مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 12-05-2005, 02:46 AM
tigger tigger غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
المشاركات: 49
إفتراضي إستراتيجية التواجد العسكري للولايات المتحدة فـي الجزيرة والخليج

إستراتيجية التواجد العسكري للولايات المتحدة فـي الجزيرة والخليج

لغرض التعرف على طبيعة الاستراتيجية العسكرية الأمريكية فـي المنطقة لابد من تقسيم طبيعة هذه الاستراتيجية حسب فترات زمنية، لأن طابع التوسع السياسي العسكري الأمريكي وأشكاله وطرائقه فـي الجزيرة العربية والخليج. غير متماثلة على الدوام، بل تغيرت مراراً تبعاً لتغيرات السياسة الأمريكية تجاه بلدان الشرقين الأدنى والاوسط، الأمر الذي أسفر بدوره عن التحولات التي طرأت على الاستراتيجية السياسية العسكرية العالمية للامبريالية الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية.

1ـ الفترة الأولي من 1938 ـ 1967م:

بعد تدفق النفط فـي الدمام عام 1938م بشكل تأكد فـيه أن الجزيرة العربية تحتوي على كميات هائلة من احتياطي النفط، اخذت الشركات البترولية الأمريكية العاملة فـي الجزيرة العربية تضغط بقوة على الحكومة الأمريكية بتكثيف وجودها الدبلوماسي مع النظام السعودي لحماية مصالحها ومصالح الرأسمال الأمريكي بصورة عامة. لذلك أبلغت وزارة الخارجية الأمريكية فـي عام 1939م الوزير المفوض فـي القاهرة (بيوت فـيش) باعتماده وزيراً مفوضاً لدى النظام السعودي على أن يكون مقره فـي القاهرة. وبعد أن دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية فـي ديسمبر 1941م إلى جانب الحلفاء وجدت أن الموقف يتطلب منها إيجاد طرق اقرب لإسناد القوات الروسية، فوضع صناع القرار السياسي الأمريكي فـي حساباتهم أن تكون لديهم قواعد فـي الجزيرة العربية لتأمين ذلك. يقول كلود فوبيه: "وهكذا فمنذ 1942م كانت الولايات المتحدة قد عقدت العزم على أن تكون لها سياستها الخاصة فـي الشرق الأدنى، لا فـي إيران وحدها (حيث طردت الشاه رضا المتواطئ مع الألمان) وانما أيضاً فـي العربية السعودية" ([1]).

فـي منتصف عام 1942م وصل (كيرك) إلى جدة لتقديم أوراق اعتماده لابن سعود وأبلغه رسالة من الرئيس الأمريكي (روزفلت) التي أشار فـيها بصراحة على أهمية القواعد الجوية فـي الجزيرة بالنسبة لامريكا، وذكر (روزفلت) فـي رسالته كذلك: ان الولايات المتحدة قد تحتاج إلى الحصول على تسهيلات واسعة النطاق فـي ذلك البلد كي تواصل الحرب. وأجابه ابن سعود برسالة أوضح فـيها (استعداده لتقديم مساعدة ملموسة أكبر للمجهود الحربي الأمريكي) ([2]).

بعد انتهاء مؤتمر (يالطا) سافر الرئيس الأمريكي (روزفلت) إلى القاهرة، واستدعى (عبد العزيز بن سعود) إلى مقره الجوال فـي قناة السويس على متن السفـينة (كوينسي). وفـي يوم 2 ربيع الأول عام 1364 هـ المصادف يوم 14 فبراير 1945م التقى عبد العزيز بروزفلت الذي أخبره بوجوب إعطاء التسهيلات لاستخدام القوات الأمريكية للموانئ (السعودية) فـي الخليج، وعلى استخدام قوات الطيران الأمريكية العاملة ضد اليابان للقاعدة الجوية الجاري إنشاؤها فـي الظهران، وجرى تأجير جملة من الأراضي للجيش الأمريكي لمدة خمس سنوات ([3]).

