عصمة الأنبياء

[الفارس]

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تبارك وتعالى في القرءان الكريم بعد أن ذكر عددا من الأنبياء:" وكلاّ فضلنا على العالمين" اعلموا إخواني وفقني الله وإياكم لطاعته أن هذه الآية العظيمة إنما جاءت بعد ذكر عدد من الأنبياء فهي صريحة على أن الأنبياء هم أفضل خلق الله تبارك وتعالى أرسلهم الله لهداية الناس وبيان شرائع الدين ولهذا فقد جملهم بالصفات الحسنة الحميدة فهم قدوة للخلق وهم سادات العارفين وهم سادات المتوكلين، ولقد كان سيدنا محمد الذي جمع الناس على عقيدة واحدة هي عقيدة التوحيد فكانوا على قلب رجل واحد، فدعا إلى الدين الإسلامي الحنيف وجدد دعوة الأنبياء الذين سبقوه ولم يخش في الله لومة لائم أراد أن تكون كلمة الله هي العليا ومع ما كان عليه سيدنا محمد والأنبياء من صفاء المعاملة وحسن الخلق لم يسلموا من أعداء الدين الذين لم يتركوا مجالا يستطيعون فيه الافتراء والطعن بالمسلمين إلا وحاولوا دسه ونشره بين الناس ومن ذلك كثير من القصص التي يتداولها بعض الناس، ظنا منهم أنها من سير الأنبياء، وما هي إلا من قبيل الافتراءات المفتراة على الأنبياء، فقد درج أعداء الإسلام على التشكيك في الرسول صلى الله عليه وسلم فصاروا يقولون: لقد كان محمد رجلا متعلق القلب بالنساء يسير وراء شهواته فلذلك لم يكتف بزوجة واحدة بل عدّد الزوجات سيرا مع الشهوة وميلا مع الهوى وهذا الكلام كذب على النبي والأدلة كثيرة على أن النبي ما كان متعلق القلب بالنساء يسير وراء الشهوات كما زعموا، منها ما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كانت ليلتها من رسول الله يخرج من آخر الليل إلى البقيع وهي مقبرة المسلمين بالمدينة ليستغفر لأهل الجبانة. فلو كان متعلق القلب بالنساء كما يزعمون لم يكن يترك عائشة في ليلتها ويذهب ذلك مع العلم بأن عائشة كانت من أجمل نسائه وكان عمرها عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ثماني عشرة سنة. كيف يفترون على رسول الله هذا الافتراء؟! كيف يتجرؤن على هذا! أهو الحسد والبغض لرسول الله؟ أم هو الجهل الذي يفتك بصاحبه كما يفتك السم الزعاف بمن يتناوله؟ والرسول إنما عدد الزوجات لحكم وغايات عظيمة منها أن تنتشر شريعته بطريق النساء إلى النساء الدعوة إلى الله هذا أهم الأمور إرشاد الناس إلى الدين القويم الصحيح وإخراجهم من الظلمات إلى النور، اخوة الإسلام والإيمان لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم موفقا من قبل الله تعالى في تصرفاته، طاهر القلب خالص الطوية، وقد حلاه الله تعالى وجمله بأحسن الخلق، ذلك أن الحكمة والخلق الحسن كان من شيم الأنبياء جميعهم لأن الله تبارك وتعالى لا يرسل لهداية عباده إنسانا مطعونا فيه بسفه أو بخيانة أو رذالة أو كذب في الحديث، لا يرسل إلا إنسانا نشأ على الصدق والعفة والنزاهة في العرض والخلق وحسن معاملة الناس، فمن هنا يا عباد الله يُعلم أن كل ما يروى عن نبي من أنبياء الله مما يخالف الصفات الحسنة والأخلاق الحميدة التي تليق بالأنبياء، فهو مفترى مردود على قائله كهذه الفرية التي يروونها بقولهم إن سيدنا يوسف همَّ بالزنا من امرأة العزيز كيف يصدق أن نبيا من أنبياء الله تعالى يهمّ بالزنا ؟ كيف يصدق أن إنسانا من أفضل خلق الله من أكمل خلق الله يهمُّ بالفاحشة؟ فينبغي يا عباد الله الحذر والتحذير من هذه القصة ومن مثيلاتها وليعلم بأن تفسير الآية:" وهمَّ بها" أي هم بدفعها " لولا أن رأى برهان ربه" أي لولا أن الله أعلمه البرهان أنك يا يوسف لو دفعتها لقالت لزوجها: دفعني ليجبرني على الفاحشة، فلم يدفعها بل أدار لها ظهره فكان الدليل عليها، اخوة الإسلام والإيمان إن الأنبياء هم صفوة الخلق هم قدوة الخلق الله جملهم بالصفات الحميدة والأخلاق الحسنة وهم معصومون عن الكفر والكبائر قبل النبوة وبعدها، أي يستحيل عليهم الكفر قبل النبوة وبعدها فيستحيل على سيدنا إبراهيم وعلى كل الأنبياء هذه الأشياء، فإذا علم هذا تبين فساد قول بعض المنحرفين عن الحق أن سيدنا إبراهيم كان يشك بربه أو أنه كان تائها ضائعا لا يعرف هل الكوكب ربه أم لا وهذا ظاهر الفساد كيف يجيزون على سيدنا إبراهيم الشك بربه أما سمعوا بقول الله تقدس وتعالى:" ولقد ءاتينا إبراهيم رشده من قبل" ولنزيد هذه المسألة بيانا نقول أن قول سيدنا إبراهيم عن الكوكب حين رءاه:" هذا ربي" فهو على سبيل الاستفهام الإنكاري. فكأنه قال: هذا ربي كما تزعمون؟. مثال ذلك كأن يقول لك شخص ما عن بناء قديم جدا هذا بناء جديد فتقول له أنت مستفهما استفهاما إنكاريا هذا بناء جديد؟ أي أهذا بناء جديد؟ إنه ليس جديدا. فانظروا يا عباد الله كيف يؤدي الجهل وسوء الفهم وعدم الجثو بين ركب العلماء إلى الطعن بالأنبياء واتباع الهوى وبالتالي الوقوع في الكفر والضلال وهناك افتراءات أخرى أخذت شهرة بين الناس ووجدت في كثير من الكتب التي تباع في الأسواق فمنها قصة يفترونها على نبي الله داود عليه السلام فيقولون، ويتقولون فيها أن سيدنا داود عليه السلام أمر قائد جيشه بأن يقرع على التابوت ومعنى ذلك أنه عرّضه للقتل في الحرب حتى يموت ليتزوج زوجته، وأنه عوتب في القرءان على هذا. وأقول حاشا لسيدنا داود أن يفعل ذلك وهو النبي الذي قال فيه ربنا تبارك وتعالى:" ولقد ءاتينا داود منا فضلا يا جبال أوّبي معه والطير وألنا له الحديد" فكانت الجبال تسبح معه في صلاته والطير كذلك، وألان الله له الحديد فكان كالعجين بين يديه يعمل منه الدروع في وقت قصير ويبيعها وينفق ثمنها في سبيل الله.
اخوة الإسلام والإيمان حتى سيدنا أيوب لم يسلم من أقلام الحاقدين وألسنة الجاهلين فمن الأكاذيب الموجودة عند بعض الجاهلين أن مرض سيدنا أيوب كان بخروج الدود من جسده فيقولون إن سيدنا أيوب كان يمسك الدودة التي تخرج ويقول لها ارجعي وكلي من رزق الله، هذا المرض وهو خروج الدود مرض منفر والله تعالى عصم الأنبياء عن الأمراض المنفرة كالبرص والجرب وخروج الدود من الجسد. رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخبر عن المرض الذي ابتلي به سيدنا أيوب، ولكنه أخبر أن سيدنا أيوب مرض ثمانية عشر عاما وصبر على ذلك وهذا هو اللائق بالأنبياء.
فبعد هذا البيان الواضح يتبين أن القاعدة المعروفة عند المسلمين أن الأنبياء جميعهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين معصومون من الكفر وكبائر الذنوب وصغائر الخسة قبل النبوة وبعدها، ويستحيل عليهم الكذب والخيانة والرذالة والسفاهة والبلادة، ثم إن المسلم عليه أن يتعلم صفات الأنبياء حتى لا يهلك نفسه باتهامهم بشيء من ذلك، واعلموا إخواني رحمكم الله برحمته الواسعة أنه يجوز على الأنبياء معصية صغيرة ليس فيها دناءة ولا خسة ولكن ينبهون فورا للتوبة قبل أن يقتدي بهم فيها غيرهم كمعصية سيدنا آدم حين أكل من الشجرة، قال تعالى:" فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه"

[الخليجي]

بارك الله فيك
معلومات قيّمة ومفيدة


ننتظر المزيد
الخليجي...