3: طالبان :
أما الآن وفي هذه الأيام الحرجة، تزداد الحرب الإعلامية على حركة الطلبة الأفغان (( طالبان )) ، وهي الحركة الشعبية التي ظهرت بعد نشوب القتال بين بعض قادة المجاهدين. لقد تميزت هذه الحركة بأمور منها : كونها حركة شعبية (( تلقائية ))، وأنها استطاعت نشر الأمن والطمأنينة وإقامة دولة إسلامية بأيدي الشباب المُتدين شملت ما يشكل حوالي 90% من افغانستان مالم يحققه قائدي الجهاد السابقين الذين تقاتلوا على السلطة لسنوات عديدة وأورثوا الدولة الأفغانية مزيدا من سفك الدماء وأنتشر في وقتهم السرقة وقطع الطريق والقتل، وفرض الإتاوات على الناس وزراعة المخدرات فخرجت هذه الحركة كردة فعل للتصحيح فتعلقت به الآمال وبالفعل استطاعت أن تُحقق مالم يحققه غيرها مع التشديد أنها ليست حركة خالية من العيوب والأخطاء.
لقد تم تشويه صورة الحركة فهاهم يتحدثون عن مذابح أقامتها ، ليس هناك دليل على وقوعها أو كونها حدثت للمدنيين، ومن الذي يتحدث من بين شيوعي وشيعي وسني عرض بلاده للدمار حتى ينال السلطة والجاه..؟؟!!
وهم لا يتحدثون عن مذابح اليوم بأبناء الإسلام في أفغانستان ، وعن هذا الاجتياح الصليبي لبلد من بلاد المسلمين كان المفترض في حُكم العدل أن يعيش أبسط أنواع الكرامة والاستقلال فكيف بمن يدعي أن سقوط كابول على أيدي قوى عميلة تحالفت مع الغرب ضد أبناء بلدها هو انتصار لكرامة الإنسان ويتمادى لنسمع عبارات (( دحر المتخلفين )) و (( القضاء على المُتطرفين )).
هذا الإسلام يُقتل بعبارات الأعلام الكاذبة فالضربات الصليبية والتي تسببت بقصف المدنيين وهدم المساجد واغتصاب النساء وتشريد مئات الالآف من الشعب الأفغاني ، وقتل الأسرى وإدخال قوات الكفر لبلاد إسلامي عُرف بتدين أهله ومحافظتهم لتوضع فيه القواعد العسكرية ويولى الحكم لعملاء الغرب، وعملية ملاحقة المجاهدين وتصفيتهم وهم الذين خرجوا من ديارهم يبتغون رضوان من الله كُل هذا يُعتبر (( انتصار مؤزر)) (( ودحر التخلف وبؤر الإرهاب )) . فهذا عُرف النفاق الذي يقول للمصلحين أنتم المفسدون في الأرض ويبرر انقلاب أصحابه على دينهم بنفي الإنسانية أو الإسلام عنهم بوصفهم بالتطرف والتخلف والأجرام والبعد عن منهج الإسلام (( أستغفر الله وماذا يكونوا هم )) وهم يمارسون ممارسة اليهود في تصوير أعدائهم بأنهم (( جماعة من الهمج لا تستحق الحياة )). لقد وصل الأمر إلي مهاوي إنسانية سحيقة فكيف يتم تبرير القتل تحت مُسمى الحرية بل والتسامح الديني فإذا كانوا طالبان متشددين (( أسلوبا )) فهم يستحقون القتل بل رحمة..
فهل هؤلاء الكُتاب الذين يقولون مثل هذا القول ، إلا مصاصي لدماء الشعوب المُسلمة، وهل هُم إلا مُستهزئين بقيمة الإنسان حينما يأبى أن يعيش كما يعيشون هم بلا مبادئ و لا قيم إلا القيم التي تفرضها حضارة القوي على الضعيف، والقيم التي تفرضها حضارة الكُفر على الأيمان، والقيم التي تفرضها حضارة الغاب على الإنسان ولو كانت تلك المبادئ (( زبالة السلوكيات)) ولو كانت (( كفر بالله وخروجا عن الإسلام )) .
إن ما يحصل بأفغانستان فضح الكثير من كُتابنا الصحافيين ومن صحفنا التي تُردد مع دول الكفر أكاذيبهم (( حرب العدالة المطلقة )) وعملية (( النسر النبيل )) ، ودحر ((الإرهاب والتطرف )) ويقوم بعض الكتاب العلمانيين بتغيير المشكلة الأساسية لتصبح من (( غزو بلاد المسلمين وسفك دمائهم )) إلى حل ((مُشكلة الإرهاب والتطرف)) الانهزامية المُفرطة . ويأتي أحد الصحفيين ممن ينطبق عليهم (( كذاب أشر )) في صحيفة الوطن ليقول في أحد أسئلته في مقابلة مع شخص جاهد بأفغانستان (( نحن نعلم أن الأفغان يكرهون العرب .. الى أخر السؤال)) ومن أنتم حتى تتحدثون عن الأفغان؟ وما عبارته إلا محاولة خسيسة للوقيعة بين المسلمين وبذر الفتنة والكراهية وكأنه يقول أيها السعوديين لا تحزنوا على الأفغان فهم يكرهونكم.
ويأتي أخر كان بالأمس يحل مشاكل العلاقات العاطفية ((غير الشريفة)) ، ليُفتي بهموم الأمة الإسلامية وليس هذا غريبا مادام بلير الكافر البريطاني أصبح من المفتين الشرعيين في هذا العصر . فيتحدث الكاتب الساقط عن سقوط كابل بأيدي قوات الكُفر المرتدة ليقول الله أكبر سقط التخلف وانتشر الفرح ويلخص الانتصارات الإسلامية بخروج المرأة الى الشارع ويقول بحسرة (( أمسكت فتاوى طالبان بالمرأة كأنها حيوان مضر يجب وضعه خلف الأسوار.. أسوار التقاليد التعسة.. واسوار الملابس.. واسوار البيوت.. ))
وزل به اللسان ليقول (( أستار الملابس )) فهذا مما يقلقه كثيرا، كون المرأة تقبع بالمنزل وتخرج مُحتمشة بالحجاب الشرعي، ويستغل الفُرصة ليعبر عن (( أستار الملابس = الحجاب )) بأنها ممارسة مُتخلفة تمارسها طالبان وكأن ذلك ليس أمر ألهي من الله ورسوله . والجدير بالذكر أنه قبل المقال بيوم أو يومين قُتل 600 شخص من أسرى التحالف الشمالي بعملية أباده جماعية فما تكلم الفأر بشيء.
هذا بعض الأمثلة عن موقف الأعلام العربي من قضايا المسلمين وكيفية تعامله معا موقفنا نحن من هذا الإعلام المقروء المرئي والمسموع ، وهل نعتبر في عدم الانسياق وراء الإعلام في قناعاتنا وتقييمنا للأشخاص والجماعات..هذا ما أتمناه والذي هدفت أليه من هذا المقال.
تــــــــــحياتي
الباسل ( عنيد)
حواشي :
1- قصيدة للشاعر عبدالرحمن العشماوي
2- مقابلة مع البروفيسور الجزائري عباس عروة صاحب موسوعة المذابح بالجزائر– قناة الجزيرة.
http://www.aljazeera.net/programs/n...01/2/2-19-1.htm