فـي عام 1945م توقفت الحرب العالمية الثانية باستسلام اليابان فـي 28 رمضان 1364 هـ المصادف يوم 2 سبتمبر 1945م، وبدأت حقبة جديدة فـي العلاقات الدولية مستندة على نتائج الحرب العالمية الثانية. فمن النتائج الاساسية هو خروج بريطانيا من الحرب ضعيفة اقتصادياً مما أثر على دورها كقوة استعمارية كبرى، وكمنافس استعماري كبير للولايات المتحدة. ومن النتائج الاساسية أيضاً بروز الاتحاد السوفـيتي كقوة كبرى تنافس الولايات المتحدة. وبما أن الولايات المتحدة أصبحت تنظر إلى الخليج والجزيرة كمنطقة مهمة لضمان مصالحها خارج الولايات المتحدة أخذت تفكر فـي منع الاتحاد السوفـيتي من النفوذ إلى المنطقة القريب منها.

إلاّ أنها خلال السنوات الأولى التي أعقبت انتهاء الحرب العالمية الثانية ركّزت اهتمامها الاساسي على أوروبا الغربية حيث عملت على تشكيل حلف شمال الاطلسي ورفع مستوى المعيشة وفق (مشروع مارشال) ([4]).

عمدت الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية إلى تفعيل أحد أسس السياسة الأمريكية الخارجية، والذي سمي بمفهوم (خطوط الدفاع المتقدمة) الذي يقضي بتوزيع القوات الأمريكية والاسلحة فـي المناطق الرئيسية فـي العالم بقصد توسيع مدى عمل القوات المسلحة الأمريكية لتأمين السيادة الأمريكية فـي كل مكان. وسياسة (خطوط الدفاع المتقدمة) هذه هي مجموعة الاجراءات لانشاء وحفظ القواعد العسكرية على أراضي البلدان الأخرى ونقاط الاسناد ومراكز التجسس والمواقع العسكرية الاحتياطية للقوات الأمريكية المسلحة، وهذا ما نراه فـي خطاب (ترومان) الذي ألقاه فـي يوم 1 رمضان 1364 هـ المصادف يوم 9/8/1945م عندما قال: (علينا أن نفعل كل ما بوسعنا لانقاذ الولايات المتحدة الأمريكية من الاجتياح فـي حال حدوث أي خرق مستقبلي للسلام. ولهذا السبب تماماً فإن الولايات المتحدة عازمة، مع إنها لا تريد الحصول على أراضي أو أرباح أو امتيازات ضيقة كنتيجة لهذه الحرب على الاحتفاظ بالقواعد العسكرية الضرورية للدفاع الكامل عن مصالحنا فـي العالم. والقواعد التي يعتبرها خبراؤنا العسكريون ضرورية بصورة ملموسة لحمايتنا والتي ليست من ممتلكاتنا فسنمتلكها) ([5]) . لذلك نجد أن الجهود التي توقفت لبناء قاعدة الظهران والتي عبرت عنها برقية وزارة الخارجية الأمريكية فـي 15 رجب 1364 هـ المصادف يوم 25 يونيو 1945م إلى (أيدي) المفوض الأمريكي فـي الرياض، والتي تبلغه فـيها أن وزارة الحربية تعتبر الآن ان انفاق أموال على انشاء مطار فـي الظهران أصبح أمراً مشكوكاً فـي سلامته القانونية على أساس معيار الضرورة العسكرية له ([6])، لم يصمد أمام التطلعات الجديدة التي تتبناها الإدارة الأمريكية بقيادة (ترومان)، فصدر القرار بمصادقة ترومان فـي 21 شوال 1364 هـ المصادف يوم 28 سبتمبر عام 1945م على إنشاء هذه القاعدة لتبدأ مرحلة جديدة من الوجود الأمريكي فـي الجزيرة.

فـي 19 ربيع الثاني 1366 هـ المصادف يوم 12 مارس 1947م أعلن الرئيس الأمريكي ترومان مبدأه الذي سمي (مبدأ ترومان) فـي خطاب موحد لمجلس الكونغرس، حيث طالب بموجب هذا المبدأ تخصيص 400 مليون دولار لتقديم مساعدات عاجلة إلى اليونان وتركيا بغية الحيلولة دون (انتشار) الشيوعية فـي الشرق الأدنى، وأعلن عن حق الولايات المتحدة فـي التدخل فـي الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى. أمّا بشأن منطقة الشرق الأوسط فقد نوه الاقتصادي الأمريكي (ف. بيرلو) بأن المهمة الاستراتيجية الاساسية لـ (مبدأ ترومان) كانت تتمثل فـي تطويق حقول نفط الشرق الأدنى بـ (قشرة متينة) من القوة العسكرية الأمريكية.

