مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > خيمة الأسرة والمجتمع
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 24-07-2001, 09:00 AM
ام عمار ام عمار غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
المشاركات: 44
Post قصة هبة الدباغ في سجون النظام السوري

مقدمة بقلم زينب الغزالي الجبيلي

بسم الله الرحمن الرحيم

( ولاتحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأ بصار مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنآ إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل، أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال وسكنتم فى مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الآمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذوانتقام يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الآصفاد سرابيلهم من قطران و تغشى وجوههم النار ليجزى الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب هذا بلغ للناس ولينذروا به ليعلموا أنما هو إله واحد و ليذكر أولوا ألالباب ).
وبعد . . فهذه سطور من كتاب الحياة المعاصرة ، عاشتها صاحبته ورفيقات سجنها ألما وعذابا ، ومرارة وأهوالا يشيب لها الولدان . . إنها سطور كتبت بالدموع والدماء ، والسياط والقهر والعذاب ، تحكي قصة الظلم الطغيان فوق أرضنا وفي أوطاننا المسلوبة الإرادة ، والتي عشعش فيها الظلم زمنا طويلا حتى باض وأفرخ وصار ظلمات فوق ظلمات !
ماذا يريد الظالمون ؟ هل يريدون ملكا يتيهون فيه ويسرحون ويمرحون دون رقيب أو حسيب ؟ فإذا كان لهم ذلك هل يبقى ويخلد أم يزول ويهلك وينتقل إلى غيرهم ، فلو دام لأحد لما وصل إليهم . . أم يريدون مالا ينفقون منه على شهواتهم وملذاتهم ، فهل أسعدهم المال حقا ، وهل شفاهم من أمراض نفوسهم وجعل الطمأنينة في قلوبهم ؟ أم يريدون أن يتخلى أصحاب المبادئ عن مبادئهم ، وأصحاب العقائد عن عقائدهم ، فهل تحقق لهم ذلك ؟ أم أن أهل الإيمان ازدادوا تمسكا وصلابة ، وعزيمة ومضاءا ، وهم يعلمون أنه في سبيل الله ترخص الأرواح والأنفسى والدماء (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) . إن الله حرم الظلم على نفسه ، وجعله بين عباده محرما ، فما أقساه وما أشد مرارته ، خصوصا عندما يتسمى الظالم بأسمائنا ، ويأكل من أرضنا ، ويشرب من مياهنا ! ثم يكون أشد قسوة من أعدى الأعداء ! لقد قاسيت وعانيت وعشت مرارة السجن والتعذيب في سجون الطاغية عبد الناصر ، وهذا الكتاب هو صورة متكررة وقعت في سجون طاغية اخر ، وما أكثر الطغاة في هذا العصر . . لكن الله يمهل ولا يهمل . . ولا أريد المزيد، فوقائع هذا الكتاب أبلغ من أي استزادة ، والله غالب على أمره . .

زينب الغزالى
__________________
اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واغفر لي ما لا يعلمون، واجعلني خيرا مما يظنون....
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 24-07-2001, 09:01 AM
ام عمار ام عمار غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
المشاركات: 44
Post

مقدمة

(وتلكم الايام نداولها بين الناس)

