فضل شهر رمضان المبارك
للأمام أبو حامد الغزالي
قال الله تعالى : {ياأيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} سورة البقرة آية 183
عن سعيد بن جبير رضي الله عنه : كان صوم من قبلنا من العتمة الى الليله
القابلة كما كان في ابتداء الإسلام ..
وقال جماعة من أهل العلم: كان واجباً على النصارى فربما كان يقع في الحرّ
الشديد، والبرد الشديد، وكان يشقُّ عليهم في أسفارهم وبعض معايشهم،
فاجتمع رأي كبرائهم على أن يجعلوا صيامهم في فصل من السنة بين الشتاء
والصيف، فجعلوه في الربيع، وزادوا فيه عشرة أيام كفّارةٌ لما صنعوا..
ثم إن ملكاً لهم اشتكى ، فجعل لله عليه إن برئ من وجعه أن يزيد في صومهم
أسبوعاً، فبرئ فزاد أسبوعاً فلما مات ذلك وتولاهم ملك آخر فقال: أتموه
خمسين يوماً، ثم أصابهم موتان وهو موت البهائم، فقال: زيدوا صيامكم
فزادوا عشراً قبلُ وعشراً بعدُ...
وقيل: مامن أمة إلا وفُرض عليهم صيام رمضان، إلا أنهم ضلوا عنه..
قال: البغوي: والصحيح أن رمضان اسم للشهر من الرّمضاء، وهي الحجارة
المحماة لأنهم كانوا يصومون في الحرّ الشديد، لأن العرب لما أرادت أن تضع
أسماء للشهور، وافق ان الشهر المذكور كان في شدّة الحرّ..
وقيل: سُمي بذلك لأنه يرمض الذنوب.. اي يحرقها...
وفُرض في السنة الثانيه من الهجرة..
وهو معلوم من الدين بالضرورة يكفُر جاحد وجوبه..
وورد في فضله أحاديث كثيرة منها:
عن أبي هريرة رضي الله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أول ليلة
من رمضان فُتحت أبواب الجنان كلها، فلا يغلق منها باب في الشهر كله،
وأمر الله تعالى منادياً يُنادي: ياطالب الخيرأقبل، وياباغي الشرّ أقصرْ ثم
يقول: هل من مستغفر فيُغفر له؟ هل من سائلٍ فيُعطى سؤله؟ هل من تائب فيُتاب
عليه؟ فلم يزل كذلك إلى انفجار الصبح، ولله كلّ ليلةٍ عند الفطر ألف
ألف عتيق من النار، قد استوجبوا العذاب..".. رواه البخاري
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: في
آخر يوم من شعبان فقال:" أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، فيه ليلة القدر
خيرٌ من ألف شهر،جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعاً، من تقرب فيه
بخصلة من الخير، كان كمن أدى فريضة فيما سواه. ومن أدى فريضة كان كمن
أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة،وهوشهر
المواساة، وهوشهر المواساة، وهو شهر يُزاد في رزق المؤمن، من فطّر فيه
صائماً كان له عتق رقبةٍ ومغفرة لذنوبه"
قلنا: يارسول الله ليس كلّنا يجد مايُفطّر به الصائم؟ قال: "يُعطى الله هذا
الثواب من يفطر صائماً على مذقة لبن، وشربة ماء، أو تمرة، ومن أشبع
صائماً كان له مغفرة لذنوبه وسقاه ربه من حوضي، شربة لا يظمأ بعدها
أبدا،وكان لهمثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء،وهو شهر أوله
رحمة،وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار،ومن خفف عن مملوكه فيه أعتقه الله من النار.
فاستكثروا فيه من أربع خصال. خصلتين ترضون بهما ربكم ،وخصلتين لا غنى
لكم عنهما أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة ألا إله إلا
الله،وتستغفرونه وأما الخصلتان اللتان لاغنى لكم عنهما: تسألون ربكم
الجنة، وتتعوذون به من النار".."" رواه ابن خزيمة في صحيحه
وعن أبي هريرة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان
إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيماناً
واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ). رواه مسلم
وناهيك بعبادة أضافها الباري تبارك وتعالى لنفسه...
روى البخاري وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : قال الله (( كل عمل
ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة فإذا كان يوم
صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ
صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك،
للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه ))
رواه البخاري ومسلم
ومنها ماروى البخاري وغيره عن أبي هريرة قوله صلى الله عليه وسلم:"أعطيت
أمتي خمس خصال في شهر رمضان لم تعطهن أمة قبلها: خلوف فم الصائم أطيب
عند الله من ريح المسك، وستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا،وتصفد فيه مردة
الشياطين، ويزين الله تعالى كل يوم الجنة ويقول: يوشك عبادي الصالحون
أن يكف عنهم السوء والأذى، ويغفر لهم في آخره أذا قضى عمله".
******************
قال أبو الدرداء: صلوا في ظلمة الليل ركعتين لظلمة القبور، صوموا يوما
شديدا حره لحر يوم النشور، تصدقوا بصدقة لشر يوم عسير.
و قال الشافعي رحمه الله: أَحِبُّ للرجل الزيادة بالجود في شهر
رمضان، اقتداء برسول الله ، ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل
كثير منهم بالصوم عن مكاسبهم، اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا.
وقيل: أن الصيام لا بد أن يقع فيه خلل أو نقص، فالصدقة تجبر ما فيه
من النقص والخلل، ولهذا وجب في آخر شهر رمضان زكاة الفطر طهرة للصائم
من اللغو والرفث.
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.