فـي هذه الفترة حدثت عدة أمور جعلت الإدارة الأمريكية تسرع الخطى فـي تنفـيذ سياستها الجديدة التي تبنتها بعد الحرب العالمية الثانية، ففـي فبراير 1948م حدث الانقلاب الشيوعي فـي تشيكوسلوفاكيا وبداية حصار برلين، هذا الحدث أدى إلى إدراك أمريكي متزايد بعدم إمكانية التراجع إلى سياسة العزلة التي كانت تنتهجها قبل الحرب العالمية الثانية.
  #2  
قديم 12-05-2005, 02:47 AM
tigger tigger غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
المشاركات: 49
إفتراضي

وفـي أواخر عام 1948م أعلن عن قيام الكيان الصهيوني فـي فلسطين فسارعت إدارة ترومان إلى الاعتراف بهذا الكيان بعد عشرة دقائق من إعلانه.

إذن أصبحت سياسة الولايات المتحدة منذ أن أصدر (ترومان) أوامره فـي 27 شعبان 1364 هـ المصادف يوم 6 أغسطس 1945 م بالقاء القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما، وبعد ثلاثة أيام أصدر أوامره بالقاء القنبلة الثانية على مدينة نكازاكي، أسيرة لشهوة الرأسمالية الأمريكية. يقول (جورج كينان) رئيس هيئة التخطيط السياسي فـي وثيقة وضعها فـي شباط 1948م: إن لدينا خمسين بالمائة من ثروة العالم ولكن 6.3 ٪ من عدد سكانه، وفـي مثل هذا الوضع لا نستطيع أن نكن عن أن نكف موضع الحسد والاستياء وواجبنا الحقيقي فـي هذه الفترة القادمة أن نبتدع إطار علاقات يسمح لنا بالمحافظة على وضع عدم التعادل هذا.. ولسنا بحاجة لخداع أنفسنا فـي أننا نستطيع أن نتحمل اليوم ترف الايثار والاحسان العالمي.. وعلينا أن نتوقف عن الحديث عن الأهداف الغامضة وغير الحقيقية، مثل حقوق الإنسان ورفع مستوى المعيشة، وتحقيق الديمقراطية، وليس ذلك اليوم ببعيد حين يكون علينا أن نتعامل بتطورات القوة الصرفة. وكلما كانت الشعارات المثالية أقل إعاقة لنا كان الوضع أحسن.. ان مصالح المجتمع القومي التي يجب أن تعني بها الحكومة هي أساساً مصالح الأمن العسكري وتكامل حياته السياسية ورفاه شعبه، وهذه لاتحتاج لأن تكون لها صفة أخلاقية. ولقد ناقش نعوم تشومسكي أفكار (كينان) السابقة، وخلص إلى انه: يرى أن السياسة الأمريكية تسعى لخلق الأعداء باستمرار، وهو يضرب أمثلة عديدة من غواتيمالا ونيكاراغوا إلى فـيتنام وأندونيسيا. ويقدم معلومات عن المذابح التي ارتكبت ضد هذه البلدان. ولقد قدم (تشومسكي) بالإضافة إلى ذلك حقيقتين هامتين:

الأولى: من حيث علاقة السياسة الأمريكية بحقوق الإنسان: وقد أثبت (كينان) استناداً إلى دراسة متخصصة ان المساعدات الأمريكية تزداد حيث يتدهور مناخ حقوق الإنسان.

الثانية: حول علاقة المساعدات الأمريكية بالتحولات فـي مناخ عمليات الاتجار والاستثمار. ولقد أثبت كينان أيضاً ان المساعدات الأمريكية تزداد بمقدار ما يتحسن مناخ عمليات الاتجار والاستثمار ([7]). هكذا أصبح واضحاً أن (المصالح الحيوية) للولايات المتحدة التي يرددها السياسيون الامريكيون لا بد وأن يرافقه إيجاد أنظمة لها استعداد غير محدود لتنفـيذ السياسة الأمريكية فـي الحيز الذي تسيطر عليه هذه الأنظمة، وأن تكون ذات طبيعة وحشية تراهن على القمع وكم الافواه تحت حماية الولايات المتحدة بصيغ وأشكال يفرضها الواقع الذي تعيشه هذه الأنظمة. كتب (تشارلز ميخلنغ): إن قبول الإدارة الأمريكية بممارسة التعذيب والقتل الجماعي الذي تقوم به حكومات عميلة، يقترب إلى درجة الخطر من انتهاكات حرمت فـي محكمة جرائم الحرب فـي نورمبرج ([8]).

