مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب > دواوين الشعر
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 09-07-2007, 08:55 AM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي رسالة الغفران . شعر . عبد الهادي السعيد.

عبد الهادي السعيد

رسالة الغفران 2004



دائما أنتَ هكذا

تقذف بسلّة العالم

في بئر النسيان

تنسى من أنتَ

ومن ستكون

تنسى حواسك الخمس

تنسى الطريق إلى البيت

تنسى لأي شيء يصلحُ الورد والموستاردا والقنابل

تنسى من أين تُؤكل الكتف

ومن أين تبتسم السمكة

تنسى وأنت أمام شاشةِ الشعر

كلمة السِّر واسمَ المستعمِل

تنسى رقمَ محمولِ الله

والبريدَ الإلكترونيَ للياسمين

تنسى الفاتحة

ودرسَ الكيمياء

تنسى جسمك في حانة الوقت

وبلا ندم تودع النهارَ والأصدقاء

وتَقْعُد في ليلك الأبيض التعس

المستوردِ من مجرات النحس

ليلك العاري من الأنبياء

الحافي من الدجالين

تراقب انتحار النجوم

فوق مقبرة أوهامك!

هكذا كلّ ليلة

تنقرض فيك مساحة إضافية من فكرة السماء

كأنما تبلعها ثقوب سوداءُ في رأسك

وأنت دونما دهشة

ودونما حنين

تقعد تتسلى بالفرقعات المسافرة عبر السماوات السبع

تلوك شظاياها الساخنة

بتلذذٍ

بارز الحدة و الأسنان...

وحين تتعبُ

تقصد اللاطريق

فيما تَنْشُط في دمك أنزيماتُ الغياب

ويغزو طحلبُ الفراغ شطآنَ روحك

وأنت تقترب من درّاجتك

شيءٌ ما على غير العادة

جعلك تتوجس منها خِيفة

كانت ترتعش أمامك كيرقة عملاقة

وكانت ألوانها تتغير على نحو مريع

ولم تَجدِ الوقتَ كي يُغمى عليك

وأنت ترى جناحين هائلين ينموان في أضلاعها

فسرعان ما رن محمولك

لتخبرك رسالة قصيرة محجوبة المصدر

أنك على حافة سفر عظيم...

وبينما كانت تورق في جلدك حواس جديدة

رأيتَ أناسا كثيرين يغادرون أكواخهم باتجاه الطريق العام

تُشَغّلهم بطّارية الفزع

وحكايا غولٍ مفاجئ وقد ملأت الأفواه وعَنّفت القلوب

ثم وبالتدريج

أصبحت دراجتك هوائيةً أكثرَ فأكثر

وكنت تبصر من بعيد صف رجال مشلولي الأطراف

كانوا تقريبا منطفئين

ولأن وَصْلات الابتسام كانت مُعطّلة في مواقع وجوههم

فقد بدَوا غاية في التجهم

أما الأمهاتُ فكن يتحسّسْن أرحامهن اليابسة

ويبكين أولادا غابوا في ظروف سرية ومبللة

وكانت الرفيقة التاريخية لأحد المهاجرين

تقبل ببلاهة مؤثرة

صورة حبيبها يونس المغربي

وتروج أن الحوت العظيم قد بُعث في البوغاز

وأنه يقيم رحلات مكوكية بين طنجةَ و ألمريةَ بالمجان

وحده أمير الشحاذين بدا معافا وسعيدا

وكان بكل نشاط

يلقن الحرفة لصبية الحي

الهاربين من تحت أقدام أمهاتهم

ويصرف نصف بومة للمتفوقين...

ورغبةً منهم في تصعيد الموقف

أحضر عمال البلدية العرضيون

شاشة ضخمة

لنقل نهاية كأس إفريقيا للأمم

ونهاية التاريخ لفوكوياما

ووقائع سُدس عُشر حرب الحضارات

ونهائيات بطولة الخليج الثالثة

وخُمس سُبع الدِّربي البابلي

وكان الزعماء يوزعون الميداليات على أنفسهم سلفا

ولم يكن أحد من المتفرجين واثقا من صحة الأهداف

الحكم كان غائبا

إثر وعكة صحية

حتى المرمى لم تكن واضحة للعيان

فكان المقاتلون يخبطون الكرة كيفما اتفق

وكان بعضهم يسجل نفسه

قنبلةً في شِباك ذويه

فوجئتُ حينها بقطعان خرفان ميتة

تهبط من السماء

أمام لامبالاة الكل

فوجئت بالآباء يذبحون أبناءهم

والأمهاتِ بناتهم

ورأيتُ شاشة هذه القصيدة

مخضبة بأجيال من الدم والصحاري والتيه

بقرون من الركوع والنوم والعنكبوت

وصرت أمسحها بطرف قميصي الأبيض

لكنْ سرعان ما اسودت أليافه

من دبر ومن قبل

كما اسودت في وجهي شاشة العالم

وصرت أسمع أصواتا لم ترها عيني من قبل

وأحسست الفضاء يسحبني من خياشيمي إلى أعلى

فيما المركبة تتمرغ وسْط حُجب لولبية كثيفة

وسرعة حركتها تزداد بشكل مخيف

حتى أن خلاياي الدماغية كادت تنفصل عن بعضها

تماما كما يحدث لإلكترونات مهيجة

وفجأةً

انتفضت أمام المقود شاشة صغيرة

(من حجم 15 بوصة)

