ما هكـــذا توردُ الإبلُ

[المسافر الدائم]

أخي جمال:

أحسنت الشعر صياغة وأعدت للرواية رونقاً جديداً ... لا فض فوك!

ولكن قد ظلمت الحمار فهو بالوفاء شهير وفي البلاء صبور وعلى القليل شكور. كان أولى لو كان ضبعاً يشتهر بالخسة أو ثعلباً يشتهر بالخديعة أو خنزيراً يشتهر بالقذارة.

عموماً أبياتك ذكرتني بأبيات لي قديمة في هذا المعنى أقول فيها:


ألا رويــدكِ يا من تمســكين يـــدي

============= كُفِّي الدموعَ وصُوني النفس بالجلَـدِ

هلْ تعــذلينَ فـــؤادي غيرَ مدركـــةٍ

============= هــذا الحنينَ الذي يلتــاعُ في كبِـدي

لو كانَ في قَدَري أنْ لا أكــونَ أنـــا

============= لكنتِ أنتِ رحيــق العمــرِ والشــهدِ

لكنَّني رجلٌ يســـعى إلى هــــــدفٍ

============= ســعي الغريبِ عن الأوطانِ للبلـــدِ

إني أســـافرُ نحو المجــد مجتهـــداً

============= رغـم الصعاب فهل يُقضى لمجتهـدِ

هـذا الزمــانُ زمــانٌ ليس يُنصفنــا

============= نحن الرجال أُولي الأخلاق والرَشَدِ

هذا الزمــانُ وصـوتُ الحقِّ منهزمٌ

============= أمـَّـا الفســادُ فيدوي فيــه كالرَّعِـــدِ

هذا الزمــانُ كليــلٍ مظــلمٍ نحـــسٍ

============= يغشـى العيــون فمـا ينفـكُّ كالزبـــدِ

خنافسُ الأرض تجري في أعِنَّتِهــا

============= وســابحُ الخيــل مربوطٌ إلى الوتــدِ

وأكرمُ الأُسـدِ محبوسٌ ومضطهــدٌ

============= وأحقرُ الدودِ يســعى غير مضطهدِ

وأتفهُ الناس يقضي في مصالحهــم

============= حـكمَ الرويبضةِ المذكورِ في السَـنَدِ

فكم شــجاعٍ أضاع الناسُ هيبتــــَـه

============= وكم جبـــانٍ مُهـــابٌ هيبة الأسَــــدِ

وكم فصيحٍ أمـات الجهلُ حجتـَــــه

============= وكم صفيقٍ له الأســـماعُ في رغَـدِ

وكم كريمٍ غدا في غير موضعــــه

============= وكم وضيـعٍ غــدا في أرفـعِ الجُـدَدِ

دار الزمان على الإنســان وانقلبَتْ

============= كلُّ الموازيــن واختلَّتْ ببأسِ عدي

أمَّــــا الذيـن كتـــابُ الله منهجهــــمْ

============= فهم منــــابرُ إشـــــعاعٍ بــلا مَـــــدَدِ

ما ضرَّهم أبداً إســفاف من ســفهوا

============= أو ضرَّهم أبــــداً عقلٌ بدون يــــــدِ

هم الكرام وإنْ ضِيموا وإنْ ظُلمــوا

============= رغم الصِغارِ ورغم الحقد للأبــــدِ