فـي شباط 1949م أكمل (مبدأ ترومان) بـ (برنامج ترومان) الذي اشترطت إحدى بنوده مباشرة تدعيم وتوسيع الاحلاف العسكرية تحت حماية أمريكا. فالبند الرابع من البرنامج وسع نفوذ (مبدأ ترومان)، وبالتالي خطة الولايات المتحدة للانخراط فـي أحلاف عسكرية خارج حدود أوروبا فـي البلدان النامية ([9])، وبهذا أصبحت سياسة تشكيل الاحلاف السياسية العسكرية والتحالفات المدعوة لاقامة السيادة الأمريكية على العالم إحدى أهم عناصر إستراتيجية الإدارة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية. واهتمت الولايات المتحدة بنشاط فـي فترة ما بعد الحرب، وبعد ان خرقت تقليد عدم الدخول فـي الاحلاف، بتشكيل الائتلافات السياسية فـي كل العالم والمواثيق العسكرية والتنظيمات الاقليمية المغلقة والتكتلات الاقتصادية. وأدخلت الإدارة الأمريكية فـي حيز التطبيق فـي إطار سياستها هذه مجموعة من البرامج، والتي تهدف فـي حقيقتها إلى إنحياز تحالفات غير منظورة بشكل متواز مع البرامج العديدة الأخرى التي كانت موجهة أيضاً لاقامة علاقات عسكرية تحالفـية متبادلة بالفعل بين أمريكا والبلدان الأخرى، (فضمان الأمن المتبادل) مثلا هو أحد البرامج الذي طبقاً له أخذت الولايات المتحدة تورّد لشركائها الناشئين التقنية العسكرية والسلاح والذخيرة وتقدم المساعدة لبناء الصناعة العسكرية الخاصة بها وتجهيز وتدريب قواتها المسلحة.

كانت السياسة التحالفـية لبناء الصناعة فـي مقدمة العلاقات المتبادلة بين الولايات المتحدة وشريكاتها، وفـي حقيقة الأمر كانت أحد الاشكال الجديدة للتوسع الأمريكي على الساحة الدولية. وخطة ما بعد الحرب الأمريكية لاقامة النظام المتشعب للعلاقة المتبادلة بين الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية وبين الدول الأخرى الموالية لها كانت تعني إبتعاد الاوساط الأمريكية الحاكمة عن أحد المبادئ السياسية الخارجية الرئيسية الذي وضعه المؤسسون للدولة الأمريكية والذي أصبح فـيما بعد تقليداً بالنسبة لهذا البلد. وقد أوصى الرئيس الأمريكي الأول جورج واشنطن فـي (رسالته الوداعية لامريكا) الشعب الأمريكي بـ (تجنب الاحلاف الدائمة مع أية منطقة من العالم، وهذه الوصية بعدم تقييد النفس بالالتزامات فـي الخارج لم تنفذ عملياً اطلاقاً لأن أمريكا لم ترفض أبدا احتمال استخدام القوة كما تشاء لتحقيق مصالحها التوسعية ([10]).

وإذا كانت الاولوية فـي التخطيط الدفاعي الأمريكي قد أعطيت لأوروبا الغربية فإن الشرق الأوسط لم يغب عن الاهتمام. ففـي 7 محرم عام 1368 هـ المصادف يوم 8 نوفمبر 1948م قام وزير الدفاع جيمس فورستال بابلاغ وزير الخارجية مارشال أن الهيئة المشتركة لرؤساء الأركان قد وافقت مؤخرا على سلسلة من الخطوط التي يجب اتخاذها فـيما يتعلق (بالسعودية) من أجل تحسين الموقف الاستراتيجي للولايات المتحدة، وأوضحت الهيئة المشتركة لرؤساء الأركان أن القدرات الدفاعية الأمريكية ستتحسن تحسناً كبيراً فـي حالة نشوب حرب ضد الاتحاد السوفـيتي إذا ما تم استخدام قاعدة الظهران الجوية لإدارة عمليات جوية مستمرةِ. ولذلك اوصت الهيئة بأن تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق ذلك عن طريق زيادة عدد القوات العسكرية الأمريكية المعينة فـي القاعدة زيادة جوهرية ([11]).

