستقامة والصلاح ...

مثلا: أن يكون الإنسان في بيئة منحرفة، أو فيها بعض الانحراف، فيصبح حيثما ذهب أو جاء وجد المنكرات ووجد المعاصي ووجد الأشياء التي تصده عن هذه الطريق، وتدعوه إلى طريق الرذيلة والانحراف ، فيواجه الإنسان صعوبة في الاستقامة على هذا الطريق.

وقد يكون الأمر أخطر من ذلك. وذلك كما لو كان الوسط القريب وبيئة الإنسان وبيته الذي يعيش فيه لا يعينه على الطاعة، وهنا يواجه الإنسان صعوبة كبيرة ولا شك.

ولكن هذا الأمر ليس بغريب فلقد كان أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يواجهون من أهليهم الأمَرَّين.

ولو نظرنا إلى أنموذج من حياة أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لرأينا من ذلك العجب العجاب..

انظر مثلا إلى "مصعب بن عمير" رضي الله عنه، وقد كان هذا الفتى أعطر شاب في مكة ، وكان يعيش في بيت من بيوت الثراء والترف والبذخ حتى كانت أمه تلبسه أحسن الثياب وتطعمه أحسن الطعام ، وتشتري له أنواع الطيب، حتى إنه إذا أوى إلى فراشه وضعت أمه عند رأسه شيئا من الطعام ليأكله إذا أوى إلى فراشه.

فلما أعلن النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعوته في مكة وتلا القرآن، وتفتحت القلوب لهذه الدعوة، وصلت أنباؤها إلى هذا الشاب المنعّم المدلل "مصعب بن عمير"، وكان شابا صافي القلب سليم الفطرة، فسمع هذه الآيات فتأثر بها وانفعل بها وآمن برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وذهب إليه حيث كان يقيم في دار الأرقم بن أبى الأرقم وأمره أن يتلو عليه من القرآن فبكى، وتأثر وشهد شهادة الحق.

ثم ذهب إلى بيته، وكتم خبر إسلامه عن أبويه، وصار يصلي ويقرأ القرآن، ويدعو سرا.

ولكن شعرت أم "مصعب" بأن في نفس فتاها أمرا يخفيه عنها، ولأنها امرأة جاهلية ظنت أنه تعلق بأمر من أمور هذه الدنيا، إما بفتاة أحبها، أو بغير ذلك، فحاولت أن تعرف ماذا في نفسه فتاها فسمعت أخيرا بأنه قد أسلم، وتابع محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ على دينه فغضبت أشد الغضب، وأقسمت عليه أن يترك هذا الدين، أو لتفعلن به ولتفعلن، فلم يهن له عزم ولم تنثن عريكته لذلك، فمنعت عنه والطعام والشراب والمال الذي كانت تعطيه إياه، فلم يؤثر فيه ذلك، حتى اضطر هذا الشاب المنعم الذي لم يتعود حياة الشظف، اضطر أن يهاجر مع من هاجر من المسلمين إلى الحبشة وهناك وجد من متاعب الطريق ولأواء الغربة ما لم يكن له به عهد، ولكنه تحمل كل ذلك في ذات الله عز وجل.

ثم رجع المسلمون المهاجرون من الحبشة إلى مكة، لما سمعوا بإسلام قريش فكان هذا الشاب يمشى في مكة وعليه ثياب لا تكاد تستره، حتى أقبل يوما على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما رآه تأثر صلى الله عليه وسلم وبكى وقال: "انظروا إلى هذا الرجل الذي نور الله قلبه لقد رأيته بين أبويه يغذوانه بأطيب الطعام والشراب فدعاه حب الله ورسوله إلى ما ترون"[20].

وهاجر هجرته الثانية إلى المدينة وظل يعاني من الفقر والغربة، وإن لم يكن غريبا فهو بين إخوانه ومع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى قتل شهيدا رضي الله عنه وأرضاه.

وانظروا كيف ادخر الله تبارك وتعالى لهذا الشاب الأجر العظيم.