حياتنا حلقة ألوان متفاوتة . . تطبع أيام الإنسان بالبياض المشرق تارة . . وتصبغها بقتامة الظلام تارة أخرى.. وأنا أشرقت حياتي أبهى من الورد النضر ، وتنسمت أيام طفولتي حنان الأبوين المحبين ودفء الأسرة الرضية فأورقت بالبر والرضا ، وأزهرت بالسعادة والحبور . . وعشت في هذا الروض أثيرة أبي وسر أمي ، وأميرة إخوتي السبعة وأخواتي الأربعه ونجيتهم . . فما كانت أحلامي الوردية تغفو إلا على وسادة الأمل . . ولم تكن تصحو إلا على راحات الرضا والأنس . لم أنتم إلى أي حزب من الأحزاب في يوم من الأيام . . وعلى الرغم من نشأتي الدينية وتعلقي بدروس الفقه والتجويد وحرصي على حفظ كتاب الله . . ورغم انتسابي إلى كلية الشريعة فيما بعد ، إلا أن ذلك لم يكن مبررا لتصنيفي ضمن أي تنظيم أو حزب . . ولم يكن عدم انتظامي أو تحزبي سببا في الوقت نفسه لأعمى عن ممارسات النظام السوري الظالم وأعماله التعسفية ضد أبناء الشعب من كل الإتجاهات والطبقات والإنتماءات . . وما أكد لي ذلك شيئ قدر مشاهدتي ومعايشتي لأصحاب الإتجاهات السياسية المختلفة وأصحاب اللا إتجاه من المواطنين والمواطنات الذين كانوا مثلي ضيوفا بالإكراه على زنازين النظام وسجونه . . لم يستثن من ذلك حتى أبناء طائفة النظام نفسه
عشت على هذه الصورة كألوف من بنات وطني حتى أقبلت مسيرة حياتي على المرحلة الجامعية فكانت لوعة مفارقتي أهلي ومفارقتهم لي أول غصة . . ولم تنفصل صورتي وينأى جسدي عنهم إلا بقوة قوي . . لكن هذا البون المؤقت والفراق المقرر أتبعه غياب قسري وفراق قاهر قذف بي في أعماق الظلام وسجن الظلام . . ومضى بأكثرهم فانتزعهم من دنيا الشقاء إلى مستقر رحمة الرؤوف الرحيم . . وشط بالبقية في أصقاع الأرض وصقيع الإغتراب . . فتكدرت الصورة . . وأظلمت الدنيا . . وذوت زهور الأمل من قبل أن تعقد الثمار . . وأنا في غيابة السجون رهينة عن أخي "الناشط سياسيا ".
تنسلخ سنوات العمر مني وتتفطر جوارحي وتشيخ روحي لأجل وشاية كاذبة فندتها تحقيقات الظلام أنفسهم ، لكنهم اثروا أن يتجاوزوا الحقيقة ولا يدعوا جهود مخبريهم الأجراء وجلبة سياراتهم التي شقت هدوء الليل لتقبض علي تذهب سدى ! فلبثت أتنقل بين زنزانة ومهجع وسجن واخر تسع سنوات عجاف . . أقفلت فيهن كل أبواب الرحمة لدى البشر . . وماتت على أعتابهن اخر امال أملتها ورجاءات بأحد من بني الإنسان علقتها وظل الرجاء بالله وحده حيا بقلبي لا تنطفئ شعلته وإن خبت . . ولا تحده حدود وان حجبته الآلام برهة من زمن . . وكانت مناجاتي لربي منجاي وملاذي إذا غفا الخلق وسكنت السياط . . أدعوه سبحانه بقلبي ولبي: اللهم يا من إذا أظلم ليل اليأس في القلوب أنار بنور جلاله ظلام الحزن وأزاله من غير ضر . . يا من إذا ما اشتد الكرب فرجه عن المكروبين . . يا من إذا ما سدت طرق النجاة أرسل سفنه لإنقاذ الغرقى من حيث لا يحتسبون . . يا رب يا من به الأمان . . وفي رحابه الطمأنينة والإستقرار . . وفي ظله السلام .