فـي يونيو 1950م بدأت الحرب الكورية وازدادت مع بدأها أهمية الوجود العسكري الأمريكي فـي الجزيرة العربية، كما أنه من جانب آخر أدركت الولايات المتحدة أهمية تقوية النظام السعودي لخشيتها من سقوطه. على ضوء ذلك تم تجديد عقد قاعدة الظهران فـي يونيو 1950م، وأرسل الرئيس الأمريكي ترومان فـي 20 محرم عام 1370 هـ المصادف يوم 31 أكتوبر 1950م تعهداً عن طريق السفـير الأمريكي الجديد (ايموند هار) بأن أي تهديد يقع على (المملكة) سيكون موضع الاهتمام المباشر من جانب الولايات المتحدة ([12]).

فـي أكتوبر 1951م تقدمت حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا إلى كل من مصر وسوريا ولبنان والعراق و(السعودية) واليمن والكيان الصهيوني والأردن باقتراح للمشاركة فـي تشكيل ما يسمى بقيادة الشرق الأوسط الموحدة، وكان من المزمع ان توضع تحت إشراف هذه القيادة طرق المواصلات والمنشآت العسكرية الواقعة داخل أراضي الدول العربية، وكان من المؤمل ان ترابط فـيها قوات أجنبية ويقام اتصال بين قيادة الشرق الأوسط الموحدة والناتو إلاّ ان هذا الاقتراح قد فشل ولم يطبق.

بعد اخفاق ذلك خلص مخططوا الاستراتيجية الأمريكية إلى استنتاج يقول بضرورة تغيير التكتيك. لذا أرسيت فـي أساس خطتهم الجديدة فكرة تشكيل ما يسمى بـ (حزام الدفاع الشمالي) المؤلف من تركيا وايران وباكستان على ان ينضم إلى هذه الدول فـي وقت لاحق العراق ودول عربية أخرى.

فـي يوليو 1952م حدث انقلاب عسكري فـي مصر، ورفع الانقلابيون شعارات تدعو إلى القضاء على الوجود الغربي، والى وحدة الشعوب العربية، هذه الشعارات شكلت تحدياً للسياسة التي يتبعها النظام السعودي والتي ترتكز على أساس الحفاظ على المصالح الأمريكية فـي المنطقة. أمام هذا الموقف الجديد كان لابد للادارة الأمريكية من التصرف وفق استراتيجيتها بطريقة مزدوجة. فالشعارات التي أطلقها الانقلابيون فـي مصر قد ألهبت حماس شعوب المنطقة، وأخذت تضغط على أنظمتها من أجل استرجاع حقوق الشعب الفلسطيني، وانهاء نفوذ الولايات المتحدة التي تساند الكيان الصهيوني فـي المنطقة. لذلك عملت الولايات المتحدة على ثلاث مسارات: ـــ

المسار الأول: هو الايحاء بأنها ستقف على الحياد فـي الصراع العربي ـ الصهيوني.

المسار الثاني: هو الاسراع فـي بناء ترتيباتها لزيادة وجودها العسكري فـي الجزيرة.

المسار الثالث: تهيئة ظروف محلية لاحداث حالة الاحباط لدى شعوب المنطقة.

عندما تسلمت إدارة (ايزنهاور) السلطة فـي يناير، أكدت أنها تحبذ انتهاج منهج غير منحاز تجاه (إسرائيل) والدول العربية ([13]). هذا التأكيد كان ورقة رابحة أهدتها الإدارة الأمريكية للنظام السعودي للتخفـيف عنه من المأزق الذي وقع فيه بعد الانقلاب المصري.
  #3  
قديم 12-05-2005, 02:48 AM
tigger tigger غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
المشاركات: 49
إفتراضي