فلما قتل، كما يقول خباب بن الأرت رضي الله عنه فيما رواه البخاري في صحيحه يقول: "هاجرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نلتمس وجه الله، فوقع أجرنا على الله، فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئا، منهم مصعب بن عمير، ومنا من أينعت له ثمرته، فهو يهدبها، قتل يوم أحد، فلم نجد ما نكفنه إلا بردة، إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه، فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه، وأن نجعل على رجليه من الإذخر"[21].

هكذا مات هذا الشاب الصالح لم يأكل من أجره شيئا.

قال خباب ـ رضي الله عنه ـ ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها.

ومثلما تحدث خباب رضي الله عنه، تحدث عبد الرحمن بن عوف أيضا فقد كان عبد الرحمن بن عوف من أغنياء الصحابة وأثريائهم وفى يوم من الأيام قدمت له مائدته وفيها ألوان الطعام، فلما قدموها له تذكر ما تذكر فبكى وأجهش بالبكاء وأمر برفع هذه المائدة، ولم يضع يده فيها، فقالوا له: لماذا يرحمك الله؟ ما أصابك؟ قال: قتل مصعب بن عمير، وكان خيرا مني، فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة، وقتل حمزة، أو رجل آخر، خير مني، فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة، لقد خشيت أن يكون عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا، ثم جعل يبكي[22] .

المقصود أن كون الإنسان يواجه في ذات الله ما يواجه، ويلقى في سبيل الله ما يلقى ليس بالأمر الغريب ، بل الغريب ألا يقع ذلك ، ويحق لكل إنسان منا لا يجد أذى في سبيل الله أن يراجع إيمانه ، فقد يكون في إيمانه ضعف ، لأن الله عز وجل وضع لنا قاعدة في القرآن الكريم أن المؤمن لابد أن يفتن، ويبتلى ، ويمتحن ، كما في قوله تعالى : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم "الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ"[23].

نعم الإيمان يمكن أن يدعيه كل إنسان ، ولكن المحك الذي يصدق عليه إيمان العبد أو يكذب هو أن يبتلى ويمتحن في ذات الله . فإن صبر فهذا علامة صدق إيمانه ، وإن ضعف أو وهن أو تردد فهذا علامة ضعف إيمانه .

إن من واجبنا أن نحرص على أن نهيئ لأولادنا الجو الطيب الذي يستطيعون فيه أن يمارسوا ويؤدوا إيمانهم وعبادتهم وعملهم كما يجب عليهم ، وإن من واجبنا أن نشجعهم على توجههم إلى الله ، فإن من الأشياء العجيبة والغريبة أن يتجه الشاب إلى ربه ولا ينحرف يمنة ولا يسرة . وفى الحديث " إن الله ليعجب من الشاب الذي ليست له صَبْوة "[24].

ليس بغريب أن يهتدي الشيخ؛ لأنه قد كبر وأسن وعرف قرب الأجل ؛ فهو يستعد لآخرته ، ويستعد للموت وما بعد الموت ، ولكن صلاح الشاب أمر محبوب إلى الله عز وجل أكثر من صلاح غيره ، ولذلك يعجب الله تبارك وتعالى منه ويحبه ، فمن واجبنا أن نحب ما يحبه الله وأن نحرص عليه وأن ندرك أن من مسئوليتنا أن نشجع كل شاب رأينا فيه ما يدعو إلى الإصلاح .

وإننا نرى ـ بحمد الله ـ في مشارق الأرض ومغاربها توجها إلى الله تعالى ، نعم . في كل بلد من بلاد المسلمين ترى عددا كبيرا من الشباب وقد صلحوا واستقام أمرهم واهتدوا وابتعدوا عن الرذيلة ، وهذه من البشارات التي بشر بها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ففي الحديث الصحيح بل المتواتر الذي روي عن أكثر من واحد وعشرين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق. لا يضرهم من خذلهم. حتى يأتي أمر الله وهم كذلك "[25] وفى لفظ: "لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلا ما يصيبهم من اللأواء"[26] يعنى: لا يضرهم خلاف المخالفين ولا عناد المعاندين ولا خذلان الخاذلين، وإن كانت اللأوا تصيبهم، يعني يصيبهم التعب، كما يصيب غيرهم، كما يصيب الأنبياء وأتباع الأنبياء في كل زمان ومكان.

