الغزو الفكرى لثقافتنا الاسلامية ...حلول ..اثار...

[الشربينى]

قضية الغزو الفكري :
قضية الغزو القمري وهم أم حقيقة ؟لقد انقسم المثقفون من أبناء أمتنا في الإجابة عن هذا السؤال إلى فسنين متناقضين وفريقين متضادين ،فريق ينكر وقوع هذا الغزو ،ويرفض الاعتراف به ،ويرى محرد الحديث عنه بهذا التصور حديث أولتك المتطرفين ،الذين يريدون رفض حضارة العصر ،وتجاهل آثار ثورة الاتصال والمواصلات العصرية ،التى جعلت من المتعذر على الحواجز الجغرافية والحدود السياسية والقومية الوقوف في وجه تأثيرات الحضارة العالمية بكل أنواعها الفكرية والثقافية والفنية ،تنتقل كما ينتقل الهواء نموجاته الساخنة والباردة دون أن نتمكن من مقاومته ،وأن الأفكار والثقافات قد أصبحت عند هؤلاء تتداخل كما تتداخل المياه ،دون اعتبار لحدود مياه دولية أو إقليميمة متصورة أو مصطنعة 0وهذا الموقف هو موقف أصحاب هذه الحضارة وتلامذتهم والمتطبعين بفكرهم وثقافتهم ،وهذا الموقف يجعل من الصعب على أية أمة من الأمم أن تتخذ من هذه الحضارة موقفا غير موفق المستسلم المتلقي ،الذي يتقبلها بكل ما فيها ،ويعتبرها قدرا حتميا لا يمكن مقاومته ولا الوقوف في وجه 0


أما الفريق الثاني فهو فريق يعتبر هذا الغزو حقيقة مجسدة ،ومعركة دائمة الاشتعال مستمرة القتال ،لها جيوشها وأسلحتها وضحاياها وصفحات معاركها وأبطالها ،ويؤكد هذا الفريق على تمايز الأفكار والثقافات والحضارات وإمكان حيازتها وحصرها في المكان وفي الزمان ،وأن الأفكار والثقافات كالجيوش يمكن حصرها في حدودها الإقليمية وحدودها الدولية ومنعها من أن تتعدى حدودها ،فإذا حصل وتجاوزت تلك الحدود كانت عدوانا وكانت غزوا سافرا ،تجب مقاومته وصده والوقوف في وجهه 0
أما موقفنا نحن الذي اخترناه ،ونستطيع الاستدلال عليه والبرهنة على صحته ،فهو الموقف الوسط الذى علمنا الإسلام إياه فنحن ننكر تصور العالم وطنا حضاريا واحدا بحضارة واحدة هذا التصور هو تصور ذلك الفريق الذي ينكر الغزو الفكري كما ذكرنا ،ويراه مجرد وهم من الأوهام ،وليس حقيقة من الحقائق ،ونرى أن هذا الموقف ـحتى مع افتراض حسن النية عند أصحابه ـمكرس وموظف لخدمة الانتصار التام الساحق للحضارة الغربية المتغلبة في عالمنا المعاصر ،انتصارها بالمسخ أو التشوية لفكر وحضارات وثقافات الأمم الأخرى المختلفة التى ابتليت هي وشعوبها وأممها بغزو الاستعمار الغربي في عصرنا الحديث ونعتبر أن هذا إنما هو طريق للتبعية الحضارية ،التى لابد أن تسبقها تبعية فكرية وثقافية ،وأن هذا الموقف لو اتخذناه أو أصبح موقف الأمة كما كان في أوائل هذا القرن سوف يحولها إلى تابع ذليل لحضارة الغرب وفكره فنفقد أو نستمر بالأحرى في فقدان شخصيتنا الثقافية والحضارية ،ونفقد مكانتنا لندخل في النهاية في المأزق الحضاري الغربي ،الذى يجاهد الغرب ذاته اليوم للخروج منه وللوصول إلى سبيل للفكاك والخلاص من أسره 0 كما لا نقبل أيضا رأى الفريق الذي يتصور العالم حضارات معزاة وجزرا منفردة تماما مكتفية بذاتها كلية لأن هذا التصور فضلا عن بجاهلة لواقع القضايا المشتركة بين يني البشر ،التى أكد الإسلام وحوجها مصادره لتنبه إليها ،يصيب الأمة التى تفرض على نفسها مثل هذا الموقف بغزلية حضارية هي أقرب ما تكون إلى عملية انتحار حضاري وثقافي وفكري 0
هذا التصور ـ لو فرصنا إمكان وقوعه وإمكان الأخذبه ـ يتجاهل ثورة الاتصال والمواصلات التى لم يعد في إمكان قطر من الأقطار أن يحول بينها وبين الدخول إلية ،أن وقف أو أغلق في وجهها الباب دخلت من الناف ذة ،وإن أغلق النافذة دخلت مع الهواء أو دخلت مع الأثير ،أو دخلت مع أي شي من الأشياء 0نحن نختار لأنفسنا بين هذين الموقفين موقفا وسطا عدلا بنصر فيه ما هو ومشترك في الفكر الإنساني مما ينسجم مع العقيدة والشريعة ،فندعو أمتنا إلى طلبه وتحصيله واستلهامه وتمثله ؛لتقوي به ذاتيتها ،وتزدهر به شخصيتها ،ويشتد به عودها ،مع إدراك سمات حضارتنا ،ومتيزاتها ومصادر فكرنا وثقافتنا وفنوننا وآدابنا ونختهد في وضع الوسائل والمناهج التى تجعلنا نتمثل هذه الأمور وفقا لمنهجنا لا لمنهجها أو منهج أصحابها وما وضعوه 0
للمزيد الرجاء قم بزيارة هذا الموقع http://www.geocities.com/ashahed2000/gaded.htm