وعلى المسار الثاني وصل فـي 4 رمضان 1372 هـ المصادف يوم 17 مايو 1953م إلى الرياض وزير الخارجية (دلاس) ومدير المعونة (هارولد ستاسين) واجتمعا مع ابن سعود. ولدى عودتهما إلى واشنطن اثنى (دلاس) على (الملك) ووصفه بأنه صديق جيد واحد أعظم شخصيات الشرق الأدنى فـي هذا القرن. وفـي 25 رمضان عام 1372 هـ المصادف يوم 7 يونيو 1953م وقعت الولايات المتحدة و(السعودية) اتفاقية تتيح انشاء بعثة تدريب عسكرية أمريكية فـي (المملكة) ووصل أفرادها الأمريكيون إلى (الجزيرة العربية) قبل نهاية نفس العام. وكان إنشاء بعثة التدريب نذيراً بزيادة هامة فـي الوجود الأمريكي، كما انه أدى إلى نمو حثيث فـي العلاقات الثنائية فـي الاعوام التالية. وتم مد فترة اقامة البعثة عدة مرات. وقد ظل وجود هذه البعثة بقوة قوامها (2000) شخص تقريبا ثابتاً على مر السنين ([14]).

أمّا على المسار الثالث فقد استمرت الولايات المتحدة، وفق (مبدأ ترومان) بسياسة خلق الاحلاف فـي المنطقة. ففـي 3 رجب عام 1374 هـ المصادف يوم 24 فبراير عام 1955م عقد العراق، تحت ضغط أمريكي ـ بريطاني مشترك، معاهدة حلف عسكري مع تركيا. وفـي 13 شعبان عام 1374 هـ المصادف يوم 5 أبريل 1955م أعلنت بريطانيا عن رغبتها فـي الإنظمام إلى هذا الحلف الذي اشتهر فـي وقت لاحق باسم (حلف بغداد)، وفـي سبتمبر ـ أكتوبر من نفس العام انضم إليه كل من باكستان وايران. لم تنتم الولايات المتحدة رسميا إلى حلف بغداد لكنها شاركت مشاركة نشيطة فـي عمل لجانه الاساسية، وهي اللجنة العسكرية، ولجنة مكافحة (النشاط الهدام)، واللجنة الاقتصادية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى عمدت الولايات المتحدة على تهيئة الظروف للعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 م. فقد عمدت فـي يوليو 1956م إلى سحب عرضها للمساعدة فـي بناء السد العالي، الأمر الذي دفع بعبد الناصر إلى ان يعلن عن تأميم قناة السويس الذي جعلته بريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني ذريعة لشن هجومها على مصر. ووسط دهشة حلفائها شجبت إدارة ايزنهاور الهجوم على مصر، ودعت إلى انسحاب القوات البريطانية والفرنسية و(الإسرائيلية). فـي عام 1957م بعد فشل العدوان الثلاثي على مصر أعلن (ايزنهاور) مبدأه فـي رسالة إلى الكونغرس فـي 4 جمادى الثانية عام 1376 هـ المصادف يوم 5 يناير 1957م، والذي صادق عليه فـي قراره الصادر يوم 8 شعبان 1376 هـ المصادف يوم 9 مارس 1957م، أعلن (مبدأ ايزنهاور) الشرق الأوسط منطقة مهمة من وجهة نظر (المصالح الوطنية الأمريكية) وجاهر باستعداد واشنطن لاستخدام القوات المسلحة فـي سبيل ما أسماه مساعدة كل أمة أو مجموعة من الامم تطلب تقديم العون فـي مواجهة عدوان مسلح يشنه أي بلد تشرف عليه الشيوعية. وكان أول تطبيق عملي لهذا المبدا هو التدخل العسكري الأمريكي فـي لبنان يوم 28 ذي الحجة عام 1377 هـ المصادف يوم 15 يوليو 1958م أي فـي اليوم التالي للانقلاب العسكري فـي العراق.

وفـي عام 1957م قال (ايزنهاور) فـي معرض تسويقه لمشروعة المسمى بملء الفراغ فـي الشرق الأوسط: إن الأمور التي تؤكد أهمية الشرق الأوسط القصوى احتواءه على ثلثي مصادر البترول المعروفة فـي العالم إذ ان هذه المصادر البترولية لا تقل أهمية عن الحلف الاطلسي بل ان هذا الحلف يفقد معناه وهدفه إذا فقدنا (مصالحنا) البترولية فـي الشرق الأوسط ([15]).

