مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 19-01-2007, 07:22 PM
karim2000 karim2000 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2006
المشاركات: 433
إفتراضي قراءة عميقة للاعدام...ورسائل الاعدام المهين

صحيح ان الانتقام وارد وأن الجهل والسذاجة باتا من السمات الأصيلة لقرارات الإدارة الأمريكية في العراق، لكن إجراء الإعدام وتوقيته صبيحة يوم العيد سلطا الضوء على ما هو أبعد وأعمق من مضمون تلك المصطلحات، الأمر الذي يضعنا بإزاء حالة تجلي فيها الازدراء والاحتقار في اسطع صوره. ذلك أن إلقاء تلك البصقة الجارحة في وجوه مليار و300 مليون مسلم دفعة واحدة في يوم عيدهم لا يمكن الاكتفاء في تفسيره بحسبانه نابعاً من مجرد الجهل والسذاجة. فخطوة بهذه الجسامة لا يمكن لراشد أن يغفل عن تداعياتها في الظروف العادية. ولا يمكن لصاحب القرار أن يقدم عليها في مناسبة عيد ديني هو الأكبر عند المسلمين، إلا إذا كان قد تعامل مع الطرف الآخر فيها (العرب والمسلمون) بحسبانهم كائنات لا قيمة لها ولا كرامة. وليس لديهم ما يستحق الاعتبار، لا العقيدة ولا التقاليد أو الأعراف، وأن ثقافتهم مما يمكن دوسه واستباحته من دون قلق من ردود الفعل.


لو أن الرئيس بوش وفريقه خطر ببالهم للحظة أنهم يتعاملون مع أمة فيها نبض حياة وتخيلوا أن ثقافتها تستحق الاحترام، وأن شعوبها لها شيء من الكرامة وتعرف معنى الغضب لترددوا ألف مرة قبل أن يقدموا على فعلتهم، ولما آوى الرئيس بوش إلى فراشه متهللا في تلك الليلة، ومحظرا على الجميع إيقاظه تحت أي ظرف، (كما نشرت الصحف) ولم لا يستريح ضميره ويهنأ باله، وهو يعلم أن غاية ما سوف يحدث في الصباح التالي أن تسقط جثة فرد فوق سطح جثة أمة لم يرها إلا فاقدة الحراك ومعدومة الاعتبار؟

تلك هي الرسالة الأهم التي يتعين استلامها مما جرى. ومن يريد منها استزادة أو توثيقا لخلفيات موقف الازدراء الأمريكي التقليدي بالآخر، فعليه أن يقرأ كتاب الباحث منير العكش: حق التضحية بالآخر أمريكا والإبادات الجماعية. وهو من سجل بتفصيل مثير قصة الوحشية الأمريكية في إبادة الهنود الحمر، أول “آخر” صادفهم الذين كان الأمريكيون يمعنون في إذلالهم وتحقيرهم ويصفونهم بأنهم “عرب”!

إذا كان الاحتقار هو مفتاح قراءة الموقف الأمريكي، فإن الانتقام الطائفي هو مفتاح موقف السلطة العراقية. ولا يخلو من مبالغة وصفها بأنها “سلطة”، لأنها لا تملك من الأمر شيئاً في حين أن السلطة الفعلية هي للأمريكيين على مستوى، وللإيرانيين على مستوى آخر، وكل الذين يتحركون على مسرح “السلطة” خيوطهم مشدودة إلى هذا الطرف أو ذاك. كما أن كل الذي يشاع عن إقامة الاحتلال لدولة ديمقراطية يسودها القانون ومجتمع مدني تتعدد فيه المؤسسات، هو هراء ومحض أكاذيب. فنحن بإزاء أنقاض وأشلاء دولة تمكنت منها جماعات لها دوافعها الطائفية، التي تريد إعادة صياغة العراق وكتابة تاريخه من هذه الزاوية. وهم في ذلك لم يختلفوا كثيراً عن صدام حسين في تبنيهم للعنف، بل ربما كانوا أسوأ منه. أقله لأن الرجل كان جلادا لحساب الوطن، بينما هم جلادون لحساب الطائفة. وهذه هي الرسالة الثانية التي تلقيناها في ثنايا مشهد الإعدام المهين. دعك من إهدار القانون في تشكيل المحكمة بواسطة حكومة الاحتلال، وفي إجراءات التحقيق والمرافعة، وفي تنفيذ الإعدام في يوم العيد الكبير (الممنوع بحسب القانون وطبقا للاعتراف السائدة في العالم المتحضر)، وفي شنق الرجل في حين أنه كان ينبغي أن يعدم رميا بالرصاص باعتباره أسير حرب، إلى غير ذلك من الممارسات التي ندد بها المنصفون والراشدون، وفضحت أكذوبة “دولة القانون”. إذا غضضت الطرف عن ذلك كله وسألت: لماذا اعدم الرجل بتهمة قتل 138 مواطناً عراقياً (هم حصيلة يوم واحد في المقتلة الدائرة حاليا)، ولم يحاسب على قتل خمسة آلاف كردي عراقي بالغاز السام في حلبجة، ولا على غزوه للكويت، أو حربه ضد إيران، أو الجرائم الأخرى التي ارتكبت بحق معارضيه السياسيين؟


ستلوح فكرة الانتقام في الأفق حين تتحرى الإجابة. اذ ستلاحظ أن الذين حاولوا اغتيال الرئيس السابق قبل ربع قرن، أثناء حربه ضد “إيران”، هم من شيعة قرية الدجيل، الذين بطش بهم الرجل اثر فشل المحاولة. ولأن الجماعات الشيعية هي صاحبة السهم المعلي في الوضع الراهن، فإن إشباع رغبتها في الانتقام اقتضى أن يعدم صدام حسين بسبب ما اقترفه بحقهم.


