من كان بالمجلس ؟
من كان بالمجلس ؟
أحيانا يدعى أحدنا لمناسبة ، ويكون الحضور بالمئات أو الآلاف ، في بعض الأحيان .. وعندما ينتهي الاجتماع أو الاحتفال ، ويعود من حضره ، ويسأله أحدهم عن الحضور من كانوا ؟ ، فانه سيتذكر أكثر الحضور وضوحا ، قد يتذكر عشرة أشخاص من أصل عدة مئات كانوا حاضرين .. وبعد عدة أيام سيتناقص عدد الذين يتم تذكرهم ، حتى يبقى أكثرهم انطباعا بالذاكرة ..
هناك أشخاص يفرضون وجودهم بين الآخرين ، ويرقب الحضور أقوالهم ، ويحسبون لها ألف حساب .. وهناك أشخاص ، يذهب كلامهم أدراج الرياح ، فكلامهم قد يخلو من أي جديد ، أو أنه كان يصادق على كلام أحد المهمين ، أو أنه اكتفى بابتسامة موافقة دون كلام ..
لنفرض الآن أن العالم هو مجلس .. من يتذكر كلام من ؟
عندما كان أجدادنا يفرضون حضورهم في كل صعيد ، الفلك والطب والفلسفة و الرياضيات و الفيزياء والكيمياء والموسيقى .. وقبل كل ذلك شرحهم لخصائص الرسالة السماوية .. كان العالم لا يستطيع نسيانهم في مجلسه ، رغم تدني مستوى التقنيات الإعلامية لما هي عليه اليوم .. وكان الناس يعتنقون الدين الإسلامي دون حروب .. لأن من كان يحمل الرسالة ، تتطابق أفعاله وجديته ، تطابقا يكاد يكون كاملا ، فتمثل عناصر الرسالة في نفس حاملها كان واضحا و ماثلا لإقناع من يستمع لكلام المتكلم أن يقتنع به و يحتذي بما يؤمن .
عندما توقفت حركة التطور الفكري و التقني ، ووظف الأدب وحتى الفقه ، بشكل ( بلوتوقراطي ) لمنافقة الحاكم ، من أي جنسية كان ، أصبح الخطاب والكلام باهتا بلا أثر حتى لم يترك ظلالا تتعدى إبهام رجل المتكلم .. ومع ذلك يحس هذا المتكلم ، باستثنائية دوره و أهمية ما يقول ..
يكفي البعض هذه الأيام ، أن يحفظ قليلا من كتاب الله عز وجل ، و بعض من أحاديث رسوله الكريم صلوات الله عليه ، ليضيف نفسه لتلك الجيوش المدعية بأن خلاص الأمة ـ لا محالة ـ على يدها ..
فعزف ابن الوطن عن سماع هؤلاء ، وبرز بالمقابل ، مستغلا تلك الظاهرة ، ليذهب الى الغرب راجيا الرضا عنه ، بأن يسامح هذه الأمة ، لأن من يتكلم باسمها لن يمثل الا نفسه .. فأضيفت لهؤلاء سمة الإرهاب ..
هل أصبحنا ننشد رضا الغرب عنا ، وكأنه هو أبو ( الكمال ) .. أم أننا نريد أن نعتذر ضمنا عن هزل و ضعف خطابنا ، الذي لم يعد أحد مضطر لحفظ ما يقال فيه ؟
لنعد لصياغة خطابنا محليا ، ولنكف عن الأذى فيما بيننا ، لعل أحد في هذا العالم .. وحتى عالمنا الضيق ( اسلاميا أو عربيا أو حتى قطريا ) يتذكر شخوصنا في المجالس ، رحمة برسالتنا و أوطاننا و شعوبنا ..
__________________
ابن حوران
|