ووجدتني أتصفح عليها القرص المدمج الكامل لحياتي

في لمحة بصر مما تَعُدّون

أو في 500 عام مما تعد الملائكة في السماء

أو في 30 سنة مما يعد إنشتاين في نسبيته

30 سنة

عشت فيها مائة عام من العزلة

وألف عام من الغضب

وأسبوعين من الفرح

30 سنة

تعرضت فيها لقرون من الغباء

وأعوام من الغبار والبطاطس والثرثرة

تعرضت فيها لدقيقتين من الديموقراطية

وأربعين سنة من الجبن والتدليس

تعرضت لثوان من قصيدة النثر

ودهور من نثر القصيدة...

وأخيرا انطفأتِ الشاشة

خَفّتِ السرعة وانفَضّتِ الحُجُب

آه ما أحلى الطيران

الآن سأستريح

العالم من فوق يبدو صغيرا ومنسجما

الحروب تبدو وكأنها مجرد ألعاب نارية للأطفال

أصبح كل شيء جميلا وعذبا

وصرت كلما فكرت في شيء حدث

فهبطت تفاحة

واستقرت رغم أنف نيوتن في الجو

على مرمى حجر من أنفي

وهبطت حورية

ثدياها ككثبان مكة

وردفاها كهضبة الجولان

واستقرت على مرمى وردة

ثم هبطت قنينة من الروج الفرنسي المعتق

وهبط صحن ملوخية بالأرانب

ومُعَسّلات من خليط الذرة المكسيكية

أكلت ونمت

ثم تابعت مسيري

فمررت برَفّ من الإوزات

وكان على وجنة كل منهن زر كُتب عليه:

"إذا كنت ترغب في حوريةٍ اُنقر هنا"

وصرت أنقر

والإوزات يتحولن في لمح البصر إلى فتيات

يضاهين بجمالهن مضيفات الطيران

وعاملات الفيديو الكليب

صرت أنقرُ وأنقر

وحين تعبت من النقر

عقدت موعدا مع أجمل إوزتين في الرف

ثم عرجت على وادي الكتاب

فلم أستغرب أن أجد السّياب هناك

لكني فوجئت إذ رأيته يبتسم

كان وسيما كبراد بيث

وكانت تحضنه الملائكة

رأيت دوستويفسكي

كان يتنزه في حديقته الصغيرة

سعيدا وخاليا من الديون

وفي جناح VIP

كان موزار يعزف على قلب العالم

بخيوط من ضوء

والمتنبي كان يمدح نفسه

باعتباره واليا على الفَيّوم

وكان رامبو يقرض النثر بكامل مشيته

وفي الجهة الأخرى من الآخرة

كان زولا محكوما بعقوبة أبدية:

أن يعتذر دون توقف للقراء

كل واحد باسمه

وكان المنفلوطي من جهتهِ

غارقا في الدموع والحَسَرات

وفي إحدى الردهات المظلمة

كان صحفي محموم من الجزيرة العربية

يلاحق دون هوادة جون بول سارتر

المختبئ في سراديب عدمه بين الجنة والنار

لا لشيء

إلا ليقنع le diable et le bon dieu

بالمشاركة في برنامج "الوجهة المعاكسة"

وكنت كل مرة أغير فيها ضفتي

أصادف في المنطقة الوسطى زوس الهرم

وكنت أراه يستمع إلى سمفونية الحرب الكونية التاسعة

باسترخاء شديد

لدرجة أني لم أجرأ على إزعاجه بملاحظة أو سؤال

لكني تابعت تجوالي

ولدى اقترابي من نهر الخلود

فوجئت هناك بمظاهرة حاشدة

من تنظيم نقابة أخروية

تدعى "المبعوثون الذين قتلهم الضجر"

يطالبون فيها بالعودة إلى الأرض

وبالحياة العادية

ويشهرون سأمهم

من الحور والسندس والياقوت

لكن قوات التدخل السريع

المشتغلةَ تحت إمرة عزرائيل

تدخلت كما هو متوقع بسرعة

ففرقت المتظاهرين

وأرجعتهم بالقوة إلى الغرف والأرائكْ...

وفي غضون ذلكْ

سمعت محمولي يرن

وأحسست يدا باردة على جبيني

كانت ناعمة جدا

حتى إني حسبتها لإحدى الإوزتين

كنت في غرفتي

ولم يكن جسدي سوى كتلة لحم حارقة

يجري من تحتها ومن فوقها العرق

منبهُ الجهاز واصل رنينهُ

مشيرا إلى الساعة السابعة

حين فتحت عيني

كانت "حوريه" تدثرني

وتنهاني عن الخروج

وطوال النهار

رأيتها تقبلني في فمي

بجرع متواصلة من الباراسيتامول!

عبد الهادي السعيد،

الرباط، مارس 2004.
__________________
السيد عبد الرازق
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م