اللهم إذا ابتلينا فأعنا على الصبر . . واذا أردت فاجعل إرادتنا رهن مشيئتك . . واذا قضيت فهيىء قلوبنا لتقبل قضائك .
اللهم أعنا على الحمد والشكرفي السراء والضراء . . ففي الصبر تريية نفوسنا ، وفي الشكر اعتراف بنعمتك علينا وانسلاخ من الأنانية والكبر . . وفي كل خير .
فجد علينا بطيب الأخلاق وسلامة الصدور إنك على كل شيء قدير
من المنان علي بنعم لا تعد ولا تحصى . . فثبتني وحفظني . . وأرسل لى من بين العصاة من خفف بلواي ونفس كربي . . وأكرمني بشريكة السجن وشقيقة الروح "ماجدة" . . فكانت أشد مني صبرا واطمئنانا وأبلغ في التضحية والعطاء . . ورحمنا كلانا بأخوات بارات محسنات . . لا ننسى فضلهن ولهفتهن وعونهن . . وقد كن معنا شريكات الهم والقيد والمعاناة . . أشكرهن هنا وأسأل الله لي ولهن المغفرة والمثوبة . . وأسالمهن المسامحة والعفو إن كنت ذكرت بين طيات الكتاب ما قد ينكأ جراح نفوسهن أو يكدر عليهن . . لكنني أرى واجب الحديث عن مظالم النظام وانتهاكات الحقوق ألخ وأجل . . وضرورة توثيق هذه المرحلة أمانة ملزمة . . يهون أن نبذل في سبيلها بعض العنت والتكدر حتى لا يضيع الكثير الذي بذلناه والكرب الجلل والعذاب الشنيع الذي نلناه . . لقد عثت في جحيم سجون النظام السوري تسع سنوات رهينة بلا ذنب . . لا أقدر أن أصف كيف تكون السنوات التسع من العمر حبيسة قمقم ملعون . . ويكل القلم عن أن يسجل حقيقة كل ما جرى . . لكنني وقد عشت التجربة على أي حال وأنجاني الله في الختام أستطيع القول بأن الأيام سوداء أو بيضاء . . هنية أو عصية . . مقبلة أومدبرة . . هي كلها مقادير مقدرة وأجل مسطور . . فبينما كان الظلمة يظنون أنهم ملكوا بجبروتهم البلاد والعباد كان قدر الله أغلب وأبقى . . وبينما هم اليوم يسومون الناس سوء العذاب فإنهم في الغد وإيانا على العرض بين يدي الحكم العدل مقبلون . . وإذا كان قد ساءني سجني والمني أن أفقد تسع سنوات في غيابة الزنازين بلا ذنب . . فإنني وأنا أعيش نعم الله اليوم أحس أن الكريم قد مسح برحمته جرح القلب ، وأبدل هلع النفس طمأنينة ، وحرمان الأيام السوداء نورا وعطاء وفضلا . . أحس ذلك وألمسه في زوجي الحبيب الذي كان على العهد يزرع الأمل في نفوس المحرومين نورا وأملا أشرق في نفسي فعوضني عن كثير مما فقدت وحرمت . . وأراه في ابنتنا الأنسة "وفاء" التي أفاءت على حياتنا بالسعادة والحبور . . وفي ولدي الاخرين "جابر" وسارة" الذين تركتهما أمهما "حنان " أمانة لنا وقد حملت من قبل أمانة الجهاد وشرف الدعوة فكانت خير أسوة في الدين والدنيا معا . . وأحس من قبل ومن بعد أن النهاية لم تحن بعد . . وفصل الحساب لم يزل مقبلا . . والظلمة المتجبرون اليوم هم بين يدي الله في الغد موقوفون . . ومن كرب العالمين نصير ومجير . . ومن مثله جل وعلا وكيل بالظالمين ؟
(إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذ اب جهنم ولهم عذاب الحريق)
ذلك هو العزاء . . وبالله وحده الرجاء . . عليه توكلت واليه أنبت . . والحمد لله رب العالمين .

