مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 17-11-2003, 06:36 PM
يتيم الشعر يتيم الشعر غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
الإقامة: وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ عدَدْتُ أرجاءه من لُبِّ أوطاني
المشاركات: 5,873
إرسال رسالة عبر MSN إلى يتيم الشعر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى يتيم الشعر
إفتراضي نجوم كثيرة وقمر واحد

في وداع حمزاتوف
أحمد الخميسي








توفي رسول حمزاتوف - الشاعر الذي عاش أشهر من وطنه وكان وطنه الصغير "
داغستان " الواقع في القوقاز بجنوب روسيا ينسب إليه ، فيقال في العالم " داغستان
حمزاتوف " . ومع ذلك لم يعشق حمزاتوف أرضا كما عشق أرض بلاده الصغيرة الجبلية التي
فتحها العرب في القرن السابع وظلت الثقافة العربية تسودها نحو ألف عام . يقول
حمزاتوف في إحدى قصائده عن بلده التي لا يزيد تعداد سكانها عن مليوني نسمة :

" نجوم كثيرة .. وقمر واحد ..

نساء كثيرات .. وأم واحدة ..

بلاد كثيرة .. ووطن واحد " .

ولد حمزاتوف عام 1923 في قرية بين أحضان الجبال ، وكان والده شاعرا ينظم
الشعر باللغة العربية وباللغة " الآفارية " القومية . ويروي أن والده كان يكتب كل
قصائد الغزل في النساء الأخريات باللغة العربية لكي لا تفهمها أمه إذا عثرت عليها .
ورث حمزاتوف عن أبيه موهبة شعرية خارقة استوعبت كل أساطير الجبال العملاقة وبساطتها
وحكمتها . ومكنته دراسة الأدب في موسكو من الإلمام بتراث الشعر العالمي وقوالبه فصب
فيه خبرته الخاصة التي لا تتكرر ، دون أن يفقد بكارة تجربة بلاده ، ولا تاريخها ،
ولا
صراعها الذي دام ضد القياصرة ثلاثين عاما متصلة كانت الرصاصة خلالها أعز على
القوقازي من جرعة الماء ورغيف الخبز . ولمع اسم حمزاتوف مع صدور أول ديوان له عام
1943 ، ثم واصل اسمه رحلة الصعود ، إلي أن حصل على جوائز دولية وسوفيتية عديدة
وترجمت قصائده ودواوينه وكتبه التي تربو على الأربعين كتابا إلي أغلب لغات العالم .
وكان رسول حمزاتوف أحد الذين آمنوا بالاشتراكية بصدق ، فلما انهار الاتحاد السوفيتي
، وراحت الطعنات توجه إلي كل ما مضى من تاريخ وإنجازات وسلبيات ، وقف حمزاتوف
يدافع عن نفسه وتاريخه قائلا : " لم تكن قصائدي عضوا في الحزب الشيوعي " . وفضل في
سنواته الأخيرة أن يقيم في محج قلعة عاصمة بلده داغستان في بيت صغير من طابقين مع
زوجته فاطمة . وكان أبناء وطنه إذا اقتربوا من الشوارع المحيطة ببيت حمزاتوف
يشرعون في الحديث بصوت منخفض ، فإذا ارتفع صوت أحدهم ، نهره الآخر قائلا : نحن
بالقرب من بيت الشاعر . وكان حمزاتوف شخصا بسيطا جدا ، محبا للمزاح . المرة الأولى
التي زرته فيها في شقته بموسكو قدم لي زوجته قائلا : فاطمة . ثم قدم لي ابنته
الكبرى قائلا : فاطمة . فلما أقبلت ابنته الثانية سألته : فاطمة أيضا ؟ . فقهقه
قائلا : لو كانت تلك هي الأخرى فاطمة لكنت قد أصبحت أستاذا في العلوم الفاطمية ! .
رحل حمزاتوف عن عمر يناهز الثمانين عاما . وكان يبدو أنه شخص لا يرحل ، أولا يجوز
أن
يرحل ، أو لا يصح أن يرحل ، لأن رحيله يحدث خللا شديدا في موازين الخير والشر في
العالم . وكان يكفيني - في شوارع موسكو البيضاء من الثلوج والقاسية – أن أتذكر أن
رسول حمزاتوف يعيش ويتنفس في روسيا لكي أحس أن ثمة شيئا طيبا في هذا العالم ، وأن
العالم لابد أن يصبح أفضل وأكثر دفئا وإنسانية . وكانت كل أحاديثه اليومية شعرا ..
منثورا . سألته مرة : تعيش في داغستان عشرون قومية مختلفة بعشرين لغة .. متى توجد
لغة واحدة لداغستان ؟ فابتسم قائلا : هل يصبح العالم أجمل إذا نحن جمعنا كل النجوم
في شمس واحدة كبيرة ؟ . لماذا تبحث عن لغة واحدة ؟ فلتكن هناك عشرون لغة !

في سنواته الأخيرة توفيت زوجته فاطمة ، وكانت سيدة جميلة ورقيقة . وتزايدت
عليه وطأة مرض عصبي كالشلل الرعاش ، ولكنه لم يفقد روح المرح والحكمة والنبل . في
آخر حديث لي معه قال لي : " ظهرت لدينا في روسيا الآن ما يسمى بالسوق ، ودخلنا
مرحلة من حرية الجوع الوحشية أصبحت فيها أسعار الطماطم أغلى من البشر ، وأصبح
ممكنا شراء كل شيء في روسيا : الضمير والبطولة ، الموهبة والجمال ، الشعر
والموسيقى ، الأرض والأمومة أحيانا . وقد بدل الكثيرون من مواقفهم . ربما يمكن
للمرء
أن يبدل قبعته ، ولكن لا يمكن لشخص شريف أن يبدل رأسه .

توفي شاعر عظيم . وكم أحس بالأسف لأنني لا أستطيع أن أنقل للقارئ شيئا من عظمة
ذلك الشاعر الذي كان يسخر من كل أشكال العظمة قائلا : " الحمد لله لا أحد يقول لي
إنني عبقري لأن العباقرة هم أولئك الذين يفعلون ما يعجز الناس عن فعله " وقبل أن
يموت بأيام قليلة قال حمزاتوف : " حياتي مسودة كنت أتمنى لو أن لدي الوقت
لتصحيحها " . ترى كم من البشر يتاح له أن يحيا مسودة عظيمة كتلك ؟ كل لحظة فيها
شعرا خالصا ومحبة للعالم ؟



***
__________________
معين بن محمد
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م