واستناداً لمبدأه طالب (ايزنهاور) من الكونغرس الأمريكي منحه السلطات اللازمة لتقديم أية مساعدات عسكرية بما فـي ذلك استخدام القوات العسكرية الأمريكية لتنفـيذ ما أسماه (حماية السلامة الاقليمية لدول الشرق الأوسط والاستقلال السياسي لشعوبه التي تطلب هذه المساهمة ضد العدوان المسلح المكشوف المباشر أو غير المباشر من أية دولة تسيطر عليها الشيوعية العالمية). وبنى ايزنهاور مبدأه على أساس: أن الشرق الأوسط يمر بمرحلة حرجة بعد تمتع دوله بالاستقلال وهي التي كان أمنها يعتمد على نفوذ بعض القوى العالمية: الانجليزية والفرنسية، مما أدى إلى حدوث فراغ فـي المنطقة ([16]).

يقول (هيرمان فنر) أحد المحللين السياسيين: إن السمة البارزة فـي (مبدأ ايزنهاور) هي: ان المصلحة القومية للولايات المتحدة هي تبرير التدخل المسلح الأمريكي فـي الشرق الأوسط حسب التقدير المطلق للولايات المتحدة. ولا شك أن هذا المبدأ كان فـي أحد جوانبه الهامة يمثل محاولة لدعم (الأمن الاقليمي) للولايات المتحدة و (مصالحها) النفطية فـي الشرق الأوسط فـي أعقاب فشل حلف بغداد والهزيمة السياسية للحلفاء فـي حرب السويس ([17]).

فـي سبتمبر 1962م حدث انقلاب عسكري فـي اليمن أطاح بالملكية هناك. هذا الأمر زاد من توتر العلاقات بين النظام المصري والنظام السعودي، إذ ساند الأخير اتباع الإمام المخلوع، وساند النظام المصري النظام الجديد. وازدادت الأمور تعقيداً عندما قطع النظام السعودي علاقاته الدبلوماسية مع النظام المصري، واتهمه بدفع طائراته الحربية وقطعه البحرية بمهاجمة قرى على طول الساحل للبلاد.

استغلت الولايات المتحدة هذا التوتر فـي العلاقات لزيادة تواجدها فـي الجزيرة. ففـي نوفمبر 1962م قامت طائرات حربية أمريكية بزيارة للرياض، فـيما وصف بأنها زيارة ودية لكن الدلالات العسكرية لهذه الزيارة كانت واضحة للمراقبين بأنها تواجد من نوع جديد فـي الجزيرة. كما أن إدارة كندي أشارت إلى الأهمية التي تعلقها على حفظ أمن النظام السعودي، ففـي 8 شعبان 1382 هـ المصادف يوم 3 يناير 1963م اصدرت وزارة الخارجية الأمريكية استنكاراً علنياً للهجمات الجوية المصرية، وشددت على الاهتمام الأمريكي بالحفاظ على سلامة النظام السعودي.

بعد اغتيال كندي واستلام الإدارة الأمريكية من قبل (جونسون) كانت هناك عدة أمور تواجه السياسة الأمريكية فـي المنطقة عليه انجازها على طريق زيادة النفوذ الأمريكي وهذه الأمور هي:

الأول: زيادة الرفض الشعبي للوجود الأمريكي فـي المنطقة وانكشاف أهداف الولايات المتحدة فـي المنطقة. هذا الرفض أقلق النظام السعودي وأخذ يستنجد بالادارة الأمريكية لدفع الكيان الصهيوني بالاعتداء على مصر وسوريا لمعاقبتها. ففـي رسالة ارسلها فـيصل إلى الرئيس الأمريكي (جونسن) تحمل الرقم 342/ 9م (ز / س) بتاريخ 15 رمضان 1386هـ الموافق 27 ديسمبر 1966م قال: إن لم تدعم أمريكا (إسرائيل) لاحتلال الأراضي المصرية والسورية لكيلا يرفع المصريون رؤوسهم بعيداً عن القتال ويتوقف المد القومي من سوريا ومصر فسوف لن ينسحب الجيش المصري من اليمن وستزداد الثورة فـي الجنوب قوة وستقوم ثورات فـي بلادنا، وسوف لن يحل عام 1970م وقد بقي لنا ولكم وجود فـي هذه المنطقة...) ([18]).