هبة الدباغ
ابريل 1995
__________________
اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واغفر لي ما لا يعلمون، واجعلني خيرا مما يظنون....
الرد مع إقتباس
  #3  
قديم 24-07-2001, 09:02 AM
ام عمار ام عمار غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
المشاركات: 44
Post

خمس دقائق وحسب
كانت ليلة الاربعاء الحادي والثلاثين من ديسمبر عام 1985 ليلة بالغة البرودة في دمشق . . وفيما هجع أكثر أهل البيت وغبن في عالم الأحلام ، كنت وقد دنا منتصف الليل لا أزال أطارد السطور المتراقصة على كتاب الفقه وأجهد في استيعاب المعلومات استعدادا لامتحان اخر السنة صباح الغد . . والنعاس والبرد واغراءات الفراش الوثير تطاردني بدورها وتشتت قدرتي على التركيز بين الحين والحين . . لكن هواجس أشد كانت تصرفني عن ذلك كله ، ومخاوف تنبعث من أعماقي بلا وضوح تجذبني هنا وهناك . . وتدفعني لاسترجاع صور الأيام الماضية وسجل ذكرياتي بشيء من القلق والرهبة والتوتر . . كانت أموري في كلية الشريعة طوال العام على ما يرام . . أو لعلها كانت كذلك حتى أنهيت الفصل الأول وعدت إلى حماة مدينتي أزور أسرتي وأقضي فترة العطلة بين الأهل والأحباب . . فخلال ذلك فاجأتني والدتي بطلب من أخي صفوان يلح علي وعليها أن أترك الدراسة وحتى البلد وأذهب إلى عمان عاصمة الأردن حيث يقيم منذ شهور هربا من ملاحقة الحكومة له بتهمة الإنتساب إلى تنظيم الإخوان المسلمين ونقلت أمي رحمها الله عن صفوان عندما التقته بنفسها هناك في عمان مخاوف تنتابه من أن يقوم رجال الأمن باعتقالي نيابة أو رهينة عنه . . لكنني لم أجد في نفسي مبررا لإجابته ، ولا عهدت في حياتي احتمالات كتلك ، فاعتذرت لأمي . . وأكملت إجازتي كالمعتاد . . وعدت إلى دمشق ثانية مع ابتداء الفصل الثاني . . لأستأجر مع عدد من البنات نفس الشقة التي اخترناها في الفصل الأول في حي البرامكة . . وأستأنف دوام الجامعة من جديد ، وكدت أنسى الأمر كله لولا أن التوتر الأمني بدأ يتصاعد من حولنا ، ومظاهر المسلحين وحواجز التفتيش التي اعتدنا مشاهدتها خلال الشهور الماضية في حماة بدأت تظهر في العاصمة دمشق ، لتمتد إلى محيط الحرم الجامعي نفسه . . ويفاجؤنا عناصر الأمن على باب الكلية يطلبون البطاقات ويدققون في الأسماء . . وتنتشر الهمسات وتسري الإشاعات عن اعتقال فلان وقتل اخر واشتباك وعراك . . وما لبث الأمر أن زاد إلى العلانية . . وصار سماع رشقات الرصاص وانفجارات القنابل أمرا شبه يومي في دمشق . . وبلاغات الإذاعة وواجهات الصحف الرسمية ما عادت تكف عن أحاديث القبض على " المجرمين " ومداهمة "أوكارهم " وملاحقة عناصرهم هنا وهناك . . وفي زحمة ذلك كله . . وقد امتد التوتر إلى كل نخس وسرى الرعب في كل قلب . . بدأت أحس حركة غير طبيعية بالقرب مني أنا !

