57 عاما على احتلال مدينة اللد

[Ali4]

57 عاما على احتلال مدينة اللد

" اجبرونا على نهب الاموات وحرق جـثامينهم"


وديع عواودة

صادفت الاسبوع الماضي الذكرى السنوية لاحتلال وتهجير مدينة اللد بعد ذبح المئات من اهاليها في مجازر عديدة لم ينج منها حتى من احتمى بالمساجد والكنائس كما اكدت مجزرة مسجد دهمش. وتفيد الارشيفات الاسرائيلية ان قوة مدرعة دخلت المدينة بقيادة موشيه ديان في مساء الحادي عشر من يوليو/تموز 48 وشرعت بترويع السكان باطلاق نيران المدافع الرشاشة بشكل عشوائي نحو المدنيين بعد انتهاء المعركة مع حامية المدينة. في مذكراته " بنكاس شيروت" قال رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق اسحق رابين والذي اشغل منصب قائد لواء في الجيش وشارك في احتلال اللد انه كان قد التقى مع دافيد بن غوريون للتباحث فيما يجب فعله بالاعداد الكبيرة من السكان المدنيين الذين ظلوا فيها . وقال رابين انه لن يستطيع ترك اعداد كبيرة من السكان المدنيين في "مؤخرتنا" وعندما سأل يجئال يدين، قائد بارز آخر في العملية: ما الذي يجب ان نفعله بالسكان؟ حرك بن غوريون يده باشارة كانت تعني بوضوح طردهم وهكذا تم". في حديث معه قال الشيخ فايق ابومنة(76 عاما) من ابناء اللد ان العصابات اقترفت مذابح مختلفة بحق الاهالي في المدينة مؤكدا ان دوريات عسكرية كانت تجوب الشوارع وتدعو عبر مكبرات الصوت الى مغادرة المكان لان ذلك " افضل" لهم كي لا يلقوا مصير من ذبحوا في مسجد دهمش. واضاف ابو منة: امام مشاهد القتل والترويع نزحت اغلبية سكان اللد نحو الشرق صوب منطقة رام الله في الضفة الغربية في " عز الظهر" بدون ماء او خبز وقد مات في الطريق بحسب مصطفى مراد الدباغ 350 شخصا.
وقال الكاتب فوزي الاسمر ابن مدينة اللد ان المئات ماتوا على طريق النزوح التي عجت بجموع الاطفال والنساء الذين هاموا على وجوههم وقضى البعض عطشا فيما اضطر البعض الآخر الى شرب بولهم بحثا عن النجاة من العطش والحر.
وعن تهجير اللد قال الباحث الاسرائيلي بيني موريس في مؤلفه (ولادة مشكلة اللاجئين) ان الجنود الاسرائىليين " حصدوا" السكان الذين خرجوا من بيوتهم واضاف " اصيب وقتل المئات من المواطنين غير المسلحين الذين استوقفوا في معسكرات بجوار المسجد والكنيسة في 12.07.48".ووصف ضابط المخابرات في عملية احتلال الرملة يروحام كوهين حالة المدينة بعد سقوطها بالقول ان السكان اصيبوا بالهلع فما حدث تقشعر له الابدان فيما كانت الاصوات تصم الآذان: النساء يولولن عاليا وكان المسنون يقرأون آيات قرأنية كأنهم يشاهدون موتهم باعينهم".
ولفت فايق ابو منة ان الجيش الاسرائيلي اقتاده من منزله مع عشرة شبان عرب آخرين بعد اكثر من اسبوع من احتلال المدينة الى مسجد دهمش حيث كانت 85 جثة مكدسة في غرفة بجانب ساحة المسجد.واضاف" كانت رائحة الجثث المتعفنة قد ملأت الفضاء ولما دخلنا الغرفة من جهة اليمين ذهلنا لمشاهدة كمية هائلة من جثث الناس الذين حشروا في غرفة ورموهم بالنار. واذكر انهم كانوا من الرجال عدا سيدة ترتدي لباسا فلاحيا بجوارها طفلتان توأمان."
واشار ابو منة انهم نقلوا الجثث بتعليمات الجيش الى المقبرة الاسلامية الغربية ونوه الى ان الجنود منعوهم من دفن الجثامين واجبروهم على حرقها عدا جثث السيدة والطفلتين واضاف" جمعنا كافة الاخشاب والاعشاب اليابسة في المقبرة واضرمنا النار بالجثث بعد ان نظفنا ملابس الموتى من الادوات والاموال التي كانت بحوزتهم والتي اخذها الجنود طبعا. وبعد جدال سمحوا لواحد منا بتلاوة الفاتحة على ارواحهم ."
ولفت ابو منة انه سمع لاحقا من بعض الجنود اليهود ممن اقاموا في المدينة بعد سقوطها كيف اعدم المواطنون في المسجد واضاف" واستذكر اؤلئك الجنود كيف عادوا الى المسجد بعد دقائق معدودة من المذبحة ونادوا بالعربية وكأنهم جاءوا للنجدة: هل هناك جرحى وعندما نهض بعضهم حصدوهم بالنار ثانية قبل ان يغادروا المسجد."
يشار الى ان خليل بحر ابو محمود(75 عاما) هو الوحيد الذي نجا من مجزرة المسجد حيث اصيب بجراح غير قاتلة وظل ممددا بين الاموات متظاهرا بالموت بعد ان مرغ وجهه ورأسه بالدماء حتى شعر بالامان وهرب كما اكدت لنا ابنة شقيقته سوسن البراغيتي طبقا لما حدثها. وقال الشيخ مسلم ابو احمد من الناصرة الذي تواجد في اللد في آخر ايامها انه زار مسجد دهمش بعد المذبحة ببضعة ايام وشاهد آثار الدماء التي كانت بادية على الجدران الاربعة بارتفاع عشرة "سنتمترات".
وافادت المصادر الفلسطينية ان نحو 1500 مواطن لداوي قد استشهدوا خلال احتلال مدينتهم وتهجير اهاليها الذين ينتشرون اليوم في اصقاع الدنيا من رام الله والاردن الى السويد وكندا واستراليا.