وإذا كان الأبالسة الذين اخرجوا المشهد قد وفروا للمتعصبين فرصتهم في التشفي، إلا أنهم حققوا من وراء الإعدام غرضا آخر كسبوا به نقطة أراحت خواطرهم. فإلى جانب مجاملتهم للشيعة، فإنهم تخلصوا من الرجل وأسكتوه إلى الأبد. حتى لا يفضي بما لديه من أسرار ويكشف مخزون فضائح الممارسات السياسية التي تمت في عهده، والتي كانت الدول الغربية وبعض العربية ضالعة فيها. ذلك أن الغاز السام الذي قتل به الأكراد في حملة “الأنفال” لم يكن منتجاً عراقياً ولكنة قدم إليه من الدول الغربية “الصديقة”. وحربه ضد إيران كانت مؤيدة بالدعم الأمريكي والعربي، حتى غزوه للكويت لم يسلم من اللغط الذي جرى الزج في ثناياه بدور للدبلوماسية الأمريكية. وخلال سنوات حكمه التي استمرت ربع قرن فإنه لم يكن يتصرف وحده دائماً، وإنما تداخلت مع وتقاطعت أطراف أخرى خارجية بصورة أو أخرى. وذلك كله يمكن أن يفجر ويفضح إذا ما حوكم الرجل عن تلك الجرائم. ولان إسكاته غدا مطلبا ملحا لإغلاق الملفات الأخرى، فإن الإعدام كان هو الحل.


بقيت عندي رسالتان، إحداها جاءتنا من طهران، والثانية بعثت بها عواصم العرب، الأولى عبرت عنها تصريحات المسئولين في العاصمة الإيرانية، الذين رحبوا بشنق صدام حسين. واعتبروه “نصرا للعراقيين” (حميد رضا آصفي نائب وزير الخارجية) وهنأوا شعب العراق لأن الرجل ذهب إلى الجحيم (علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الأمن في مجلس الشورى).. وهو ما سوغ لوكالات الأنباء أن تصنف الجمهورية الإسلامية مع “إسرائيل” والولايات المتحدة، في موقفها من الحفاوة بعملية الإعدام.


لقد شعرت بمرارة في حلقي حين وقعت على ذلك التصنيف. لكن المرارة اقترنت بحزن لم استطع اخفاءه لأن طهران انضمت إلى الشامتين، ولم يستوقفها انتهاك حرمة العيد ولا ما أصاب مشاعر ملايين المسلمين من أذى ومهانة جراء تنفيذ الإعدام صبيحة يومه الأول، ورأيت في تلك التصريحات إيران أخرى غير التي عرفتها أو تمنيتها. غلبت فيها فرحة الانتقام للطائفة على الغضب لما أصاب كرامة عامة المسلمين من انتهاك وازدراء. وهو ما جعلني أتساءل قائلا: لو أنها كانت إيران الشاهنشاهية، هل كان الأمر يختلف عما عبرت به إيران الإسلامية؟


أما رسالة عواصم العرب فقد عبرت عنها الأصداء القوية لحدث الإعدام في مشرق العالم العربي ومغربه، والتي اختلط فيها الغضب لما أصاب الذات من جرح بمشاعر الإعجاب والافتتان بالصورة التي ظهر بها الرئيس السابق في مشهد الإعدام. حتى الذين آذاهم صدام حسين وأجرم بحقهم نسوا ما أصابهم واكبروا موقفه، الأمر الذي يشي بحقيقة يتعين الانتباه إليها، وهي أن العالم العربي ضاق ذرعا بالانكسار والاستخذاء. ومنذ سنوات وهو يبحث جاهدا عن رمز يجسد له الصمود والكبرياء والعزة. ذلك أنه مع كل صفعة نتلقاها، أو مهانة تحل بنا، فإن الناس ما برحوا يهرعون إلى الواجهات باحثين عن قشة كبرياء يتعلقون بها أو رمز للعزة يصطفون وراءه، إلا أنهم في كل مرة يردون إلى أعقابهم محبطين. ولولا بعض ومضات الأمل في محيطهم لاستسلموا لليأس والكمد. بسبب من ذلك، فما أن رأوا صدام حسين منتصب الهامة ومرفوع الرأس ومتحديا لكل ما أحاط به من قهر وذل، حتى غفروا له جرائمه وغسلوا يديه من دمائهم، ورفعوه فوق رؤوسهم عاليا، شاكرين له أنه استدعى إلى وعيهم في ومضة نادرة ما يفتقدونه في واقعهم الذي يخيم عليه العجز والمهانة.


من مقال ا/ فهمي هويدي رسائل الاعدام المهين
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م