أستحيي من الله أن يراني مبتسماً
أرسل الخليفة من مصر إلى ( نور الدين محمود الشهيد) يستنجده و يستغيثه لحماية مصر و أعراض المسلمات فيها، و أرسل مع الوفد خصلات من شعر نسائه حتى يستثير شهامة ( نور الدين ) ، فأرسل ثلاث حملات متتابعات، و كان في كل حملة المجاهد المعروف بصدقه ( صلاح الدين الأيوبي) .
و في الحملة الأخيرة استقرّ الأمر لنور الدين في مصر، و أصبح صلاح الدين نائبه في حكمها، فقام الصليبيون بإنزال على سواحل مصر، و تقدّمت جيوشهم فحاصرت مدينة ( دمياط ) - شمالي القاهرة - و طال الحصار، واشتدّ على المسلمين فيها و كانت أخبار الحصار تصله تباعاً و هو في دمشق، فيتمزق قلبه ألماً و خوفاً على المسلمين المحاصرين.
و جاء رمضان، و كان من عادته - رحمه الله - أن يذهب إلى الجامع الأموي عصر كل يوم ليؤدي الصلاة، و يستمع إلى بعض العلماء يقرأ أحاديث رسول الله - صلى الله عليه و سلم - بعد الصلاة.
فقرأ العالم أحاديث مسلسلة بالتبسم : و هي أحاديث قالها رسول الله - صلى الله عليه و سلم - مبتسماً ، فتلقاها عنه المسلمون مبتسمين، وكان كلما قرأها قارىء لهم يبتسم و يبتسمون و يبتسم العالم إلا السلطان ( نور الدين ) فقد كان مكتئباً حزيناً ، فقال له العالم : يا مولاي، اقرأ أحاديث رسول الله - صلى الله عليه و سلم - مسلسلة بالتبسم، و يبتسم الناس و تبقى أنت مكتئباً لا تبتسم؟
فأجاب رحمه الله : إني لأستحيي من الله أن يراني مبتسماً ، والمسلمون يحاصرهم ( عباد الصليب ).
و كان من عادته - أيضاً - أن يذهب مبكراً إلى الجامع الأموي قبل أذان الفجر : يقرأ القرآن ، و يصلي ما ييسر الله له إلى أن يشق الفجر ... و بعد أيام قليلة من اعتراض العالم عليه و جوابه له، ذهب - كعادته - إلى الجامع، فرأى الإمام واقفاً في طريقه، فسأله : ما شانك؟
فقال له: رأيت سيدي رسول الله في المنام فقال لي : بشــّر نور الدين بأن الله فرج عن المسلمين في دمياط ، ورفع عنهم الحصار .
فقلت له : يا سيدي يا رسول الله، اذكر لي علامة أقولها لنور الدين يصدقني إذا بشرته؟، فقال لي :
قل له : بعلامة ما سجدتَ على ( تل حارم ) - وهي مدينة تقع شمالي حلب انهزم فيها المسلمون - ! فنزل ( نور الدين) عن فرسه ، و سجد و بكى و مرّغ و جهه بالتراب و قال : اللهم انصر دينك و لا تنصر نور الدين محمود، و من نور الدين الكلب حتى تنصره.
بحث في الموقع
مواضيع متعلقه
مواقع مختارة
|