هدية من مؤلفات المرجئ
لديه بعض الأسئلة يتقدم إليكم راجياً الله ان توفقوا في الإجابة، السؤال الأول
ما هو تعليق فضيلتكم وموقفكم من الغزو العراقي للكويت وتدخل القوات الأمريكية أيضاً في الخليج العربي
السؤال الشطر الثاني منه ليس دقيقاً والقصد مفهوم وحسب المعنى المفهوم قولاً وليس الملفوظ لفظاً نجيبه .. طيب ..
أما اعتداء العراق على الكويت فلا شك انه بغي وظلم لا يجوز شرعاً بأي وجه من الوجوه مهما كانت المسوغات أو كما يقولون اليوم المبررات لمثل هذا الإعتداء ومعلوم لدى كافة المسلمين قول رب العالمين في القرآن الكريم وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى امر الله .. الآية ومما يؤسف له انه لا يوجد اليوم دولة مسلمة تقوم بتطبيق الأحكام الشرعية مئة بالمئة لا شك أن بعض الشر اهون من بعض لكن بحثنا أنه لا يوجد مع الأسف دولة تطبق الأحكام الشرعية مئة في المئة ولو كانت موجودة اليوم فليست تلك الدولة التي تستطيع أن تنفذ هذا الحكم القرآني فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى امر الله.. الآية ..
كان المفروض أن الدولة التي يرجى أن تطبق هذا الحكم الشرعي من الناحية الشرعية أو من ناحية تمسك الدولة بتنفيذ الأحكام الشرعية كان المفروض ان تكون الدولة السعودية لأنها خير الدول الإسلامية من حيث تطبيقها وتنفيذها لكثير من الأحكام الشرعية
كان هذا هو المظنون فيها لكن الجانب الآخر الذي أشرت إليه في بقية كلمتي هذه وهي أن تكون في موقع القوة التي تستطيع إذا ما ارادت ان تنفذ الحكم الشرعي المنصوص في الآية فتستطيع أن تقاتل الطائفة الباغية فإن كانت هي تستطيع من حيث أنها تنفذ الأحكام الشرعية إلى حد بعيد كما أشرت آنفاً في بلادها فإنها مع الأسف الشديد لا تستطيع أن تنفذ هذا الحكم الشرعي على غيرها ولذلك مع الأسف الشديد في الوقت الذي لم تستطع ان تنفذ هذا الحكم الشرعي هي من جهتها خشيت أن يصيبها ما أصاب جارتها وهي بينها وبين المعتدي عليها حدوداً وفي المثل السوري العامي "إذا جارك .." ولذلك مع الأسف الشديد الدولة السعودية في الوقت الذي لم تكن في موطن القوة بحيث ان تحاول الإصلاح بين الطائفتين المؤمنتين المتقاتلتين فهي لو أرادت أن توقف الباغي عند حده ما تملك القوة لتنفيذ هذا الحكم الشرعي وأكبر دليل على ذلك أنها لما خشيت أن يصل عجزها بإعتداء العراق على الكويت إلى السعودية لم تقتصر على الإستعانة بالدول العربية فقط وإنما استعانت بالدول الصليبية الكافرة، وبعد هذا الكلام الذي هو جواب للشطر الأول من سؤالك، يأتي الآن جواب عن الشطر الثاني من سؤالك الذي تقصده بقلبك وليس بلفظك لأنه ليس المهم دخول الكفار هذول كما دخل اليهود لأنه معروف هذا الحكم أنه لا يجوز شرعاً ولذلك قلت ابتداءً أن السؤال ليس المقصود هذا المعنى به ولكن المقصود هو ما حكم الإستعانة بهؤلاء الكفار الصليبيين أليس كذلك؟
بعد ذلك فنحن نقول غير مرتابين ولا شاكين بأن هذه الإستعانة لا عهد للتاريخ الإسلامي كله بمثلها اطلاقاً وهي شر فتنة تصيب الإمة الإسلامية في كل تاريخها من حيث أن سبب هذا الدخول دخول الصليبيين إلى البلاد الإسلامية ليست هي الحرب القائمة بين الكفار والمسلمين وإنما السبب هو استجلاب المسلمين لهؤلاء الكفار استنصاراً بهم على الفئة الباغية أو الطائفة الباغية ولا شك أن هذا علاج من الداء بداء أشد وهذا لا يصح إلا على مذهب واحد وهو مذهب أبي نواس وداوني بالتي كانت هي الداء وأنا في الحقيقة أتعجب كل التعجب مما يبلغنا وأرجو أن يكون هذا الذي يبلغنا ألا يكون صحيحاً من حيث الواقع لأن الفقه