مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 08-09-2006, 03:40 PM
سم الخياط سم الخياط غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
الإقامة: بلاد الرافدين
المشاركات: 51
إفتراضي حنّت يداي ...

بسم الله الرحمن الرحيم

حنّت يداي
قصيدة الشيخ المجاهد أبو حفص الحجازي رحمه الله




الحمد لله الذي جعل من الشعر حكمة ، ومن البيان سحرا ، ثم الصلاة والسلام على المبعوث بين يدي الساعة بالحسام محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي ، أفصح العرب وأصدقهم لهجة ، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه على دربه .. أما بعد ..


فهذه القصيدة أرسلها الشيخ المجاهد محمد بن عبد الرحمن العتيبي "أبو حفص الحجازي" - رحمه الله - إلى قائده في المعركة ، بعد أن أقعده القائد عن النزال لتدريس إخوانه المجاهدين بعض العلوم الشرعية من توحيد وفقه وآداب وأخلاق ، فما كان من "أبي حفص الحجازي" رحمه الله إلا أن بعث بهذه القصيدة (بصوته) إلى أميره ، فكانت رسالة حنين إلى سلاحه وإلى ميدان القتال ، والشوق إلى الشهادة في سبيل الله [القصيدة مع مناسبتها جاءت في فيلم "غزوة الشيخ محمد بن عبد الرحمن العتيبي" رحمه الله وتقبله] ..

حريّ بمثل هذه القصائد أن تُخلّد ، ويبقى ذكرها وتبقى معانيها على مر الأجيال لأنها خرجت من قلب صادق ، ومن رجل ليس صنعته الكلام ككثير من قادة أهل الغواية من الشعراء ، فهي كلمات سطرتها الأفعال ، وأي أفعال ..

القصيدة ..


حنّت يداي إلى مِساسِ يَداها ... وشكى الفؤاد إليّ من فَرقاها (1)
روسيّة الشفتين لا ترضى سوى ... تقبيلَ كـلِّ منافق يلقاها (2)
ذهبية الأسنان حـين تبسَّمت ... سقط الرجال لخوفهم إياها (3)
إن أغمزِ الأرداف تُبدِ تبـسما ... لحيائــها، لله درُّ حَياها (4)
يا ربِّ عـجّل بالوصال فإنني ... متألّم والـنفس قد أعياها (5)
طول القعود عن اللقاء فهل لنا ... من موعد معها لكي نلقاها (6)
يـا أيها الحَجّيُّ لا تشقق على ... قلبي ، فإني مغـرمٌ بهواها (7)
فـاسمح لنا كي ما نقابل حِبَّنا ... والله إني لا أريــد سواها (8)




وسأتكلم هنا عن كل بيت على حدة ، ثم أذكر – إن شاء الله – بعض الفوائد المستقاة من هذه الأبيات الجميلة ..

البيت الأول : حنّت يداي إلى مِساس يداها ... وشكى الفؤاد إليّ من فَرقاها
من المعلوم أنه لا يجوز مساس الأجنبية ، وشيخنا الحجازي - رحمه الله - إنما يتكلم عن سلاحه ، وهنا نكتة لطيفة : فظاهر كلامه من المحرمات ، وحقيقة كلامه من أوجب الواجبات في هذا الزمان !!

البيت الثاني : روسيّة الشفتين لا ترضى سوى ... تقبيلَ كـلِّ منافق يلقاها
الروسية ، نسبة إلى روسيا ، ويقصد بقوله "روسية" سلاحه المصنوع في روسيا .. والشفتين ، فوهة البندقية .. وهنا لفتة جميلة ، حيث أن الشاعر - رحمه الله - ذكر حرص الروسية على التقبيل مما يدل على أن الرامي بها جيد في الرماية. فإن المرأة الحريصة على التقبيل لا تعدم أن تجد من يقبلها من الرجال وقلما تُرد المرأة .. أما ذكره المنافقين خاصة فهذا لخطرهم الكبير على الإسلام وأهله ، وإلا فإن "الروسية" تقبل المنافقين والكفار معاً.

البيت الثالث : ذهبية الأسنان حـين تبسَّمت ... سقط الرجال لخوفهم إياها
الأسنان هنا الرصاص ، فإذا ظهر الرصاص من فوهة البندقية سقط من يرى الرصاص لأنه يكون أمام البندقية ، أما من كان خلفها فإنه لا يرى هذه الأسنان الذهبية التي عادة ما تكون في مقدمة الرصاص .