ولكن هذه بشارة نبوية أن هذه الأرض لا يمكن أن تخلوا من قوم صالحين، يقيمون هذا الدين، ويرفعون هذه الملة ويكونون حجة لله تبارك وتعالى على عباده: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين، حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون"[27] إنهم ليسوا قلة وليسوا أفرادا مشتتين، لا، بل هم قوم ظاهرون لهم قوة ولهم تأثير، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله ، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك . وهؤلاء هم الذين وعدهم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالجنة فقد قال في الحديث الصحيح الآخر: "عن أبي هريرة رفعه افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، والنصارى كذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا واحدة، قالوا من هي يا رسول الله؟ قال ما أنا عليه وأصحابي"[28].

ووعد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهؤلاء بأن يظهر الله تبارك وتعالى الدين على أيديهم فقال في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ الله يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأمّةِ عَلَى رَأْسِ كُلّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدّدُ لَها دِينَهَا"[29].

وقال العلماء: إن (مَن) في هذا الحديث ليست تعني فردا واحدا بالضرورة ، بل قد يكون المجدد فردا، وقد يكونون أفرادا كثيرين، منتشرين في أنحاء الأرض، منهم من يجدد أمر هذه الأمة بالعلم ، ومنهم من يجدده بالعمل ، ومنهم من يجدده بالجهاد، ومنهم من يجدده بغير ذلك من الأمور التي يحتاج إليها المسلمون .

فمن واجبنا أن ندرك أن هذا مقتضى وعد الله ومقتضى وعد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهل نشجع هذه البذرات التي تتجه إلى الله U ، ونكون عونا لها، ونفرح بها وندعو الله سبحانه وتعالى لها بالتثبيت والتوفيق والسداد ، وأن نكون ممن استجاب لأمر الله سبحانه وتعالى في قوله: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"[30].

أما موقف الشاب من المنكرات التي تواجهه في حياته ، فإن الشاب يجب أن يتدرع بالصبر والحكمة؛ فإن الله تبارك وتعالى يقول: "وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا"[31] والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه. ولا ينزع من شيء إلا شانه"[32] والإنسان يدرك بالرفق ما لا يدرك بالشدة، فعليه أن يكون رفيقا لينا مع أهله ، مع أبويه ، مع إخوانه ، مع جيرانه مع زملائه ، ولكن لابد أن يقول كلمة الحق بهذا الرفق ، فكلمة الحق لا يمكن أن تضيع أبدا ، كلمة الحق مثل البذرة التي يلقيها الإنسان في الأرض فقد تغطي عليها الرياح وينساها صاحبها ، لكن يأتي المطر بعد حين فيسقيها فتنبت بإذن الله .

وهكذا كلمة الحق لا تيأس منها، ولو كان الإنسان منحرفا أو بعيدا عن الخير، ألق إليه كلمة الحق، واجعلها مقرونة باللين والكلمة الطيبة والابتسامة . فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: " تبسمك في وجه أخيك صدقة[33]" والخلق الحسن ستجد لهما من الأثر أضعاف ما تجد لغيرهما .

كما أن من واجب الشاب ألا يكون سلبيا تجاه المنكرات التي يجدها . كثيرا ما تسمع بعض الناس يجلس فيقول : قد كثرت المنكرات وشاعت وعمت ، ولا يدلي فيها ، ولا أستطيع أن أغير منها شيئا . فأقول: إن كل إنسان ـ حتى لو كان لا يستطيع الكلام ـ بإمكانه أن يغير بقدر ما يستطيع ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

والتغيير ؛ النهي عن المنكر، أول أثر له هو على نفس الإنسان؛ لأنك إذا رأيت المنكر وسكت عنه مرة ومرة ومرة استسلمت له نفسك واستساغه قلبك، حتى لم يعد منكرا عندك، ولذلك قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ "ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"[34] يعنى: من رأى المنكر ولم يتغير قلبه، ولم ينكره قلبه، فهو أقرب ألا يكون في قلبه إيمان ولا مقدار حبة خردل .