الله بيعين !
كنت على سبيل المثال قبل يومين قد اصطحبت صديقتي المقربة وزميلتي في الكلية ماجدة ل . إلى سوق الحميدية لنشتري هدية ملائمة لعمتي المريضة ، فشعرت وكأن ثمة من يتبعنا من محل إلى محل ومن شارع إلى آخر . . فلما ركبنا الباص إلى "الخيم " حيث تسكن عمتي تأكدت أن الشخص نفسه قد ركب وراءنا فتملكني الخوف جدا . . وهمست وأنا لا أكاد أقدر على تحريك شفتي بمخاوفي لماجدة . . فتبسمت وقالت : أنت موهومة وحسب ! وصباح هذا اليوم . . وعندما كنت أدخل الكلية كالعادة استوقفني عناصر الأمن فأخذوا بطاقة هويتي ودققوا فيها كما يفعلون كل يوم ثم أعادوها . . لكنني ولما انتهت المحاضرات وقفلت راجعة إلى البيت مع ماجدة شعرت ثانية وكأن أحدا ما يلحق بنا . . فلما أخبرتها بما أحس عادت فأكدت لي أنني موهومة . . وأن الأمور كلها طبيعية من حولنا ولا داعي للقلق . لكن القلق ها هو لا يزال يتملكني . . وسكون الليل البارد كأنما يزيده فيه ويؤججه . . ولم يطل الأمر بي أكثر من ذلك بعد ذاك . . فخبطة أبواب السيارات المفاجىء في الشارع أسفل منا . . والجلبة التي تميز وصول رجال المخابرات مكانا ما ، كانت كافية لتطرد كل وهم عن ذهني ، وتدفعني وقد حسبت أن مداهمة جديدة أو اعتقالا لأحد المطلوبين سوف يشهده الحي الذي نحن فيه . . تدفعني لأهرع إلى النافذة أشع الخبر وأستجلي الحقيقة ، لكنني لم أكد أبلغها حتى بلغ مسمعي طرق على باب بيتنا أشد ما يكون . . وبينا كنت ألقي نظرة خاطفة من النافذة فألمح عددا أصعب من أن أحصيه ساعتها من سيارات المخابرات تملأ الشارع . . أتاني الصوت على باب البيت يصيح : إذا لم تفتحوا فسنكسر القفل بالرصاص ! وبحركةآلية تناولت غطاء صلاتي فوضعته على رأسي وركضت باتجاه الباب بادئ الأمر . . لكنني لم أعرف ما أفعل ! أأفتح لهم والبنات كلهن نائمات ؟ أصابني الإضطراب بالحيرة . . ثم وجدتني أهرع إلى فاطمة أكبرنا سنا وهي معلمة تشاطرنا السكن ، فأيقظتها أولا وأنا أقول لها بلا وعي : -هيا . . كأن المخابرات أتوا عليك ! ثم لمح في خيالي أن شريكة أخرى في البيت معنا اسمها سوسن س . (خريجة كلية طب الأسنان وتكمل سنتها التدريبة في دمشق ) قد نفذوا حكم الإعدام بأخيها صباح اليوم في سجن تدمر كما بلغها وأبلغتنا ، فظننت أنهم إنما أتوا من أجلها . . خلال ذلك كان رجال المخابرات قد بدأوا بخلع الباب والضرب عليه بالبواريد ، فأسرعت فاطمة إلى حجابها فوضعته على رأسها وفتحت لهم . . ودخلوا يا لطيف ! شيء غيرمعقول ! قفزواحد منهم إلى السقيفة فورا يفتشها . . واندفع اخرإلى الشباك . . وثالث في المطبخ . . ورابع . . وعاشر . . ولم نجد إلا أحدهم يقتحم الغرفة علينا ، وما أن رأى مصحفا معلقا على الجدار حتى انتزعه ورماه على الأرض وصار يدوسه بقدميه كالمهووس . . فيما راح اخرون ينبشون أمتعتنا وينقبون كل زاوية في خزائننا ونحن لا نكاد نستوعب لماذا أو ما الذي كانوا عنه يبحثون ! وفي غمرة المفاجأة سمعت واحدا منهم يصيح من الصالة : -وهيبة دباغ . فتقدمت وكأنني ألج كابوسا مرعبا بالرغم عني وقلت له : ما عندنا هذا الإسم.
لكن قلبي انقطع من الرعب ، وتأكدت ساعتها أنهم أتوا علي . . فقال لهم رئيس المجموعة : -أرجعوا كل واحدة إلى غرفتها وفتشوا الهويات . فامتثلنا للطلب . . ودخلنا غرفنا ونحن نرتعد . . وتقدم عنصر مني وكأنه عسكري في الخدمة - ليفحص هويتي ، فلما نظر إلى اسمي فيها ثم إلى وجهي اغرورقت عيناه بالدموع ، وقال بتأثر وهو يبكي : -أنت بنت بلدي . . والله يعين . سألته : لماذا ؟هل هناك شيء ! أجاب : الله بيصبر . . ماذا يمكن أن تفعلي ؟ الله بيعينك . سألته وكأنني أهوي في بئر مظلم : لماذا ؟ هل أتوا من أجلي ؟ قال وهويشيح بناظريه عني : نعم . . وذهب وأعطى الهوية لرئيس الدورية الذي كان ينادي "وهيبة دباغ " . . فنظر هذا إلي بحنق وقال : - بتقولي بكل عين وقحة أنه لا يوجد لديكم هذا الإسم ! والتفت إلى عنصر اخر وقال له : - خذها إلى غرفة لوحدها وفتشها جيدا
__________________
اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واغفر لي ما لا يعلمون، واجعلني خيرا مما يظنون....
الرد مع إقتباس
  #4  
قديم 24-07-2001, 09:03 AM
ام عمار ام عمار غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
المشاركات: 44
Post

قهوه . . أم شاي !