الثاني: ان الكيان الصهيوني الذي أصبح يمتلك ترسانة من الأسلحة التي زودته بها الولايات المتحدة يتطلع إلى انجاز عسكري على حساب الدول العربية، ولفرض وجوده.

الثالث: إن النظام السعودي الذي يمثل حجر الزاوية فـي تنفـيذ سياسة الولايات المتحدة فـي المنطقة يعيش مأزقاً حاداً نتيجة لإنكشاف تآمره على القضية الفلسطينية، لذلك كانت الإدارة، الأمريكية تتطلع إلى إيجاد أمر تستطيع بواسطته اخراج هذا النظام من مأزقه. هذا الأمر لا يتم إلاّ عن طريق كسر سياسة عدم التفاوض مع الكيان الصهيوني الذي تعلنه الأنظمة العربية، مما يخفف الحمل عن النظام السعودي، ولا يمكن تحقيق كل ذلك إلاّ من خلال خلق وضع جديد فـي المنطقة تكون فـيه الولايات المتحدة قادرة على فرض شروطها وشروط الكيان الصهيوني.

الرابع: ان الولايات المتحدة لا يمكنها ان تقف مكتوفة الايدي وهي ترى علاقات الاتحاد السوفـيتي تزداد وثوقاً مع الأنظمة الجديدة فـي المنطقة.

الخامس: فـي عام 1965م دخلت الولايات المتحدة الحرب ضد الفـيتناميين بكل ثقلها على أمل تحقيق نصر سريع ضدهم . إلاّ أن سير المعارك كان يشير إلى أن الوضع لا يمكن حسمه بسهولة وخاصة بعد معركة (جونكشن سيتي) فـي 4 محرم 1387 هـ المصادف يوم 13/ 4/ 1967م، التي بلغت فـيها خسائر القوات الأمريكية فـي هذه المعركة نحو (14) ألف جندي، و(1000) آلية من بينها (801) مصفحة ودبابة، و (167) طائرة من مختلف الأنواع، و(90) مدفعاً ثقيلاً[19]. لذلك كانت إدارة جونسون تعمل على دفع الأمور فـي المنطقة إلى حالة تستطيع بموجبها زيادة نفوذها فـي المنطقة للتعويض عن هذا الوضع.

أمام هذه الأمور عملت إدارة جونسون على دفع الكيان الصهيوني للقيام بعدوان على الدول العربية. رغبة الإدارة الأمريكية هذه كانت متوافقة مع رغبة الكيان الصهيوني الذي كان يستعد لذلك. يقول هيكل: فقد كانت (إسرائيل) هي التي زودت واشنطن بروايات مثيرة للقلق كجزء من عملية الاستمرار فـي اشراك الامريكيين فـي مصيرها ([20]).

ويقول (كواندت): ففـي 17 صفر عام 1387 هـ المصادف يوم 26 مايو 1967 م توجه (أبا إيبان) إلى البنتاغون حيث أبلغه القادة العسكريون وهيلمز مدير وكالة المخابرات المركزية أن (الاسرائيليين) سوف يكسبون بسهولة. وكانت هناك أيضاً تلك العبارة الغامضة التي تكررت فـي مناسبات كثيرة خلال الأيام الحاسمة من الأزمة قبل يوم (5 يونيو) والتي تقول: (ان إسرائيل سوف تكون بمفردها فقط إذا قررت أن تمضي بمفردها)، وهي العبارة التي قرئت فـي الكيان الصهيوني على أنها تتضمن تلميحاً بضوء أخضر (لإسرائيل)، ولعل الأهم من ذلك هو الزيارة السرية التي قام بها (مائيرعميت) مدير المخابرات (الإسرائيلية) إلى واشنطن فـي 21 صفر عام 1387 هـ المصادف يوم 30 مايو 1967 م، وقد تلقى انطباعاً من ماكنمارا (البنتاغون) وهيلمز (وكالة المخابرات المركزية) بأنه إذا تصرفت (إسرائيل) بنفسها وحققت انتصاراً حاسماً فلن يزعج أحد فـي واشنطن من ذلك ([21]).
  #4  
قديم 12-05-2005, 05:00 AM
غــيــث غــيــث غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: الخيمة العربية
المشاركات: 5,289
إفتراضي

ياليت يا ( tigger) ..تختصر.. وتذكر المصدر!!

__________________
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م