المؤمن لا بد أن يغير المنكر ولو بقلبه لكن هذا التغيير الموجود في القلب يمكن للإنسان أن يلقيه بالأسلوب المناسب ، فإذا رأيت على إنسان معصية ولو كانت مما شاع وذاع في المجتمع، فألق كلمة طيبة ، بالأسلوب الطيب ، ثم اتركها ، ستقول إنه لن يستجب لي . أقول سيأتي من الغد إنسان آخر فيقول مثل هذه الكلمة ، ويأتي بعد شهر إنسان ثالث فيقول مثل هذه الكلمة ، حتى يستيقظ قلب هذا الإنسان ، ويقول: كل الناس أمروني بالخير، أنا مسؤول ومحاسب مثلهم ، وهنا يستيقظ قلبه ويقلع بإذن الله عن المنكر.

ولو افترض أن هذا لم يقع نقول : أنت أيها المنكر برئت ذمتك ، وتعودت على أن تكون إيجابيا في أمور الخير، مؤثرا، وعودت نفسك على الإنكار، وهذا بحد ذاته كافٍ والله سبحانه تعالى لا يسألك عن النتائج ، إنما يسألك عن الأعمال .

في ختام هذه الرسالة أسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي شباب المسلمين وأن يأخذ بأيدينا وأيديهم إلى ما يحب ويرضى وأن يكتب على أيديهم الخير لهذه الأمة في مشارق ومغاربها ، وأن يهدينا جميعا إلى سواء السبيل وأن يصلح أحوالنا ، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين .

&&&

أيها الأحبة .. هذا الموضـوع مفتوح للحوار ومناقشـة هـذه القضـية الهامة , مع فضيلة الشـيخ ..( سلمان العودة ) حفظه الله

أذهـب ألى الموضوع مباشـرة
http://www.alfjr.com/showthread.php?s=&threadid=8022

وجزا الله القائمين على هذا الموقع .. وكل من سـاهم فى نشـر هذا اللقاء
ولاتنسـونا من دعائكم

ودمتـــــم ،،،،،،
__________________

عين الرضى عن كل عيب كليــلة
لكن عين السخط تبدي المساويا
  #2  
قديم 17-09-2001, 11:30 AM
نمارق نمارق غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2001
المشاركات: 399
Post

بارك الله فيك يا اخي الامير لنقلك هذا الموضوع للخيمه الاسلاميه ، ولك الاجر ان شاء الله .
بعد قراءتي للموضوع ، وجدته يحمل الكثير من الحكم والمواعظ والحلول .
فالشكر موصول للشيخ الذى كتبه ، فقد اوفى الموضوع حقه .
اما عن انطباعي عن الموضوع ، فما عساني الا ان اسال الله ان يثبتنا على دينه وان يجعلنا ممن يهتدون بهدي رسولنا الكريم ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل " صدق رسول الله
وقال ابن عمر : " اذا امسيت فلا تنتظر الصباح ، واذا اصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك .
وقد ارشد رسول الله المؤمنين الى ما يبعد عنهم طول الامل ، ويبصرهم بحقيقة الدنيا ، فأمر بتذكر الموت، وبزيارة القبور، وتغسيل الموتى ، وتشيع الجنائز ، وعيادة المريض ، وزيارة الصالحين ، فان كل هذه الامور توقظ القلب من غفلته وتبصره بما سيقدم عليه فيستعد له .
ختاما :
انني انصح بقراءة كتاب " حياة الصالحين " ل " عبدالمنعم قنديل " مكتبة التراث الاسلامي .
ففي الكتاب نماذج من الشباب المسلم الذي احب الله ورسوله اشد من حبه لنفسه واهله .... وقدم روحه ودمه تحت راية الله .... مؤثرا الآخره على الدنيا .
وفي الكتاب كذلك شيوخ بلغوا من الكبر عتيا ... ومع ذلك لم تمنعهم شيخوختهم من ان يصوموا النهار، ويقوموا الليل ،
ويلبوا الجهاد .
__________________

 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م