البيت الرابع : إن أغمزِ الأرداف تُبدِ تبسما ... لحيائــها، لله درُّ حَياها
الردف هو عجيزة المرأة ، والردف هنا مؤخرة السلاح ، والزناد يكون عادة في المؤخرة ، فهو إذا غمز الزناد ظهر الرصاص الذي شبّهه بالأسنان ، فكلما غمز الروسية في ردفها تبسمت ، وهذا تشبيه في غاية الجمال.

البيت الخامس : يا ربِّ عـجّل بالوصال فإنني ... متألّم والـنفس قد أعياها
هنا أمر مُشكل، كيف يدعوا الله للوصال ويتألم وهو قد وصفها بأنها روسية لا ترضى بغير تقبيل المنافقين وأنها تبتسم للرجال وإذا غُمزت عجيزتها !! لعل هذا من خفة دم الحجازيين. ومثل هذا لا يؤاخذ عليه الشاعر ، فكلامه كله تشبيه وليس على حقيقته ..

البيت السادس : طول القعود عن اللقاء فهل لنا ... من موعد معها لكي نلقاها
وهذا من الشوق للجهاد في سبيل الله ، فالمجاهد في ساحة الجهاد كالسمكة في البحر ، إن خرجت من البحر يضيق بها الفضاء حتى ترجع إلى الماء ، وكذلك المجاهد - المخلوق للجهاد - لا يهنأ بعيش في غير ساحات القتال.

البيت السابع : يـا أيها الحَجّيُّ لا تشقق على ... قلبي ، فإني مغـرمٌ بهواها
لعل الحجي قائده الذي أقعده ، وهنا إشارة ، وهي : أن الشيخ أبا حفص جندي مثالي ، حيث أنه أطاع أميره مع شوقه الكبير للقتال ، وأرسل له هذه الكلمات اللطيفة ليبث له ما في قلبه ، ولم يكلمه بكلام غليظ ، وهو البطل الصنديد الذي قطع المسافات الطويلة ليشارك في القتال.

البيت الثامن : فـاسمح لنا كي ما نقابل حِبَّنا ... والله إني لا أريــد سواها
قسمه هنا بأنه لا يريد "سواها" لعله يقصد بأنه لا يريد سواها طريقا موصلاً إلى الجنة ، فلا شك أن الجنة والشهادة - ومن قبل رضى الله - غاية المجاهد في سبيل الله ، ومن كان يدرّس الناس التوحيد والفقه لا يخفى عليه هذا ، وهذا هو ما قصده الشيخ رحمه الله وتقبله في الشهداء ..


ولعلي أذكر هنا بعض الفوائد من هذه الأبيات الجميلة (ومناسبتها) ليعتبر الناس بأمثال هؤلاء الرجال الأفذاذ وليعلموا طريق شموخ الأمة وعزتها ، وأنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها من عقيدة وقول وفعل ..

أولاً : لقد أدرك قادة الجهاد حاجة المجاهدين للعلم الشرعي ، فهم يحرصون أشد الحرص على تعليم المجاهدين أمور دينهم ، وهذا ظاهر في ثنايا كلام الشيخ العتيبي - رحمه الله - حيث أن معرفة قائده بحرصه على القتال لم يمنعه من أن يقعده لتعليم المجاهدين مع شدة حاجة المجاهدين لأمثال الشيخ أبي حفص في ساحات النزال ..

ثانياً : يتبين هنا حاجة أهل الجهاد لطلبة العلم الشرعي المتفرغين لتعليم الناس العقيدة والفقه والآداب الشرعية ، فتفريغ أمثال هذا المقاتل وإقعاده من قِبل القادة ليس اختياراً ، بل ضرورة ..

ثالثاً : نستقي من الأبيات ومناسبتها أن معنويات المجاهدين في العراق عالية وروحهم سامية ، وأنهم في سكون ودعة المؤمنين في القتال ، وأنهم يعيشون حياة طيبة كريمة في أيام من أيام الله عظيمة ، فلا يمنعهم القتال والنزال ومقارعة الكفار والمنافقين الأنذال أن يجلسوا في حلق العلم وأن يكتبوا الشعر ويُبدعوا فيه ..