الإسلامي بنصوص كتابه وسنة نبيه والاستنباط الصحيح لا يمكن ان يتقبل ما يمكن أن نسمعه من تبرير أو تسويغ بعض المشايخ الأفاضل في تلك البلاد إستعانة السعوديين بهؤلاء الكفار الصليبييين ذلك لأن معنى كلامهم يعود إلى ما يقوله بعض الفقهاء في اصولهم وإن كانوا هم لم يشيروا إلى ذلك لكن صنيعهم ينبهنا إلى أنهم يدندنون حول ما ذكره علماء الأصول من أن المسلم إذا وقع بين شرين اختار أقلهما شراً فهم يظنون أن لجؤهم إلى الإستعانة بالصليبيين أقل شراً ولا نقول خيراً من اعتداء العراقيين على السعوديين ونحن إذ نرى أن وجهة نظرهم هذه مردودة نصاً وفقهاً لأن الإعتداء العراقي على السعودية لن يقع كما وقع على الكويت ولذلك فلا يصح تطبيق القاعدة هذه التي تقول أن المسلم إن وقع بين شرين اختار ايسرهما فلم يقع الشر الأكبر في ظن المشايخ وهو اعتداء العراقيين على السعوديين حتى يختاروا الشر الأصغر في ظنهم وهو استنصارهم بالكفار أما من حيث النص فالأمر واضح جداً حيث أنه قد صح في غير ما حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال إنا لا نستعين بالمشرك وسبب الحديث معروف في صحيح مسلم وغيره وفي رواية أخرجها الحاكم في المستدرك أن قوما من المشركين جاؤا يريدون أن يقاتلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم المشركين فقال لهم أأسلمتم قالوا لا فقال عليه الصلاة والسلام إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين فهذه قاعدة فقهية وضعها من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وليست كبعض القواعد الفقهية التي يمكن أن تكون موضع أخذ ورد فهناك قواعد وضعها الأحناف يخالفها الشافعية والعكس بالعكس أما هذه القاعدة فقد وضعها الرسول صلى الله عليه وسلم بنصه الصريح الصحيح إنا لا نستعين بالمشرك معنى ذلك، معنى كون الشئ قاعدة أنه يجب التزامها دائماً وأبداً إلا لأن ما يعارض لا ينافي القاعدة من أصلها وإنما يمكن أن يجرى عليها تخصيص ما والذين يصرحون بجواز الإستنصار بالأمريكيين والبريطانيين وغيرهم يرون أن هذا الإستنصار له أصل في بعض الحوادث الجزئية التي ثبتت في السنة المحمدية فتكون هذه الجزئيات مستثناة من القاعدة ونحن نقول جواباً عن هذه الدعوة
اولاً
قاعدة اصولية انه إذا اختلف القول مع الفعل أي قول الرسول عليه السلام مع فعله فإذا لم يمكن التوفيق بين القول والفعل كان قوله هو المقدم على فعله وإذا أمكن التوفيق فذلك خير وابقى
تلك الجزئيات التي يستند إليها من جوزوا الإستنصار البشع إنما هي جزئيات لا تذكر بالنسبة لهذه المصيبة التي حلت في البلاد السعودية بخاصة والبلاد الإسلامية بعامة ويكفي أن يقابل وان يقايس كل مسلم حتى ولو كان غير عالم بين ما وقع من الرسول عليه السلام من جزئيات وبين ما ألم من مصيبة كبرى
انظروا مثلاً من حججهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استعان بدليل من المشركين حينما عزم على الهجرة من مكة إلى المدينة مع صاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ استعان بذلك المشرك ليدلهما على الطريق، هذه صورة، الصورة الثانية التي يستدل البعض بها أيضاً ان النبي صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أمية أجران كانت له ولما استعارها منه أو أراد أن يستعيرها منه، ظن وهذا من موقف ضعفه هو تجاه موقف النبي، ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم سيأخذها رغم أنفه فقال غصباً يا محمد أم عارية مؤداة فقال لا بل عارية مؤداة فانظر الفرق بين مثل هاتين الحادثتين وغيرهما مما يستدلون بذلك، الفرق كبير وكبير جداً، كل الحوادث وقد استحضرت لكم بعضها تدل دلالة صريحة على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حينما استعان كان في موقف والقدرة والتغلب على من استعان بهم لو ارادوا بهم عليه السلام مكراً كان هو الأقوى فهو كان مع صاحبه أبي بكر لو أراد مثلاً ذلك الدليل المرشد على الطريق بين مكة والمدينة لو أراد بهما غدراً لاستطاع ان يتغلبا عليه، صفوان بن أمية أيضاً شعر بضعفه ولذلك قال له تغصبها مني غصب أم عارية مؤداة؟ قال له عليه السلام وهو كما قال له تعالى وإنك لعلى خلق عظيم قال بل عارية مؤداة
كذلك لما حالف مثلاً في بعض الحوادث طائفة من اليهود حالفهم وهو القوي بدليل أنهم لما أرادوا الغدر بيه قاتلهم وانتصر عليهم
كما هو معروف في السيرة النبوية فأين هذه الجزئيات من المصيبة الكبرى التي ألمت بنا في هذا العصر حيث أن الدول الإسلامية كلها بما في ذلك العراق نفسها التي يخشاها كل الدول الإسلامية كلها لو اجتمعت قاطبة لن تستطيع إلا أن يعودوا إلى الإسلام، لن تستطيع أن يخرجوا الأمريكان والبريطان من الدول الإسلامية
كيف يقاس هذا الواقع الأليم بتلك الجزئيات مع منافاة هذا الواقع لقاعدة لا ننساها، إنا لا نستعين بمشرك هذه هي القاعدة فإذا اختلفت حادثة عن القاعدة يجب ضربها بهذه القاعدة ولا يجوز العكس بأن نضرب القاعدة وهو ضرب ايش القاعدة بهذا الواقع لنحاول ان نسلكها وأن نسوغها بجزئيات ليست منافية لأصل الإستعانة المنفية بالقاعدة لأن النبي صلى الله عليه وسلم استعان تحقيقاً لمصلحة وأرجوا الإنتباه لما أقول ، لمصلحة لا فيها مفسدة مطلقاً أما واقعنا اليوم فأولاً المصلحة غير متحققة والمفسدة متيتمة متحققة ما بدأت وأكبر دليل ما بدأت النذر تنذر بشر مستطير من جهة انتشار الفساد وانكشاف النساء بالعورات في كثير من البلاد السعودية التي احتلها الأمريكان وليس يهمني ان نحتج ببعض الروايات والجزئيات لأني حقيقة لا اثق بهذه الروايات سواء كانت لنا أو علينا وإنما علينا ان نتثبت من حيث روايات الجزئيات لكننا نعلم بالمشاهدة فاليهود مثلاً حينما احتلوا فلسطين اشاعوا فيها الفساد والخلاعة والفسق والفجور إلى آخره والذين يذهبون إلى بلاد الأوربيين والأمريكيين يشاهدون هناك الفسق والفجور علناً وما الذي يمنع هؤلاء الكفار من أن ينشروا فسادهم في بلاد الإسلام وهم قد استدعوا إلى بلاد الإسلام ولم يفرضوا نفسهم على بلاد الإسلام كما كان في الحرب الصليبية الأولى وأخيراً نقول للعاقبة هذا الإستنصار هل هناك طريق لإخراج هؤلاء الكفار من بلاد الإسلام إن قيل نعم هناك اتفاق مثلاً بين السعوديين وبين الأمريكيين والبريطانيين انو نحن أتينا بكم بإختيارنا فإذا ما امرناكم بالخروج من ديارنا هل هذا كلام يعقله من يعرف كره هؤلاء الكفار وغدرهم ونكثهم بعهودهم ومعاهديهم من جهة ومن جهة أخرى يعرف ضعف المسلمين وضعف الدول كلها لذلك لا أجد فيما نسمع اليوم من حجج يريدون بها تبرير هذه المصيبة ما يجعلها جائزة إطلاقاً بل هذه المصيبة كما قلت في كلامي لم يصب العالم الإسلامي بمثلها أبداً وأرجو من الله تعالى أن ينجينا منها
بمعجزة من عنده وإلا فالمسلمين أعجز من أن يصدوا اليهود من بلاد المسلمين وهم الذين كان يقال عنهم أنهم شرذمة من اليهود الأذلة فكيف نستطيع أن نرد الأمريكان والبريطان والفرنسيين وغيرهم ممن تكالبوا على المسلمين وبطلب من دولة مسلمة كنا نرجو أن تكون في مقدمة الدول الإسلامية التي ترفض الإستعانة بالمشركين وإنا لله وإنا إليه راجعون.
_____________
آخر تعديل بواسطة Orkida ، 28-07-2006 الساعة 12:35 AM.
|