أخذني العنصر إلى غرفة ثانية وأخذ واحدة أخرى من البنات وقال لها : فتشيها.. قلت له : ماذا يمكن أن تجد معي ؟ لقد فتشوا البيت كله وفتشونا منذ أن دخلوا . . لكن صوت رئيس الدورية كان يغطي على صوتي المرتجف وهو يتحدث باللاسلكي مع شخص اخرسمعته يقول له : أحضروها . فقال لي : هيا ارتدي ملابسك. ستذهبي معنا خمس دقائق وحسب
لبست جلبابي فوق غطاء صلاتي ، وكانت معي بعض النقود فأردت أن أعطيها لصديقاتي ، فقال لي : لا . . دعيهم معلك فربما تحتاجينهم . قلت وقد بدأت أستعيد بعض توازني : لن يلزموا لي ، أنت تقول خمس دقائق فكيف سأحتاجهم ؟ لكنه عاد وأكد أنني سأحتاجهم ، فلم أكترث بما قال ، ودفعت النقود لإحدى البنات بقربي ، فيما وجدتهم يدفعونني إلى الخارج ورئيس الدورية يقول لأ حد العناصر : -أمسكها من يدها . كان الدرج معتما والكهرباء مقطوعة فما رضيت أن يمسك لي يدي . قال : هذا أمر . قلت له : كلبشني ولا تمسك يدي . فتركني أنزل حتى باب البناية ليعود فيدفعني نحو باب سيارة كأنما هي غول فتح فاه ينتظر افتراسي ! وسمعت أحدا يسأل باللاسلكي من جديد: من معها في الغرفة ؟ أجاب : فلانة وفلانة. قال : أحضروهم معها . فصعد ثانية وأحضر شريكتي في الغرفة ماجدة وملك غ . ولم تلبث السيارة أن تحركت وسط جمع من رجال المخابرات انتشروا على طول الشارع ، وأطلت سياراتهم المرعبة من كل زاوية ومفرق طريق . . وفي غمضة عين وجدنا أنفسنا قرب ملعب تشرين بالعباسية في فرع المنطقة المسمى "السادات ". . وهناك أدخلونا إلى غرفة مملوءة بأجهزة كهربائية فيها أضواء كثيرة حمر وخضر تشتعل وتنطفئ باستمرار كأنها أجهزة اتصالات أو لاسلكي . . وما أن جلسنا حتى سالنا أحد العناصر الموجودين فيها: -ماذا تشربون . . قهوة أم شاي ؟
ولما لم ننبس من خوفنا ببنت شفة تطوع بالإجابة عنا وقال : - ساتي لكم بقهوة مرة لتصحوا رأسكم . . وذهب فأحضر فنجانا لكل منا وجلس يراقبنا ، فلما لاحظ أننا لا ندنيها من أفواهنا سأل : - لماذا لا تشربين ؟ هيا صحي رأسك . . الساعة الآن الثانية وأنت نعسانة بالتأكيد . قلت وشفتاي ترتجفان : أنا أشرب . قال : لا . . أناشايفك . قلت له : وهل تراقبني ؟ لا أشتهيها الآن . قال بسخرية : لازم تشربي ليصحى رأسك وتعرفي تحكي جيدا . كففت عن الكلام . . وأدنيت الفنجان من فمي وتظاهرت بالشرب . . وكنت أعود فأدنيه ثم أعيده وجسمي كله يرتجف . . وأنا لا أدري ما الذي يمكن أن يحدث في اللحظات التالية !
__________________
اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واغفر لي ما لا يعلمون، واجعلني خيرا مما يظنون....
الرد مع إقتباس
  #5  
قديم 27-07-2001, 10:13 AM
بريدة بريدة غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
المشاركات: 2
Post

الصبر والمصابرة والمرابطة
هــذا وعد الحق!!!!
__________________
buraidah
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م