رابعاً : تشير الأبيات إلى الأخلاق الكريمة والإنضباط الكبير للمجاهدين في العراق ، فهذا المجاهد الذي كانت له صولات وجولات في جزيرة العرب ، وهو من طلبة العلم الشرعي ومن حفظة القرآن يكتب لقائده هذه الكلمات الرقيقة المهذبة ..

خامساً : يظهر من الأبيات حب المجاهدين للجهاد وأنه غلب على عقولهم وقلوبهم ، فهم أحرص على الموت منهم على الحياة ، وهذا ما قاله سيف الله خالد بن الوليد لقادة الفرس ومشركي العراق يوم أن جاء إليهم بمقاتلي جزيرة العرب المسلمين "جئتكم بقوم يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة" ، وها قد عاد أبناء سيف الله ليُقارعوا الفرس والعرب والروم معاً في العراق بنفس الروح واليقين ، وما خرج سيف الله إلا من الحجاز ، وكان أشد جنوده على الكفار هم الحجازيون من الصحابة وكبار التابعين ..

سادساً : تذكرنا الأبيات ومناسبتها بمقولة أبا سليمان خالد بن الوليد رضي الله عنه ، تلك المقولة الخالدة التي بقيت لتذكر الناس أفعال هذا السيف المسلط على رقاب المشركين ، قال رحمه الله "ما من ليلة يُهدى إليّ فيها عروس أنا لها مُحب ، أحبُّ إليّ من ليلة شديدة البرد كثيرة الجليد في سريّة أصبّح فيها العدو" ، وها هو أبو حفص الحجازي يشكوا قعوده وتعليمه الناس – مع ما في ذلك من أجر- ويريد القتال ويشتاق إليه ..

سابعاً : وتُذكرنا قصة الأبيات هذه بقصة أبي محجن - أحد أبطال المسلمين وشجعانهم في القادسية – الذي أوثقه سعد بن أبي وقاص في القلعة لحد أتاه ، فلما سمع أبو محجن صهيل الخيول وقرع السيوف وهو مكبّل ، اشتد ذلك عليه فأنشد :


كـفا حزَنَاً تدْحَم الخيل بالفتى ... وأُتركُ مشـدوداً عليّ وثاقيا
إذا قمتُ عنّاني الحديد وغُلّقَت ... مصاريع من دوني تُصِمُّ المناديا
وقد كنتُ ذا مالٍ كثيرٍ وإخوة ... وقد تركوني مُفرداً لا أخا ليا



ثم سأل امرأة سعد بن أبي وقاص أن تفك قيده وتعيره فرس سعد ، وحلف لها أن يرجع في القيد آخر النهار ، ففعلت ، وركب فرس سعد وقاتل الكفار قتالا شديدا وسعد ينظر إلى فرسه وعليه فارس قد فرّق جموع الفرس وبدد جيشهم ، وعرف قتال أبي محجن إلا أنه شك لأن الرجل مقيّد ، فلما انتهت المعركة عرف الخبر فأطلق أبا محجن .. (انظر البداية والنهاية لابن كثير).

كم سمعنا من كلمة ، وكم قصيدة نُظمت ، وكم مقالة كُتبت ، وكم خطبة تُليت ، وكم من الكلمات سوّدت بها القراطيس ، ولكن الكلمات التي تخرج من القلب هي التي تستقر في القلب ، وأجمل الكلمات هي الصادقة المعبرة عن واقع يعيشه صاحبها ، وليس واقعٌ اليوم أصدق ولا أعظم من واقع الجهاد ..

إنما تُخلّد الكلمات بأفعال أصحابها ، وأكثر الكلمات خلوداً [بعد كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم] التي كُتبت بمداد الدم ..


نسأل الله أن يغفر لشاعرنا وأخانا المجاهد أبا حفص محمد بن عبد الرحمن العتيبي ، وأن يتغمده برحمته ، ويتقبله في الشهداء ، ويدخله جنته بغير حساب ، في الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء والصالحين ، وأن يبلغنا وإياه رضوانه ونظرة إلى وجهه الكريم سبحانه وتعالى ..


والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..


كتبه
حسين بن محمود
14 شعبان 1427هـ

__________________
الله أكبر
__________________
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م